العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التجاني محمد عاد

الكنية
أبو محمد
التخصص
علوم إسلامية فقه وأصول
الوظيفة
أستاذ تعليم ثانوي
المدينة
الوادي
المذهب الفقهي
مالكي
موضوع رسالة الماجستير
التعزير بالحبس في الفقه الإسلامي
ملخص رسالة الماجستير
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي يفتتح بحمده كل رسالة ومقالة،والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب النبوة والرسالة،وعلى آله وأصحابه الهادين من الضلالة.أما بعد:

فإنّ الشريعة الإسلامية جاءت بدستور سماويّ متكامل يهدف إلى إصلاح البشرية جميعا،حيث تولىّ القيام به صاحب الرسالة العظمى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فأقامه على أرض الواقع سلوكا ومنهجا،وتضمّن هذا الدستور مجموعة من الأحكام والمبادئ والقيم السامية والأخلاق الفاضلة،والتي كان الهدف من الدعوة إليها هو الحفاظ على الحقوق الإنسانية لأفراد المجتمع الإسلامي ،وحتى تجلب المصالح وتدرأ المفاسد قرّرت الشريعة الإسلامية في قانونها العام فرض عقوبات تأديبية زجرية وردعية تحفظ بها مصالح العباد في العاجل والآجل .
وقد انقسمت هذه العقوبات إلى قسمين هما :
1- عقوبة نصية .
2- عقوبة تفويضية.
فالعقوبة النصية عبارة عن عقوبة مقدّرة ومحدّدة بنص من الشارع،لا مجال فيها للتغيير والتبديل مهما تطوّرت الأزمنة واختلفت الأمكنة وتغيّرت الأحوال .
أمّا العقوبة التفويضية فهي عقوبة غير مقدّرة ولا محدّدة بنص من الشارع ،بل فوّض الشارع تقديرها لولي الأمر حسب ما تقتضيه المصلحة من عظم الجريمة وصغرها وحال الجاني،وهذا ما يعرف عند الفقهاء باسم (التعـزير) ،وله عدة أنواع منها العقوبات السالبة للحرية كالتعـزير بالحبس الذي ترك مجاله للحاكم في أن يعاقب به على بعض الجنايات،حيث يرى الحبس محققا لمصلحة الرّدع والزّجر،وإقامة الحق والعدل وفق الضوابط الشرعية.
فارتأيت أن أفرد هذا الموضوع - التعـزير بالحبس- بالبحث والدراسة تحليلا وتفصيلا مبرزا حقيقته وكلّ ما له صلة به من منظور الفقه الإسلامي .



• إشكالية البحث:
يطرح الموضوع محلّ البحث العديد من التساؤلات يمكن صياغتها في النقاط التالية:
1-هل يعتبر الحبس عقوبة تعزيرية يمكن أن تطبّق على بعض الجرائم والمخالفات الشرعية؟.
2-ما مدى مشروعية التعزير بالحبس في الفقه الإسلامي؟.
3-هل يفهم من التعزير بالحبس تقييد ذات الشخص بوضعه في مكان خاص،أم أنّ مفهومه يتعدّى ذلك إلى المعنى المطلق العام وهو سلب حرية الشخص ومنعه من التصرّف؟.
4-هل التعزير بالحبس هو نفسه الحبس الإحتياطي أم أنّ هناك فرقا بينهما؟.
5-هل يشرع الحبس تعـزيرا في كلّ الجرائم،أم أنّ هناك جرائم معيّنة دون غيرها يشرع فيها الحبس تعزيرا؟.
6-هل هناك ما يُسْقِطُ التعزير بالحبس؟.
7-هل عقوبة التعزير بالحبس كافية وحدها لردع الجاني وكفّ شرّه عن الناس؟ أم لابدّ من إضافة عقوبات أخرى لتحقيق الزّجر والرّدع؟.
8-هل عقوبة التعزير بالحبس هي عقوبة أساسية أم ثانوية؟.
9-هل هناك حدّ أدنى وأعلى لمدة التعزير بالحبس؟ أم أنّ مدته غير محدّدة؟.
10-هل يمكن أن يُسْتبدَلَ التعزير بالحبس بعقوبات تعزيرية أخرى تحقق الغاية المقصودة من العقوبة التعزيرية؟.
11-ما مدى صلاحية الحاكم أو القاضي في استعمال بدائل الحبس؟.

