العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حصري ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

د. أيمن صالح​

هذه مقدمة البحث أدناه ، والبحث كاملا تجدونه على هذا الرابط:
ضعف_خرّيجي_كلّيات_الدّراسات_الشرعية.pdf

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّد المرسلين، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وبعد:
فإنَّ تقدُّمَ الأمم ورقيَّها إنَّما هو بصلاح صناعة التعليم فيها، وتخلُّفَها وانحطاطَها إنَّما هو بفساد هذه الصِّناعة. وقد بلغ من أهميّة التعليم والتعلُّم أنْ جعل الله، تعالى، ذلك ممَّا اختصَّ به آدم، عليه السلام، وأظهر به مَزيته على الملأ الأعلى من الملائكة المقرّبين، فقال، سبحانه: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. [البقرة: 31]. ومن الدلائل، أيضا، على عِظَم أهميّة التعلُّم والتّعليم، أنْ أشار إليهما، سبحانه وتعالى، في أوَّل آياتٍ أنزلها من كتابه فقال، عَزّ من قائل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}. [العلق: 1-5]. فذكر «القراءة» التي هي من أهمّ وسائل تلقّي العلم وكسبه، وذكر «القلم» كنايةً عن «الكتابة» التي هي من أهمّ وسائل نقل العلم وتقييده وتعليمه. وبهاتين الوسيلتين: «القراءة» و«الكتابة»، استطاع الإنسان أن يعلم ما لم يكن يعلمه من قبل، فلله الحمد على نِعَمه.
وأشرفُ العلوم، وأعظمُها، عند أتباع الرسل كافّة، علومُ الدّين؛ لأنّها تؤهِّل صاحبَها ليقوم في نفسه، وفي قومه، مقامَ الأنبياء، صلوات ربّي عليهم، الذين «لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً، وإنَّما ورَّثُوا العلم، فمن أَخذ به أخذ بحظٍّ وافر»([1]).
ولا يضير هذه العلوم أنْ أصبحت سوقُها كاسدةً في هذه الأعصار؛ لقلّة الراغب فيها وكثرة المدبر عنها، من العامّة والخاصّة، فهي لم تُوضع للاحتراف أصلاً، ولا ليُتوصّل بها إلى أعراض الدنيا وزينتها، بل وُضعت سبباً لمن أراد أن يفهم عن الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، ويعمل بما فَهِم، طَمَعاً فيما عند الله، تعالى، والفوز برضاه.
ولقد مُنيت صناعة التعليم الدّيني في هذه الأمّة بنَكَساتٍ وتراجعات، فأصابها ما أصاب الدّين عموماً بمرور الزمن من خُفوت جذوته في قلوب الناس. وضَعْف تأثيره في مناحي حياتهم، وهذا ما دعا أبا حامد الغزالي (ت: 505هـ)، رحمه الله، في زمنه، إلى تأليف كتابه الذي سمّاه «إحياء علوم الدين» ناعياً فيه على علماء عصره انحرافَهم بعلوم الدّين عن مقاصدها وغاياتها، وعدمَ تحقُّقِهم بكثير من شروطها وآدابها، وغفلتَهم عن روحها وأسرارها، راسماً لهم طريق العلم والعمل فيها.
وإذا انتقد الغزالي، رحمه الله، ضَعف العَمل بالعلم في عصره واصفاً علماء عصره لذلك بـ «المترسِّمين بالعِلم»، لا العلماء؛ لأنّ مقاصد أكثرهم في طلب العلم لم تكن شريفة، ولا أعمالهم كانت منيفة، فإنّه، مع ذلك، لم يشكّك في قدراتهم العلمية، ولا في أهليتهم للفتوى والإرشاد والوعظ والتعليم.
