العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

الحيدة في الفتوى ملاحظة متكررة وتقرير عن الشاطبي في المسألة

إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
الحيدة في الفتوى

ألاحظ بشكل مستمر ومتكرر على كثير من المفتين أنه إذا سئل عن بعض المسائل أنه لا يجيب المستفتي على عين مسألته، وإنما يذكر له الحكم العام في المسألة، وفي كثير من الأحيان يكون المستفتي على علمٍ بالحكم العالم للمسألة، وإنما يسأله هل له أن يفعل كذا بسبب كذا، وهل قد توفرت فيه الرخصة والحاجة، وهذا كثير جداً، وترى المستفتي يعيد ويكرر، ولا يزيده المفتي إلا إعادة وتكراراً.
نعم، نعلم أن هذا من تورع من المفتي عن الجواب، لكن في هذا أمر أخطر، وهو أنه قد أحال على العامي تنزيل الواقعة، والنظر في الصفات الموجبة للحكم، وهو مقامٌ لا يتأهل له العامي في العادة.
وإذا كان الشيخ - على منزلته - أشكل عليه تنزيل الحكم فكيف يحيله على العامي؟!.
المسألة لها صور متعددة، وينبغي على المفتي أن يفيد المستفتي عن عين نازلته، فإن لم يقو على ذلك أحاله على غيره، لا أن يقتصر على بيان الأحكام العامة، ويدفع المستفتي للقيام بواجب تنزيلها عليه.
وقد وقفت على نقل للشاطبي يفيد ما كنت أستشكله على هؤلاء المفتين.

يقول أبو إسحاق رحمه الله كما في الموافقات 3 / 300-202:

فهذه المواضع وأشباهها مما يقتضي تعيين المناط لا بد فيها من أخذ الدليل على وفق الواقع بالنسبة إلى كل نازلة.

ثم قال:

عند ذلك نقول: لا يصح للعالم إذا سئل عن أمر كيف يحصل في الواقع إلا أن يجيب بحسب الواقع، فإن أجاب على غير ذلك؛ أخطأ في عدم اعتبار المناط المسئول عن حكمه، لأنه سئل عن مناط معين؛ فأجاب عن مناط غير معين.

لا يقال: إن المعين يتناوله المناط غير المعين لأنه فرد من أفراد عام، أو مقيد من مطلق؛ لأنا نقول: ليس الفرض هكذا، وإنما الكلام على مناط خاص يختلف مع العام لطروء عوارض كما تقدم تمثيله، فإن فرض عدم اختلافهما؛ فالجواب إنما يقع بحسب المناط الخاص.

وما مثل هذا إلا مثل من سأل:

هل يجوز بيع الدرهم من سكة كذا بدرهم في وزنه من سكة أخرى، أو المسكوك بغير المسكوك وهو في وزنه؟

فأجابه المسئول:


بأن الدرهم بالدرهم سواء بسواء، فمن زاد أو ازداد؛ فقد أربى، فإنه لا يحصل له جواب مسألته من ذلك الأصل؛ إذ له أن يقول: فهل ما سألتك عنه من قبيل الربا، أم لا؟

أما لو سأله:

هل يجوز الدرهم بالدرهم وهو في وزنه وسكته وطيبه؟

فأجابه كذلك؛ لحصل المقصود، لكن بالعرض لعلم السائل بأن الدرهمين مثلان من كل وجه.

فإذا سئل عن بيع الفضة بالفضة؟

فأجاب بذلك الكلام؛ لكان مصيبًا، لأن السؤال لم يقع إلا على مناط مطلق، فأجابه بمقتضى الأصل، ولو فصّل له الأمر بحسب الواقع لجاز، ويحتمل فرض صور كثيرة، وهو شأن المصنفين أهل التفريع والبسط للمسائل، وبسبب ذلك عظمت أجرام الدواوين، وكثرت أعداد المسائل؛

غير أن الحكمة اقتضت أن يجاب السائل على حد سؤاله:
1- فإن سأل عن مناط غير معين؛ أجيب على وفق الاقتضاء الأصلي.
2- وإن سأل عن معين؛ فلا بد من اعتباره في الواقع إلى أن يستوفي له ما يحتاج إليه.

ومن اعتبر الأقضية والفتاوى الموجودة في القرآن والسنة، وجدها على وفق هذا الأصل، وبالله التوفيق.
 
التعديل الأخير:
إنضم
29 أكتوبر 2007
المشاركات
9,059
الكنية
أبو فراس
التخصص
فقه
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
هذه الخاطرة كتبتها بعد تأمل في عجز كثير من الفتاوى المعاصرة عن مواكبة التسارع في الوقائع والأحداث، فتصبح هذه الفتوى غلطاً أو تاريخاً أو مرحلة أو أي شيء إلا البقاء.


