د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
تريد الأصول تعلَّم الفقه! تريد الفقه تعلَّم الأصول! (!)
لعلي أذكركم بأهازيج الطفولة، وقصة عمي حسن!
ولا تحسب أني أمزح، أو أني أجيز الاختلاط!
أتخيل بسمة عريضة تنطلق من تلميذٍ لي، رسمها على خياله الغض، وكأني به يقول:
أيها الشيخ الذي كبر سنه، وثقل وزنه، وخف عقله!
أرغب إلى حضرتك أن تعقد لي درساً في السفسطة!
لكن أخشى أن تقول لي: تريد الدرس لا تحضر الدرس، وإن كنت لا تريد الدرس فاحضر الدرس، فأغيب وتحضر، أو يحضر وأغيب!
لقد ذكرتني أيضاً بقصة صاحبي ابن أبي علي كثير النسيان، الذي دخل مسجداً من ثلاثة أبواب، فدخل من الباب الأول، ثم خرج من الثاني ليتوضأ، ثم عاد وصلى وخرج من الباب الثالث، ولم يجد نعله!
وبمناسبة "النعل" وحكاياته، مكث صديق لي "خريج البرمجة اللغوية" يبرهن لي على أهمية "البرمجة"، وما استفاده من الدورات المتطورة، فاستشهد علي بالنعل!
قال: كنتُ في السابق، إذا خرجت من المسجد أمكث ساعة من عمري وأنا أبحث عن موضعه، فيضيع زماني، أما الآن فلا أدخل المسجد حتى أبرمج موضعه في خزانة الذاكرة الإلكترونية، فأنزعه إلكترونياً ثم أخرج كالرجل الآلي إلى محل النعل، ولا أشعر إلا وقد لبسته!
فقلتُ له: أحسن الله عزاءك في صلاتك، يبدو أن هذه البرمجة سلبت صلاتك خشوعَها، فصار لا هم لك إلا موضع نعلك، وما درى أن هذه حيلة يعزي بها نفسه على ما فقده من رسوم برمجة دماغه المنهك!
أما أنا فأتبرع بنعلي للسارقين واتركوني وصلاتي!
تريد الأصول تعلَّم الفقه! تريد الفقه تعلَّم الأصول! (!!)
والله إني لصادق، إن من يروم "أصول الفقه" فليذهب إلى "الفقه" ويبحث عن رأسه وأصوله! وإن من أراد الفقه فإنه لن يتذوق، ولن ينتش، ولن يطرب حتى يستكمل الأدوات التي نظمها الأصوليون في كتبهم.
فالمراحل الراقية في أصول الفقه هي في كتب الفقه، وهي دأب الأئمة الفحول، من أعيان المجددين، والمرحلة الراقية في كتب الفقه هي في كتب الأصول، ولهذا أدق الأصوليين أحكاماً هو من كانت له خبرة ودربة على كتب الفروع، وبسبب الانفصال القسري بينهما ولد علم الكلام، وتراكم بعده الخلل.
وبسبب الاقتصار على أحدهما لضعف الهمم اليوم تضاعف الوجع.
باختصار: الفقه في كتب الفقه، والأصول في كتب الأصول، والمراحل المتقدمة منهما موقوفة على مدى حذقهما.
وخير الكلام ما قل ودل.
التعديل الأخير: