العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

أمير فوزي بن عبد الكريم

التخصص
الفقه المالكي وأصوله
الوظيفة
لا شيء
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
المالكي
موضوع رسالة الماجستير
القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب الدّر الثمين والمورد المعين
كتاب الزكاة والصيام والحج نموذجا
موضوع أطروحة الدكتوراه
الاختيارات الفقهية للإمام ابن عطية من خلال المحرر الوجيز
ملخص أطروحة الدكتوراه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فَلاَ شَكَ أنَّ التَفَقُهَ في الدِّينِ مُنْطَلَقُهُ كِتابُ اللهِ تعالى وسُنَةُ نبيِّهِ ïپ²، وفَهْمُ المرادِ لا يكون إلاّ على ما فَهِمَهُ الصَحابَةُ والتابِعونَ منْ رَسولِ الله ïپ²، فَهُم أهلُ السَليقةِ، وعليهم نزلَ كتابُ اللهِ، وهٌم الذين عاشَروا صاحبَ التنزيلِ، فكانوا أعْرَفَ النّاسِ بمرادِ اللهِ مِنَّا، وأخَذَ عن هؤلاءِ الصَفوةِ كثيرٌ من أهلِ الفضلِ والعلمِ، ومن هؤلاءِ الأفذاذِ الأئمةُ الأربعةُ، وغيرُهم كُثُر ïپ¹، وتعدُدُ أقوالِ هؤلاءِ الأعلامِ جاء بحسبِ تعددِ أقوالِ من سبقَهم، فضلاً أنْ كان لَدَيهِم من الأصحابِ والأتباعِ ما سَهَّلَ انتِشارَ أقوالِهم الفِقهِيةِ.
وبتعدُدِ أقوالِ السلفِ، ساغَ للفقهاءِ من بعدِهم في الأَمصارِ والأَعصارِ أنْ تكونَ لهم اختياراتٌ فقهيةُ، اختارُوها وِفقَ رُؤيةٍ معلومةٍ عندهم، فمَيَّزُوا به الصحيحَ من السقيمِ، والقويَ من الضعيفِ، سواءٌ كان هذا الاختيارُ في داخلِ المذهبِ الواحدِ أو اتسعَ نِطاقُهُ فَيَشْمَلُ المذَاهِبَ المعتمدةِ الأُخرى، ولذا كان على الباحثينَ في حقلِ الشريعةِ إبرازَ ما جادتْ به جهودُ هؤلاءِ الأعلامِ الأفذاذِ، والتعريفِ باختياراتِهم الفقهيةِ عسى أنْ يكونَ هذا العملُ له دورُ فيما سيستجدُّ للنّاس من فروعٍ ومعضلاتٍ فقهيةٍ معاصرةٍ، يَتَحَقُقُ بها صلاحية هذا التشريع لكل زمانٍ ومكانٍ.
والمــُعتادُ في مثل هذه الدراساتِ الفقهيةِ أن تكون من دواوينِ الفقهِ ومُصنفاتِه، وبحثِي جاء على غير العادةِ، ذلك أنِّي اِنتَقَيتُهُ من أحدِ أمهاتِ التفاسيرِ المعتبرةِ المفيدةِ المحررةِ، وأعني بالذكرِ كتابَ "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" لصاحِبِهِ الإمامُ القاضي أبي محمدِ عبد الحق بن عطية الأندلسي. وقد وَقَفتُ على بعض هذه الاختياراتِ الفقهية للإمام، فوقَعَ في نفسي أن أخوضَ غِمارَ هذا البَحرِ، وأَرِدَ مَورِدَهُ لأنْهَلَ من مَعِينِهِ الصافِي.
أسباب اختيار الموضوع
