العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حوار الشهر: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
ملاحظة : هذا الموضوع قيد البحث والنقاش، وستنشر خلاصته ونتائجه بعد الانتهاء. (الفريق العلمي)


تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة



د. أيمن صالح



21-3-2011م


ملاحظة هامة: هذا بحث سريع بقصد المذاكرة والتباحث مع أهل العلم وطلابه، وليس هو فتوى أو قولا محققا.


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه، وبعد:
فالسائد بين الفقهاء المعاصرين هو تحريم ما لم تدع إليه الحاجة من "جراحة التجميل". وذلك بناء على أن جراحة التجميل من "تغيير خلق الله" وهو لا يجوز إلا استثناء لعلاج أو لإزالة عيب يتسبب في ضرر مادي أو معنوي جسيم.
وضابط التغيير المحرم الذي يُستنبط من مجموع النصوص الواردة في هذا الشأن هو، كما قاله د. صالح الفوزان: "إحداث تغيير دائم في خِلْقةٍ معهودة"
ثم قال موضِّحا:
((وفيما يلي بيان أبرز قيود هذا الضابط :
"تغيير": هذا التغيير إما أن يكون بإضافة كالحقن التجميلي والترقيع ونحوهما، وإما أن يكون بإزالة بعض أنسجة الجسم كشفط الدهون، وإما أن يكون بتعديل مظهر بعض الأعضاء بتكبيرها أو تصغيرها أو شدّها.
"دائم": المراد أن أثره يمكث مدّة طويلةً كالأشهر أوالسنوات، ولا يلزم أن يدوم مدى الحياة، وهذا قيد يخرج التغيير المؤقَّت الذي لا يدوم أثره أكثر من عدّة أيام.
"خِلْقةٍ معهودةٍ": أي الخِلْقة المعتادة التي جرت السنة الكونية بمثلها، فالمعتاد مثلاً في كبار السن وجود التجاعيد في وجوههم، أما الصغار فإن وجودها بشكل مشوَّه يُعد خِلْقةً غير معتادة ولا معهودة، وتقييد التغيير بحدوثه في الخلقة (العضو) يعني أن التغيير يظهر على العضو، وليس بإضافة شيء خارجي إليه.
وهذا القيد (خِلْقة معهودة) يتناول التغيير لعدّة دوافع :
1ـ تغيير الخلقة المعهودة لطلب زيادة الحسن كالوشم والنمص والتفليج وما يُلحق بها من الجراحات التجميلية التي تُجرى لخِلقة معتادة في عرف أوساط الناس. وهذا أشهر دوافع التغيير المحرم للخِلْقة كما سيتبين في الأبواب القادمة.
2ـ تغييرها للتعذيب كفقء الأعين وقطع الآذان ونحو ذلك.
3ـ تغييرها للتنكّر والفرار من الجهات الأمنية.
ويخرج بهذا القيد تغيير الخِلْقة غير المعهودة كما في علاج الأمراض والإصابات والتشوّهات والعيوب الخَلْقية أو الطارئة التي ينشأ عنها ضرر حسي أو نفسي، كما أنه لا يتناول التغيير المأذون فيه شرعاً كالختان وإقامة العقوبات الشرعية)) انتهى من هنا.
ومن الشرح يظهر لنا أن الفوزان لا يقصد بالتغيير الدائمِ المؤبَّدَ، وكذا لا يُدْرِجُ فيه ما ورد النص بالإذن به كالحدود والوسم ونحوها؛ لذلك يمكننا تعديل الضابط ليكون أكثر دقة وإفصاحا عن مراده بالقول ضابط التغيير المحرم على رأي الفوزان هو:
"إحداث تغيير طويل البقاء نسبيا على خلقة معهودة لزيادة الحسن أو لغرض غير مشروع"
فهل يستقيم هذا الضابط على السَّبْر؟
يَرِدُ على هذا الضابط اعترضان أساسان:
أحدهما : على قيد "طول البقاء"، فقد رأى الشيخ تحريم ما يدوم أشهر وسنوات دون ما يبقى أياما. وهذا غريب؛ إذِ النمص الذي ورد النص بحرمته لا يدوم أشهر. والحناء وصبغ الشعر الذي ورد النص بجوازه قد يدوم أشهر. ووصل الشعر، وهو محرم بالنص، قد يدوم أشهر كثيرة. وبناء على هذا المعيار قد يباح نفخ الشفاه المؤقَّت، ويحرم تركيب الأسنان وتقويمها بقصد التجميل لأنه يدوم طويلا.
والثاني : على قيد "الخلقة غير المعهودة"، فبناء عليه أجاز الشيخ إزالة العيوب والتشوهات الخلقية أو الطارئة بسبب المرض والحرق ونحوه. وهذا يصتدم مباشرة مع تحريم وصل الشعر، إذ الوارد أنه في امرأة عروس مرضت فتمعط شعرها، وهو يدل على عدم الإذن حتى في حالة العيب طارئ. وبناء عليه لم ير الشيخ جواز تغيير العيوب التي تنشأ عن كبر السن وعن الولادات المتكررة لأنها معتادة.
وإذا كان هذا الضابط كذلك فهل هناك ضوابط أخرى مقترحة أو يمكن اقتراحها؟
هناك ضابط يمكن استنباطه من اجتهادات الطبري في هذه المسألة وهو:
"الأصل أن كل تغيير للخلقة لغرض التجميل محرم إلا ما ورد الشرع باستثنائه".
وبناء عليه يحرم على المرأة عند الطبري: "تغيير شي مِنْ خَلْقِهَا الَّذِي خَلَقَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، الْتِمَاسَ الْحُسْنِ لِزَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءً فَلَجَتْ أَسْنَانَهَا أَوْ وَشَرَتْهَا، أَوْ كَانَ لَهَا سِنٌّ زَائِدَةٌ فَأَزَالَتْهَا أَوْ أَسْنَانٌ طِوَالٌ فَقَطَعَتْ أَطْرَافَهَا. وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهَا حَلْقُ لِحْيَةٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ عَنْفَقَةٍ إِنْ نَبَتَتْ لَهَا، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ تَغْيِيرُ خَلْقِ اللَّهِ. قَالَ عِيَاضٌ: وَيَأْتِي عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنَّ مَنْ خُلِقَ بِأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ أَوْ عُضْوٍ زَائِدٍ لَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهُ وَلَا نَزْعُهُ، لِأَنَّهُ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، إِلَّا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الزَّوَائِدُ تُؤْلِمُهُ فَلَا بَأْسَ بِنَزْعِهَا عند أبي جعفر وغيره" أهـ من القرطبي
وأما على رأي الفقهاء الذين استثنوا نمص اللحية والشارب ونحو ذلك من التحريم، فيصلح لهم الضابط الآتي:
"الأصل أن كل تغيير للخلقة لغرض التجميل محرم إلا ما لم يكن معهودا"
وهذا نوع استثناء من عموم الأحاديث الناهية عن النمص والوشر والفلج والوصل والوشم، ولا دليل عليه إلا بالقول: إن ما أبيح هنا هو من قبيل النادر الشاذ الذي لا يستبعد استثناؤه من عموم الأدلة الناهية بضربٍ من الاستحسان كالحاجة والحرج وربما بما دون ذلك.
ولكن يرد على هذا الاستثناء حديث تحريم الوصل، فقد كان في وضع نادر طارئ غير معهود (عروس صغيرة السن تمعط شعرها نتيجة المرض)، ومع هذا فلم يأذن به النبي صلى الله عليه وسلم. واستثناء صورة سبب الورود من العموم لا يجوز لأنه يشملها قطعا كما هو مقرر في الأصول.

