د. بدر بن إبراهيم المهوس
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 2 يوليو 2008
- المشاركات
- 2,237
- الكنية
- أبو حازم الكاتب
- التخصص
- أصول فقه
- المدينة
- القصيم
- المذهب الفقهي
- حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فإننا كثيرا ما نقرأ في كتب التحقيق عند دراسة الكتاب المحقَّق قول المحقِّق : ( مصادر الكتاب ) أو ( المصادر التي اعتمد عليها المؤلف ) .
كما نقرأ في المباديء التي تذكر في بداية دراسة الفنون ( الاستمداد ) .
ونقرأ كذلك في كلام أهل العلم قولهم : ( وفلان مادته في الأصول أو الحديث أو علم الكلام من فلان ) .
هذا الأمر لم يتكلم فيها العلماء وينشغلوا به عبثا وإنما كان ذلك لفوائد كثيرة منها :
1 – أن ذكر الاستمداد يعين في الرجوع لدراسة الجزئيات في محلها الأصل بتوسع أكثر فإذا قلنا استمداد أصول الفقه من اللغة العربية ورأينا مباحث لغوية في أصول الفقه نعلم أن بسطها والكلام عليها وما يتعلق بها من مباحث يوجد في كتب اللغة وقل مثل ذلك في استمداد أصول الفقه من علوم القرآن وعلوم الحديث والفقه ونحو ذلك .
2 – بمعرفة المصدر والاستمداد يمكننا إزالة الإشكال والغموض في بعض المسائل فقد يورد المصنف المسالة مختصرة فتشكل في فهمها أو تنزيلها على أصول العالم أو منهجه أو عقيدته أو مذهبه لكن بمعرفة المصدر يزول ذلك إما بان يكون بسط الكلام هناك أو عرفنا مذهب صاحب المصدر أو عقيدته أو نحو ذلك .
3 – التحقق من صحة المعلومة من نسبة قول أو ترجيح أو اعتراض أو جواب عن اعتراض أو استدلال ونحو ذلك .
4 – بمعرفة المصدر يمكن الاطلاع على النص كاملا دون حذف أو اختصار قد يصنعه الناقل وهذا قد يفيد في فهم كلام صاحب المصدر ، فلربما تغير الفهم عند نقل النص كاملا والناس يختلفون في أفهامهم ، ولربما كان هناك بعض القيود حذفها الناقل وهي مؤثرة في النص .
5 – يستفاد في معرفة المصدر في تحقيق بعض المخطوطات حينما يوجد سقط أو تحريف أو يكون الخط غير واضح فبالرجوع للمصدر ومادة الكتاب تحل هذه الإشكالات .
6 – بمعرفة المصدر يمكننا معرفة المبهمين من أهل العلم أو الطوائف فقد يقول المؤلف : ( قال بعض أصحابنا ) أو ( قال بعض المتأخرين ) ثم ينقل نصا من أحد الكتب دون أن يذكر اسم الكتاب ، وبمعرفة المصدر نتمكن من معرفة المبهم في قوله: ( بعض أصحابنا ) .
7 – بمعرفة المصدر يمكن التحقق من مذهب وعقيدة المصنف عند الالتباس فيكون ذلك من القرائن التي يعتمد عليها .
8 – بمعرفة المصدر والمادة نعرف مدى تأثر المصنف بالمصدر الأصل .
كيف يمكن معرفة المصدر أو المادة التي اعتمد عليها العالم ؟ أو ما هي الطرق التي ترشدنا غلى معرفة المادة او المصدر ؟
هناك عدة طرق لمعرفة ذلك :
1 – بعض العلماء ينصون على مصادرهم في صدر الكتاب فيقول اعتمدت على كذا ثم يسرد الكتب .
2 – بعض العلماء ينص على اسم الكتاب عند النقل أو على اسم المؤلف .
3 – التحقيق : حيث إن من أعمال المحقق لأي كتاب أن يذكر عند دراسة الكتاب مصادر المؤلف في كتابه .
4 – النظر في كتب العلماء الكبار المحققين فمثلا نجد شيخ الإسلام ابن تيمية ينص على أن مادة فلان من فلان ومادة فلان من فلان وينظر على سبيل المثال ما ذكره عن الجويني والغزالي والرازي وغيرهم في كتابه بغية المرتاد ، وكما ذكر ابن حجر أن ابن سعد غالب مادته من الواقدي .
5 – كثرة القراءة والاطلاع تعين على معرفة مصدر المسألة واستمدادها سواء كان من جهة المعلومة نفسها أو جهة نَفَس المؤلف المنقول عنه وأسلوبه أو مذهبه الفقهي أو العقدي أو الوقوع على من نص على القائل في كتاب آخر .
