العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

جديد مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
الحمد لله رب العالمين , والصلاة على أشرف الأنبياء والمرسلين , أما بعد :
ففي هذه النافذة سنتدارس أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد , وذلك من خلال كتاب الجامع المفيد في أسباب اختلاف الفقهاء عند الامام ابن رشد الحفيد للدكتور عبد الكريم حامدي أستاذ الفقه المقارن في جامعة باتنة – الجزائر .
قال الدكتور عبد الكريم حامدي في مقدمته :
من هنا راودتني فكرة تأليف هذا الكتاب بطريقة أصولية تخدم الغرض الذي من أجله ألف ابن رشد كتابه , وهو بيان أسباب اختلاف الفقهاء , لتكون في متناول المجتهدين يصلون عليها المسائل ويفرعون الفروع .وقد سلكت الآتي :
أولًا : جمع المسائل الخلافية في مختلف أبواب الفقه .
ثانيًا : جمع أسباب الاختلاف في جميع المسائل الفقهية المختلف فيها .
ثالثًا : تنظيم وترتيب أسباب الاختلاف وفق المنهج الأصولي .
رابعًا : ضم جميع المسائل الخلافية المتنوعة تحت السبب الذي تشترك فيه .
وهكذا وصلت أسباب الخلاف بين المجتهدين المذكورة في الكتاب إلى اثني عشر سببًا , هي :
السبب الأول : الاختلاف في تفسير النصوص . 42 مسألة
السبب الثاني : الاختلاف في دلالة الأمر والنهي . 13 مسألة
السبب الثالث : الاختلاف في حمل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم . 9 مسائل
السبب الرابع : الاختلاف في تصحيح الحديث . 19 مسألة
السبب الخامس : الاختلاف في حمل المشترك . 18 مسألة
السبب السادس : الاختلاف في القراءات . 4 مسائل
السبب السابع : الاختلاف في العموم والخصوص . 5 مسائل
السبب الثامن : الاختلاف في تخصيص العام . 32 مسألة
السبب التاسع : الاختلاف في حمل المطلق على المقيد . 5 مسائل
السبب العاشر : الاختلاف في الدليل لعدم ورود النص . 15 مسألة
السبب الحادي عشر : الاختلاف في القياس والتعليل . 51 مسألة
السبب الثاني عشر : الاختلاف في التعارض والترجيح . 203 مسألة , ويكون مجموع المسائل 416 مسألة . ( تنبيه : أضفت عدد المسائل )

إلى أن قال الدكتور :
هذا من جهة الشكل , أما من جهة المضمون فإني حافظت على معظم المسائل الخلافية المذكورة في بداية المجتهد , إلاالتي لم يذكر لها ابن رشد سببًا , وهي قليلة معدودة .
الى أن قال : وبهذا العمل أكون قد أعدت النظر في جميع المسائل الخلافية , وأكملت بعض ما كان ينقص الكتاب من عدة جوانب :
أولًا : لم يذكر ابن رشد أقوال الإمام أحمد في معظم المسائل الخلافية , فاستدركت ذلك , ونسبت أقواله في جميع المسائل .
ثانيًا : قد يكون في المذهب الواحد قولان , فتحققت من ذلك في جميع المسائل .
ثالثًا : تصحيح بعض الأقوال المنسوبة خطأ لغير أصحابها , وهي قليلة جدًا .
انتهى
بعد ذلك شرع الدكتور في شرح المقدمة الأصولية التي صدر بها ابن رشد كتابه , وقد وقع الشرح في 63 صفحة .

قلت ( فهد ) :وفي هذه النافذة سأقوم بالآتي :
أولًا : أنقل المسألة وأقوال الفقهاء فيها كما هي من كتاب الجامع المفيد .
ثانيًا : أنقل من الكتاب المذكور سبب الاختلاف كما هو .
ثالثًا : يُفتح المجال بعد ذلك لمناقشة سبب الخلاف في المسائل .
مع استصحاب أن المقصود من هذا المدارسة والمذاكرة , وتقوية جانب معرفة أسباب اختلاف الفقهاء , وربط القواعد الأصولية بالفروع الفقهية .
والمجال مفتوح لإبداء المقترحات قبل البدء بالمدارسة .
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . هل هناك كتاب يذكر الاجماعات في بداية المجتهد بشكل مختصر . وكذلك الاختلافات ايضا بشكل مختصر . ولكم الشكر
 