تحصيل الوصف الشرعي


على أهل العلم أن يعتنوا بتحصيل الوصف الشرعي، كما هي طريقة النصوص الشرعية، وحسن جداً أن يكون بعد ذلك ذكر طائفة من النماذج والأحوال على جهة التطبيق العملي للوصف الشرعي وإن شئت فقل إعمال قاعدة تحقيق المناط التي ضبطها الأصوليون.
وهذا فيه فوائد، منها:
الثقة بقدرة الوصف المناط به على تحقيق المرونة اللازمة في استيعاب سائر الأحوال.
الثقة في قدرة هذا الوصف على دفع أي عمليات ارتباك زيادة أو نقصاً يمكن أن يحدث بها خللا.
وهذه الطريقة مفيدة في تطبيق الأوصاف الشرعية ومفيدة أيضا في تعليق الفتوى بما يضمن إعمالها على الوجه المطلوب مع ما قد يغير من تغير الواقعة.
 
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
871
الكنية
أبو الأمين
التخصص
أصول الفقه
المدينة
باريس
المذهب الفقهي
أصول مالكية
بارك الله فيك أخي الكريم

و الأخطر من ذلك تنزيل فتاوي حسب الواقع في المشرق على الواقع في المغرب و العكس حتى خلط الناس خلطا عجيبا سببه إعطاء فتاوي عامة لأسباب خاصة كمثل المريض يذهب عند الطبيب فيعطيه دواء موهما إياه أنه علاج لكل ما شابه مرضه فيأخده المريض لمريض آخر فيهلك به.

لابد من تقييد الفتاوي للعامة حسب وقائعهم و الله أعلم
 

أبو عبدالله بن عبدالله

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
7 أبريل 2009
المشاركات
32
التخصص
باحث شرعي
المدينة
الإمارات
المذهب الفقهي
حنبلي
ما شاء الله عليك وبارك الله فيك شيخنا لا عدمنا فوائدك ونفع الله بك

واسباب الحيدة في الفتوى في ظني

- هي خشية المفتي من أن يحسب عليه الجواب وقد رأيت ذلك كثيرا في بعض مشايخنا فمنهم مثلا من يرى جواز التصوير ومع ذلك يجيب بجواب عام . يفهم منه المجيب أن فتوى الشيخ قد تكون محرمة , وكذلك رأيت منهم من أفتى في موقعه بجواب عام عن البنطال النسائي و أنا أعلم أنه يجوزه . ولكن قال ستأخذي علي و لا أريد أن أصادم طلاب العلم
-ومنهم من يعمل لنفسه بحسب ما رجحه من دليل ويفتي الناس بما عليه العمل . والأعجب في ذلك أننا في بلادنا لا بأس بكشف الوجه و الكفين ولا يستنكر الناس ذلك وهذا المفتي يرجح ذلك و يجوز الكشف . ويفتي الناس بما عليه العمل في نجد
فأسباب الحيدة كثيرة والله أعلم
 

عبدالله بن عبدالرحمن الميمان

:: قاضي بوزارة العدل السعودية ::
إنضم
14 أغسطس 2009
المشاركات
8
التخصص
فقه مقارن
المدينة
الخبراء
المذهب الفقهي
حنبلي ليس متعصبا
بارك الله فيكم أخي فؤاد على هذا الإبداع والنقل الفريد عن هذا الإمام الفذ.
ومن أسباب الحيدة في نظري:
أن المفتي قد لا يكون حكم المسألة متبينا له في الأصل ويجبن عن قول(لا أدري) فيلجأ إلى الجواب بجواب عام.
 
إنضم
21 مايو 2009
المشاركات
116
الجنس
ذكر
الكنية
أبو البراء
التخصص
الفقه وأصوله
الدولة
الأردن
المدينة
عمّان
المذهب الفقهي
الشافعي
بارك الله فيك
 

احمد الاكوع

:: مخالف لميثاق التسجيل ::
إنضم
4 نوفمبر 2009
المشاركات
2
التخصص
دراسات اسلامية
المدينة
صنعاء
المذهب الفقهي
الجمهور
جزاك الله خيرا اخي
 

طالبة علم

:: متخصص ::
إنضم
26 ديسمبر 2007
المشاركات
68
التخصص
فقه
المدينة
مدينة الورد
المذهب الفقهي
الحنبلي
جزاك الله خيرا

