العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ،وبعد :
فقد أذن لي أخونا الفاضل أبويوسف محمد طه شعبان وفقه الله بنشر موضوعه الطيب

[h=2]القواعد المستخلصة من الشرح الممتع
(للحبر العلامة محمد بن صالح العثيمين أجزل الله له العطاء وأعلى درجته في الفردوس )
[/h]فقلت أرفعه هنا نفعا وفائدة وبثا للعلم ونشره ، والله المسئول أن يتقبله بفضله وإحسانه
والحمد لله رب العالمين

القاعدة الأولى: ((الاستثناء معيار العُمُوم[SUP]([1])[/SUP]))

قال الشيخ رحمه الله: ((يعني: لو أنَّ أحداً استثنى من كلام عام فإِن ما سوى هذه الصُّورة داخل في الحكم؛ وعلى هذا فكلُّ شيء يُباحُ اتِّخاذه إِلا آنيةَ الذَّهب والفضَّة[SUP]([2])[/SUP]))اهـ.
وقال – أيضًا - رحمه الله: ((أي: إِذا جاء شيء عام ثم استُثني منه، فكلُّ الأفراد يتضمَّنه العموم، إلا ما اسْتُثْنِيَ[SUP]([3])[/SUP]))اهـ.
وقال – أيضًا - رحمه الله: ((قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ، إِلَّا الْمَقْبَرَةَ، وَالْحَمَّامَ[SUP]([4])[/SUP]»، وهذا استثناء، والاستثناء معيار العموم[SUP]([5])[/SUP]))اهـ.
وقال – أيضًا - رحمه الله: ((كرجل أوقف داره على أولاده فانهدمت الدار، فيجوز أن تباع.
وقوله: «ولا يباع إلا أن تتعطل منافعه» ظاهره أنه لا يباع بأي حال من الأحوال إلا في هذه الصورة؛ لأن من القواعد المقررة (أن الاستثناء معيار العموم) يعني يدل على العموم فيما عدا الصورة المستثناة؛ فعلى هذا لا يباع بأي حال من الأحوال إلا في هذه الحال، وهي إذا تعطلت منافعه[SUP]([6])[/SUP]))اهـ.
وقال – أيضًا - رحمه الله: ((الاستثناء معيار العموم؛ يعني أنك إذا استثنيت شيئاً دل ذلك على أن الحكم عام فيما عدا المستثنى[SUP]([7])[/SUP]))اهـ.



[1])) ذكرها الشيخ رحمه الله (1/ 72)، (1/ 330)، (2/ 238)، (11/ 59)، (11/ 87)، (13/ 188).

[2])) (1/ 72).

[3])) (1/ 330).

[4])) أخرجه أحمد (11784)، وأبو داود (492)، والترمذي (317)، وابن ماجه (745)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (2767).

[5])) (2/ 238).

[6])) (11/ 59).

[7])) (13/ 188).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة الثانية: ((لا يلزم من التَّحريم النَّجاسة([1])))

قال الشيخ رحمه الله: ((ولهذا فالسُّمُ حرام، وليس بنجس، والخمر حرام وليس بنجس، على القول الرَّاجح([2])اهـ.
-------------------
[1])) ذكرها الشيخ رحمه الله (1/ 86)، (1/ 431).

[2])) (1/ 86)
 
التعديل الأخير:
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة الثالثة: ((كُلُّ حلال طاهر[SUP]([1])[/SUP]))

قال الشيخ رحمه الله: ((السَّمك وغيره من حيوان البحر بدون استثناء، فإن ميتته طاهرة حلال لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96][SUP]([2])[/SUP]))اهـ.


[1])) (1/ 94).

[2])) (1/ 94).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة الرابعة: ((كُلُّ نجس حرام[SUP]([1])[/SUP]))
قال الشيخ رحمه الله: ((لأن المتنجِّس متأثر بالنجاسة، مختلط بها، فالنجاسة لم تزل فيه، فإذا أكَلْتَهُ أو شَرِبْتَه، فقد باشرت النجاسة، أكلت النجاسة وشربتها؛ ولهذا نقول: المتنجس محرَّم؛ لأنه ليس بطاهر، وإذا كان الشرع يأمرنا بإزالة النجاسة من ظاهر أجسامنا، فكيف نُدخل النجاسة باطن أجسامنا؟![SUP]([2])[/SUP]))اهـ.
[1])) (1/ 94)، (15/ 9).[2])) (15/ 9).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة الخامسة: ((النَّفي يكون أولًا لنفي الوجود، ثم لنفي الصِّحة، ثم لنفي الكمال[SUP]([1])[/SUP]))

قال الشيخ رحمه الله: ((فإِذا جاء نصٌّ في الكتاب أو السُّنَّة فيه نفيٌ لشيء؛ فالأصل أن هذا النفيَ لنفي وجود ذلك الشيء، فإن كان موجودًا فهو نفي الصِّحَّة، ونفيُ الصِّحَّة نفيٌ للوجود الشَّرعي، فإنْ لم يمكن ذلك بأن صحَّت العبادة مع وجود ذلك الشيء، صار النَّفيُ لنفي الكمال لا لنفي الصِّحَّة.
مثالُ نفي الوجود: (لا خالق للكون إلا الله).
مثال نفي الصِّحة: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ[SUP]([2])[/SUP]».
ومثال نفي الكمال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ[SUP]([/SUP][3][SUP])[/SUP]»[SUP]([4])[/SUP]))اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله: ((لأنَّ النَّفْيَ إذا وَقَعَ فله ثلاثُ مراتبٍ:
المرتبةُ الأولى والثانية: أن يكون نفيًا للوجود الحِسِّي، فإنْ لم يمكن فهو نَفْيٌ للوجودِ الشَّرعي، أي: نفيٌ للصِّحَّةِ، فالحديثُ الذي معنا لا يمكن أن يكون نفيًا للوجود؛ لأنَّه مِن الممكن أنْ يصلِّيَ الإِنسانُ خلفَ الصَّفِّ منفردًا، فيكون نفيًا للصِّحَّةُ، والصِّحَّةُ هي الوجودُ الشَّرعيُّ؛ لأنه ليس هناك مانعٌ يمنعُ نَفْيَ الصِّحَّةِ، فهاتان مرتبتان.
المرتبة الثالثة: إذا لم يمكن نَفْيُ الصِّحَّةِ؛ بأن يوجد دليلٌ على صِحَّةِ المنفيِّ فهو نَفْيٌ للكمالِ، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» لأنَّ مَن لا يُحِبُّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسِه لا يكون كافرًا، لكن ينتفي عنه كمالُ الإِيمان فقط[SUP]([5])[/SUP]))اهـ.
وقال أيضًا رحمه الله: ((فلو قال قائل: لِمَ لا نقول: لا نكاح كامل، ونحمل النفي على نفي الكمال لا على نفي الصحة؟
قلنا: هذا غير صحيح؛ لأنه متى أمكن حمله على نفي الصحة كان هو الواجب؛ لأنه ظاهر اللفظ، ونحن لا نرجع إلى تفسير النفي بنفي الكمال، إلا إذا دل دليل على الصحة، ولأن الأصل في النفي انتفاء الحقيقة واقعًا أو شرعًا[SUP]([6])[/SUP]))اهـ.


[1])) ذكرها الشيخ رحمه الله: (1/ 158)، (3/ 295)، (4/ 110)، (4/ 270)، (12/ 70)،

[2])) متفق عليه: أخرجه البخاري (756)، ومسلم (394).

[3])) متفق عليه: أخرجه البخاري (13)، ومسلم (45).

[4])) (1/ 159).

[5])) (4/ 270، 271).

[6])) (12/ 70).
 
التعديل الأخير:
إنضم
1 سبتمبر 2015
المشاركات
16
الإقامة
وهران .الجزائر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو ياسر
التخصص
فقه وأصوله
الدولة
الجزائر
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
مالكي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

الاستثناء معيار العموم يمكن أن يفهم منه أن دخول الاستثناء على لفظ دليل على عموم ذلك اللفظ وأنه يستغرق ما يصلح دخوله فيه من أفراد.
ويدل من جهة ثانية على بقاء العموم في غير المستثنى، وهذا ينبغي أن يكون من جهة الألفاظ لا من جهة الأحكام، فقوله:( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام )يدل على خروج المقبرة والحمام من مسمى المسجد (موضع الصلاة) ويدل على أن لفظ المسجد عام يضم أفرادا كثيرة بدليل جواز الاستثناء منه، ولكن هل يدل على أن كل ما عدا الحمام والمقبرة يصلح للصلاة بحكم العموم؟؟؟ هذا فيه نظر فمن جهة العموم اللفظي نعم، أما من جهة الأحكام فلا لإمكان وجود مخصصات أخرى لفظية أو عرفية أو شرعية .....وقد وجدت هنا كالمجزرة أو المرحاض أو المكان المغصوب وووو وهذه المسألة قريبة في مناطها من قولهم: ذكر بعض أفراد العموم لا يدل على تخصيص الحكم بها. والله أعلم
 
إنضم
1 سبتمبر 2015
المشاركات
16
الإقامة
وهران .الجزائر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو ياسر
التخصص
فقه وأصوله
الدولة
الجزائر
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
مالكي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

(كل نجس حرام) الحرمة قد تتعلق بالاستعمال كالأكل واللبس، وقد تتعلق بالاستعمال إما أن يتعلق بالآدمي أو غير الآدمي كالحيوان أو الجماد وغيرهما، الآدمي مسلم وغير مسلم.والأمر مختلف في الحكم بين هذه المتعلقات فما يحرم على المسلم استعماله لا يلزم حرمته على غير المسلم -أعني أن يبيعه منه المسلم- وكذلك لا يقال بحرمة النجاسات من الجيف وغيرها إذا كانت لغرض إطعامها الحيوانات غير المأكولة اللحم كالسباع والضواري.....وهكذا ما تعلق بالجماد كاستعمال الزبل والعذرة لغرض تسميد الأرض....
وقد تتعلق بالتملك والاتخاذ لا بالاستعمال وهنا الأمر أوسع إذ قد تتملك شيئا نجسا لا لغرض استعماله أو ملابسته . والله أعلم
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة السادسة: ((قَطْعُ نيَّةِ العبادة بعد فعلها لا يؤثِّر[SUP]([1])[/SUP]))



[1])) ذكرها الشيخ رحمه الله: (1/ 206).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة السابعة: ((الشَّكُّ بعد الفعل لا يؤثِّرُ[SUP]([1])[/SUP]))

قال الشيخ رحمه الله: ((سواء شككتَ في النيَّة، أو في أجزاء العبادة، فلا يؤثِّر إِلا مع اليقين.
فلو أن رجلًا بعد أن صَلَّى الظُّهر قال: لا أدري هل نويتُها ظُهرًا أو عصرًا، شكًّا منه؟ فلا عبرة بهذا الشكِّ ما دام أنَّه داخل على أنها الظُّهر فهي الظُّهر، ولا يؤثِّر الشَّكُّ بعد ذلك، ومما أُنشِدَ في هذا:
والشَّكُّ بعد الفعل لا يؤثِّر * * * وهكذا؛ إِذ الشُّكوكُ تكثُر[SUP]([2])[/SUP]))اهـ.
قلت: لأنه قد يمر زمان على العبادة فينسى المكلف، ويدخله الشك؛ وهذا يكثر؛ فلو اعتُبِرَ الشك بعد الفراغ من العبادة لكان تكليفًا بما لا يطاق.


[1])) ذكرها الشيخ رحمه الله: (1/ 206).

[2])) (1/ 207).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة: الثامنة: ((ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين[SUP]([1])[/SUP]))

قال الشيخ رحمه الله: ((فلا يزول اليقين بشيءٍ مظنون أو مشكوكٍ فيه[SUP]([2])[/SUP]))اهـ.


[1])) ذكرها الشيخ: (1/ 50)، (2/ 28)، (2/ 231)، (13/ 170).

[2])) (2/ 231).​



 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة التاسعة: ((ما أتى ولم يُحدَّدْ بالشَّرع فمرجعُه إلى العُرف[SUP]([1])[/SUP]))

قال الشيخ رحمه الله: ((العرف مقدم على كل شيء ما لم يناقض الشرع، فإن ناقض الشرع فلا حكم له، فلو فرض أنه شاع في الناس أن بيع المحرم المعيَّن حلال، وهو حرام شرعًا فلا يرجع إلى العرف، فالعرف إذا خالف الشرع يجب إلغاؤه؛ لأن الأمة الإسلامية يجب أن يكون المتعارف بينها ما دل عليه الشرع، فإذا وجد عرف يخالف الشرع وجب تعديله، ولا يجوز أن يحول الشرع إلى العرف.
فإن قال قائل: ألستم تقولون: إن المرجع في النفقة على الزوجة - مثلًا - إلى العرف؟ الجواب: بلى، لكننا لم ننقض القاعدة؛ لأن الله أحالنا في الإنفاق على الزوجة إلى العرف، فإذا عملنا بالعرف في الإنفاق فقد عملنا بالشرع[SUP]([2])[/SUP]))اهـ.
وقال الشيخ رحمه الله: ((فالكثير: بحسب عُرف النَّاس؛ فإن قالوا: هذا كثيرٌ، صار كثيرًا، وإن قالوا: هذا قليلٌ، صار قليلًا[SUP]([3])[/SUP]))اهـ.
وقال رحمه الله: ((يجب عليه أن يطلب الماء فيما قَرُبَ منه؛ فيبحث هل قُرْبه، أو حَوْله بئر، أو غدير؟ والقُرب ليس له حَدٌّ محدَّد، فيُرْجَع فيه إِلى العُرْف، والعُرْف يختلف باختلاف الأزمنة؛ ففي زمَننا وُجِدَت السيَّارات فالبعيد يكون قريبًا، وفي الماضي كان الموجود الإِبل فالقريب يكون بعيدًا[SUP]([4])[/SUP]))اهـ.
وقال رحمه الله: ((فإذا قال قائل: كيف نرجع إلى العادة في أمرٍ تعبُّدي؟
فالجواب: نعم؛ نرجع إلى العادة؛ لأن الشرع لم يحدِّدْ ذلك.

فلم يقل الشَّارعُ مثلًا: مَنْ تحرَّك في صلاته ثلاث مرَّاتٍ؛ فصلاتُه باطلة، ولم يقل: مَن تحرَّك أربعًا فصلاتُه باطلة، ولم يقل: من تحرَّك اثنتين فصلاتُه باطلة؛ إذًا؛ يُرجع إلى العُرف، فإذا قال النَّاس: هذا عَمَلٌ ينافي الصَّلاة؛ بحيث مَن شاهد هذا الرَّجُل وحركاته؛ يقول: إنه لا يُصلِّي، حينئذٍ يكون مستَكْثَرًا، أما إذا قالوا: هذا يسيرٌ، فإنه لا يضرُّ[SUP]([5])[/SUP]))اهـ.
وقال رحمه الله: ((وعلى ذلك قال الناظم:
وكل ما أتى ولم يحدد *** بالشرع كالحرز فبالعرف احدد
وقول الناظم: (كالحرز) أي حرز الأموال، فمثلًا: أودعتك وديعة، ووضعتها في مكان غير محرز، وسرقت فعليك الضمان، فإذا قال الناس: هذا الرجل مفرط في وضعه المال في هذا المكان، فهذا غير محرز فعليه الضمان، والذي يدلنا على أن المكان محرز أو غير محرز العرف[SUP]([6])[/SUP]))اهـ.
وقال رحمه الله: ((المال الكثير يُرجَع فيه إلى العرف وإلى أحوال الناس؛ فإذا كانت الدراهم كثيرة فالمال الكثير كثير، وإذا كان الناس عندهم قلة في المال فالقليل يكون كثيرًا، حتى إن بعض الفقهاء يقول: من ملك خمسين درهمًا فهو غني لا تحل له الزكاة، وفي وقتنا الحاضر الخمسون درهمًا لا توجب أن يكون الإنسان غنيًا؛ لأنها يمكن أن تنفد في عشرة أيام، وليس في سنة كاملة.
فالحاصل أن المال الكثير يرجع فيه إلى العرف، فقد يكون القليل كثيرًا في وقت، وقد يكون الكثير قليلًا في وقت آخر[SUP]([7])[/SUP]))اهـ.
وقال رحمه الله: ((ومعرفة كون الحجر يقتل أو لا يقتل يرجع في ذلك إلى العرف، فمتى قالوا: إن هذا الحجر يقتل لو ضرب به الإنسان ولو في غير مقتل، فيكون القتل بهذا الحجر عمدًا[SUP]([8])[/SUP]))اهـ.



[1])) (1/ 272).

[2])) (11/ 177).

[3])) (1/ 272).

[4])) (1/ 386).

[5])) (3/ 351).

[6])) (5/ 45).

[7])) (11/ 137).

[8])) (14/ 11).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة العاشرة: ((إِذا رُبط الحُكم بعلَّة لا يمكن أن تزولَ فإن الحكم لا يمكن أن يزولَ[SUP]([1])[/SUP]))

قال الشيخ رحمه الله: ((لأن الحكم يدور مع عِلَّته؛ في حديث طَلْق عِلَّة لا يمكن أن تزول؛ والعلَّة هي قوله: «إنما هو بَضْعَة منك»، ولا يمكن في يوم من الأيام أن يكون ذكرُ الإِنسان ليس بَضْعَةً منه، فلا يمكن النَّسخ[SUP]([2])[/SUP]))اهـ.

[1])) ذكرها الشيخ (1/ 238).

[2])) (1/ 238).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة الحادية عشرة: ((النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إِذا أمر بأمرٍ وفعل خلافه، دَلَّ على أن الأمر ليس للوجوب[SUP]([1])[/SUP]))
قال الشيخ رحمه الله: ((والغرض من حديث جابر: بيان أن الوُضُوءَ مما مسَّت النَّار ليس بواجب؛ فإِن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان قد أمر بالوُضُوء مما مَسَّت النارُ، وصحَّ عنه الأمر بذلك، فقال جابر: كان آخُر الأمرين تركَ الوُضُوء مما مسَّت النار، والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذا أمر بأمرٍ وفعل خلافه، دَلَّ على أن الأمر ليس للوجوب
[SUP]([2])[/SUP]))اهـ.
[1])) ذكرها الشيخ (1/ 305).

[2])) (305).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة الثانية عشرة: ((الحُكْمُ المعلَّق بِسَبَبٍ إِذا تأخَّرَ عن سببه سقط[SUP]([1])[/SUP]))

قال الشيخ رحمه الله: ((وصَحَّ عن عبد الله بنِ عُمَر رضي الله عنه أنه كان يَسْجُدُ للتِّلاوة بلا وُضُوء؛ ولا رَيْبَ أنَّ الأفضل أن يتوضَّأ، ولا سيَّما أن القارئ سوف يَتْلُو القرآن، وتِلاوَةُ القرآن يُشْرَعُ لها الوُضُوء، لأنها مِنْ ذِكْرِ الله، وكلُّ ذكر لله يُشرع له الوُضُوء.
أمَّا اشتراط الطَّهارة لِسُجُودِ الشُّكر فَضَعيف؛ لأنَّ سَبَبَهُ تَجدُّد النِّعَمِ، أو تجدُّد اندفاع النِّقَمِ، وهذا قد يَقَعُ للإِنسان وهو مُحْدِث.
فإن قلنا: لا تَسْجُدُ حتّى تَتَوَضَّأ؛ فرُبَّما يطول الفصل، والحُكْمُ المعلَّق بِسَبَبٍ إِذا تأخَّرَ عن سببه سقط، وحينئذٍ إِمّا أن يُقال: اسْجُدْ على غير وُضُوء، أو لا تسجد، لأنه قد لا يَجِدُ الإِنسانُ ماءً يتوضَّأ منه سريعاً ثمَّ يَسْجُد[SUP]([2])[/SUP]))اهـ.

[1])) ذكرها الشيخ (1/ 327).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة الثانية عشرة:(ب)
كلُّ ذكر لله يُشرع له الوُضُوء.

قال الشيخ رحمه الله: ((وصَحَّ عن عبد الله بنِ عُمَر رضي الله عنه أنه كان يَسْجُدُ للتِّلاوة بلا وُضُوء؛ ولا رَيْبَ أنَّ الأفضل أن يتوضَّأ، ولا سيَّما أن القارئ سوف يَتْلُو القرآن، وتِلاوَةُ القرآن يُشْرَعُ لها الوُضُوء، لأنها مِنْ ذِكْرِ الله، وكلُّ ذكر لله يُشرع له الوُضُوء.
أمَّا اشتراط الطَّهارة لِسُجُودِ الشُّكر فَضَعيف؛ لأنَّ سَبَبَهُ تَجدُّد النِّعَمِ، أو تجدُّد اندفاع النِّقَمِ، وهذا قد يَقَعُ للإِنسان وهو مُحْدِث.
فإن قلنا: لا تَسْجُدُ حتّى تَتَوَضَّأ؛ فرُبَّما يطول الفصل، والحُكْمُ المعلَّق بِسَبَبٍ إِذا تأخَّرَ عن سببه سقط، وحينئذٍ إِمّا أن يُقال: اسْجُدْ على غير وُضُوء، أو لا تسجد، لأنه قد لا يَجِدُ الإِنسانُ ماءً يتوضَّأ منه سريعاً ثمَّ يَسْجُد[SUP]([2])[/SUP]))اهـ.

الموضوع الأصلي: http://www.feqhweb.com/vb/t22727#ixzz4KNT6gahz
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

quote_icon.png
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان
القاعدة العاشرة: ((إِذا رُبط الحُكم بعلَّة لا يمكن أن تزولَ فإن الحكم لا يمكن أن يزولَ[SUP]([1])[/SUP]))


قال الشيخ رحمه الله: ((لأن الحكم يدور مع عِلَّته؛ في حديث طَلْق عِلَّة لا يمكن أن تزول؛ والعلَّة هي قوله: «إنما هو بَضْعَة منك»، ولا يمكن في يوم من الأيام أن يكون ذكرُ الإِنسان ليس بَضْعَةً منه، فلا يمكن النَّسخ[SUP]([2])[/SUP]))اهـ.

[1])) ذكرها الشيخ (1/ 238).

[2])) (1/ 238).

quote_icon.png
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله عمر المصري
جزاك الله خيراً
لكن
عندما درست أصول الفقه قرأت في كتاب - لا أذكره للأسف ، أن العلة نوعان :
علة سببية
علة غائية
على ما أذكر لو صح نقلي للاسمين
إحداهما لا ينتفي الحكم بزوال العلة ، والأخرى ينتفي الحكم بزوالها
وبناءً عليه
قد يرتبط الحكم بعلة ولا يزول بزوالها
-----------------------------------------
محمد بن طه شعبان


العلة الغائية: هي الغاية من إيجاد الشيء، أو ما لأجله وجد الشيء؛ كعلة خلق الخلق؛ لأجل عبادة الله.
أو علة بناء البيت؛ لأجل السكن فيه.
والعلة السببية: فهي التي بسببها وُجد الحكم؛ كتحريم الخمر بسبب الإسكار.
وقد تزول العلة ويبقى الحكم؛ ومثال ذلك: الرَّمَل في الأشواط الثلاثة الأولى في طواف القدوم؛ فقد بقي الحكم - وهو الرمَل - مع زوال العلة؛ وهي علته إظهار القوة والنشاط للكفار.
فقد بقي الحكم هنا تعبديًا.
 
التعديل الأخير:
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة الرابعة عشرة: ((النَّهْيُ إِذا كان في حديث ضعيف لا يكون للتَّحريم، والأمرُ إِذا كان في حديث ضعيف لا يكون للوُجوب[SUP]([1])[/SUP]))

قال الشيخ رحمه الله: ((قوله صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ غَسَّل ميتًا فَلْيَغْتَسِلْ، ومَنْ حَمَلَهُ فليتوضَّأ[SUP]([2])[/SUP]».
قالوا: وهذا الحديث فيه الأَمْرُ، والأَمْرُ الأصل فيه الوُجوب، لكن لمَّا كان فيه شيء من الضَّعف لم يَنتهضْ للإِلزام به.
وهذا مبنيٌّ على قاعدة وهي: "أنَّ النَّهْيَ إِذا كان في حديث ضعيف لا يكون للتَّحريم، والأمرُ إِذا كان في حديث ضعيف لا يكون للوُجوب"؛ لأنَّ الإِلزام بالمنْعِ أو الفعل يحتاج إلى دليل تَبرأُ به الذِّمة لإِلزام العباد به.
وهذه القاعدة أشار إليها ابنُ مفلح في «النُّكَت على المحرَّر» في باب موقف الإِمام والمأموم[SUP]([3])[/SUP]؛ ومراده ما لم يكن الضَّعف شديدًا، بل محتَمِلًا للصِّحَّة، فيكون فِعْلُ المأمور وتَرْكُ المنهيِّ من باب الاحتياط، والاحتياط لا يوجب الفعل أو الترك[SUP]([4])[/SUP]))اهـ.


[1])) (1/ 353، 354).

[2])) أخرجه أحمد (9862)، وأبو داود (3161)، والترمذي (993)، وابن ماجه (1463).

[3])) انظر : ((النكت على المحرر)) بهامش (المحرر)) (1/ 110).

[4])) ((الشرح الممتع)) (1/ 353، 354).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

القاعدة الخامسة عشرة: ((الحقائق تُحمَل على عُرْفِ النَّاطِقِ بها[SUP]([1])[/SUP]))

قال الشيخ رحمه الله: ((حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، قَبْلَ أَنْ يَنَامَ[SUP]([2])[/SUP].
وأمَّا مَنْ حمل هذا على الوُضُوء اللُّغوي، وهو النَّظَافة، فلا عِبْرة به؛ لأن رواية مسلم صريحة في أنَّ المراد به الوُضُوء الشَّرعي.
ولأن القاعدة في أصول الفِقْه: أنَّ الحقائق تُحمَل على عُرْفِ النَّاطِقِ بها؛ فإِذا كان النَّاطِقُ الشَّرع حُمِلَت على الحقيقة الشَّرعيَّة، وإِذا كان من أهل اللُّغة حُمِلت على الحقيقة اللغويَّة، وإِذا كان من أهل العُرْف حُمِلَت على الحقيقة العُرفيَّة.
فمثلًا: «زَيْدٌ قائم» زَيْدٌ في اللغة فاعل؛ لأن الفاعل في اللغة من قام به الفعل، وعند النَّحويِّين مبتدأ؛ لأن الفاعل عندهم: الاسمُ المرفوع المذكور قَبْلَه عامِلُه[SUP]([3])[/SUP]))اهـ.



[1])) (1/ 368).

[2])) متفق عليه: أخرجه البخاري (288)، ومسلم (305)، واللفظ له.

[3])) ((الشرح الممتع)) (1/ 368).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

معذرة حدث سهو

القاعدة الثالثة عشرة: ((إِذا وُجِدَ الاحتمالُ بَطَلَ الاستدلالُ[SUP]([1])))[/SUP]

قال الشيخ رحمه الله: ((ويَحْرُمُ على المحدِثِ مسُّ المُصْحَفِ والدَّليل على ذلك:
1- قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الواقعة: 77- 80 ].
وجه الدَّلالة: أنَّ الضَّمير في قوله: {لَا يَمَسُّهُ} يعود على القرآن؛ لأن الآيات سِيقت للتَّحدُّث عنه بدليل قوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}،
والمنزَّل هو هذا القرآن،
والمُطَهَّر: هو الذي أتى بالوُضُوء والغُسُل من الجنابة، بدليل قوله: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } [المائدة: 6].
وقال داود الظَّاهري وبعض أهل العلم: "لا يحرم على المُحْدِثِ أن يَمَسَّ المصحف".
واستدلُّوا: بأن الأصل براءةُ الذِّمة، فلا نُؤَثِّم عباد الله بفعل شيء لم يَثْبُتْ به النَّص.
وأجابوا عن أدلَّة الجمهور:
أما الآية فلا دلالة فيها، لأن الضَّمير في قوله: {لَا يَمَسُّهُ} يعود إلى «الكتاب المكنون»، والكتاب المكنون يُحْتَمَلُ أن المرادَ به اللوحُ المحفوظ، ويُحْتَملُ أن المرادَ به الكتب التي بأيدي الملائكة؛ فإن الله تعالى قال: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ } [عبس: 11- 15]، وهذه الآية تفسير لآية الواقعة، فقوله: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} كقوله: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ}.
وقوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ، كقوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }.
والقرآنُ يُفسِّر بعضه بعضًا، ولو كان المراد ما ذَكَرَ الجمهور لقال: «لا يمسُّه إلا المطَّهِّرون» بتشديد الطاء المفتوحة وكسر الهاء المشددة، يعني: المتطهرين، وَفَرْقٌ بين «المطهَّر» اسم مفعول، وبين «المتطهِّر» اسم فاعل، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] .
وقولهم: إن الخبر يأتي بمعنى الطَّلب، هذا صحيح لكن لا يُحْمَلُ الخبر على الطلب إِلا بقرينة، ولا قرينة هنا؛ فيجب أن يبقى الكلام على ظاهره، وتكون الجملة خَبَريَّة، ويكون هذا مؤيِّدًا لما ذكرناه من أن المراد بـ «المطهَّرون» ، الملائكة كما دلَّت على ذلك الآيات في سورة «عبس».
ثم على احتمال تساوي الأمرين، فالقاعدة عند العلماء «إنه إِذا وُجِدَ الاحتمال بَطلَ الاستدلال» فيسقط الاستدلال بهذه الآية، فنرجع إلى براءة الذِّمة[SUP]([2])[/SUP]))اهـ.
وقال الشيخ – أيضًا – رحمه الله – وهو يتكلم في مسألة مس المصحف لغير المتوضئ:
((وأما بالنسبة لحديث عمرو بن حزم: «ألا يمسَّ القرآن إلا طاهر[SUP]([3])[/SUP]»: فهو ضعيف؛ لأنه مُرسَل، والمرسل من أقسام الضَّعيف، والضَّعيف لا يُحْتَجُّ به في إثبات الأحكام؛ فضلًا عن إِثبات حُكْمٍ يُلْحِقُ بالمسلمين المشَقَّة العظيمة في تكليف عباد الله ألا يقرؤوا كتابه إلا وهم طاهرون، وخاصَّة في أيام البرد.
وإذا فرضنا صِحَّتَهُ بناء على شُهْرَتِهِ فإن كلمةَ «طاهر» تَحْتَمِلُ أن يكونَ طاهرَ القلب من الشِّرك، أو طاهر البَدَنِ من النَّجَاسَة، أو طاهرًا من الحدث الأصغر؛ أو الأكبر،
فهذه أربعة احتمالات، والدَّليل إِذا احتمل احتمالين بَطلَ الاستدلال به، فكيف إِذا احتمل أربعة؟[SUP]([4])[/SUP]))اهـ.


([1]) ذكرها الشيخ رحمه الله: (1/ 318)، (1/ 405)، (1/ 443)، (4/ 219)، (15/ 345).

([2]) (1/ 318، 319) باختصار يسير.

([3]) أخرجه الطبراني في «الكبير» (13217)، والدارقطني (1/ 121) ، والبيهقي (1/ 88).

([4]) (1/ 319).
 
إنضم
23 يناير 2013
المشاركات
2,604
الإقامة
ميت غمر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
عقيدة
الدولة
مصر
المدينة
ميتغمر
المذهب الفقهي
شافعي
رد: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع ، لأخينا الفاضل الشيخ /محمد طه شعبان وفقه الله .

