العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الموارد المالية للدولة الإسلامية

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
موارد الدولة في الإسلام

تعتبر الحضارةُ الإسلامية الرائدةَ في مجال تنظيم الأموال الاقتصادية والموارد المالية للأمة الإسلامية.
وعرفت البشرية أول وزارة للمالية في أرقى الدول المتحضرة.

وهذه الوزارة الرائدة كانت تسمى (بيت المال).
ويعتبر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من أنشأ بيت المال بسبب الفتوحات العظيمة التي تمت في عهده، والخيرات التي تدفقت على الدولة المسلمة.
فقد روى ابن سعد في طبقاته أن أبا هريرة قدم على عمر من البحرين فلقيه في صلاة العشاء الآخرة، فسلم عليه، ثم سأله عن الناس. ثم قال لأبي هريرة: ماذا جئت به؟، قلت: جئت بخمسمئة ألف درهم, قال: ماذا تقول؟، قلت: مئة ألف، مئة ألف، مئة ألف حتى عددت خمسًا، فقال عمر، إنك ناعس فارجع إلى أهلك فنم, فإذا أصبحت فأتني.قال أبو هريرة: فغدوت إليه فقال: ماذا جئت به؟ قلت: جئت بخمسمئة ألف درهم, ... فقال عمر للناس: إنه قد قدم علينا مال كثير, فإن شئتم أن نعده لكم عدًا، وإن شئتم أن نكيله لكم كيلاً. ونشأت من يومها فكرة بيت المال.
ولقد أنشأ عمر بيت المال الفرعي في كل ولاية يكون خاصًا بموارد ومصارف تلك الولاية، وما يزيد يُرَدُّ على بيت المال العام أو المركز الرئيس بالمدينة.

موارد بيت المال

(الزكاة/الخراج/الجزية/الفيء/الغنيمة/المكوس)
أولاً: الزكاة
المورد الأول لبيت المال وهي إحدى أركان الإسلام التي فرضت على المسلمين فقط.
تتولى الدولة جمعها وإنفاقها.
مصادرها: تفرض الزكاة على ( النقد / عروض التجارة / الزرع والثمار / المعادن / السوائم ( الماشية).
مصارفها: حددها الله في سورة التوبة لكل من:
الفقراء (من لا يكفيهم قوت يومهم).
المساكين (من لا يجدون قوت يومهم).
العاملين عليها (يجمعوها ويوزعونها).
المؤلفة قلوبهم.
في الرقاب.
الغارمين (من لا يستطع سداد ديونه).
وفي سبيل الله.
ابن السبيل (الذي انقطعت به طريق السفر لأهله).

ثانياً: الخراج:
أقدم أنواع الضرائب التي عرفتها الشعوب لارتباطه بالأراضي الزراعية.
تعريفه: مقدار من المال أو الحاصلات يفرض على نوعين من الأراضي؟
أ- الأراضي التي فتحت عنوه (بالقوة): قاوم أهلها المسلمون وظلوا على دينهم، فتنقل ملكية الأرض للدولة ويظل أصحابها يزرعونها مقابل دفع الخراج عنها.
ب- الأراضي التي فتحت صلحاً، وظل أهلها على دينهم تظل ملكيتها لهم يتوارثونها مقابل دفع الخراج عنها.
ج- الأراضي العشرية:
تعريفها: أراضي لا يفرض عليها خراج ولكن يؤخذ عشر غلتها ضريبة وهي ثلاث أنواع:

1- أراضي أسلم أهلها دون حرب ,
2- أراضي تركها أصحابها ووزعت على الفاتحين المسلمين ولا يعرف لها صاحب.
3- الأراضي البور التي امتلكها المسلمين بالحرب وقاموا باستصلاحها.

ثالثاً: الجزية
تعريفها: مبلغ من المال يدفعه أهل الذمة (من لا يدينون بالإسلام) مقابل حماية ورعاية الدولة الإسلامية لهم وهم على دينهم.
فرضت الجزية على الذكور القادرين على العمل وأعفى منها (النساء - الأطفال - الشيوخ - الرهبان - العجزة).


رابعاً: الفيء
تعريفه: ما أفاء به الله (منحه) على المسلمين دون قتال وما يتصالح به الكفار مع المسلمين من خراج وجزية
أسهم الفيء (توزيعاته)
1- سهم للرسول (ينفق منه على نفسه وزوجاته وصالح المسلمين).
2- سهم ذي القربى (أقارب الرسول).
3- سهم لليتامى.
4- سهم للمساكين.
5- سهم ابن السبيل.

خامساً: الغنيمة
تعريفها: ما يغتنمه المسلمون في الحرب من الأعداء.

سادساً: المكوس
تعريفها: ضرائب غير شرعية آي أنها لم تورد في القرآن والسنة وعرفت بعد ذلك ولها أربع أنواع.
1- الجمارك: (أموال تفرض على التجارة الداخلة بلاد الإسلام).
2- أعشار السفن (فرضت على السفن المارة في الموانئ الإسلامية).
3- الخمس (خمس ما يستخرج من البحار من لؤلؤ وعنبر).
4- المواريث (أراضي وأموال مات أصحابها دون وريث تذهب لبيت المال).
مشروعية فرض الضرائب
جاء فرض الضرائب لسد نفقات الدولة على الخدمات وقيامها بواجباتها في توفير الأمن والأمان والعدل.
فإذا قلت موارد بيت المال وتحققت الكفاية للفقراء فبها ونعمت، ولا حاجة للضرائب، وإن لم تكف، فهل يجوز فرض الضرائب على أموال المسلمين؟.
الجواب: نص الفقهاء على هذه الصلاحية.
فالإمامان الشاطبي والجويني قالا: إذا خلا بيت المال، وكانت حاجة في توظيف الضرائب في مال الأغنياء جاز، إما على وجه الاستقراض أو الأخذ، وواضح من ذلك أن بقاء الجند يستلزم إيجاد رواتب لهم.

