د. أيمن علي صالح
:: متخصص ::
- إنضم
- 13 فبراير 2010
- المشاركات
- 1,023
- الكنية
- أبو علي
- التخصص
- الفقه وأصوله
- المدينة
- عمان
- المذهب الفقهي
- الشافعي - بشكل عام
فقه التيسير في برنامج الشريعة والحياة
الدكتور رفيق المصري
بالأمس بثت " الجزيرة " حلقة جديدة من برنامج الشريعة والحياة حول فقه التيسير. لكن الملاحظ أن ما يقوله الشيخ حول الموضوع مرارًا وتكرارًا ليس فيه إضافة، فهو لا يعبأ بما يوجّه إليه من نقد محدد. يساعده على ذلك أن البرنامج لا يستضيف شيخًا آخرَ معارضًا له يستطيع أن يطرح على القرضاوي أسئلة دقيقة ومحرجة. فالقرضاوي تحت عباءة فقه التيسير ميّز بين الأخذ بالرخص وتتبع الرخص، فأحلّ الأول وحرّم الثاني. الاعتراض هنا أن الأخذ بالرخص لا بد أن يفضي إلى تتبع الرخص، ففقه الشيخ كله تتبّع للرخص، بل تتبّع للحيل. الدكتور رفيق المصري
فقد دخل الشيخ في المجال الاقتصادي والمصرفي فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أن فتاواه هو ومن معه من الميسّرين أدت إلى مؤسسات مالية إسلامية تفعل ما تفعله المؤسسات التقليدية تحت أسماء أخرى، حتى صارت معدلات الفائدة في المؤسسات ( الإسلامية ) أعلى منها في المؤسسات الأخرى !
دخل في المرابحة المصرفية فأجاز المرابحة ذات الوعد الملزم باستخدام أداته العتيدة في فقه التيسير، وأنّى يجوز الوعد الملزم في المعاوضات هيهات هيهات. ولكنه فقه التيسير، أو فقه الأحكام المسبقة!
دخل في الزكاة فترخّص وتتبّع التيسير والرخص والحيل حتى صارت الزكاة أشبه بالضريبة الوضعية. فجعل النصاب كالحد الأدنى المعفى في الضريبة، وأجاز الزكاة على الدخول كما أجاز علماء الضرائب الضريبة على الدخول، وأجاز الزكاة على الرواتب والأجور كما أجازوها !
دخل في السياسة وذهب إلى أن قتال العسكريين المسلمين في الجيش الأمريكي في العراق جائز، وما على هؤلاء المسلمين الذين يرمون القنابل على آبائهم وأمهاتهم إلا أن يغمضوا أعينهم ويصححوا نياتهم ويتخيلوا أنفسهم أنهم لا يقاتلون وراء بوش، بل وراء رسول الله ! كل ما عليهم هو أن يقولوا في قلوبهم : نويتُ أن أقاتل في سبيل الله، وخلف رسول الله !
إني أوصي الجزيرة بأن تدخل نوعًا من التجديد على برنامج الشريعة والحياة، بأن تستضيف شخصًا آخر مع القرضاوي مخالفًا له في الرأي. وإذا لم تفعل ذلك فعلى مُعِدّ البرنامج أن يتتبع الانتقادات الموجهة إلى فقه التيسير وزعيمه، وأن يوجه هذه الانتقادات إلى الشيخ مباشرة، كي لا يعيد الكلام في الموضوع الواحد خمسين مرة بدون إضافة : في الكتب، في الخطب، في الدروس، في المؤتمرات، في الندوات، في الفضائيات، في المحافل ...إلخ.
على الجزيرة أن توجه أسئلة للشيخ كالأسئلة التالية :
- كيف تجيز الأخذ بالرخص وتمنع تتبع الرخص، مع أن الأول لا بد أن يفضي إلى الثاني؟ هناك من طرف الأخذ بالرخص، ومن الطرف الآخر تتبع الرخص، سَلُوا الشيخ عند أي نقطة بينهما يمكن أن نتحول من الحلال إلى الحرام؟
- اربط فقه التيسير بفقه الحيل، فالملاحظ أن فقه التيسير قد أدى إلى الحيل القبيحة الممنوعة.
