العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مراجعة الزوجة بفعل منه أو منها عند السادة الحنفية

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
قالوا : إذا لمسها لشهوة أو نظر إلى فرجها عن شهوة فهو مراجع ، وإن لمس أو نظر لغير شهوة لم يكن رجعة ، لأن ذلك حلال في الجملة ، ألا ترى أن القابلة والطبيب ينظران إلى الفرج ويمس الطبيب عند الحاجة إليه بغير شهوة فلا ضرورة إلى جعله رجعة ، وكذا إذا نظر لغير الفرج لشهوة لأن ذلك أيضا مباح في الجملة ويكره التقبيل واللمس لغير شهوة إذا لم يرد به المراجعة ، وكذا يكره أن يراها متجردة لغير شهوة ، كذا قال أبو يوسف ، لأنه لا يأمن من أن يشتهي فيصير مراجعا من غير إشهاد ، وذلك مكروه ، وكذا لا يأمن من ضرار بها لجواز أن يشتهي فيصير به مراجعا وهو لا يريد ذلك بقوله : ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) (188) وكذا قال أبو يوسف : أن الأحسن إذا دخل عليها أن يتنحنح ويسمعها خفق نعليه ليس من أجل أنها حرام ، ولكن لا يأمن أن يري الفرج بشهوة فيكون رجعة بغير إشهاد .
ويعلل الحنفية جواز المراجعة بفعل يدل عليها بأنه لو لم يجعل الوطء دالاً علي الرجعة ربما لا يراجعها بالقول بل يتركها حتى تنقضي عدتها فيزول الملك عند انقضاء العدة بالطلاق السابق ، لأنه لا فعل منه إلا ذلك فيزول الملك مستندا إلي وقت وجوب الطلاق فتبين أن الملك كان زائلا من وقت الطلاق من وجه فيظهر أن الوطء كان حراما فجعل الإقدام علي الوطء دلالة الرجعية صيانة له ولها عن الحرام (189) .
هل هناك فرق بين حدوث هذا الفعل الدال علي الرجعة منه أو منها ؟
قالوا : لا فرق بين كون هذه الأفعال منها أو منه في كونه رجعة معتبرة وصحيحة إذا كان ما صدر منها بعلمه ولم يمنعها لأن حل المعاشرة الزوجية قد ثبت لهما معا فتصبح الرجعة منها إذا نظرت إليه بشهوة ، كما يصح ذلك منه .
وإذا لمسته فتركها وهو يقدر علي منعها كان ذلك رجعة ، لأنه لما مكنها من اللمس فقد حصل ذلك باختياره فصار كأنه لمسها ، وكذا إذا ابتدأت اللمس وهو مطاوع لها أنه يكون رجعة (190)فإن كان اختلاسا منها بأن كان نائما مثلا ولم يقم بتمكينها أن تفعل ذلك ، أو أنها فعلته وهو مكره أو معتوه ، ففيه خلاف .
قال أبو حنيفة ومحمد تثبت الرجعة ، وقال أبو يوسف لا تثبت، ووجه قول أبو حنيفة ومحمد الاعتبار بالمصاهرة ، إذ لا فرق في ثبوتها بين كون ذلك منها أو منه أي أن حرمة المصاهرة تثبت عند أبي حنيفة ومحمد بهذه الأفعال سواء كانت منها أو منه .
ووجه قول أبو يوسف عدم اعتبار هذه الأفعال رجعة إذا صدرت منها ، أن الرجعة حق للزوج المطلق لا الزوجة المطلقة فهو إذن الذي يراجع وليست هي (191) .
إلا أن الراجح عند الحنفية حصول الرجعة بهذه الأفعال سواء صدرت منها أو منه علي قول أبي حنيفة ومحمد ، وفي بعض هذا يقول الكاساني : ( وكذا إن جامعته وهو نائم أو مجنون اعتبر ذلك رجعة ، لأن ذلك حلال لها عندنا ، فلو لم يجعل رجعة لصارت مرتكبة للحرام علي تقدير انقضاء العدة من غير رجعة من الزوج ، فجعل ذلك منها رجعة شرعا ضرورة التحرز عن الحرام ، ولأن جماعها كجماعه لها في باب التحريم فكذا في باب الرجعة (192) أما ما قاله أبو يوسف أن الرجعة لا تعتبر بغير اختيار الزوج يشكل بما إذا جامعته وهو نائم أنه تثبت الرجعة ، من غير اختيار الزوج(193).
أمـا الخلوة بالمرأة في العدة والسفر بها فلا يعتبران رجعة إلا عند زفر وأبو يوسف في رواية (194) .
( 188 ) سورة البقرة الآية 231
( 189 ) الكاساني ، بدائع الصنائع جـ 3 ص 286 ، 287
( 190 ) الكاساني ، بدائع الصنائع جـ 3 ص 288
( 191 ) ابن الهمام ، شرح فتح القدير جـ 3 ص 161 ، 162
( 192 ) الكاساني ، بدائع الصنائع جـ 3 ص 287
( 193 ) المرجع السابق جـ 3 ص 288
( 194 ) ابن الهمام ، شرح فتح القدير جـ 3 ص 162
 
