د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الحلقة الثانية: التقعيد الفقهي في التناول المقاصدي.
إعداد:
فؤاد بن يحيى الهاشمي
الحمد لله وحده، له الثناء والجمد، أحق ما قال العبد، وكلنا له عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، والصلاة والسلام الأكملان الأتمان على محمد وآله وأتباعه وأنصاره إلى يوم الدين.
المتأمل في "القاعدة الفقهية"، وفي "القاعدة المقاصدية" يلحظ أمرين بارزين:
1- عمومهما الاستغراقي في أحكام الشريعة تفريعاً وتأصيلاً.
2- عدم تنافرهما المطلق.
فهي قواعد مستغرقة ترد على كل محل من غير أي تعارض حقيقي.
هذا أمر، أمر آخر:
فإن هذا الشأن نفسه كان سائداً طوال التاريخ الفقهي، فلم تظهر المدونات الأصولية والفروعية ما يفيد إثارة الخلاف في جنس هذه المسائل بين مقاصد النصوص وموضوعاتها، أما الخلاف في "التفاصيل"، و"هيئات" الاستدلال، وأنواع "الأدلة" فليس هو مما نحن بصدده، كما سيظهر بعد قليل.
هاتان المقدمتان، وهما:
1- "العموم الاستغراقي للقواعد الفقهية والمقاصدية من غير تنافر".
2- أن التنافر بينها لم يكن مثاراً للخلاف عند أحدٍ من فقهاء الشريعة مع ورود أسباب إثارتها ووقوع المسائل التي كانت كفيلة بتهيئة أنواع الاصطدام بينهما.
هاتان المقدمتان يجب أن تكونان حاضرتين عند تناول "التنازع المعاصر" في جدلية "القاعدة الفقهية"، و"القاعدة المقاصدية".
إن ظهور "التمايز" بين "المتمسكين بقواعد الفقهاء"، وبين "المائلين إلى معاني النصوص ومقاصدها" يجب أن يكون منظوراً إليه في تسلسل منظم لـ "المناهج الأصولية" في اعتبار "الدليل".
§ مظاهر"التقعيد الفقهي المعاصر":
يمثل "التقعيد الفقهي" المعاصر ثلاثة طوائف:
1- الفقهاء من أصحاب المتون والحواشي والشروح.
2- الأصوليون من الآخذين بحروف القواعد الأصولية.
3- المشتغلون بالأحاديث والأخذ بظواهر النصوص.
فنجد أن الطائفة الأخيرة:
هي امتداد مستقيم لمدرسة أهل الظاهر، فإن هؤلاء وإن كان أغلبهم يثبت ما هو من القياس والعلية، وربما استظرفوا ببعض نوادر ابن حزم التي جمد فيها؛ فإنه عند التحقيق لا تجد هؤلاء يثبتون من علل النصوص إلا ما كان في حكم اللفظ ظهوراً ودلالة، مما لا يكون في مثله مثار غلط في العادة، وإنما يمتازون عن مدرسة داود الظاهرية في كونهم لا يجمدون جمدوهم، فداود لم يكن "مخترعاً لمدرسة أهل الظاهر"، فالآخذون بظواهر النصوص امتداداتهم قديمة إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما ظهر أثر داود في "تقنين هذه المدرسة" والتصريح بنفي القياس والعلية، ثم المغالاة في الجمود على ظواهر الألفاظ مما لم يكن معروفاً قبله، وتبعه ابن حزم وأربى عليه لاسيما مع إنكاره الحكمة والتعليل.
إذن التطرف الشديد الذي مثله داود وابن حزم لا يجب أن يكون سبباً في حصر مدرسة أهل الظاهر في هذا الطرف الغالي، الظاهر جموده، فثمة طوائف أخرى هي من أهل الظاهر يقينا، وإن لم يبلغوا مبلغ هؤلاء، بل إن هناك من أصحاب أبي سليمان داود بن علي من أثبت العلل المنصوصة، وإن اجتهد ابن حزم في البراءة منهم كالقاساني والنهرواني.
المقصود أن المتأخرين من أهل الحديث الذين ينزعون إلى الاقتصار على ألفاظ النصوص، وتوسيع دلالة ألفاظها لتستوعب كل الوقائع والأحداث لا يمنع من انتسابهم إلى الظاهر إثباتهم للأنواع الجلية من القياس ومخالفتهم في ذلك ابن حزم ومن قبله داود؛ إذ لا يعدو أن يكون ما أثبتوه جزءا يسيراً من المساحات الشاسعة التي وافقوا فيها أهل الظاهر.
وبه يظهر مدى قرب ابن الأمير الصنعاني على علو كعبه في الأصول، ومن بعده الشوكاني، وجماعات جمة من المعاصرين: من دويرة أهل الظاهر وإن لم يجمدوا جمودهم.
الطائفة الثانية، المائلة إلى التمسك "بالحرفية":
هم أصناف من "الأصوليين"، والذين يستعملون "القواعد الأصولية" كأدوات ثابتة المعايير في استخراج الحكم الشرعي من غير التفات يذكر إلى "الواقعة"، ومآلاتها، إلا جزءا يسيراً كأنه تبرأة للقسم يشبه ما أثبته الذين من قبلهم من القياس الجلي.
الطائفة الثالثة، وهم الفقهاء، المشتغلون بقواعد فقهاء المذاهب:
فهؤلاء على سنن الأولين لهم عناية بالغة بالمتون الفقهية درساً وتصنيفا، وأجد أن هؤلاء هم من يجب تسليط الضوء عليهم لأمور:
1- أنهم امتداد صريح لمدارس الفقهاء.
2- أنهم منتسبون إلى مدارس الرأي والقياس واعتبار المقاصد.
3- أنهم يشكلون نسبة كبيرة من المتصدين للفتوى والتأليف.
إن الناظر في نتاج كثير من هؤلاء في المسائل المعاصرة:
ليدرك أنهم امتداد آخر بصورة معينة للظاهرية القديمة، ولا أقصد داود وأصحابه بطبيعة الحال، فهذان كما سبق إنما يمثلون الطبقة الغالية لأهل الظاهر.
ووجه إدراج هؤلاء في "الظاهرية" هو النظر إلى طبيعة تكوينهم العلمي، وإلى طبيعة الأدوات المستعملة، وإلى طريقة استخرج أحكام المسائل.
ولا فرق في معنى "الظاهر" بين من يلتزم الأخذ بـ "ظاهر النص"، وبين من يلتزم الأخذ بظاهر "المتن" أو "القاعدة الفقهية" أو "الفتوى" وما إلى ذلك.
بل إن ألفاظ النصوص تسعف الناظر بحكم جمهور الوقائع والأحداث، كما قرر ذلك ابن تيمية، وأن هؤلاء الظاهريين على ما فيهم هم أقرب إلى تحصيل الأحكام ممن ادعى أنها لا تفي بعشر معشار الشريعة!
وقد استشهد أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي بالظاهرية على سعة ألفاظ النصوص وشمولها، وأن أهل الظاهر على جمودهم لم يحفظ عنهم أنه أعياهم شيء من المسائل مع وعورة شرطهم في الاستنباط، ومحدودية المصدر.
وبه يتبين فضل "ظاهرية النصوص" على "ظاهرية المتون" بدرجات.
وإن المتأمل في الابتلاءات والمحن التي تعرض لها الأئمة المجتهدون من مقلدة عصورهم:
ليجد أنها من هذا الباب، ومنه اتسعت نصوص المجتهدين بتفسير "نصوص الفقهاء" على نحو ما صنع القياسيون من قبلهم مع أهل الظاهر في "تفسير نصوص الوحي".
ويبقى أن يقال: إن ثمة فضلاً لظاهرية "المتون" القدامى على "ظاهرية المتون" المعاصرين، وهو أن "ظاهرية المتون القدامى" كانوا قد أقفلوا باب الاجتهاد، فأراحوا أنفسهم، وقل تأثيرهم، واقتصرت فتواهم على أعيان "المسائل القديمة" مع "قلة ومحدودية" المسائل الحادثة" في أزمنتهم، فكانت "المسائل المدونة لديهم" تفي غالباً بحوادثهم.
