العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

نيل المآرب في حكم المسح على رقيق الجوارب

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:

فقد استنكر بعض الإخوة الفضلاء المنتسبين للمذهب الحنبلي قولي بأن الجوارب الرقيقة المعروفة الآن لا يجوز المسح عليها، وأنكر نسبتي اشتراط إمكان متابعة المشي -في الخف والجورب اللذين يشرع المسح عليهما- إلى مذهب الحنابلة، ولما ذكرت له بعض نصوصهم ادعى أن قلةً من كتب المذهب نصت عليه.. وسأعرض للمسألة برُمَّتِها اختصاراً إن شاء الله؛ إذ هي محل البحث..

1- مشروعية المسح على الجورب:
أما المسح على الجورب فجائز عند الحنابلة بشرطه..
فإن كانا منعَّلين بجلد أو خشب ونحوهما فجوزه كذلك الإمام أبو حنيفة رحمه الله، وهو نص الإمام الشافعي -رحمه الله- في الأم (1/49).

وأشهر أدلة مشروعية المسح على الجوربين عندهم:

أولاً: ما رواه أحمد وأصحاب السنن عن المغيرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على الجوربين والنعلين.

وهو شاذ معلول بتفرد أبي قيس وهو صدوق، حتى إن الإمام أحمد قد أعله.

واستدل بعضهم ‏بما رواه أحمد وأبو داود عن ‏ثوبان‏ رضي الله عنه قال: ‏بعث رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏سرية ‏فأصابهم البرد، فلما قدموا على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏شكوا إليه ما أصابهم من البرد ‏ ‏فأمرهم أن يمسحوا على ‏‏العصائب ‏‏والتساخين.
قالوا: والتساخين كل ما يسخن به القدم من خف وجورب ونحوهما

وهذا الحديث أعله الإمام أحمد بالانقطاع، ونازع في هذا آخرون.. وعلى فرض صحته؛ فالتساخين قد يراد بها الخفاف، كما قال به كثير من أهل العلم.

فالخلاصة: أنه لا دليل من السنة المرفوعة يسلم في مشروعية المسح على الجوربين.

ثانياً: ثبت بأسانيد جياد -منها ما هو صحيح ومنها الحسن- عن عدد كبير من الصحابة جواز المسح على الجوارب، (ولتنظر هذه الآثار عند البيهقي، وفي مصنف عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة).

قال الإمام أحمد رحمه الله: يذكر المسح على الجوربين عن سبعة أو ثمانية من الصحابة.

وقد جاء المسح على الجوربين عن تسعة من الصحابة كما قال ابن المنذر رحمه الله، وأوصلهم أبوداود رحمه الله إلى ثلاثة عشر. انظر "تهذيب السنن (1/187)" لابن القيم.

والحق: جواز المسح على الجوربين ولو لم يكونا منعَّلين، كما هو مذهب الإمام أحمد.

قال ابن القيم رحمه الله: و قد نص الإمام أحمد على جواز المسح على الجوربين، وعلّل رواية أبي قيس، وهذا من إنصافه وعدله رحمه الله، وإنما عمدته هؤلاء الصحابة و صريح القياس، فإنه لايظهر بين الجوربين والخفين فرق مؤثر يصح أن يحال الحكم عليه.

2- محل النزاع:
هل الجورب الرقيق الذي يعرفه الناس الآن والمسمى "الشراب" داخلٌ في هذا فيكون المسح عليه جائزاً؟!

ويجب أن يكون أصل المسألة: هل يصح قياسه على الخفين أم لا؟ وهل يصح قياسه على الجورب الذي جاء أن الصحابة مسحوا عليه أم لا؟

والجواب عن هذا السؤال عندي: أنه لا يجوز المسح عليه فيما يظهر؛ ولا يصح قياسه على الخف والجورب اللذين مسح عليهما صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لعدم إمكان متابعة المشي فيها عرفاً، وقد وقت الشرع في المسح يوماً وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر، وما لا يمكن المشي فيه هذه المدة لا يكون محلاً للرخصة، فالفارق المؤثر بين الفرع والأصل موجود، فتكون إباحة المسح على الشراب مبنية على قياس مع الفارق.

3- بعض نصوص أهل العلم في ذلك:

أ. من كلام الحنابلة:
قال الإمام أحمد : ( إنما مسح القوم على الجوربين أنه كان عندهم بمنزلة الخف , يقوم مقام الخف في رِجل الرَّجُل , يذهب فيه الرجل و يجيء ).

قال صاحب الإقناع: (ويشترط أيضاً إمكان المشي فيه عرفاً ولو لم يكن معتاداً).

قال في الإنصاف: ( لكن من شرط الخرق أن لا يمنع متابعة المشي ).

وقال: (تنبيه: ذكر المصنف هنا لجواز المسح شرطين ستر محل الفرض وثبوته بنفسه، وثَمَّ شروط أخر :

منها: تقدم الطهارة كاملة على الصحيح من المذهب، كما تقدم في كلام المصنف .

ومنها: إباحته، فلو كان مغصوبا أو حريراً أو نحوه لم يجز المسح عليه على الصحيح من المذهب .

ومنها: إمكان المشي فيه مطلقاً على الصحيح من المذهب. اختاره القاضي وأبو الخطاب والمجد وجزم به الزركشي وغيره وقدمه في الفروع وابن عبيدان ومجمع البحرين؛ فدخل في ذلك الجلود واللبود والخشب والزجاج ونحوها، قاله في مجمع البحرين وغيره من الأصحاب، وقيل: يشترط مع إمكان المشي فيه كونه معتاداً واختاره الشيرازي، وقيل: يشترط مع ذلك كله كونه يمنع نفوذ الماء وأطلقهما المعتاد في الرعايتين والحاويين والهداية والزركشي.

تنبيه: قولي "إمكان المشي فيه" قال في الرعاية الكبرى: يمكن المشي فيه قدر ما يتردد إليه المسافر في حاجته في وجه، وقيل: ثلاثة أيام أو أقل ).

قال الزركشي على الخِرَقي: ( لو كان يتخرق بالمشي فيه في اليومين والثلاثة لم يجز المسح عليه ).

قال ابن قدامة في المغني: (مسألة: قال وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه إنما يجوز المسح على الجورب بالشرطين اللذين ذكرناهما في الخف: (أحدهما) أن يكون صفيقاً لا يبدو منه شيء من القدم (والثاني) أن يمكن متابعة المشي فيه هذا ظاهر كلام الخرقي. قال أحمد في المسح على الجوربين بغير نعل: إذا كان يمشي عليهما ويثبتان في رجليه فلا بأس، وفي موضع قال: يمسح عليهما إذا ثبتا في العقب، وفي موضع قال: إن كان يمشي فيه فلا ينثني فلا بأس بالمسح عليه، فإنه إذا انثنى ظهر موضع الوضوء ولا يعتبر أن يكونا مجلدين. قال أحمد: يذكر المسح على الجوربين عن سبعة أو ثمانية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن المنذر: ويروى إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي وعمار وابن مسعود وأنس وابن عمر والبراء وبلال وابن أبي أوفى وسهل بن سعد، وبه قال عطاء والحسن وسعيد بن المسيب والنخعي وسعيد بن جبير والأعمش والثوري والحسن بن صالح وابن المبارك وإسحاق ويعقوب ومحمد، وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي ومجاهد وعمرو بن دينار والحسن بن مسلم والشافعي: لا يجوز المسح عليهما إلا أن ينعلا؛ لأنهما لا يمكن متابعة المشي فيهما فلم يجز المسح عليهما كالرقيقين.

ولنا ما روى المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهذا يدل على أن النعلين لم يكونا عليهما لأنهما لو كانا كذلك لم يذكر النعلين فإنه لا يقال مسحت على الخف ونعله، ولأن الصحابة رضي الله عنهم مسحوا على الجوارب ولم يظهر لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعاً، ولأنه ساتر لمحل الفرض يثبت في القدم فجاز المسح عليه كالنعل وقولهم لا يمكن متابعة المشي فيه قلنا لا يجوز المسح عليه إلا أن يكون مما يثبت بنفسه ويمكن متابعة المشي فيه وأما الرقيق فليس بساتر ).

ب. من كلام غير الحنابلة:
وقال الجصاص الحنفي في "أحكام القرآن": ( ومن جهة النظر: اتفاق الجميع على امتناع جواز المسح على اللفافة ; إذ ليس في العادة المشي فيها ، كذلك الجوربان . وأما إذا كانا مجلَّدين فهما بمنزلة الخفين ويمشي فيهما وبمنزلة الجرموقين ، ألا ترى أنهم قد اتفقوا على أنه إذا كان كله مجلداً جاز المسح ؟ ولا فرق بين أن يكون جميعه مجلداً أو بعضه بعد أن يكون بمنزلة الخفين في المشي والتصرف ).

وقال الكاساني في "بدائع الصنائع": ( فكل ما كان في معنى الخف في إدمان المشي عليه ، وإمكان قطع السفر به ، يلحق به ، وما لا فلا )، وقال: ( وأما المسح على الجوربين؛ فإن كانا مجلَّدَين أو منعَّلَين: يجزيه بلا خلاف عند أصحابنا. وإن لم يكونا مجلدين ولا منعلين؛ فإن كانا رقِيقَين يشفان الماء: لا يجوز المسح عليهما بالإجماع ).

وقال السرخسي في "المبسوط": ( وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْخِفَافِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ اللُّبُودِ التُّرْكِيَّةِ؛ لِأَنَّ مُوَاظَبَةَ الْمَشْيِ فِيهَا سَفَرًا مُمْكِنٌ ).

قال الشافعي في "الأم": ( فإذا كان الخفّان من لُبُود أو ثياب أو طُفي فلا يكونان في معنى الخف حتى ينعّلا جلداً أو خشباً أو ما يبقى إذا توبع المشي عليه . ويكون كل ما على مواضع الوضوء منها صفيقاً كثيفاً لا يشفّ فإذا كان هكذا مسحَ عليه ، وإذا لم يكن هكذا لم يمسح عليه وذلك أن يكون صفيقاً لا يشف وغير منعّل فهذا جورب . .. فإذا كان عليه جوربان يقومان مقام الخفين يَمْسَحُ عليهما ) فهذا مشعر بما ذكرنا كما ترى.

وقال البغوي في "التهذيب": ( ولا يجوز المسح على جورب الصوف، واللبد، إلا أن يركب طاقةً فوق طاقةٍ؛ حتى يتصفق وينعل قدمه؛ بحيث يمكن متابعة المشي عليه ).

قال النووي في "المجموع" شرح المهذب: (.. هذه المسألة مشهورة وفيها كلام مضطربٌ للأصحاب، ونصَّ الشافعي رضي الله عنه عليها في الأم كما قاله المصنف، وهو أنه يجوز المسح على الجورب بشرط أن يكون صفيقاً منعّلاً، وهكذا قطع به جماعة منهم الشيخ أبو حامد والمحاملي وابن الصباغ والمتولي وغيرهم ، ونقل المزني أنه لا يمسح على الجوربين إلا أن يكونا مجلدي القدمين ، وقال القاضي أبو الطيب : لا يجوز المسح على الجورب إلا أن يكون ساتراً لمحل الفرض ، ويمكن متابعة المشي عليه . قال: وما نقله المزني من قوله "إلا أن يكونا مجلدي القدمين" ليس بشرطٍ وإنما ذكره الشافعي رضي الله عنه لأن الغالب أن الجورب لا يمكن متابعة المشي عليه إلا إذا كان مجلد القدمين ، هذا كلام القاضي أبي الطيب وذكر جماعات من المحققين مثله ، ونقل صاحبا الحاوي والبحر وغيرهما وجهاً أنه لا يجوز المسح وإن كان صفيقاً يمكن متابعة المشي عليه حتى يكون مجلد القدمين.
والصحيح بل الصواب ما ذكره القاضي أبو الطيب والقفال وجماعات من المحققين أنه إن أمكن متابعة المشي عليه جاز كيف كان و إلا فلا ، وهكذا نقله الفوراني في الإبانة عن الأصحاب أجمعين فقال : قال أصحابنا : إن أمكن متابعة المشي على الجوربين جاز المسح وإلا فلا ، والجورب بفتح الجيم . والله أعلم .