وأمّا في عصرنا هذا فقد اتّسع الخرق على الراقع، وفُقِد العلم والعمل معاً، وغاب الشكل والمضمون على حدٍّ سواء، ولم يبق من الشَّكل إلا الرُّتب والمناصب والألقاب؛ فمظاهر الضّعف في التأهيل العِلمي والعَملي في معظم خريجي معاهد الدراسات الشّرعية لا سيّما الرسمي منها، لا تخفى حتى على أعشى النظر. فلا هم - إلا ما نَدر - أتقياءُ بررة، ولا هم علماء مهرة، حتى من أنهى منهم دراسته العليا من ماجستير ودكتوراه. ومن شذَّ منهم فكان بعد تخرُّجه متأهّلاً عِلمياً وعَمَلياً فإنّه لا يعزو كبير الفضل في ذلك، بعد الله تعالى، إلى جامعته وكُلّيته، بل إلى جهودٍ خاصّة قام بها خارج إطار الدّراسة النّظامية.
وهذا الضّعف في الخرّيجين من الوضوح بمكان حتى إنّه لا ينكره أكثرُ القائمين على كلّيات التعليم الشرعي أنفسهم. والعاقل منهم من سلَّم بالواقع فصار يتواضع في أهداف مؤسّسته، ورسالتها، فيصرِّح بالقول: إنّا لا نخرّج علماء، بل موظّفين لسدّ حاجات المجتمع من أئمةٍ وخطباء ومدرّسين، ويتواضع آخرون بطريقة أخرى، فيقولون: نحن إنّما نعطي مفاتيح العلم، والباقي هو ما لا بدّ للطالب أن ينهض به على عاتقه. ولم يَصْدُقوا في قولهم: «مفاتيح العلم» لأنَّ مناهجهم، في أكثرها، لا تنشئ مَلَكاتٍ ولا تربِّي مهارات، بل تُحمِّل الطلاب نُتَفاً من المحفوظات. وأمّلوا باطلاً، ورَجوا سراباً، إذ توقَّعوا من الطالب أن ينهض بالعلم على عاتقه، لضعف آلته أولاً، ولأنّهم لم يغرسوا فيه، بالقول والعمل، الحرصَ على طلبه، والرغبة فيه، وإيثاره على ما سواه، ثانياً، ولأنّهم - ثالثاً - لم ينزعوا منه، قصدَ التوسُّل به إلى الشهادة والوظيفة، ومن طلب العلم لهذا الغرض قلَّ أن يفلح إلا أن يتداركه الله برحمة منه فيعقل غاية العلم الدّيني وثماره المقصودة وطرق تحصيله.
قال الدكتور محمد مندور (1363هـ/1944م)، رحمه الله، في مقال له بعنوان أُمّيّة المتعلّمين: «لأميّة المتعلِّمين ثلاثة مظاهر: الانتهاء من التعليم الدراسي بفائدة ضئيلة، وعدم تنمية كلِّ صاحب فنٍّ لمعلوماته الفنّية بعد التخرُّج، وأخيراً ضعف الثقافة العامّة عند مُعظم المتعلِّمين، بل وإهمالها أحياناً إهمالاً تامّاً»([2]). قلتُ: وهذا كلُّه موجود في خرِّيجينا، ولله الحمد، إلا ما رحم ربي. وقد طوّفتُ في التدريس في عدّة أقطار من أقطار المسلمين من أقصى المشرق إلى المغرب، فكان هذا حال أكثر من رأيت حاشا أفذاذاً وأفراداً هنا وهناك لا يجاوزون أصابع اليد، اختارتهم يد العناية، وأسعفتهم القريحة، وصاحبهم التوفيق. وهم رغم ذلك، ورغم حرصهم، وإخلاص كثيرٍ منهم، حيارى في مناهج الطّلب، وكثرة الكتب، مشتتو العزم، كثيرو التنقُّل، قليلو النَّصير.
فإذا كان هذا حال الأفذاذ منهم، على ندورهم، فما بالك بمن هو دونهم، وهم السّواد الأعظم، مِمَّن جُرُّوا إلى علوم الدّين بالسَّلاسل، أو لم تسعفهم القريحة ولا جَودة الفهم والنَّشاط، لتحصيل ما يؤهِّلهم للالتحاق ببرامج العلوم الدنيوية، لكثرة المنافس عليها، والمقبل إليها، فقِنعوا بما لا قاصد له ولا راغب فيه من التخصُّصات الدينيّة، التي هي في ذيل البرامج في أكثر الجامعات النِّظامية، حتى إنَّه لا يلتحق بها في الأعمّ الأعظم إلا «النَّطيحة» و«المتردية» و«ما أكل السَّبُع»، ممَّن لم يجدوا باباً مفتوحاً لقبولهم إلا بابها.
ولو عُدْنا بالزمن إلى الوراء قليلاً لوجدنا أنّ الفقه، والعلوم الدينية كَمَلاً، مرّت في العصور المتأخّرة بتراجع وانحطاط شديدين، أطبق على ذلك الكاتبون في تاريخ الفقه والعلوم الشرعية، فقد انحسر الإبداع، وانعدم الاجتهاد، وضاق الفهم، وساد التعصُّب، وعمّ الجمود، واستوى التقليد الأعمى على عرش العقول، فضَعُف التَّحصيل، وقلَّ في المترسِّمين بالعلم التأصيل، وكثُر عندهم النَّقلُ والقال والقيل. وهذا ما صوّر جانباً منه الشيخُ العطّار (ت: 1250هـ)، رحمه الله، حين قال مُتأسِّفاً:
«من تأمّل...تراجم الأئمّة الأعلام...وفيما انتهى إليه الحال في زمنٍ وقعنا فيه، عَلِم أن نسبتنا إليهم كنسبة عامّة زمانهم [إليهم]؛ فإنّ قُصارى أمرنا النّقلُ عنهم بدون أن نخترع شيئاً من عند أنفسنا، وليتنا وصلنا إلى هذه المرتبة، بل اقتصرنا على النّظر في كتب محصورة ألّفها المتأخِّرون المستمِدّون من كلامهم، نكرّرها طول العُمُر، ولا تطمح نفوسنا إلى النّظر في غيرها، حتى كأنّ العلم انحصر في هذه الكتب، فلزم من ذلك أنّه إذا ورد علينا سؤالٌ من غوامض علم الكلام تخلّصنا عنه بأنّ هذا كلام الفلاسفة، ولا ننظر فيه، أو مسألةٌ أصولية قلنا: لم نرها في جمع الجوامع فلا أصل لها، أو نكتةٌ أدبيَّة قلنا: هذا من علوم أهل البطالة، وهكذا...، فصار العُذر أقبحَ من الذنب.
وإذا اجتمع جماعةٌ منّا في مجلسٍ فالمخاطباتُ مخاطباتُ العامّة، والحديثُ حديثهم، فإذا جرى في المجلس نكتةٌ أدبيّة ربّما لا نتفطّن لها، وإن تفطّنّا لها بَالغنا في إنكارها والإغماض عن قائلها إن كان مساوياً، وإيذائِه بشناعة القول إن كان أدنى، ونسبناه إلى عدم الحِشمة وقلّة الأدب. وأمّا إذا وقعت مسألةٌ غامضة من أيّ علمٍ كان، عند ذلك تقومُ القيامة، وتكثر المقالة، ويتكدّر المجلس، وتمتلئ القلوب بالشّحناء، وتُغمِض العيون على القذى، فالمرموق بنظر العامّة، الموسوم بما يُسمّى العلم: إمّا أن يتستّر بالسُّكوت حتى يُقال: إنّ الشيخ مستغرقٌ، أو يهذو بما تمجُّه الأسماع، وتنفر عنه الطِّباع...فحالنا الآن كما قال ابن الجوزي في مجلس وعظه ببغداد:
ما في الديار أخو وَجْدٍ نطارِحُه ... حديثَ نجدٍ ولا خِلٌّ نجاريه»([3]).
وبعد العطّار بقرنٍ من الزمان تقريباً بلغ فساد التعليم وضعف الخرّيجين ذِروتَه، حتى قال الشيخ بدر الدين الحلبي (1324هـ/1906م)، رحمه الله: «وظيفة التعليم أصبحت عقيمة، بما اعترى جسمها من الأدواء، فما تكاد تنتج شيئاً، ولو أردنا أن نحصي عدد النّاجحين من أولئك المستعدّين لتعلّم العلوم الدينية نجاحاً نسبياً، لم يكونوا أكثر من واحد في كلّ مائة، ولو طلبنا الناجحين حقيقةً الذين يمكنهم القيام بوظيفة التعليم لم يكونوا أكثر من واحد في الألف إن كَثُر عددهم»([4]).
فهل هذا الزمن الذي نحن فيه الآن خيرٌ من زمن العطّار (ت: 1250هـ)، وزمن بدر الدين الحلبي (1324هـ/1906م) ؟! .........

تابع في المشاركة التالية


([1]) أبو داود، السنن، (3/ 317). وابن ماجه، السنن، (1/ 81). وصحّحه الألباني، وحسّنه الأرناؤوط.

([2]) مندور: محمد، أمّيّة المتعلمين، مجلة الرسالة، العدد 588، بتاريخ: 9/10/1944م.

([3]) العطّار: حسن بن محمد بن محمود الشافعي، حاشية العطّار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع، (2/ 247).

([4]) الحلبي: بدر الدين محمد بن مصطفى النعساني، التعليم والإرشاد، ص11.
 

أم علي

:: مطـًـلع ::
إنضم
24 مايو 2013
المشاركات
170
الإقامة
الجزائر
الجنس
أنثى
التخصص
أصول الفقه
الدولة
الجزائر
المدينة
الجزائر
المذهب الفقهي
سنّي
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

جزى الله خيرا شيخنا الفاضل
الدكتور أيمن علي صالح على طرحه لهذا الموضوع الحساس والهامّ الذي أرق ولا زال يؤرق طلبة العلم في جامعات وكليات المشرق والمغرب العالم الاسلامي

ولقد ذكر الشيخ حفظه الله أسبابا عديدة أراها سديدة.. ولكن هناك سببا ربما الشيخ لم يلحظه وهو هذا التضارب والتحارب الذي يكون بين الأساتذة.. فهذا يحذر من ذاك وهؤلاء ينقصون من أهلية أولاء.. فيأتي الطالب حاملا في قلبه كل العزم والهم على أخذ الأمر بقوة فيجد نفسه في جو مكهرب.. تتجاذبه التيارات المنهجية.. والمذاهب العقدية ..التي لا يباح فيها الاختلاف ويتعذر عندها الإئتلاف .. "احذر من فلان" .."فلان عقيدة خربة" .."لا تحضر هذه المادة فهي حرام ..قال ذلك العالم فلان ..الذي يسمع له ويطاع بلا نقاش ولا جدال ..وإلا فأنت منبوذ مذموم ..موبوء..مدروء "فيجد نفسه بين أحد الثلاثة..

إما أن يترك الأمر ويزهد فيه محولا إلى اختصاص آخر ..

أو يتفرج ويخوض غمار هذه الموجات التي ستنأى به بعيدا عن مراده الأول ومقصده الأفضل .. فيخشن طبعة ..ويسلط لسانه ..ويسوء خلقه ..ويكثر كلامه واعتراضه ..لمن شابت لحاهم في عمر الطلب ..واحدودبت ظهورهم من طول الكبّ على القراطيس والكتب .. فيجد نفسه مُساقا إلى علوم وإن كانت طعمٌ للكبار فهي سمّ للصغار ومن هنا يبدأ الخلل ..!!

أو ماضيا حيرانا ولكن لا أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا إذ قد عمّت بها البلوى وثقلت بها الشكوى ..فليس لها من دون الله كاشفة ..والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل ..
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ..والسلام.