• أسباب اختيار البحث:
ممّا لا ريب فيه أنّ لكلّ عمل دوافع وأسباب كامنة وراءه،ولعلّ أهمّ الأسباب التي جعلتني أختار هذا الموضوع هي:
1-أثناء مطالعتي في كتب الفقه لفت نظري موضوع (التعزير بالحبس) وشدّ انتباهي،ولكن رأيته عبارة عن آراء وقطوفات متناثرة بين ثنايا الكتب الفقهية، فحاولت أن أجمعها في رسالة وفق منهج علمي يجلي غموضه ويبسّط معانيه،حتى يكون سهل المنال وفي متناول جميع القراء وطلبة العلم والدارسين،والقصد من ذلك كله هوّ الإفادة والاستفادة.
2-إثارة همم الباحثين والدارسين،وتحفيزهم إلى ضرورة الإهتمام بالموضوعات الفقهية كالتعزير بالحبس مثلا،التي لها صلة بالحياة العملية.
3-على الرغم من أنّ موضوع (التعزير بالحبس) قد ذكر في كتب الفقه والتفسير والحديث،إلا أنّني لم أقف على دراسة مستقلة تبرز أهميته وتبيّن أحكامه الفقهية.
4-الدّافع الذاتي إلى تذوّق طعم وحلاوة الشريعة وإبراز سماحتها ومرونتها، والتأكيد على أنها المَعِينُ الذي لا ينضب،ومعرفة سرّ قوله سبحانه وتعالى: مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ [الأنعام، الآية: 38].

• أهداف البحث:
أصبو من خلال تناول هذا الموضوع بالدراسة والبحث إلى تحقيق الأهداف الآتية:
1-بيان موقف الشريعة الإسلامية من عقوبة التعزير بالحبس.
2- دحض بعض الشبهات التي أثارها المغرضون من أنّ الشريعة الإسلامية لم تحدّد عقوبات لبعض الجرائم التي لها ضرر فعّال في المجتمع.
3- بيان أنّ هدف الشريعة في مسلكها في عقوبة التعزير بالحبس إنما هو إصلاح النفوس وتهذيبها،والعمل على سعادة الجماعة البشرية.
4-بيان مدى صلاحية تطبيق عقوبة التعزير بالحبس على أرض الواقع وتنفيذ أحكامه.
5- التكييف الفقهي لموضوع (التعزير بالحبس) بإبداء وجهات نظر وآراء الفقهاء القدامى والمعاصرين حول الموضوع،وإبراز الثروة الفقهية التي يتمتع بها هؤلاء العلماء الأجلاء.

• المنهج المعتمد في البحث:
اعتمدت في دراستي هاته على ثلاثة مناهج هي:
1-المنهج الاستقرائي: وذلك باستقراء وتتبع آراء الفقهاء المتعلقة بموضوع (التعزير بالحبس) في كتب الفقه والتفسير وشروح السنة وكتب الأحكام.
2-المنهج التحليلي: وذلك بتحليل وجهات نظر الفقهاء حول موضوع (التعزير بالحبس).
3-المنهج المقارن: وذلك بعرض آراء الفقهاء حول مباحث التعزيـر بالحبس، وسرد أدلتهم ومناقشتها،والوصول إلى الرّأي الرّاجح.
أمّا بالنسبة للتوثيق فقد اعتمدت على إيراد المصدر أو المرجع لأول مرة بتوثيق كامل،بينما أحيل إليهما فيما بعد مع بيان الجزء والصفحة فقط.

• الدراسات السابقة:
إنّ موضوع (التعزير بالحبس) قد تناولته كتب الفقه الإسلامي،ولكن لم يُبْحَثْ في موضوع مستقل يُبْرِزُ معالمه ويُوَضِّحُ قواعده ويُجْلِي غموضه،اللّهم إلا إشارات عابرة في ثنايا الكتب وبطون الأمهات عند الحديث عن التعزير وأنواعه،وكذا الأحاديث والآثار الواردة في الباب. هذا عند القدامى.
أمّا عن الكتابات المعاصرة في هذا الموضوع،فلم يبلغني جهدي في العثور على دراسة مستقلة إلا ما تضمنته الكتب الآتية:
1-أحكام السجن ومعاملة السجناء في الإسلام لـ:حسن أبو غدة.
2-السجن وموجباته في الشريعة الإسلامية لـ:محمد بن عبد الله الجريوي.
3-الحبس في الشريعة الإسلامية لـ:سميرة سيد سليمان بيومي.
4-التعزير في الشريعة الإسلامية لـ:عبد العزيز عامر.
5-التعزير بالحبس والمال في الشريعة الإسلامية لـ:علي بن عبد العزيز بن عسكر (ت 1405هـ)،وهذا الكتاب لم أتمكن من العثورعليه.
وأثناء تصفحي لمواقع الإنترنيت عثرت على بعض العناوين لبحوث لها صلة بموضوع البحث،وقمت بمراسلة هاته المواقع عبرالبريد الإلكتروني الشخصي، ولكني لم أتلق أي ردّ منها،وهاته البحوث هي:
1-حكم الحبس في الشريعة الإسلامية للطالب:محمد بن عبد الله الأحمد،رسالة ماجستير- فقه وأصول-،جامعة الملك عبد العزيز،مكة المكرمة،1399هـ .
2-مدى صلاحية الحاكم بالتعزير بالحبس والغرامة المالية للطالب:يحي رامز كوكش،رسالة ماجستير،الجامعة الأردنية،1987م.
3-التعزير بالحبس للطالب:إبراهيم العنسي،المعهد العالي للقضاء،الجمهورية اليمنية،صنعاء.
ولعلّ في كتابتي لهذا الموضوع وإبرازه ببحث مستقل،ما يجمع شتاته،ويلمّ شعثه، وذلك قدر طاقتي وحسب استطاعتي،وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

• صعوبات البحث:
واجهتني أثناء رحلة البحث بعض الصعوبات تمثلت في:
1- ندرة المراجع العلمية التي لها صلة بموضوع البحث.
2- دقة وجزئية موضوع البحث:حيث تناول هذا البحث نوعا من أنواع التعزير وهو (الحبس)،وقد تطلب مني ذلك الرّجوع إلى أمهات الكتب الفقهية التي تناولت باب التعزير،ووجهت نظري إلى مبحث (الحبس) قراءة وتدقيقا وتمحيصا بإبراز أحكامه ومتعلقاته الفقهية.
هذا،وقد عزوت الآيات القرآنية إلى مواضعها من كتاب الله،بتحديد السورة ورقم الآية،معتمدا على طبعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، وهي على رواية حفص.
أمّا الأحاديث النبوية الشريفة فقد اعتمدت في تخريجها على مظانها مع الاستعانة بموسوعة الحديث النبوي الشريف التي أعدها جماعة من المستشرقين،وترجمها الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله.
كما ألحقت بالبحث فهرسا للآيات القرآنية مرتبة ترتيبا تنازليا من سورة البقرة إلى سورة الناس،مع ترتيب الآيات داخل السورة الواحدة حسب رقمها التسلسلي في السورة.
أمّا بالنسبة لفهارس الأحاديث النبوية والآثار والأشعار والأعلام والمصادر والمراجع،فقد اعتمدت فيها على الترتيب الألفبائي للحروف.