ونذكر هنا الضوابط العامة والقواعد الفقهية لعدالة الضرائب:
القاعدة الأولى: وتشمل ثلاثة أمور:
أولاً: لولي الأمر أن يجتهد في إدارة شئون الدولة حسب أحكام وضوابط الدين.
ثانياً: الواجب على الرعية طاعة ولي الأمر فيما يجتهد فيه مما يدخل ضمن مسائل الاجتهاد ويحرم عليهم مخالفته في ذلك، ولا يصح الاحتجاج بدفع هذه الطاعة لولي الأمر بحجة أن هناك اجتهاداً يخالف اجتهاد ولي الأمر.
ثالثاً: فرض الضرائب على المواطنين عند الحاجة إلى المال.
وقد قال الإمام الجويني : إن للإمام أن يفرض ضرائب على الزروع والثمار والمتوالدات لتغذية بيت المال بالمال اللازم، وهذه الضرائب يسيرة لا يجوز الاعتراض عليها.
ويعلل الجويني ذلك فيقول: لو لم يكن إمام مطاع لاضطر أصحاب الزروع إلى من يحرس زرعهم ويقدمون له أضعاف هذه الضرائب، وتحقيق هذه الحراسة والأمن لهم إنما يكون عن طريق توظيف العدد الكافي من الحراس الذين يتفرعون لهذا المطلب، والذين يتعين عليهم هذه الحراسة، وبالتالي يجب إعطاؤهم ما يكفي من بيت المال، وهذه المالية أو ما يقوم مقامها قد تكون خاصة عن طريق المواطنين وقد تكون عامة والقياس للإمام.

القاعدة الثانية: أن الحاكم مكلف بما يصلح الرعية، والراعي هو الحافظ المؤتمن على رعيته وهو مسؤول أمام الله إن قصر.

القاعدة الثالثة: جواز تقييد المباح لمصلحة.
كما منع عمر بعض الصحابة من الخروج من المدينة لحاجة.
وهذا كله يعطي لولى الأمر ساحة واسعة من الاجتهادات المتعلقة بأمور الدولة.
وتنوع الضرائب مطلوب ويتسع اجتهاد ولي الأمر له.
ولا بأس من الاستفادة من تنظيمات الدول الأخرى؛ كما استفاد عمر من الفرس في تدوين الدواوين.
وكما في غزوة الخندق حيث استفاد النبي صلى الله عليه وسلم من إشارة سلمان رضي الله عنه.

القاعدة الرابعة: صيانة المال عن طريق فرض الضرائب للمصلحة العامة لا ينتفع به الحاكم لمصلحته الخاصة.

القاعدة الخامسة:هذه الضرائب لا تسد مسد الزكاة لأن الزكاة فريضة إلهية محددة في مواردها وفي مصارفها.
وأما الضرائب فهي ما عدا ذلك؛ فالغرم بالغنم، ومن انتفع بشي تحمل تكاليفه ومصاريفه.
والمواطن ينتفع بالأمن والمؤسسات التعليمية والقضائية والصحية وتعبيد الطرق وتحصين الثغور فيجب أن يشارك في مصاريف الخدمات العامة.
ويقول علماء الاقتصاد إن قواعد الضرائب هي:
1- العدالة بحيث لا تجحف ولا ترهق المواطن.
2- تحديد الضريبة بحيث يمون مقدارها معروفاً.
3- الملاءمة: أي تؤخذ في وقت يستطيع المكلف فيه أن يدفعها.
والدولة كالبيت للمواطنين، وكما أن المواطن يحرص على ترميم بيته؛ فعليه أن يحرص على دولته.
وهناك ملاحظات أخرى:

1- تعيين الموظفين الأمناء الأكفاء لجباية الضرائب حتى لا يستغلوا مراتبهم الوظيفية، وأن تكون عندهم القدرة والخبرة في جباية الضرائب.
2- تكوين هيئة مراقبة لهذه الجبايات.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يحاسب الجباة حين أرسل ابن اللتبية الذي قال: هذا لكم وهذا أهدي إليّ فقال صلى الله عليه وسلم: "أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر هل تأتيه هديته".
فلا ينزلق الجابي في هذه الشبهة.
وقد ولى عمر رجلاً على البحرين فتاجر، فقال له عمر: إنما حَصَّلْتَ ذلك بسبب الولاية فقاسمه في المال.

____________________________________


* هذه المحاضرة ألقيت بمقر اتحاد الطلبة الماليزيين بسورية
الأربعاء 12 رجب 1429 هـ، 16 تموز 2008
الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري
E.Mail:alzatari@scs-net.org
 

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,243
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: الموارد المالية للدولة الإسلامية

وقد نظم هذه الموارد ابن جماعة الشافعي فقال :
جهاب أنواع بيت المال سبعتها ........ في بيت شعر حواها فيه كاتبهْ
خمس وفيء جزية عشر ........... وإرث فرض ومال ضل صاحبهْ
ذكرها التاودي في كشف الحال عن الوجوه التي ينتظم منها بيت المال ص 61
 
أعلى