إنضم
31 مارس 2009
المشاركات
1,277
الإقامة
عدن
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد الرحمن
التخصص
لغة فرنسية دبلوم فني مختبر
الدولة
اليمن
المدينة
عدن
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مراجعة الزوجة بفعل منه أو منها عند السادة الحنفية

قال الأمام الهاملي رحمه الله :
تصح في الرجعي وقت العدة *** وإن أبت قبل الثلاث عده
بقوله راجعت أو باللمس *** أو رأي فرج باشتهاء نفسِ
وهو رواية في مذهب أحمد ، والمعتمد عندهم أن الوطء رجعة دون غيره من الأفعال ، وقيده شيخ الإسلام بما إذا كان الوطء بنية ارتجاعها، وهو مذهب المالكية على ما في (الكافي) ص 291 لابن عبد البر ، لكن عبارة خليل : (لا بفعل دونها) يدل بمفهومه على حصول الرجعة بكل فعل مع النية ، فإنه أطلق الفعل ، وأتى بالنكاح على صورة المثال.
فيتفق مذهب الأحناف مع المعتمد من مذهب الحنابلة بحصوله بالوطء ولو لم يقصد ارتجاعها به، ووافق مذهب المالكية في كونه يحصل بكل فعل بشهوة ـ أي من مقدمات الوطء كاللمس والتقبيل والمباشرة ـ
وخالف الشافعية فحصروا الرجعة بالقول ، وهو رواية في مذهب أحمد.
فلم يختص مذهب الأحناف إلا بعدم اشتراط نية الارتجاع في غير الوطء ، وقد وافقهم الحنابلة في عدم اشتراطها في الوطء.
والله أعلم
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: مراجعة الزوجة بفعل منه أو منها عند السادة الحنفية

والدليل علي صحة الرجعة بالفعل الدال عليها ، بالكتاب ، والسنة ، والمعقول .
أولا : دليل الكتاب
قال تعالي : ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ) (206)
وجه الدلالة : سمي القرآن الكريم الرجعة رداً ، والرد لا يختص بالقول فقط بل يكون بالفعل كما يكون بالقول كرد الوديعة ورد المغصوب(207).
قال صلي الله عليه وسلم : ( علي اليد ما أخذت حتى ترد )(208).
وقال تعالي : ( فأمسكوهن بمعروف ) (209)" وقوله عز وجل : ( فإمساك بمعروف )(210).
وجه الدلالة :سمى الله تعالي الرجعة إمساكا ، والإمساك حقيقة يكون بالفعل (211) .
ثانيا : دليل السنة
استدلوا بحديث عبد الله بن عمر ( مره فليراجعها )(212).
قال الشوكاني : تجوز المراجعة بالفعل لأنه صلي الله عليه وسلم لم يخص قولاً من فعل ، ومن ادعي الاختصاص فعلية الدليل(213).
ثالثا : دليل المعقول
قالوا : الرجعة مدة مضروبة للفرقة فصح رفعها بالفعل كالإيلاء والعنة .
وأيضا : هي مدة تفيض إلي زوال الملك فصح رفعها بالقول والفعل كمدة الخيار في البيع ولأن تأثير الوطء أبلغ في الإباحة من القول كالمطلقة ثلاثا لا تستباح إلا بوطء زوج، فلما استبيحت المرتجعة بالقول فأولي أن تستباح بالفعل (214)
( 206 ) سورة البقرة الآية 288
( 207 ) الكاساني ، بدائع الصنائع جـ 3 ص 286 ، الماوردي ، الحاوي الكبير جـ 10 ص 310
( 208 ) اخرجه أبو داود في سننه / كتاب البيوع / باب في تضمين العارية برقم 3561
( 209 ) سورة الطلاق آية 2
( 210 ) سورة البقرة آية 229
( 211 ) الكاساني ، بدائع الصنائع جـ 3 ص 287
( 212 ) سبق ذكره وتخريجه
( 213 ) الشوكاني ، نيل الأوطار جـ 6 ص 353
( 214 ) الماوردي ، الحاوي الكبير جـ 10 ص 310
 

سما الأزهر

:: متخصص ::
إنضم
1 سبتمبر 2010
المشاركات
518
التخصص
الشريعة الإسلامية
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
الشافعي
رد: مراجعة الزوجة بفعل منه أو منها عند السادة الحنفية

