العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

نقل إجماع الصحابة على العمل بالقياس

إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فإن الكلام على حجية القياس والتعبد به ألفت فيه مؤلفات وبسط فيه العلماء قديما وحديثا بذكر أدلة الموافقين والمخالفين وقد ذكرت في موضع آخر هنا في هذا الملتقى بعض الكتب التي ألفت في ذلك وليس الغرض هنا بسط المسألة ولا ذكر الأدلة وإنما أردت ذكر من نقل الإجماع - من العلماء والمحققين في مختلف العصور والبلدان والمذاهب - على قول الجمهور في العمل بالقياس في الشرع وسوف أختم ذلك - باختصار - بإيراد ما ذكره المخالفون حول دليل الإجماع دون الرد على هذه الإيرادات والمناقشات فيمكن الرجوع لكتب العلماء والأصوليين في ردهم على هذه الاعتراضات .
وهذا أوان نقل نصوص العلماء لإجماع الصحابة والتابعين على العمل بالقياس قبل ظهور المخالفين :

1 - قال المزني صاحب الشافعي : " الفقهاء من عصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا وهلم جرا استعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام في أمر دينهم، قال: وأجمعوا أن نظير الحق حق ونظير الباطل باطل " جامع بيان العلم وفضله ( 2 / 140 ) .

2 – قال أبو المظفر السمعاني الحنفي ثم الشافعي : " طريقة ثالثة في إثبات القياس وهو التمسك بإجماع الصحابة " قواطع الأدلة ( 4 / 42 )
ثم قال بعد ذلك : " واعلم أن الاحتجاج بإجماع الصحابة دليل في نهاية الاعتماد وهو مما يقطع العذر ويزيح الشبهة فليكن به التمسك " قواطع الأدلة ( 4 / 53 )

3 – القاضي أبو يعلى الحنبلي حيث يقول في عرض أدلة العمل بالقياس : " ويدل عليه إجماع الصحابة من وجهين : أحدهما من جهة النقل والثاني من جهة الاستدلال " العدة ( 4 / 1297 )

4 – وقال ابن برهان الشافعي : " ونتمسك في ذلك بالإجماع فقد أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على صحة العمل بالقياس " الوصول إلى الأصول ( 2 / 244 )

5 – ابن القيم حيث يقول بعد أن ذكر خطاب عمر لأبي موسى رضي الله عنهما : " هذا أحد ما اعتمد عليه القياسيون في الشريعة وقالوا هذا كتاب عمر إلى أبي موسى ولم ينكره أحد من الصحابة بل كانوا متفقين على القول بالقياس وهو أحد أصول الشريعة ولا يستغني عنه فقيه " إعلام الموقعين ( 1 / 130 )

6 – قال الفخر الرازي من الشافعية في أدلة القياس : " المسلك الخامس الإجماع وهو الذي عول عليه جمهور الأصوليين ) المحصول ( 5 / 53 )


7 –
وقال الآمدي بعد أن ذكر دليل الإجماع على القياس : " هو أقوى الحجج في هذه المسألة " الإحكام ( 4 / 300 )

8 – وقال الصفي الهندي : " دليل الإجماع هو المعول عليه لجماهير المحققين من الأصوليين " البحر المحيط ( 4 / 23 )

9 – وقال ابن دقيق العيد " عندي أن المعتمد اشتهار العمل بالقياس في أقطار الأرض شرقا وغربا قرنا بعد قرن عند جمهور الأمة إلا عند شذوذ متأخرين قال وهذا من أقوى الأدلة " البحر المحيط ( 4 / 23 – 24 )

10 – وقال الغزالي : " والذي ذهب إليه الصحابة رضي الله عنهم بأجمعهم وجماهير الفقهاء والمتكلمون بعدهم رحمهم الله وقوع التعبد به شرعاً " المستصفى ( 2 / 234 )

11 – وقال الزركشي في سرد أدلة القياس : " الثالث إجماع الصحابة فإنهم اتفقوا على العمل بالقياس ونقل ذلك عنهم قولا وفعلا " البحر المحيط ( 4 / 23 )

12 – وقال الجويني : " مستند وجوب العمل بالقياس الإجماع " البرهان ( 2 / 498 ) وقال : " فأما متمسكنا فإجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من أئمة التابعين " البرهان ( 2 / 499 )

13 – قال ابن عبد البر : " وأما القياس على الأصول والحكم للشيء بحكم نظيره، فهذا ما لا يختلف فيه أحد من السلف، بل كل من روى عنه ذم القياس قد وجد له القياس الصحيح منصوصا لا يدفع هذا إلا جاهل أو متجاهل مخالف للسلف في الأحكام " جامع بيان العلم وفضله ( 2 / 156 )
وقال : " وعلى ذلك كان العلماء قديما وحديثا عندما ينزل بهم ولم يزالوا على إجازة القياس حتى حدّث إبراهيم بن سيار النظام وقوم من المعتزلة سلكوا طريقة في نفي القياس والاجتهاد في الأحكام وخالفوا ما مضى عليه السلف .. واتبعهم من أهل السنة على نفي القياس في الأحكام داود بن علي بن خلف الأصبهاني " جامع بيان العلم وفضله ( 2 / 132 )

14 - قال ابن قدامة: " فأما التعبد به شرعاً فالدليل عليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم على الحكم بالرأي في الوقائع الخالية عن النص " روضة الناظر مع نزهة الخاطر ( 2 / 236 )

15 – القرافي حيث يقول : " ومما يدل على القياس إجماع الصحابة رضوان الله عليهم على العمل بالقياس " شرح تنقيح الفصول ( ص 385 )

16 - قال ابن النجار الحنبلي في ذكر أدلة الإجماع : " واحتج أصحابنا أيضاً وغيرهم بإجماع الصحابة " شرح الكوكب المنير ( 4 / 217 )

17 – وقال الباجي المالكي : " ومما يدل على ذلك ما ظهر من إجماع الصحابة في مسائل كثيرة ذات عدد على القول والحكم بالرأي " إحكام الفصول ( ص 508 ) ثم سرد الآثار ثم قال : " وصح القول بالقياس لإجماع الصحابة على تصحيحه " إحكام الفصول ( ص 525 )

18 – وقال أبو بكر بن العربي المالكي : " القياس أصل من أصول الشريعة ودليل من دلائل الملة انقرض عصر الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم وهم الأعيان والجلة على صحة القول به ... " المحصول ( ص 524 – 525 )

19 – وقال القرطبي المالكي : " واختلف الناس في القياس إلى قائل به وراد له فأما القائلون به فهم الصحابة والتابعون وجمهور من بعدهم .." الجامع لحكام القرآن ( 7 / 171 )

20– وقال البخاري الحنفي في شرحه لأصول البزدوي : " ( وعمل أصحاب النبي في هذا الباب ) : إشارة إلى متمسك آخر عول عليه أكثر الأصوليين , وهو الإجماع ; فإنه قد ثبت بالتواتر أن الصحابة رضي الله عنهم عملوا بالقياس وشاع وذاع ذلك فيما بينهم من غير رد وإنكار " كشف الأسرار ( 3 / 417 )

21 – وقال علاء الدين السمرقندي من الحنفية : " وأما إجماع الصحابة فإنهم أجمعوا على كون القياس حجة حيث اشتغلوا بالقياس في المسائل التي اختلفوا فيها " ميزان الأصول ( 2 / 806 )

22 – وقال السرخسي من الحنفية : " مذهب الصحابة ومن بعدهم من التابعين والصالحين والماضين من أئمة الدين رضوان الله عليهم جواز القياس بالرأي على الأصول التي تثبت أحكامها بالنص لتعدية حكم النص إلى الفروع جائز مستقيم يدان الله به " أصول السرخسي ( 2 / 118 )

23 – وقال ابن السبكي من الشافعية : " الوجه الثالث مما يدل على أن القياس حجة وهو معتمد الجمهور الإجماع وتقريره ان العمل بالقياس مجمع عليه بين الصحابة لصدوره من طوائف منهم من غير إنكار " الإبهاج في شرح المنهاج ( 3 / 13 )

24 – وقال الإسنوي من الشافعية : " الدليل الثالث على حجية القياس الإجماع فإن الصحابة قد تكرر منهم القول به من غير إنكار فكان ذلك إجماعياً " نهاية السول ( 3 / 20 – 21 )

25 – ذكر الإجماع ابن الحاجب من المالكية ينظر : المختصر مع بيان المختصر ( 3 / 163 )

26 - الشيرازي في شرح اللمع ( 2 / 783 )

27 - الشاطبي في الاعتصام ( 1 / 226 )

28 - أبو الخطاب الحنبلي في التمهيد ( 3 / 292 )

والمنكرون لحجية القياس لهم أجوبة عن هذا الإجماع منها :
1 – الطعن في صحة آثار الصحابة التي أوردها الجمهور لتقرير الإجماع .
2 – معارضة الآثار بآثار أخرى ورد فيها ذم القياس والرأي .
3- أن استدلال الصحابة لم يكن بالقياس وإنما بالنصوص لكنهم لم يظهروا ذلك وربما أظهروه لكنه لم ينقل عنهم .
4 - بيان مستند الصحابة في فتاويهم من النصوص الشرعية .
5 – عدم التسليم بان هذا قول الجميع .
6 – عدم التسليم بعدم وجود إنكار على من عمل بالقياس .
7 – عدم التسليم بان سكوت البقية يقتضي الموافقة فالسكوت لا يلزم منه الإقرار أي عدم حجية الإجماع السكوتي .
8 – عدم حجية قول الصحابة ( وهذا يمكن أن يكون حجة إبراهيم بن سيار النظام المعتزلي أول من أنكر القياس لأنه ينكر الإجماع أيضاً ) .
9 – أن هذه الآثار أخبار آحاد وهي ظنية والظن لا يبنى عليه القطع فمسألة حجية القياس مسألة أصولية لا بد فيها من القطع .
10 – أن آثار الصحابة محصورة فيما نص على علته ( وهذا يمكن أن يكون جواب من يرى حجية القياس المنصوص على علته كالقاساني أو القاشاني من الظاهرية وهو أحد تلامذة داود الظاهري وهو قول النهرواني ايضا من أتباع ابن جرير الطبري .
11 – لو سلمنا بحجية القياس فهو خاص بالصحابة لتمكنهم في العلم واتصافهم بصفات لا تتحقق فيمن جاء بعدهم من معرفتهم باللغة ومقاصد الشريعة وأسباب النزول ونحو ذلك
 
التعديل الأخير:
إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
هذا وقد شنع إمام الحرمين على علماء الظاهرية كثيرا ، ووصفهم بأوصاف بليغة شديدة لا تليق بمقامه ؛ كما شنع غيره . راجع كلامه في مسالك العلة من كتابه ( البرهان ) قال في معى كملامه ( الظاهرية ليسوا من علماء الأمة ؛ لأنهم مباهتون .... ) أو كما قال .
جزاك الله خيرا شيخنا المبارك ( طالب هدى )
على هذا الإستقراء التام
 
إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
لكن شيخنا هناك من يقول ( إن الخلاف الذي بين الظاهرية و جمهور الأصوليين في القياس خلاف لفظي ) قال به الشوكاني في الإرشاد ونقله بعض العلماء .
هل لك رأي في هذه المسألة شيخا ؟
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
الشيخ الكريم أبو حزم وفقه الله
حقيقة الخلاف ليس لفظيا وإن كان يضيق بعدة امور :
1 - يضيق من الناحية العملية عند من اتسع علمه بالمنقول ولا شك أن العلم بالمنقول والعمل بالقياس العلاقة بينهما عكسية فكلما كان العالم اوسع علما بالمنقول من النصوص والآثار ضاق عنده جانب القياس ولذا رأينا أحمد بن حنبل رحمه الله أقل الأئمة استعمالاً للقياس وهو يراه من قبيل الضرورة وذلك لما علم من سعة علمه رحمه الله في علم الحديث والأثر .

2 - يضيق بمعرفة محل القياس فالجمهور لا يجرون القياس في كثير من المسائل كالأمور التي لا تعقل معناها وبعضها وقع فيه خلاف بين الجمهور كالحدود والكفارات والمقدرات والرخص والأسباب والشروط والموانع وما كان معدولاً به عن سنن القياس ونحو ذلك وكذلك الخلاف في مسالك العلة كالطرد والدوران وو، والخلاف في تخصيص العلة والتعليل بالعلة المركبة ووو وغير ذلك مما يقلل نسبة القياس المحتج به عند الجمهور .

3 - يضيق من ناحية تحديد المراد بالقياس وما يدخل تحته عند بعض العلماء :
- تحقيق المناط .
- مفهوم الموافقة يسميه الشافعي وابن حزم القياس الجلي وهو عند الجمهور ليس بقياس
- القياس في العلة المنصوصة يسميه الجمهور قياسا بينما النظام وابن عقيل لا يسمونه قياسا .
فيبقى القياس المتفق على تسميته قياسا هو إلحاق فرع بأصل بجامع مستنبط كما ذكر الغزالي

وذكر الغزالي أن حاصل القياس كله رجوع إلى العموم وعليه فلا يصح القول بأن الشرع توقيف وقياس بل كله توقيف ولذا رأينا جمهور الأصوليين يرون تسمية القياس دينا .
ولذا وقع نزاع بين العلماء في تحديد ماهية القياس هل هو فعل المجتهد أو دليل من الشرع ودور المجتهد فيه الكشف والبيان ولذا يعبر أصحاب المنهج الأول عن تعريف القياس بقولهم ( حمل ، وإلحاق ، وإثبات ، وتعدية ونحوها من المصادر التي توحي أنه تصرف من المجتهد ) ويعبر أصحاب المنهج الثاني بقولهم : ( الاستواء ومساواة ونحوها من الألفاظ التي تبين أن هذا هو واقع الأصل والفرع )
والكلام في هذا الأمر يطول جداً لا يمكن استيعابه بهذه العجالة
 
التعديل الأخير:
إنضم
10 يونيو 2009
المشاركات
395
التخصص
فقه واصوله
المدينة
قرطبة الغراء
المذهب الفقهي
المالكي -اهل المدينة-
هذا وقد شنع إمام الحرمين على علماء الظاهرية كثيرا ، ووصفهم بأوصاف بليغة شديدة لا تليق
بمقامه ؛ كما شنع غيره . راجع كلامه في مسالك العلة من كتابه ( البرهان ) قال في معى كملامه ( الظاهرية ليسوا من علماء الأمة ؛ لأنهم مباهتون .... ) أو كما قال .
نعم وممن شنع على الظاهرية ابوالعباس القرطبي صاحب المفهم وابن نصر القاضي وابن رشد الجد
هذا بعض من ذكرت والافالمالكية مواقفهم معروفة في التشنيع عليهم بل نسبهم بعض ائمتنا الى الفسق للخروج عن اجماع الامة
وفقكم الله
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
نعم هناك من شنع على الظاهرية وبالغ في الطعن فيهم بل ولم يعتد بأقوالهم وحكم عليهم بالجهل أو الفسق أو انهم من العوام أو المبتدعة وكل هذا مبالغة وتعدي والإمام أبو محمد بن حزم رحمه الله وإن كان شديدا في كلامه وردوده إلا أنه إمام وموسوعة في كثير من العلوم يخضع لعلمه ويكفي المرء حتى يعرف قدر هذا الإمام أن ينظر في كتابه المحلى او الإحكام في أصول الأحكام ليرى مدى سعة علمه بالمنقول والمعقول ومعرفته بمذاهب العلماء وأدلتهم .
 
التعديل الأخير:
إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
هذا وقد شنع إمام الحرمين على علماء الظاهرية كثيرا ، ووصفهم بأوصاف بليغة شديدة لا تليق
نعم وممن شنع على الظاهرية ابوالعباس القرطبي صاحب المفهم وابن نصر القاضي وابن رشد الجد
هذا بعض من ذكرت والافالمالكية مواقفهم معروفة في التشنيع عليهم بل نسبهم بعض ائمتنا الى الفسق للخروج عن اجماع الامة
وفقكم الله

أحسن الله إليك أخي الكريم
هذا وقد نقل الشيخ عبد الكريم الخضير عن الإمام ابن العربي - رحمة الله عليه - سبه للظاهرية قال في عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي لابن العربي وقد ذكر مسألة فقهية قال ( ولما جاء الحمير - أي الظاهرية - الذين يطلبون النص في كل صغير وكبير ؛ طمس الله عليهم باب الهدى ، وخرجوا من زمرة من استن بالسلف واهتدى ) أو كما قال . راجع شرح الورقات للخضير عند حديث عن حجية القياس . ونقل أيضا الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء كلاما لابن عربي شديد جدا في الظاهرية لا يحضرني الآن . المهم أن جمهور العلماء من الأصوليين و الفقهاء يذمون الظاهرية كثيرا ، ويشنعون عليهم ؛ لا أدري هل هي ردة فعل أم رأي آخر ؟
و الله المستعان .
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أما بعد :
فهذه فتوى للعلامة ابن صلاح حول الاعتداد باأهل الظاهر وتعليق الأستاذ الفاضل الشيخ سعيد بن محمد السناري على هذه الفتوى فقد أجاد وأفاد في تعليقه جزاه الله خيراً أسأل الله العلي القدير أن تنتفعوابها .
مسألة :هل كان داود الظاهري (1) صاحب المذهب ـ رضى الله عنه ـ ممن يعتدبه في انعقاد الإجماع في زمانه أم لا ؟ وهل كان بحيث إذا حدثت حادثة في زمانه فخالف فيها وحده يعد خارقا للإجماع ، وكذلك من لم ير نقض الوضوء بالنوم إلا إذا أخبر بخروج الحدث كسعيد بن المسيب وأبى موسى الأشعرى هل ينعقد الأجماع بدونهم أم لا (2) ؟
أجاب ـ رضى الله عنه ـ : أما الاعتداد بداود ـ يرحمه الله ـ في الإجماع وفاقا وخلافا ، مهما وقع فيه الاختلاف بين الفقهاء والأصوليين منا ومن غيرنا ، فذكر الأستاذ الإمام أبو إسحاق الإسفر ائينى (3) ـ رحمه الله ـ أن اهل الحق اختلفوا :
(فذهب الجمهور منهم ) إلى أن نفاة القياس لا يبلغون منزلة الا جتهاد ، ولا يجوز توليهم القضاء وهذا ينفى الاعتداد بداود فى الإجماع !! ونقل صاحبه الآستاذ أبو منصور البغدادى عن أبى على ابن أبى هريرة وطائفة من متأخرى الشافعيين أنه لا اعتبار بخلافه وسائر نفاة القياس فى فروع الفقه ، لكن يعتبر خلافهم في الأصوليات (4) .
وقال الأمام أبو المعالى ابن الجوينى (5) ما ذهب اليه ذووالتحقيق : أنا لا نعد منكرى القياس من علماء الأمة وحملة الشريعة ، فإنهم أولا باقون على عنادهم فيما ثبت استفاضة وتواترا (6)، وأيضا فإن معظم الشريعة صادرة عن الاحجتهاد والنصوص لا تفى بالعشرمن أعشار الشريعة (7)!! فهؤلاء ملتحقون بالعوام ،وكيف يدعون مجتهدين ولا اجتهاد عندهم (8)؟! وهذا منه نوع إفراط.
وكان أبو بكر الرازي (9) من أئمة المحققين يذهب في داود وأضرابه إلى نحو هذا المذهب ويغلو ، فذكر داود في مقدمة كتابه في " أحكام القرآن " (10) ومال عليه فأفرط ، وقال فيما قال : لو تكلم داود في ـ مسألة حادثة في عصره وخالف فيها بعض أهل زمانه لم يكن خلافاً عليهم (11) .
قال : " وكان ينفى حجج العقول ومشهور عنه أنه كان يقول :" بل على العقول " وقال بعد كلام كثير : ولأجل ذلك لم يعد خلافه أحد من الفقهاء خلافا ولم يذكروه (12 ) في كتبهم ، فقد أنعقد الإجماع على اطراحه وترك الاعتدادبه " (13) هذا رأى الرازى فيه وهو كما ترى لا يخلو عن نوع من الحيف الذى قد كان فيه ، وكان شديد الميل والعصبية على من يخالفه من حيث إنه قد وصف داود هذا الموضع من كتابه بما يأباه عنه الثابت المعروف من زهده وتحريه .
والذى اختاره الأستاذ أبو منور في هذا ، وذكر أنه الصحيح من المذهب : أنه يعتبر خلافه فى الفقه الذى استقر عليه الأمر آخرا فيما هو الأغلب الأعرف من صفوة الأئمة المتأخرين الذين أوردوا مذاهب داود فى إثبات مصنفاتهم المشهورة فى الفروع كالشيخ : أبى حامد الإسفرائيني ، وصاحبه المحاملى وغيرهما ـ رضى الله عنهم ـ فإنه لو لا اعتدادهم بخلافه لما أوردوا مذاهبه في أمثال مصنفاتهم هذه لمنافاة موضوعها لذلك وبهذا أجبت مستخيرا الله تعالى مستعينا مما بناه داود من مذاهبه على أصله فى نفى القياس الجلى ، وما اجتمع عليه القياسيون من أنواعه أو على غيره من أصوله التى قام الدليل القاطع على بطلانها ،فاتفاق من عداه فى مثله على خلافه إجماع منعقد ، وقوله فى مثله معدود خارقا للإجماع (14) وكذلك قوله فى المتغوط في الماء الراكد (15) وتلك المسائل الشنيعة فيه ، وكقوله فى الربا فيماسوى الأشياء الستة (16) ، فخلافه في هذا وأمثاله غير معتدبه لكونه مبنيا على ما يقطع بطلانه (17) ، والاجتهاد الواقع على خلاف الدليل القاطع كاجتهاد من ليس من أهل ألاجتهاد فى إنزالهم بمنزلة مالا يعتدبه وينقض الحكم (18) .
وهذا الذى اخترته يثبت بدليل القول بتحرير تجزُّؤ منصب الاجتهاد وقد تقرر جواز ذلك ، وأن العالم قد يكون مجتخهدا فى نوع دون غيره ، والعلم عند الله سبحانه وتعالى .
ثم لا فرق فيما ذكرناه بين زمانه وما بعده ، فإن المذاهب لاتموت بموت أصحابها ، وأما من لم يرفض وضوء النائم إلا إذا أخبر بخروج حدث كأبى موسى الأشعرى وسعيد بن المسبب ـ رضى الله عنهما ـ إن كان سعيد قال ذلك فإنه غير معروف عنه (19) ، فالإجماع لا ينعقد مع خلافهما فإن أبا موسى أحد فقهاء الصحابة ومن المفتين فى عصرهم ، وكان سعيد صدرا فى العلم والفتيا وغيرهما فى ذلك الصدر وترجح على أجلاء التابعين ، وكان السؤال عن انعقاد الإجماع فى المسألة خاصة على خلاف هذا لقول ، فعدم انعقاده فيها فى ذلك العصر لازم من هذا ، وأما فيما بعده فقدأجمع على خلافه فيمن قال : إن الإجماع بعد عصر المختلفين على احد قوليهم إجماع صيح رافع للخلاف ، فقد تحقق عنده انعقاد الإجماع فى المسألة على خلاف ذلك القول ، ومن قال : إنه لا يرفع الخلاف فلا إجماع في هذه المسألة مطلقا ، وهذا المذهب هو الصحيح فى ذلك . والله اعلم .[ فتاوى ابن الصلاح : 88 ـ 93 ] .

ــــــــــــ التعليق ـــــــــــــــــ
(1) هو : الإمام الحافظ الفقيه البارع امام أهل الظاهر ، أبو سليمان داود بن على بن خلف الأصبهانى الأسد الكاشر !! وهذا السؤال وصمة عار في جبين الفقه الإسلامى !! فإن داود هذا في الاجتهاد ، والاستنباط ، وسعة الحديث ، وجودة المناظرة ، والا عتصام بالدليل ليس له نظير ـ بعد أحمد وإسحاق ـ في عصره قاطبة !!وهو أعلم وأفقه وأزهد وأعبد من كل من لا يعتبر خلافه شيئا !! ممن ذكرهم المؤلف ومن جاء بعدهم وقلدهم في هذا الهذيان !! بل لم يتكلم فيه أحد أعلم منه أصلا إلا أن يكون أحمد بن حنبل !! ومقدار داود في العلم والدين يظهر من قول الحافظ قاسم بن أصبغ : ذاكرت ابن جرير الطبرى ـ انت تعرف من هو ابن جرير ؟! وابن سريج ـ وانت تعرف أيضا منزلة أبى العباس ابن سريج ؟! ـ في كتاب ابن قتيبة في الفقه فقالا : ليس بشيء !!فإذا أردت الفقه فكتب أصحاب الفقه ، كالشافعى وداود ونظرائهما ... ثم قالا : ولا كتب أبى عبيد الفقيه ) !!
كذا نقله الذهبى في سير أعلام النبلاء [13 / 102 ] وقبل ذلك قد قال الذهبى : داود بن على بن خلف الأمام البحر الحافظ العلامة ، عالم الوقت أبو سليمان ... ، وقال الخطيب في تاريخه [8/ 369 ] : كان إمام ورعا ناسكا زاهدا كثير الحديث .. ، وقال أبو عمرو المستملى : رأيت داود بن على يرد على إسحاق بن راهويه ـ وهو جبل في الحفظ والاجتهاد ـ وما رأيت احد قبله ولا بعده يرد عليه هيبة له ) .
هكذا رواه الخطيب في تاريخه [8 / 370 ] بسند صحيح إلى أبى عمرو المستلمى . فمثل هذا الإمام المغوار الذى هو من محاسن الأسلام والمسلمين . تتطاول عليه ألسنه إمام الحرمين وأبى بكر الجصاص وأبى على ابن أبى هريرة والقاضى حسين ، وأبى إسحاق السفراييني ، وجماعة كثيرين !! وكل هؤلاءـ سوى الجصاص ـ لو سُئلوا البرهان في صحة حديث ـ مثلا ـ لضاقت عليهم الأرض بما رحبت !! وحسبنا الله ونعم الوكيل . وسيأتى المزيد .
(2) هذا من أعجب ما يطرق الأسماع !! وهل يقول بعدم الاعتبار بخلاف أبى موسى الأشعرى وابن المسيب إلا من به مس من جنون !! والجنون فنون !!.
(3) مضت ترجمته في المسألة [رقم50 ] .
(4)قلت : وهذا تناقض أيضا !! بل نفاة القياس أئمة حفاظ فقهاء أمثال الجبال !! لا ينعقد بخلافهم إجماع على وجه ألأرض عند من يعلم أقدارهم ومنازلهم . أما من جهل كل ذلك ، وتعامى عما هنالك !! وصار يعتبر
خلاف من شاء !! ويسقط خلاف من لا يشاء !! كأن الإجماع إجماعه!!فمثل هذا لا يُنظر إليه !! ولا يعول عليه !! ومن يجهل مقدار الأئمة الظاهريين فقد سقط معه الكلام !! .
(5)هو: عبد المللك بن عبد الله بن يوسف ألإمام الكبير ، والفقيه النحرير ، أبو المعالى أبن الجوينى المعروف بإمام الحرمين ، وهو على علو كعبه في الفقه وقواعد النظر كان منحرف الاعتقاد ـ وقد رجع إلى مذهب السلف قبل موته ـ وله شطحات في أصول الاعتقاد أجارك الله منها !! وكان طويل اللسان على كثير من أهل السنة أمثال الحافظ أبى نصر الوائلى وغيره .أما معرفته بالحديث ورجاله !!قتلك فضيحة لا تغسلها مياه الأنهار !! وقد سئم الحافظ من تعقبه في تصحيح الأحاديث وتضعيفها في كتابه التلخيص !! فمثله إذا تكلم في داود وأصحابه لا يُحسن الكلام أصلا !!بل وقد يصل كلامه إلى حد الهذيان !! كما سيأتى .
(6)أين وجد هذا عن نفاة القياس ؟! وهل كلامه هنا إلا شهادة على نفسة بقلة الاطلاع على اختلاف أهل العلم حتى في القياس !! وهل نفاة يوافقونه على تواتر القول بالقياس حتى يروق له التشينع عليهم ؟! وقد أطال أبومحمد أبن حزم النفس جدا في أبطال القياس بكتابة الأحكام [2 / 160 ] وأتى بعصى موسى التى تلقف ما يأفكون !! وأنا منذ قديم ـ وحتى الان أفتش عن احد من العلماء قد ناقش أبن حزم في ابطاله القياس ـ نقاشا تفصيليا فلا أجد !! اللهم إلا أن يكون أبن القيم في "الإعلام " ولكن بطريقة غير مباشره وقد أغفل كثير مما انفرد به أبو محمد ابن حزم فى مناقشة القياسيين !! وعلى كل حال : فالقول بالقياس أو عدمه من مسائل الاختلاف قديما ـ إلا عند من جهل ـ والتشنيع على مجتهد لا يصدر إلامن مقلد جامد !! أو متعصب فظ !! أو جاهل لا يدري ما يقول !!.
(7) هذه مقولة شيطانية !! والقائل بها ينادى على نفسه بالجهل الشديد بنصوص الكتاب والسنة ووجوه النظر والاستنباط !! وقد شنع المحقق ابن القيم في كتابه الإعلام [1 / 166 ] تشنيعا عظيما جدا على قائل هذه المقولة العجفاء !! وجعل القائل بها من غلاة القياسيين !! وقال تاج المجهدين الإمام الشوكانى فى " الإرشاد " [1 / 313 ] : ثم دعوى أن نصوص الشريعة لا تفى بعشر معشارها !! لا تصدر إلا عمن لم يعرف نصوص الشريعة حق معرفتها .. " .
وسئل شيخ الإسلام عن هذه المقوله السخيفة !! فى الفتاوى [1 / 152 ] فقال : هذا القول قاله طائفة من أهل الكلام والرأي كأبى المعالى ـ هو ابن الجوينى الماضى ـ وغيره وهو خطا بل الصواب الذى عليه جمهور أئمة المسلمين : أن النصوص وافيه بجمهور أحكام أفعال العباد ، ومنهم من يقول : أنها وافية بجميع ذلك ـ وهم الظاهريون والحق معهم بلا شك أصلا ـ وأنما أنكر ذلك من أنكر ه ، لأنه لم يفهم معانى النصوص العامة التى هى أقوال الله ورسوله ، وشمولها لأحكام العباد .. " راجع كلامه .
(8) أنظر نص كلام ابن الجوينى في كتابه البرهان [2 / 537 ] طبعة دار الوفاء ، وقوله وكيف يدعون مجتهدين ولا اجتهاد عندهم !! فهذا هو ألإجحاف بعينه ، وعدم الإنصاف بنصه وفصه !! وقد شهد المحققون من جميع الطوائف بجلالة قدر الظاهرية وعلو كعبهم في الفقه والحديث حتى قال خاتمة المجتهدين ، ورأس الأئمة المحققين : صديق حسن خان في كتابه أبجد العلوم [3 / 147 ]والظاهرية :هم أئمة الأمة وسلفها ، وقدوة المسلمين في كل زمان ، ومذهبهم أصفى مذاهب عالم الإمكان "إى والله . لقد صدق وأجاد ، وأحسن وأبدع وأفاد .
وعن ابن حزم ـ وهو من متأخرى الظاهرية ـ يقول شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى [4 / 19] بعد كلام طويل " ... وإن كان له ـ أى لابن حزم ـ من الإيمان والدين والعلوم الواسعة الكثيرة ما لا يدفعه إلا مكابر , ويوجد في كتبه من كثرة الاطلاع على الأقوال ، والمعرفة بالأحوال ،والتعظيم لدعائم الإسلام ، ولجانب الرسالة مالا يجتمع مثله لغيره ، فالمسألة التى يكون فيها حديث ، يكون جانبه فيها ظاهر الترجيح ، وله من التمييز بين الصحيح والضعيف ، والمعرفة بأقول السلف مالا يكاد يقع مثله لغيره من الفقهاء .." .
قلت : وهذا والله الحق الذى به قامت السموات والأرض . والله الموعد .
(9) هو : أحمد بن على الإمام الكبير الشان ، إمام الفقهاء الحنفية ، صاحب أحكام القران والفصول فى الأصول ، وغير ذلك من المؤلفات النافعة جدا . لكنه كان متعصبا جدا لأبى حنيفة ومذهبه !!كغالب الحنفية ـ شديد الحمل على المذاهب الأخرى !! وهو الذى يقول فى أحكامه [1 / 140 ] عن الحافظ زكريا الساجى : غير مأمون !! مع كونه لا يدانى الساجى في الحفظ والمعرفة ولو بخطوة !! والساجى أحفظ منه عشرين مرة !! وله فى هذا الكتاب عبارات جافه فى حق مالك والشافعى وأضرابهما !! فكيف يسلم منه داود ؟!
(10) هذه المقدمة هى المسماة : الفصول في الأصول وقد أفرزها الطابعون لكتابه أحكام القرآن عنه !! وحقها أن تكون متصلة به ، لكونها مقدمة تمهيد لأحكام القرآن . و كلامه هذا فى [2 / 303 ] من الفصول .
(11) مضى الكلام على هذا سابقا .
(12)هذه دعوى عريضة جدا !! وسيأتى للمؤلف أن جماعة من المتقدمين قد ذكروا مذاهب داود في كتبهم واعتدوا بخلافه ووفاقه ، ثم ما يضر داودا ومذهبه أن تورع أناس ـ وهو ورع بارد !! ـ أن يذكروه فى كتبهم !!وكفى أن يكون مذكورا فى كتب أصحابه والمنصفين من أهل العلم على ترادف الأزمان إلى أن يجمعنا الله به في جنات ونهر .
(13) انظر كلامه فى الفصول [2 / 303 ] بلفظه . وقد أجاد المؤلف وأنصف في تعقب أبى بكر الرازى على ذلك التعصب الممقوت إزاء من حفظ الله بهم الإسلام .
(14) هكذا ينحرف قلم المؤلف !! ومن أخبره أن داود الإمام قد خالف إجماعا سليما مستقيما صحيحا ؟! ومن أين للمؤلف علم بذلك ؟!فإن كان دليله على ذلك ما سيذكره فسيأتى الجواب عليه بعون الله .