بينما اليوم نلحظ ثلاثة أمور جديرة بالنظر، وهي:
1- فتح باب الاجتهاد على مصراعيه.
2- الطفرة غير المسبوقة في الحوادث بما يمكن أن تشكل المسائل المستجدة أضعافاً من المسائل التي وقعت عند السابقين.
3- ضعف "التكوين العلمي" للمتصديين للكلام في المسائل.
وكشاهد على مدى البطء الشديد الذي يعتري هذه المدرسة في إدراك مستوى الحدث؛ فإنهم لم يزالوا إلى ساعتي هذه يدرسون الفقه على المسائل المدونة قبل سبعة قرون، ولم ينشطوا إلى إلى إقحام المسائل المعاصرة في صلب الفقه، فالفطر ببخاخ الربو لا ينال العلم به من خلال الدرس الفقهي لأبواب الصيام، وإنما يدرك من خلال الفتوى، التي يتلقاها العامي والمتعلم والشيخ على حد سواء!
أجد هذه الإشارات كافية إن شاء الله تعالى في توصيف مظاهر "التقعيد الفقهي" المعاصر.
§ مظاهر التقعيد المقاصدي المعاصر:
إذا كنا استطعنا خلال المبحث السابق توصيف جذور وتكوين أصحاب "التقعيد الفقهي المعاصر"، فإن الأمر بالعكس تماماً بالنظر إلى تاريخ "التقعيد المقاصدي المستقل"، فالبروز الحادث اليوم في الاعتبار بالمقاصد كأداة كافية في تحصيل الحكم لهو أمرٌ محدثٌ بنظري، فتستطيع أن ترى مثل صورة ابن تيمية المجتهد، أو البهوتي المتمذهب، أو الطوفي الأصولي، لكن يعز عليك أن تجد رجلاً "مقاصدياً" يغرد خارج "مذاهب الفقهاء"، هذه الصورة يمكن الجزم بأنها كانت معدومة تماما.
إن الافتراق الكبير بين "مقاصدية اليوم"، وبين "المقاصدية القدامى من كبار المجتهدين كأبي المعالي والغزالي والعز وتلاميذه والطوفي وابن تيمية والشاطبي: يظهر فيما يلي:
1- أن التكوين المقاصدي القديم كان خاصة "الأئمة المجتهدين الكبار".
2- أن التكوين المقاصدي القديم كان ينطلق من قواعد مدارس الفقهاء المشهورة.
3- أن التكوين المقاصدي القديم لم يكن معزولاً عن صيغ الألفاظ، فقد كان "المعنى"، و"المقصد"، و"المصلحة" مستقاة من اللفظ تقعيدا واستنباطاً، ولهذا كان مشهوراً عن هؤلاء الانتصار للحديث، وللأخذ بأرجح الأدلة.
بينما نجد في كثير من مقاصدية اليوم ما يلي:
1- أنها دعوى سائبة يشترك في إطلاقها: طائفة من الفقهاء، وطائفة من المثققين، وطائفة من المتحررين من الأحكام الشرعية.
2- أنه مع كون "المقاصد" شكل حيزاً كبيراً في "الكتابة العصرية" حتى يمكن تصنيفه بأنه أهم الإضافات المعاصرة: فإنه مع ذلك لا تجد في "التناول المقاصدي" العمق الذي كان يتحلى به "الأئمة الفحول"، ويمكن اعتبار الفرق بينهما كالفرق بين المجمل والمفصل.
3- أنهم لا يحسنون التعامل مع "التقعيد الفقهي"، ويتم تصفية كثير منه عبر التمسك بلفظ النص، أو الاعتذار عن لفظ النص بعمل الفقهاء.
4- بالفقرة السابق تلوح نقظة "التقاء" مقاصدية اليوم بأهل الظاهر، وكان من المفترض أن يكون كل منهما في طرف.