ومسألة التجميل لا شك مهمة جدا لعموم البلوى بها لا سيما في هذا الزمن، وفي الوقت نفسه هي مشكلة جدا، ولذلك كثرت أقوال الفقهاء فيها وخلافاتهم، وما من ضابط يذكر وعلة تورد إلا ويرد عليهما من المسائل والنصوص ما ينقضهما. قال القرطبي بعد أن أورد طرفا من أحاديث النمص والوشر والفلج والوشم:
"وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي نُهِيَ لِأَجْلِهَا، فَقِيلَ: لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ التَّدْلِيسِ. وَقِيلَ: مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَهُوَ أَصَحُّ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ. ثُمَّ قِيلَ: هَذَا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَكُونُ بَاقِيًا، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَمَّا مالا يَكُونُ بَاقِيًا كَالْكُحْلِ وَالتَّزَيُّنِ بِهِ لِلنِّسَاءِ فَقَدْ أَجَازَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ"

وما أراه هنا: هو أن تغيير خلق الله تعالى لا يحرم لمجرَّد أنه تغيير، وإنما يحرم منه:



  1. ما يترتب عليه اعتقادٌ شركي لقوله تعالى:( ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام) وهي البحيرة التي كانوا يقطعون أذنها ويحرمونها إذا جاءت بخمسة أبطن وكان الخامس ذكرا تقربا إلى أوثانهم،
  2. أو كان فيه ضرر لعموم الأدلة المحرمة للضرر،
  3. أو تشويه لنهيه، صلى الله عليه وسلم، عن المثلة،
  4. أو دخل في حدِّ الإسراف، لعموم الأدلة المحرمة للسرف،
  5. أو قصد به الوصول إلى غرض محرم، كتجمل المرأة لغير زوجها وذلك لأن الأعمال بالنيات والأمور بمقاصدها.
وما خلا هذه الأمور من تغيير لخلق الله تعالى في الجماد أو النبات أو الحيوان أو الإنسان يجري على أصل الإباحة.
وأما قوله تعالى: من قول الشيطان (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله)، وهو أقوى الأدلة في تحريم تغيير الخلق عموما، فليس المقصود به ما قد يتبادر إلى الذهن من تغيير الخلق الظاهر بل ـ وكما هو رأي جمهور المفسرين ـ المقصود هو تغيير الفطرة الحنفيية التي خلق الله الناس عليها إلى الشرك والكفر وعبادة غير الله تعالى. ويكون معنى هذه الآية كمعنى قوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) وكما في حديث أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ» ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ}، رواه البخاري. وكما في حديث عياض بن حمار رضي الله عنه:"َإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا، [وفي رواية عند النسائي وغيره وأمرتهم أن يغيرو خلقي] وَإِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ..." رواه مسلم.
وأما التعليل بتغيير الخِلْقة، كما في حديث علقمة عن ابن مسعود: «لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُوتَشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ: وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ، قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ، قَالَتْ: فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قَالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعْتُهَا. متفق عليه، فهو مشكِلٌ حقَّا، والذي يظهر لي أنه من تعليل ابن مسعود رضي الله عنه، اجتهاداً منه؛ لأنه ليس في رواية الحديث ما يدل صراحة على رفع جميع ألفاظ الحديث إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، بل المتيقن رفعه هو اللعن فحسب. ويؤيد ذلك أن الثابت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، عن غير صحابي هو اللعن أو النهي مجردا دون التعليل بالتغيير أو غيره، بل حتى في بعض روايات الحديث التي صرح فيها ابن مسعود برفع الحديث إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يذكر فيها التعليل بالتغيير، كما في رواية أحمد بسند حسنه ابن حجر وقال الأرناؤوط: إسناده قوي، عن مسروق: أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَتْ: أُنْبِئْتُ أَنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْوَاصِلَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: أَشَيْءٌ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ، أَمْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: أَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَعَنْ رَسُولِ اللهِ، فَقَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ تَصَفَّحْتُ مَا بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ الَّذِي تَقُولُ قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتِ فِيهِ: {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ "، قَالَتِ الْمَرْأَةُ: فَلَعَلَّهُ فِي بَعْضِ نِسَائِكَ؟ قَالَ لَهَا: ادْخُلِي، فَدَخَلَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ، فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ بَأْسًا، قَالَ: مَا حَفِظْتُ إِذًا وَصِيَّةَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}. ومن فوائد هذه الرواية أنها وردت بلفظ النهي وهو أخف من اللعن الوارد في رواية علقمة، كما أنه لا يشتمل على ذكر علة تغيير خلق الله تعالى كما في رواية علقمة، ثم فيه التصريح بالجزء المرفوع من الرواية الأخرى وهو لا يشتمل على ذكر التغيير.