(15) هذه المسألة هى عمدة من يشنع على الظاهرية عموما ، وداود وابن حزم خصوصا !! وستعرف أن المشنع هو الذى ينبغى التشنيع عليه !! بل وأن توجه سهام المقت إليه !! ونحن نذكر على عجالة خاطفة كلام ابن حزم فى هذه المسألة ، ثم نتعقبه بما يجلى معانيه ، ويفصح عن مكنون مراميه .
قال يرحمه الله فى كتابه المحلى [1 / 135] : البائل فى الماء الراكد الذى لا يجرى : حرام عليه الوضوء بذلك الماء والاغتسال به لفرض أو لغيره ، وحكمه التيمم إن لم يجد غيره ، وذلك الماء طاهر حلال شربه له ولغيره ، وإن لم يغير البول شيئا من أوصافه ، وحلال الوضوء به والغسل به ولغيره ، فلو أحدث فى الماء أو بال خارجا منه ، ثم جرى البول فيه فهو طاهر ، ويجوز الوضوء منه والغسل له ولغيره ، إلا أن يغير ذلك البول أو الحدث شيئا من أو صاف الماء ، فلا يجزئ حنيئذ استعماله اصلا له ولا لغيره .. انتهى كلامه .
وأقول : خلاصة الكلام ، وأساس المرام : أن من خالف أبن حزم في هذه المسألة وشنع عليه وعلى الظاهرية ، قد علل النهى عن وضوء البائل من الماء الذى بال فيه : بالنجاسة وحسب ، ثم ألحق بها ما شاركها فى هذه العلة وهى النجاسة ، وابن حزم يعلل النهى بالتعبد ، اى أن العلة مجهولة والطاعة واجبة مع خفاء الحكمة منها ، ثم بنى ذلك على أصل آخر وهوأنه : لا ينجس من الماء إلا ما تغير أحد أو صافه الثلاثة بالنجاسة تقع فيه ، ويوضح هذا عند ابن حزم : أن الماء الذى بال فيه من نهاه صاحب الشرع عن البول فيه إذا لم تتغير له صفة فهو طاهر مطهر ، قد نهى عنه البائل تعبدا ، ولم ينه عنه غيره ، أى من لم يبل فيه ، بل هو مأمور باستعماله ـ إذا لم يجد غيره ـ عند إرادة الصلاة ونحوها .. فتامل .. وكما ترى فمن ظن أن الظاهرية يقولون بأن العلة فى عدم النهى عن البول في الماء الراكد هى النجاسة !!!فقد وهم وهما فاحشا ، وتجرع حميما فأصبح عاطشا !! بل العلة عندهم هى التعبد وحسب ، بدليل أن ابن حزم يبيح هذا الماء لغير ذلك البائل من وضوء وشرب وغسل ، ألا فليتامل الطاعنون !! وقد أطلنا المقام جدا فى هذه المسألة مع الرد على غلط فى تصورها فى كتابنا الكبير " أنهار الدم بما قيل فى ابن تيمية وابن حزم من مدح وذم ".
(16) الأشياء الستة هي : الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح . وجمهور العلماء على أن هذه الستة يلحق بها ما كان في معناها ، لكن اختلفوا في ذلك اختلافاً عجيباً كلٌّ حسب احتهاده ، وخالفهم الظاهرية فقالوا : لم تأت علة معقولة عن صاحب الشرع تأذن بإلحاق ما عدا هذه الستة بها . ولا يجوز هذا إلا ببرهان من الله والرسول . وماكان ربك نسيا . وهذا هو الذي ذهب إليه جماعة من المحققين . أمثال الصنعاني والشوكاني وصديق حسن خان . ومعهم كاتب هذه السطور . ولا يوحشنا مخالفة أهل الأرض . طالما أنا مُؤيدون بما نُقوم احتجاجنا من الكتاب والسنة . والله المستعان .
(17) هذا في نظر المؤلف ومن يوافقه !! مع أن الجزم بهذا البطلان ـ فضلاً عن القطع به !! عَسِرٌّ للغاية !! ودعوى الإجماع في المسائل الماضية أغرب من عَنقاء مُغرب !! وقد مضى أن الذي عليه أهل التحقيق ـ على تسليم القول بصحة هذه الإجماعات المنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة !! أن خلاف الظاهرية ينخرق به إجماعات أهل العالم !!
(18) بل لا يُنقض الحكم إلا بمخالفة صريح الكتاب وصريح السنة وحسب . فاعلم هذا جيداً .
(19) قلتُ : نقله عن سعيد النووي في " شرح مسلم " [4 / 73 ] وعنه الشوكاني في نيل الأوطار [ 1 / 239 ] ولم أجده عن ابن المسيب مسنداً !! وراجع عمدة القاري [ 3 / 109 ] .
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
أبو المعالي الجويني الشافعي الأشعري إمام الحرمين ...
رأس في العقيدة الأشعرية وداعية لها وممن ابتدع القول الذي يقول إن أهل الظاهر،لا يعتد بقولهم وهو من المقلدين للشافهي رحمه الله ... فلما ضاقت به سبل سبل رد قول أهل النص قال: لا عبرة بخلاف الظاهرية !
والملاحظ أن الكثيرين من المتأخرين ممن تصدى للكتابة في أصول الفقه كانوا على شاكلة الجويني .. أي مقلدة للشافعي رحمه الله وأشاعرة في نفس الوقت !!!!
فإن صدقوا في دعواهم هذه أنه لا عبرة بخلاف الظاهرية ... فليأتوا لنا بقول إمام مجتهد سليم من بدعة التقليد للمذاهب، فإن أتونا بقوله الذي يقول فيه لا عبرة بخلاف أهل الظاهر، وأقام الدليل على ذلك صدق، وإلا فهي دعوى مبتدعة لم يسبق فيها أحد من الأئمة هؤلاء المقلدة
قال الجويني عن حديث معاذ في القضاء بالرأي ..
وإليك الحديث المزعوم :
ـ عَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ ، عَنْ مُعَاذٍ ؛
(( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ ، فَقَالَ : كَيْفَ تَصْنَعُ إِنْ عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ قَالَ : أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللهِ ، قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللهِ ؟ قَالَ : فَسُنَّةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ : أَجْتَهِدُ رَأْيِي لاَ آلُو ، قَالَ : فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرِي ، ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدُ ِللهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم..))
أخرجه ابن أَبي شَيْبَة ، وأحمد ، وعَبد بن حُميد ، والدارِمِي ، وأبو داود ، والترمذي.
من رواية أَبي عَوْن ، مُحَمد بن عُبَيْد الله الثَّقَقِي ، عن الحارث بن عَمْرو ، ابن أخي المُغِيرَة بن شُعْبة ، عن ناسٍ من أصحابِ مُعَاذ من أهل حِمْص ، عن معاذ ، به.
وهذا حديثٌ إسناده ساقطٌ لايصح ، ومن نَسَبَهُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كَذَبَ عليه.
أولا : قال البخاري : الحارث بن عَمرو ، ابن أخي الْمُغِيرة بن شُعبة ، الثَّقَفيّ ، عن أصحاب مُعاذ ، عن مُعاذ ، رَوى عنه أبو عَوْن ، ولا يَصح ، ولا يُعرف إلا بِهَذا ، مُرسلٌ. التاريخ الكبير (2/2449).
ثانيًا : أورده العقيلي في الضعفاء 1/215 (262) ، ونقل قول البخاري السابق.
ثالثًا : قال الترمذي ، بعد أن أخرجه : هذا حديثٌ لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وليس إسناده عندي بمتصلٍ ، وأبو عون الثقفي اسمه محمد بن عُبيد الله . سنن الترمذي (1327 و1328).
رابعًا : قال ابن حَزم : وحديث معاذ ، الذي فيه : أجتهد رأيي ولا آلو ، لا يصح ، لأنه لم يروه أحدٌ إلا الحارث بن عمرو ، وهو مجهولٌ ، لا ندري مَنْ هو ، عن رجالٍ من أهل حمص لم يُسَمِّهم ، عن معاذ. ((المحلى)) 1/62.
وقال ابن حَزم : وأما حديث معاذ ، فيما رُوِيَ من قوله : أجتهد رأيي ، وحديث عبد الله بن عمرو ، في قوله : أجتهد بحضرتك يا رسول الله ، فحديثان ساقطان ، أما حديث معاذ ، فإنما رُوي عن رجالٍ من أهل حمص ، لم يُسَمَّوْا ، وحديث عبد الله منقطعٌ أيضًا ، لا يتصل. ((الإحكام في أصول الأحكام)) 5/121.
خامسًا : أخرجه ابن حَجَر في كتابه ((تلخيص الحبير)) 4/182 ، ثم قال : أخرجه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن عدي ، والطبراني ، والبيهقي ، من حديث الحارث بن عمرو ، عن ناسٍ من أصحاب معاذ ، عن معاذٍ.
قال الترمذي : لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وليس إسناده بمتصل.
وقال البخاري ، في ((تاريخه)) : الحارث بن عمرو ، عن أصحاب معاذ ، وعنه أبو عون ، لا يصح ، ولا يُعرف إلا بهذا.
وقال الدارقطني ، في ((العلل)) : رواه شعبة ، عن أبي عون ، هكذا ، وأرسله ابن مهدي ، وجماعاتٌ ، عنه ، والمرسل أصح.
قال أبو داود ، يعني الطيالسي ، أكثر ما كان يحدثنا شعبة ، عن أصحاب معاذ ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال مرةً : عن معاذ.
وقال ابن حزم : لا يصح ، لأن الحارث مجهولٌ ، وشيوخه لا يُعرفون ، قال : وادعى بعضُهم فيه التواتر ، وهذا كذبٌ ، بل هو ضد التواتر ، لأنه ما رواه إلا أبو عون ، عن الحارث ، فكيف يكون متواترًا.
وقال عبد الحق : لا يُسند ، ولا يوجد من وجه صحيحٍ.
