العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الدعوى والإثبات في الإسلام

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,136
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن


تمهيد :
القاضي لا ينظر منازعات الناس وخصوما تهم إلا إذا رفعوها إليه في دعوى طالبين الفصل فيها ونظر القاضي وفق قواعد وضوابط معينة يسمى أصول استماع الدعوى، كما أن الدعوى تثبت عند القاضي بوسائل معينة معتبرة شرعا تسمى وسائل الإثبات. والغرض من هذه القواعد والأصول هو تنظيم عملية القضاء وجعلها معروفة للمتخاصمين وعلى نحو من السهولة والوضوح وتيسير التوصل إلى إظهار الحق وإثباته وإيصاله إلى صاحبه بطريق مأمون خال من الخطأ والعثار والتطويل وبأقصر وقت ممكن هذا ومما تنبغي الإشارة إليه أن أول ما ينظره القاضي في مجلس القضاء بعد انتهاء إجراءات تسلمه لوظيفته، دون طلب من أحد،هو قضايا المحبوسين خشية أن يكون فيهم من لا يستحق البقاء في السجن ، فيتحقق في أمرهم ويخرج من السجن من يستحق الإخراج منه ثم ينظر القاضي ـ بدون طلب من أحد في أمر الأوصياء الناظرين في أموال اليتامى والمجانين وتفرقة الوصية بين المساكين فيقصدهم القاضي بالنظر فيبقي منهم القوي الأمين على وصيته ويضم إليه من يعينه إن كان ضعيفا أو يعزله إن كان فاسقا . ثم ينظر في أمر الضّوال واللقطة التي تولى القاضي السابق له حفظها فيبيع ما في بيعه مصلحة ويحفظ ثمنه لصاحبه ، ويبقي ما يرى فيه مصلحة إلى أن يظهر صاحبه.

الدعوى وشروط قبولها :
الدعوى هي القول الذي يصدر من المدعي أمام القاضي لإخباره بأن له حقا معينا في ذمة المدعى عليه ، وأنه يطالبه به ويريد من القاضي الحكم له به على المدعى عليه . وليست هناك صيغة معينة للدعوى بحيث لا تجوز الدعوى ولا تقبل إلا بها، وإنما القاعدة هنا هي أن كل كلام يفيد ما قلناه في تعريف الدعوى فإنه يصلح أن يكون صيغة لها والدعوى التي يسمعها القاضي هي الدعوى الصحيحة وهي التي توفرت فيها الشروط التالة:

1/ أن يكون كل من المدعي والمدعى عليه عاقلا.
2/ أن يكون الحق المدعى به معلوما ويدخل تحت ولاية القضاء وتجري عليه الأحكام.
3/ ألا يكون المدعى به مستحيلا عقلا ولا عادة ، فالأول كما لو ادعى أن فلانا ابنه وكان أكبر منه سنا ، والتاني كما لو ادعى فقير مشهور بالفقر أنه أقرض شخصا أموالا طائلة .
4/ أن يترتب على ثبوتها حكم ملزم للمدعى عليه ،فلو ادعي شخص أنه فقير وأن فلانا من سكان محلته غني ويطلب شيئا من ماله لمجرد غناه لم تسمع دعواه لأنها لو ثبتت لم بترتب عليه إلزام الغني بإعطائه شيئا من ماله.

مجلس القضاء وآدابه
وقبل أن نتكلم عن كيفية رفع الدعوى ينبغي أن نشير إلى أن مجلس القضاء ـ وهو المحكمة ـ ينبغي أن يكون مكان جد وسكينة ووقار ولا مجال فيه للعبث والتطاول وسوء الأدب من قبل الحاضرين سواء كانوا من خصوم الدعوى ، أو الشهود أو غيرهم . وإذا جلس القاضي في مجلسه للقضاء فيجب أن يكون في حالة نفسية هادئة راضية حتى يكون مستعدا تمام الاستعداد لسماع الدعاوى وما يقدمه الخصوم من بينات ودفوع ، وبهذا جاء الحديث الشريف الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان ) فنص صلى الله عليه وسلم علي الغضب ونبه على ما في معناه ، ولهذا قال الفقهاء ينبغي أن يكون القاضي خاليا من الجوع الشديد والعطش والفرح الشديد والحزن الكثير والهم العظيم والوجع المؤلم ومدافعة الأخبثين أو أحدهما ، والنعاس ، لأن هذه الأشياء ونحوها مثل الغضب من جهة تأثيرها في حالة القاضي النفسية وحضور ذهنه لمقتضيات الدعوى واستعداده المطلوب لسماع أقوال الخصمين . وينبغي أن يكون القاضي في مجلس القضاء غاض البصر كثير الصمت قليل الكلام، يقتصر كلامه على سؤال أو جوابه ولا يرفع بكلامه صوتا إلا لزجر أو تأديب، وأن يلزم العبوس، من غير غضب ، وأن يكون جلوسه بسكينة ووقار وأن لا يتضاحك ولا يتكلم بما لا علاقة له بأمور الدعوى التي ينظرها .
كما أنه ينبغي، أن يكون على وضع يزيد من هيبته في قلوب الناس، حتى في هيئته لباسه، وهندامه . ولا يتكلم الخصمان إلا إذا وجه القاضي الكلام أو السؤال إليهما أو أذن لهما فيتكلم من أذن له بالكلام وعلى خصمه أن يستمع ولا يقاطع خصمه أثناء كلامه ، فإذا انتهي من كلامه جاز له أن يستأذن القاضي ليتكلم ، فإذا أذن له تكلم ، وإن لم يأذن له سكت . والقاضي يستمع لكلام الخصمين دون ضجر ولا ملل ولا إنهاء إلا أن يكون منهما لغط فينهرهما أو ينتهر اللاغط منهما .
 
أعلى