5- إن تعويل "مقاصدية اليوم على "لفظ النص" ليعني بصريح العبارة إفلاس كبير عندهم في "المخزون المعنوي" للنصوص.
§ استنتاجات وإشارات:
بالإشارات السابقة يتضح سبب "التعارض الموهوم" بين "التقعيد الفقهي"، و"التقعيد المقاصدي"، فإنه لم يكن بينهما تنافراً يوماً ما لا من حيث النص الشرعي، ولا من حيث التطبيق العملي عبر تاريخ التدوين الفقهي والأصولي.
وإن التعارض المعاصر، لا يرجع عند التحقيق إلى أسباب علمية بقدر ما هي أسباب "فوات العلم المناسب"، وضعف تكوين "المجتهد" المتصدي للفتوى.
إن اعتبار "الاستثناء المقاصدي" لا يمكن أن يتم إلا عبر القاعدة الفقهية، فقواعد الفقهاء تفي بذلك، فزمزم بأرضي لكن من يقنع الناس بجدوى زمزمي!
وإن من الظريف أنك تلمح جملة من المسائل ترى الحق فيها مع "الطرف المقاصدي"، لكن أعيتهم السبل في بيان وجه تحصيلها، فهم حصلوا صحيحاً لكن لم ينطقوا صحيحا، بينما تجد الأئمة الفحول الكبار يتفنون في تخريج ما قدحت به آلات الاجتهاد لديهم عبر مسالك متعددة من خلال اللفظ، ومن خلال المعنى، ومن خلال المقصد، ومن خلال القاعدة الفقهية، ومن خلال المتن الفقهي، وأضرب لهذا مثلاً: طريقة ابن تيمية في قوله في مسألة طواف الحائض الذي لم يسبق إليه، ومع هذا تجده اعتبر النصوص الشرعية، واعتبر أصول قواعد الفقهاء، ثم اشتغل في الجواب عن الإجماعات المحكية في المسألة فخرجها إلى ما لا يخالف قوله الذي صار إليه، هذا النَّفَس لا تجده عند كثير من المعاصرين الذين يأتون بالشذوذات، ثم لا يحسنون تفسيرها، ويكثرون من التعويل على انفرادات الأئمة! وأنهم اجتهدوا كاجتهادهم لكن أين هم منهم؟
تعجبني كلمة الطوفي الذي فسر فتوى يحيى بن يحيى الليثي للأمير بأنه يمكن إدراجها في مذهب الجمهور باعتبار أنها استثناء مصلحي لمعارض راجح، وله نظائر في الشريعة، هذه الثقة، وهذه المتانة، وهذه الرؤية الثاقبة، هي التي بررت لهم الاجتهاد، وصعود منصات التفرد باقتدار، إن من يؤلف مثل كتاب "قواعد الأحكام" لا ينكر على مثله التفرد، لكن من يسقط في اختبارات "التفسير الموضوعي" للمسألة المحدودة لا يمكن أن يقبله قوله فيما وافقه فيها الجماهير فكيف بما خالف فيه الأمة عن بكرة أبيها؟!
خلاصة ونتائج:
- التعارض الموهوم بين العصريين في "التقعيد الفقهي"، و"التقعيد المقاصدي"، أوجبه ضمور "معنى الاجتهاد"، وانتفاخ "المجتهدين"!
- التقليد الفقهي صورة أخرى للظاهرية لكن مادتهم "نصوص الفقهاء" لا "نصوص الوحي".
- القاعدة المقاصدية جزء من القاعدة الفقهية فهي منها فكيف تعارضها؟
- لا ترى في خطابات "المعاصرين" الدقائق الأصولية، والاستثناءات المعللة التي كان يستعملها الأئمة المجتهدون مما يؤكد أن الإشكالية ليست في "التقعيد المقاصدي"، ولكن في "التسطيح" لمسائل المقاصد، وإلا فهي أغور وأعمق، فلها مراتب ومستويات، وعليها أنظار وتقييدات، ويكفيك أن تعلم أن جماعة من مشاهير المقاصديين اليوم يجهلون أن "التحسينات" ليست قسيماً للواجب، فمنها الشرط ومنها الواجب ومنها المستحب، ومنها المباح، ومن كانت هذه مرتبته فكيف يصح أن يعالج بعد ذلك قضايا الفقه؟ وقد قرر هذا المقاصديون الكبار القدامى كأبي المعالي والعز!