فإن قيل: إذا أبطلتَ علة "تغيير الخلق" في النهي عن النمص والوشر والوصل والوشم، فما هي علة التحريم إذن؟
فالجواب قال الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى في تفسيره بعد أن ذكر شيئا من أصناف التغيير المحرم: "وَلَيْسَ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ التَّصَرُّفُ فِي الْمَخْلُوقَاتِ بِمَا أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ وَلَا مَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْحُسْنِ فَإِنَّ الْخِتَانَ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ وَلَكِنَّهُ لِفَوَائِدَ صِحِّيَّةٍ، وَكَذَلِكَ حَلْقُ الشَّعْرِ لِفَائِدَةِ، دَفْعِ بَعْضِ الْأَضْرَارِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ لِفَائِدَةِ تَيْسِيرِ الْعَمَلِ بِالْأَيْدِي، وَكَذَلِكَ ثَقْبُ الْآذَانِ لِلنِّسَاءِ لِوَضْعِ الْأَقْرَاطِ وَالتَّزَيُّنِ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ مِنْ لَعْنِ الْوَاصِلَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ فَمِمَّا أَشْكَلَ تَأْوِيلُهُ. وَأَحْسَبُ تَأْوِيلَهُ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ سِمَاتٍ كَانَتْ تُعَدُّ مِنْ سِمَاتِ الْعَوَاهِرِ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ، أَوْ مِنْ سِمَاتِ الْمُشْرِكَاتِ، وَإِلَّا فَلَوْ فَرَضْنَا هَذِهِ مَنْهِيًّا عَنْهَا لَمَا بَلَغَ النَّهْيُ إِلَى حَدِّ لَعْنِ فَاعِلَاتِ ذَلِكَ. وَمِلَاكُ الْأَمْرِ أَنَّ تَغْيِيرَخَلْقِ اللَّهِ إنّما يكون إِنَّمَا إِذَا كَانَ فِيهِ حَظٌّ مِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ، بِأَنْ يُجْعَلَ عَلَامَةً لِنِحْلَةٍ شَيْطَانِيَّةٍ، كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْآيَةِ وَاتِّصَالُ الْحَدِيثِ بِهَا. وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِي الْمُسَمَّى: النَّظَرُ الْفَسِيحُ عَلَى مُشْكِلِ الْجَامِعِ الصَّحِيحِ" .
والأصح من هذا في نظري أنه ليس شرطا أن تنتظم الأفعالَ الأربعة جميعَها علِّةٌ واحدة، فنقول: النمص والوصل حُرِّم للتدليس على الناظرين، ومنهم الخُطَّاب والخاطِبات، وعليه فيحرم ذلك على غير ذات الزوج إلا أن تكون من القواعد، ويحل للمتزوجة بإذن زوجها كما هو رأي بعض الفقهاء. وأما التفليج والوشر فيحتمل التدليس كما قال النووي (لأن الفلج من سمات صغار السن)، ويحتمل الضرر لأن نحت السن يأكل طبقته التاجية فيجعله عرضة للتسوس والخراب السريع، وأما الوشم فلارتباطه بعادات شركية، أو لأضراره الكثيرة لا سيما في العصور القديمة (انظر هنا).
فإذا تقرر ما سبق فإن ما أراه ضابطا موجزا للتغيير المحرم هو:
"كل تغيير كان فيه شرك أو ضرر أو تشويهٌ أو تدليس أو إسراف أو قصدٌ محرم"
وفي ضوء هذا الضابط، يحرم على غير المزوجة أن تفعل فعلا تجميليا تدليسيا، بأن تخفي عيبا يظهر لزوجها المحتمل فيما بعد، ويدخل في هذا النمص والوصل ونحوه مما لا يتميز لدى الناظر كونه طبيعيا أو اصطناعيا، وكذا يحرم الصبغ بالسواد لنفس العلة، وكذا عدسات العيون الملونة التي يظنها الرائي طبيعية، ويجوز التجمل بما يظهر للناظر كونه إضافة غير أصلية كأحمر الشفاه والاكتحال ونحو ذلك.
وفي ضوء هذا الضابط تجوز الهندسة الوراثية (تغيير للخلق على المستوى الجيني) للنبات والحيوان والإنسان بشرط تيقن عدم وجود ضرر منها كما ذهب إليه المجمع الفقهي
وفي ضوء ذلك لا يحرم على العزباء والمتزوجة كليهما إصلاح عيب بالجراحة التجميلية إصلاحا دائما (كإزالة شامة أو بقعة داكنة في وجهها أو جسدها، أو عمل تقويم لأسنانها)، لأن الإزالة الدائمة لا تتضمن تدليسا وتغريرا.
وفي ضوء ذلك قد يفتى بإباحة عمليات التجميل التي تجريها المرأة لإزالة التجاعيد من الوجه الناتجة عن كبر السن إذا كان ذلك بإذن الزوج، قياسا على النمص والوصل بإذن الزوج كما قال به بعض الفقهاء.


أؤكد مرة أخرى أن هذا النظر السريع في المسألة إنما أردت به المذاكرة وليس هو من قبيل الفتوى بل بغرض التباحث مع أهل العلم
بانتظار تعليقاتكم
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

د. أريج الجابري

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 مارس 2008
المشاركات
1,145
الكنية
أم فهد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بارك الله فيكم.
سبحانه وتعالى لم يأمر بأمر أو ينهى عنه إلا لحكمة وإن لم تظهر لنا.
وبالمناسبة فقد ثبت طبياً في النمص تأثيره على المنطقة المحيطة بالعين بأنه يؤدي إلى تلف الأنسجة الخلوية المحيطة بها.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بارك الله فيكم.
سبحانه وتعالى لم يأمر بأمر أو ينهى عنه إلا لحكمة وإن لم تظهر لنا.
وبالمناسبة فقد ثبت طبياً في النمص تأثيره على المنطقة المحيطة بالعين بأنه يؤدي إلى تلف الأنسجة الخلوية المحيطة بها.
وبارك فيكم وأحسن إليكم.
هذا قد يقودنا إلى التفريق بين أنواع الإزالة فما كان عن طريق الحف والحلق والتقصير يختلف حكمه عما طريقه النتف، لأن النمص هو نتف شعر الوجه من حيث اللغة وإنما قيست أنواع الإزالة الأخرى عليه لأنها من "تغيير خلق الله" فتشترك معه في العلة. وإذ قد رجحنا أن العلة ليست التغيير فيتوجه هذا الرأي، وهو رأي الإمام أحمد فيما أحسب، وقد يخرج عليه إزالة الشعر عن طريق أشعة الليزر فهو ليس نمصا ولا حلقا، ولا تغييرا مؤقتا (تدليس) بل تغييرا دائما.
 
إنضم
22 يونيو 2008
المشاركات
1,566
التخصص
الحديث وعلومه
المدينة
أبوظبي
المذهب الفقهي
الحنبلي ابتداءا
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

تقرير سليم -في نظري- وخصوصا في توجيه حديث ابن مسعود ،، وكذا توجيه الآية التي يستدل بها على التحريم المطلق ،،،
أوافق على ما قرأته أعلاه ،،،
 
إنضم
19 مارس 2011
المشاركات
166
التخصص
فقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الأصول حنبلية واتبع الدليل
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

أخي الكريم د أيمن وفقك الله لكل خير بعافية...
مع احترام طلبك التباحث ... والتعليقات...