( فرعٌ ) في مذاهب العلماء في الجورب: قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أن الجورب إن كان صفيقاً يمكن متابعة المشي عليه جاز المسح عليه وإلا فلا ..... واحتج من منعه مطلقاً بأنه لا يسمى خفاً فلم يجز المسح عليه كالنعل .

واحتج أصحابنا بأنه ملبوس يمكن متابعة المشي عليه ساتر لمحل الفرض فأشبه الخف ، ولا بأس بكونه من جلد أو غيره بخلاف النعل فإنه لا يستر محل الفرض ، واحتج من أباحه وإن كان رقيقاً بحديث المغيرة رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم مسح على جوربيه ونعليه ) وعن أبي موسى مثله مرفوعاً . واحتج أصحابنا بأنه لا يمكن متابعة المشي عليه فلم يجز كالخرقة .

والجواب عن حديث المغيرة من أوجه :

( أحدها ) أنه ضعيف ضعفه الحفّاظ ، وقد ضعفه البيهقي ونقل تضعيفه عن سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين ومسلم بن الحجاج وهؤلاء هم أعلام أئمة الحديث ، وإن كان الترمذي قال : حديث حسن فهؤلاء مقدمون عليه بل كل واحد من هؤلاء لو انفرد قدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة .
( الثاني ) لو صحَّ لحُمِلَ على الذي يمكن متابعة المشي عليه جمعاً بين الأدلَّة وليس في اللفظ عموم يتعلق به .
( الثالث ) حكاه البيهقي رحمه الله عن الأستاذ أبي الوليد النيسابوري أنه حمله على أنه مسح على جوربين منعلين، لا أنه جورب منفرد ونعل منفردة ، فكأنه قال : مسح جوربيه المنعلين ، وروى البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ما يدل على ذلك*. والجواب عن حديث أبي موسى من الأوجه الثلاثة فإن في بعض رواته ضعفاً ، وفيه أيضاً إرسال ، قال أبو داود في سننه : هذا الحديث ليس بالمتصل ولا بالقوي. والله أعلم ).

وقال العمراني الشافعي: (قال أصحابنا: والجوارب على ضربين :
فالأول منه: ما يمكن متابعة المشي عليه بأن يكون ساتراً لمحل الفرض صفيقاً ويكون له نعل فيجوز المسح عليه .
قال ابن الصباغ : أما تجليد القدمين فليس بشرط إلا أن يكون الجورب رقيقا فيقوم تجليده مقام صفاقته وقوته ، وإنما ذكر الشافعي رضي الله عنه التجليد لأن الغالب من الجوارب الرقة.

والثاني: إن كان الجورب لا يمكن متابعة المشي عليه مثل أن لا يكون منعل الأسفل أو كان منعلا لكنه من خرق رقيقة بحيث إذا مشى فيه تخرق لم يجز المسح عليه .

هذا مذهبنا وبه قال مالك وأبو حنيفة.

وقال أحمد: يجوز المسح على الجورب الصفيق وإن لم يكن له نعل .
وروي ذلك عن عمر وعلي وإليه ذهب أبو يوسف ومحمد وداود .
دليلنا: أنه لا يمكن متابعة المشي عليه فلم يجز المسح عليه كالرقيق ).

وبهذا يتبين أن تجويز المسح على جوارب اليوم المسماة: (الشراب) مخالف للمشهور عند المذاهب الأربعة، والله تعالى أعلم.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

أما هذه فالفرق بينها واضح
يتضح الفرق بالتمثيل بخف من زجاج تُرَى معه القدم ولكنه يمنع نفوذ الماء.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

نفع الله بعلمكم وكتب الله أجركم في الدارين فضيلة الشيخ
وبعلمكم وكتب أجركم أختنا الفاضلة.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

جزاكم الله خيرا أبا بكر
هذه مسألة مهمة وفيها عموم بلوى هذه الأيام.
ولعل المناط الأصولي للخلاف فيها هو أن الحكم هل يدور مع الاسم (الجورب) كما يحدِّده العُرف على اختلاف الأزمان أم أنه مُقيَّدٌ بما كان مُعتاداً في زمن النص.
وقد اختار جمهور العلماء تقييد الجورب بما كان شائع الاستعمال في زمن الصحابة، رضي الله عنهم، وهو الذي يمكن متابعة المشي عليه. وقد يرد على هذا اعتراضان:
أحدهما: هل ثمة نقل صحيح ثابت في صفة الجورب في عهد الصحابة، وأنه هو المعتاد دون غيره.
والثاني: لماذا لا تطبقون هنا قاعدة: ما لا ضابط له في الشرع ولا في اللغة فضابطه العرف كما اخترتموه في مطلقات شرعية كثيرة كالحرز والقبض ونحوها.
بحسب المشاهد هذه الأيام فإنه قد انحسر استعمال الناس للأخفاف وحلت محلها الجوارب والأحذية، وإذا كان ثمة من يستعمل الأخفاف فإنما يستعملها ليمسح عليها لا لغرض في ذاتها. وفي ضوء هذا سيتسبب القول بمنع المسح على "الجورب الجديد" في تعطيل سنة المسح الواردة في القرآن على قراءة الكسر في (وأرجلكم) ـ فقد قال جمعٌ بأن المقصود المسح على الخفين ـ والواردة في السنة، وفعل الصحابة، إلا أن يُقال بجواز المسح على النِّعال التي تحتها جوارب قياسا على الجوربين المنعلين، والله أعلم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

جزاكم الله خيرا أبا بكر
هذه مسألة مهمة وفيها عموم بلوى هذه الأيام.
ولعل المناط الأصولي للخلاف فيها هو أن الحكم هل يدور مع الاسم (الجورب) كما يحدِّده العُرف على اختلاف الأزمان أم أنه مُقيَّدٌ بما كان مُعتاداً في زمن النص.
وقد اختار جمهور العلماء تقييد الجورب بما كان شائع الاستعمال في زمن الصحابة، رضي الله عنهم، وهو الذي يمكن متابعة المشي عليه. وقد يرد على هذا اعتراضان:
أحدهما: هل ثمة نقل صحيح ثابت في صفة الجورب في عهد الصحابة، وأنه هو المعتاد دون غيره.
والثاني: لماذا لا تطبقون هنا قاعدة: ما لا ضابط له في الشرع ولا في اللغة فضابطه العرف كما اخترتموه في مطلقات شرعية كثيرة كالحرز والقبض ونحوها.
بحسب المشاهد هذه الأيام فإنه قد انحسر استعمال الناس للأخفاف وحلت محلها الجوارب والأحذية، وإذا كان ثمة من يستعمل الأخفاف فإنما يستعملها ليمسح عليها لا لغرض في ذاتها. وفي ضوء هذا سيتسبب القول بمنع المسح على "الجورب الجديد" في تعطيل سنة المسح الواردة في القرآن على قراءة الكسر في (وأرجلكم) ـ فقد قال جمعٌ بأن المقصود المسح على الخفين ـ والواردة في السنة، وفعل الصحابة، إلا أن يُقال بجواز المسح على النِّعال التي تحتها جوارب قياسا على الجوربين المنعلين، والله أعلم.
وإياكم

1. اعتمد الفقهاء على دليل الوجود في وضع شروط للخف الذي يُمسَح عليه حتى يكون مثيل الخف الذي وُجد في زمن التشريع
وأنبه على أنني لا أعتمد هذا بإطلاق وقد بينتُ أن الخف الذي لا يمكن المسح عليه ثلاثة أيام بلياليها في السفر لا يمكن أن يكون مقصوداً في نص الشارع الذي أقَّت المسح بهذه المدة.

2. هل تقولون بالمسح على النعلين؟ فإذا قلتم به قياساً على الخف فثَمَّ أمور:
* أباح الشارع للمحرِم بحج أو عمرة لبس النعلين، ومنع لبس الخفين. فهذا مشعِر بأن الخف يباين النعل في زمن التشريع، ولم يرد النص بذكر المسح على النعل، فدل على أنه خارج محل الرخصة.

وفي هذا جواب ما قلتم: "وفي ضوء هذا سيتسبب القول بمنع المسح على "الجورب الجديد" في تعطيل سنة المسح الواردة"..
وبيان رده من وجهين:

الأول: أن الخفاف المعتبرة لا زالت موجودة، يلبسها كثير من الجنود والملاحين وغيرهم وإن سميت بغير اسم الخف في هذا الزمان.

الثاني: أنه قد يقال أيضاً نظير ما ذكرتم: منع المسح على النعال سيتسبب في تعطيل سنة المسح الواردة في القرآن والسنة! وكذلك منع المسح على الربطات!

ويشبهه ما قد يحتج به أحدهم بأن: منع التيمم بالضرب على الجدران والبلاط والإسفلت سيتسبب في تعطيل سنة التيمم الواردة في القرآن والسنة ! فهل هذا كافٍ ومقبول في مقام إثبات الأحكام؟

3. أن المسح على الخفين رخصة، ولا يليق تفويت العزيمة بمسمى المشقة مع يسارة احتمالها كما قال القرافي.

4. هل الناس اليوم يسمون الشراب خفاً؟

فإن قلتم: سموه جورباً، قلنا: هنا مسألتان:
أولاهما: أن المسح على الجورب لم يصح عندنا مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما جاز بفعل الأصحاب فرجعنا لننظر في حال جواربهم فوجدناها لا تشبه الذي تذكرون.
ثانيهما: أن العبرة بالحقائق لا بالمسميات.

وأما كون ذلك عرفاً؛ فالعرف لا يسقط به الشرع؛ إذ صاحب الشرع -في ظاهر الأمر- جعل المناط فيما يمكن المسح عليه ثلاثة أيام في السفر، والعرف لا يعمَل به إلا في حال سكوت الشارع.
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

جزاكم الله خيرا أبا بكر
هذه مسألة مهمة وفيها عموم بلوى هذه الأيام.
ولعل المناط الأصولي للخلاف فيها هو أن الحكم هل يدور مع الاسم (الجورب) كما يحدِّده العُرف على اختلاف الأزمان أم أنه مُقيَّدٌ بما كان مُعتاداً في زمن النص.
وقد اختار جمهور العلماء تقييد الجورب بما كان شائع الاستعمال في زمن الصحابة، رضي الله عنهم، وهو الذي يمكن متابعة المشي عليه. وقد يرد على هذا اعتراضان:
أحدهما: هل ثمة نقل صحيح ثابت في صفة الجورب في عهد الصحابة، وأنه هو المعتاد دون غيره.
والثاني: لماذا لا تطبقون هنا قاعدة: ما لا ضابط له في الشرع ولا في اللغة فضابطه العرف كما اخترتموه في مطلقات شرعية كثيرة كالحرز والقبض ونحوها.
بحسب المشاهد هذه الأيام فإنه قد انحسر استعمال الناس للأخفاف وحلت محلها الجوارب والأحذية، وإذا كان ثمة من يستعمل الأخفاف فإنما يستعملها ليمسح عليها لا لغرض في ذاتها. وفي ضوء هذا سيتسبب القول بمنع المسح على "الجورب الجديد" في تعطيل سنة المسح الواردة في القرآن على قراءة الكسر في (وأرجلكم) ـ فقد قال جمعٌ بأن المقصود المسح على الخفين ـ والواردة في السنة، وفعل الصحابة، إلا أن يُقال بجواز المسح على النِّعال التي تحتها جوارب قياسا على الجوربين المنعلين، والله أعلم.
وإياكم

1. اعتمد الفقهاء على دليل الوجود في وضع شروط للخف الذي يُمسَح عليه حتى يكون مثيل الخف الذي وُجد في زمن التشريع
وأنبه على أنني لا أعتمد هذا بإطلاق وقد بينتُ أن الخف الذي لا يمكن المسح عليه ثلاثة أيام بلياليها في السفر لا يمكن أن يكون مقصوداً في نص الشارع الذي أقَّت المسح بهذه المدة.

2. هل تقولون بالمسح على النعلين؟ فإذا قلتم به قياساً على الخف فثَمَّ أمور:
* أباح الشارع للمحرِم بحج أو عمرة لبس النعلين، ومنع لبس الخفين. فهذا مشعِر بأن الخف يباين النعل في زمن التشريع، ولم يرد النص بذكر النعل في المسح
وهنا جواب ما قلتم: "وفي ضوء هذا سيتسبب القول بمنع المسح على "الجورب الجديد" في تعطيل سنة المسح الواردة"..
وبيان رده من وجهين:

الأول: أن الخفاف المعتبرة لا زالت موجودة، يلبسها كثير من الجنود والملاحين وغيرهم وإن سميت بغير اسم الخف في هذا الزمان.