- الالتقاء المقاصدي بخطوط أهل الظاهر يضع علامات استفهام في صحة المنهج وسلامة استعماله.
- إن الالتقاء المقاصدي بالظاهرية في "توسيع دائرة المباح"، وتحجيم "النصوص" وحصرها في صور الوقائع القديمة ولَّد خبطاً عريضاً، وساهم في تفتيت "قواعد الفقهاء"، التي تلقتها الأمة جيلاً بعد جيل.
- إن الناظر في نتاج الأئمة الكبار يجد أن "اليسر" أحد الخطوط العريضة لفقههم، والتي شهدت احتكاكاً شديداً مع "الفتوى التقليدية"، إلا أنه يجد أيضاً أن لهم عزمات معروفة في المحافظة على "حمى الشريعة"، فابن تيمية رحمه الله وقف موقفاً صلباً تجاه الحيل، وأولاها اهتماماً عظيما، أما أبو إسحاق الشاطبي وهو الأب الروحي للمقاصديين فقد كان متهماً بالتشدد، وذكروا هذا في ترجمته حتى أضيف زوراً إلى الخوارج والقول بالسيف بسبب عدم تقيده بالدعاء للأئمة في خطبة الجمعة، وقد ألف في ذلك كتابه "الاعتصام" الذي كان موضوعه الرئيس "البدعة" وأحكامها.
بينما نجد أن الخط العام السائد للفريق المقاصدي العصري هو "اليسر" و"التسهيل"، وربما هدموا بسببها العمود الفقري لمدرستهم، فتجدهم في دور أهل الظاهر تمسكاً بظاهر اللفظ!
كما لا تجد عند الفريق المقاصدي إبداعات الأئمة المجتهدين من تفاصيل ودقائق الاعتبارات المقاصدية كالنظر إلى المقاصد الخاصة أو ترتيب مقامات المقاصد، أو الاستنباطات النصية المختصة بمقاصد الأبواب، وما إلى ذلك، ولك أن تطلع على كتاب "قواعد المقاصد من كتاب الشاطبي" للدكتور الكيلاني، وتقارن حضور هذه القواعد في كتابات الفريق المقاصدي من المعاصرين! وإذا كانت تفصيلات القاعدة المقاصدية الشاطبية غائبة في كتابات المقاصديين المعاصرين فما ظنك بغيره؟
- الحل هو الإيمان والعمل الصالح، العلم وحسن المقصد، مراجعة التكوينات العلمية ومحاولة إعادة تهيئتها بانتظام في قواعد الفقهاء مع فتح مجال محدود للمتأهلين للفتوى والاجتهاد بعد حذقهم للاستعمال المقاصدي تأصيلاً وتفريعاً.
- وأختم بفتوى لتقي الدين السبكي في بعض مسائل الوقف في فتاواه، خلاصتها أنه قد احتج عليه بعضهم بجواز الوقف في بعض المسائل بناء على مقصد " الواقف"، فأجابه السبكي بأنه لا يجوز إسقاط "موضوعات الأحكام" بالنظر إلى المقاصد، ثم بين أن ما استند إليه من "المقصد" مخالف لمقصد "الوقف"، ومخالف لمقاصد الواقفين، فرحمه الله كيف تمسك بموضوعات الأحكام ثم بيَّن انتظامها في المقاصد عموماً وخصوصا، إننا اليوم بحاجة إلى فقهاء يحسنون التعامل مع المقاصد تأصيلا واستثناء، وإلى مقاصديين لا ينافرون قواعد الفقهاء، والله أعلم.
التعديل الأخير: