العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حكمة الشرع وحكمة الامتثال

إنضم
9 فبراير 2010
المشاركات
166
التخصص
الهندسة المدنية-منهج الظاهرية في كافة العلوم
المدينة
طنطا
المذهب الفقهي
أهل الحديث (ظاهري)
حكمة الشرع وحكمة الامتثال


” القاعدة عند جمهور علماء المسلمين كما هو مفهوم الشرع أن الخطاب من الله جل جلاله أو من رسوله صلى الله عليه وسلم يقتضي الامتثال عقداً وقولاً وعملاً .
والغاية من الامتثال تحقيق رضى الرب والنجاة من النار ودخول الجنة بدءا برحمة الله .
هذه هي الحكمة العامة والعلة الكافية .
لأن المكلفين من الجن والإنس ما خلقوا إلا لهذا الامتثال .
وهذا لا يعني المنع من تحري حكمة الشرع في تفصيلاته .
وإنما المحرم أمران :
أولهما : وقف الامتثال على معرفة الحكمة .
فهذا شغب على الشرع ، بل الواجب على المكلف الامتثال فور تبليغه بالنص وفهمه له واستطاعته ما طلب منه امتثاله .
وثانيهما : تأسيس أي حكم شرعي على أي حكمة شرعية إلا بشرط أن تكون هذه الحكمة منصوصاً عليها أو مستنبطة متيقنة أو غالبة الرجحان ، وبشرط أن يكون الحكم المبني على الحكمة اجتهادياً في موضع لم ينص عليه باسمه ؛ لأن النص على المحكوم فيه باسمه أخص من النص على معناه .
وإنما قلت : إن الحكمة مقصد مندوب المجتهد إلى تحريه بذينك القيدين ، لأن الحكيم من أسماء الله ومن صفات تدبيره ، ولأن الله وصف تدبيره الشرعي بالحكمة في عشرين آية من كتاب الله ، ولأن استحث عقول المكلفين على التدبر والاعتبار .
والحكمة تكون مصلحة دنيوية منصوصة كأثر القصاص في تحقيق الأمن ، وتكون مستنبطة لتحقيق مصلحة دينية أو دنيوية كندب الشرع إلى التخفف من المباحات ، فالمجتهد يرجح أن الحكمة دينية وهي التخفف من الحساب يوم العرض الأكبر .
ولن يستوحش المكلف من هذا الاستنباط وهو يجد في دين ربه أنه مسؤول عن النعيم وأن الكفار مبكتون باستهلاك المتعة في حياتهم الدنيا .
وحق على المجتهد إذا لم يجد الحكمة منصوصاً عليها ألا يجزم بأنها مراد للشرع حتى لا يقول على الله بغير علم ، وإنما الحكمة ثمرة لا متثاله .
فعلى سبيل المثال ألف أحد المعاصرين وهو الأستاذ عبدالرزاق نوفل كتاباً عن ( الصلاة ) وأحصى ما فيها من حكم دنيوية لا سيما ما ينفع البدن .
فلا يحق للمجتهد أن يجزم بأن هذه المصالح هي مراد الشرع من فريضة الصلاة أو جزء من مراده ، لأن هذا قفو محرم ، وقول بغير علم يقيني أو راجح .
ولكن المجتهد إذا داوم على الصلاة وتحققت له من الديمومة مصالح دنيوية فليقل بغير خوف ولا وجل : هذه حكمة حققتها من امتثالي لحكم الشرع .
فهذا هو الفارق بين حكمة الشرع وحكمة الامتثال .
وبعكس ذلك تحقق قوة المسلم في مواجهة صعاب حياته بسبب الصلاة ، وتحقق عصمته عن كثير من الخطايا .
فهذه حكمة راجحة لأن الله نص على أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وحثنا ربنا على الاستعانة بالصلاة ، واستراح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعلت قرة عينه فيها .
ولقد تذوق هذه الحلاوة الشيخ يحيى بن مالك بن عائذ الأندلسي رحمه الله فكان إذا دخل المسجد قال لا حنا عن الصلاة :
يارب لا تسلبني حبها أبدا … ويرحم الله عبدا قال آمينا
والبيت في الغزل ، فكان هذا من مليح التمثل ونقل الشاهد .
قال أبو عبدالرحمن : والمواظبون على الصلوات الخمس جماعة أحرص الناس على الدقة والنظام وإنجاز العمل في يومه ، وأبعدهم عن الكسل والتثاؤب .
فهذا ثمرة للامتثال بلا ريب وحكمة التشريع علمها عند الله .
وهناك مواضع لا ينبغي فيها قفو الحكمة مطلقاً كالمتشابه وأوائل السور المقطعة والعبادات المحضة ككون صلاة الظهر أربعاً لا ثلاثاً ، وكون صلاة المغرب ثلاثاً لا ثنتين والرمي بسبع حصيات ، وتقبيل الحجر الأسود ، وكون الحد الفلاني ثمانين جلدة لا خمسين ولا مئة .
والقاعدة في هذا أن الله لا يسأل عما يفعل ، وأن لله غيوباً استأثر بها ، ومن حكمة الله ما هو داخل في غيبه والله المستعان ” أ.هـ
ذكره الشيخ ابن عقيل الظاهري ـ حفظه المولى تعالى ـ
 
أعلى