معذرة حدث سهو

القاعدة الثالثة عشرة: ((إِذا وُجِدَ الاحتمالُ بَطَلَ الاستدلالُ[SUP]([1])))[/SUP]

قال الشيخ رحمه الله: ((ويَحْرُمُ على المحدِثِ مسُّ المُصْحَفِ والدَّليل على ذلك:
1- قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الواقعة: 77- 80 ].
وجه الدَّلالة: أنَّ الضَّمير في قوله: {لَا يَمَسُّهُ} يعود على القرآن؛ لأن الآيات سِيقت للتَّحدُّث عنه بدليل قوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}،
والمنزَّل هو هذا القرآن،
والمُطَهَّر: هو الذي أتى بالوُضُوء والغُسُل من الجنابة، بدليل قوله: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } [المائدة: 6].
وقال داود الظَّاهري وبعض أهل العلم: "لا يحرم على المُحْدِثِ أن يَمَسَّ المصحف".
واستدلُّوا: بأن الأصل براءةُ الذِّمة، فلا نُؤَثِّم عباد الله بفعل شيء لم يَثْبُتْ به النَّص.
وأجابوا عن أدلَّة الجمهور:
أما الآية فلا دلالة فيها، لأن الضَّمير في قوله: {لَا يَمَسُّهُ} يعود إلى «الكتاب المكنون»، والكتاب المكنون يُحْتَمَلُ أن المرادَ به اللوحُ المحفوظ، ويُحْتَملُ أن المرادَ به الكتب التي بأيدي الملائكة؛ فإن الله تعالى قال: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ } [عبس: 11- 15]، وهذه الآية تفسير لآية الواقعة، فقوله: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} كقوله: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ}.
وقوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ، كقوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }.
والقرآنُ يُفسِّر بعضه بعضًا، ولو كان المراد ما ذَكَرَ الجمهور لقال: «لا يمسُّه إلا المطَّهِّرون» بتشديد الطاء المفتوحة وكسر الهاء المشددة، يعني: المتطهرين، وَفَرْقٌ بين «المطهَّر» اسم مفعول، وبين «المتطهِّر» اسم فاعل، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] .
وقولهم: إن الخبر يأتي بمعنى الطَّلب، هذا صحيح لكن لا يُحْمَلُ الخبر على الطلب إِلا بقرينة، ولا قرينة هنا؛ فيجب أن يبقى الكلام على ظاهره، وتكون الجملة خَبَريَّة، ويكون هذا مؤيِّدًا لما ذكرناه من أن المراد بـ «المطهَّرون» ، الملائكة كما دلَّت على ذلك الآيات في سورة «عبس».
ثم على احتمال تساوي الأمرين، فالقاعدة عند العلماء «إنه إِذا وُجِدَ الاحتمال بَطلَ الاستدلال» فيسقط الاستدلال بهذه الآية، فنرجع إلى براءة الذِّمة[SUP]([2])[/SUP]))اهـ.
وقال الشيخ – أيضًا – رحمه الله – وهو يتكلم في مسألة مس المصحف لغير المتوضئ:
((وأما بالنسبة لحديث عمرو بن حزم: «ألا يمسَّ القرآن إلا طاهر[SUP]([3])[/SUP]»: فهو ضعيف؛ لأنه مُرسَل، والمرسل من أقسام الضَّعيف، والضَّعيف لا يُحْتَجُّ به في إثبات الأحكام؛ فضلًا عن إِثبات حُكْمٍ يُلْحِقُ بالمسلمين المشَقَّة العظيمة في تكليف عباد الله ألا يقرؤوا كتابه إلا وهم طاهرون، وخاصَّة في أيام البرد.
وإذا فرضنا صِحَّتَهُ بناء على شُهْرَتِهِ فإن كلمةَ «طاهر» تَحْتَمِلُ أن يكونَ طاهرَ القلب من الشِّرك، أو طاهر البَدَنِ من النَّجَاسَة، أو طاهرًا من الحدث الأصغر؛ أو الأكبر،
فهذه أربعة احتمالات، والدَّليل إِذا احتمل احتمالين بَطلَ الاستدلال به، فكيف إِذا احتمل أربعة؟[SUP]([4])[/SUP]))اهـ.


([1]) ذكرها الشيخ رحمه الله: (1/ 318)، (1/ 405)، (1/ 443)، (4/ 219)، (15/ 345).

([2]) (1/ 318، 319) باختصار يسير.

([3]) أخرجه الطبراني في «الكبير» (13217)، والدارقطني (1/ 121) ، والبيهقي (1/ 88).

([4]) (1/ 319).
======================================================
الفتاوى الثلاثية للعثيمين
[ السؤال ] القاعدة (إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال) هل هي على إطلاقها؟ وهل يجوز لكل أحد أن يبطل الاستدلال بالنصوص لأي احتمال يطرأ على ذهنه؟ بينوا لنا هذا بياناً شافياً.
الجواب: بيناه لك فيما مضى في النونية، وقلنا: الاحتمالات العقلية لا تستعمل في الاستدلالات الشرعية

الموضوع الأصلي: http://www.feqhweb.com/vb/t21357#ixzz4KmnMAcBt
 
أعلى