الثاني: أنه قد يقال أيضاً نظير ما ذكرتم: منع المسح على النعال سيتسبب في تعطيل سنة المسح الواردة في القرآن والسنة! وكذلك منع المسح على الربطات!
ويشبهه ما قد يحتج به أحدهم بأن: منع التيمم بالضرب على الجدران والبلاط والإسفلت سيتسبب في تعطيل سنة التيمم الواردة في القرآن والسنة !
فهل هذا كافٍ ومقبول في مقام إثبات الأحكام؟

الثالث: أن المسح على الخفين رخصة، ولا يليق تفويت العزيمة بمسمى المشقة مع يسارة احتمالها كما قال القرافي.

الرابع: هل الناس اليوم يسمون الشراب خفاً؟
فإن قلتم: سموه جورباً، قلنا: هنا مسألتان:
أولاهما: أن المسح على الجورب لم يصح عندنا مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما جاز بفعل الأصحاب فرجعنا لننظر في حال جواربهم فوجدناها لا تشبه الذي تذكرون.
ثانيهما: أن العبرة بالحقائق لا بالمسميات.

وأما كون ذلك عرفاً؛ فالعرف لا يسقط به الشرع؛ إذ صاحب الشرع -في ظاهر الأمر- جعل المناط فيما يمكن المسح عليه ثلاثة أيام في السفر، والعرف لا يعمَل به إلا في حال سكوت الشارع، وهذا أحد الفروق بين مسألتنا وبين الحِرز وما شابهه. والله تعالى أعلم
 
التعديل الأخير:

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

1. اعتمد الفقهاء على دليل الوجود في وضع شروط للخف الذي يُمسَح عليه حتى يكون مثيل الخف الذي وُجد في زمن التشريع
وأنبه على أنني لا أعتمد هذا بإطلاق وقد بينتُ أن الخف الذي لا يمكن المسح عليه ثلاثة أيام بلياليها في السفر لا يمكن أن يكون مقصوداً في نص الشارع الذي أقَّت المسح بهذه المدة.
دليل الوجود هو نفسه العرف القائم وقت النص، وقد ذكرنا أنه ليس ثمة نقلٌ ثابت عن صفة الخف في زمن النص. أما استدلالكم الإشاري بحديث توقيت المسح فعليه اعتراضان:
أحدهما: أن الازم من الحديث هو كون الخف بحيث يمكن أن يستمسك على القدم ثلاثة أيام أما إمكان متابعة المشي عليه فهذا اشتراط زائد لا يدل عليه الحديث عبارة أو لزوما، ولو كان ذلك صحيحا لاشترط الفقهاء في الخف أن يكون مما يمكن متابعة المشي عليه ثلاثة أيام بلياليها ولم يقل بهذا أحد في شروط الخف على حد علمي.
والاعتراض الثاني: أن التوقيت مختلف فيه وفيه أدلة متعارضة وقد ذهب المالكية إلى عدم وجود توقيت للمسح.

* أباح الشارع للمحرِم بحج أو عمرة لبس النعلين، ومنع لبس الخفين. فهذا مشعِر بأن الخف يباين النعل في زمن التشريع، ولم يرد النص بذكر النعل في المسح
لأن الحج فيه كثير من المشي فالحاجة إلى الانتعال فيه ظاهرة وهي ليست كذلك إلى الخف لأن الخف لا يتخذ عادة للمشي وإنما لتدفئة القدم وحفظها من الغبرات. ومن هنا فرَّق الشارع في الحج بينهما أما في غسل الرجل للوضوء فالرخصة في الخف أظهر منها في النعل لأن الخف يتخذ للتدفئة ويستمسك جيدا على الرجل فيشق نزعه بخلاف النعل. وأنا لم أُبْدِ احتمالا بجواز المسح على النعل مجرَّدا بل إذا كان فوق الجورب لأن مجموعهما يصبح بمثابة الخف المنعَّل الذي يمكن متابعة المشي عليه كما يشترطه الفقهاء.

الأول: أن الخفاف المعتبرة لا زالت موجودة، يلبسها كثير من الجنود والملاحين وغيرهم وإن سميت بغير اسم الخف في هذا الزمان.
هذا يحتاج إلى تحقيق، ولعلك أعلم مني بهذا

الثاني: أنه قد يقال أيضاً نظير ما ذكرتم: منع المسح على النعال سيتسبب في تعطيل سنة المسح الواردة في القرآن والسنة! وكذلك منع المسح على الربطات!
ويشبهه ما قد يحتج به أحدهم بأن: منع التيمم بالضرب على الجدران والبلاط والإسفلت سيتسبب في تعطيل سنة التيمم الواردة في القرآن والسنة !
فهل هذا كافٍ ومقبول في مقام إثبات الأحكام؟
ليس كافيا وإنما استئناسي والتعويل على ما تقدم.
وقد أدت اشتراطات الفقهاء في الخف إلى تعطيل استعمال الرخصة الثابتة بالنص. والحاجة إلى المسح على الجورب ماسة وشديدة في البلاد الباردة وأما من كان في بلاد حارة فربما لا يستشعر هذه الحاجة. أما قولكم، بارك الله فيكم" المسح على الربطات" فلا أدري ما قصدتم، ولكن ينبغي أن لا ننسى أن الشارع أجاز المسح على العمامة عوضا عن تعميم الرأس، مع أن نزع العمامة ثم مسح الرأس أيسر بكثير من نزع الجورب وغسل الرجل. وأما ذكرتم عن التيمم فهو وارد على من يشترط التراب وإلا فمذاهب كثير من السلف والخلف جواز التيمم بكل ما ظهر على وجه الأرض ومذهبهم هذا أدعى إلى تحقيق مقصد الشرع من التيمم من مذهب من اشترط التراب لا سيما في البلاد التي يعسر فيه وجود التراب المغبر، كما هو الحال في المناطق الاستوائية كثيرة المطر والمناطق الباردة كأوروبا وأكثر مناطق آسيا.
أن المسح على الخفين رخصة، ولا يليق تفويت العزيمة بمسمى المشقة مع يسارة احتمالها كما قال القرافي.
"والله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه" كما قال صلى الله عليه وسلم.
الرابع: هل الناس اليوم يسمون الشراب خفاً؟
فإن قلتم: سموه جورباً، قلنا: هنا مسألتان:
أولاهما: أن المسح على الجورب لم يصح عندنا مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما جاز بفعل الأصحاب فرجعنا لننظر في حال جواربهم فوجدناها لا تشبه الذي تذكرون.
ثانيهما: أن العبرة بالحقائق لا بالمسميات.
اتفق معكم، بارك الله فيكم، بأن العبرة بالحقائق لا بالمسميات، لكن هلا أوردتم لنا دليلا ثابتا له زمام وخطام يصف حال الجوارب في عهد الصحابة رضوان الله عليهم.
وإذا أمكنكم ذلك فهلا أوردتم لنا فرقا مناسبا لا طرديا يمنع إلحاق جوارب اليوم بجواربهم.

وأما كون ذلك عرفاً؛ فالعرف لا يسقط به الشرع؛ إذ صاحب الشرع -في ظاهر الأمر- جعل المناط فيما يمكن المسح عليه ثلاثة أيام في السفر، والعرف لا يعمَل به إلا في حال سكوت الشارع، وهذا أحد الفروق بين مسألتنا وبين الحِرز وما شابهه. والله تعالى أعلم
نازعناكم أعلاه في دلالة حديث التأقيت على اشتراط أن يكون الخف مما يمكن متابعة المشي عليه المدةَ المذكورة، وعليه فالجورب لا ضابط له في الشرع فيظل الاعتراض قائما
والله أعلم.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

دليل الوجود هو نفسه العرف القائم وقت النص، وقد ذكرنا أنه ليس ثمة نقلٌ ثابت عن صفة الخف في زمن النص.
بارك الله فيكم، هذا نتفق عليه في طرفيه.

أما استدلالكم الإشاري بحديث توقيت المسح فعليه اعتراضان:
أحدهما: أن الازم من الحديث هو كون الخف بحيث يمكن أن يستمسك على القدم ثلاثة أيام أما إمكان متابعة المشي عليه فهذا اشتراط زائد لا يدل عليه الحديث عبارة أو لزوما، ولو كان ذلك صحيحا لاشترط الفقهاء في الخف أن يكون مما يمكن متابعة المشي عليه ثلاثة أيام بلياليها ولم يقل بهذا أحد في شروط الخف على حد علمي.
والاعتراض الثاني: أن التوقيت مختلف فيه وفيه أدلة متعارضة وقد ذهب المالكية إلى عدم وجود توقيت للمسح.
أما الاعتراض الأول فعجبتُ لكم -حفظكم الله- كيف نفيتم أن يكون أحد من الفقهاء ذكر ذلك وقد نقلتُ في أصل الموضوع العديد من النقول عن جماعة من أهل العلم يشترطون ذلك، فقولكم: "ولو كان ذلك صحيحا لاشترط الفقهاء في الخف أن يكون مما يمكن متابعة المشي عليه ثلاثة أيام بلياليها" خلاف الواقع.
ولا أدري كيف يصح أن يكون هذا الحكم المؤقت بهذه المدة في مسحٍ على ما لو سرتُ عليه مفرداً كيلاً واحداً لتمزق وتلف!

وأما الاعتراض الثاني فقول من لم يوقت ضعيف جداً؛ لتركه الأحاديث الصحاح الثابتة المرفوعة عن علي وصفوان بن عسال وعوف بن مالك واعتمادهم على حديث أُبَي بن عمارة المسلسل بالمجاهيل. ولذا جنح إلى الأخذ بأحاديث التوقيت بعض كبار أصحاب الإمام مالك كالحافظ ابن عبد البر.

لأن الحج فيه كثير من المشي فالحاجة إلى الانتعال فيه ظاهرة وهي ليست كذلك إلى الخف لأن الخف لا يتخذ عادة للمشي وإنما لتدفئة القدم وحفظها من الغبرات. ومن هنا فرَّق الشارع في الحج بينهما أما في غسل الرجل للوضوء فالرخصة في الخف أظهر منها في النعل لأن الخف يتخذ للتدفئة ويستمسك جيدا على الرجل فيشق نزعه بخلاف النعل. وأنا لم أُبْدِ احتمالا بجواز المسح على النعل مجرَّدا بل إذا كان فوق الجورب لأن مجموعهما يصبح بمثابة الخف المنعَّل الذي يمكن متابعة المشي عليه كما يشترطه الفقهاء.
أوردتُ هذا المثال لبيان أن النعل غير الخف، اسماً ومعنى، وما دمتم لا تبيحون المسح على النعل مجرداً فسنتجاوز هذا لعدم الحاجة إليه. وأما قولكم بأن الخف لا يُتَّخَذ عادة للمشي فهو غير صحيح؛ إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين ) وظاهره أن ذلك موجود وأن منهم من احتاج إليه، وقد قال ذلك مرتين؛ مرة بالمدينة ومرة في عرفات بحجة الوداع.

وقد أدت اشتراطات الفقهاء في الخف إلى تعطيل استعمال الرخصة الثابتة بالنص. والحاجة إلى المسح على الجورب ماسة وشديدة في البلاد الباردة وأما من كان في بلاد حارة فربما لا يستشعر هذه الحاجة. أما قولكم، بارك الله فيكم" المسح على الربطات" فلا أدري ما قصدتم، ولكن ينبغي أن لا ننسى أن الشارع أجاز المسح على العمامة عوضا عن تعميم الرأس، مع أن نزع العمامة ثم مسح الرأس أيسر بكثير من نزع الجورب وغسل الرجل. وأما ذكرتم عن التيمم فهو وارد على من يشترط التراب وإلا فمذاهب كثير من السلف والخلف جواز التيمم بكل ما ظهر على وجه الأرض ومذهبهم هذا أدعى إلى تحقيق مقصد الشرع من التيمم من مذهب من اشترط التراب لا سيما في البلاد التي يعسر فيه وجود التراب المغبر، كما هو الحال في المناطق الاستوائية كثيرة المطر والمناطق الباردة كأوروبا وأكثر مناطق آسيا.
المسح على العمامة أمر قد نختلف في شأنه من جهة صفة العمامة التي يمسح عليها، ولكن ينبغي أن لا نختلف أن المسح على الطاقية غير جائز، ولا على الحطة(الغترة) أيضاً.
وأما اشتراطات الفقهاء فمنها ما هو متجه ومنها ما قد ننازع فيه، وهذا ما أعتقده وأقرره.
وكذلك قولي في التيمم بما هو على وجه الأرض منها كالسباخ والنورة والرمل وغيرها مشروع عندي، ولكنني أعني بكلامي أن من وجوه الاعتراض ما لا يصح إيراده في مقام المناظرة.


