د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الشيخوخة الفكرية!
- الشيخوخة الفكرية المبكرة هي شيخوخة في ريعان الشباب! وهرم وخرف في مقتبل العمر! هي شيخوخة قياسية، فاشتعال الشيب فيها يداهم فتى طرّ شاربه وفتاة لا تزال في خدرها.
- الشيخوخة الفكرية هي عبارة عن توقف عجلة التفكير، وتعطل مسيرة العلم، وفقدان لشهية القراءة، وملل من البحث، وتصدع من النظر.
- تشيع الشيخوخة الفكرية لدى الطبقات المتخرجة من الكليات الجامعية، إما بسبب اغترارهم بما جمعوه في أيام الطلب، وإما لانغماسهم في أجواء العمل، وإما للخروج من المناخ العلمي إلى مناخات تساهم في إطفاء جذوة الشبيبة الفكرية.
- ألاحظ أنها تداهم "طبقة الأذكياء" و"الحفظة" من الطلاب في سن مبكر، فهم يعتمدون على سرعة قنص المعلومة، واتساع مساحة حفظها، والبون الشاسع بينهم وبين زملائهم، فلا يبقى لديهم أي طموح للمستقبل، فهم قد اعتلوا منصة التفوق في سن مبكرة، ويساهم في هذا "الأستاذ" بإلقاء أطنان من المديح، فينفخهم نفخا، وربما يلقي معها براميل تتفجر بالإحباط على زملائهم المتعثرين!
- من البديهي أن الشيخوخة الفكرية جاثمة على "المفكرين المشاهير"، فليس لديهم أي وقت لمعالجة القراطيس الصفراء، أو التعلق على سلالم المكتبات، فغاية أحدهم وقصارى فكره التنسيق بين القنوات الفضائية وإعادة طبع الكتب ذات النسخ المليونية، وتهيئة مكتب متخصص لإعداد المعاذير عن لقائه من عامة الناس ومن شاكلهم من طلاب الصف القديم!
- تجد عند هذه الطبقة: التكرار، العموم، الأجوبة الدبلوماسية، إعادة طبع الكتاب بأشكال مختلفة، وربما يصنع مكعبات بين كتبه، فكل شهر يخرج له كتابا بشكل جديد وباسم جديد ولا جديد فيه، وإنما هي فصول يجمعها من كتبه القديمة! والبركة بالباحثين المستأجرين!
- باختصار: الشيخوخة الفكرية المبكرة هي موت مبكر لروح الإنسان وعقله وقلبه، وليتمتع بجسده وفرد عضلاته وحمل الأثقال!
أمارات الشيخوخة الفكرية!
الأمارة الأولى: العصي المزبرقة!
تجد لديه أشكالا وألوانا من العصي والعكازات، يعلقها على بوابة فكره:
- فعكاز مخصص ليغمز به الطلبة المشاكسون الذين يحرجوه بأسئلتهم، وما يستتبعه ذلك من الجدل المنهي عنه!
- وعكاز مخصص يتوكأ عليه! وهذا العكاز مجهز بفلاش فيه مجموعه مخازن مما يسمى بالقيقا والميقا! يحفظ فيه معلومات الصغر! فهي ذاكرة مؤقتة تدعم ذاكرته التالفة وما أصابها من الخرف!
- وعكاز آخر مجهز بآلة اتصال حديثة بتقنية الجيل الرابع تمكنه من الاتصال بعقل بشري مستأجر! حتى يسعفه بما يحتاجه من مواد لازمة لتمرير البرامج والندوات على ما يرام! فهو عكاز المرور بسلام!
الأمارة الثانية: هز الرأس!
فهو لكثرة أشغاله، وكبر سنه، وحماية لحرمته من الإحراجات، فإنه يجيب عن الأسئلة الصعبة بهز الرأس، وأن الأمر كذلك، أو أنه يحتاج بحثا، أو أن فيها قولين مشهورين!
الأمارة الثالثة: رباطة الجأش!
فبسبب حنكته، وطول تجربته، وحصافة رأيه، فإنه لم يعد يطرب للعلم وأهله، وتكاد حاسة ذوقه العلمية أن تفقد وظيفتها؛ فإنك تأتيه بالنفيس من العلم، والنادر من الكتب؛ ولا يتحرك ساكنا، وكأنه الجبل راسيا شامخا!
الأمارة الرابعة: تركيبة الأسنان وعلبة النظارات!
تنزعج الجدة من الأحفاد حينما يعبثون بتركيبة أسنانها، وعلبة نظاراتها، ويزداد ألمها إذا داهمها ضيف غريب!
وصاحبنا الشاب الذي أصيب بداء الشيخوخة المبكرة ينزعج كذلك: إذا باغته سؤال لم يتهيأ له، أو برنامج لم يرتب له! فهو كتلك العجوز بلا أسنان ولا نظارات!