وقال ابن الجوزي ، في ((العلل المتناهية)) : لا يصح ، وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم ، ويعتمدون عليه.
* وقال ابن طاهر ، في تصنيفٍ له مفرد ، في الكلام على هذا الحديث : اعلم أني فحصت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار ، وسألتُ عنه مَنْ لَقِيتُهُ من أهل العلم بالنقل ، فلم أجد إلا طريقين ، أحدهما طريق شعبة ، والأخرى عن محمد بن جابر ، عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن رجل من ثقيف ، عن معاذ ، وكلاهما لا يصح ، قال : وأقبح ما رأيتُ فيه ، قول إمام الحرمين ، في كتاب ((أصول الفقه)) : والعمدة في هذا الباب على حديث معاذ ، قال : وهذه زلةٌ منه ، ولو كان عالمًا بالنقل ، لما ارتكب هذه الجهالة.
قال ابن حَجَر : كلام إمام الحرمين أشد مما نقله عنه ، فإنه (أي الجويني) قال : والحديث مدون في الصحاح ، متفق على صحته ، لا يتطرق إليه التأويل. انتهى كلام ابن حَجَر ، نقلا عن تلخيص الحبير ، مع الاختصار.
قال الشيخ أبو المعاطي حفظه الله : وكلام من يسمى بإمام الحرمين هذا باطل ، فالحديث لم يدون في الصحاح ، ومتفقٌ على ضعفه ، ويتطرق إليه الضلال المبين ، وكلامه مردود عليه ، وإن كان إماما لمساجد الدنيا.
* أقول : قوله يدل على جهله التام بعلم الحديث وعدم قراءته للصحاح
- فى كتاب النهاية عزا حديث (أصحابي كالنجوم) إلى الصحيحين وهو حديث موضوع !!!!!
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
يزعم في أحد كتبه أن النصوص لا تفي بعشر وقائع الشريعة !!!!
ولننظر في كتابه البرهان في أصول الفقه(ج2 ص 499-502 ط دار الوفاء -المنصورة )في قوله :
((نحن نعلم قطعا أن الوقائع التي جرت فيها فتاوي علماء الصحابة وأقضيتهم تزيد على المنصوصات زيادة لا يحصرها عد ولا يحويها حد ...
والايات والأخبار المشتملة على الأحكام نصا وظاهرا بالإضافة إلى الأقضية والفتاوي كغرفة من بحر لا ينزف.....
فإن قالوا بم تنكرون على من يزعم أنهم كانوا يتلقون الأحكام من استنباطات من الظواهر والعمومات وفحوى الخطاب
قلنا لا أصل لهذه المقالة وهي كمحاولة تسبيع الغزالة فأنى تفى الظواهر ومقتضياتها بالأحكام التي طبقت طبق الأرض ! ........
ومن أنصف من نفسه لم يشكل عليه إذا نظر في الفتاوى والأقضية أن تسعة أعشارها صادرة عن الرأي المحض والاستنباط ولا تعلق لها بالنصوص والظواهر
أ.هــ
هذا كلامه وادعاؤه أن نصوص الكتاب والسنة لا تفي بعشر الوقائع !!!!
وهذا الكلام باطل جملة وتفصيلاً بل مخالف لصريح القرآن والسنة :
فأين هو من قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) إلا إذا كان يزعم أن الدين لم يكمل بالوحي وإنما يكمل جيلاً بعد جيل بآراء الناس وأفكارهم !!!
وأين هو من قوله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول )
فيجب رد المنازعات كلها إلى الله والرسول فكيف يزعم فقيه أن تسعة أعشار الفقه يصدر عن الرأي أو القياس !!!
وقوله تعالى (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله) فهل يجعل الله حكمه في تسعة أعشار الحوادث إلى رأي الفقهاء !!!
وقوله تعالى (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) فهذه صيغة حصر وقد جاء مثلها فى أكثر من موضع بالقرآن الكريم والمعن أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يتبع إلا ما يوحى إليه وهذا دليل على أن السنة وحي أيضاً فهل ما يجب أن نرجع إليه لا يكفي إلا عشر وقائع حياتنا !!!!
وقد رد ابن تيمية (وهو ممن أثبت القياس) على هذه المقولة القبيحة التي تدعي أن نصوص الشرع لا تكفي الوقائع...
حيث قال ابن تيمية في رسالة معارج الوصول من مجموع الرسائل الكبرى(1-209): وهذا كقولهم : إن أكثر الحوادث يحتاج فيها إلى القياس لعدم دلالة النصوص عليها فإنما هذا قول من لا معرفة له بالكتاب والسنة ودلالتهما على الأحكام
وقال ابن القيم فى إعلام الموقعين (1-334،333)
فصل [ اختلفوا هل تحيط النصوص بحكم جميع الحوادث ] والناس انقسموا في هذا الموضع إلى ثلاث فرق : فرقة قالت : إن النصوص لا تحيط بأحكام الحوادث ، وغلا بعض هؤلاء حتى قال : ولا بعشر معشارها ، قالوا : فالحاجة إلى القياس فوق الحاجة إلى النصوص ، ولعمر الله إن هذا مقدار النصوص في فهمه وعلمه ومعرفته لا مقدارها في نفس الأمر ، واحتج هذا القائل بأن النصوص متناهية ، وحوادث العباد غير متناهية ، وإحاطة المتناهي بغير المتناهي ممتنع ، وهذا احتجاج فاسد جدا من وجوه : أحدها أن ما لا تتناهى أفراده لا يمتنع أن يجعل أنواعا ، فيحكم لكل نوع منها بحكم واحد فتدخل الأفراد التي لا تتناهى تحت ذلك .
النوع الثاني : أن أنواع الأفعال بل والأعراض كلها متناهية .
الثالث : أنه لو قدر عدم تناهيها فإن أفعال العباد الموجودة إلى يوم القيامة متناهية ، وهذا كما تجعل الأقارب نوعين : نوعا مباحا ، وهو بنات العم والعمة وبنات الخال والخالة ، وما سوى ذلك حرام ، وكذلك يجعل ما ينقض الوضوء محصورا ، وما سوى ذلك لا ينقضه ؛ وكذلك ما يفسد الصوم ، وما يوجب الغسل وما يوجب العدة ، وما يمنع منه المحرم ، وأمثال ذلك ، وإذا كان أرباب المذاهب يضبطون مذاهبهم ويحصرونها بجوامع تحيط بما يحل ويحرم عندهم مع قصور بيانهم فالله ورسوله المبعوث بجوامع الكلم أقدر على ذلك ، فإنه صلى الله عليه وسلم يأتي بالكلمة الجامعة وهي قاعدة عامة وقضية كلية تجمع أنواعا وأفرادا وتدل دلالتين دلالة طرد ودلالة عكس .
وهذا كما سئل صلى الله عليه وسلم عن أنواع من الأشربة كالبتع والمزر ، وكان قد أوتي جوامع الكلم فقال " { كل مسكر حرام } ، و { كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد } { وكل قرض جر نفعا فهو ربا } { وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل } { وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه } { وكل أحد أحق بماله من ولده ووالده والناس أجمعين } { وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة } { وكل معروف صدقة } وسمى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية جامعة فاذة : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } ومن هذا قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون } فدخل في الخمر كل مسكر ، جامدا كان أو مائعا من العنب أو من غيره ، ودخل في الميسر كل أكل مال بالباطل ، وكل عمل محرم يوقع في العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة .
ودخل في قوله : { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } كل يمين منعقدة ، ودخل في قوله : { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات } كل طيب من المطاعم والمشارب والملابس والفروج ، ودخل في قوله : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } ، { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } ما لا تحصى أفراده من الجنايات وعقوباتها حتى اللطمة والضربة والكسعة كما فهم الصحابة .
ودخل في قوله : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } تحريم كل فاحشة ظاهرة وباطنة ، وكل ظلم وعدوان في مال أو نفس أو عرض ، وكل شرك بالله وإن دق في قول أو عمل أو إرادة بأن يجعل لله عدلا بغيره في اللفظ أو القصد أو الاعتقاد ، وكل قول على الله لم يأت به نص عنه ولا عن رسوله في تحريم أو تحليل أو إيجاب أو إسقاط أو خبر عنه باسم أو صفة نفيا أو إثباتا أو خبرا عن فعله ؛ فالقول عليه بلا علم حرام في أفعاله وصفاته ودينه .
أ.هـ كلام ابن القيم
وقد رد الشوكاني أيضاً هذا الهراء ... كذلك مع اعتراضه على إخراج الجويني أهل الظاهر ومنكري القياس من الاعتداد بخلافهم ! فقال في إرشاد الفحول (ج1ص357)
وقد تكلف امام الحرمين الجويني في البرهان لدفع هذا فقال ان منكري القياس ليسوا من علماء الامة ولا من حملة الشريعة فان معظم الشريعة صدرت عن الاجتهاد والنصوص لا تفي بعشر معشار الشريعة انتهى وهذا كلام يقضي من قائله العجب فان كون منكري القياس ليسوا من علماء الامة من ابطل الباطلات واقبح التعصبات ثم دعوى ان نصوص الشرعية لا تفي بعشر معشارها لا تصدر الا عمن لم يعرف نصوص الشريعة حق معرفتها ....