اتفق معكم، بارك الله فيكم، بأن العبرة بالحقائق لا بالمسميات، لكن هلا أوردتم لنا دليلا ثابتا له زمام وخطام يصف حال الجوارب في عهد الصحابة رضوان الله عليهم.
هل يمكن أن تتفضلوا على أخيكم بالإجابة عن أمر قبل أن أجيب عما سألتم: هل مسح الصحابة على خف لا يمكن المشي عليه ؟
والله يرعاكم
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

دليل الوجود هو نفسه العرف القائم وقت النص، وقد ذكرنا أنه ليس ثمة نقلٌ ثابت عن صفة الخف في زمن النص.
بارك الله فيكم، هذا نتفق عليه في طرفيه.

أما استدلالكم الإشاري بحديث توقيت المسح فعليه اعتراضان:
أحدهما: أن الازم من الحديث هو كون الخف بحيث يمكن أن يستمسك على القدم ثلاثة أيام أما إمكان متابعة المشي عليه فهذا اشتراط زائد لا يدل عليه الحديث عبارة أو لزوما، ولو كان ذلك صحيحا لاشترط الفقهاء في الخف أن يكون مما يمكن متابعة المشي عليه ثلاثة أيام بلياليها ولم يقل بهذا أحد في شروط الخف على حد علمي.
والاعتراض الثاني: أن التوقيت مختلف فيه وفيه أدلة متعارضة وقد ذهب المالكية إلى عدم وجود توقيت للمسح.
أما الاعتراض الأول فعجبتُ لكم -حفظكم الله- كيف نفيتم أن يكون أحد من الفقهاء ذكر ذلك وقد نقلتُ في أصل الموضوع العديد من النقول عن جماعة من أهل العلم يشترطون ذلك، فقولكم: "ولو كان ذلك صحيحا لاشترط الفقهاء في الخف أن يكون مما يمكن متابعة المشي عليه ثلاثة أيام بلياليها" خلاف الواقع.
ولا أدري كيف يصح أن يكون هذا الحكم المؤقت بهذه المدة في مسحٍ على ما لو سرتُ عليه مفرداً كيلاً واحداً لتمزق وتلف!

وأما الاعتراض الثاني فقول من لم يوقت ضعيف جداً؛ لتركه الأحاديث الصحاح الثابتة المرفوعة عن علي وصفوان بن عسال وعوف بن مالك واعتمادهم على حديث أُبَي بن عمارة المسلسل بالمجاهيل. ولذا جنح إلى الأخذ بأحاديث التوقيت بعض كبار أصحاب الإمام مالك كالحافظ ابن عبد البر.

لأن الحج فيه كثير من المشي فالحاجة إلى الانتعال فيه ظاهرة وهي ليست كذلك إلى الخف لأن الخف لا يتخذ عادة للمشي وإنما لتدفئة القدم وحفظها من الغبرات. ومن هنا فرَّق الشارع في الحج بينهما أما في غسل الرجل للوضوء فالرخصة في الخف أظهر منها في النعل لأن الخف يتخذ للتدفئة ويستمسك جيدا على الرجل فيشق نزعه بخلاف النعل. وأنا لم أُبْدِ احتمالا بجواز المسح على النعل مجرَّدا بل إذا كان فوق الجورب لأن مجموعهما يصبح بمثابة الخف المنعَّل الذي يمكن متابعة المشي عليه كما يشترطه الفقهاء.
أوردتُ هذا المثال لبيان أن النعل غير الخف، اسماً ومعنى، وما دمتم لا تبيحون المسح على النعل مجرداً فسنتجاوز هذا لعدم الحاجة إليه. وأما قولكم بأن الخف لا يُتَّخَذ عادة للمشي فهو غير صحيح؛ إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين ) وظاهره أن ذلك موجود وأن منهم من احتاج إليه، وقد قال ذلك مرتين؛ مرة بالمدينة ومرة في عرفات بحجة الوداع.

وقد أدت اشتراطات الفقهاء في الخف إلى تعطيل استعمال الرخصة الثابتة بالنص. والحاجة إلى المسح على الجورب ماسة وشديدة في البلاد الباردة وأما من كان في بلاد حارة فربما لا يستشعر هذه الحاجة. أما قولكم، بارك الله فيكم" المسح على الربطات" فلا أدري ما قصدتم، ولكن ينبغي أن لا ننسى أن الشارع أجاز المسح على العمامة عوضا عن تعميم الرأس، مع أن نزع العمامة ثم مسح الرأس أيسر بكثير من نزع الجورب وغسل الرجل. وأما ذكرتم عن التيمم فهو وارد على من يشترط التراب وإلا فمذاهب كثير من السلف والخلف جواز التيمم بكل ما ظهر على وجه الأرض ومذهبهم هذا أدعى إلى تحقيق مقصد الشرع من التيمم من مذهب من اشترط التراب لا سيما في البلاد التي يعسر فيه وجود التراب المغبر، كما هو الحال في المناطق الاستوائية كثيرة المطر والمناطق الباردة كأوروبا وأكثر مناطق آسيا.
المسح على العمامة أمر قد نختلف في شأنه من جهة صفة العمامة التي يمسح عليها، ولكن ينبغي أن لا نختلف أن المسح على الطاقية غير جائز، ولا على الحطة(الغترة) أيضاً.
وأما اشتراطات الفقهاء فمنها ما هو متجه ومنها ما قد ننازع فيه، وهذا ما أعتقده وأقرره.
وكذلك قولي في التيمم بما هو على وجه الأرض منها كالسباخ والنورة والرمل وغيرها مشروع عندي، ولكنني أعني بكلامي أن من وجوه الاعتراض ما لا يصح إيراده في مقام المناظرة.


اتفق معكم، بارك الله فيكم، بأن العبرة بالحقائق لا بالمسميات، لكن هلا أوردتم لنا دليلا ثابتا له زمام وخطام يصف حال الجوارب في عهد الصحابة رضوان الله عليهم.
هل يمكن أن تتفضلوا على أخيكم بالإجابة عن أمر قبل أن أجيب عما سألتم: هل يتصور أن الصحابة مسحوا على خفاف لا يمكن المشي فيها ؟
والله يرعاكم
 
التعديل الأخير:

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

أما الاعتراض الأول فعجبتُ لكم -حفظكم الله- كيف نفيتم أن يكون أحد من الفقهاء ذكر ذلك وقد نقلتُ في أصل الموضوع العديد من النقول عن جماعة من أهل العلم يشترطون ذلك، فقولكم: "ولو كان ذلك صحيحا لاشترط الفقهاء في الخف أن يكون مما يمكن متابعة المشي عليه ثلاثة أيام بلياليها" خلاف الواقع.
ما ذكرتموه، بارك الله فيكم، من توقيت المشي بثلاثة أيام إنما هو عن بعض الحنابلة لا غير وبصيغة التمريض، وما فهمتُه من كلامهم هو اشتراط متابعة المشي على الخف في حاجاته خلال ثلاثة أيام، وليس المقصود إمكان تواصل المشي مسيرة ثلاثة أيام. وما نفيتُه في اعتراضي هو وجود من يشترط من الفقهاء إمكان متابعة المشي على الخف ثلاثة أيام بلياليها وأقصد بذلك إمكان المشي المتواصل مسيرة ثلاثة أيام.
ثم لماذا لم تشترطوا صلاحية المشي ثلاثة أيام في خف السفر فحسب أما خف الإقامة فيوم واحد، لأن هذا هو مقتضى طريقتكم في الاستدلال بالحديث على إمكان متابعة المشي؟ وإن كنا نرى بأن هذا كله غير لازم من النص بل غاية ما يلزم هو إمكان استمساك الخف على الرجل في المدة المذكورة وذلك لأن المرء قد يلبس الخف أو الجورب دفعا للبرد أو حفظا للقدم من الاحتكاك بالنعل أو لامتصاص العرق وغير ذلك من المقاصد لا لغرض المشي وقطع المسافات بل هذا هو الغالب لا سيما في الجورب.

ولا أدري كيف يصح أن يكون هذا الحكم المؤقت بهذه المدة في مسحٍ على ما لو سرتُ عليه مفرداً كيلاً واحداً لتمزق وتلف!
لا يصح لو سلمت لك بأن الغرض الأساس من الخف هو المشي به؟ وهذا يحتاج إلى بحث، إذ لو كان الغرض هو المشي به كالنعل فسيتلف عن قريب ربما خلال أسابيع. ما أظنه هو أنهم كانوا يلبسون الخف في السفر ركوبا على الدواب، ويترددون به في حاجاتهم اليسيرة للبراز والوضوء ونحو ذلك إذا نزلوا منزلا. وإذا تسنى لكم إثبات أن الخف يُتخذ للمشي أساسا فأظنه من العسير جدا إثبات مثل هذا في الجوارب التي ثبت المسح عليها، وإلا لم يكن فرق بين الجوارب والخفاف.
سلمت لكم أنه ينبغي في الخف والجورب أن يكونا مما يمكن متابعة المشي عليه، ولكن لِمَ جزمتم بأن جوارب اليوم لا يمكن هذا فيها، إذ المقصود بمتابعة المشي هو تردد المسافر أو المقيم في الخف أو الجورب في حاجاته اليسيرة كالذهاب إلى الخلاء ونحوه، وجوارب هذه الأيام تكفي في التردد بها في مثل ذلك لا سيما مع الفرق الكبير الذي طرأ على الطرق والبيوت هذه الأيام، إذ هي مسفلتة ومبلطة ونظيفة في كثير من البلاد، ولا يتصور تمزق الجورب بعد مشي كيل كما تفضلت بذكره إلا في بيئة كثيرة الحصى والأشواك. حتى المشي على الرمل في البيئة الصحراوية يحتمله الجورب أكثر من ثلاثة أيام.
وأما قولكم بأن الخف لا يُتَّخَذ عادة للمشي فهو غير صحيح؛ إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين ) وظاهره أن ذلك موجود وأن منهم من احتاج إليه
هذا لا يكفي في إثبات أن الغرض الأساس من الخف هو المشي به، لاحتمال أن منهم من حج راكبا فربما اكتفى بالخف ولم يجلب معه نعلا فمن ثم ورد الترخيص لأمثال هؤلاء بلبس الخف مع قطعه أسفل الكعبين.
هل يمكن أن تتفضلوا على أخيكم بالإجابة عن أمر قبل أن أجيب عما سألتم: هل يتصور أن الصحابة مسحوا على خفاف لا يمكن المشي فيها؟
الخفاف يمكن المشي فيها ولكنها لا تتخذ لهذا الغرض منفردا والله أعلم
أما الجوارب فممكن أيضا لكنها ليست لغرض المشي عليها مجردة قطعا وإلا تلفت عن قريب وإن كان أكثر من ثلاثة أيام.
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

ما ذكرتموه، بارك الله فيكم، من توقيت المشي بثلاثة أيام إنما هو عن بعض الحنابلة لا غير وبصيغة التمريض
بل هو الصحيح من المذهب، وأما بقية المذاهب في المشهور منها فليست تجيز المسح على الجورب استقلالاً أصلاً؛ فمذهب الحنابلة هو محل البحث عن أيسر رخص المسح على الحوائل من بين المذاهب الفقهية الأربعة، فلا مراهنة بكون الحنابلة وحدهم اشترطوا هذا الشرط؛ إذ تجويز المسح على الجورب من مفرداتهم.
وما فهمتُه من كلامهم هو اشتراط متابعة المشي على الخف في حاجاته خلال ثلاثة أيام، وليس المقصود إمكان تواصل المشي مسيرة ثلاثة أيام.
وهذا ما أفهمه أيضاً بارك الله فيكم.
ثم لماذا لم تشترطوا صلاحية المشي ثلاثة أيام في خف السفر فحسب أما خف الإقامة فيوم واحد
بل هو خف واحد يجب أن يكون صالحاً لأن يبقى ليمسح عليه يوماً وليلة في حال الإقامة، وثلاثة أيام بلياليها في السفر. وشراب اليوم لا يمكن بقاؤه هذه المدة إلا بأن يُلبَس عليه شيء آخر، وإلا فلا يمكن أن يكون كالخف الذي يعنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث التوقيت.

