العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التفريق بين العذر في المبيت والعذر في الرمي في شأن الدم؟

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
جاء في إعانة الطالبين: ( واعلم أن العذر في المبيت يسقط الدم والإثم، وفي الرمي يسقط الإثم فقط ).

لمَ فرقوا بين الأمرين في شأن الدم؟
 
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
رد: التفريق بين العذر في المبيت والعذر في الرمي في شأن الدم؟

بارك الله فيكم، بحسب كلام إمامنا شيخ الإسلام ابن تيمية أن العذر في المبيت بمنى من الأعذار العامة التي تطرأ على كثير من الناس، كالسقاة والرعاة، فالمبيت فيه كلفة ويحتاج زمن، وما كان هذا بابه فإنه يسقط عنه الدم، أما الأعذار الخاصة فإنها لا تسقط الدم مثاله، قصة كعب بن عجرة، والله أعلم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: التفريق بين العذر في المبيت والعذر في الرمي في شأن الدم؟

الذي يبدو -والله أعلم- أن القول بأن الترخيص في المبيت بمنى أوسع منه في الرمي قول الأكثرين، ولكن: هل هو أمر متفقٌ عليه بين الفقهاء؟

أما عند الحنفية فالأمر واضح؛ إذ المبيت بمنى ليالي التشريق سنة عندهم، بخلاف الرمي.

وأما المالكية فالأمر عندهم مختلف

في المدونة: ( قُلْتُ لَهُ: وَهَلْ كَانَ يَرَى عَلَى مَنْ بَاتَ فِي غَيْرِ مِنًى لَيَالِي مِنًى الدَّمَ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ بَاتَ لَيْلَةً كَامِلَةً فِي غَيْرِ مِنًى أَوْ جُلَّهَا فِي لَيَالِي مِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضَ لَيْلَةٍ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا، قُلْت: وَاللَّيْلَةُ الَّتِي تَبِيتُ النَّاسُ بِمِنًى قَبْلَ خُرُوجِهِمْ إلَى عَرَفَاتٍ إنْ تَرَكَ رَجُلٌ الْبَيْتُوتَةَ فِيهَا، هَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ دَمٌ لِذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لَهُ تَرْكَ ذَلِكَ ). المدونة (1/429)-ط1، دار الكتب العلمية

( قال ابن وهب: وكان مالك يرى على من نسي جمرة العقبة هدي بدنة، وعلى من نسي جمرة من الجمار غير جمرة العقبة هدي شاة، وإن نسي جمرتين فبقرة، وإن نسي الثلاث كلها فبدنة، كان يستحب هذا ويرى أن أدنى الهدي يجزيه في جميع ذلك كله )

( ومن كتاب الأقضية قال: وسئل ابن وهب عن الذي ينسى الرمي يوماً أو يومين ثم يذكر، قال: قال لنا مالك: يرمي لما فاته في اليوم الثالث لليومين الماضيين ويهدي.
قال ابن وهب: وأما أنا فأقول: إن كان أخر ذلك متعمدا كان عليه الهدي مع القضاء، وإن أخر ناسيا قضى ولا هدي عليه إذا ذكر ذلك في أيام الرمي، قال: وإن لم يذكر إلا بعد أيام الرمي كان عليه الهدي، ناسياً كان أو متهاوناً ) البيان والتحصيل(4/63)-ط2، تحقيق: د.حجي وآخرون.
فهل الأمر هنا يشبه المذكور من أن الترخيص في المبيت بمنى أوسع منه في الرمي؟

وأعرج تتميماً على نقلين في مذهبي الشافعية والحنابلة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ في "الأم":: وَلَا يَبِيتُ أَحَدٌ مِنْ الْحَاجِّ إلَّا بِمِنًى، وَمِنًى مَا بَيْنَ الْعَقَبَةِ، وَلَيْسَتْ الْعَقَبَةُ مِنْ مِنًى، إلَى بَطْنِ مُحَسِّرٍ، وَلَيْسَ بَطْنُ مُحَسِّرٍ مِنْ مِنًى، وَسَوَاءٌ سَهْلُ ذَلِكَ وَجَبَلُهُ فِيمَا أَقْبَلَ عَلَى مِنًى فَأَمَّا مَا أَدْبَرَ مِنْ الْجِبَالِ فَلَيْسَ مِنْ مِنًى، وَلَا رُخْصَةَ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ عَنْ مِنًى إلَّا رِعَاءَ الْإِبِلِ وَأَهْلَ السِّقَايَةِ سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دُونَ السِّقَايَاتِ وَلَا رُخْصَةَ فِيهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ السِّقَايَاتِ إلَّا لِمَنْ وُلِّيَ الْقِيَامَ عَلَيْهَا مِنْهُمْ، وَسَوَاءٌ مَنْ اسْتَعْمَلُوا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ هُمْ .

