العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

جديد جهود الشيخ محمد نجيب خياطة في علم الفرائض

د. عبدالحميد بن صالح الكراني

:: المشرف العام ::
طاقم الإدارة
إنضم
23 أكتوبر 2007
المشاركات
8,137
الجنس
ذكر
الكنية
أبو أسامة
التخصص
فقـــه
الدولة
السعودية
المدينة
مكة المكرمة
المذهب الفقهي
الدراسة: الحنبلي، الاشتغال: الفقه المقارن
جهود الشيخ محمد نجيب خياطة في علم الفرائض
بقلم:محمد مجاهد شعبان

الحمد لله الذي له ميراث السموات والأرض، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى سائر الرسل الذين ورّثوا لنا علوماً نافعة، ورضي الله عن الصحابة الذين اجتهدوا في المواريث، وتناظروا بصدق وإخلاص.
موضوعي هذا موضوع هام جداً، ولكن المجال فيه ضيقٌ، فبضاعتي مُزجاةٌ، وراحلتي بين الرواحل ظالعٌ، وليس لي من سابقةٍ في هذا غير أني درست في الثانوية الشرعية، وتشرّفت بالدراسة على يد مشايخنا الكبار في تلك الثانوية قبل قرار تأنيثها. وتشرّفت بأن درّسني الشيخ سامي البصمه جي -رحمه الله- هذه المادة، ومما شجعني على الكتابة في هذا أني أجد دارسات الشريعة خاصةً لا يولين هذا العلم أي اهتمام، ويقصّرن في حقه تقصيراً شديداً.

هذا العلم الذي قال فيه، عليه الصلاة والسلام: "تعلّموا الفرائض وعلّموها، فإنه نصف العلم، وإنه يُنسى، وهو أول شيء يُنزع من أمّتي". رواه الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه، وإنما كان نصف العلم -كما قال الشيخ نجيب رحمه الله - لأن للإنسان حالَيْ حياةٍ وموت، فما يتعلق بالميت نصف العلم باعتبار إحدى حالتيه، أو ترغيباً في تعلمه، ومعنى (يُنزع) يُفقد، ولعلّ نزعه بتفوّق القوانين الوضعية عليه وتنفيذها دونه، كما بدأ ظهور ذلك، وإذا تغلبت القوانين عليه، لم يُحتج إليه، فيُترك تعلّمه وتعليمه ولا حول ولا قوة إلا بالله.الرحبية، ص4.
هذا العلم الذي قال فيه، صلى الله عليه وسلم: "تعلّموا الفرائض وعلّموها الناس، فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم سيُقبض، وتظهر الفتن، حتى يختلف الاثنان في الفريضة لا يجدان من يقضي بينهما" رواه الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه .السراجية، ص16.

وقد ندبنا الشارع إلى تعلم الميراث وتعليمه، وذلك يحتاج إلى صبر وممارسة، وهو علم في معظمه قرآني، فصَّلَتْه بإعجازٍ تشريعي وبياني ثلاثُ آيات من سورة النساء ( 12- 13- 177 )، فمن تمام فهم القرآن العظيم فهم الميراث، وفيه أساليب فنيةٌ لا توجد في سائر العلوم الشرعية، كذلك يحتوي على مناظراتٍ وبراهين، تثير فضول الباحث وتشوِّقه وتُمْتِعه ، فمن تعلمه ظفر بميراث علمي عظيم، ومن لم يتعلمه فهو محجوب حَجْب نقصان بالنسبة للعلوم ، وحجب حرمان بالنسبة لعلم من أعظم العلوم فقهاً وحساباً واستدلالاً.الميراث،ص10.

ومعظم أحكام الميراث جاءت في القرآن، سواءً كان ذلك بطريق النص أو الدلالة، وقليل منها جاء في السنة والإجماع والاجتهاد.. فقد بيَّن القرآن الورثة والأولويات والنسب بشكل لم يُعهد في أي علاقة مالية أخرى حتى الزكاة في مصارفها،أما الأحاديث الواردة فهي كالتفسير للقرآن، وذكر الأشخاص والنِّسَب والمصطلحات (كالكلالة)، وله أسلوب فني (في الترتيب والحجب وتوزيع أول على أصحاب الفروض ثم توزيع ثان على العصبات وفقه وحساب).

ولكن لماذا هذا الاهتمام الخاص من القرآن؟ ولماذا تولّى الله سبحانه وتعالى قسمة التركات بنفسه؟
والجواب: هل يستطيع أي شخص كان توزيع الميراث بالاعتماد على المنطق فقط؟ كيف يُوزّع؟ ومَن يَمنح؟ ومَن يَمنع؟ وهل يعطي الكل؟ وبأي نسبة؟
هل يستطيع ذلك بدون إثارة حساسية الوارثين، ونشأة التنازع والتخاصم وربّما القتال؟ وقد يستأثر بالميراث الأقوى؟ وقد تكون التركة كبيرة، والناس راغبون فيها وطامعون، وهذا يفسّر لنا هذه العناية الخاصة من الله عزّ وجلّ.الميراث، ص18..

خصائص نظام الميراث الإسلامي:
كانوا في الجاهلية يورّثون الذكور الأقوياء الذين يقاتلون ويكسبون الغنائم ويمنعون الضعفاء: الصغار والنساء، فالمسألة كانت مسألة قوة ومصلحة لا مسألة مبدأ وحق. فأقرّ الإسلام مبدأ الإرث، ولكن على أساس النفع (الغنم بالغرم: أي ترابط نظام الإرث ونظام النفقات)، وأدخل إصلاحات، وبيّن أن الله عز وجل أعلم منا في كل شيء، ومنه هذا الأساس (أي أساس النفع)، قال تعالى: {آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا، فريضة من الله، إنّ الله كان عليمًا حكيمًا}[النساء:12].
وأقرّ الإسلام الإرث بالنسب (القرابة) وبالسبب (المصاهرة)، وأقرّ الوصية ولكن بشروط، وورّث الصغار، وكرّم المرأة، وردّ إليها عتبارها .

وللإسلام نظريات اقتصادية سليمة في مدى انتشار التركة، فلا يرضى بتركز الثروة مثلاً عند الابن الأكبر كما في بعض النظم الوضعية، ونظامه في الإرث نظام عائلي لا فردي، فيزداد انتشار التركة كلما كبر عدد أفراد عائلة المتوفّى، وإن شئنا قلنا: تتركز التركة عائليًا إلا ما يذهب إلى بيت المال عند عدم الوارث، كذلك احتوى نظام الميراث على صمام أمان، إذا كانت التركة لا تقسم كسيف أو أرض زراعية صغيرة، وهذا الصمام هو نظام التخارج، وهو نوع من البيع، وعلى هذا تنتفي الشبهة التي يثيرها بعض أعداء الإسلام من حيث إنه قد يفتت الثروة إلى حدود غير اقتصادية، وتنتشر التركة في أسرة المتوفى انتشارًا يحقق الكفاءة والعدالة، يحقق الكفاءة لأن التركة تذهب إلى أسرته التي هي امتداد له، فيحفظ على الإنسان المسلم همته وحافزه ونشاطه الإنتاجي في تكوين الدخل والثروة، ويحقق العدالة لأنها تتوزع بناء على معايير القرابة والعبء العائلي.

كذلك روعيت فيه السهولة، والسبب في ذلك أن معظمه قرآني، فهو نظام مشروع، وضعه الشارع، ولم يدعه لوارث (باستثناء الثلث للوصية) ولا لمشرِّع وضعي، فجاء بعيداً عن الظلم والتسلط والاستئثار، فرب العباد أعلم بما يصلح لهم.

نعود إلى الكلام عن شيخنا الشيخ محمد نجيب خياطة الفرضي لا القارئ أو بالأحرى المقرئ، شيخنا هذا الذي إذا ذُكر تبادر إلى ذهن السامع صاحب القراءات وصاحب كتاب "كفاية المريد"، ومدير مدرسة الحفاظ، وأستاذ كل من يُعلِّم القراءات في مدينة حلب الآن، ولكن لن يتبادر إلى الذهن الشيخ محمد نجيب خياطة الفرضيّ، هذا الجمع بين هذين الاختصاصين العظيمين اختُصَّ به شيخنا الشيخ نجيب، وكما ذكر لي ابن أخيه وتلميذه الأستاذ محمد أمين: إذا ذُكر الشيخ نجيب في مسألة امتنع الكلام، فقد قال الشيخ نجيب وكفى،إذاً يتوقف مَن يسمع ويراجع معلوماته.
نعود إلى الترجمة عنه فهو:

الشيخ محمد نجيب خياطة، وُلد في حي الجلوم الصغرى في رمضان سنة 1321هـ-1905م، تعلم قراءة القرآن الكريم وبعض المبادئ الأولية في الحساب والخط والإملاء، ثم حفظ القرآن غيبًا، وانتسب إلى الخسروَّية عندما انتظمت الدراسة بها فحمل إجازتها سنة 1347هـ. وكان من جملة أساتذته فيها شيوخ المدارس في ذلك الوقت الأستاذ الكبير إبراهيم السلقيني شيخ المدرسة الخسروية، والشيخ أحمد المكتبي، شيخ المدرسة الدليواتية الجابرية والشيخ الفقيه أحمد الزرقا شيخ المدرسة الشعبانية والشيخ علي العالم الكيالي شيخ المدرسة الأحمدية، والشيخ بشير الغزي، شيخ المدرسة العثمانية، والشيخ نجيب سراج الدين شيخ المدرسة الاسماعيلية، والأساتذة: محمد الحنفي، وسعيد الإدلبي، وأحمد الشماع، ومحمد الناشد، وأحمد الكردي(مفتي حلب) ومحمد أسعد عبه جي، (مفتي الشافعية) والشيخ محمد راغب الطباخ (مؤرخ حلب)، وقد ذُكر سابقاً مشايخه في القراءات، منهم الشيخ أحمد الريدي التيجي والشيخ عبد القادر قويدر صمدية، وأخذ علم الفرائض عن الشيخ عبد الله المعطي الحلبي رحمهم الله جميعاً، وهو من مدينة حلب من محلة قلعة الشريف، وكان الشيخ نجيب يمدحه ويعتبره من كبار علماء هذا العلم.

وعندما نال الإجازة من الخسروية درّس القرآن وتجويده والفرائض في الخسروية والشعبانية (أي معهد العلوم الشرعية)، ودرّس الفقه والتجويد والقرآن والحديث في دروس خاصة في مسجد أبي يحيى الكواكبي، ومسجد الخسروية وبقي مديراً لمدرسة الحفّاظ حوالي تسع وثلاثين سنة من سنة 1348هـ إلى وفاته سنة 1387هـ، وتنقّل في الإمامة بين عدة مساجد: المسجد الأصفر، ومسجد أبي يحيى الكواكبي، ومسجد المدرسة الخسروية الذي بقي فيه إلى آخر حياته.

وكان يقول: (إننا خلقنا لكي ننشر العلم في صفوف الناس، فوقتنا وعلمنا ملك لهم وليس لنا).

أما تلامذته فلا أستطيع حصر عددهم، فكل من درس في المدرسة الخسروية بين عامي 1348- 1387هـ هو من تلاميذ الشيخ رحمه الله، سواء في الثانوية الشرعية للبنين أو الإناث، وكان الشيخ ممن سعى دائباً على افتتاح مدرسة الإناث.

الشيخ نجيب خياطة مدرّسًا:

أجمعت طالباته على صفة الحياء التي امتاز بها في معاملته إياهنّ، كان أبيضًا مشرّبًا بالحمرة، عليه هيئة الوقار واللطف والهدوء، وله هيبة شديدة مع كلامٍ حلوٍ لبق، وكان كلّما مرّ بالطالبات في باحة المدرسة ألقى عليهنّ السلام، فكنّ يفتخرن بينهنّ بذلك، وركزن في وصفه على شدة حيائه وورعه، ذكرن أنه كان في امتحان مادة التجويد إذا اعتذر بعضهنّ بسبب عذر شرعي، ينتظرهنّ بعد انتهاء الدوام المدرسي بأسبوعين أو ثلاثة فيأتي إلى المدرسة وقد أغلقت أبوابها ليسمع منهنّ القرآن.

وكان في الصف يتلو القرآن، وهو يجوبه ذهابًا وإيابًا، وقد سألنه مرة: كيف تعلم التجويد بهذا الإتقان؟ فأجابهنّ: إنني تعلّمت أول ما تعلّمت بمقطع واحد، وحفظت القرآن بتطبيق التجويد أثناء ذهابي إلى دمشق، فكنت أقرأ ختمتين، ختمة بالذهاب وختمة بالإياب –طبعًا كانت وسائل السفر تأخذ وقتًا مضاعفًا عن زمننا هذا- ما شاء الله-، من هذا نتعلم الاستفادة من الوقت لكل إنسان ولطالب العلم خاصة.

كان لا يقرأ أمامهن كثيرًا، فكنّ يسمعن مشايخهن تمدح قراءته، فلمّا قرأ أمامهنّ للمرة الأولى، فوجئن بقراءته، إذ كانت قراءةً متمكّنة من التجويد والحفظ، فأخذ بألبابهنّ تلاوة وترتيلاً، كان رائعًا... تقول إحداهنّ: لا زلت أذكر حتى الآن مقطعًا قرأه أمامنا ((إنّ للمتّقين مفازًا...)) كيف دخلت قلبي تلك الآيات من ذلك الوقت وحتى الآن؟
كان طويل البال في تدريسه، ذا صدر رَحْب وقلب كبير، وحياته مع الأكفّاء في مدرسة الحفّاظ وبذله الجهد في تحفيظهم كتاب الله وقراءاته أصدق مثال على ذلك.
كان يستمع إلى الأسئلة ويجيب عليها بكل تواضع، مهما بدا السؤال تافهًا جداً أو بديهيًا، أحيانا يسأل الطالب سؤالاً يسخر منه رفاقه، ولكن كانت نظرته: أن الطالب إنسان، وربما غابت الفكرة عن ذهنه الآن، ونحن نرتكز على هذه الفكرة في معطيات درسنا، فيقول: اسألوا، لا يترك أحد في نفسه شيئاً.

وكان يعتمد في تدريسه على استكمال البحث، فلا يبدأ بحثاً ويتركه من نصفه، لا يترك بحثًا معلقًا، إلا بعض الأبحاث الطويلة، وكان يستعين بالسبورة كثيراً، يضع عليها النقاط الهامة، ويشرح الدرس شرحاً مستفيضاً في كل معطياته، حتى يتصور في ذهنه أن الطلاب حفظوا الدرس، وليس فهموه فقط.
وله طريقة في تدريسه أنه كان يعطي الفكرة فلا يبني عليها أخرى حتى يسأل عنها، وهذه طريقته كما سنرى في مؤلفاته سواء في التجويد والفرائض، فهويكثر من الأسئلة والتمارين وراء كل بحث صغير.

وله طريقة في تقويم الأداء أي بعد انتهاء الدرس يسأل عن الدرس نفسه في الوقت نفسه. طبعاً كانت هناك فائدة من هذه الأسئلة، فهو يرى ماذا علق بذهن الطالب من ناحية (أي ماذا حفظ) ومن ناحية أخرى يرى طريقة فهم الطالب (أي إذا كان هناك لبس أو غموض صححه أو وضحه).
وعندما كان يحل مسائل الفرائض، كان يعتمد بمراحلها على مشاركة الطلبة إما مشاركة فردية أو جماعية، فيبدأ بقسمة الفروض، يسألهم عنها، ثم يسألهم التعليل، ثم يسألهم عن أصول المسألة. وإذا أخطأ الطالب استرجع منه واستعرض محفوظاته، إذا أخطأ في فريضة ما استعرض معه فوراً ما هي أحوال هذا الوارث؟ الأب مثلا، ما أحواله؟ سدس – عصبة – سدس مع عصبة.
وعندما يعيد هذا الطالب يكون في ذلك تذكرة لكل الطلاب عامة، لكن إذا سئل سؤالا خارجًا عن المنهج، لم يكن ليضيق صدره أو ينزعج، وإنما كان يحيل الطالب إلى الفرصة، فيوضح ويشرح ويفصّل.

طريقته في كتابيه في الفرائض:
كتابه الأول الروضة البهية في متن الرحبية:

هو شرح على متن منظوم رجزًا، يبلغ مئة وسبعاً وسبعين بيتًا للإمام أبي عبد الله محمد بن علي الرحبي – من أهل رحبة بلدة ببلاد الشام قريبة من دمشق- المعروف بابن موفق الدين وابن المُتقِنة المتوفى سنة (577هـ-1182م). وقد اشتهر بأرجوزته في الفرائض (بغية الباحث) المشهورة بالرحبية، وقال عنه ياقوت الحموي: درّس ببلده وصنف كتاباً(الأعلام6:279). وللإمام الرحبي منهج في ذكر أصحاب الفروض أي كل فريضة ومَنْ يستحقها، ثم بعدها العصبات ومن خلالها يذكر المسائل الخاصة كالغراوين والأكدرية، ثم يتكلّم عن الحساب ثم عن الغرقى والهدمى إلخ......... وقد اختصر جداً في متنه، ولم يأت على ذكر ذوي الأرحام، ربما لأن مسائلها قليلةٌ ونادرة.

وطريقة الشيخ نجيب في الشرح أن يذكر الأبيات القليلة ثم يشرحها، ثم يذكر ما بعدها، فكان منهج الشيخ في الرحبية أن يأتي بالدليل لكل حالة من الكتاب أو السنة أو الإجماع، ويركز على الدليل دائماً، لكنه لا يثقل على الطالب. باعتبار أن هذا الكتاب كان يُدرّس في الخسروية منذ الصف السابع وحتى البكالوريا، إذ كان مقرراً في مطلع الخمسينيات وحتى أوائل السبعينيات، ولم يُغفل النواحي القانونية فيذكر رقم القانون في الأحوال الشخصية، ويذكر نص المادة ورقمها التي توافق ما يتكلم عنه، وتوسع في ذلك.

كما يذكر الخلاف في المذاهب بشكل مختصر كمذاهب الصحابة رضي الله عنهم، وعندما يذكر الخلاف يذكر المذهب المفتى به حالياً، أو المعتمد في قانون الأحوال الشخصية. ويذكر بإيجاز ما تجاوزه الرحبي اختصارًا كأركان الإرث وشروطه، كذلك يذكر كيفية تقديم العصبات ترتيباً، ويذكر في الشرح بيت الجعبري -رحمه الله- لأن ذلك مما أغفله الرحبي.

كان مذهب الرحبي شافعياً، ولا يوجد فرق بين المذهبين الشافعي والحنفي في الفرائض إلا في مسائل قليلةٍ، نوّه إليها الشيخ نجيب رحمه الله.
وتسهيلاً للطالب تجاوز عما تُرك، ولم تعد هناك حاجة إليه، كالعصبة السببية إذ يقول: (وقد أعتقت القوانين الدولية الإنسان وحررته فلذا تركنا البحث فيه).
ولكن أروع ما في هذا الكتاب كثرة الأمثلة وشرحها باستفاضة بعد كل فكرة، حتى ربما لو راجعها طالب العلم بنفسه، لم يحتج إلى من يبيّنها له، لشمولها لكافة الحالات، كافة حالات الجد مع الأخوة مثلاً، وأيضا كافة حالات العول، فيذكر كل أصل للمسائل من الأصول الستة إلى كم يعول، وله مثال على عوله، ثم عند كيفية قسمة السهام على الرؤوس يذكر عشرة مسائل، ثم يضع تمارين تبلغ اثني عشر تمريناً في قسمة السهام على الرؤوس فقط، كما ذكرنا عادته في التدريس أنه يقوّم أداءه بالدرس نفسه في آخر الحصة، كذا في تأليفه يكثر من الأسئلة والتمارين عن البحث نفسه باستفاضة لتتركز المعلومات في ذهن الطالب المراجع، طبعاً إن كانت ذلك رغبة الطالب.

وكما قلنا: هذا المتن اختصره الرحبي تسهيلاً للطالب، فما أورد توريث ذوي الأرحام، فما ذكرها الشيخ نجيب، ولكنه عندما انتهى من ذكر الحساب وأصول المسائل وذكر ميراث المفقود والخنثى والحمل والغرقى، تكلم الشيخ نجيب عن باب الرد، ثم كيفية تقسيم التركة مع ذكر أمثلة عديدة، قبل أن يذكر خاتمة المتن فيختم بها كتابه.

أما كتاب الرياض الزهية شرح متن السراجية:
فهو متن الإمام محمد بن محمد بن عبد الرشيد بن طَيْفور سراج الدين السَّجَاوَنْدي،وهو رياضي حنفي فرضي حاسب، من آثاره السراجية في الفرائض نسبة إلى كنيته، وشرح السراجية وله التجنيس في الحساب، ورسالة في الجبر والمقابلة، والوقف والابتداء وذخائر النثار في أخبار السيد المختار، وكانت وفاته حوالي سنة 600هـ-1204م .

ويبلغ المتن حوالي عشرين صفحة فهو متن نثري مختصر، شرحه الشيخ نجيب ومزجه والمتن بعبارة واحدة مزجاً عجيباً، فالعبارة جاءت واضحة مهذبة، ولا يمكن تمييز عبارة المتن عن عبارة الشرح، يقول في أول الكتاب: "هذا شرح لطيف على متن فرائض الإمام سراج الدين..... وعلى ما أظن أن هذه الطريقة مرفوضة من أكثر الدارسين، إذ تعتبر بعيدة عن الأمانة العلمية، ولكن في كتابنا هذا لا تعدُّ عيباً ولا مخالفة للأمانة.. إذ المتن متوفر وموجود بين أيدينا، إنما هي طريقة نادرة بين الشارحين والمعلقين، ولكن -على ما أظن- اعتمدها الشيخ نجيب تسهيلاً للطالب وتيسيراً لفهمه، لئلا يزيغ بصره بين المتن في الأعلى والشرح في الأسفل.. ويتشتت فكره في فهم عبارة المتن، ثم العودة إلى الشرح، إذ يختلف النظم عن النثر ، ففي الرحبية كان المتن نظماً، فكان الشيخ يورد الأبيات ذات الفكرة الواحدة، ثم يشرحها ويمثل عنها، أما إذ كان المتن نثراً، فقد وجد الشيخ فكرة المزج أسهل للفهم وأقرب للذهن.

وهذا الكتاب "الرياض الزهية " من الكتب النادرة في الفرائض من حيث الأبحاث العلمية والمسائل المحلولة والأمثلة الموردة، وما أغفل شيئاً في الكتاب..فقد لفت نظري أن الكتاب جاء كاملاً تقريباً -والكمال لله جل وعلا- فقد أفرغ الشيخ جهوده العلمية كلها في هذا الكتاب، إذ كان يدرس الفرائض في الخسروية والشعبانية كما كانت له دروس خاصة في هذا العلم سواء في المساجد أو في البيت ، كما كان مرجعاً أوّلاً في هذا العلم . فكانت ترسل له مسائل التركات من جميع أنحاء سوريا وحتى من مصر ، وترسل له المسائل من المحكمة العليا في دمشق وخاصة مسائل المناسخة، رُوي لي أنه كان في تلك الأيام ،طبعاً لم يكن ليتوفر الورق الجيد ذي الأحجام المتنوعة ،فكان يضع (ورق الصر) أي الأكياس الورقية على المنضدة، ويلصقها بلاصق حتى يحل مسائل المناسخة التي تكون لعدة أجيال، فربما يصل طول الأوراق إلى متر ونصف أو المترين.

وروى لي ابن أخيه وتلميذه الأستاذ محمد أمين خياطة أنه رأى عند الشيخ مسألة مناسخة من تسع جدود، أرسلت له من المحكمة الشرعية ، وبقي الشيخ ستة أشهر مشغولاً بها ، طبعاً نحن لو قدرنا مسائل المناسخة من ميت إلى ميت فقد يصل عدد الورثة إلى مئات، ويجب جمعها في مسألة جامعة أخيرة، ولنقدر الآن أنه لم تكن تتوفر الآلات الحاسبة، فكل عملية حسابية ستجرى على ورقة أخرى خارجية...

هذه الجهودالعلمية في هذا المجال أفرغت كلها في هذا الكتاب، مع أن الشيخ رحمه الله لم يكن متفرغاً، فهو مدير لمدرسة الحفاظ ومدرس في المدرسة الشرعية ومعهد التعليم الشرعي، وله دروس خاصة وملتزم بإمامة وخطبة الجمعة،وقد تساعده صحته أولا... ولكن الله سبحانه و تعالى يبارك لمثل هؤلاء في أوقاتهم فيكون نتاجهم أضعاف أضعاف نتاج طلاب العلم والمشتغلين به في زماننا هذا.

أولاً يجب استعراض الأمور الهامة في الكتاب واستعراض الأبحاث التي ما تطرق إليها معظم مراجع الفرائض -طبعاً قبل عصره- ربما نجد الآن من تكلم في هذه الأبحاث، ولكن الشيخ نجيب كان رائدها، فمن هذه الأبحاث أنه يبدأ الكتاب بمدخل عام إلى علم الفرائض، فيبدأ بنظرة إجمالية في مواريث الأمم عامةً لبيان فضل الإسلام وسبقه في مجال تقدير الفرائض والسهام.
فيعطي فكرة عن الميراث عند قدماء الرومان، وعند قدماء أهل الشرق كالكلدانيين.... وغيرهم، كذلك يعطي فكرة عن الميراث في الجاهلية وعند اليهود، ثم يتكلم عن الميراث في الأمم الغربية التي تعدل قوانينها كل فترة حتى يومنا هذا، كشأنهم في جميع قوانينهم، فذكر مثلاً أن القانون الفرنسي الحديث يورّث الأولاد من النكاح غير الشرعي..
ثم في هذه المقدمة يشرح عدل الإسلام في الميراث وكيف أنه أنصف المرأة وكافة الورثة..

ثم يعطى فكرة إجمالية ونظرة اقتصادية عن معنى المال فهو في نظر الإسلام حق المالك، ثم ورثته أحق به من غيرهم.. ولكنه قيد الأغنياء لئلا يستأثروا بالأموال.. وحذرهم من الشح، وكان من جملة قيوده لأرباب الأموال تحريم الربا والاحتكار والغش وأكل المال بالباطل وكذلك فرْضُ عليهم الزكاة.. ثم يعطي فكرة عمن تجب عليه الزكاة؟ ومن يجبيها؟ ويذكر الحقوق الأخرى المطلوبة من الأغنياء ماعدا الزكاة كحقِّ صلة الأرحام وحق المسكين وحق السائل وحق الجار.

ثم في مقدمته أوجز في معنى الفرائض وثمرته وموضوعه وفضله، ثم شرح شرحاً مفصلاً الحقوق الخمسة التي تتعلق بالميت، ورتَّبها حسب ترتيب الشرع لها، ثم شرح مفصلاً درجات الورثة الإحدى عشر وترتيبها، حيث أن كل درجة تستحق الميراث، ثم إذا بقي شيءً أخذته الدرجة التي بعدها.. وإن لم يبق شيء حَرَمَت ما بعدها، ونوجزها بما يلي:
- أصحاب الفروض - العصبات النسبية - العصبات السببية - عصبة المعتق ومعتق المعتق - الرد على ذوي الفروض النسبية - ذوو الأرحام - مولي الموالاة - عصبة مولي الموالاة على ترتيب مولى العتاقة - المقر له بنسب لم يثبت - الموصى له بما زاد على الثلث ولو بالجميع - بيت المال.

ثم يبدأ شرح المتن، فمن الأبحاث التي ما تطرق إليها معظم المراجع قابلية قسمة الأعداد والأرقام، فقد غاص بها الشيخ وتكلم عنها ووضع ترتيباتها إلى آخر ما يمكن، حتى وضع قابلية القسمة على الأعداد الأولية 11-13 مثلاً وهكذا، لنأخذ مثلاً العدد 7 يقول: افرز مرتبة الآحاد وضعّفها واطرح الحاصل من بقية العدد، ثم كرر ذلك إلى أن ينتهي العدد أو يبقى سبعة أو مكررها، مثلاً العدد 343 خذ الآحاد 3 ضعفها 6 أنقص 34 - 6 = 28 وهو من مكررات العدد 7 إذاً العدد 343 يقبل القسمة على 7 وهكذا أي عدد آخر وقد ذكر لي الأستاذ محمد أمين أنه لم يجد مثل هذه المعلومات في حوالي ثلاثين مرجع عنده في الفرائض.

وكذلك قسمة التركات فهي موجودة في كتب الفرائض، ولكن عندما يكون الرقم صحيحاً تعتمد على معادلة بسيطة، يقسم مبلغ التركة على أصل المسألة ويضرب في عدد سهم الوارث فيخرج حظ كل واحد، أما أن يكون بالتركة كسر، فلم يُذكر بالمراجع لا شرحاً نظرياً ولا عملياً، فيورد طريقتين لحل مسائل على مبالغ تركات فيها كسور مع أمثلتها.

فالمسألة عنده إما عادلة أو عائلة أو ردّية، وله منهجان في حل المسائل التي يكون فيها كسور أو أعداد صحيحة مع كسور وهما:
_ منهج سار عليه معظم المراجع وهو تأصيل المسائل بتصحيحها أي جزء السهم ضرب أصل المسائل.
_ ومنهج آخر يعتبر أن أصل المسألة من 24 دائماً، حتى وإن كان فيها مناسخة، ويمكن أن يكون للشخص جزء صغير جدا من السهمن ولصعوبتها تركها الفرضيون حديثاً فأشار إليها إشارة في كتابه، ولم يمثل لها.ولكنه لم يهملها.
_وكذلك من ناحية ثالثة، ما أهمل طريقة الفقهاء في حل المسائل فقد أشار إليها، وهي غير طريقة الفرضيين، فهم يذكرون الوارث، ثم يضعون أمامه أفقيا حصته وسهمه، ثم تحته الوارث الآخر، وفي آخر السطر أفقيا يضعون أصل المسألة.
ولكن يصعب فيها أيضا حل مسائل المناسخة، ولذا أشار إليها ولكن لم يتّبعها.

كذلك أشار في بحثه إلى طريقة تقريط المسائل، أي تحويل السهام إلى قراريط ، والعكس تحويل القراريط إلى سهام، فكما نعلم اعتمدت الدولة السورية تقسيم العقارات إلى 2400 قيراط ليكون أسهل لها، وقد وُجد من ألف فيها تأليفاً خاصاً ولكن الشيخ شرحها شرحاً موجزاً، ووضع لها مثالاً، فقد يُخلف المورّث عقاراً بـ 2400 قيراط، فطريقة قسمه بين الورثة موجودة.
أيضاً أشار الشيخ في بحث خاص إلى موضوع قسمة التركة بين الغرماء، إذا كان الدين مستغرقاً للتركة أو أكثر منها، فقد قسم الديون كلاً حسب نصيبه، وعلى حسب النسب، ووضع لها مسألتين أو أكثر.

ومن الأبحاث الهامة التي تطرق إليها أيضا: مسائل التخارج، وذكر دليلاً على ذلك، وهو إجماع الصحابة -رضوان الله عليهم- عندما صالح ورثة عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- إحدى زوجاته على 83 ألف دينار، فالتخارج: هو إخراج الورثة بعضهم من الميراث في مقابل مبلغ معلوم، وهو نوع من البيع أو القسمة أو الصلح حسب الحال، وهو يفيد في اقتسام الأموال التي لا تقبل التجزئة بحيث يؤدي إلى إتلافها أو نقصان قيمتها، فقد ذكر هذه المسألة قلة قليلة من علماء الفرائض بدون أمثلة، ولكن الشيخ وضع لها أمثلة محلولة لكافة حالاتها.

كذلك وضع أمثلة إذا صالح الورثة أحدهم، أو إذا صالح أحدهم وارثاً آخر كيف يأخذ الحصتين وإذا صالح اثنين وارثاً ثالثاً كيف يكون نصيب كل منهما.
كذلك لم يغفل الشيخ أساسًا الخلاف بين المذاهب، فهو يذكر الخلافات بين الصحابة –رضوان الله عليهم- مع الترجيح وخاصةً خلافهم في مسائل الجد، ويذكر المسائل، كذلك يذكر الخلافات بين الشافعي والإمام أبي حنيفة وكذلك الصاحبين، فمثلا يذكر أن الجد عند أبي حنيفة يقوم مقام الأب، أما عند الشافعي والصاحبين فيختلف عند وجود الأخوة عن الأب، فيذكرها ويضع لها أمثلة.
وأكثر ما يظهر ذلك في مسائل ذوي الأرحام، فالخلافُ كبير فيها حتى بين الإمام محمد والإمام أبي يوسف، والفتوى في مواضيع القضاء على قول أبي يوسف، لأنه تولى القضاء، أما في مواضيع ذوي الأرحام فالقول قول محمد، لأنه صاحب المذهب الأخير الذي نُقل عن الإمام أبي حنيفة، وهي من المواضيع الشائكة، مع أن الإشكالات في مذهب أبي يوسف أقل، ولكن المفتى به في المذهب الحنفي هو قول الإمام محمد.

ولم ينسَ الشيخ -رحمه الله- ذكر الحَََِكم التى قد تتجلى من الأحكام الفرضية، فقد أشار مثلاً في السراجية عن حكمة تأخير قضاء ديون العباد عن الكفن، وأن الكفن لباس الميت بعد موته فيعتبر بلباسه في حياته، ألا يُرى أنه لا يُباع ما على المديون من ثيابه (السراجية،ص17).

وكذلك عندما رتب الحقوق المتعلقة بالميت ذكر حكمة تأخير الوصيَّة عن الدين، فيقول: وحكمة تأخيرها عن الدين أنه حق واجب على الميت، بخلاف الوصية فإنها تبرع، قال علي، رضي الله عنه: إنكم تقرؤون هذه الآية {من بعد وصية توصون بها أو دين} وإن رسول الله قضى بالدين قبل الوصية. رواه الترمذي في جامعه .

كذلك ذكر مثلاً في أحوال الأب حكمة أخذه السدس، عندما يكون ابن وارث أنه يكون غالباً في سن عالية، لا يستطيع معها الكسب فيستعين بفرضه هذا على البقية الباقية من عمره، وإنما يفرض له أقل ،لأن أولاد ابنه أمامهم حياة طويلة غالباً تحتاج إلى نفقة ومال، خصوصاً إذا كانوا صغاراً(السراجية،ص30).

هذه المعلومات كلها قد نجدها من الناحية العلمية في كتب أخرى، لكننا لا نجدها من الناحية العملية التي اعتنى بها الشيخ، ونستطيع التمثيل بحاشية البقري على شرح سبط المارديني على الرحبية، فالمسائل كلها يحلها بكلام وشرح دون رسم، ولا يوجد عنده مسألة بهذا الشكل الذي نعرفه الآن، طبعا أقصد الطبعة القديمة، وليست الطبعة التي علق عليها الدكتور مصطفى ديب البغا -حفظه الله- وألحق بها عدداً كثيرا من المسائل المحلولة المشروحة، وكذلك نمثل بكتب الفتاوى، فمسائلها كلها كلام فقط دون رسم، ونحن لا نعرف تاريخاً للرسم كما هو الآن، متى بدأ؟ وعند مَنْ؟ وأظنه تطور بشكل تدريجي حتى استقر بهذا الشكل.

هذا ما تيسر لي معرفته أو الاطلاع عليه من آثار الشيخ رحمه الله، ولم يتيسر لي نسخته الخاصة، لأجد ما عليها من تعليقات وشرح بخط يده ،ولكن يكفي أنني أعطيت فكرة عن الشيخ نجيب الفرضي، وقد ذُكر لي أن النصارى كانوا يلجؤون إليه في حل مشكلاتهم، إذا اختلفوا أو اختصموا، فيحلَها لهم وفق الشرع الإسلامي فيقبلوا بها مقتنعين.

وأود أن أذكر أخيراً أن ابن الشيخ الأستاذ محمد مسعود خياطة - حفظه الله - أنهى الآن إخراجاً جديداً لهذا الكتاب، ونتمنى لو تهتم بطبعه الجهات المختصة.
وأخيراً نتمنى من جامعاتنا أن تُعنى بعلم الميراث تخصُّصاً فقهاً أو حساباً، لا بشكل عام، كما نتمنى من علماء الرياضيات المسلمين أن يطوروا وسائل التعلم في خدمة الميراث وحسابه.
وقد روي في تفسير السيوطي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: (إذا لهوتم فالهوا بالرمي، وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض).

فهذه دعوة لدراسة علم المواريث، الذي هو من أعظم العلوم التي تمتع الإنسان وتشحذ الأذهان، وهذا العلم بحر لا ساحل له، من حيث الفقه والحساب، نعم قد يكون من السهل أن نلم بالميراث، ولكن من الصعب أن تحصل على شهادة (فرضي).

والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه الرجعى والمآب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه التابعين، إلى أن يرث الأرضَ وما عليها خيرُ الوارثين.


______________________
[1] المصري، الميراث، ص136.
[2] الأعلام، 7: 27
[3] سراجية ص 18.


 

المرفقات

  • جهود الشيخ محمد &#.doc
    100.5 KB · المشاهدات: 0
أعلى