رد: حكم الخروج عن المذاهب الأربعة
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله..أقترح على جميع الطلبة الرجوع إلى الشيخ أبي فراس في اختيار رسائلهم الجامعية فإني أحمد له جودة القريحة في حسن الانتقاء, واختياره لعناوين الموضوعات فيه توفيق ظاهر..تبارك الله تعالى..وأسأل الله أن يزيده توفيقًا وفقهاً وعملاً
وبخصوص هذا المطروح فإني اضع بين يديكم رؤوساً لعلها تنفع في بناء قاعدة للنقاش العلمي:
-الغالب فيما ذهب إليه الجمهور هو الراجح ,وهذا من حكمة الله تعالى ورحمته لكن ليس في ديننا أن الحق يعرف بالأكثرية مطلقاً ,بل المعول عليه في الاعتبار الأول قيام الدليل الصحيح
- من منع من الخروج عن أقوال الأئمة الأربعة إما أن يكون:
1-سدا لذريعة الأقوال الشاذة التي قال بها بعض المتقدمين..وتجد بعض المعاصرين ممن يعتمد التساهل منهجا- ولو تعارض مع الدليل- يفتش في أقوال من سلف حتى يعثر على أي قول ينصر به رأيه فما يلبث أن يثبته في كتبه أو فتاويه دون حتى تحرير صحة النسبة للقائل,
2-أو يكون متعصبا لأحد هؤلاء فيكبر عليه الخروج عن قول إمامه فضلا عن الأربعة..وهذا ظهر جليا في عهد شيخ الإسلام حيث أنكروا عليه الخروج عن أقوالهم..ولم يصدر جميعهم في هذا عن جمود مذهبي ولكن بعضهم تعلق بهذه الحجة حسدا
3-أو يكون له مأخذ متعلق بأن الله عز وجل نصب هؤلاء منارات هدى..اقتدى بهم الناس واستقر حال الأمة على اتباعهم ,فيبعد في نظره أن يخرج الحق عن أقوالهم
4-أو تكون حجته أن هؤلاء الأئمة حفظت أقوالهم وضبطت ووثقت ,وتناقلها ثقات الأتباع جيلا بعد جيل ,بخلاف أقوال غيرهم فيحتمل في نسبتها إليهم وقوع الغلط, مع قلة المنقول عنهم بالنسبة لهؤلاء..
-أما من يرى جواز الخروج عن الأئمة فعلى رأسهم الظاهرية بطبيعة الحال, وإلا أسقطوا إماميهم داود وابن حزم رحمهما الله تعالى
-وكذلك غالب المتفقهة على طريقة أهل الحديث ,
-بل غالب العلماء حتى المتمذهب منهم يرى جواز ذلك إذ الحق يدور مع الدليل لا مع الشخوص
-فإذا عرفت ما سبق ,أدركت أن القول بعدم جواز الخروج -هكذا!- لا يصح بداهة إلا أن يدعي أحد أن اتفاقهم=الإجماع الذي هو حجة, كما أن القول بجوازه مطلقا فيه مجازفة تجرّيء كل ذي لسان أن يطيله فيأتي بالعجائب ,فلابد إذن من معايير لتبيان المقصود حتى لا يتخذ هذا القول من لم يكن من أهله فيأتي بكل شاذ بحجة جواز الخروج عن أقوالهم..
ومن ذلك مثلا أني انكرت على أحد أئمة المساجد بخصوص جزه لحيته حتى لم يبق منها إلا كآثار الرسوم الدارسة
فاحتج علي بمتأخري الشافعية وأن الخروج عن الأئمة الأربعة لابأس به, فها هنا موضع غير سائغ يدل على سوء استعمال القول بالجواز ..لأنه عمد إلى المتأخرين وعارض به قول المتقدمين ,لا الأئمة الأربعة فحسب
والله أعلم