 

حمزة عبد الكريم حماد

:: باحث بالمعهد العالمي للفكر الإسلامي-الأردن ::
إنضم
1 أغسطس 2008
المشاركات
7
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الحنفي
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

د. أيمن
صباح طيب مبارك ابتداء
تلطفتم بالذكر بأن من أسباب الضعف هو المناهج وطرق التدريس، وهذا ما أكده مؤتمر تدريس الفقه الذي عقد في جامعة الزرقاء، وندوة تدريس الفقه في المغرب، وندوة تدريس العلوم الشرعية في الهند
السؤال المطروح في هذا المقام، هل من نماذج تطبيقية عملية في توظيف طرق حديثة في تدريس مساقات الفقه الإسلامي وأصوله.
حاولت ان أقدم بعض النماج التطبيقية

استراتيجية دمج مهارات التفكير في تدريس مساق الأحوال الشخصية في كليات الشريعة في الجامعات من خلال توظيف أوراق العمل تطبيقات عمليةً
http://saaid.net/book/open.php?cat=4&book=12092

تدريس مساقات الفقه الإسلامي في الجامعات وفق استراتيجية الرحلة المعرفية مساق الأحوال الشخصية أنموذجاً
http://saaid.net/book/open.php?cat=4&book=12085

تدريس الفقه الإسلامي وأصوله في الجامعات وفقا لاستراتيجيات تربوية حديثة
http://saaid.net/book/open.php?cat=83&book=4769

مع خالص الشكر
 

الطيماوي

:: متابع ::
إنضم
29 فبراير 2012
المشاركات
34
التخصص
شريعة
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

رابط البحث كاملا ليس بشغال الرجاء التأكد منه وبارك الله فيكم
 

أم هبة الله

:: متابع ::
إنضم
30 ديسمبر 2012
المشاركات
95
الكنية
أم محمد
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
جدة
المذهب الفقهي
مذهب أهل السنة والجماعة
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

بورك فيكم
الأساتذة (الدكاتره) هم منتج من هذه الكليات. والضعيف ينتج ضعيفا. لذلك من الصعوبة بمكان معالجة هذا السبب.
طبعا الأسباب كما تفضلتم كثيرة وبعضها يترتب على بعض، لذلك كان من الجيد البحث في أصول هذه الأسباب.
السبب الذي ذكرتموه في الآخر هو في نظري أصل أصيل في تدهور التعليم الديني والدنيوي على حد سواء، لذلك لم يكن عجبا أن بدأ علماؤنا موضوع آداب طالب العلم بتصحيح النية.
منذ مدة أعكف على إعداد برنامج تدريبي للأستاتذة على طرق إثارة الدافعية الذاتية للتعلم عند الطلاب، ووجدت من خلال الاطلاع على عديد من البحوث والدراسات التي ألفت في هذا الموضوع، أنّ من أكبر الآفات التي تضعف الدافعية الذاتية للتعلم الحوافز الخارجية المادية كالدرجات والشهادات والوظائف ونحوها.
التحفيز الخارجي يقتل الدافعية الذاتية تدريجيا، وبالتالي يفقد الطالب المتعة والشهوة والفرح والسرور النفسي في جني العلم وتحصيله، ويصبح كالمريض الذي فقد شهيته للطعام فاحتاج إلى الإبر والحقن المغذية كي يعيش، وهي المحفزات الخارجية من درجات وشهادات وألقاب ومناصب، وهذه المحفزات بإجماع التربوين لا تنتج عالما بمعنى الكلمة فضلا عن مبدع أو مفكر لا في مجال العلوم الدينية فقط بل حتى في مجال العلوم الدنيوية. فالأمر كما قال ابن الأكفاني الطبيب والفلكي: "من تعلم علما للاحتراف لم يأت عالما بل شبيها بالعلماء"، وهذا ما تصدقه الدراسات المعاصرة في الإبداع.
علماء بخارى، كما نقل عنهم ابن الأكفاني، حزنوا وخافوا لما علموا بإنشاء المدارس الدينية زمن العباسيين ببغداد.
وقد يستهجن ذلك بعض الناس، لما يروه من فضل هذه المدراس وفوائدها في نشر العلم وتكثيره، لكنهم أعني علماء بخارى كانوا محقين، فمع بداية نشوء التدريس النظامي في المدارس التي كانت بمثابة جامعات بدأ يقل وجود المجتهدين والمفكرين، وشاع التقليد والتعصب وأكل الدنيا بالدين، وساءت نوعية المتعلمين لتوخيه من قبل من لا يصلح له، وساء حال الأمة بالتبع، لأن الأمة بعلمائها. وها نحن ذا ولا أبرئ نفسي: أنصاف متعلمين لا أكثر، بل أعشار إن لم نبالغ، والعلم الديني في تراجع منذ الصحابة حتى اليوم.
الغربيون بدؤوا يناقشون موضوع التقييم بالدرجات وغيرها، وكثيرون منهم يعارضونه جدا ويعتبرونه المسؤول عن تدهور التعليم، وضعف نتائج الطلاب. ويتوقع كثير منهم أن مستقبل التعليم أن يكون بدون درجات. قيمة الشهادة في الغرب أقل منها بكثير في الشرق، الخبرة والإنجازات والتزكيات من المختصين أهم عندهم من الأوراق والألقاب بكثير. لكن الأمر عندنا في الشرق مختلف للأسف، لذلك قُلت لك: أنا شبه يائس من إصلاح التعليم الجامعي في مجال العلوم الدينية، إلا أن يرافقه، كما تفضلتم دراسات موازية يقوم بها الطالب على عاتقه، ولكن النجاح حينئذ لن يعزى إلى الجامعات في الحقيقة بل إلى ما بذله الطالب من جهود خارج الدراسة الجامعية. والله أعلم.
مرة أخرى أشكركم على المرور وعلى الإضافات النافعة التي تفضلتم بها.
بداية أشكركم على هذا الموضوع الذي طالما خالج نفسي وأعملت فيه فكري وقد وسعدت أيما سعادة حينما وجدتكم تسوقونه مشكورين مأجورين لربما خيرا وأفضل مما فكرت فيه.