• خطة البحث:
قسّمت البحث إلى ثلاثة فصول هي:
الفصل الأول:- التعريف والمشروعية.
وتضمّن أربعة مباحث:
•المبحث الأول:تحدّثت فيه عن تعريف التعزير لغة واصطلاحا.
•المبحث الثاني:تناولت فيه تعريف الحبس لغة واصطلاحا.
•المبحث الثالث:عالجت فيه بعض الألفاظ والمصطلحات التي لها علاقة بالحبس.
•المبحث الرابع:أوردت فيه تعريف مصطلح التعزير بالحبس،مع بيان مشروعيته وحكمته.
الفصل الثاني: - موجبات التعزير بالحبس وأسباب سقوطه ومدته واجتماعه مع غيره.
واشتمل هذا الفصل على أربعة مباحث:
•المبحث الأول:تطرّقت فيه إلى بيان موجبات التعزير بالحبس.
•المبحث الثاني:أوضحت فيه الأسباب المؤدّية إلى سقوط التعزير بالحبس.
•المبحث الثالث:عالجت فيه مدى إمكانية اجتماع التعزير بالحبس مع عقوبات أخرى.
•المبحث الرابع:جمعت فيه آراء الفقهاء حول مدة التعزير بالحبس.
الفصل الثالث:- بعض المسائل الفقهية المتعلقة بالتعزير بالحبس والبدائل المقترحة.
وعالج هذا الفصل مبحثين:
•المبحث الأول:وقفت فيه على بعض المسائل الفقهية المتعلقة بالتعزير بالحبس.
•المبحث الثاني:عرضت فيه أقوال الفقهاء حول فكرة بدائل التعزير بالحبس.
وختمت البحث بخاتمة تضمنت أهمّ النتائج المستخلصة،والتي يمكن تلخيصها في النقاط الآتية:
1- التعزير من أسماء الأضداد،يطلق بمعنى التأديب تارة،ويطلق بمعنى التعظيم والتوقير تارة أخرى.
2- التعزير عقوبة مفوّضة إلى وليّ الأمر تقديرا ونوعا.
3- للتعزير أنواع متعددة ومختلفة منها التعزير بالحبس.
4- الحبس عقوبة تعزيرية سالبة ومقيِّدة للحرية.
5- الحبس هو سلب لحرية الشخص ومنعه من التصرّف،وليس تقييدا لذاته بوضعه في مكان خاص.
6- اشتركت مع لفظة "الحبس" جملة من الألفاظ لها صلة لغوية وفقهية بمعناها منها: السجن،الحجر،الحصر،الوقف،النفي،التغريب،الملازمة... وغيرها.
7- عقوبة التعزير بالحبس تُطَبَّق بعد ثبوت التهمة والبيِّنة على الجاني.
8- التعزير والحبس مشروعان بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.
9- الغاية المقصودة من مشروعية التعزير بالحبس هو الرّدع والزّجر، والإصلاح والتهذيب.
10- هناك خمس صور للتعزير بالحبس،بالنظر إلى أسبابه،وهي:
- أولا: حبس الممتنع عن دفع الحق إلجاء إليه.
- ثانيا: حبس الجاني تعزيرا وردعا عن معاصي الله تعالى
- ثالثا: حبس من امتنع عن التصرّف الواجب الذي لا تدخله النيابة كحبس من أسلم على أختين أو عشرة نسوة أو امرأة وابنتها وامتنع عن التعيين.
- رابعا: حبس من أقرّ بمجهول عين أو في الذمة وامتنع من تعيينه فيحبس حتى يعينهما،فيقول:العين هو هذا الثوب أو هذه الدابة ونحوهما،أو الشيء الذي أقررت به هو دينار في ذمتي.
- خامسا: حبس الممتنع في حق الله تعالى الذي لا تدخله النيابة عند الشافعية كالصوم وعند المالكية يقتل فيه كالصلاة.
11- مسقطات التعزير بالحبس هي:موت الجاني،العفو،التوبة،التقادم...
