رد: النهي عن البول والاغتسال في الماء الراكد هل هو للتحريم أم للكراهة ؟
ورد في النهي عن البول في الماء الدائم حديثان : الأول : في النهى عن البول فيه . ففى (صحيح مسلم ) من حديث جابر (( عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يبال في الماء الراكد )) ومن حديث أبي هريرة (( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يبولن أحدكم في الملء الدائم ثم يغتسل منه )) وفي رواية (( لا تبل في الماء الدائم الذى لا يجرى ثم تغتسل منه )) وحديث أبي هريرة في ( صحيح البخارى ) وفيه ك ((ثم يغتسل فيه ))
وإليك أخي الكريم اختلاف العلماء في دلالة النهي من كتاب :ـ
تيسير العلام شرح عمدة الحكام- للبسام - (1 / 6)
اختلاف العلماء:
اختلف العلماء، هل النهى للتحريم أو الكراهية؟.
فذهب المالكية: إلى أنه مكروه.
وذهب الحنابلة والظاهرية: إلى أنه للتحريم.
وذهب بعض العلماء: إلى أنه محرم في القليل، مكروه في الكثير.
وظاهر النهى، التحريم في القليل والكثير، لكن يخصص من ذلك المياه المستبحرة باتفاق العلماء.
واختلفوا في الماء الذي يبل فيه: هل هو باق على طهوريته أو تنجس؟
فإن كان متغيراً بالنجاسة، فإن الإجماع منعقد على نجاسته، قليلا كان أو كثيراً.
وإن كان غير متغير بالنجاسة وهو كثير(1) فالإجماع أيضا على طهوريته .
وإن كان قليلا غير متغير بالنجاسة. فذهب أبو هريرة، وابن عباس، والحسن البصري، وابن المسيب والثوري، وداود، ومالك والبخاري : إلى عدم تنجسه. وقد سرد البخاري عدة أحاديث ردا على منْ قال إنه نجس .
وذهب ابن عمر، ومجاهد والحنفية والشافعية والحنابلة: إلى أنه تنجس بمجرد ملاقاة النجاسة ولو لم يتغير، مادام قليلا، مستدلين بأدلة، منها حديث الباب، وكلها يمكن ردُّها.
واستدل الأولون بأدلة كثيرة.
منها: ما رواه أبو داود، والترمذي وحسنه " الماء طهور لا ينجسه شيء ". وأجابوا عن حديث الباب بأن النهى لتكريهه على السقاة والواردين لا لتنجيسه. والحق ما ذهب إليه الأولون، فإن مدار التنجس على التغير بالنجاسة، قل الماء أو كثر.
هذا هو اختيار شيخ الإسلام " ابن تيمية " رحمه الله .
ومن هذا نعلم أن الراجح أيضاً طهورية الماء المغتسل فيه من الجنابة، وإن قل، خلافا للمشهور من مذهبنا، ومذهب الشافعي، من أن الاغتسال يسلبه صفة الطهورية، ما دام قليلاً.
ما يؤخذ من الحديث:
- النًهْىُ عن البول في الماء الذي لا يجرى وتحريمه، وأولى بالتحريم التغوط سواء أكان قليلا أم كثيرا، دون المياه المستبحرة فإن ماءها لا يتنجس بمجرد الملاقاة، بل ينتفع به لحاجات كثيرة غير التطهر به من الأحداث.
2- النهى عن الاغتسال في الماء الدائم بالانغماس فيه، لاسيما الجنب ولو لم يبُلْ فيه كما في رواية مسلم، والمشروع أن يتناول منه تناولا.
3- جواز ذلك في الماء الجاري، والأحسن اجتنابه.
4- النهى عن كل شيء من شأنه الأذى والاعتداء.
5- جاء في بعض روايات الحديث " ثم يغتسل منه " وجاء في بعضها: " ثم يغتسل فيه " ومعنياهما مختلفان، إذ أن " في " ظرفية فتفيد الانغماس في الماء المتبول فيه، و" من " للتبعيض فتفيد معنى التناول منه. وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن رواية " فيه " تدل على معنى الانغماس بالنص وتمنع معنى التناول بالاستنباط، ورواية " منه " بعكس ذلك.انتهى
هذا استطلاع إجمالي عن المسألة ولزيادة التفصيل ارجع إلى شروح عمدة الأحكام وأخص بالذكر شرح (العودة)
__________
(1) للعلماء تحديدات للقليل والكثير " مختلفة التقادير.