قال الشافعي :" ولم أعلم مخالفا في أن المتخلف عن الإسلام منهما إذا انقضت عدة المرأة قبل أن يسلم انقطعت العصمة بينهما وسواء خرج المسلم منهما من دار الحرب وأقام المتخلف فيها أو خرج المتخلف عن الإسلام أو خرجا معا أو أقاما معا لا تصنع الدار في التحريم والتحليل شيئا إنما يصنعه اختلاف الدينين."([1])
· ومن أهم الأحاديث والآثار في المسألة ما يلي
1- ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع، بالنكاح الأول، ولم يحدث شيئا" .وفي لفظ: "رد ابنته زينب على أبي العاص، وكان إسلامها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول، ولم يحدث شهادة ولا صداقا"([2])
ونوقش الاستدلال :
بأن الحديث ضعيف أو منسوخ .([3])
والجواب على هذا :
أن الحديث صححه أحمد والبخاري والدارقطني وابن حزم وابن حجر والألباني.([4])
2- عن ابن عباس رضي الله عنهما : كان المشركون على منزلتين من النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ، ولا يقاتلونه ، وكان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر فإذا طهرت حل لها النكاح فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه .([5])
وجه الدلالة من الحديث:
قال ابن القيم: "فهذا الحديث هو الفصل في هذه المسألة وهو الصواب .وليس هذا الحيض هو العدة التي قدرها كثير من الفقهاء أجلا لانقضاء النكاح بل هو استبراء بحيضة تحل بعدها للأزواج فإن شاءت نكحت وإن شاءت أقامت وانتظرت إسلام زوجها فمتى أسلم فهي امرأته انقضت العدة أو لم تنقض هذا الذي كان عليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصواب بلا ريب."([6])
3- ما رواه مالك عن ابن شهاب أنه قال كان بين إسلام صفوان وبين إسلام امرأته نحو من شهر. قال ابن شهاب ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضى عدتها .([7])
4- ما رواه مالك عن ابن شهاب أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت تحت عكرمة بن أبى جهل فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها عكرمة بن أبى جهل من الإسلام حتى قدم اليمن فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم وقدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثب إليه فرحا وما عليه رداء حتى بايعه فثبتا على نكاحهما ذلك.([8])
5- قال ابن شبرمة: " كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم الرجل قبل المرأة والمرأة قبل الرجل فأيهما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة فهى امرأته فإن أسلم بعد العدة فلا نكاح بينهما.([9])
([1]) الأم ( 5/44-45).
([2]) مسند أحمد 2366 ,جامع الترمذي باب ما جاء في الزوجين المشركين يسلم أحدهما حديث رقم 1143 , سنن ابن ماجه باب الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر حديث رقم 2009.
([3]) قال ابن عبدالبر في التمهيد (12/20) :" إن صح فهو منسوخ متروك عند الجميع" وقال ابن العربي في عارضة الأحوذي
(3/73) :" هذا الباب لم يصح فيه حديث مسند"
([4]) علل الترمذي (1/354), سنن الدارقطني حديث رقم3668 , ابن حزم في المحلى(7/315), تهذيب السنن (11/370), الإرواء رقم 1921, بلوغ المرام رقم 1009, فتح الباري (9/424) , نيل الأوطار (6/214).
([5]) صحيح البخاري باب قول الله تعالى : {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم}. حديث رقم 5286 .
([6]) أحكام أهل الذمة (1/416) باختصار وتصرف يسير .
([7]) الموطأ ، كتاب النكاح، نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله رقم 1140 (2/545). قال ابن عبد البر في التمهيد (12/ 19): " لا أعلمه يتصل من وجه صحيح , وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير , وابن شهاب إمام أهلها , وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده إن شاء الله ".
وأخرجه البيهقى (7/186 ـ 187) من طريق مالك وزاد عن ابن شهاب قال: " لم يبلغنى أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله , وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها , إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضى عدتها , وأنه لم يبلغنا أن امرأة فرق بينها وبين زوجها إذا قدم وهى فى عدتها ".والأثر ضعفه الألباني في الإرواء , رقم 1919 (6/337)
([8]) الموطأ ، كتاب النكاح، نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله رقم 1141 (2/546). قال الباجي في المنتقى (3/225):" ومراسيل ابن شهاب لا يحتج بها غير أن هاتين القصتين قصة صفوان بن أمية وقصة عكرمة قد شهرتا وتواتر خبرهما فكان ذلك يقوم لهما مقام الإسناد المتصل"
([9]) قال الألباني في الإرواء 1920 (6/339) : "معضل لأن ابن شبرمة غالب رواياته عن التابعين , واسمه عبد الله وهو ثقة فقيه , ولد سنة (72) وتوفى سنة (144)".