1- هذا النقل: ... وَلَيْسَ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ التَّصَرُّفُ فِي الْمَخْلُوقَاتِ بِمَا أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ وَلَا مَا يَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْحُسْنِ فَإِنَّ الْخِتَانَ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ وَلَكِنَّهُ لِفَوَائِدَ صِحِّيَّةٍ، وَكَذَلِكَ حَلْقُ الشَّعْرِ لِفَائِدَةِ، دَفْعِ بَعْضِ الْأَضْرَارِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ لِفَائِدَةِ تَيْسِيرِ الْعَمَلِ بِالْأَيْدِي.
قلت: هذه ورد بها الدليل أنها من الفطرة.... التي أذن الله تعالى بها بل وحث على فعلها... ورتّب الأجر لذلك.... وكفى.
2- وأما التعليل بتغيير الخِلْقة، كما في حديث علقمة عن ابن مسعود: «لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُوتَشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ: وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ، قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ، قَالَتْ: فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قَالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعْتُهَا. متفق عليه، فهو مشكِلٌ حقَّا، والذي يظهر لي أنه من تعليل ابن مسعود رضي الله عنه، اجتهاداً منه.
قلت: ما أجمله من اجتهاد, لا مِن نظر المحدثين أو مما ظهر لهم... خلاف رأي الصاحب - وأيّ صاحب - رضي الله عنه.
3- ابتداء الموضوع بجملة تغيير خلق الله .... هكذا له ملحظ لا يتعلق بشد الانتباه... ولكنه يتعلق بتقرير حكم موضوع من عنوانه... فكأنك تقول: جراحة التجميل (كلها - بأنواعها- ) لا علاقة لها بما استرهبه .... ولا يتكلم متكلم بذا...
4- في أول الموضوع ذكرت أنه ليس بفتوى... ولا قول محقق... وفي آخره تؤكد - بوركت - تقريرك... وفتوى مبطنة فتقول: ....وفي ضوء ذلك قد يفتى بإباحة عمليات التجميل " إلخ.
- ومثله: ..... وفي ضوء هذا الضابط، يحرم على غير المزوجة أن تفعل فعلا تجميليا تدليسيا...
مع ان الضوابط التى وضعتها قبله ... تقيد وتحصر وقد تخالف المصلحة.
-وما الفرق بين المتزوجة - التي حدث بها عيب أو أمر لا ترغب أن يطلع عليه زوجها, وبين غيرها...
5- لو بنيت الأمر على التعليل بالعرف وبالمعهود المترتب على الجراحة... التي هي دواء - على الخلاف في أصل مسألته- مع إنه مباح عند الجمهور, وكان ذلك فيما يحتمل بلا تكلف لكان - في نظري- أهون. ومن أراد حلق لحيته أو أراد وأرادت امرأة ما حلق شعر الحاجبين؛ للتخفى من جرم ما. أو قال لمصلحة ما... أو لدرء مفسدة مرجوحة وكانت مقابل نص... فما قولك فيه؟
6- تقول : ...وفي ضوء هذا الضابط تجوز الهندسة الوراثية (تغيير للخلق على المستوى الجيني) للنبات والحيوان والإنسان بشرط تيقن عدم وجود ضرر.
هذا الذي بنيته على المصلحة... توسّع فيها, وتوسع في موضوع البحث؛ فالجراحة شيء... والهندسة الوراثية - اللعب الداخلي- قد تكون بجراحة وقد لا تكون... وفيها من المحاذير ما يحيّر الحكيم, وفيها نوع من الاعتداء يقرره من أجاز ذلك ويجيزونه بضوابط ومسئوليات...!
وقد عُنِّف الطوفي رحمه الله عند شرحه لحديث لا ضرر ولا ضرار, وعند كلامه على رعاية المصلحة, واتهم - والحجة ببعض لفظه - بتقديم المصلحة على النص -فيما ليس هذا مجال بحثة لكن رسالته موجودة والردود عليه , أو توجيه كلامه أيضا موجود بعضه في رسائل علميه وبعضه في كتب وبحوث أخرى-
فلو قلت : حكم جراحة التجميل والرد على من قال بأن علة تحريمها تغيير...
أو ========== والرد على من خالف فيها ....
ثم قصرت البحث على ما هو معروف أنه جراحة , ثم فصّلت القول في الجراحة ؛ لكان أحسن .

- ذكرت - حفظك الله - ان التفصيل ... هو السائد لدى فقهاء العصر ... فما وجهه؟
- لو أتيت ببحوث أخرى أو بأقوال على طريقة أهل الفقه المقارن ووازنت الأقوال... بالدليل أو التعليل ؛ لاستفدنا من عقليتك الفذة والجريئة ولا أقولها إلا حقا من خلال رؤيتي لما كتبت وفقك الله ؛ لأن الاجتزاء يُضعف... والإجمال عادة من؟
- ذكرت: ...وفي ضوء ذلك لا يحرم على العزباء والمتزوجة كليهما إصلاح عيب بالجراحة التجميلية إصلاحا دائما (كإزالة شامة أو بقعة داكنة في وجهها أو جسدها، أو عمل تقويم لأسنانها)، لأن الإزالة الدائمة لا تتضمن تدليسا وتغريرا.

- على ضوء ما قلت فلا تفرّق بين عيب وعيب ولو كان إصلاح غشاء بكارة انتهكت بسبب نزوة فتاة! للمصلحة عندك؟

- عدّل الآية بوركت: {ولآمرنَّهم فليبتكن آذان الأنعام}.
- هذا الكلام جميل:- وهو الذي نقلته عن الشيخ د الفوزان- "... تغيير الخلقة المعهودة لطلب زيادة الحسن كالوشم والنمص والتفليج وما يُلحق بها من الجراحات التجميلية التي تُجرى لخِلقة معتادة في عرف أوساط الناس..."
قلت : هذا تعليل جيد.
ثم ان التغيير قد يكون محرما لمجرده وبلا تعليل أو لحكمة: الحفاظ على وجود كبير السن بهيئته المعهودة أو لأجل هيبة المؤمن كبير السن... كما في الأحاديث التي تحذر من حلق اللحى ومن تغييرها بالسواد.... قال صلى الله عليه وسلم : ((يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة)) . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم ، وحسّنه الذهبي في السير, وقوى إسناده الحافظ وصححه الألباني رحمهم الله.
[إلى هذه الكتابة لم أشاهد بحث د الفوزان]
ثم ان روايات الحديث تدل على أن قوله (للحُسْن) يعود إلى كل ما ذُكِر من أفعال (الوشم والنمص والتفليج) ؛ إذ إن فعلها للتداوي جائز، وتغيير الخلق المحرم ما كان لطلب الحسن فقط. وينظر: عمدة القاري للعيني:22/63.

أراك الله الحق حقا ورزقك اتباعه بخير وعافية أخي الكريم د أيمن, وعذرا ان قصر أو اسرف القلم ... فالهدف الاستفادة والفائدة...

والله أعلم واستغفر الله وأتوب إليه
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

وإذا كان هذا الضابط كذلك فهل هناك ضوابط أخرى مقترحة أو يمكن اقتراحها؟

جزاك الله خيراً يا دكتور أيمن على هذا الموضوع المفيد، وهذه الرؤية العميقة في البحث والتحرير.
هل يمكن القول بأن من القواعد التي تتخرج عليها بعض هذه المسائل:
(الأصل بقاء ما كان على ما كان)
(الأصل في الصفات الأصلية الوجود)
(الأصل في الصفات العارضة العدم)
فالأصل أن يكون الرجل سليم الخلقة له رجلين ويدين وعينين وخمس أصابع في كل يد،
والأصل أن يكون صحيح الجسد وله شعر أسود في الشباب وأبيض عند المشيب
والأصل ألا لا يكون للمرأة شعراً على الوجه، ولا
شامات مشوهة في وجهها،
والأصل أن يكون للرجل شعراً على الوجه (لحية)، ولا يكون حليقاً كانساء
والأصل أن يكون الإنسان مزيلاً لما يؤذيه من شعر في أماكن معينة أو إظفار أو نحوها (لأنها من الفطرة السليمة)
والأصل ألا يكون بالرجل عيوب خلقية أو تشوهات في جسده،، وهكذا
وبناء على هذه القواعد ينظر في نوع الجراحة أو التغيير فيقال:
إن كان التغيير للترميم أو إصلاح العيب الحادث وإعادة الأمور إلى أصلها يكون جائزاً (ومنها جاءت إباحة الجراحات التجميلية لإصلاح التشوهات الحادثة من حروق أو حوادث أو نحوها)
أما إن كان التغيير لتغيير الأمور الأصلية التي جعلها الله وخلقه عليها فلا يكون جائزاً (مثل تصغير أنف، أو شد وجه ترهل بسبب تقدم السن، أو تغيير لون شعر بما يوهم بالصغر، أو وشم جلد، أو تفليج أسنان، )
هذه محاولة للمشاركة في وضع الضوابط لهذه النازلة الحادثة والتي عمت بها البلوى.
والله تعالى أعلم ،،