ولكن لِمَ جزمتم بأن جوارب اليوم لا يمكن هذا فيها، إذ المقصود بمتابعة المشي هو تردد المسافر أو المقيم في الخف أو الجورب في حاجاته اليسيرة كالذهاب إلى الخلاء ونحوه، وجوارب هذه الأيام تكفي في التردد بها في مثل ذلك لا سيما مع الفرق الكبير الذي طرأ على الطرق والبيوت هذه الأيام، إذ هي مسفلتة ومبلطة ونظيفة في كثير من البلاد، ولا يتصور تمزق الجورب بعد مشي كيل كما تفضلت بذكره إلا في بيئة كثيرة الحصى والأشواك. حتى المشي على الرمل في البيئة الصحراوية يحتمله الجورب أكثر من ثلاثة أيام.
الأخ الفاضل الدكتور أيمن.. أنا أتكلم عن شراب رقيق يلبَس وحده في رجل دون لبس نعل أو ما يسمونه الجزمة أو خلافه.. هل يمكن أن تسير به -بمفرده- على الإسفلت كيلاً واحداً دون أن يصيبه أذى؟ وهل يمكن -وفقك الله- أن تتخذه فتنتفع به، ولو كنت راكباً، في أرض حارة مرصوفة أو مبلطة ؟
وجزاكم الله خيراً
 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

تابع-
وأما قولكم سددكم الله: "هذا لا يكفي في إثبات أن الغرض الأساس من الخف هو المشي به، لاحتمال أن منهم من حج راكبا فربما اكتفى بالخف ولم يجلب معه نعلا فمن ثم ورد الترخيص لأمثال هؤلاء بلبس الخف مع قطعه أسفل الكعبين".

أقول: إنكار اتخاذ الخف في هذا الحديث لأجل المشي غريب عندي؛ إذ لا يُتَصوَّر ممن لم يلبس النعل في حجه -لكونه لا يجده- ولبس الخف مكانه أنه لا يريده لغرض المشي! وإن اتخذه لأغراض أُخَر إلا أن غرض المشي لا ينفك عنه بحال، وإلا قيل بأن الغرض من لبس النعل شيء آخر أيضاً؛ لأن الخف هنا إنما هو بدل عنه.
ولستُ أمنع من إمكان اتخاذه لغير هذا الغرض فقد قال الإمام النووي في شرح مسلم: أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ سَوَاءٌ كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا حَتَّى يَجُوزَ لِلْمَرْأَةِ الْمُلَازِمَةِ بَيْتَهَا وَالزَّمِنِ الَّذِي لَا يَمْشِي. أهـ

- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ، وَلَا خُفٍّ وَاحِدٍ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيَمْشِ فِيهِمَا جَمِيعًا»
فذكر الخف بإزاء النعل في النهي المتعلق بالمشي يدل على شيوع لبسه لغرض المشي، وقد بوَّب ابن حبان في صحيحه: ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَصْدِ الْمَرْءِ الْمَشْيَ فِي الْخُفِّ الْوَاحِدِ.



- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا بِذَاتِ الْجَيْشِ فَدَخَلَتْ فِي خُفِّهَا حَسَكَةٌ فَنَزَعَتْهُ وَمَشَتْ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ وَقَالَتْ: لَا أَخْشَى أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنْ لَا يُمْشَى فِي النَّعْلِ الْوَاحِدِ وَلَا فِي الْخُفِّ الْوَاحِدِ.

وقد قال الإمام أحمد: إِنَّمَا مَسَحَ الْقَوْمُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْخُفِّ يقوم مقام الخف في رِجل الرَّجُل , يذهب فيه الرجل و يجيء.

وقد علمتم أن كثيراً ممن حج معه -صلى الله عليه وسلم- مشاة، ففي حديث جابر: حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرتُ إلى مد بصري بين يديه من راكب وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك. وهذا يستأنس به لكون خطابه لمن لم يجد النعلين بأن يلبس الخفين جاء لغرض اتخاذهما ليمشى فيهما. والله أعلم

وبخصوص قولكم: "لاحتمال أن منهم من حج راكبا فربما اكتفى بالخف ولم يجلب معه نعلا فمن ثم ورد الترخيص لأمثال هؤلاء بلبس الخف مع قطعه أسفل الكعبين"
قلت: هذا محتمل في حجة الوداع، فما القول في خطبته بالمدينة: من لم يجد نعلين فليلبس الخفين؟!

ويبدو -على هذا النحو- أنني سأخطب للجمعة عن المسح على الجوارب (ابتسامة)
 
التعديل الأخير:

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

جزاكم الله خيرا أخي أبو بكر
ما تفضَّلت بإيراده حول المشي على الخف طيب لكنه لا يفيد إلا أن الخف يُمشى به، وهذا لا ننازع فيه. أما أن يكون الغرض الأساس منه المشي فما تفضلت به لعلَّه يقصر عن الدلالة عليه.
والذي يبدو لي أن النَّعل يُتَّخَذ أساسا للمشي (حفظ القدم من آفات الطريق)، بينما الخف يُتَّخَذُ لغرضين أساسين:
أحدهما: المشي عليه (حفظ القدم من آفات الطريق) ودليل ذلك ما تفضلت بذكره من قرائن. ولكن لَمَّا كان الخف أضعف من النعل في تحمُّل أذى الطريق كان بعضهم ينعِّله وبعضهم يتخذ فوقه خُفَّا أقصر وأغلظ منه وهو الجرموق. روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِثُ، ثُمَّ يَمْسَحُ عَلَى جُرْمُوقَيْنِ لَهُ مِنْ لُبُودٍ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ يَنْزِعُهُمَا، وَإِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ لَبِسَهُمَا وَيُصَلِّي ". وكذا مما فُسِّر الموق الوارد في حديث بلال أنه "مسح على مُوقَيه" بأنه خف غليظ فوق الخف.
والثاني: تحصيل الدفء ودفع البرد. وبهذا يفترق الخف عن النعل لأن النعل في زمنهم لم يكن ساترا لظاهر القدم أشبه ما يكون بما يسمى بـ "الشبشب" أو ا"لصندل" الآن في الشام ومصر ولعله لا زال يسمى بالنعال في الجزيرة العربية. والقرائن الدالة على هذا الغرض كثيرة: منها هيئة الخف نفسه حيث يكون ساترا للقدم جميعها ملتصقا بها مانعا من نفوذ الماء إليها، ومنها: حديث ثوبان قال: "قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمْ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا إِلَيْهِ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ الْبَرْدِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ" قال الأرناؤوط: " أخرجه أحمد فيما سيرد ومن طريقه أبو داود عن يحيى بن سعيد القطان... وإسناده صحيح، رجاله ثقات، وراشد بن سعد- وهو الحمصي المقرائي- سمع من ثوبان فيما جزم به البخاري في "التاريخ الكبير" 3/292، وقد عاصره قرابة ثمانية عشر عاماً، وليس موصوفاً بالتدليس". قال ابن فارس: "وَالتَّسَاخِينُ: الْخِفَافُ. وَمُمْكِنٌ أَنْ تَكُونَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُسَخِّنُ عَلَى لُبْسِهَا الْقَدَمَ. وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ". قلتُ أصل الاشتقاق ومناسبة الحديث يدلان على ذلك لأنها من "سَخَّن"، ومعناه ظاهر. ومنها ما رواه عبد الرزاق عن ابْنُ جُرَيْجٍ: فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: «أَتَرَى الرُّخْصَةَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِأَنْ لَا يُنْزَعَ الرَّجُلُ دَفَاهُ؟» قَالَ: "نَعَمْ".
هذا فيما يتعلَّق بالخف، وليس هو موطن النزاع.
أما الجورب فلا يُتخذ للمشي غالبا لأنه يفسد عن قريب إذا اتخذ لذلك ثم كونه مصنوعا من شعر أو صوف لا يزوِّده بالقساوة الكافية لحماية القدم من آفات الطريق. ومما يدل على ذلك أنهم كانوا يلبسون النعل تحته كما نفعل هذه الأيام إذ نلبس الحذاء فوق الجورب. وبعضهم كان ينعِّله بالجلد من الأسفل كما رواه البيهقي عَنْ رَاشِدِ بْنِ نَجِيحٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ دَخَلَ الْخَلَاءَ وَعَلَيْهِ جَوْرَبَانِ أَسْفَلُهُمَا جُلُودٌ وَأَعْلَاهُمَا خَزٌّ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا " [رجاله ثقات]. وروى الدولابي عن أنس أيضا: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، [ثقة] عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ [ثقة] قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو زِيَادٍ الطَّحَّانُ [صدوق] قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ [ثقة] قَالَ: " رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَحْدَثَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْنِ مِنْ صُوفٍ فَقُلْتُ: أَتَمْسَحُ عَلَيْهِمَا؟ فَقَالَ: إِنَّهُمَا خُفَّانِ وَلَكِنَّهُمَا مِنْ صُوفٍ ". وكذا روى ابن أبي شيبة حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضِرَارٍ، "أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالْكٍ، تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْنِ مَرْعَزِيٍّ". قال الأَزهري: المِرْعِزَّى كَالصُّوفِ يَخْلُصُ مِنْ بَيْنِ شَعَرِ العَنْزِ. وعن سيبويه هو اللين من الصوف.
وكثيرٌ ممن رُوي عنهم المسح على الجورب إنما كانوا يمسحون عليه من فوق النَّعل، أو مع النعل، لأن النعل لا يستر ظاهر القدم. ومن ذلك:
1. ما رواه ابن أبي شيبة وغيره حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزِّبْرِقَانِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، "أَنَّ عَلِيًّا، بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ"
2. وحَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ يَقُولُ: "الْجَوْرَبَانِ وَالنَّعْلَانِ بِمَنْزِلَةِ الْخُفَّيْنِ، وَكَانَ لَا يَرَى أَنْ يَمْسَحَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ صاحبِه"
3. ما رواه عبد الرزاق عن الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ "يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْنِ لَهُ مِنْ شَعْرٍ وَنَعْلَيْهِ"
4. ما رواه البيهقي أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، نا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " رَأَيْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى "
5. وما رواه ابن أبي شيبة حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ فُرَاتٍ، قَالَ: "رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ"
6. وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: "الْجَوْرَبَانِ وَالنَّعْلَانِ بِمَنْزِلَةِ الْخُفَّيْن"
فهذه الآثار ونحوها تدل على أنهم ما كانوا يتخذون الجوارب لغرض المشي إلا أن تنعل أو يلبس تحتها النعل، ولعل هذا يفسر ما روي بسند في ضعف من حديث أبي موسى، رضي الله عنه، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه، وكذا ما اختلف فيه صحته المحدثون من حديث المغيرة أنه صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه. وكذا قاله الطحاوي تأويلا لما روي عنه، صلى الله عليه وسلم: أنه "مسح على نعليه". ولما روي عن علي من طرق صحيحة عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ ـ وهو ثقة ـ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِالرَّحْبَةِ بَالَ قَائِمًا حَتَّى أَرغى فَأُتِيَ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَاسْتَنْشَقَ وَتَمَضْمَضَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْحَدِرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَأَمَّ النَّاسَ ". قال الطحاوي رحمه الله: "يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْنِ تَحْتَهُمَا جَوْرَبَانِ، وَكَانَ قَاصِدًا بِمَسْحِهِ ذَلِكَ إِلَى جَوْرَبَيْهِ، لَا إِلَى نَعْلَيْهِ. وَجَوْرَبَاهُ مِمَّا لَوْ كَانَا عَلَيْهِ بِلَا نَعْلَيْنِ، جَازَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا، فَكَانَ مَسْحُهُ ذَلِكَ مَسْحًا أَرَادَ بِهِ الْجَوْرَبَيْنِ، فَأَتَى ذَلِكَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ فَكَانَ مَسْحُهُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ هُوَ الَّذِي تَطَهَّرَ بِهِ، وَمَسْحُهُ عَلَى النَّعْلَيْنِ فَضْلٌ".
والحاصل أن المسح على الجوارب ثابت قطعا عن الصحابة فإما أن يكون مستندهم فعل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كما ورد في الأخبار المختلف بصحتها أو أنهم قاسوه على الخف، كما قال أنس: "هو خف ولكن من صوف" وكما قال إبراهيم: "الجوربان والنعلان بمنزلة الخفين"، وكما قال عطاء: "الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ"، والحسن وغيرهم.
ويبدو أن الجوارب في وقتهم كانت أنواعا منها ما هو محكم النسج متينه (صفيق). ومنها ما ليس كذلك. ولذلك قال الحسن وسعيد بن المسيب كما رواه ابن أبي شيبة: "يُمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَا صَفِيقَيْنِ". "وثَوْبٌ صَفِيق: مَتِين بَيِّنُ الصَّفاقة، وَقَدْ صَفُقَ صَفاقةً: كثُف نَسْجُهُ، وأَصْفَقَه الْحَائِكُ. وَثَوْبٌ صَفِيق وسَفِيق: جيّدُ النَّسْجِ" كما في لسان العرب.
واشتراط الصفاقة لا يقصد به تتابع المشي عليه لأنا بينا أن هذا ليس من أغراض الجورب، وإنما كونه يحفظ الرجل من نفوذ الأوساخ والغبرات إليها، لأنه إن لم يكن محكما جيد النسج نفذت الأوساخ من مسامِّه إلى القدم. وغاية الوضوء التطهير وقد عفي عن القدم المغطاة بالخف والرأس المغطاة بالعمامة لأنها محفوظة من الاتساخ فليست في مظنة الحاجة إلى الغسل إذا كانت كذلك، وعليه كان اتصاف الخف بمنع نفوذ أوساخ الطريق إلى الرجل وصفا مناسبا تنبغي ملاحظته إذا ما أريد قياس الجورب عليه.
والخلاصة هي أن "اشتراط تتابع المشي على الجورب" كما هو في الخف وصف طردي لا مدخل له في قياس أحدهما على الآخر، بل يكفي في الجورب أن يكون محكم النسج متينه يمنع نفوذ الأوساخ والغبرات إلى القدم وهو شرط حاصل في معظم جوارب هذه الأيام والله أعلم.
 

محمد ال عمر التمر

:: مطـًـلع ::
إنضم
30 أغسطس 2008
المشاركات
130
التخصص
غير متخصص
المدينة
المدينة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

بوركتم على هذا النقاش الطيب،
وهذه رسالة أيضا ذهب مؤلفها إلى ما ذكره الأستاذ باجنيد بارك الله في علمه،
http://www.archive.org/download/Alha...Alhaqhaqiq.pdf
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

جزاكم الله خيرا أخي أبو بكر
ما تفضَّلت بإيراده حول المشي على الخف طيب لكنه لا يفيد إلا أن الخف يُمشى به، وهذا لا ننازع فيه. أما أن يكون الغرض الأساس منه المشي فما تفضلت به لعلَّه يقصر عن الدلالة عليه.
والذي يبدو لي أن النَّعل يُتَّخَذ أساسا للمشي (حفظ القدم من آفات الطريق)، بينما الخف يُتَّخَذُ لغرضين أساسين:
أحدهما: المشي عليه (حفظ القدم من آفات الطريق) ودليل ذلك ما تفضلت بذكره من قرائن. ولكن لَمَّا كان الخف أضعف من النعل في تحمُّل أذى الطريق كان بعضهم ينعِّله وبعضهم يتخذ فوقه خُفَّا أقصر وأغلظ منه وهو الجرموق. روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِثُ، ثُمَّ يَمْسَحُ عَلَى جُرْمُوقَيْنِ لَهُ مِنْ لُبُودٍ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ يَنْزِعُهُمَا، وَإِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ لَبِسَهُمَا وَيُصَلِّي ". وكذا مما فُسِّر الموق الوارد في حديث بلال أنه "مسح على مُوقَيه" بأنه خف غليظ فوق الخف.
والثاني: تحصيل الدفء ودفع البرد. وبهذا يفترق الخف عن النعل لأن النعل في زمنهم لم يكن ساترا لظاهر القدم أشبه ما يكون بما يسمى بـ "الشبشب" أو ا"لصندل" الآن في الشام ومصر ولعله لا زال يسمى بالنعال في الجزيرة العربية. والقرائن الدالة على هذا الغرض كثيرة: منها هيئة الخف نفسه حيث يكون ساترا للقدم جميعها ملتصقا بها مانعا من نفوذ الماء إليها، ومنها: حديث ثوبان قال: "قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمْ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا إِلَيْهِ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ الْبَرْدِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ" قال الأرناؤوط: " أخرجه أحمد فيما سيرد ومن طريقه أبو داود عن يحيى بن سعيد القطان... وإسناده صحيح، رجاله ثقات، وراشد بن سعد- وهو الحمصي المقرائي- سمع من ثوبان فيما جزم به البخاري في "التاريخ الكبير" 3/292، وقد عاصره قرابة ثمانية عشر عاماً، وليس موصوفاً بالتدليس". قال ابن فارس: "وَالتَّسَاخِينُ: الْخِفَافُ. وَمُمْكِنٌ أَنْ تَكُونَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُسَخِّنُ عَلَى لُبْسِهَا الْقَدَمَ. وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ". قلتُ أصل الاشتقاق ومناسبة الحديث يدلان على ذلك لأنها من "سَخَّن"، ومعناه ظاهر. ومنها ما رواه عبد الرزاق عن ابْنُ جُرَيْجٍ: فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: «أَتَرَى الرُّخْصَةَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِأَنْ لَا يُنْزَعَ الرَّجُلُ دَفَاهُ؟» قَالَ: "نَعَمْ".
هذا فيما يتعلَّق بالخف، وليس هو موطن النزاع.
أما الجورب فلا يُتخذ للمشي غالبا لأنه يفسد عن قريب إذا اتخذ لذلك ثم كونه مصنوعا من شعر أو صوف لا يزوِّده بالقساوة الكافية لحماية القدم من آفات الطريق. ومما يدل على ذلك أنهم كانوا يلبسون النعل تحته كما نفعل هذه الأيام إذ نلبس الحذاء فوق الجورب. وبعضهم كان ينعِّله بالجلد من الأسفل كما رواه البيهقي عَنْ رَاشِدِ بْنِ نَجِيحٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ دَخَلَ الْخَلَاءَ وَعَلَيْهِ جَوْرَبَانِ أَسْفَلُهُمَا جُلُودٌ وَأَعْلَاهُمَا خَزٌّ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا " [رجاله ثقات]. وروى الدولابي عن أنس أيضا: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، [ثقة] عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ [ثقة] قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو زِيَادٍ الطَّحَّانُ [صدوق] قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَزْرَقُ بْنُ قَيْسٍ [ثقة] قَالَ: " رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَحْدَثَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْنِ مِنْ صُوفٍ فَقُلْتُ: أَتَمْسَحُ عَلَيْهِمَا؟ فَقَالَ: إِنَّهُمَا خُفَّانِ وَلَكِنَّهُمَا مِنْ صُوفٍ ". وكذا روى ابن أبي شيبة حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضِرَارٍ، "أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالْكٍ، تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْنِ مَرْعَزِيٍّ". قال الأَزهري: المِرْعِزَّى كَالصُّوفِ يَخْلُصُ مِنْ بَيْنِ شَعَرِ العَنْزِ. وعن سيبويه هو اللين من الصوف.
وكثيرٌ ممن رُوي عنهم المسح على الجورب إنما كانوا يمسحون عليه من فوق النَّعل، أو مع النعل، لأن النعل لا يستر ظاهر القدم. ومن ذلك:
1. ما رواه ابن أبي شيبة وغيره حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزِّبْرِقَانِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، "أَنَّ عَلِيًّا، بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ"
2. وحَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ يَقُولُ: "الْجَوْرَبَانِ وَالنَّعْلَانِ بِمَنْزِلَةِ الْخُفَّيْنِ، وَكَانَ لَا يَرَى أَنْ يَمْسَحَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ صاحبِه"
3. ما رواه عبد الرزاق عن الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ "يَمْسَحُ عَلَى جَوْرَبَيْنِ لَهُ مِنْ شَعْرٍ وَنَعْلَيْهِ"
4. ما رواه البيهقي أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، نا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " رَأَيْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى "
5. وما رواه ابن أبي شيبة حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ فُرَاتٍ، قَالَ: "رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ"
6. وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: "الْجَوْرَبَانِ وَالنَّعْلَانِ بِمَنْزِلَةِ الْخُفَّيْن"
فهذه الآثار ونحوها تدل على أنهم ما كانوا يتخذون الجوارب لغرض المشي إلا أن تنعل أو يلبس تحتها النعل، ولعل هذا يفسر ما روي بسند في ضعف من حديث أبي موسى، رضي الله عنه، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه، وكذا ما اختلف فيه صحته المحدثون من حديث المغيرة أنه صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه. وكذا قاله الطحاوي تأويلا لما روي عنه، صلى الله عليه وسلم: أنه "مسح على نعليه". ولما روي عن علي من طرق صحيحة عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ ـ وهو ثقة ـ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِالرَّحْبَةِ بَالَ قَائِمًا حَتَّى أَرغى فَأُتِيَ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَاسْتَنْشَقَ وَتَمَضْمَضَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْحَدِرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَأَمَّ النَّاسَ ". قال الطحاوي رحمه الله: "يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى نَعْلَيْنِ تَحْتَهُمَا جَوْرَبَانِ، وَكَانَ قَاصِدًا بِمَسْحِهِ ذَلِكَ إِلَى جَوْرَبَيْهِ، لَا إِلَى نَعْلَيْهِ. وَجَوْرَبَاهُ مِمَّا لَوْ كَانَا عَلَيْهِ بِلَا نَعْلَيْنِ، جَازَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا، فَكَانَ مَسْحُهُ ذَلِكَ مَسْحًا أَرَادَ بِهِ الْجَوْرَبَيْنِ، فَأَتَى ذَلِكَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ فَكَانَ مَسْحُهُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ هُوَ الَّذِي تَطَهَّرَ بِهِ، وَمَسْحُهُ عَلَى النَّعْلَيْنِ فَضْلٌ".
والحاصل أن المسح على الجوارب ثابت قطعا عن الصحابة فإما أن يكون مستندهم فعل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كما ورد في الأخبار المختلف بصحتها أو أنهم قاسوه على الخف، كما قال أنس: "هو خف ولكن من صوف" وكما قال إبراهيم: "الجوربان والنعلان بمنزلة الخفين"، وكما قال عطاء: "الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ"، والحسن وغيرهم.
ويبدو أن الجوارب في وقتهم كانت أنواعا منها ما هو محكم النسج متينه (صفيق). ومنها ما ليس كذلك. ولذلك قال الحسن وسعيد بن المسيب كما رواه ابن أبي شيبة: "يُمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إِذَا كَانَا صَفِيقَيْنِ". "وثَوْبٌ صَفِيق: مَتِين بَيِّنُ الصَّفاقة، وَقَدْ صَفُقَ صَفاقةً: كثُف نَسْجُهُ، وأَصْفَقَه الْحَائِكُ. وَثَوْبٌ صَفِيق وسَفِيق: جيّدُ النَّسْجِ" كما في لسان العرب.
واشتراط الصفاقة لا يقصد به تتابع المشي عليه لأنا بينا أن هذا ليس من أغراض الجورب، وإنما كونه يحفظ الرجل من نفوذ الأوساخ والغبرات إليها، لأنه إن لم يكن محكما جيد النسج نفذت الأوساخ من مسامِّه إلى القدم. وغاية الوضوء التطهير وقد عفي عن القدم المغطاة بالخف والرأس المغطاة بالعمامة لأنها محفوظة من الاتساخ فليست في مظنة الحاجة إلى الغسل إذا كانت كذلك، وعليه كان اتصاف الخف بمنع نفوذ أوساخ الطريق إلى الرجل وصفا مناسبا تنبغي ملاحظته إذا ما أريد قياس الجورب عليه.
والخلاصة هي أن "اشتراط تتابع المشي على الجورب" كما هو في الخف وصف طردي لا مدخل له في قياس أحدهما على الآخر، بل يكفي في الجورب أن يكون محكم النسج متينه يمنع نفوذ الأوساخ والغبرات إلى القدم وهو شرط حاصل في معظم جوارب هذه الأيام والله أعلم.