أمثلة لاستفادة العلماء في هذا الباب مع تفاوت قدر الاستفادة بينهم ( للتقريب وفهم المقصود ) :
1 – ابن رشد يستمد مادته من كتاب الاستذكار لابن عبد البر .
2 – الشوكاني يستمد مادته في نيل الأوطار من الفتح وشرح النووي على مسلم .
3 – الشوكاني يستمد مادته في إرشاد الفحول من البحر المحيط للزركشي .
4 – ابن قدامة يستمد مادته في روضة الناظر من المستصفى للغزالي .
5 – الرازي في المحصول والآمدي في الإحكام يستمدان مادة كتابيهما من أربعة كتاب ( العهد للقاضي عبد الجبار والمعتمد لأبي الحسين البصري والبرهان للجويني والمستصفى للغزالي ) .
6 – الباجي يستمد مادته ويتأثر بكتاب التبصرة وشرح اللمع لشيخه الشيرازي .
7 – ابن برهان يستمد مادته ويتأثر بكتاب المنخول لشيخه الغزالي .
8 – القاضي أبو يعلى استفاد كثيرا من أصول الجصاص بل ربما نقل عنه دون أن يشير فقد نقل قرابة ثلاثين صفحة من أصول الجصاص ولم يشر لذلك : العدة ( 1 / 100 – 130 ) ونقل عن ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : العدة ( 1 / 208 – 212 ) ولم يشر أيضاً .
9 – الغزالي في شفاء الغليل استفاد كثيرا من أبي زيد الدبوسي .
10 – الغزالي استمد مادته في الإحياء من كتاب قوت القلوب لأبي طالب المكي ومن الحارث المحاسبي في الرعية والقشيري كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية .
11 – مادة الغزالي في الفلسفة من ابن سينا ورسائل إخوان الصفاء وأبي حيان التوحيدي كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية .
12 - قال ابن حجر في مقدمة الفتح في ترجمة عبد الرحمن بن شريح بن عبد الله : " قلت لم يلتفت أحد إلى ابن سعد في هذا فإن مادته من الواقدي في الغالب والواقدي ليس بمعتمد "
والأمثلة كثيرة جدا في مختلف الفنون ويصعب حصرها وإنما ذكرت ذلك من باب التمثيل ولبيان أهمية هذا الموضوع بالنسبة لطالب العلم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فإننا كثيرا ما نقرأ في كتب التحقيق عند دراسة الكتاب المحقَّق قول المحقِّق : ( مصادر الكتاب ) أو ( المصادر التي اعتمد عليها المؤلف ) .
كما نقرأ في المباديء التي تذكر في بداية دراسة الفنون ( الاستمداد ) .
ونقرأ كذلك في كلام أهل العلم قولهم : ( وفلان مادته في الأصول أو الحديث أو علم الكلام من فلان ) .
هذا الأمر لم يتكلم فيها العلماء وينشغلوا به عبثا وإنما كان ذلك لفوائد كثيرة منها :
1 – أن ذكر الاستمداد يعين في الرجوع لدراسة الجزئيات في محلها الأصل بتوسع أكثر فإذا قلنا استمداد أصول الفقه من اللغة العربية ورأينا مباحث لغوية في أصول الفقه نعلم أن بسطها والكلام عليها وما يتعلق بها من مباحث يوجد في كتب اللغة وقل مثل ذلك في استمداد أصول الفقه من علوم القرآن وعلوم الحديث والفقه ونحو ذلك .
2 – بمعرفة المصدر والاستمداد يمكننا إزالة الإشكال والغموض في بعض المسائل فقد يورد المصنف المسالة مختصرة فتشكل في فهمها أو تنزيلها على أصول العالم أو منهجه أو عقيدته أو مذهبه لكن بمعرفة المصدر يزول ذلك إما بان يكون بسط الكلام هناك أو عرفنا مذهب صاحب المصدر أو عقيدته أو نحو ذلك .
3 – التحقق من صحة المعلومة من نسبة قول أو ترجيح أو اعتراض أو جواب عن اعتراض أو استدلال ونحو ذلك .
4 – بمعرفة المصدر يمكن الاطلاع على النص كاملا دون حذف أو اختصار قد يصنعه الناقل وهذا قد يفيد في فهم كلام صاحب المصدر ، فلربما تغير الفهم عند نقل النص كاملا والناس يختلفون في أفهامهم ، ولربما كان هناك بعض القيود حذفها الناقل وهي مؤثرة في النص .