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَمَنْ بَاتَ عَنْ مِنًى غَيْرَ مَنْ سَمَّيْت تَصَدَّقَ فِي لَيْلَةٍ بِدِرْهَمٍ وَفِي لَيْلَتَيْنِ بِدِرْهَمَيْنِ وَفِي ثَلَاثٍ بِدَمٍ (قَالَ) : وَلَا بَأْسَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ أَكْثَرَ لَيْلِهِ بِمِنًى أَنْ يَخْرُجَ مِنْ أَوَّلِ لَيْلِهِ أَوْ آخِرِهِ عَنْ مِنًى.

قال ابن قدامة في "المغني":
فَصْلٌ: فَإِنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى، فَعَنْ أَحْمَدَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَسَاءَ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ فِيهِ بِشَيْءِ. وَعَنْهُ يُطْعِمُ شَيْئًا. وَخَفَّفَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ عَلَيْهِ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: عَلَيْهِ دَمٌ. وَضَحِكَ، ثُمَّ قَالَ: دَمٌ بِمَرَّةٍ، ثُمَّ شَدَّدَ بِمَرَّةٍ. قُلْت: لَيْسَ إلَّا أَنْ يُطْعِمَ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، يُطْعِمُ شَيْئًا تَمْرًا أَوْ نَحْوَهُ. فَعَلَى هَذَا أَيُّ شَيْءٍ تَصَدَّقَ بِهِ، أَجْزَأَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَأَكْثَرِ؛ وَلَا تَقْدِيرَ فِيهِ.
وَعَنْهُ: فِي اللَّيَالِي الثَّلَاثِ دَمٌ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ تَرَكَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا، أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا. وَفِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ، وَقَالَ عَطَاءٌ: فِي كُلِّ حَصَاةٍ دِرْهَمٌ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَهَذَا لَا نَظِيرَ لَهُ، فَإِنَّنَا لَا نَعْلَمُ فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْمَنَاسِكِ دِرْهَمًا، وَلَا نِصْفَ دِرْهَمٍ، فَإِيجَابُهُ بِغَيْرِ نَصٍّ تَحَكُّمٌ لَا وَجْهَ لَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: التفريق بين العذر في المبيت والعذر في الرمي في شأن الدم؟

ترى هنا أن تخفيف الإمام أحمد يشابه ما تقدم.. فما وجه ذلك؟
على أن ترك مبيت ليلة واحدة دون عذرٍ فيه دمٌ عند مالك وأحمد في المعتمد من مذهبهما، فما سبب هذا التشديد من وجه وذاك التخفيف من وجه؟

ثم: ما ضابط الأعذار العامة؟ حتى تتميز وتظهر.
 
التعديل الأخير:

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,508
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: التفريق بين العذر في المبيت والعذر في الرمي في شأن الدم؟

جاء في إعانة الطالبين: ( واعلم أن العذر في المبيت يسقط الدم والإثم، وفي الرمي يسقط الإثم فقط ).

لمَ فرقوا بين الأمرين في شأن الدم؟

العذر على الدخول بين الشيوخ الأجلاء
فلم أرجع للكتب ولم أراجع المسألة
ولكن خطر لي هذا الخاطر:
أليس التوكيل جائز في الرمي، وغير ممكن في المبيت
فمن لم يتمكن من الرمي رمى عنه غيره فأوجبوا الدم عليه بتركه، بخلاف المبيت الذي لا يمكن أن يبيته عنه غيره
والله أعلم،،،
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: التفريق بين العذر في المبيت والعذر في الرمي في شأن الدم؟

كلامكم -أختنا الفاضلة- قد يكون صحيحاً عند كثيرين، وهو تعليق حسن، وعليه: فما وجه ذلك؟
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: التفريق بين العذر في المبيت والعذر في الرمي في شأن الدم؟

فائدة: من ترك مبيت ليلة من ليالي منى دون عذر:
مذهب الشافعي ورواية عن أحمد، وقول عطاء أنه يتصدق عن الليلة والليلتين إذا ترك المبيت بها ليالي التشريق دون عذر معتبر:
ففي مختصر المزني: وإن ترك المبيت ليلة من ليالي منى فعليه مُد، وإن ترك ليلتين فعليه مدان، وإن ترك ثلاث ليال فدم. أهـ
وقال النووي: وإن ترك إحدى الليالي الثلاث فثلاثة أقوال مشهورة..... أصحها: في الليلة مد، والثاني: درهم، والثالث: ثلث دم. أهـ
...
وقد يستغرب هذا الفرع ويتعجب منه بعض الناس ويطالبون بدليله، وهو عند القائلين به: أن ما ضُمِن كله ضُمِن بعضه، وما وجب الجزاء في كله ففي بعضه بعض الجزاء. والله أعلم

والمعتمد في مذهب أحمد لزوم الدم في ترك مبيت الليلة الواحدة، ومثله مذهب مالك.
والحنفية لا يوجبون هذا المبيت من أصله خلافاً للثلاثة، ويكرهون أن لا يبيت بها. قال في تبيين الحقائق: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ الْمَبِيتَ فِيهَا لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ الرَّمْيُ فِي أَيَّامِهِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَاجِبَاتِ. أهـ وبالله التوفيق
 
أعلى