من أهَمِّ الأسبابِ التي دَفَعتنِي لاختيار هذا الموضوعِ ما يَتَمَيَّزُ به كتابُ المحرر الوجيز من ثروة علمية، واختيارات فقهية.
- نُدرَةَ البحوثِ التي اِعتَنَت بدِراسةِ الاختياراتِ الفقهيةِ من خلال كُتُبِ التفسيرِ، ولا أقصدُ كتبَ الأحكامِ في القرآن الكريم، وإنّما قصدِي كُتبَ التفسيرِ العامةِ.
- الخروجُ بالاختيارات الفقهية بثوبٍ جديدٍ إلى مستوى يليقُ بها، من خلالِ التنويعِ في عرض المسائل، وذكر سبب الاختيار فيها، والتعليق عليها، وهذا بخلافِ ما كانت عليه الاختياراتُ الفقهيةُ سابقًا.
- إبرازُ اختياراتِ ابن عطية / الفقهيةِ، بحكمِ أنّهُ معدودٌ من أعيانِ الفقهِ في المذهبِ المالكِي الأندلسِي.
الإشكال المطروح
- كيفَ تُعالَجُ المسألةُ في الاختيارات الفقهية من حيثُ التأصيلِ والتقعيدِ.
- كيفَ يمكنُ الوصولُ عن طريقِ استقراءِ المسائلِ الفقهيةِ إلى حَصرِها وتَرتيبِها بشكلٍ سلسٍ وميسّرٍ، دون حشوٍ وتَوَسُعٍ يخلُ بالقصدِ، حتى يَتَأَتَى بَيَانُ مُستنَدُ أحكامِ هذه المسائلِ، ومعرفةِ أنواعِ هذه الاختياراتِ؟
- مُحاولةُ مَعرفةِ مَنهَجِ ابن عطية / وآلِيَاتِ الاستِنباطِ عنده في تفسيره، لبيانِ مكانتِهِ العلمية بين فقهاءِ المالكيةِ على وجه الخصوصِ، وعندَ غيرِهم على وجه العمومِ؟
منهج البحث
اقتضى البحثُ أن اعتمدَ على المنهج التاريخي، وذلك من خلال تَتَبُعِ مُصطلَحِ الاختياراتِ الفقهية. أمّا المنهج الثّاني: فكان المنهج الاستقرائي، وذلك من خلال تَتَبُعِ جميعَ المسائلِ الفقهية من المحرر الوجيز، ثم حَصْرُ المسائلِ التي أَبْدَى فيها ابن عطية / اختيارَهُ تَصريحا أو تلميحا، ثم محاولةُ ترتيبِ هذه المسائل المـــُختارَةِ ترتيبا يَسهلُ معه دِراسة المادةِ المــُخرّجة.
وأمّا المنهج الثّالث: فهو المنهج المقارن، وذلك بالمــُقارَنَة بين أقوالِ الفقهاءِ، وبيانِ محلِّ النزاعِ فيها، مع التحليلِ والتعليقِ عليها، سواءٌ كانت المسألةُ داخلَ المذهبِ أو خارجَهُ.
أمّا ما يخصُ منهجيةَ دراسةِ المسائلِ فقد اعتمدتُ أولاً على نصِّ الإمامِ كمُنطلقٍ للدراسةِ قبل شرحِهِ والتعليقِ عليه، فبمعرفة المسألةِ وحصرِ أقوالِ العلماءِ فيها وأدلتهم، ومعرفة اختيارِ الشيخ من ذلك كلِّه، والقولِ الذي رجّحَهُ إن كان ظاهرا منصوصا عليه أو مفهوما من مَضامينِهِ، قُمتُ بترتيب هذه المسائل على ما هو موجودٌ في الفصل التطبيقي، وعلى قدرِ ما يُعرَضُ في المسألة من أقوالٍ وأدلةٍ تكون الإضافةُ، فإذا أَلَمَّ الشيخُ بذكر جميعِ الأقوالِ والأدلةِ اكتفيتُ بها، وإلا أضفتُ عليها ما يَخدمُ البحثَ دون الإطالةٍ والحشوٍ.