هنا أقول:

1- هل يباح عندكم المسح على الجورب غير المنعَّل؟
عندي أنه جائز بشرط أن يكون على الصفة التي ذكرتُ. وأما كونه منعلاً في الآثار التي تفضلتم بذكرها فليس وصفاً مؤثراً في الحكم.

2- لا أسلِّم أنهم ما كانوا يتخذون الجوارب لغرض المشي إلا أن تنعل أو يلبس تحتها النعل، فهذا أعم من الدليل؛ إذ غاية ما في الدليل الذي أوردتموه أنهم مسحوا على جوارب منعَّلة، بل عندنا أنهم مسحوا على غير المنعَّل والمجلَّد منها، فصح أنها يمشَى عليها.

ولعل ما ذكره النووي -رحمه الله- يؤيد ما أذهب إليه إذ يقول في "المجموع" شرح المهذب: (.. هذه المسألة مشهورة وفيها كلام مضطربٌ للأصحاب ونصَّ الشافعي رضي الله عنه عليها في الأم كما قاله المصنف ، وهو أنه يجوز المسح على الجورب بشرط أن يكون صفيقاً منعّلاً ، وهكذا قطع به جماعة منهم الشيخ أبو حامد والمحاملي وابن الصباغ والمتولي وغيرهم ، ونقل المزني أنه لا يمسح على الجوربين إلا أن يكونا مجلدي القدمين ، وقال القاضي أبو الطيب : لا يجوز المسح على الجورب إلا أن يكون ساتراً لمحل الفرض ، ويمكن متابعة المشي عليه . قال: وما نقله المزني من قوله "إلا أن يكونا مجلدي القدمين" ليس بشرطٍ وإنما ذكره الشافعي رضي الله عنه لأن الغالب أن الجورب لا يمكن متابعة المشي عليه إلا إذا كان مجلد القدمين ، هذا كلام القاضي أبي الطيب وذكر جماعات من المحققين مثله ، ونقل صاحبا الحاوي والبحر وغيرهما وجهاً أنه لا يجوز المسح وإن كان صفيقاً يمكن متابعة المشي عليه حتى يكون مجلد القدمين.

والصحيح بل الصواب ما ذكره القاضي أبو الطيب والقفال وجماعات من المحققين أنه إن أمكن متابعة المشي عليه جاز كيف كان و إلا فلا ، وهكذا نقله الفوراني في الإبانة عن الأصحاب أجمعين فقال : قال أصحابنا : إن أمكن متابعة المشي على الجوربين جاز المسح وإلا فلا ، والجورب بفتح الجيم . والله أعلم .

( فرعٌ ) في مذاهب العلماء في الجورب: قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أن الجورب إن كان صفيقاً يمكن متابعة المشي عليه جاز المسح عليه وإلا فلا ..... واحتج من منعه مطلقاً بأنه لا يسمى خفاً فلم يجز المسح عليه كالنعل .

واحتج أصحابنا بأنه ملبوس يمكن متابعة المشي عليه ساتر لمحل الفرض فأشبه الخف ، ولا بأس بكونه من جلد أو غيره بخلاف النعل فإنه لا يستر محل الفرض ، واحتج من أباحه وإن كان رقيقاً بحديث المغيرة رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلّم مسح على جوربيه ونعليه ) وعن أبي موسى مثله مرفوعاً . واحتج أصحابنا بأنه لا يمكن متابعة المشي عليه فلم يجز كالخرقة .

والجواب عن حديث المغيرة من أوجه :

( أحدها ) أنه ضعيف ضعفه الحفّاظ ، وقد ضعفه البيهقي ونقل تضعيفه عن سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين ومسلم بن الحجاج وهؤلاء هم أعلام أئمة الحديث ، وإن كان الترمذي قال : حديث حسن فهؤلاء مقدمون عليه بل كل واحد من هؤلاء لو انفرد قدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة .
( الثاني ) لو صحَّ لحُمِلَ على الذي يمكن متابعة المشي عليه جمعاً بين الأدلَّة وليس في اللفظ عموم يتعلق به .
( الثالث ) حكاه البيهقي رحمه الله عن الأستاذ أبي الوليد النيسابوري أنه حمله على أنه مسح على جوربين منعلين، لا أنه جورب منفرد ونعل منفردة ، فكأنه قال : مسح جوربيه المنعلين ، وروى البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه ما يدل على ذلك*. والجواب عن حديث أبي موسى من الأوجه الثلاثة فإن في بعض رواته ضعفاً ، وفيه أيضاً إرسال ، قال أبو داود في سننه : هذا الحديث ليس بالمتصل ولا بالقوي. والله أعلم ) أهـ كلام الإمام النووي

ومما يؤيد ما ذكرنا أنه جاء عن علي وأنس وأبي أمامة والبراء بن عازب وجماعة من الصحابة أنهم مسحوا على الجوارب ولم يأت تقييد ذلك بما كان منعلاً منها، بل فعل أنس رضي الله عنه حجة لنا في أنه مسح على جورب من صوف، ولا يمكن ادعاء اتحاد هذه القصة مع قول ابن نجيح: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ دَخَلَ الْخَلَاءَ وَعَلَيْهِ جَوْرَبَانِ أَسْفَلُهُمَا جُلُودٌ وَأَعْلَاهُمَا خَزٌّ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.

وأما الروايات المذكورة من أنه جاء المسح على الجوربين والنعلين عن بعض الصحابة
-مثل: كانَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ ...
فالجواب عنها: أنه لا يلزم أن يكون ذلك في وضوء واحد، بل واردٌ جداً أن يكون مسحه على الجورب في موطن، ومسحه على النعلين في موطن آخر.
كقولنا: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح على العمامة والخف، ولا يلزم من ذلك أن تكون حادثة المسح عليهما في وضوء واحد.

- وأما ما ظهر المسح فيه عليهما معاً من فعل الصحابة فهو محمول -كما ذكرتم- على أحد أمرين:
أولهما: أن يكون ذلك الجورب منعَّلاً، وإذا كان منعلاً فهذا يعد شيئاً واحداً (لباساً للرجل واحداً= أي أنه جورب يمكن متابعة المشي فيه)، وَالْمُنَعَّلُ: مَا وُضِعَ الْجِلْدُ عَلَى أَسْفَلِهِ كَالنَّعْلِ لِلْقَدَمِ.
ولا يلزم هذا الشرط (التنعيل) لإباحة المسح عليه فيما ظهر لي؛ إذ لو كان جورباً غير منعل وأمكن المشي فيه جاز المسح على ما قررتُ.
وعدم اشتراط التنعيل أو التجليد مذهب الإمام أحمد، مع اشتراطه ما ذكرناه، فقد قال: إن كان يمشي فيه فلا ينثني , فلا بأس بالمسح عليه , فإنه إذا انثنى ظهر موضع الوضوء . ولا يعتبر أن يكونا مجلدين. أهـ من "المغني"، كما كره المسح على الخِرَق.
والخف المجلَّد الذي اشترطه بعضهم وجعلوه نظيراً للمنعَّل هو الَّذِي وضع الْجلد على أَعْلَاهُ وأسفلِه.

ثانيهما: أن يلبَس النعل فوق الجورب، وهذا إنما يفعَل لغرض زائد على الغرض الذي لأجله يلبَس الجورب.
وهو يحتمل:

1- أن يكون الجورب لا يستمسك في القدم فيلبس النعل لتثبيته فيها.
2- أن يكون لبس النعل لصيانة الجورب من الأوساخ والغُسالة والطين.
3- أن يكون الجورب مخرقاً فيلبس النعل ليصون القدم من الأذى حال المشي.
4- أن يكون لبس الجورب لتدفئة القدم، والنعل للمشي فيه.
وهنا يظهر أن المشي من أغراض لبس الجورب

وأما ما جاء عن بعض التابعين مما أوردتموه فليس حجة على المخالف، وهو مما يدخله الاجتهاد.

أقول: الذي يعنيني في الباب لتأييد ما أقرره أن نعلم أن المعهود في "الخف" السليم أنه لا ينعل من أسفل، بخلاف الجورب! ذاك أن الخف يكون من جلد أصلاً؛ فصح أنه يمشَى عليه. (مقدمة أولى)
والحجيج من المدينة إلى مكة لم يكونوا لينفكوا عن مشيٍ في سفرهم ذلك، كما لا ينفك مسافر عن مشي، وعلى فرض حصول خلافه فلن يتعدى كونه نادراً جداً والنادر لا حكم له.
(مقدمة ثانية)
و"لفظ" رسول الله صلى الله عليه وسلم يفيد إباحة لبس الخفين في حال واحدة: هي حال عدم وجود النعلين فقط
والنعلان إنما يتخذان للمشي فيهما، فدل على أن الخف في هذه الرخصة بدلٌ عن النعل، وإن اتخذ لغرض آخر إلا أنه ما جاز لهم لبسه إلا عند عدم النعل
(مقدمة ثالثة)

النتيجة: الخف يتَّخَذ عادةً للمشي فيه.

وهو للرد على قولكم سددكم الله : "لأن الحج فيه كثير من المشي فالحاجة إلى الانتعال فيه ظاهرة، وهي ليست كذلك إلى الخف لأن الخف لا يتخذ عادة للمشي وإنما لتدفئة القدم وحفظها من الغبرات". وهي عبارة أراها تنقض أجزاءها؛ فما دام الحج فيه كثير من المشي وجاز لبس الخف فيه عوضاً عن النعل عند فقده، فما النتيجة؟!

 
التعديل الأخير:

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

بوركتم على هذا النقاش الطيب،
وهذه رسالة أيضا ذهب مؤلفها إلى ما ذكره الأستاذ باجنيد بارك الله في علمه،
http://www.archive.org/download/Alha...Alhaqhaqiq.pdf
وبوركت، وبورك في علمك
وقد اطلعت على طرف من هذا البحث فألفيت كاتبه قد لمز القائل بالجواز واستطال، والأمر لا يحتمل كل هذا الانفعال، ولا يستدعي الفظاظة بحال من الأحوال.
 
التعديل الأخير:

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

فالجواب عنها: أنه لا يلزم أن يكون ذلك في وضوء واحد، بل واردٌ جداً أن يكون مسحه على الجورب في موطن، ومسحه على النعلين في موطن آخر.
هذا يلزم منه جواز المسح على ظاهر القدم مع سيور النعلين ولا نعلمه إلا مذهبا للشيعة، وقد ذكرنا روايات كثيرة عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يمسحون على الجوربين والنعلين فيلزم من تفريق المسح كما تفضلتم به أن هؤلاء جميعا إذ مسحوا على النعلين منفردين أنهم يذهبون إلى أن الواجب في الرجلين المسح لا الغسل.
ولعل الأرجح ما ذكرناه من اجتماع الجورب مع النعل كما ورد مفسرا عن الحسن وإبراهيم وغيرهما والله أعلم

وعدم اشتراط التنعيل أو التجليد مذهب الإمام أحمد، مع اشتراطه ما ذكرناه، فقد قال: إن كان يمشي فيه فلا ينثني , فلا بأس بالمسح عليه , فإنه إذا انثنى ظهر موضع الوضوء

قوله إذ انثنى ظهر موضع الوضوء لم يتبين لي وجهه تماما، لكنه يشير إلى أن اشتراط كون الجورب صفيقا (متينا) إنما كان لأجل ما قد يظهره من موضع الوضوء إذا مشى فيه


وهنا يظهر أن المشي من أغراض لبس الجورب
يمشى به في الأماكن السهلة النظيفة ونحوها، أما أن يتخذ للمشي عادة كالنعال فهذا بعيد جدا، لأنه إما من صوف أو من شعر كما ورد في الآثار والمشي به في الطرقات يفسده عن قريب حتى لو كان صفيقا ثم إنه لا يحمي الرجل من الكدمات لليونته.