إنضم
16 أبريل 2010
المشاركات
187
التخصص
إنجليزية
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

جزاكم الله كل خير
بخصوص التيمم هل تحل محل الطهارة الكبرى؟
إضافة إلى الخلاف المذكور وبيان أدلة كل فريق ألا يظهر أنه يحل محل الطهارة الكبرى اضطرارا
فمن كان به ضرر وأصابته الجنابة يتفق الفقهاء على عدم لجوءه للاغتسال لأنه تكليف بما لا طاقة له به
والقول أنه يصلي بلا تيمم أليس أقل من أن يكون هناك بديل
أو أنه يصلي ويعيد من بعد فيه مشقة على صاحب الضرر
إلى غير ذالك من أقوال الفقهاء
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

المسألة الرابعة : حكم تيمم المريض
اختلف الفقهاء في تيمم المريض يجد الماء ويخاف من استعماله على قولين :
الأول : يجوز له التيمم وبه قال الجمهور .
الثاني : لا يجوز له التيمم إذا وجد الماء , وبه قال عطاء .

سبب الخلاف : تفسير النص :
وهو اختلافهم هل في الآية محذوف مقدر في قوله تعالى : ( وإن كنتم مرضى أو على سفر ) . فمن رأى أن في الآية حذفا وأن تقدير الكلام وإن كنتم مرضى لا تقدرون على استعمال الماء ، وأن الضمير في قوله تعالى ( فلم تجدوا ماء ) إنما يعود على المسافر فقط - أجاز التيمم للمريض الذي يخاف من استعمال الماء .
ومن رأى أن الضمير في " فلم تجدوا ماء " يعود على المريض والمسافر معا ، وأنه ليس في الآية حذف - لم يجز للمريض إذا وجد الماء التيمم .
وقد رجح القائلون بجواز التيمم للمريض مذهبهم بحديث جابر في المجروح الذي اغتسل فمات ، فأجاز عليه الصلاة والسلام المسح له وقال : " قتلوه قتلهم الله " .
 

عاطف محمود أحمد

:: متابع ::
إنضم
9 ديسمبر 2008
المشاركات
43
الكنية
أبو محمد
التخصص
الشريعة والتربية
المدينة
درعا
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

السلام عليكم
لدي سؤال وهو : هل استوعب الدكتور حامدي جميع مسائل بداية المجتهد أم لا ؟
مع الشكر لكم على جهودكم الطيبة .
 
إنضم
20 أبريل 2008
المشاركات
122
التخصص
الشريعة..
المدينة
أم القرى
المذهب الفقهي
............
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

موضوع رااائع.. وهو مهم في تطبيق القواعد الأصولية وفهمها.. وما أجمل أن تقرر الأصول وتضبط عن طريق التطبيق بعيدا عن التنظريات المتكلفة والعائمة!

أقترح:
أولا: تحرير السبب الذي ذكره ابن رشد كما هو دون أي اعتراض..
ثانيا: بيان الخطأ ومحله إن وجد عند ابن رشد في تعيين السبب.
ثالثا: تحديد السبب الصحيح بأدلته..

وشكرا لكم على النقاش الراقي والموضوع الرائع..
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

قال ابن أبي شيبة في مصنفه :
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، قَالاَ فِي الْمَرِيضِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ ، قَالَ : هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسَافِرِ الَّذِي لاَ يَجِدُ الْمَاءَ يَتَيَمَّمُ . وَسَأَلْتُ عَطَاءً ، فَقَالَ : لاَ بُدَّ مِنَ الْمَاءِ وَيُسَخَّنُ لَهُ.
وقال ابن المنذر في الأوسط :
وقالت طائفة : إنما رخص في التيمم للمريض الذي لا يجد الماء ، فأما من وجد الماء فليس يجزيه إلا الاغتسال واحتج بظاهر قوله بعد أن ذكر المريض وغيره : فلم تجدوا ماء .. الآية هذا قول عطاء ، قال عطاء : وقد احتلمت مرة وأنا مجدور فاغتسلت ، هي لهم كلهم وكان الحسن يقول في المجدور تصيبه الجنابة : يسخن له الماء فيغتسل به ، ولا بد من الغسل .
وقال ابن عبدالبر في التمهيد :
وقال عطاء بن أبي رباح لا يتيمم المريض إذا وجد الماء ولا غير المريض لأن الله يقول {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} فلم يبح التيمم لأحد إلا عند فقد الماء
ولولا قول الجمهور وما روي من الأثر كان قول عطاء صحيحا والله أعلم.
وقال ابن رجب في فتح الباري :
وحكي عن عطاء والحسن : أن فقد الماء شرطٌ للتيمم مع المرض - أيضا - فلا يباح للمريض أن يتيمم مع وجود الماء وإن خشي التلف .
وهذا بعيد الصحة عنهما ، فإنه لو لم يجز التيمم إلا لفقد الماء لكان ذكر المرض لا فائدة له .


