العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مناقشة ابن بَيَّه لقرار المجلس الأوروبي بخصوص طلاق الغضبان

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
قرار 2/15
القصد والنية في النكاح والطلاق

استعرض المجلس موضوع "دور القصد والنية في النكاح والطلاق ونحوهما" وبعد المداولة والمناقشة للبحوث المقدمة في ذلك قرر ما يلي:
أولاً: أن مناط صحة العقود هو صحة الإرادة والقصد إلى الشيء قصداً لا يشوبه عيب من عيوب الإرادة من الغلط والإكراه والتدليس والغش.
فبناء على ذلك لا يصح طلاق ولا نكاح من المخطئ، والناسي، والمكره، والغضبان الذي وصل إلى مرحلة الإغلاق (أي الذي دفعه الغضب إلى ذلك دون قصد الطلاق).
ثانياً: إن النية (وهي القصد من الشيء) هي مناط الثواب والعقاب، فلا ثواب ولا عقاب إلا مع نية، وأما أثرها على العقود من حيث الصحة والبطلان فمحل خلاف بين الفقهاء، والراجح عدم صحة نكاح التحليل، وطلاق الفار (المريض مرض الموت) الذي يريد بطلاقه قبل موته حرمان زوجته من الإرث.
ثالثاً: هناك موضوعات أخرى ذات علاقة بالموضوع، مثل النكاح مع إضمار نية الطلاق، وعقود الهازل (الزواج والطلاق والرجعة)، أرجئ البت فيها لمزيد من الدراسة والبحث والاطلاع على المشكلات الواقعة والتطبيقات العملية في الغرب. أهـ

عارض الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه -عضو المجلس- ذلك، وذكره في كتابه: "صناعة الفتوى وفقه الأقليات"
http://www.alminhaj.com/book.aspx?id=53

إذ يقول (360): ( مسألة إلغاء طلاق الغضب الذي اعتمده المجلس يبدو لمؤلف هذا الكتاب -الذي كان حاضراً لاتخاذ القرار وعارضه، غير أن الأكثرية تبنته- بعيداً عن الدليل والمنطق )

وعوَّل -حفظه الله- على أن قوله تعالى: (( وإن طلّقتموهن ))، وقوله تعالى: (( الطلاق مرتان )) مطلق من كل قيد، وعام في المحالّ والأحوال إلا ما استثني بدليل قوي.

وحكى إطباق جمهور العلماء على وقوع طلاق الغضبان ما لم يصل إلى درجة الجنون والهيستيريا على حد تعبيره، يعني أن عقله قد غاب بحيث فقد الشعور بما يصدر عنه من أقوال وأفعال فحينئذ لا يقع طلاقه في هذه الحال دون سواها من الأحوال.

ثم تعرض للكلام على حديث: ( لا طلاق إلا في إغلاق )، ونقل كلاماً لبعض أهل العلم حوله، ومنهم الحافظ في "فتح الباري" إذ بين أن المشهور كونه متعلقاً بالإكراه كما جزم به أبو عبيد وجماعة، وذكر قول أبي داود: "والغلاق أظنه الغضب" وترجم على الحديث المذكور مروياً عنده بلفظ: ( لا طلاق ولا إعتاق في غلاق )، بغير ألف في أوله، بالترجمة: "الطلاق في غيظ"، بينما وقع عند ابن ماجه بإثبات الألف وترجم له: "طلاق المكره".

ثم ذكر كلاماً للحافظ ابن رجب استدل فيه على وقوعه -بعد حكاية الاتفاق- بوقوع ظهار المظاهر عن غضب كما جاء في قصة المجادِلة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لها أول الأمر: ( ما أراكِ إلا حَرُمْتِ عليه )، وذكر أدلة أخرى في الباب، وقال: وهذا يدل على أن الحديث .. إما أنه غير صحيح، أو أن تفسيره بالغضب غير صحيح، ونقل -رحمه الله- شيئاً مما جاء عن بعض السلف في عدم لزوم الطلاق بالغضب.

قال الشيخ ابن بيه: فمن الواضح أن هؤلاء يضعون حداً فاصلاً بين الغضب المسقط لحكم الطلاق المتمثل في فقد الوعي وذهاب العقل وبين الغضب الذي لا تاثير له وهو ما دون ذلك، سوى ما ذكره ابن القيم عن شيخه الذي قسم طلاق الغضبان إلى ثلاثة أقسام ترجع إلى مستوى الغضب...

ثم ذكر الشيخ أن اختيار العلامة ابن القيم عدم لزوم طلاق الغضبان إذا جاوز مبادئ الغضب ولم ينته إلى آخره، وأنه سحب ذلك على كل العقود التي يشترط فيها الاختيار والرضا كالعتق وغيره.
قال: وهو قول غريب لم يوافقه عليه أحد، فكيف يكون مجرد الغضب الذي لم يفقِد صاحبه الوعي مبطلاً لعقوده من بيع وشراء وإجارة؟! فهو قول في غاية البعد.

قال: وقد مال ابن عابدين في "حاشيته" إلى هذا القول مخالفاً في ذلك المذهب الحنفي، لكنه حاول أن يضبط هذه المرتبة من الغضب في كلام طويل بأنها حالة يكون فيها خلل في أقواله وأفعاله. ونقل طرفاً من كلامه رحمه الله.

قال: "أما مجلسنا الموقر .. فإنه لم يضبط هذا الغضب بأي ضابط ولا بأي علامة ظاهرة، ولهذا فإن القرار مردود من أربعة أوجه"

نستكمل إن شاء الله تعالى بقية التعليق في مشاركة جديدة على هذه الصفحة.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: مناقشة ابن بَيَّه لقرار المجلس الأوروبي بخصوص طلاق الغضبان

ولهذا فإن هذا القرار مردود من أربعة أوجه:
1- أن الحالات الباطنة كالغضب والرضا لا يمكن أن تكون علة يناط بها الحكم؛ إذ الحكم لا يناط إلا بوصف ظاهر منضبط كما هو معروف....
فالغضب الذي لم يصحبه خلل أو هذيان أو إغماء لا يمكن أن يكون علة؛ لعدم ظهوره مادياً، ولعدم انضباط مقاديره.

2- أن لجوء المجلس إلى النية والإرادة لإبطال صريح الطلاق أمر مخالف لأقوال العلماء وظواهر الكتاب والسنة كما قدمنا...

3- أن إبطال التكاليف الشرعية ليس غاية التيسير، فإن التكليف لم يوضع لكي يرفع كما يقول الشاطبي...

4- أن الاحتياط للفروج أمر مقرر في الشرع؛ لأن الأصل في الأبضاع التحريم كما يقول ابن رجب في "قواعده" وغيره، ولهذا فإن السماح لمئات الأزواج أن يظلوا على نكاح باطل بإجماعٍ بحجة غضبٍ غير معرف ولا محدد.. أمر عظيم. أهـ باختصار
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مناقشة ابن بَيَّه لقرار المجلس الأوروبي بخصوص طلاق الغضبان

وفي بحث الدكتور هاني الجبير لهذه المسألة رجح هذا القول الذي نافح عنه الشيخ ابن بيه .
 
أعلى