العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،
مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.
بارك الله فيكم أخي العزيز أبا عبد الله على هذا السؤالذكر القرافي في كتابه الذخيرة 2/293 :
ان الوتر واجبٌ على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في الحضر وليس واجباً عليه في السفر.
ما دليله ؟
أولا: توجيه الأحاديث:
لا أرى تلازما بيناً بين صلاة الوتر على الراحلة وبين نفي الوجوب، والمقصود ب(المكتوبة) الواردة في الحديث: المكتوبات الخمس، وكذا (الفريضة).
والمعهود من الشارع هو التخفيف في الصلوات الواجبة غير الخمس المكتوبات. فهي واجب اقل رتبة من الصلوات الخمس. ومعلوم أن الواجبات مراتب وبينها تفاوت كبير.
* الذي يظهر من كلام ابن حجر أن البخاري يرى التلازم بين ذلك وهذا كلامه عند ترجمتي البخاري (باب الوتر على الدابة ) (باب الوتر في السفر)بعد الكلام على حديث سعيد بن يسار ونزوله ليوتر وقول ابن عمر له "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير" :
قال ابن حجر لما كان حديث عائشة في إيقاظها للوتر وحديث ابن عمر في الأمر بالوتر آخر الليل قد تمسك بهما بعض من ادعى وجوب الوتر عقبهما المصنف بحديث ابن عمر الدال على أنه ليس بواجب فذكره في ترجمتين إحداهما تدل على كونه نفلا والثانية تدل على أنه آكد من غيره
وبعد حديث ابن عمر ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في السفرعلى راحلته حيث توجهَّت به يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض ويوتر على راحلته)
قال ابن حجر : واستدل به على أن الوتر ليس بفرض وعلى أنه ليس من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وجوب الوتر عليه لكونه أو قعه على الراحلة
قال وأما قول بعضهم إنه كان من خصائصه أيضا أن يوقعه على الراحلة مع كونه واجبا عليه فهي دعوى لا دليل عليها .....إلخ
ينظر فتح الباري ج 3 ص 570-572 ط دار أبي حيان
وقال الزرقاني في شرح الموطأ بعدما ذكر حديث الوتر على الراحلة :" لكن استشكل بأن من خصائصه صلى الله عليه وسلم وجوب الوتر عليه فكيف صلاه راكبا ؟ وأجيب بأن محل الوجوب بالحضر بدليل إيتاره راكبا بالسفر هذا مذهب مالك ومن وافقه قال والقائل بوجوبه مطلقا قال : يحتمل خصوصية ثانية له أو أنه تشريع للأمة بما يليق بالسنة في حقهم فصلاة على البعير لذلك وهو في نفسه واجب عليه فاحتمل الركوب فيه لمصلحة التشريع قال وبعده لا يخفى والأولى فيه أن الخصائص لا تثبت بالاحتمال
انظره الجزء 1 ص 447
* ثم إن القول باختصاص وجوب الوتر عليه صلى الله عليه وسلم في السفر لم ينفرد به المالكية بل صرح به اثنان من أئمة الشافعية :وقد عزا لهما القول بذلك إضافة إلى القرافي كل من :
- الإمام الحسين بن الحسن الحليمي صاحب شعب الإيمان وغيره ت :403هـ
- الإمام العز بن عبد السلام المتوفى سنة 666هـ
الأدلة على وجوب الوتر سفرا وحضرا في حق النبي ( صلى الله عليه وسلم):
- الإمام الخيضري
- الإمام ابن الملقن
الدليل الأول:
عموم الآيات ( قم الليل).
الدليل الثاني:
لو كان الأمر كذلك (أي صلاة الوتر على الراحلة تدل على عدم وجوبها) :
لكانت صلاة الوتر غير واجبة في الحضر أيضا.
لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقعد فيها.
فهل ترك القيام ينفي عنها صفة الوجوب ؟
الجواب: لا، طبعا.
الدليل الثالث:
إذا كانت الوتر تشترك مع السنن في ترك القيام ولاينفي عنها ذلك صفة الوجوب، فكذلك الوتر تشترك مع السنن في أدائها على الراحلة ولاينفي عنها ذلك صفة الوجوب.
***
هذا ما يبدو لي . والله اعلم.
بارك الله فيكم أخي العزيز.