قال أبو حيان الظاهري رحمه الله في تفسيره وهو يرد على ابن عطية المفسر بعد أن ادعى الإجماع :

( وقوله : أجمعت الأمة على تحريم شحمه ، ليس كما ذكر . ألا ترى أن داود لا يحرم إلا ما ذكره الله تعالى ، وهو اللحم دون الشحم؟ إلا أن يذهب ابن عطية إلى ما يذكر عن أبي المعالي عبد الملك الجويني ، من أنه لا يعتد في الإجماع ، بخلاف داود ، فيكون ذلك عنده إجماعاً .

وقد اعتد أهل العلم الذين لهم الفهم التام والاجتهاد ، قبل أن يخلق الجويني بأزمان ، بخلاف داود ، ونقلوا أقاويله في كتبهم ، كما نقلوا أقاويل الأئمة ، كالأوزاعي ، وأبي حنيفة ، ومالك ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد .ودان بمذهبه وقوله وطريقته ناس وبلاد وقضاة وملوك الأزمان الطويلة ، ولكنه في عصرنا هذا قد خمل هذا المذهب ).

وهذه الدعوى التي قالها الجويني الأشعري بلا تحقيق لا تقبل منه أصلاً، فلا أدري كيف يكون مقلداً للإمام الشافعي وينفي الاعتداد بقول مجتهد أثنى عليه أئمة وعلماء، ولا ينفي أحد أصلاً كونه مقلداً للإمام الشافعي في أصول الفقه، ومن نفاه فقد كذب أصحابه إذ شهدوا عليه بذلك.

فلا عبرة بقول الجويني، ولا من كان مثله، فأهل الإجماع هم أهل الحديث حقاً، الذين يميزون صحيحه من ضعيفه، لا من حشد في كتبه الضعيف وزعم أنه صحيح، كما فعل الجويني.

فمن لم يكن علم الحديث علمه، ولا طريقه في معرفة أحكام الله تعالى فليس من أهل العلم الذين نسألهم عن حكم الله تعالى، إذ ليس عندهم علم بطريق أحكام الله تعالى التي ثبتت في السنن.

قال أبو محمد بن يربوع الظاهري عن من كان مثل هؤلاء من أهل قرطبة حين فضلوا سنن أبي داود على صحيح البخاري: ( قد ضرب بينهم وبين الصناعة بأسداد، فهم على بعد شديد من السداد ) يريد صناعة الحديث ومعرفة السقيم من الصحيح.

وهكذا نقول: كل من لم يعرف الحديث، ولا رجاله، وكل من قلد رجلاً واحداً لا يتعدى قوله: فليس له أن يتكلم في شريعة ألبتة، فليس للمتكلم فيها إلا أن يلج هذا العلم الشريف، أما من يخوض في علم الكلام وعلم أصول الفقه لا يتعداه إلى غيره فحقه أن يقول هذا ديني لا دين الله تعالى في كل ما صححه ورجحه، وأن يقول: هذا رأيي، وليس بشرع، وهو والعذرة والبول سواء إن لم يكن هناك نص يؤيده.

فلا يطلب علم ممن حرم علم الحديث، فالمحدث قد يكون فقيه أحياناً إذا اشتغل في بفقه الأثر مع روايته، ومعرفته، وقد لا يكون فقيهاً، والله الموفق.
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
ابن العربي المالكي..
أقذع ابن العربي الأشعري المالكي في ابن حزم حتى كاد يكفره وقد ألمح إلى ذلك في بعض مسائله على سورة البقرة في كتاب أحكام القران وقد رد عليه الذهبي وقال : مع أن ابن العربي رحمه الله لم يبلغ مبلغ ابن حزم و لا يكاد !
.الغريب أن ابن العربي رحمه الله رأى ابن عقيل الحنبلي في مجلس في أثناء رحلته إلى الشام والعراق قال : فالتفت الينا ابن عقيل واستشهد بآية يريد بها نفي رؤية الله يوم القيامة ! أو كما قال ومع هذا لم يقذع فيه كما أقذع في ابن حزم !!!! وقد ذكر هذه القصة عنه محب الدين الخطيب في مقدمته على العواصم .
قال ابن العربي :في حق أهل الظاهر وابن حزم: هي أمة سخيفة، تسورت على مرتبة ليست لها، وتكلمت بكلام لم نفهمه ، تلقوه من إخوانهم الخوارج .. وكان أول بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن، فلما عدت، وجدت القول بالظاهر قد ملا به المغرب سخيف كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم، نشأ وتعلق بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل، واستقل بنفسه، وزعم أنه إمام الامة يضع ويرفع، ويحكم ويشرع، ينسب إلى دين الله ما ليس فيه، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرا للقلوب منهم، وخرج عن طريق المشبهة في ذات الله وصفاته، فجاء فيه بطوام، واتفق كونه بين قوم لا بصر لهم إلا بالمسائل، فإذا طالبهم بالدليل كاعوا ، فيتضاحك مع أصحابه منهم، وعضدته الرئاسة بما كان عنده من أدب، وبشبه كان يوردها على الملوك، فكانوا يحملونه، ويحمونه، بما كان يلقي إليهم من شُبه البدع والشرك , وفي حين عودي من الرحلة ألفيت حضرتي منهم طافحة، ونار ضلالهم لافحة ...
صرح الإمام الذهبي بأن القاضي ابن العربي قد بالغ في الاستخفاف بابن حزم

أما الجواب على ما قاله ابن العربي :