 

طارق موسى محمد

:: متفاعل ::
إنضم
5 أغسطس 2009
المشاركات
411
الإقامة
الاردن
الجنس
ذكر
التخصص
محاسبة
الدولة
الاردن
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

نفع الله بعلمكم كافة المسلمين
 
إنضم
19 ديسمبر 2010
المشاركات
10
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
مالكي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

أشكر الباحث الفاضل محمد عبد الله المحمد ، و قد ناب عني فيما كنت عزمت الرد به بل زاد وفقه الله ، و آمل أن تكون مثل هذه المسائل الفقهية - خاصة و قد ورد فيها من الوعيد الشديد ما يعلمه الفضلاء - أن تكون محررة تحريرا دقيقا ، شأنها في ذلك شأن كل المسائل الشرعية ، من حيث تحرير أدلتها و دلالاتها ، و كذا تحرير نقول أهل العلم فيها ، و أقصد بهذا الأخير أن ينظر في الكلام المنقول من حيث قوته و وجاهته ، و هذه آليات يعلمها الباحثون الفضلاء ، و أشكر الأستاذ الفاضل د. أيمن على مشاركته المباركة ، و أعتذر عن هذه الكلمات العابرة . والله أعلى و أعلم .
 
إنضم
21 مايو 2009
المشاركات
116
الجنس
ذكر
الكنية
أبو البراء
التخصص
الفقه وأصوله
الدولة
الأردن
المدينة
عمّان
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بارك الله فيكم شيخنا الفاضل وجزاكم الله كل خير
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

أخي الفاضل محمد المحمد جزاكم الله خيرا على مباحثتكم النافعة وتعليقاتكم المفيدة:
قولكم أخي الكريم بارك الله فيكم:
هذه ورد بها الدليل أنها من الفطرة.... التي أذن الله تعالى بها بل وحث على فعلها... ورتّب الأجر لذلك.... وكفى.
هذا طيب أوافقك عليه إلا قولك "وكفى" لأنه لا يصار إلى الاكتفاء والمصير إلى التحكم والتعبد إلا إذا انسد باب التعليل بالكلية، وهذا آخر ما يلجأ إليه الفقيه، فالجمهور على أن الأصل في الأحكام التعليل لا سيما في العادات والمعاملات. وبناء على هذا، كان لا بد لنا أن نتساءل لماذا جاء الشرع بإقرار أنواع من التغيير وتحريم أنواع أخرى وما هو الفرق المعنوي بين ما هو مباح وما هو محرم، حتى نصل بذلك إلى ضابط يمكن تعميميه في كل ما جد من وسائل التغيير المعاصرة.
ثم إن المأذون فيه أو المأمور به بالتغيير ليست سنن الفطرة فحسب بل ثمة أفعال كثيرة أخرى تضمن تغييرا للخلقة أذن الشارع بها بل حث على بعضها. مثل تغيير الشيب: قال صلى الله عليه وسلم: "غيروا هذا الشيب" (رواه أحمد واللفظ له ومسلم)، ومثل خضاب الأيدي: فعن عائشة رضي الله عنها أن امرأة مدت يدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فقبض يده فقالت : يا رسول الله مددت يدي إليك بكتاب فلم تأخذه ! قال : ( إني لم أدر أيد امرأة هي أو رجل ) . قالت : يد امرأة . قال : (( لو كنت امرأة لغيَّرتِ أظفارك بالحناء )). (رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم. حسنه الألباني وضعفه الأرناؤوط).وأباح الفقهاء ثقب الأذن لوضع الحلق لما روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: سأله رجل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد أضحى أو فطراً.. وجاء فيه: ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهنَّ وأمرهنَّ بالصدقة، فرأيتهنَّ يهوين إلى آذانهنَّ وحلوقهنَّ...، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، تقليد الهدي ووسم إبل الصدقة وأجاز جمهور الفقهاء خصاء الدواب، وهذا كله تغيير. كما أباح صلى الله عليه وسلم حلق الرأس للرجل وكرهه للأنثى، وأجاز التقصير لهما، وورد عن جماعة من السلف الأخذ من اللحية من طولها وعرضها ومن الحاجبين، وكل هذا من التغيير كما لا يخفى وهو من تغيير الخلقة المعتادة التي خلقنا الله تعالى عليها.
قولكم بارك الله فيكم:
ما أجمله من اجتهاد, لا مِن نظر المحدثين أو مما ظهر لهم... خلاف رأي الصاحب - وأيّ صاحب - رضي الله عنه.

اجتهاده رضي الله عنه على الرأس والعين، ولكن ـ إن صح تخريجنا بأن التعليل بالتغيير موقوف عليه ـ كان هذا التعليل مبنيا على تفسير آية "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله" على التغيير الظاهر، وقد خالفه في ذلك ابن عباس رضي الله عنه وغيره، وحيث اختلف السلف كان في الأمر سعة.
قولكم بارك الله فيكم:
قلت في أول الموضوع ذكرت أنه ليس بفتوى... ولا قول محقق... وفي آخره تؤكد - بوركت - تقريرك... وفتوى مبطنة فتقول: ....وفي ضوء ذلك قد يفتى بإباحة عمليات التجميل " إلخ.
صرَّحتُ في بداية البحث وفي نهايته أن الكلام هنا ليس محققا بما فيه الكفاية وأنه ليس بفتوى، وعليه فلا يوجد فتوى مبطنة ولا غيرها، لأنه لا يجوز استنباط معنى باطن من الكلام يخالف ما صرح به المتكلم. أما قولي: على ضوء هذا قد يفتى أو يحرم...الخ، فهذا بتقدير التسليم بالقاعدة والضابط الذي اقترحته.

قولكم بارك الله فيكم:
لو بنيت الأمر على التعليل بالعرف وبالمعهود المترتب على الجراحة... التي هي دواء - على الخلاف في أصل مسألته- مع إنه مباح عند الجمهور, وكان ذلك فيما يحتمل بلا تكلف لكان - في نظري- أهون. ومن أراد حلق لحيته أو أراد وأرادت امرأة ما حلق شعر الحاجبين؛ للتخفى من جرم ما. أو قال لمصلحة ما... أو لدرء مفسدة مرجوحة وكانت مقابل نص... فما قولك فيه؟