وقد وددت أنّ لي به قوة فأعلقه على أبواب المعاهد والجامعات وألزم به الأساتذة وحاملي الشهادات فيحفظوه عن ظهر قلب ولا يدخل الجامعة إلا من اختبر فيه فنجح لعلّه يعي أنّ هذا العلم مما لا تطلب به دنيا وأنّ أول من تسعر به النّار عياذا بالله عالم يقال له قد تعلمت ليقال عالم فقد قيل فيساق إلى النّار والله نسأل السلامة والعافية والإخلاص في القول والعمل.

ولعلّ الكثيرين منّا لربما أحوجتهم تكاليف الحياة الباهظة ومسؤوليات البيت والأولاد لطلب الوظيفة ولأنّه أفنى عمره في دراسة العلوم الشرعية فإنّه ولا بدّ سيعمل بشهادته ولكنّ هذا لا يعني بحال أن يترك نية الطلب لله وتكون نيته الدنيا حتى إذا أخطأ أحدهم وقال يا أبا فلان أقام الدنيا ولم يقعدها حيث سقط منه حرف الدّال وآخ من هذا الحرف ما فعل بالنّاس.

حتى بتنا نسمع ونرى أصحاب الشهادات المزورة ولا يتورع بعض من لا يخاف الله من أساتذة الجامعات أن يطلب من غيره كتابة بحوثه خاصة رسالتيْ الماجستير والدكتوراه لا لشيء فقط ليترقى في مراتب الوظيفة وليقترن باسمه حرف الدال ولعله لا يرضى به دون أن يقال له الأستاذ الدكتور كما رأيت وعاينت والله المستعان على كلّ حال.

ولذلك ومن باب التوضيح فإني لحظت في نتائج البحث لربما ما يخالف ما كتب في ردكم هذا الذي اقتبسته حيث قلتم بارك الله فيكم:

ب) عمل المؤسسات التعليمية الدينية والأوقاف على تصيُّد أذكياء الطلبة في مراحل مبكّرة من أعمارهم، وتبنيهم وتشجيعهم وذويهم مادّياً ومعنوياً للالتحاق بسلك الدراسات الدينية.
ج) توفير الدول وظائف مجزية لخريجي الدراسات الدينية تنافس تلك التي تُخصّص لخريجي العلوم الدنيوية أو أفضل منها، وذلك لزيادة إقبال أذكياء الطلبة على هذه التخصُّصات.