أهمية الموضوع
- عرضُ نظرةٍ جديدةٍ لمفهوم الاختياراتِ الفقهية، خاصةً إذا اعتمدَ الباحثُ فيها المنهجَ المقارنِ، مع بيانِ طُرُقِ الاجتهادِ في الاختياراتِ الواردةِ لصاحبِها.
- إبرازُ الجانبِ الفقهي للإمام ابن عطية / من خلال كتابه، ومنه اِستعراضُ آرائِه الفقهية، وإلا فمكانتُهُ العلميةُ في التفسير ظاهرةٌ بيّنةٌ.
- إثراءُ الموسوعة الفقهية بضم أقوالِ ابن عطية / إلى أقوال من سبقوه من فقهاء المالكية أو أصحابُ المذاهب الأخرى.
أهم أهداف الموضوع
- تسليط الضوء على ما انفرد به الإمام ابن عطية / من اختيارات فقهية، مع بيان التَنَوعِ في الاختيار، وإن كان من المعلوم مسْبَقا أنّ المحرر الوجيز يعدُّ مصنفَ تفسير لا فقه.
- بيانُ القول الراجح والمرجوح من الأقوال المختلف فيها خدمة للتشريع الإسلامي، من خلال عرضِ دراسة مقارنة تتضمنُ اختيارات فقهية لعالم من أعلام الإسلام.
- الوصولُ إلى معرفة درجةِ الاجتهادِ عند الإمام ابن عطية / ولو بالتقريب، من خلال تَتَبُع طرق استنباطِهِ واجتهادِهِ في المسائل الفقهية، مع محاولةِ تحديدِ هذه الرتبةِ إن أمكن.
- إثراءُ المكتبة الإسلامية بنوع من أنواع العلوم الشرعية التي قلَّ فيها البحث الأكاديمي، وهو فنُ الاختياراتِ الفقهية، خاصةً بهذه الصيغة الجديدة التي تختلفُ عن سابقاتِها شكلا ومضمونا.
• ولنذكر ههنا أهم النتائج المـــُــتَوَصَلِ إليها في هذا البحث، وقد أجْملتُها في مجوعتين:
الأوّلى فيما تعلق بفن الاختيارات الفقهية:
- اختلفَ الباحثون في تحديد مجالِ الاختيارات الفقهية، فمنهم من حَصَرَهُ في معرفة الحُكمِ الشرعيِّ الصحيحِ من أقوال أئمة المذاهب، ومنهم من توسع فيه بإدخال كل اجتهادٍ استنباطيٍّ في الاختيار، والذي اهتَدَى إليه النظر أنّ الاختيارَ: "هو اجتهادُ الفَقيهِ في معرفة الحكم الشرعي المختلفِ فيه على أحدِ وجوهِ الانتقاءِ".
- أنّ الحاصلَ في استثمار الأحكامِ الفقهية من طريقِ التخريجِ يمكن أن يكون من طريق تخريجِ الفروع من الأصول، أو من طريق تخريج الفروع على الفروع، أو من طريق التخريج على الأوصاف الكلية، وقد ذكرتُ نماذج عن هذا النوع من التخريج عند الإمام ابن عطية /.
- كما كشفتْ الدراسةُ أنّه إذا تمّ تخريجُ قول على أصولِ وقواعدِ المذهبِ، ويكون هذا القولُ المخرجُ مخالفا لقول الإمام عُدَّ ذلك من الاختيارات الفقهية.
- إنّ حال التوقّفَ عند تعارض الأدلة من كل وجهٍ إذا تحقق ولم يجد المجتهدُ من القرائنِ والمزايا ما يُمكِّنُه من ترجيح قولٍ على آخرٍ يُعدُّ من التوقفِ السّلبِّي، بخلاف ما إذا وجدَ المجتهدُ من القرائن والمزايا ما يُمكِّنُه من الميلِ إلى الترجيح بين تلك الأقوال، فإنّ ذلك يُعدُّ من التوقفِ الإيجابِّي.
الثانية فيما تعلق بالإمام ابن عطية واختياراته.
- كشفتْ الدراسةُ على طولِ باعِ ابن عطية / في المسائل الفقهية، خاصةً ما يسمى بالفقه المقارن، مما مكنّه من ضبط أقوالِ الفقهاءِ واختياراتِهم من داخل وخارج المذهب، وبحكم اطلاعه وإدراكه لكثير من هذه الخلافات بانَتْ قدرته على انتقاءِ أحسنِ الأقوال، مراعيًا في ذلك قوةَ الدليلِ من جهة، وحال المكلفين وحيثيات الواقعةِ من جهة أخرى.
- بُعدُهُ عن التعصب المذهبِّي مع أنّ المذهب المالكي كان هو السائد في جزيرة الأندلس، فكان يُوردُ الأقوالَ من المذهب وخارجَهُ، مع التعليق والتعقيبِ بالمناقشةِ والردِّ عليها، وقصدُهُ في هذا كلِّه تَوَخِي الحقَ، والدِّقةَ في النقل، وتَحَرِي الصدقَ في الطرح، والسَيْرِ مع الدليل.
- ميلُهُ إلى الفقه الافتراضِي أحيانا، ومحاولةُ إيجادِ الحلولِ لما قد يَسْتَجِدُّ من المعضلات من حياةِ النّاسِ، وهذا على خلاف ما كان عليه إمامُ المذهبِ مالكِ بن أنس /.
- مراعاتُهُ أيضاً لحال الأشخاصِ وزَمَنِ ومَكانِ الواقعةِ عند إصدارِ الأحكام، وهو ما يُعرفُ بفقه الحال والمآل، وهو بهذا يُؤمِنُ بتَغَيُّرِ الفَتوى الشرعيةِ بحسب مقتضياتِ الأحوالِ، وأنَّ مراعاةِ هذه المقتضياتِ تُعطِي التشريعَ الإسلامي مُرُونَةً فيما ما يَستَجِدُّ للناسِ من أمور.
- استِنادُهُ في استِنباطِ الأحكامِ على الأدلةِ المختلفِ فيها؛ ومن ذلك قولُ الصحابِي، وشرعُ من قبلنا، واقترانُ الحكم بالمصلحة أو المفسدة، ورفعُ الحرجِ، والعرفُ، وسدُّ الذرائع، والاستحسانُ، والاحتياطُ، ومراعاةِ فسادِ الناسِ.
وبهذه المزايا وغَيرِها بَرَزَ عُلُوُ كعبِ ابن عطية / بين أهلِ التفسيرِ وَوَصْفِهِ بالفَقيهِ المـــُحدثِ الأدِيبِ الشاعِرِ، فثناءُ العلماءِ عليه وعلى مؤلَفِهِ دليلٌ على إمامتِهِ وسُمُوِ منزلتِهِ بينهم، كما هو دليلٌ على رِفعَةِ كتابِ المحرر بين كُتُبِ التفاسير.

خطة البحث باختصار:
- مقدمة.
- الفصل التمهيدي: ترجمة الإمام ابن عطية / ومؤلفه.
- الفصل الأوّل: الاختيارات الفقهية من حيث التأصيل والتقعيد.
- الفصل الثاني: الاختيارات الفقهية الموافقة للمشهور.
- الفصل الثالث: الاختيارات الفقهية المخالفة للمشهور والمذهب.
- خاتمة: وقد تضمّنت أهم النتائج المتوصل إليها، مع بعض التوصيات المرادِ تحقيقها.
- كما ذَيَلتُ البحثَ بفهرسٍ للفهارسِ.

التوقيع

اللهم إني أسألك علما نافعا وعملا متقبلا ورزقا طيبا

المتابِعون

أعلى