أدلة القول الثاني
استدل أصحاب القول الثاني علي عدم صحة الرجعة بالفعل الدال عليها بالكتاب والقياس والمعقول .
أولا : دليل الكتاب
قال تعالي : ( فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم )(215).
وجه الدلالة : في هذه الآية دليلان علي عدم صحة الرجعة بالفعل الدال عليها :
الأول : قوله تعالي : ( فأمسكوهن بمعروف ) والمعروف ما عرف به ما في نفس الممسك الراد ، ولا يعرف ذلك إلا بالكلام (216) وأيضا فيها دلالة علي أن إباحة الامتلاك يكون بعد الإمساك(217).
الثاني : أمره بالإشهاد في الرجعة ، إما واجب علي القديم ، أو ندبا علي الجديد فدل علي أنها علي وجه تصح فيه الشهادة ، والوطء مما لم تجز بالإشهاد عليه عادة (218) .
قال الصنعاني في سبل السلام : ( ولأنه تعالي ذكر الإشهاد ولا إشهاد إلا علي القول )(219)
ثالثا : دليل القياس
قال الشافعي : ( فلا تثبت رجعة لرجل علي امرأته حتى يتكلم بالرجعة كما لا يكون نكاح ولا طلاق حتى يتكلم بهما ، فإذا تكلم بهما في العدة ثبت له الرجعة ) (220).
أي أن الشافعية اعتبروا الرجعية أجنبية عن الزوج فلا يحل له وطؤها ، والرجعة في العدة تعتبر إعادة لعقد الزواج ، وكما أن عقد الزواج لا يصح إلا بالقول الدال عليه، فكذا الرجعة لا تصح إلا بالقول الدال عليها أيضا ، فلو أن رجلا وطء امرأة قبل عقد النكاح فوطؤه حرام ، فكذا المطلقة الرجعية لو وطئها الزوج في العدة فوطؤه هذا حرام (221).
الراجـــح
بعد هذا العرض المبسط لتلك الخلافية أري بأذن الله تعالي أن الرأي الأولي بالقبول هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من صحة المراجعة بالفعل الدال عليها مع النية وذلك لما يلي : -
أ – قوة أدلتهم
ب – أنه أعدل الأقوال وأشبهها بالأصول كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية
ج – إن الوطء بنية المراجعة يعتبر رجعة لدلالة هذا الفعل علي إرادة المراجعة وأيضا مقدمات
الجماع ودواعيه كالقبلة واللمس بشهوة تعتبر رجعة إذا كانت هذه الأفعال صادرة عن الزوج بنية المراجعة أو كانت صادرة من الزوجة ولكن بعلم الزوج ورضاه وعدم منعها من ذلك ، أو بتمكينه لها بأن تفعل هذه الأفعال ، لأنه في هذه الحالات يكون كأنه قد فعلها و باشرها بنفسه ، وفي هذه صيانة لجانب المرأة والرجل كذلك لأنه إذا قصرنا صحة الرجعة بين الزوجين علي القول قد يراجع الزوج زوجته بالفعل فقط وتنتهي العدة دون أن يتلفظ بالرجعة وفي هذا ضرر فادح بالزوجة لأنه سيحكم علي وطئه لها بأنه محرم ، لذلك رأيت أن الأولى بالقبول هو اعتبار صحة المراجعة إذا حدث بالفعل المجرد عن القول صيانة لهما عن الحرام .
أما إذا باشرت الزوجة المراجعة بدون علم زوجها أو دون أن يمكنها من ذلك كما في حال النوم والإغماء والإكراه وغير ذلك فليس برجعة ، لأن الرجعة حق الزوج علي الخلوص ، فهو الذي يأتي بها بما يباشره من قول أو فعل ، وكذا السفر بالزوجة والخلوة بها يعتبران رجعة ولكن بشرط نية المراجعة عند الزوج المطلق بهذه الخلوة أو السفر
( 215 ) سورة الطلاق الآية 2
( 216 ) ابن حزم ، المحلي جـ 10 ص 251 ، 252
( 217 ) الماوردي ، الحاوي الكبير جـ 10 ص 311
( 218 ) المرجع السابق
( 219 ) سبل السلام جـ 3 ص 1099
( 220 ) الشافعي ، الأم المجلد الخامس ص 352
( 221 ) الموسوعة الفقهية جـ 22 ص 112
 
إنضم
30 سبتمبر 2012
المشاركات
685
التخصص
طالب جامعي
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
حنفي
رد: مراجعة الزوجة بفعل منه أو منها عند السادة الحنفية

السلام عليكم

بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرًا.

*نفتقد مشاركات الدكتورة الفاضلة "سما الأزهر".
 
أعلى