 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

يظهر والله أعلم أنه لا نقل عن عطاء يؤيد أنه ذهب لهذا القول اعتمادا منه على أنه لا حذف الآية , وقد يكون
ابن رشد قد استظهر سبب الخلاف هنا , وأرجع الخلاف إلى تأويل الآية .. والله أعلم .
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

المسألة الخامسة : حكم تيمم الحاضر الصحيح
اختلف الفقهاء في تيمم الحاضر الصحيح العادم للماء على قولين :
الأول : يجوز له التيمم , وبه قال مالك , والشافعي , وأحمد .
الثاني : لا يجوز له التيمم , وبه قال أبو حنيفة .


سبب الخلاف : تفسير النص :
وأما سبب اختلافهم في الحاضر الذي يعدم الماء ، فاحتمال الضمير الذي في قوله تعالى : " فلم تجدوا ماء " أن يعود على أصناف المحدثين ( أعني الحاضرين والمسافرين ، أو على المسافرين فقط ) .
فمن رآه عائدا على جميع
أصناف المحدثين أجاز التيمم للحاضرين .
ومن رآه عائدا على المسافرين فقط أو على المرضى والمسافرين لم
يجز التيمم للحاضر الذي عدم الماء .
 
إنضم
8 مارس 2010
المشاركات
10
التخصص
علوم القرآن
المدينة
حيث أهل العلم
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

جزاكم الباري خيرا
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

جاء في المبسوط للسرخسي :
( وَإِنْ أَجْنَبَ الصَّحِيحُ فِي الْمِصْرِ فَخَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ الْبَرْدُ إنْ اغْتَسَلَ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ ) فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَالْمُسَافِرِ إذَا خَافَ ذَلِكَ وَعِنْدَهُمَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ وَلَا يُجْزِئُهُ فِي الْمِصْرِ قَالَا : لِأَنَّ السَّفَرَ يَتَحَقَّقُ فِيهِ خَوْفُ الْهَلَاكِ مِنْ الْبَرْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجِدُ مَاءً سَخِينًا وَلَا ثَوْبًا يَتَدَفَّأُ بِهِ وَلَا مَكَانًا يَأْوِيهِ وَأَمَّا الْمِصْرُ لَا يَعْدَمُ أَحَدٌ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إلَّا نَادِرًا وَلَا عِبْرَةَ بِالنَّادِرِ وَلِهَذَا لَمْ يُجْعَلْ عَدَمُ الْمَاءِ فِي الْمِصْرِ مُجَوِّزًا لِلتَّيَمُّمِ بِخِلَافِ خَارِجِ الْمِصْرِ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : الْمُسَافِرُ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ مِنْ الْبَرْدِ فَإِذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ كَانَ هُوَ كَالْمُسَافِرِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْحَرَجِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ ثَابِتٌ فِيهِمَا وَلِأَنَّ مَنْ جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ فَالْمِصْرُ وَالسَّفَرُ لَهُ سَوَاءٌ كَالْمَرِيضِ وَأَمَّا الْمَحْبُوسُ فِي السِّجْنِ فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ نَظِيفٍ وَهُوَ لَا يَجِدُ الْمَاءَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ إنْ كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ لَمْ يُصَلِّ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يُصَلِّي ثُمَّ يُعِيدُ وَهُوَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى .
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

المسألة السادسة : وقت التيمم
اختلف الفقهاء , هل يشترط لصحة التيمم دخول وقت الصلاة ؟ على قولين :
الأول : دخول الوقت شرط , وبه قال مالك والشافعي وأحمد .
الثاني : دخول الوقت ليس شرطا , وبه قال أبو حنيفة , وأهل الظاهر , وابن شعبان من أصحاب مالك .

سبب الاختلاف : تفسير النص :
أعني : هل ظاهر مفهوم آية الوضوء يقتضي أن لا يجوز التيمم والوضوء إلا عند دخول الوقت , لقوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ) الآية ، فأوجب الوضوء والتيمم عند وجوب القيام إلى الصلاة ، وذلك إذا دخل الوقت ، فوجب لهذا أن يكون حكم الوضوء والتيمم في هذا حكم الصلاة ( أعني أنه كما أن الصلاة من شرط صحتها الوقت ، كذلك من شروط صحة الوضوء والتيمم الوقت ) إلا أن الشرع خصص الوضوء من ذلك ، فبقي التيمم على أصله أم ليس يقتضي هذا ظاهر مفهوم الآية ، وأن تقدير قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ) أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة .
وأيضا فإنه لو لم يكن هنالك محذوف لما كان يفهم من ذلك إلا إيجاب ال
وضوء والتيمم عند وجوب الصلاة فقط ، لا أنه لا يجزئ إن وقع قبل الوقت إلا أن يقاسا على الصلاة ، فلذلك الأولى أن يقال في هذا إن سبب الخلاف فيه هو قياس التيمم على الصلاة ، لكن هذا يضعف ، فإن قياسه على الوضوء أشبه ، فتأمل هذه المسألة ، فإنها ضعيفة ( أعني : من يشترط في صحته دخول الوقت ويجعله من العبادات المؤقتة ) فإن التوقيت في العبادة لا يكون إلا بدليل سمعي ، وإنما يسوغ القول بهذا إذا كان على رجاء من وجود الماء قبل دخول الوقت ، فيكون هذا ليس من باب أن هذه العبادة مؤقتة ، لكن من باب أنه ليس ينطلق اسم الغير واجد للماء إلا عند دخول وقت الصلاة ; لأنه ما لم يدخل وقتها أمكن أن يطرأ هو على الماء ، ولذلك اختلف المذهب متى يتيمم ؟ هل في أول الوقت أو في وسطه أو في آخره ؟
لكن ههنا مواضع يعلم قطعا أن الإ
نسان ليس بطارئ على الماء فيها قبل دخول الوقت ، ولا الماء بطارئ عليه .
وأيضا فإن قدرنا طرو الماء فليس يجب عليه إلا نقض التيمم فقط لا منع صحته ، وتقدير الطرو هو ممكن في الوقت وبعده ، فلم جعل حكمه قبل دخول الوقت خلاف حكمه في الوقت ( أعني أنه قبل الوقت يمنع انعقاد التيمم ، وبعد دخول الوقت لا يمنعه ) وهذا كله لا ينبغي أن يصار إليه إلا بدليل سمعي ، ويلزم على هذا أن لا يجوز التيمم إلا في آخر الوقت فتأمله .
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

قال الماوردي في الحاوي الكبير :
فَأَمَّا دُخُولُ الْوَقْتِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي التَّيَمُّمِ لِصَلَاةِ الْوَقْتِ ، فَأَمَّا الصَّلَاةُ الْفَائِتَةُ وَالنَّافِلَةُ فَلَيْسَ الْوَقْتُ شَرْطًا فِي التَّيَمُّمِ لَهَا ، وَإِنَّمَا إِرَادَةُ فِعْلِهَا شَرْطٌ فِي التَّيَمُّمِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِفَرْضٍ مُؤَقَّتٍ يُؤَدِّيهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَيَمَّمَ فِي وَقْتِهِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَإِنْ تَيَمَّمَ أَعَادَ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا اسْتِدْلَالًا
1- بِقَوْلِهِ تَعَالَى :فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [ الْمَائِدَةِ : ] فَأَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ مَأْمُورٌ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِيهِ ، فَمَا كَانَ مُسْتَعْمَلًا قَبْلَ الْوَقْتِ جَازَ أَنْ يَتَيَمَّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَرُبَّمَا حَرَّرُوا هَذَا الِاسْتِدْلَالَ مِنَ الْآيَةِ قِيَاسًا فَقَالُوا : كُلُّ وَقْتٍ جَازَ فِيهِ الْوُضُوءُ جَازَ فِيهِ التَّيَمُّمَ قِيَاسًا عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ ،
2- قَالُوا : وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ يَجُوزُ فِعْلُهَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَجَازَ فِعْلُهَا قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ كَالْوُضُوءِ ،
3- قَالُوا : وَلِأَنَّ مَا صَحَّ مِنَ التَّيَمُّمِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ صَحَّ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ كَالْمُتَيَمِّمِ لِفَائِتَةٍ وَالنَّفْلِ .
وَدَلِيلُنَا
1-قَوْلُهُ تَعَالَى إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [ الْمَائِدَةِ : ] إِلَى قَوْلِهِ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا فَاقْتَضَى الظَّاهِرُ الْمَنْعَ مِنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ إِلَّا عِنْدَ الْقِيَامِ
إِلَى الصَّلَاةِ ، وَالْقِيَامُ إِلَيْهَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَمَّا خَرَجَ بِالدَّلِيلِ جَوَازُ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْوَقْتِ بَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى ظَاهِرِهِ ،
2- وَلِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا لِلْفَرِيضَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ قِيَاسًا عَلَى طَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ ،
3- وَلِأَنَّهُ تَيَمَّمَ فِي حَالِ اسْتِغْنَائِهِ عَنِ التَّيَمُّمِ فَلَمْ يَجُزْ كَالتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ ثُمَّ انْقَلَبَ ،
3- وَلِأَنَّ كُلَّ بَدَلٍ لَمْ يَصِحَّ الْإِتْيَانُ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ لَمْ يَصِحَّ الْإِتْيَانُ بِهِ قَبْلَ لُزُومِ الْأَصْلِ قِيَاسًا عَلَى التَّكْفِيرِ بِالصِّيَامِ قَبْلَ الْقَتْلِ وَالظِّهَار
4- ِ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ يَجُوزُ فِي حَالَيْنِ فِي الْمَرَضِ وَالْعُذْرِ ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ قَبْلَ زَمَانِ الْمَرَضِ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ زَمَانِ الْعُذْرِ ، وَتَحْرِيرُهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدَّمَ التَّيَمُّمَ عَلَى الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ فَهُوَ مَا مَضَى مِنْ وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا ، وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى مَا بَعْدَ الْوَقْتِ فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ تَيَمُّمٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى الْوُضُوءِ فَالْمَعْنَى فِيهِ جَوَازُهُ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى النَّوَافِلِ فَالْمَعْنَى فِيهِ جَوَازُ فِعْلِهَا عَقِيبَ التَّيَمُّمِ لَهَا .
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

المسألة السابعة : حكم الطهارة من النجس
اختلف الفقهاء في الطهارة من النجس , هل هي واجبة أو سنة , على قولين :
الأول : إزالة النجاسة واجبة , وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد .
الثاني : إزالتها فرض مع الذكر ساقطة مع النسيان , وقيل إزالتها سنة مؤكدة
وليست بفرض , وهما روايتان عن مالك .

سبب الاختلاف : ثلاثة أشياء :
السبب الأول : اختلافهم في قوله - تبارك وتعالى - : ( وثيابك فطهر ) هل ذلك محمول على الحقيقة أو محمول على المجاز ؟
والسبب الثاني : تعارض ظواهر الآثار في وجوب ذلك .
والسبب الثالث : اختلافهم في دلالة الأمر والنهي .
أما ما يتعلق بالسبب الأول
فمن حمل قوله تعالى (
وثيابك فطهر ) على الثياب المحسوسة قال : الطهارة من النجاسة واجبة ، ومن حملها على الكناية عن طهارة القلب لم ير فيها حجة .
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

قَالَ الشّاَفعيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى :
قال اللَّهُ عز وجل { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } , فَقِيلَ يصلى في ثِيَابٍ طاهره وَقِيلَ غَيْرُ ذلك وَالأَوَّلُ أَشْبَهُ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنْ يُغْسَلَ دَمُ الْحَيْضِ من الثَّوْبِ فَكُلُّ ثَوْبٍ جُهِلَ من يَنْسِجُهُ أَنَسَجَهُ مُسْلِمٌ أو مُشْرِكٌ أو وَثَنِيٌّ أو مَجُوسِيٌّ أو كِتَابِيٌّ أو لَبِسَهُ وَاحِدٌ من هَؤُلاَءِ أو صَبِيٌّ فَهُوَ على الطَّهَارَةِ حتى يُعْلَمَ أَنَّ فيه نَجَاسَةً وَكَذَلِكَ ثِيَابُ الصِّبْيَانِ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ أبي الْعَاصِ وَهِيَ صَبِيَّةٌ عليها ثَوْبُ صَبِيٍّ والأختيار أَنْ لاَ يُصَلَّى في ثَوْبِ مُشْرِكٍ وَلاَ سَرَاوِيلَ وَلاَ إزَارٍ وَلاَ رِدَاءٍ حتى يُغْسَلَ من غَيْرِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا ....
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

وقال ابن العربي في أحكام القرآن :
رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : مَا يُعْجِبُنِي أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ إلَّا فِي الصَّلَاةِ وَالْمَسَاجِدِ ، لَا فِي الطَّرِيقِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَثِيَابَك فَطَهِّرْ } يُرِيدُ مَالِكٌ أَنَّهُ كَنَّى بِالثِّيَابِ عَنْ الدِّينِ .وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي قَوْله تَعَالَى : { وَثِيَابَك فَطَهِّرْ } أَيْ لَا تَلْبَسْهَا عَلَى غَدْرَةٍ .
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

قال الرازي رحمه الله :
واعلم أن تفسير هذه الآية يقع على أربعة أوجه :
أحدها : أن يترك لفظ الثياب والتطهير على ظاهره .
والثاني : أن يترك لفظ الثياب على حقيقته ، ويحمل لفظ التطهير على مجازه .
الثالث : أن يحمل لفظ الثياب على مجازه ، ويترك لفظ التطهير على حقيقته .
والرابع : أن يحمل اللفظان على المجاز .

أما الاحتمال الأول : وهو أن يترك لفظ الثياب ، ولفظ التطهير على حقيقته ، فهو أن نقول : المراد منه أنه عليه الصلاة والسلام أمر بتطهير ثيابه من الأنجاس والأقذار ، وعلى هذا التقدير يظهر في الآية ثلاثة احتمالات :
أحدها : قالالشافعي : المقصود منه الإعلام بأن الصلاة لا تجوز إلا في ثياب طاهرة من الأنجاس .
وثانيها : قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كان المشركون ما كانوا يصونون ثيابهم عن النجاسات ، فأمره الله تعالى بأن يصون ثيابه عن النجاسات .
وثالثها : روي أنهم ألقوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلى شاة ، فشق عليه ورجع إلى بيته حزينا وتدثر بثيابه ، فقيل : ( ياأيها المدثرقم فأنذر ) ولا تمنعك تلك السفاهة عن الإنذار . ( وربك فكبر ) عن أن لا ينتقم منهم . ( وثيابك فطهر ) عن تلك النجاسات والقاذورات .
الاحتمال الثاني : أن يبقى لفظ الثياب على حقيقته ، ويجعل لفظ التطهير على مجازه ، فههنا قولان :
الأول : أن المراد من قوله : ( فطهر ) أي فقصر ، وذلك لأن العرب كانوا يطولون ثيابهم ويجرون أذيالهم فكانت ثيابهم تتنجس ، ولأن تطويل الذيل إنما يفعل للخيلاء والكبر ، فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك .

القول الثاني : ( وثيابك فطهر ) أي ينبغي أن تكون الثياب التي تلبسها مطهرة عن أن تكون مغصوبة أو محرمة ، بل تكون مكتسبة من وجه حلال .

الاحتمال الثالث : أن يبقى لفظ التطهير على حقيقته ، ويحمل لفظ الثياب على مجازه ، وذلك أن يحمل لفظ الثياب على الحقيقة وذلك لأن العرب ما كانوا يتنظفون وقت الاستنجاء ، فأمر عليه الصلاة والسلام بذلك التنظيف ، وقد يجعل لفظ الثياب كناية عن النفس .
قال عنترة :
فشككت بالرمح الأصم ثيابه
أي نفسه .
ولهذا قال :
ليس الكريم على القنا بمحرم