وهو ذاته أصل المشكلة وسبب الخلل فيها كما سبق وأن ذكرتم وأكدتم عليه لأنّ علما لم يطلب لله لن ينفع الله به إلا إذا صحح صاحبه نيته وما أحوجنا لمراجعة النيات وتصويبها والله المستعان.

ولعلي من واقع تجربة أقول أن من الحلول بإذن الله العمل على رفع المستوى الديني والعلمي عند الأفراد..أي العمل على الأجزاء بدل العمل على الجملة.

لأننا ان انتظرنا مجهودات الجامعة ودوراتها ووو وحال الأساتذة فيها كما لا يخفى على أحد إلا من رحم الله فإنّ الانتظار سيطول ولكن إن حرص كل طالب علم على اثنين أو ثلاثة ثم حرص الاثنان على مثلهما وهكذا فإنّ التغيير والنتيجة المرجوة ستحصل بطول الزمن وكما قيل: أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل.

وبالنسبة لتوجه الأذكياء من الطلبة لدراسة غير العلوم الشرعية فإنّي رأيت في الواقع أن الله يختار ويصطفي لدينه الأذكياء وذوي النباهة ولله الحمد والمنّة والدليل وجود الكثير منهم في هذا الملتقى المبارك.


وبقي أخيرا أن أكرر شكري لكم على مثل هذا الطرح المميز ولعلّه يكون خطوة في طريق الألف ميل بدأتموه مشكورين ويعينكم عليه من يقدر من طلبة العلم والله أسأل لي ولكم التوفيق والسداد وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
 
إنضم
30 أغسطس 2012
المشاركات
2
التخصص
صيدلة
المدينة
كركوك
المذهب الفقهي
حنبلي-شافعي
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

جزاك الله خيرا وأحسن الله إليك
ولقد حملت البحث وطبعت منه نسخة لنفسي.. وإن أذنت -نفع الله بك- فإني أريد أن أستنسخ منه نسخا لأعطيها بعض من أعرف من المدرسين وطلبة العلم ليستفيدوا منها ولعلهم يسهمون في تغيير مسار التعليم الديني بما يحقق الأهداف المرجوة في البحث.. وبارك الله بك
 

أم توام

:: متابع ::
إنضم
10 يونيو 2012
المشاركات
8
الكنية
أم توام
التخصص
علوم الحديث
المدينة
الرباط
المذهب الفقهي
المالكي
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد القيمة
ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

د. أيمن صالح​

هذه مقدمة البحث أدناه ، والبحث كاملا تجدونه على هذا الرابط:
ضعف_خرّيجي_كلّيات_الدّراسات_الشرعية.pdf