الجزء الأول من قوله: ( هي أمة سخيفة، تسورت على مرتبة ليست لها، وتكلمت بكلام لم نفهمه ، تلقوه من إخوانهم الخوارج )
قوله أنها أمة سخيفة، فهو بهذا يشهد على أبيه بأنه سخيف مثلهم، إذ لو كان الإمام ابن حزم سخيفاً كما يدعي، فإن أباه جالسه واختص به سنين عديدة، فلا يجلس مع السخيف إلا سخيفاً مثله، وهذا لا نقوله نحن عن أبيه، ومعاذ الله أن تأخذنا العصبية والمذهبية إلى هذا المذهب الكاذب القبيح.
أما التسور على مرتبة ليست لهم، فما هي تلك المرتبة ؟! أليست مرتبة الاجتهاد ونبذ التقليد التي لم يستطع ابن العربي المالكي من الولوج فيها، إلا وفق أصول المالكية التي قلدها، ثم اجتهد في الفروع بحسب ما يرى، أيريد من أهل الظاهر أن يتبعوه في التقليد ؟! فهذا قول يريد صاحبه أن يحرم غيره من نعمة الترقي في سلك العلم حتى الولوج في الاجتهاد في الأصول والفروع كما أمر الله تعالى بما توجبه القواطع اليقينية التي لا يحبها أهل التقليد.
أما قوله أنهم تلقوا ذلك من الخوارج فشتان بين أهل الظاهر والخوارج، وليت شعري كيف يكون قول الإمام ابن حزم هو قول الخوارج وهو خصمهم، فهو يبطل الخروج، ويبطل التكفير بالذنب، ويبطل إخراج أحد من الدين إلا بيقين، ويبطل القول بالتكفير بترك العمل جملة، كل ذلك أبطله عن نص ويقين، والخوارج يخاصمونه في ذلك، فكيف يكون قول أهل الظاهر أخذوه من الخوارج، ولو شئنا أن نفرد كتاباً في الأصول التي أبطلها أهل الظاهر، وقال بها الخوارج لكتبنا في ذلك الشيء الكثير، فهذا القول قول متعصب مردود لا حجة له عليه.
وقد وصفه الإمام ابن حزم ومن مثله من أهل الرأي والمذاهب كلهم أنهم أشباه اليهود في مسألة التعليل، وافقوهم في ذلك الأصل وقالوا بقولهم فيه، فهذا وصف بوصف، فما زاد في ذلك وما أنقص.
الجزء الثاني من قوله: إيهام ابن العربي المالكي بعدم وجود أهل الظاهر:
كأن ابن العربي حين يقول أنه لما عاد إلى الأندلس وجد الظاهر منتشراً أنه لم يكن كذلك قبل أن يولد ! وهذا من العجب، إذ أثبت أهل التاريخ والتراجم رغم أنف ابن العربي أن القول بالظاهر كان فاشياً في أهل الأندلس والغرب، وأن من أوائل الذين نشروه كانوا من تلاميذ داود الظاهري، وتلاميذ ابنه، وتلاميذ ابن المغلس، وهم كثرة في الأندلس لا يحجبها غربال.
وكيف يكون قوله صحيحاً وقد كان قاضي الجماعة في الأندلس قبل أن يولد ابن العربي بعشرات السنين الإمام منذر بن سعيد البلوطي، وقد تولى تولية القضاة وتنصيبهم، وكان قاضي الجماعة في قرطبة، وطلب الاعتزال من الحكم بعد الناصر وأبى عليه ذلك حتى توفي في حدود سنة 350 من الهجرة، فأين كان خاطر ابن العربي حين زعم أن الظاهرية انتشرت بعد أن عاد، وكأنها لم تكن هناك قبل ذلك !
وكيف يكون هذا منه وهو يعلم أن أباه هو من أخص تلاميذ الإمام ابن حزم والذي قال وصفه بأنه كان من بادية إشبيلية !
الجزء الثالث من قوله: قوله: ( وجدت القول بالظاهر قد ملا به المغرب سخيف كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم، نشأ وتعلق بمذهب الشافعي، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكل، واستقل بنفسه، وزعم أنه إمام الامة يضع ويرفع، ويحكم ويشرع، ينسب إلى دين الله ما ليس فيه ).
نقول : ما شاء الله من بدوي ينام ويأكل ويشرب في بيت وزارة، وما شاء الله من بدوي هذا يملك أهله ناحية من نواحي قرطبة بقراها وضياعها، ويسكن القصور، لذلك حق للعلامة ابن عقيل أن يعلق على هذا القول ويقول ما معناه: ( حق للمجمع اللغوي أن يجعل معنى البدوي دالاً على الغنى والترف والنعيم ) لأن ابن العربي المالكي أطلقه على ابن حزم وهو ابن الوزير، والذي ربته الجواري، وحفظته القرآن والآداب والشعر !
أما قوله: ( خلع الكل، واستقل بنفسه وزعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع ويحكم ويشرع وينسب إلى دين الله ما ليس فيه ): فإذا كان يريد بخلع الكل وأنه استقل بنفسه: عدم تقليد الكل فهذا هو الحق الذي جاء النص به، ولم يأت بشيء يوافق قول ابن العربي المالكي المقلد لمالك في أصوله وجملة فروعه.
أما قوله: ( زعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع) فهذه إن نزهنا ابن العربي المالكي من الكذب قلنا هي نقل خاطئ، إذ لم يقل الإمام ابن حزم أنه إمام الأمة ألبتة، وما دعى لنفسه، وقد قال ذلك في الإحكام، وفي بقية كتاب الإعراب في الفصل الذي لم يحققه المحقق، فما زعم رحمه الله هذا الزعم ألبتة، فهذا من غير المقبول من ابن العربي .
أما قوله: ( يحكم ويشرع ): فليس هذا لابن العربي المالكي، ولا مالك نفسه، ولا ابن حزم، ولا أحمد، ولا يحكم ويشرع إلا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يحكم الأئمة من أهل الظاهر بشيء إلا عن نص صحيح، وهذا هو شرع الله تعالى، والذي كان عليه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه، والذي أمر به، العمل بالإسلام كما أنزله الله تعالى، بلا حكم برأي وظن وتغيير وتبديل وزيادة، فليس لأحد كلمة عن الإمام ابن حزم فيها أنها يحكم بلا نص، وهذا لا يجده لا ابن العربي المالكي ألبتة.
وليت شعري ماذا يقول ابن العربي المالكي في قول مذهبه الذي يقلده بالرأي والظن، والتشريع والحكم بما ليس فيه حكم لله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وكتبهم وكتب أمثاله من أهل التقليد طافحة بذلك، فهذا الحكم والتشريع بلا نص، والذي حقه التشنيع لا العامل بنص الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما قوله: ( ينسب إلى دين الله ما ليس فيه ): فليت شعري كيف يكون العمل بظاهر النص الذي هو محل اتفاق بين الجميع هو نسبة إلى دين الله ما ليس فيه، والجميع يقول أن الظاهر هو الأصل، ولا ينتقل عن الظاهر إلى غيره إلا بدليل، فإن لم يقم دليل قطعي فيستمر أهل الظاهر وأهل الحق من غيره على هذا الظاهر حتى يقوم دليل قطعي على عدم إرادته.
فكيف يكون الحكم بالظن ليس نسبة شرع إلى الله وهو ليس في دين الله، فنسألهم عن من ينكح أخته من الرضاع عند المالكيين، وهو يعلم ذلك وأنه حرام كيف لا يكون عليه الحد ؟ أوجدوا هذا في كتاب الله أو في ظنهم الفاسد عقلهم ؟! هذه هي النسبة إلى دين الله وهي ليست فيه بيقين، لا العامل بالنص وحده واللغة، وما أجمع عليه الصحابة، وما جاءت به اللغة.
الجزء الرابع من قوله: قوله ( ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرا للقلوب منهم ).
نقول: هذا ما حاول غير ابن العربي المالكي إثارته، وما أفلحوا ألبتة، والإمام ابن حزم ينقل عن المذاهب من كتبهم، ولا ينقل من رأسه، وقد نقل مسائل من كتاب الطحاوي، والآن لا نجد هذا الكتاب، ولكن نجد مختصره وهو مختصر اختلاف العلماء.
وقد أكثر من النقل من كتابه الكبير في الإحكام، ولم ينكره مقلدة أبي حنيفة النعمان في عصره، ولا في عصر لاحق بعده، وكذلك نقل عن المالكيين والشافعيين من كتبهم، لم يتقول عليهم بشيء.
فأحياناً ينقل النص كما هو، وأحياناً ينقله بمعناه، ولا يتجاوز ما عندهم، ولا ينسب إليهم ما لم يقولوه، فإن لم نجده نحن في زماننا لضياع الكتب التي نقل منها، لا يعني أنها غير موجودة، والعبرة في ذلك النظر في كتب المتقدمين من هذا المذهب، والنظر في نفيهم لما نسب إليهم، ولم نجد هذا والحمد لله، فصح عندنا أنه دقيق في نقله، وإن فقدنا بعض الكتب التي نقل منها.
قوله: ( واتفق كونه بين قوم لا بصر لهم إلا بالمسائل، فإذا طالبهم بالدليل كعوا، فيتضاحك مع أصحابه منهم ).
نقول : هذه حكاية لا سند لها، وابن العربي المالكي ليس بقريب عهد من الإمام ابن حزم حتى يعرف هذه القصة، وكيف تصح هذه القصة والإمام ابن حزم ضرب مثالاً في الإنصاف، وذلك ما قاله في رسائله حين ناظر خصمه، ثم لما قطعه، وعاد إلى بيته ظهر له أن دليله خطأ، فكان يريد العودة إلى خصمه ليظهر له هذا الخطأ لولا أن الليل قد دخل، فأجله إلى اليوم الثاني، وكيف يظن جاهل أو عالم بإمام من أئمة السنة يكون هذا فعله الذي يعف عنه صغار طلبة العلم !
وليت شعري إذا كانوا لا يعرفون الأدلة فما رأينا من ابن العربي المالكي في كتبه التي كتبها ما فيه إبطال لمذهب أهل الظاهر، إنما فيه إلزام لأهل الظاهر بما لا يلزمهم، وهذا من العجب، فليته أبطل حجج الظاهرية في كتبه على طريقة أهل الظاهر، حتى يظهر لنا حسن النظر في الأدلة.
وليت شعري أيضاً لو كان عنده دليل لإبطال مذهب أهل الظاهر وقولهم لما احتاج إلى هذا التهويل والتشنيع الذي لا برهان له علي شيء منه.
قوله: ( وعضدته الرئاسة بما كان عنده من أدب، وبشبه كان يوردها على الملوك، فكانوا يحملونه، ويحمونه، بما كان يلقي إليهم من شُبه البدع والشرك ):
أما هذه فعجب آخر من نقل ابن العربي المالكي، حين كان والد ابن حزم وزيراً كان الإمام ابن حزم صغيراً، ولازال بعد في طور التعلم والتلقي، فكيف عضدوه حينها لا أدري ؟!
ثم إن الإمام رحمه الله صرح بنفسه أنه ما صنف وكتب أكثر كتبه إلا وهو طريد مشرد عن الديار والأحباب والأهل، فكيف ساعدته الرياسة على ذلك لا أدري ؟!
أما قوله: أنه كان يورد الشبه على الملوك وأنه يحمونه فما هي تلك الشبه ليته أخبرنا بها، وليت غيره من عصره إلى يومنا هذا يخبرنا ما هي الشبه التي كان يوردها ابن حزم عليهم ؟
وكيف يحمونه وهو ما طورد وأوذي إلا من الملوك، فقد سجنوه لصحة المرتضى، وتوليه الوزارة له، وحرقوا بعض كتبه، فأي حماية كانت له ؟! وهذا القول هو سلف من يرمي كل من يخالفه بأنه متواطئ مع الحاكم كما نشاهد اليوم للتهويل والتشنيع والتحذير من تلقي الناس منه، فما أشبه اليوم بالبارحة !
أما قوله: ( بما كان يلقي إليهم من شبه البدع والشرك ): فما شاء الله من بدع وشرك تدعو إلى رد البدع والشرك، وتدعو للأخذ بنصوص الله وترك رأي الرجال، وهذا كسابقه، ليت العلماء يظهرون لنا ما هي هذه البدع ومسائل الشرك التي كان يلقيها ابن حزم على الملوك، فها هي كتبه ليس فيها ما يشير إليه ابن العربي المالكي، فإما أن يكون هذا في كتاب لم يصلنا، وإن كان كذلك لظهر في قول العلماء وشنعوا عليه فيها، وما ظهر هذا إلا من متعصب يشنع بلا وجه حق، وإما أن يكون هذا من الوحي بالغيب، فإن كان كذلك فليس لنا إلا التسليم !
قوله: ( وفي حين عودي من الرحلة ألفيت حضرتي منهم طافحة، ونار ضلالهم لافحة ).
أما الضلال فلا يوصف أهل الظاهر بالضلال ألبتة، لأنهم لم يكذبوا، ولم يشنعوا بلا وجه حق، ولا قالوا إلا ما نص الله تعالى عليه، فإن قال أحدهم بخلاف ذلك فهو مخطئ، فإن أقمنا عليه الحجة فهو مبتدع بلا شك وقد يصل به الأمر إلى الكفر.
أما الإمام ابن حزم صاحب راية حفظ السنة نشر الحديث، وصاحب السنة الحميدة، فليس ممن يوصف بهذا الوصف، ومن أراد وصفه فليقم لنا هذا البرهان الجلي الذي يؤيد قوله، ولو كان مجرد قول ابن العربي الأشعري المالكي أنه ضال أو من كان على مذهبه لمجرد كونهم من أهل الظاهر، فما الفرق بين قول غيره أنه نفسه ضال هالك ؟ فتلك دعوى بدعوى، ونحن لا نقول ذلك عنه، ونبغض هذا التشنيع منه .
فكل ما نقله هؤلاء لا ينفعهم في دعواهم عدم الاعتداد بقول ابن حزم أو غيره من أهل الظاهر في الدين جملة أو في الجرح والتعديل إذ هي مجرد طعون لا وزن لها في ميزان بحث ودراسة شيء علمي ..
**********
المزيد من كلام ابن العربي في غير الظاهرية:

1-ذمه وتهكمه على محدث الأندلس وحافظها قاسم بن أصبغ واتهامه له هو وداود الظاهري وابن المغلس ومنذر بن سعيد وابن حزم بالكفر لإنكارهم القياس واقتصارهم على الكتاب والسنة...حيث قال في كتاب عارضة الأحوذي (10/109-112) عند شرح حديث ستفترق أمتي ((.... وكان عندنا رجل يقال له قاسم بن أصبغ رحل وروي الحديث وعاد فأسند وادعى أنه لا قياس ولا نظر.....كما أن الطائفة الأولى صنف من الخوارج (يقصد من ذكرت) وفرع من فروعهم لأنهم الذين ابتدعوا هذا أولاً وقالوا لا حكم إلا لله....ولكنه أمر استشرى داؤه وعز عندنا دواؤه وأفنى الجهلة به فمالوا إليه وغرهم رجل كان عندنا يقال له ابن حزم انتدب لإبطال النظر وسد سبيل العبر ونسب نفسه إلى الظاهر اقتداءا بداود وأشياعه فسود القراطيس وأفسد النفوس ....)

2-أنكر في العواصم من القواصم قصر الأحكام على الكتاب والسنة حيث قال ((وأما قولهم إن الله لم يأمرنا بأن نقتدي بأحد ولا نهتدي بغيره فكذب على الله ورسوله .....وغريبة أمرهم أنهم يقولون : لا رجوع إلى النص عن الله وعن رسوله وهي كلمة مخترعة لم تجر على لسان أحد قبل الشافعي أخذتها منه الشيعة .....))
ويقول أيضاً مكابراً ((بأي نص تردون الأمر إلى النص وهم لا يجدونه أبداً))

3-زعم في نفس الكتاب السابق أن الله لم يضمن الحفظ للحديث وإنما ضمنه للقرآن
4-تجويزه للحكم بغير ما أنزل الله فقال (( فإذا قالوا هم لا حكم إلا بنص قلنا : ولا نص على من ترك النص))
5- زعمه بأن الظاهرية إخوان لليهود في نفس الكتاب
6-ويقول في كتابه أحكام القرآن في تفسير قوله تعالى ((حتى يطهرن)) ...وأما داود فإنا لم نراع خلافه ؛ لأنه إن كان يقول بخلق القرآن ويضلل أصحاب محمد في استعمالهم القياس كفرناه !!!
يقول أيضاً عن الشافعي في كتابه أحكام القرآن :
* ((وقال الشافعي : هي آية في أول الفاتحة ، قولا واحدا ؛ وهل تكون آية في أول كل سورة ؟ اختلف قوله في ذلك ؛ فأما القدر الذي يتعلق بالخلاف من قسم التوحيد والنظر في القرآن وطريق إثباته قرآنا ، ووجه اختلاف المسلمين في هذه الآية منه ، فقد استوفيناه في كتب الأصول ، وأشرنا إلى بيانه في مسائل الخلاف ، ووددنا أن الشافعي لم يتكلم في هذه المسألة ، فكل مسألة له ففيها إشكال عظيم .))
* ويقول ((...ومنهم من أجرى أوله مجرى الإخبار وأجرى آخره مجرى الشهادة ، وهو الشافعي ؛ وهذا تحكم ولا عذر له في الاحتياط للعبادة ...))
* ويقول ((ولعل المولى فيها هي الخامسة أو بنت أخيه أو أخته ؛ فهذا لغو من قول الشافعي ولا يلتفت إليه .))
* ويقول ((قوله تعالى : { ذلك أدنى ألا تعولوا } اختلف الناس في تأويله على ثلاثة أقوال : الأول : ألا يكثر عيالكم ؛ قاله الشافعي .
الثاني : ألا تضلوا ؛ قاله مجاهد .
الثالث : ألا تميلوا ؛ قاله ابن عباس والناس .
وقد تكلمنا عليه في رسالة " ملجئة المتفقهين " بشيء لم نر أن نختصره هاهنا : قلنا : أعجب أصحاب الشافعي بكلامه هذا ، وقالوا : هو حجة لمنزلة الشافعي في اللغة ، وشهرته في العربية ، والاعتراف له بالفصاحة حتى لقد قال الجويني : هو أفصح من نطق بالضاد ، مع غوصه على المعاني ، ومعرفته بالأصول ؛ واعتقدوا أن معنى الآية : فانكحوا واحدة إن خفتم أن يكثر عيالكم ، فذلك أقرب إلى أن تنتفي عنكم كثرة العيال .
قال الشافعي : وهذا يدل على أن نفقة المرأة على الزوج .
وقال أصحابه : لو كان المراد بالعول هاهنا الميل لم تكن فيه فائدة ؛ لأن الميل لا يختلف بكثرة عدد النساء وقلتهن ، وإنما يختلف بالقيام بحقوق النساء فإنهن إذا كثرن تكاثرت الحقوق .
قال ابن العربي : كل ما قال الشافعي أو قيل عنه أو وصف به فهو كله جزء من مالك ، ونغبة من بحره ؛ ومالك أوعى سمعا ، وأثقب فهما ، وأفصح لسانا ، وأبرع بيانا ، وأبدع وصفا ، ويدلك على ذلك مقابلة قول بقول في كل مسألة وفصل .))
* ويقول ((هذا منتهى كلام الشافعي ، وأصحابه يفرحون به ، وليس فيه ما يلتفت إليه ولا يشبه نصابه في العلم ...))
* ويقول أيضاً ((المسألة الحادية عشرة : قوله عز وجل : { فاغسلوا } : وظن الشافعي وهو عند أصحابه معد بن عدنان في الفصاحة بله أبي حنيفة وسواه أن الغسل صب الماء على المغسول من غير عرك ، وقد بينا فساد ذلك في مسائل الخلاف ...))
* ويقول ((المسألة الثامنة : قوله تعالى : { أو تقطع أيديهم } قال الشافعي : إذا أخذ في الحرابة نصابا .
قلنا : أنصف من نفسك أبا عبد الله ووف شيخك حقه لله .....))
ولو تتبعنا لوجدنا الكثير والأفظع ....
* أنكر في العواصم من القواصم قصر الأحكام على الكتاب والسنة حيث قال ((وأما قولهم إن الله لم يأمرنا بأن نقتدي بأحد ولا نهتدي بغيره فكذب على الله ورسوله .....وغريبة أمرهم أنهم يقولون : لا رجوع إلى النص عن الله وعن رسوله وهي كلمة مخترعة لم تجر على لسان أحد قبل الشافعي أخذتها منه الشيعة .....))
ويقول عن الإمام أحمد رحمه الله بعد أن سمع ابن عقيل الحنبلي في رحلته إلى العراق يقول : مذهب أحمد أن ضعيف الأثر خير من قويِّ النظر , فقال أى ابن العربي : وهذه وهلةٌ من أحمد لا تليق بمنصبه !!!

********أعتقد أن بعد كل ما نقلته لا يلتفت لكلام ابن العربي في غير أهل مذهبه
 
إنضم
2 يوليو 2008
المشاركات
2,237
الكنية
أبو حازم الكاتب
التخصص
أصول فقه
المدينة
القصيم
المذهب الفقهي
حنبلي
ألا يمكن أن نكتب فائدة أو مسألة علمية دون إثارة مثل هذا الموضوع الذي كثر تكراره مع قلة فائدته ألا يسعنا ما وسعهم ؟
 
التعديل الأخير:
إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
ألا يمكن أن نكتب فائدة أو مسألة علمية دون إثارة مثل هذا الموضوع الذي كثر تكراره مع قلة فائدته ألا يسعنا ما وسعهم ؟

أحسنت شيخنا ( طالب هدى ) جزاك الله خيرا
أظن أن الأخ ( أبو محمد المصري ) أقحم شيئا ليس هو من مبحثنا .
و الله المستعان .
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
أحسنت شيخنا ( طالب هدى ) جزاك الله خيرا
أظن أن الأخ ( أبو محمد المصري ) أقحم شيئا ليس هو من مبحثنا .
و الله المستعان .

الله المستعان على ما تنقلون
كلامى إجابة عن سؤالك ((لا أدري هل هي ردة فعل أم رأي آخر ؟))
كلام من نقلت عنه من الطاعنين لا يعتد به فكان ينبغي بيان ما يقنع من ينشد الحق بأن كلامهم لا عبرة به ...لأنه تحركهم عصبيتهم المذهبية وبضاعتهم المزجاة من علوم النقل فطعنوا بغير حق بينما الطعن الذي ينسبه البعض إلى ابن حزم بالباطل هو دفاع عن النص
وشتان بينهما .
 
إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
الله المستعان على ما تصفون وتنقلون
كلام سلفك من الطاعنين لا يعتد به فكان ينبغي بيان ما يقنع من ينشد الحق بأن كلامهم لا عبرة به ...لأنه تحركهم عصبيتهم المذهبية وعلم الكلام الذي تشربوه

متعصبة ؟؟!!!!!
ولما لا تكون أنت المتعصب لسلفك الطاعنين في الأئمة و العلماء .....
على كل حال ( كلام شيخنا طالب هدى فيه الحكمة ) لو كنا نعقل ( ... ألا يسعنا ما وسعهم ؟ )
و الله المستعان
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290
سلفي لم يفتروا بل دافعوا عن النص ولم يطعنوا في أشخاص أسلافك
فكلام ابن حزم متجه إلى الكلام لا إلى صاحبه
أما ابن العربي فهو يطعن في مخالفيه كابن حزم والقاسم بن أصبغ وداود بل والشافعي إمام الدنيا في أشخاصهم وعلمهم بل وفي إسلام بعضهم
والله المستعان
 
إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
الله المستعان على ما تنقلون
كلامى إجابة عن سؤالك ((لا أدري هل هي ردة فعل أم رأي آخر ؟))
كلام من نقلت عنه من الطاعنين لا يعتد به فكان ينبغي بيان ما يقنع من ينشد الحق بأن كلامهم لا عبرة به ...لأنه تحركهم عصبيتهم المذهبية وبضاعتهم المزجاة من علوم النقل فطعنوا بغير حق بينما الطعن الذي ينسبه البعض إلى ابن حزم بالباطل هو دفاع عن النص
وشتان بينهما .

جدال بالباطل ، وحجج واهية ...
ولو عاندتك لم أخرج بنتيجة ...
و الله المستعان ....
 
إنضم
27 مارس 2008
المشاركات
365
التخصص
أصول الفقه
المدينة
قسنطينة
المذهب الفقهي
حنبلي
أترك الأمر ليقرأ من يبحث عن الحق لا من ينصر أسلافه في الحق والباطل

كلام خطير ...
نصرة الحق لامجال للنقاش فيها ، أما نصرة الباطل فلا يوجد أحد ينصر الباطل وهو يعتقد أنه باطل ؛ اللهم إن كان للمجتهد رأي آخر جانب فيه الصواب فهذا لا إثم عليه ؛ أما أنت الذي تقدح في الأئمة ، وترميهم بالباطل لا أدري بأي حجة ستقابل الله - تعالى - بها .
نحن المتأخرون لم نقدح لا في ابن حزم - رحمة الله عليه - ولم ننتصر لمن قدحوا في ابن حزم ، بل نعطي كل واحد نصيبه من الجرح و التعديل ؛ صحيح أن ابن العربي و الجويني قدحوا كثيرا في ابن حزم ، لكنا لم نوافقهم فيه ، كما لا نوافق ابن حزم في قدحه في الأئمة بمجرد أنهم اجتهدوا في قضايا رأوها صوابا مثله . وكون القياس حجة عند جمهور الأصوليين ، و أن ابن حزم أخطأ في انتحاله ؛ هذا لا يغير احترامنا لابن حزم ، وتقديرنا له ، بل العكس ؛ الإمام ابن حزم إمام في النقل و العقل ، ولولا تجنيه على الأئمة لا عد مرجعا عند كثير من العلماء ، لكن سلاطة سلانه جعلت كثر من العلماء يتوقف فيه .
و الله أعلم .
 
إنضم
16 ديسمبر 2007
المشاركات
290

كلام خطير ...
.... أما أنت الذي تقدح في الأئمة ، وترميهم بالباطل لا أدري بأي حجة ستقابل الله - تعالى - بها .
.....

هذا كذب أو وهم منك
فما نقلته مذكور صراحة في كتبهم وموثق ولم أفتر عليهم أو أرميهم بالباطل
أما هم فقد افتروا وصدقهم من يتبعهم ولا يعرف دوافعهم
 
أعلى