والنعلان إنما يتخذان للمشي فيهما، فدل على أن الخف في هذه الرخصة بدلٌ عن النعل، وإن اتخذ لغرض آخر إلا أنه ما جاز لهم لبسه إلا عند عدم النعل (مقدمة ثالثة)
شيخنا الكريم لا يخفاكم أن الخف محيط بالقدم بخلاف النعل، ولذلك كان لبس النعل مباحا في الحج دون الخف إلا أن لا يجد خفا وليس لهذا علاقة بالمشي.


النتيجة: الخف يتَّخَذ عادةً للمشي فيه.
لعل هذا يعتمد على البيئة، فالبيئة الصحراوية تقبل أن يتخذ الخف للمشي، ولذلك سمي خفا كخف الجمل والجمل يمشي بخفه.
أما البيئة الجبلية كالشام ونحوها فلا يجدي فيها الخف لكثرة الحصى في الطرق وتعرجها وهبوطها وصعودها، ولذلك فهو لا يكاد يحمي القدم وهذا بخلاف رمل الصحراء الناعم الذي قد يمشى بالجورب عليه دون أن يتأذى الجورب.
سلمنا أن الخف مما يتخذ عادة للمشي به، وسلمنا أن ما ورد من مسحه صلى الله عله وسلم على الجورب ضعيف
وحجتنا أمران لم تتطرقوا لهما بالجواب:
إحداهما: ثبوت المسح على الجوربين مطلقا عن الأصحاب من غير نكير
والثاني: القياس على الخف قياس علة لا قياس شبه، والعلة هي:
1. ستر القدم ومنع نفوذ الأووساخ إليها
2. الحاجة إلى اللبس لغرض التدفئة ونظافة القدم من غبرات الطريق
3. مشقة النزع
ولا يشترط وجود جميع صفات الأصل في الفرع كما هو معروف وإلا لم يكن القياس قياسا
 

أبوبكر بن سالم باجنيد

:: مشرف سابق ::
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
2,540
التخصص
علوم
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
الحنبلي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

هذا يلزم منه جواز المسح على ظاهر القدم مع سيور النعلين ولا نعلمه إلا مذهبا للشيعة، وقد ذكرنا روايات كثيرة عن الصحابة والتابعين أنهم كانوا يمسحون على الجوربين والنعلين فيلزم من تفريق المسح كما تفضلتم به أن هؤلاء جميعا إذ مسحوا على النعلين منفردين أنهم يذهبون إلى أن الواجب في الرجلين المسح لا الغسل.
ولعل الأرجح ما ذكرناه من اجتماع الجورب مع النعل كما ورد مفسرا عن الحسن وإبراهيم وغيرهما والله أعلم
شكر الله لكم
تجويز المسح على النعلين منفردين لا يلزم منه تجويز المسح على ظاهر الرجلين؛ فقد جاء المسح على النعلين منفردين في أحاديث صحاح كما ثبت عن بعض الصحابة والتابعين، وقيد ابن تيمية ذلك بما إذا كان يشق نزعهما.

ففي مسند الإمام أحمد : ثنا بهز ثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال سمعت النزال بن سبرة قال : رأيت علياً -رضي الله عنه- صلى الظهر ثم قعد لحوائج الناس، فلما حضرت العصر أتى بتَوْر من ماء فأخذ منه كفاً فمسح وجهه وذراعيه ورأسه ورجليه ثم أخذ فضله فشرب قائماً، وقال: إن ناساً يكرهون هذا وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله وهذا وضوء من لم يحدث .

وجاء أن ابن عمر -رضي الله عنهما- كان يتوضأ ونعلاه في رجليه ويمسح عليهما ويقول: كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. وقد روى البخاري ومسلم من طريق عبيد بن جريج أنه قال لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعاً لم أر أحداً من أصحابك يصنعها، وذكر منها: ورأيتك تلبس النعال السبتية ...فقال ابن عمر : إني رأيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- يلبس النعل التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها.

وثبت عن علي -رضي الله عنه- بإسناد صحيح أنه بال ثم توضأ فمسح على نعليه، ثم أقام المؤذن فخلعهما، ثم صلى.

وتعلم -أيها الشيخ المفضال المبارك- أن القول بالمسح على النعلين هو قول جماعة من المعاصرين من أهل السنة كالقاسمي والألباني.
والغرض من إيراد هذا -وإن لم يلزم منه أني أقول بالمسح على النعلين- إلا أنه لإثبات أنه مذهب لبعض الصحابة، وبعض علماء أهل السنة، والدليل يحتمله، ولا يلزم منه ما ذكرتم، وجزاكم الله خيراً.
 
إنضم
9 ديسمبر 2011
المشاركات
103
الكنية
ابو حماد
التخصص
في الحديث
المدينة
ميلسي
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

الحمد لله وكفي والصلاة والسلام علي نبيه المصطفي وعلي آله واصحابه اولي المجد والعلي
الحكم الشرعي للمسح علي الجوربين
الجورب علي ستة اقسام
ثخين مجلد--- يجوز المسح عليه باتفاق الائمة الربعة
ثخين منعل ---لايجوز المسح عليه عند الامام مالك ويجوز عند الائمة الثلثة ثخين مجرد ---لايجوز المسح عليه عند الامام مالك وعند الشافعي في قول ويجوز عند الامام ابي حنيفة واحمد والشافعي في الراجح
رقيق مجلد ---يجوز المسح عليه باتفاق الاربعة
رقيق منعل ---لايجوز المسح عليه عند الامام مالك والشافعي واحمد وللحنفية قولان والمفتي به القول بعدم الجواز
رقيق مجرد---لايجوز المسح عليه باتفاق الائمة الاربعة
(المغني ص303ج1 العدة ص33ج1 المجموع شرح المهذب ص500ج1 الكافي ص178ج1 بدائع الصنائع ص83ج1 البنايه ص425 ج1 كبيري ص119ج1 حاشية الطهطاوي علي مراقي الفلاح ص79ج1 رد المحتار ص489ج1 )
الحاصل ان الجوارب المروجة التي تعد عند الفقهاء رقيقة لايجوز المسح عليها عندالائمة الاربعة وغيرهم
فهذه اسماءهم
عطاء بن أبي رباح
الحسن البصري
سعيد بن المسيب
ابراهيم النخعي
سعيد بن جبير
سليمان الأعمش
مجاهد
الامام ابو حنيفة
الامام ابويوسف
الامام محمد
الحسن بن صالح
زفر
الامام مالك
الامام الشافعي
الامام احمد
والأوزاعي
عمرو بن دينار
الحسن بن مسلم
أبو ثور
سفيان الثوري
عبد الله بْنُ الْمُبَارَكِ
َإِسْحَقُ
داود
مسلم
من العلماء الحنفية
العلامه ابن نجيم المصري
عبد الغني الغنيمي الدمشقي
محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي (المتوفى : 483هـ)
: محمود بن أحمد بن الصدر الشهيد النجاري برهان الدين مازه
أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني علاء الدين (المتوفى : 587هـ)
علاء الدين السمرقندي سنة الولادة / سنة الوفاة 539هـ
أحمد بن محمد بن إسماعيل الطحاوي الحنفي سنة الولادة / سنة الوفاة 1231هـ
الحاجة نجاح الحلبي
حسن بن عمار بن علي الشرنبلالي الحنفي
عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي
محمد بن محمد البابرتي (المتوفى : 786هـ)
محمد بن فراموز الشهير بمنلا خسرو (المتوفى : 885هـ)
عبد الرحمن محمد ، المعروف بشيخي زاده (المتوفى : 1078هـ)
عبد الرحمن بن محمد بن سليمان المدعو بشيخي زاده سنة الولادة / سنة الوفاة 1078هـ
أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى الحنفى بدر الدين العينى (المتوفى: 855هـ)
الملا علي القاري
ابن عابدين
الحصفكي
قدوري
المرغيناني
عبد الحي اللكهنوي
النسفي
وغيرهم
من العلماء المالكية
عبد الرحمن بن محمد بن عسكر شهاب الدين البغدادي المالكي المتوفي سنة 732
أبو عبد الله محمد بن يوسف العبدري الشهير بالمواق (المتوفى : 897هـ)
أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي المالكي (المتوفى : 422هـ)
محمد العربى القروى
أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي (المتوفى : 1126هـ)
أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى : 463هـ)
أحمد بن محمد الصاوي (المتوفى : 1241هـ)
خليل بن إسحاق الجندي (المتوفى : 776هـ)
وغيرهم
من العلماء الشافعية
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى : 450هـ)
عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني (المتوفى : 623هـ)
أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى : 676هـ)
ابراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي أبو إسحاق
سيف الدين أبي بكر محمد بن أحمد الشاشي القفال سنة الوفاة 507هـ
أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني
من العلماء الحنابلة
شرف الدين موسى بن أحمد بن موسى أبو النجا الحجاوي (المتوفى : 960هـ)
منصور بن يونس بن إدريس البهوتي (المتوفى : 1051هـ)
عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد، أبو محمد بهاء الدين المقدسي (المتوفى : 624هـ)
أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد ، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى : 620هـ)
إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مفلح، أبو إسحاق، برهان الدين (المتوفى : 884هـ)
شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الزركشي الحنبلي سنة الولادة 722هـ/ سنة الوفاة 772هـ
اسماء العلماء المعاصرين الذين لايجوزون المسح علي الجوارب المروجه الرقييقة

الشيخ محمد زكريا
الشيخ انور الشاه الكاشميري
الشيخ المفي شفيع
الشيخ المفتي خير محمد
الشيخ المفتي عبد الواحد
الشيخ المفتي عبد الله
الشيخ المفتي محمد تقي العثماني
الشيخ المفتي رشيد احمد
الشيخ منير احمد المنور
الشيخ سرفراز احمد صفدر
الشيخ محمد امين صفدر الاوكاروي
الشيخ محمد الياس جهمن
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
عَاْمِرِ بنِ مُحَمَّدِ فِدَاْءِ بنِ بَهْجَت
العلامة محمد مختار الشنقيطي
العلامة وهبة الزحيلي
الشيخ عبد الرحمن الجزيري
المفتي احمد الهريدي مفتي الديار المصرية
مفتي محمد خاطر
الشيخ عبد الله بن محمد بن احمد الطيار
الشيخ عبد العزيز بن باز
الشيخ عبد الله بن جبرين
الشيخ عبد الله بن غديان
الشيخ عبد الرزاق العفيفي
الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ رءيس الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة
الشيخ عطية الصقر
الشيح محمد حسن الددوالشنقيطي
الشيخ الامين الحاج محمد احمد
العلامة شمس الحق العظيم آبادي
الشيخ عبد الرحمن المباركفوري
الشيخ عبيد الله المباركفوري
الشيخ ابوسعيد شرف الدين الدهلوي
الشيخ نذير حسين الدهلوي
الشيخ عبد الجبار الغزنوي
الشيخ ابو البركات احمد
الشيخ حسين بن محسن الانصاري
عن ابن عمر : أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : لا يجمع الله أمتي على ضلالة أبدا و يد الله على الجماعة هكذا فاتبعوا السواد الأعظم فإنه من شذ شذ في النار
المستدرك على الصحيحين للحاكم مع تعليقات الذهبي في التلخيص - (1 / 201)
السنن الواردة في الفتن للداني - (3 / 748)

عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ اخْتِلَافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ سنن ابن ماجه - (11 / 442)
مسند الشاميين - (3 / 196)
فالاتباع لما عليه الجمهور اولي واصوب
 
إنضم
28 أكتوبر 2008
المشاركات
48
التخصص
علوم شرعية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
أهل الحديث
رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب

رد: نيل المآرب في حكم المسح على جديد الجوارب


أما المسح على الجورب فجائز عند الحنابلة بشرطه..
فإن كانا منعَّلين بجلد أو خشب ونحوهما فجوزه كذلك الإمام أبو حنيفة رحمه الله، وهو نص الإمام الشافعي -رحمه الله- في الأم (1/49).
أين هذا الشرط عند الجنابلة ؟؟؟؟!!!!
 
أعلى