12- ذكر الفقهاء أنه يجوز أن يجتمع التعزير مع الحدّ،أو الكفارة،وكذلك يجوز أيضا اجتماع التعزير بالحبس مع غيره من أنواع التعزير الأخرى إذا رأى الحاكم أو القاضي مصلحة في ذلك.
13- تنقسم عقوبة الحبس في الشريعة إلى نوعين:
أ-حبس محدّد المدة:وله حدّ أدنى قدر بيوم واحد،وحدّ أعلى لا تقدير له.
ب-حبس غير محدّد المدة:ويكون في الجرائم التي تهدّد أمن المجتمع،حيث ذكر الفقهاء أنّ الجاني يحبس في ذلك حتى الموت أو التوبة وصلاح المحكوم عليه.
14- يجوز حبس المدين الموسر إذا أبى القضاء،وعلى وليّ الأمر بيع ماله وتسديد ديونه إذا لم يبعه هو،وذلك من أجل الحفاظ على حقوق الناس،وزجر وردع المتلاعبين والمماطلين.
وقد ذكر الفقهاء شروطا لحبس المدين.
15- اختلف الفقهاء في مدة حبس المدين فمنهم من قدّرها من نصف شهر إلى ستة أشهر،ومنهم من لم يقدّرها، بل ترك تقديرها لاجتهاد القاضي.
16- يسجن القاتل عمدا في حالة سقوط القصاص عنه أو شبه العمد،وذلك من باب السياسة الشرعية.
17- يحبس الممسك إذا أمسك القتيل لا لأجل القتل، ومدة حبسه ترجع إلى تقدير وليّ الأمر.
18- يحبس تعزيرا من تكرّر منه شرب الخمر؛لأنّ ذلك هو الأنسب له ولحاله.
19- يحبس تعزيرا من تكرّرت منه السرقة بعد إقامة الحدّ عليه،وتنتهي مدته بإظهار توبته.
20- عقوبة الحبس تعزيرا عقوبة ثانوية وليست أساسية،ولذلك طرحت فكرة البحث عن البدائل كمشروع إصلاحي خروجا من بوتقة المشاكل والعيوب التي تلاحق السجون في كلّ زمان وعصر،حيث لم تعد السجون تحقق الغاية المقصودة من تشريع العقوبة التعزيرية،بل أصبحت مكانا للإجرام وفساد الأخلاق.
21- نصّ الفقهاء على جملة من النماذج كبدائل للتعزير بالحبس،والتي تتوفر فيها شروط الإقامة منها:الضرب والجلد،الإقامة الجبرية،العزل عن العمل،سحب الأوراق الرسمية(جواز السفر)،الغرامة المالية،التهديد، التوبيخ...الخ.
22- استندت بدائل التعزير بالحبس إلى جملة من القواعد الفقهية التي يترتب عليها جلب المصالح ودرء المفاسد.
23- صلاحية الحاكم في استعمال بدائل الحبس ليست مطلقة ،بل هي مقيدة بجملة من القواعد والضوابط الشرعية التي تحقق الغاية المقصودة من تشريع العقوبة التعزيرية.
24- التعزير بالحبس في الفقه الإسلامي عقوبة تأديبية ردعية اجتهادية اختيارية ثانوية قابلة للتبديل،تماشيا مع المصلحة الشرعية من تطبيق العقوبة التعزيرية.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أوجه شكري الخاص لفضيلة الدكتور مسعود فلوسي الذي أشرف على هذا البحث المتواضع،وتحمل عبء قراءته ومراجعته مع تقديمه لجملة من الملاحظات القيمة التي أفادت هذه الرسالة العلمية المتواضعة.
كما أشكر كلّ مَنْ مـدّ لي يد العون من قريب أو بعيد،وساعدني على هذا البحث وإخراجه.
وختاما فما كان في هذا البحث المتواضع من صواب فالحمد لله،وما كان غير ذلك فإنني بشر أصيب وأخطئ،وأسأله سبحانه وتعالى أن يجنبنا موارد الزلل وأن يهدينا سواء السبيل.
إنه سميع مجيب وبالله التوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


