الأخت الفاضلة بشرى
بارك الله فيكم
هذا الحديث ذكره ابن القيم في مواضع من كتبه كحاي الأرواح وزاد المعاد وغيرهما وهو حديث طويل وقال ابن القيم بعد ان ذكره :
هذا حديث كبير جليل، تنادى جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة، لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدنى، رواه عنه إبراهيم بن حمزة الزبيرى، وهما من كبار علماء المدينة، ثقتان محتج بهما فى الصحيح، احتج بهما إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخارى، ورواه أئمة أهل السنة فى كتبهم، وتلقوه بالقبول، وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه، ولا فى أحد من رواته.
فممن رواه: الإمام ابن الإمام، أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل فى مسند أبيه، وفى كتاب "السنة" وقال: كتب إلى إيراهيم بن حمزة ابن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزبير الزبيرى: كتبت إليك بهذا الحديث، وقد عرضته، وسمعته على ما كتبت به إليك، فحدث به عنى.
ومنهم: الحافظ الجليل أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبى عاصم النبيل فى كتاب "السنة" له.
ومنهم: الحافظ أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان العسال فى كتاب "المعرفة".
ومنهم: حافظ زمانه، ومحدث أوانه، أبو القاسم سليمان بن أحمد ابن أيوب الطبرانى فى كثير من كتبه.
ومنهم: الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان أبو الشيخ الأصبهانى فى كتاب "السنة".
ومنهم: الحافظ ابن الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى ابن منده، حافظ أصبهان.
ومنهم: الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.
ومنهم: حافظ عصره، أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصبهانى، وجماعة من الحفاظ سواهم يطول ذكرهم.
وقال ابن منده: روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصنعانى، وعبد الله ابن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقد رواه بالعراق بمجمع العلماء وأهل الدين جماعة من الأئمة منهم أبو زرعة الرازى، وأبو حاتم، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل، ولم ينكره أحد، ولم يتكلم فى إسناده، بل رووه على سبيل القبول والتسليم، ولا ينكر هذا الحديث إلا جاحد، أو جاهل، أو مخالف للكتاب والسنة، هذا كلام أبى عبد الله بن منده ) زاد المعاد ( 3 / 674 ) وما بعدها
وذكر نحو ذلك في كتابه حادي الرواح .
والحديث أخرجه أيضا - بالإضافة إلى من ذكرهم ابن القيم - :
1 - إمام الأئمة ابن خزيمة في كتاب التوحيد .
2 - والحاكم في المستدرك .
3 - وروى بعضه أبو داود في سننه لكن من رواية أبي سعيد ابن الأعرابي للسنن كما ذكر ذلك المزي ثم الحافظ ابن حجر .
4 - وذكر البخاري بعضه في التاريخ الكبير معلقا بصيغة الجزم .
5 - وعزاه ابن كثير في البداية والنهاية للبيهقي في البعث والنشور .
6 - وعزاه القرطبي في التذكرة إلى أبي داود الطيالسي في مسنده .
والحديث صححه الحاكم في المستدرك وذكر عبد الله بن احمد في زوائد المسند وفي كتاب السنة وكذلك الطبراني وابن منده وغيرهم .
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد : "وأحد طريقي عبد الله إسنادها متصل ورجالها ثقات، والإسناد الآخر وإسناد الطبراني مرسل عن عاصم بن لقيط أن لقيطا ".
وابن القيم يرى الاحتجاج بالحديث لأمور :
1 - أنه رواه كثير من الأئمة المحتج بهم في كتبهم ولم ينكروه وقد سبق ذكرهم .
2 - أن الحديث اشتهرت روايته في عصر كبار الأئمة كالبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين وغيرهم ولم ينكره أحد منهم بل تلقوه بالقبول .
3 - أن الحديث ليس فيه مايستنكر والفاظه تدل على أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ويعرف ذلك أهل الخبرة بعلم الحديث .
هذا الحديث أعله بعضهم بأن فيه دلهم بن الأسود وأباه الأسود بن عبد الله وهما لا يعرفان :
وقد ذكرهما البخاري في التاريخ الكبير وابن ابي حاتم في الجرح والتعديل وسكتا عنهما وذكرهما ابن حبان في الثقات .
وحينما أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه تعقبه الذهبي بقوله : " يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري ضعيف " ولم يعل الحديث بدلهم وأبيه .
وأما ما أعله به الذهبي بيعقوب بن محمد فهو مدفوع بأنه ورد من طرق اخرى فقد تابعه إبراهيم بن حمزة الزبيري وهو ثقة .
قال ابن كثير في البداية والنهاية : " هذا حديث غريب جدا وألفاظه في بعضها نكارة "
وقال الحافظ ابن حجر في التهذيب : " وهو حديث غريب جداً "
ووصف الحديث بالغرابة لا يعني ضعفه فثمة أحاديث كثيرة غريبة وصحيحة ومن أشهرها حديث " إنما الأعمال بالنيات " وهو في الكتب الستة وغيرها .
وعموما فالحديث كغيره من الأحاديث محل نظر واجتهاد عند المحدثين قد يترجح عند محدث تصحيحه ويترجح عند غيره تضعيفه وابن القيم هنا قد تابع كثيرا من المحدثين ممن سبقه ولم ينفرد بالاحتجاج به .