- أنت تجيز الوعد الملزم في المرابحة، وقد وُجّهت إليك انتقادات كثيرة من أهل العلم حول هذا الإلزام، فكيف تجيب عن هذه الانتقادات ؟ لا تظن أخي القارئ أن مسألة الوعد الملزم صعبة الفهم. فالشيخ يقول : بيع ما ليس عندك حرام، لهذا نجعل العقد ( عقد البيع ) وعدًا، ثم نجعل الوعد ملزمًا ! ألا ترى كيف صار الحرام حلالاً ؟ العملية نفسها تحرم تحت اسم، وتحلّ تحت اسم آخر ! هل هذا هو فقه التيسير؟ هل هذه هي الوسطية، يا زعيم التيسير والوسطية ؟
- يلاحظ أن الشرع يسّر في أمور، وشدّد في أمور، فكيف تأخذ أيها الشيخ خطًا واحدًا هو التيسير وبلا تمييز؟
- لوحظ أن التيسير أحيانًا قد يؤدي إلى اختيار رأي فيه إثم، مع أنه مشروط بأن لا يكون فيه إثم.
- يقول ابن الرومي :
أحلّ العراقي النبيـذ وشـربه وقال حرامان المدامة والسكر
وقال الحجازي الشرابان واحد فحلت لنا بين اختلافهما الخمر
يذكر بعض المؤلفين هذين البيتين في مجال الكلام عن تتبع الرخص، ولكن لو تفحصنا النبيذ لوجدنا أنه حرام، وليس من الرخص. وما يسمى هنا رخصة هو في حقيقته من قبيل أخطاء العلماء. ومن ثم فإن تتبع الرخص قد بني على أساس غير صحيح.
- فقه التيسير أدى إلى حمل الشريعة على القانون الوضعي، وعلى الواقع المستمد من النظام الرأسمالي أو الاشتراكي أو غيره.
- لوحظ أن الشريعة لم يبق منها شيء بعد التيسير، لم يبق منها إلا اسمها ! فماذا تقول؟
- يدعي الشيخ أن ليس عنده وقت للردّ على المعترضين، هل عنده وقت لترديد المسألة الواحدة خمسين مرة بدون إضافة؟
- يثني الشيخ على أكثر ( العلماء ) الخبّاصين والمبعبصين في الشريعة والدين. هل يريد مني أن أذكر له أسماءهم ؟
- يرى الشيخ بأمّ عينيه أن بعض ( العلماء ) وهم من الجهال قد اعتلوا سدّة الفتوى والتكسب بالفتوى، لا لعلمهم، بل لأنهم مستعدون للتخبيص والبعبصة حسب المراد منهم ! فلماذا لا يَحمل الشيخ عليهم ويصحح انحرافاتهم، ومنهم من هم ملتصقون به ؟!
- ماذا فعل هؤلاء الخبّاصون المبعبصون ؟ لقد حولوا نبع الشرع الصافي إلى ماء للصرف الصحي !
- يصف الشيخ خصومه بالمتشددين من باب الحيلة، لكي يكسب هو الحكام والتجار والفنانين والفنانات والجمهور، ولكي ينفّر كل هؤلاء من خصومه.
- حصل الشيخ على جائزة وقدم بحثًا للجائزة مستلاً من كتابه فقه الزكاة، هل هذا معقول؟ هل من المعقول أن المبدع الذي حصل على جائزة يرجع إلى ما كتبه قبل خمسين سنة، وليس عنده شيء يضيفه؟!
أخيرًا إن على الجزيرة أن تعيد النظر ببرنامج الشريعة والحياة، لأن موضوعاته صارت مكررة ومملة وغير حيوية، ولا جديد فيها، فهي مجرد إنشا ومحفوظات ! الشيخ كثير الحفظ، هذا أمر حسن، ولكن حفظه يأتي على حساب فقهه ! والشيخ يشغلنا بحفظه عن فقهه.
المصدر: موقع الدكتور رفيق المصري
http://drmasri.atwebpages.com/rmasr...33-57&catid=69:2009-04-19-18-59-07&Itemid=160