الاحتمال الرابع : وهو أن يحمل لفظ الثياب ولفظ التطهير على المجاز ، وذكروا على هذا الاحتمال وجوها :
الأول : وهو قول أكثر المفسرين : وقلبك فطهر عن الصفات المذمومة ، وعن الحسن : ( وثيابك فطهر ) قال : وخلقك فحسن ، قال القفال : وهذا يحتمل وجوها :
أحدها : أن الكفار لما لقبوه بالساحر شق ذلك عليه جدا ، حتى رجع إلى بيته وتدثر بثيابه ، وكان ذلك إظهار جزع وقلة صبر يقتضيه سوء الخلق ، فقيل له : ( قم فأنذر ) ولا تحملنك سفاهتهم على ترك إنذارهم ، بل حسن خلقك .
والثاني : أنه زجر عن التخلق بأخلاقهم ، فقيل له : طهر ثيابك أي قلبك عن أخلاقهم ، في الافتراء والتقول والكذب وقطع الرحم .
والثالث : فطهر نفسك وقلبك عن أن تعزم على الانتقام منهم والإساءة إليهم ، ثم إذا فسرنا الآية بهذا الوجه ، ففي كيفية اتصالها بما قبلها وجهان :
الأول : أن يقال : إن الله تعالى لما ناداه في أول السورة ، فقال : ( ياأيها المدثر ) وكان التدثر لباسا ، والدثار من الثياب ، قيل : طهر ثيابك التي أنت متدثر بها عن أن تلبسها على هذا التفكر والجزع والضجر من افتراء المشركين .
الوجه الثاني : أن يفسر المدثر بكونه متدثرا بالنبوة ، كأنه قيل : يا أيها المتدثر بالنبوة طهر ما تدثرت به عن الجزع وقلة الصبر ، والغضب والحقد ، فإن ذلك لا يليق بهذا الدثار ، ثم أوضح ذلك بقوله : ( ولربك فاصبر ) واعلم أن حمل المدثر على المتصف ببعض الصفات جائز ، يقال : فلان طاهر الجيب نقي الذيل ، إذا وصفوه بالنقاء من المعايب ، ويقال : فلان دنس الثياب إذا كان موصوفا بالأخلاق الذميمة ، قال الشاعر :
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا
والسبب في حسن هذه الكناية وجهان :
الأول : أن الثوب كالشيء الملازم للإنسان ، فلهذا السبب جعلوا الثوب كناية عن الإنسان ، يقال : المجد في ثوبه والعفة في إزاره .
والثاني : أن الغالب أن من طهر باطنه ، فإنه يطهر ظاهره .
الوجه الثاني : في تأويل الآية أن قوله : ( وثيابك فطهر ) أمر له بالاحتراز عن الآثام والأوزار التي كان يقدم عليها قبل النبوة ، وهذا على تأويل من حمل قوله : (ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ) [ الشرح : 3] الآية . قال محمد بن عرفة النحوي : معناه نساءك طهرهن ، وقد يكنى عن النساء بالثياب ، قال تعالى : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) [ البقرة : 187] وهذا التأويل بعيد ، لأن على هذا الوجه لا يحسن اتصال الآية بما قبلها .
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

المسألة الثامنة : حكم تارك الصلاة عمداً
اختلف الفقهاء في من أُمر بالصلاة وتعمد تركها من غير جحود لفرضها , على قولين :
الأول : ذهب قوم إلى أنه يقتل , إما كفرا , وهو مذهب أحمد وإسحاق وابن المبارك . وإما حداً , وهو مذهب مالك والشافعي .
الثاني : وذهب قوم إلى أنه يعزر ويحبس حتى يصلي , وبه قال أبو حنيفة وأصحابه , وأهل الظاهر .

سبب الاختلاف : تفسير النص :
وذلك أنه ثبت عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير نفس " وروي عنه - عليه الصلاة والسلام - من حديث بريدة أنه قال : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " وحديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ليس بين العبد وبين الكفر ( أو قال الشرك ) إلا ترك الصلاة " فمن فهم من الكفر ههنا الكفر الحقيقي جعل هذا الحديث كأنه تفسير لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " كفر بعد إيمان " ومن فهم ههنا التغليظ والتوبيخ أي أن أفعاله أفعال كافر ، وأنه في صورة كافر كما قال : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن " لم ير قتله كفرا .

وأما من قال يقتل حدا فضعيف ، ولا مستند له إلا قياس شبه ضعيف إن أمكن ، وهو تشبيه الصلاة بالقتل في كون الصلاة رأس المأمورات ، والقتل رأس المنهيات .