الطالب:عــاد التجانـي.
ملخص رسـالة البـحث.
موضوع أطروحة الدكتوراه
نظرية الاستطاعة وتطبيقاتها المعاصرة في الفقه الإسلامي
ملخص أطروحة الدكتوراه
ملخص البحث باللغة العربية

تتناول هذه الدراسة موضوعا في غاية الأهمية، حيث تتعلّق بـــــــ: "نظرية الاستطاعة" التي تعتبر العمود الفقري والأساس الجوهري للتكليف الشرعي، فالتكاليف الشرعية وما تحتوي عليه من أوامر ونواهي صادرة من الشارع الحكيم مرتبطة بمدى استطاعة المكلّفين وقدرتهم على القيام بها وأدائهم لها على الوجه الصّحيح، كما أنّ التكليف بالمستطاع يؤدّي إلى حدوث التوازن بين نوعية التكليف وقدرة المكلّف على أداء الفعل، وهذا يضمن إمكانية التطبيق العملي لفحوى الأحكام الشرعية في واقع الناس وحياتهم مع المحافظة على البقاء والتكيّف مع مختلف ظروف وأحوال المكلّفين.
فموضوع البحث هوّ تأصيل الاستطاعة وبيان حقيقتها ومشروعيتها وعلاقتها بالحرج والمشقة والإكراه وما بينها من تلازم وتباين واختلاف، وإيراد دلالات ألفاظها ومعانيها تتبّعاً واستقراء في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وآثار الصحابة، إذ تبيّن أنّ مصطلح الاستطاعة له توظيف دلالي عميق خاصة في القرآن والسنة حيث يحمل المعاني الآتية: القدرة الممكنة- القوة الممكنة- الطاقة والإطاقة- الوُسْع- التمكّن والممكن والإمكان- عدم الحرج- اليسر- التخفيف والتسهيل- عدم الإكراه.
كما أنّ الاستطاعة لها حضورٌ فقهيٌّ وأصوليٌّ ومقاصديٌّ، ففي الفقه ارتبطت الاستطاعة بالقواعد الفقهية ارتباطا وثيقا حيث ظهر ذلك بصورة مباشرة صريحة كقاعدة لا تكيف بما لا يطاق، وقاعدة لا واجب مع العجز ولا حرام مع الضرورة، وقاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور، وغيرها.
أمّا الصورة غير المباشرة وغير الصريحة فنجدها في قاعدة المشقة تجلب التيسير، وقاعدة الحرج مرفوع، وقاعدة الضرر يزال، وغيرها.
أمّا في أصول الفقه فنجد أنّ الاستطاعة شرط في التكليف الشرعي، بل هوّ أصول من أصوله، إذ تقرّرت الاستطاعة في أغلب المباحث الأصولية تقريرا مبدئيًّا وقواعديًّا وتنظيريًّا.
وأمّا في المقاصد، فنجد الاستطاعة شرط لها ولوسائلها تحقيقًا لمقاصد المكلّفين في جلب المصالح لهم ودرء المفاسد عنهم.
وأظهر البحث مدى مراعاة قاعدة الاستطاعة في فنّ الإفتاء والقضاء والسياسة الشرعية، فقيام العدل والإنصاف وحصول الأمن والاستقرار على مستوى الفرد والمجتمع يستدعي توظيف آليات وعناصر الاستطاعة، والمتمثلة في شرطها تحقّقها وهوّ وجودها حقيقة لا حكما، مع بيان حدودها وضابطها ومراتب تفاوتها فهيّ تختلف من شخص إلى آخر ومن عمل إلى آخر.
وللاستطاعة أنواع مختلفة لاعتبارات عدّة، فهناك الاستطاعة المالية والاستطاعة البدنية، وهناك استطاعة بالنفس واستطاعة بالغير، وهناك الاستطاعة الممكنة والاستطاعة الميسّرة، وهناك الاستطاعة المتقدّمة والاستطاعة المقارنة.
وقد أوضح البحث مدى مراعاة مبدأ الاستطاعة وأثره البالغ في فقه الواقع وفقه التنزيل وفقه الأولويات وفقه الموازنات، إذ يحدث معها حلقة تواصل وتكامل وتطبيق عمليّ واقعيّ ممكن وميسّر.
وختمت الدراسة بالجانب التطبيقي لبعض القضايا والنوازل الفقهية المعاصرة المتعلّقة بالاستطاعة، حيث تمّ انتقاء أهمّها في مجال العبادات مثل : القسطرة البولية وأثرها على طهارة المريض، وصلاة أهل الكراسي، وتأخير إخراج الزكاة لعدم وجود السيولة المالية، وإفطار أصحاب المهن والأعمال الشاقة في رمضان، والطواف في الحج بالعربات الكهربائية.
أمّا في مجال المعاملات مثل: إجراء عقود الزواج بواسطة التقنيات المعاصرة، وإبرام العقود التجارية مهاتفة بالوسائل الإلكترونية، وتطبيق الحدود الشرعية في حالات الحرب وانعدام سلطة الحكم، وسنة التغيير والمدافعة في ضوء فقه الاستطاعة والقدرة.
ومن خلال هذه الدراسة يتبيّن أنّ نظرية الاستطاعة من أهمّ النّظريات الفقهيّة الّتي يمكن أن تضاف إلى خزانة المكتبة الفقهية المعاصرة، وهيّ محاولة بحثية أحسبها قاصرة تحتاج إلى مزيد من الاهتمام وتوجيه الدراسات الشرعية المستقبلية نحوها لتوسيع مجال التنظير الفقهي وربطه بالمستجدات المعاصرة.
والله وليّ التوفيق.
أعلى