كنت أبحث عن جواب لهذا الإشكال منذ زمن ليس باليسير

جعل الله الجنة مثواك
 

عبد الحميد عبد الرحمان بوخشبة

بانتظار تفعيل البريد الإلكتروني
إنضم
8 أكتوبر 2009
المشاركات
8
التخصص
أصول الفقه
المدينة
المنيعة
المذهب الفقهي
المالكي
في الحقيقة أشكرك على إثارة هذا الموضوع، وأنا منذ مدة وقفت على كلام الشاطبي رحمه الله في هذه المسألة، وأعجبني تعليقه جدا على هذا الأمر، ثم كتاب هذا العلم من أعلام المالكية يحوي دررا نفيسة، ما تزال حبيسة الكتاب، ولم يقف عليه طلاب العلم، ثم في رأيي أن حيدة أولئك المفتين مرده لنقص في تكوين هذا المفتي، وللأسف، فإن أغلب الجامعات والمعاهد التكوينية لا تخرج أكفاء لمنصب الفتيا، وإنما حافظين للمسائل وصورها، لذلك حينما يفاجأ بصورة لم يطلع عليها منصوصة يتحير في الجواب، ولابن رشد رحمه الله صاحب بداية المجتهد تعليق طريف على مثل هذا الموضوع، يقول فيه:"..كما نجد متفقهة زماننا يظنون أن الأفقه هو الذي حفظ مسائل أكثر، وهؤلاء عرض لهم شبيه ما يعرض لمن ظن أن الخفاف هو الذي عنده خفاف كثيرة، لا الذي يقدر على عملها، وهو بين أن الذي عنده خفاف كثيرة سيأتيه إنسان بقدم لا يجد في خفافه ما يصلح لقدمه، فيلجأ إلى صانع الخفاف ضرورة، وهو الذي يصنع لكل قدم خفا يوافقه، فهذا مثال أكثر المتفقهة في هذا الوقت." بداية المجتهد3/1284
 
إنضم
23 أغسطس 2009
المشاركات
31
التخصص
فقه
المدينة
كوالالمبور
المذهب الفقهي
شافعي
مما يحضرني في هذا الموضوع حول خصوصية الفتوى حسب حال السائل وعدم الاكتفاء بالعمومات ماذكره الشيخ محمد الأشقر والإمام لشاطبي في هذا:
ينبغي للمفتي أن ينـزل نفسه من المستفتي منـزلة الطبيب من المريض الذي جاءه يلتمس العلاج لمرضه، فكما أن الطبيب يحاول أن يتعرف صورة المرض، وأسبابه القريبة والبعيدة، ويعطي لتلافي ذلك والقضاء عليه العلاج الناجح، ويوجه المريض بإرشاداته التي ينبغي اتباعها في الغذاء واستعمال الدواء ونحو ذلك، فكذلك المفتي، يخبر من جاءه مستبينا مسترشدا في أمر قد نـزل به، يخبره بالعلاجات القرآنية والنبوية والتوجيهات المستوحاة من شريعة الله التي جعلها شفاء ورحمة للمؤمنين.([1])

مراعاة خصوصيات السائلين:
وهي من أعلى مراتب الاجتهاد. فيجيب المفتي السائل عما يليق به في حالته على الخصوص، فلا يتوقف عند الأمر الكلي الصادق على جميع الحالات دون اعتبار الخصوصيات، كما ينبغي أن يتفكر في مآل أمر المستفتي بعد إعطائه الجواب الوارد في النصوص، فيعالج ما قد يحدث عنده من الاضطراب النفسي أو البدني أو غيره كما يعتني الطبيب بأخذ الحيطة للمضاعفات التي تترتب على بعض الأدوية الحادة.([2])


([1]) انظر مناهج الفتيا ص 98 .

([2]) الموافقات (4/232).
 

لافي غانم الخلف

:: متابع ::
إنضم
14 يوليو 2009
المشاركات
4
التخصص
فقه وأصول فقه
المدينة
الجهراء
المذهب الفقهي
الحنبلي
جزاكم الله خيرا
لكن قد يكون السبب في نظري أمور أخرى منها :
1- أن كثيرا من هذه الفتاوى تبث على الهواء مباشرة كما في القنوات الفضائية ، فلا يستحضر كثير من المفتين الإجابة الدقيقة أو تنزيل الحكم على الواقعة فيكون الجواب عاما لا يتعلق بسؤال السائل ، فلا هو بالذي أشفى عليلا أو أروى غليلا .
2- عدم أهلية كثير ممن نصب نفسه لمنصب الفتيا ، فيترتب على ذلك عدم الدقة في الإجابة أو عدم الإجابة عن السؤال نفسه ، والكلام في عموميات أو مسائل لا تتعلق بهذه المسألة .
3- أن بعض المفتين لا بد له من فقه هذا الأمر ، وأن هذا السائل عندما سأل عن مسألة معينة أراد الجواب عنها بعينها حتى يعلم ويعمل بهذا الجواب ، فإن أراد المفتى أن يذكر الجواب عن هذه المسألة ثم يذكر فوائد أخرى فله ذلك وهذا من الفقه الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث البحر عندما قال : ( هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته ) ، أما أن تحصل التعمية على السائل فهذا أمر لا بد ان يبتعد عنه المفتي حتى يثق الناس بعلمه .
 
أعلى