التغييرـ بجراحة وبغيرها ـ للعلاج والتداوي والتأذِّي لا خلاف في جوازه حتى على ضابط الإمام الطبري، ولكن المشكلة هي في التغيير للزينة وهذا هو ما هدف البحث إلى معالجته.
وأما ما طرحته من أسئلة فخاضع لقاعدة الضرورة والحاجة وتقديرهما بقدرهما، وهذا ينظر فيه بكل واقعة بحسبها، وبحسب توافر شروط الرخصة من سلامة الغاية وتحقق المحذور ظنا لا وهما...الخ على ما هو معروف في كتب الفقه. قال الشربيني بعد أن قرر أن المذهب هو كراهة حلق المرأة شعر رأسها: "وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ كَرَاهَةِ الْحَلْقِ لِلْمَرْأَةِ صُورَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: إذَا كَانَ بِرَأْسِهَا أَذًى لَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ إلَّا بِالْحَلْقِ كَمُعَالَجَةِ حَبٍّ وَنَحْوِهِ الثَّانِيَةُ: إذَا حَلَقَتْ رَأْسَهَا لِتُخْفِيَ كَوْنَهَا امْرَأَةً خَوْفًا عَلَى نَفْسِهَا مِنْ الزِّنَا وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلِهَذَا يُبَاحُ لَهَا لُبْسُ الرِّجَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ"[مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج 2/ 269]

قولكم بارك الله فيكم:
هذا الذي بنيته على المصلحة... توسّع فيها, وتوسع في موضوع البحث؛ فالجراحة شيء... والهندسة الوراثية - اللعب الداخلي- قد تكون بجراحة وقد لا تكون... وفيها من المحاذير ما يحيّر الحكيم, وفيها نوع من الاعتداء يقرره من أجاز ذلك ويجيزونه بضوابط ومسئوليات...!
وقد عُنِّف الطوفي رحمه الله عند شرحه لحديث لا ضرر ولا ضرار, وعند كلامه على رعاية المصلحة, واتهم - والحجة ببعض لفظه - بتقديم المصلحة على النص -فيما ليس هذا مجال بحثة لكن رسالته موجودة والردود عليه , أو توجيه كلامه أيضا موجود بعضه في رسائل علميه وبعضه في كتب وبحوث أخرى-
فلو قلت : حكم جراحة التجميل والرد على من قال بأن علة تحريمها تغيير...
أو ========== والرد على من خالف فيها ....
ثم قصرت البحث على ما هو معروف أنه جراحة , ثم فصّلت القول في الجراحة ؛ لكان أحسن.
أخي الفاضل القضية هنا ليست قضية جراحة، القضية الأساسية هي قضية تغيير خلق الله سواء كان بجراحة أو بغيرها، والنمص من التغيير وهو ليس بجراحة وكذا الحلق والصبغ والوصل وغيره. فالذي يفرق بين الجراحة وغيرها لم يُصِبْ في هذا الباب.
أما الهندسة الوراثية، فهي تغيير باتفاق وإن لم تكن جراحة، وقد أجازها أكثر المحدثين إذا لم تتضمن ضررا ولم تكن لمجرد العبث كما تفضلتم.
أما موضوع الطوفي فغير ذي علاقة هنا في نظري، لأنا هنا نتكلم عن تخصيص النص العام بعلة مستنبطة منه، لا عن رد النص بمطلق الاستصلاح، وشتان بين الأمرين.
قولكم بارك الله فيكم:
ذكرت - حفظك الله - ان التفصيل ... هو السائد لدى فقهاء العصر ... فما وجهه؟- لو أتيت ببحوث أخرى أو بأقوال على طريقة أهل الفقه المقارن ووازنت الأقوال... بالدليل أو التعليل ؛ لاستفدنا من عقليتك الفذة والجريئة ولا أقولها إلا حقا من خلال رؤيتي لما كتبت وفقك الله ؛ لأن الاجتزاء يُضعف... والإجمال عادة من؟
أشكركم على هذا التوجيه، ولعل عذري أني جئت بالبحث سريعا، أما أقوال الفقهاء من قدماء ومعاصرين فسهلٌ تحصيله، وإنما ما أردت تقريره هنا، وهو ما قد تُظن فيه الجِدَّة:
1. عدم الربط بين آية "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله تعالى" وبين عمليات وأفعال التجميل
2. أن تعليل ابن مسعود رضي الله عنه لتحريم النمص ونحوه بالتغيير هو قول صحابي لا يتحقَّق فيه الرفع.
قولكم بارك الله فيكم:
ذكرت: ...وفي ضوء ذلك لا يحرم على العزباء والمتزوجة كليهما إصلاح عيب بالجراحة التجميلية إصلاحا دائما (كإزالة شامة أو بقعة داكنة في وجهها أو جسدها، أو عمل تقويم لأسنانها)، لأن الإزالة الدائمة لا تتضمن تدليسا وتغريرا.
- على ضوء ما قلت فلا تفرّق بين عيب وعيب ولو كان إصلاح غشاء بكارة انتهكت بسبب نزوة فتاة! للمصلحة عندك؟
لا أدري كيف بنيت ـ حفظك الله ـ هذا على كلامي، لأن إصلاح غشاء البكارة (سواء بالزنا أو غيره) فيه تدليس وتغرير لا يخفى وقد رجحنا حرمة ما كان هذا سبيله
قولكم بارك الله فيكم:
عدّل الآية بوركت: {ولآمرنَّهم فليبتكن آذان الأنعام}

وبورك فيكم على التنبيه، أرجو من المشرف اتخاذ الإجراء المناسب
قولكم بارك الله فيكم:
أراك الله الحق حقا ورزقك اتباعه بخير وعافية أخي الكريم د أيمن, وعذرا ان قصر أو اسرف القلم ... فالهدف الاستفادة والفائدة...
حاشاكم التقصير أو الإسراف أخي الفاضل محمد المحمد، وقد انتفعت وتشرفت بمباحثتكم، جزاكم الله عنا وعن قراء الموقع كل خير

 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

جزاك الله خيراً يا دكتور أيمن على هذا الموضوع المفيد، وهذه الرؤية العميقة في البحث والتحرير.
هل يمكن القول بأن من القواعد التي تتخرج عليها بعض هذه المسائل:
(الأصل بقاء ما كان على ما كان)
(الأصل في الصفات الأصلية الوجود)
(الأصل في الصفات العارضة العدم)
فالأصل أن يكون الرجل سليم الخلقة له رجلين ويدين وعينين وخمس أصابع في كل يد،
والأصل أن يكون صحيح الجسد وله شعر أسود في الشباب وأبيض عند المشيب
والأصل ألا لا يكون للمرأة شعراً على الوجه، ولا
شامات مشوهة في وجهها،
والأصل أن يكون للرجل شعراً على الوجه (لحية)، ولا يكون حليقاً كانساء
والأصل أن يكون الإنسان مزيلاً لما يؤذيه من شعر في أماكن معينة أو إظفار أو نحوها (لأنها من الفطرة السليمة)
والأصل ألا يكون بالرجل عيوب خلقية أو تشوهات في جسده،، وهكذا
وبناء على هذه القواعد ينظر في نوع الجراحة أو التغيير فيقال:
إن كان التغيير للترميم أو إصلاح العيب الحادث وإعادة الأمور إلى أصلها يكون جائزاً (ومنها جاءت إباحة الجراحات التجميلية لإصلاح التشوهات الحادثة من حروق أو حوادث أو نحوها)
أما إن كان التغيير لتغيير الأمور الأصلية التي جعلها الله وخلقه عليها فلا يكون جائزاً (مثل تصغير أنف، أو شد وجه ترهل بسبب تقدم السن، أو تغيير لون شعر بما يوهم بالصغر، أو وشم جلد، أو تفليج أسنان، )
هذه محاولة للمشاركة في وضع الضوابط لهذه النازلة الحادثة والتي عمت بها البلوى.
والله تعالى أعلم ،،