وعلى الجملة فاسم الكفر إنما ينطلق بالحقيقة على التكذيب ، وتارك الصلاة معلوم أنه ليس بمكذب إلا أن يتركها معتقدا لتركها هكذا ، فنحن إذن بين أحد أمرين : إما إن أردنا أن نفهم من الحديث الكفر الحقيقي يجب علينا أن نتأول أنه أراد - عليه الصلاة والسلام - من ترك الصلاة معتقدا لتركها فقد كفر ، وإما أن يحمل اسم الكفر على غير موضوعه الأول ، وذلك على أحد معنيين : إما على أن حكمه حكم الكافر ( أعني : في القتل وسائر أحكام الكفار ) وإن لم يكن مكذبا ، وإما على أن أفعاله أفعال كافر على جهة التغليظ والردع له : أي أن فاعل هذا يشبه الكافر في الأفعال ، إذ كان الكافر لا يصلي كما قال - عليه الصلاة والسلام - : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " وحمله على أن حكمه حكم الكافر في أحكامه لا يجب المصير إليه إلا بدليل ; لأنه حكم لم يثبت بعد في الشرع من طريق يجب المصير إليه ، فقد يجب إذا لم يدل عندنا على الكفر الحقيقي الذي هو التكذيب أن يدل على المعنى المجازي لا على معنى يوجب حكما لم يثبت بعد في الشرع بل يثبت ضده ، وهو أنه لا يحل دمه إذ هو خارج عن الثلاثة الذين نص عليهم الشرع فتأمل هذا ، فإنه بين والله أعلم .

( أعني أنه يجب علينا أحد أمرين : إما أن نقدر في الكلام محذوفا إن أردنا حمله على المعنى الشرعي المفهوم من اسم الكفر ، وإما أن نحمله على المعنى المستعار ، وأما حمله على أن حكمه حكم الكافر في جميع أحكامه مع أنه مؤمن فشيء مفارق للأصول ، مع أن الحديث نص في حق من يجب قتله كفرا أو حدا ، ولذلك صار هذا القول مضاهيا لقول من يكفر بالذنوب .
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

المسألة التاسعة : هل الواجب استقبال عين الكعبة أم جهتها ؟
اتفق المسلمون على أن التوجه نحو البيت شرط من شروط صحة الصلاة , لقوله تعالى : ( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ) ..
أما إذا أبصر البيت فالفرض عندهم هو التوجه إلى عين البيت , ولا خلاف في ذلك , وأما إذا غابت الكعبة عن الأنظار , فاختلفوا في ذلك في موضعين :

أحدهما : هل الفرض هو العين أو الجهة ؟
والثاني : هل فرضه الإصابة أو الاجتهاد ؟ أعني : إصابة الجهة أو العين عند من أوجب العين .

أما بخصوص المسألة الأولى فقد اختلفوا هل الفرض هو العين أو الجهة ؟ على قولين :
الأول : ذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد وأهل الظاهر إلى أن الفرض هو الجهة .
الثاني : وذهب الشافعي إلى أن فرضه العين .
سبب الإختلاف : تفسير النص :
أعني : قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} هل فيه محذوف حتى يكون تقديره: ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ؟ أم ليس هاهنا محذوف أصلا وأن الكلام على حقيقته ؟
فمن قدر هنالك محذوفا قال: الفرض الجهة ,
ومن لم يقدر هنالك محذوفا قال: الفرض العين .
والواجب حمل الكلام على الحقيقة حتى يدل الدليل على حمله على المجاز وقد يقال إن الدليل على تقدير هذا المحذوف قوله عليه الصلاة والسلام: "ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا توجه نحو البيت"
قالوا: واتفاق المسلمين على الصف الطويل خارج الكعبة يدل على أن الفرض ليس هو العين أعني إذا لم تكن الكعبة مبصرة.
والذي أقوله إنه لو كان واجبا قصد العين لكان حرجا وقد قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} فإن إصابة العين شيء لا يدرك إلا بتقريب وتسامح بطريق الهندسة واستعمال الأرصاد في ذلك فكيف بغير ذلك من طرق الاجتهاد ونحن لم نكلف الاجتهاد فيه بطريق الهندسة المبني على الأرصاد المستنبط منها طول البلاد وعرضها.
 
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

إتمام المدارسة سيكون قريبا ان شاء الله تعالى ..
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مدارسة أسباب اختلاف الفقهاء عند ابن رشد من خلال كتاب الجامع المفيد لـ د. حامدي

إتمام المدارسة سيكون قريبا ان شاء الله تعالى ..
عودا حميدا شيخنا الفاضل ونحن بالنتظار
 
أعلى