رد: حكم المطرود من اداء الحج
قال الشيخ خليل رحمه الله في مختصره عند ذكر موانع الحج : [وإن منعه عدو أو فتنة أو حبس لا بحق]وقال عند ذكر شروط وجوب الحج:[ ووجب باستطاعة بإمكان الوصول: بلا مشقة عظمت وأمن على نفس ومال إلا لأخذ ظالم]،
إذن فلا يمكن أن نطلق عليه إحصارا لأنه لم يمنعه عدو، ولم تمنعه فتنة، ولم يمنعه حبس بغير حق، ولا أرى أن القائمين على الحج ظلمة، ولأن الحاج اصلا يعرف أنه سيمنع لكونه لم يحصل على التصريح الخاص بالحج، ولم تحقق لدية شروط الاستطاعة كاملة، لكون الطريق غير سالكة، ويعبر عن هذا عند بعض المذاهب كالحنابلة بقولهم: (تخلية الطريق)، يعني أن الطريق إلى بيت الله الحرام يكون متاحاً مفتوحاً سائغاً ليس هناك عدو يمنع أو سلطان يحول بين الإنسان وبين بيت الله الحرام هذا هو المقصود بتخلية الطريق. فعدم الحصول على التصريح لاشك أنه من عدم تخلية الطريق فالطريق لم تكن خالية لمن لم يكن معه تصريح فإذا لم يكن معك تصريح لن تستطيع أن تسجل في الحج ولن تستطيع أن تركب الطائرة ولن تستطيع أن تدخل إلى المشاعر المقدسة ولا إلى هذه البلاد.
وقد اختلف أهل العلم في مسألة تخلية الطريق على قولين:ــ
1 هي شرط لوجوب الحج. فما لم يكن الطريق خالياً من الموانع والأعداء الذين يمنعون فإن الحج لا يجب على هذا الإنسان ولو وجد مالاً ولو كان صحيحاً سليماً معافى فإذا كان الطريق غير مخلى ولم يحصل الإنسان على تصريح فإنه عاجز عن الحج ولذلك يقولون إن الحج غير واجب عليه . هذا هو القول الأولــ
2 ليست شرطاً في وجوب الحج لكنها شرط في لزوم الأداء . بمعنى أن الإنسان إذا كان قادر مالياً وبدنياً فإن الحج يجب عليه. لكن لا يجب عليه الأداء في الحال حتى يخلى بينه وبين الطريق ويستطيع.(انظر المغني لابن قدامة)
والذي أرى والله أعلم أن مسألة التصريح للحج داخلة في سلطة ولي الأمر في التقييد لأجل المصلحة العامة والله أعلم، فإن هذا مما يحصل به من التوسعة على الحجاج ودرء المخاطر عنهم ما يجعل الالتزام به من التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله به في قوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) لا سيما مع ما نشهده من ازدياد مطرد في أعداد الحجاج، كما أن الطاقة الاستيعابية لأماكن المشاعر محدودة، رغم كل الأعمال والإنشاءات التي تهدف إلى التوسيع على الحجاج.
وينبغي عدم انتهاكها لهذا، كما قيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخار الأضاحي للمجاعة، وكما قيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه التزوج بالكتابيات رغم وجود النص القرآني وأمر من تزوج بهن من الصحابة أن يطلق، فأتمروا به لكونه وليا للأمر، ووكما قرر أن الطلاق ثلاثا يقع بلفظ واحد وفي مجلس واحد، كما طرد من كان فتنة من المدينة رغم كون الفتى لا ذنب له، والله أعلم,
ثم إن الحج بدون تصريح قد ينتج عنه مفاسد لا تتوافق مع الغرض من الحج منها:
- عدم الاطمئنان لكون الحاج لابد سيختبئ من الشرطة وما شابه
- الاضطرار لعدم الصلاة في المسجد الحرام في فترات خوف الاعتقال
- الاضرار بالآخرين الذين استكملوا جميع الإجراءات ليؤدوا المناسك كلها في سعة
- عصيان ولي الأمر الذي لم يأمر إلا بما فيه مصلحة عامة
- ولا ننسى قاعدة: الضرر يزال، ولا يختلف اثنان أن في الإذن بالحج بدون قيود مضرة تلحق الحجاج وغيرهم،
هذا ما يظهر لي والله أعلم.