جزاك الله خيرا أختي الكريمة
لا أرى أن القواعد المذكورة ذات علاقة بالموضوع إلا ربما من حيث التجانس اللفظي
صورة المسألة كالآتي:
وردت نصوص بأن الله تعالى: صورنا فأحسن صورنا، وأنه سبحانه خلقنا في أحسن تقويم
ووردت نصوص تأذن لنا أو تأمرنا بإجراء بعض أنواع من التغييرات لما خلقنا الله عليه:
1. منها التغيير لإزالة الضرر والتداوي لتحسين أداء العضو أو دفع الألم، وهذا شبه مجمع على جوازه
2. ومنها التغيير لأجل التنظف والتنزه كما في الختان ونتف الإبط وحلق العانة وحلق شعر الرأس أو تقصيره
3. ومنها التغيير لأجل الزينة والتجمل كما في خضاب الرأس والأيدي واتخاذ الأقراط، وقد يلحق بهذا الاعتناء بالشعر وتصفيفه وتجديله وكذا التطيب ولبس الحسن من الثياب
ووردت نصوص تنهانا عن بعض التغييرات، كالنمص والوصل والوشم والوشر وحلق اللحى للرجال والقزع.
ثم وجدت أفعال لم يرد فيها نص كحلق المرأة شعر بدنها أو نتفه، ووضع الشعر المستعار دون وصل، وثقب الأنف للقرط، وتقويم الأسنان، وتركيب الأسنان والأطراف الصناعية، وعمليات التجميل الترميمية، وعمليات التجميل التحسينية، وهي أنواع كثيرة.
ودور المجتهد الآن هو في إلحاق ما ليس بمنصوص بما هو منصوص عليه، ولا يتسنى ذلك إلا بعد تعليل النصوص سواء المبيحة أو المحرمة.
وما أردناه هنا هو تقرير أن مجرد "تغيير الخلقة" قد لا يصلح علة للتحريم، بل هذا "التغيير" تعتريه الأحكام الخمسة، وهو إذ يحرم في حالات فلغيره لا لذاته كما أوضحناه في أصل المسألة والله أعلم.
 

د. أريج الجابري

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 مارس 2008
المشاركات
1,145
الكنية
أم فهد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

برأيي يمكن أن نقول: أن علة "تغيير خلق الله" تصلح لأن تكون علة ؛ فتخلف الحكم عنها في المواضع التي ذكرتموها لا ينقضها؛ لأنها ليست علة تامة.
فعليه نقول: علة "تغييرخلق الله" تبقى حجة في المواضع التي ورد النص بالتحريم فيها وتتوارد عليه علل أخرى كما لوتوارد على الحكم أكثر من دليل، ومالم يرد فيه نص بالتحريم معارض بعلل أخرى. والله أعلم
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

برأيي يمكن أن نقول: أن علة "تغيير خلق الله" تصلح لأن تكون علة ؛ فتخلف الحكم عنها في المواضع التي ذكرتموها لا ينقضها؛ لأنها ليست علة تامة.
فعليه نقول: علة تغيير خلق الله تبقى حجة في المواضع التي ورد النص بالتحريم فيها وتتوارد عليه علل أخرى كما لوتوارد على الحكم أكثر من دليل، ومالم يرد فيه نص بالتحريم معارض بعلل أخرى. والله أعلم
الأصل أن تخلف الحكم عن العلة ينقضها، فإن ادعي عدم تمامها، فلا بد من بيان العلة التامة حتى ينظر فيها هل هي منتقضة أم لا.
وإذا قلنا بأن التغيير علة غير تامة فهذا يعني أنها جزء علة، والأصل أن جزء العلة لا يستقل بالحكم. وهذا الموضوع يختلف عن تعليل الحكم بعلتين أو توارد العلل كما تفضلت بذكره
 

د. أريج الجابري

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 مارس 2008
المشاركات
1,145
الكنية
أم فهد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بارك الله فيكم.
عموماً علة التغيير ليست مركبة حتى يكون جزءها غير مستقل بالحكم ثم إنه قد تجتمع علل أخرى بالحكم يثبت الحكم بكل واحد منها مستقلاً.
ماأقصده لمَ لا نقول: تخلف الحكم عن علة " تغيير خلق الله" في مواضع كان استثناءً من الشارع أو لوجود علل هي أولى بالاعتبار؛ وعليه لايعني أن علة تغيير خلق الله حينئذٍ غير صالحة بل تبقى مع التحريم في مايغلب على الظن وجودها فيه.
 
إنضم
16 أبريل 2010
المشاركات
187
التخصص
إنجليزية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

جزاكم الله كل خير
شكرا للدكتور علي أيمن صالح
كلام علمي دقيق
ورد في كثيرمن الآثار أبن احد الصحابة الكرام فقد أنفه في أحد الحروب فاتخذ أنفا من ذهب
ومسألة تعديل الأسنان امر شائع ومعلوم
الكل يتفق على جواز الجراحة التجميلية بمفهومها العام
لكنهم يختلفون في بعض جوانبها
ومن تأمل سياق الآية لكريمة فهي على لسان إبليس لعنه الله انه يوحي إلى اوليائه لتغيير خلق الله كما يفعلون في تحويل الذكر إلى أنثى وتحويل الأنثى إلى ذكر والتلاعب بالجينات في مسألة الاستنساخ
وقد يرى البعض ان الاستنساخ لا يدخل في مسألة تغيير خلق الله ولعل هو المقصود الأكبر في الآية لأنه محاولة للتحكم في الجينات التي هي أصل الخلق
وفي ضوء سياق الآية ترى ان عمليات الجراحة التجميلية إنما يلجأ إليها الغالبية للحاجة وليس لمجرد التسلية والتشهي بالتغيير كما فعل أهل الجاهلية بمختلف أنواع الأنعام
والله اعلم
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

بارك الله فيكم.
عموماً علة التغيير ليست مركبة حتى يكون جزءها غير مستقل بالحكم ثم إنه قد تجتمع علل أخرى بالحكم يثبت الحكم بكل واحد منها مستقلاً.
ماأقصده لمَ لا نقول: تخلف الحكم عن علة " تغيير خلق الله" في مواضع كان استثناءً من الشارع أو لوجود علل هي أولى بالاعتبار؛ وعليه لايعني أن علة تغيير خلق الله حينئذٍ غير صالحة بل تبقى مع التحريم في مايغلب على الظن وجودها فيه.
هذا وجهٌ في المسألة، وهو يشبه الضابط الذي استنتجناه من كلام الطبري، ولكنه في نظري مرجوح، لوجهين:
أحدهما: لأن التعليل بمجرد التغيير هو تعليل شبهي (تعليل بما يظن اشتماله على مصلحة) لا مناسب، والعلل المناسبة (كالتدليس والضرر والتكلف والإسراف) ترجح على العلل الشبهية.
والثاني: لأن التعليل بمجرد التغيير يفضي إلى تحريم كل تغيير لا توجد حاجة ملحة إليه. مثلا: إزالة المرأة الشعر النابت على أطرافها، تقويم الأسنان وتركيبها (بقصد التجميل)، إزالة ما يعتاد من النمش والكلف والشامات التي تكون في الوجه والجلد..الخ. والأقرب إلى مقاصد الشريعة العامة في الحث على تزين الأزواج ومنع ذرائع الفساد هو إباحة هذه الأفعال إذا لم تتضمن المفاسد التي ذكرناها في ضابط التغيير المحرم، والله أعلم.
"تغيير الخلقة" في نظري ليس علة تامة وهو لا يستقل بالحكم بل لا بد من وصف إضافي إليه. ومن جميل الأقوال في هذا الصدد ما قاله ابن عطية، رحمه الله تعالى، في تفسير "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله" بعد استعراضه أنواعا من التغيير المباح والمحرم: "وملاك تفسير هذه الآية: أن كل تغيير ضار فهو في الآية، وكل تغيير نافع فهو مباح"
 