5 – يستفاد في معرفة المصدر في تحقيق بعض المخطوطات حينما يوجد سقط أو تحريف أو يكون الخط غير واضح فبالرجوع للمصدر ومادة الكتاب تحل هذه الإشكالات .
6 – بمعرفة المصدر يمكننا معرفة المبهمين من أهل العلم أو الطوائف فقد يقول المؤلف : ( قال بعض أصحابنا ) أو ( قال بعض المتأخرين ) ثم ينقل نصا من أحد الكتب دون أن يذكر اسم الكتاب ، وبمعرفة المصدر نتمكن من معرفة المبهم في قوله: ( بعض أصحابنا ) .
7 – بمعرفة المصدر يمكن التحقق من مذهب وعقيدة المصنف عند الالتباس فيكون ذلك من القرائن التي يعتمد عليها .
8 – بمعرفة المصدر والمادة نعرف مدى تأثر المصنف بالمصدر الأصل .
كيف يمكن معرفة المصدر أو المادة التي اعتمد عليها العالم ؟ أو ما هي الطرق التي ترشدنا غلى معرفة المادة او المصدر ؟
هناك عدة طرق لمعرفة ذلك :
1 – بعض العلماء ينصون على مصادرهم في صدر الكتاب فيقول اعتمدت على كذا ثم يسرد الكتب .
2 – بعض العلماء ينص على اسم الكتاب عند النقل أو على اسم المؤلف .
3 – التحقيق : حيث إن من أعمال المحقق لأي كتاب أن يذكر عند دراسة الكتاب مصادر المؤلف في كتابه .
4 – النظر في كتب العلماء الكبار المحققين فمثلا نجد شيخ الإسلام ابن تيمية ينص على أن مادة فلان من فلان ومادة فلان من فلان وينظر على سبيل المثال ما ذكره عن الجويني والغزالي والرازي وغيرهم في كتابه بغية المرتاد ، وكما ذكر ابن حجر أن ابن سعد غالب مادته من الواقدي .
5 – كثرة القراءة والاطلاع تعين على معرفة مصدر المسألة واستمدادها سواء كان من جهة المعلومة نفسها أو جهة نَفَس المؤلف المنقول عنه وأسلوبه أو مذهبه الفقهي أو العقدي أو الوقوع على من نص على القائل في كتاب آخر .
أمثلة لاستفادة العلماء في هذا الباب مع تفاوت قدر الاستفادة بينهم ( للتقريب وفهم المقصود ) :
1 – ابن رشد يستمد مادته من كتاب الاستذكار لابن عبد البر .
2 – الشوكاني يستمد مادته في نيل الأوطار من الفتح وشرح النووي على مسلم .
3 – الشوكاني يستمد مادته في إرشاد الفحول من البحر المحيط للزركشي .
4 – ابن قدامة يستمد مادته في روضة الناظر من المستصفى للغزالي .
5 – الرازي في المحصول والآمدي في الإحكام يستمدان مادة كتابيهما من أربعة كتاب ( العهد للقاضي عبد الجبار والمعتمد لأبي الحسين البصري والبرهان للجويني والمستصفى للغزالي ) .
6 – الباجي يستمد مادته ويتأثر بكتاب التبصرة وشرح اللمع لشيخه الشيرازي .
7 – ابن برهان يستمد مادته ويتأثر بكتاب المنخول لشيخه الغزالي .
8 – القاضي أبو يعلى استفاد كثيرا من أصول الجصاص بل ربما نقل عنه دون أن يشير فقد نقل قرابة ثلاثين صفحة من أصول الجصاص ولم يشر لذلك : العدة ( 1 / 100 – 130 ) ونقل عن ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : العدة ( 1 / 208 – 212 ) ولم يشر أيضاً .
9 – الغزالي في شفاء الغليل استفاد كثيرا من أبي زيد الدبوسي .
10 – الغزالي استمد مادته في الإحياء من كتاب قوت القلوب لأبي طالب المكي ومن الحارث المحاسبي في الرعية والقشيري كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية .
11 – مادة الغزالي في الفلسفة من ابن سينا ورسائل إخوان الصفاء وأبي حيان التوحيدي كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية .
12 - قال ابن حجر في مقدمة الفتح في ترجمة عبد الرحمن بن شريح بن عبد الله : " قلت لم يلتفت أحد إلى ابن سعد في هذا فإن مادته من الواقدي في الغالب والواقدي ليس بمعتمد "
والأمثلة كثيرة جدا في مختلف الفنون ويصعب حصرها وإنما ذكرت ذلك من باب التمثيل ولبيان أهمية هذا الموضوع بالنسبة لطالب العلم .