د. أريج الجابري

:: فريق طالبات العلم ::
إنضم
13 مارس 2008
المشاركات
1,145
الكنية
أم فهد
التخصص
أصول الفقه
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
المذهب الحنبلي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة


هذا وجهٌ في المسألة، وهو يشبه الضابط الذي استنتجناه من كلام الطبري، ولكنه في نظري مرجوح، لوجهين:
أحدهما: لأن التعليل بمجرد التغيير هو تعليل شبهي (تعليل بما يظن اشتماله على مصلحة) لا مناسب، والعلل المناسبة (كالتدليس والضرر والتكلف والإسراف) ترجح على العلل الشبهية.
لمَ كانت وصفاً شبهياً؟؟؛ فإذا ثبتت في موضع فهذا دليل بأنها علة مناسبة، وكون وجودها في بعض المواضع دون حكمها لا يخرجها عن المناسبة ومجرد وجود احتمالات للتخلف لا يترك بها الدليل المغلب للظن.

والثاني: لأن التعليل بمجرد التغيير يفضي إلى تحريم كل تغيير لا توجد حاجة ملحة إليه. مثلا: إزالة المرأة الشعر النابت على أطرافها، تقويم الأسنان وتركيبها (بقصد التجميل)، إزالة ما يعتاد من النمش والكلف والشامات التي تكون في الوجه والجلد..الخ. والأقرب إلى مقاصد الشريعة العامة في الحث على تزين الأزواج ومنع ذرائع الفساد هو إباحة هذه الأفعال إذا لم تتضمن المفاسد التي ذكرناها في ضابط التغيير المحرم، والله أعلم.
وهذا ما قصدتُ إذن عارضتها علل أولى بالاعتبار في مواضع.

"تغيير الخلقة" في نظري ليس علة تامة وهو لا يستقل بالحكم بل لا بد من وصف إضافي إليه.
نعم فإذا انضمت هي مع غيرها من العلل كان الحكم أقوى وأوكد مما إذا انفردت إحداها.
ومن جميل الأقوال في هذا الصدد ما قاله ابن عطية، رحمه الله تعالى، في تفسير "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله" بعد استعراضه أنواعا من التغيير المباح والمحرم: "
وملاك تفسير هذه الآية: أن كل تغيير ضار فهو في الآية، وكل تغيير نافع فهو مباح"
بارك الله فيكم
 

عبدالله محمد الزيود

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
6 مارس 2011
المشاركات
5
الكنية
ابو هاشم
التخصص
الفقة وأصوله
المدينة
الزرقاء
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

الدكتور ايمن بارك الله فيك ونفع بك
الموضوع متشعب لذلك انا أطرح سؤال هل هنك علة واضحة ؟وان كانت كذلك فما الحرمة في ازالة اصبع زائد أو شعر على الوجه بالنسبة للبنات...............
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

الدكتور ايمن بارك الله فيك ونفع بك
الموضوع متشعب لذلك انا أطرح سؤال هل هنك علة واضحة ؟وان كانت كذلك فما الحرمة في ازالة اصبع زائد أو شعر على الوجه بالنسبة للبنات...............
علة التحريم كما ذكرنا في أصل المشاركة تختلف بحسب الإجراء التجميلي المحرم من نمص ووصل وفلج ووشم، وهي تدور حول الضرر والتدليس والتكلُّف، والعلة هنا مستنبطة، و ثمة إيماء إلى علة التدليس في موضوع الوصل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه زورا.
بالنسبة للأصبع الزائدة فضابط د. الفوزان (ومثله غالب المعاصرين) يقضي بجواز استئصالها إذا لم يلزم عن ذلك ضرر، وكانت تسبب حرجا نفسيا لصاحبها، وهو استثناء من عموم "ولآمرنهم فليغيرن خلق الله" بقاعدة الحرج. أما على ما ذهبتُ إليه، من إبطال علة التغيير أصلا، فيجوز إزالة هذه الإصبع الزائدة إذا لم يلزم عن إزالتها ضرر، سواء سببت حرجا نفسيا لصاحبها أو لم تسبب.
وأما شعر الوجه، فإن كان ظاهرا غير معهود يسبب حرجا كبيرا للمرأة كلحية وشارب، فالحرج مرفوع فتجوز إزالته للعزباء والمتزوجة سواء، والإزالة الكلية الدائمة بالليزر هي أفضل أنواع الإزالة لأنها لا تنطوي على تدليس. وأما إن كان زغبا يسيرا فيجوز نمصه للمتزوجة بإذن زوجها وبقصد التزين له، دون العزباء. أما شعر الحاجب نفسه إذا كان في حدود المعتاد فلا تجوز إزالته أو إزالة جزء منه لأنه من التكلف الذي نهينا عنه، وهو ليس من التجميل في شيء إلا لأنه صارت النساء تراه في التلفاز في وجوه الفاجرات والمتبرجات، والنساء يحب أن يقلد بعضهن بعضا.
هذا هو تخريج هذه الفروع على الضابط الذي أصَّلناه أعلاه، إذا سلم هذا الضابط ابتداء، وإلا فالمقام هنا ليس مقام فتوى حتى نتطمئن إلى الضابط المذكور بمزيد بحث واستقراء.
 
إنضم
16 أبريل 2010
المشاركات
187
التخصص
إنجليزية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

رد: تغيير خلق الله وجراحة التجميل: رؤية جديدة

يقول البعض أن العلة هنا غير واضحة
ومن تأمل سياق الآية الكريمة يجد ان تعليل الشيخ الطاهر ابن عاشور رحمه الله وجيه
وَمِلَاكُ الْأَمْرِ أَنَّ تَغْيِيرَخَلْقِ اللَّهِ إنّما يكون إِنَّمَا إِذَا كَانَ فِيهِ حَظٌّ مِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ، بِأَنْ يُجْعَلَ عَلَامَةً لِنِحْلَةٍ شَيْطَانِيَّةٍ، كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْآيَةِ وَاتِّصَالُ الْحَدِيثِ بِهَا.
ومن حاول تصور المسألة بالكامل(مسألة تغيير خلق الله )أي في جميع اجزائها كتقليم الأظافروحلق الشعر يجد أن التغيير المحرم جاء مقيدا بما فيه طاعة الشيطان واتباع الهوى
 
أعلى