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّد المرسلين، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وبعد:
فإنَّ تقدُّمَ الأمم ورقيَّها إنَّما هو بصلاح صناعة التعليم فيها، وتخلُّفَها وانحطاطَها إنَّما هو بفساد هذه الصِّناعة. وقد بلغ من أهميّة التعليم والتعلُّم أنْ جعل الله، تعالى، ذلك ممَّا اختصَّ به آدم، عليه السلام، وأظهر به مَزيته على الملأ الأعلى من الملائكة المقرّبين، فقال، سبحانه: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. [البقرة: 31]. ومن الدلائل، أيضا، على عِظَم أهميّة التعلُّم والتّعليم، أنْ أشار إليهما، سبحانه وتعالى، في أوَّل آياتٍ أنزلها من كتابه فقال، عَزّ من قائل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}. [العلق: 1-5]. فذكر «القراءة» التي هي من أهمّ وسائل تلقّي العلم وكسبه، وذكر «القلم» كنايةً عن «الكتابة» التي هي من أهمّ وسائل نقل العلم وتقييده وتعليمه. وبهاتين الوسيلتين: «القراءة» و«الكتابة»، استطاع الإنسان أن يعلم ما لم يكن يعلمه من قبل، فلله الحمد على نِعَمه.
وأشرفُ العلوم، وأعظمُها، عند أتباع الرسل كافّة، علومُ الدّين؛ لأنّها تؤهِّل صاحبَها ليقوم في نفسه، وفي قومه، مقامَ الأنبياء، صلوات ربّي عليهم، الذين «لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً، وإنَّما ورَّثُوا العلم، فمن أَخذ به أخذ بحظٍّ وافر»([1]).
ولا يضير هذه العلوم أنْ أصبحت سوقُها كاسدةً في هذه الأعصار؛ لقلّة الراغب فيها وكثرة المدبر عنها، من العامّة والخاصّة، فهي لم تُوضع للاحتراف أصلاً، ولا ليُتوصّل بها إلى أعراض الدنيا وزينتها، بل وُضعت سبباً لمن أراد أن يفهم عن الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، ويعمل بما فَهِم، طَمَعاً فيما عند الله، تعالى، والفوز برضاه.
ولقد مُنيت صناعة التعليم الدّيني في هذه الأمّة بنَكَساتٍ وتراجعات، فأصابها ما أصاب الدّين عموماً بمرور الزمن من خُفوت جذوته في قلوب الناس. وضَعْف تأثيره في مناحي حياتهم، وهذا ما دعا أبا حامد الغزالي (ت: 505هـ)، رحمه الله، في زمنه، إلى تأليف كتابه الذي سمّاه «إحياء علوم الدين» ناعياً فيه على علماء عصره انحرافَهم بعلوم الدّين عن مقاصدها وغاياتها، وعدمَ تحقُّقِهم بكثير من شروطها وآدابها، وغفلتَهم عن روحها وأسرارها، راسماً لهم طريق العلم والعمل فيها.
وإذا انتقد الغزالي، رحمه الله، ضَعف العَمل بالعلم في عصره واصفاً علماء عصره لذلك بـ «المترسِّمين بالعِلم»، لا العلماء؛ لأنّ مقاصد أكثرهم في طلب العلم لم تكن شريفة، ولا أعمالهم كانت منيفة، فإنّه، مع ذلك، لم يشكّك في قدراتهم العلمية، ولا في أهليتهم للفتوى والإرشاد والوعظ والتعليم.
وأمّا في عصرنا هذا فقد اتّسع الخرق على الراقع، وفُقِد العلم والعمل معاً، وغاب الشكل والمضمون على حدٍّ سواء، ولم يبق من الشَّكل إلا الرُّتب والمناصب والألقاب؛ فمظاهر الضّعف في التأهيل العِلمي والعَملي في معظم خريجي معاهد الدراسات الشّرعية لا سيّما الرسمي منها، لا تخفى حتى على أعشى النظر. فلا هم - إلا ما نَدر - أتقياءُ بررة، ولا هم علماء مهرة، حتى من أنهى منهم دراسته العليا من ماجستير ودكتوراه. ومن شذَّ منهم فكان بعد تخرُّجه متأهّلاً عِلمياً وعَمَلياً فإنّه لا يعزو كبير الفضل في ذلك، بعد الله تعالى، إلى جامعته وكُلّيته، بل إلى جهودٍ خاصّة قام بها خارج إطار الدّراسة النّظامية.
وهذا الضّعف في الخرّيجين من الوضوح بمكان حتى إنّه لا ينكره أكثرُ القائمين على كلّيات التعليم الشرعي أنفسهم. والعاقل منهم من سلَّم بالواقع فصار يتواضع في أهداف مؤسّسته، ورسالتها، فيصرِّح بالقول: إنّا لا نخرّج علماء، بل موظّفين لسدّ حاجات المجتمع من أئمةٍ وخطباء ومدرّسين، ويتواضع آخرون بطريقة أخرى، فيقولون: نحن إنّما نعطي مفاتيح العلم، والباقي هو ما لا بدّ للطالب أن ينهض به على عاتقه. ولم يَصْدُقوا في قولهم: «مفاتيح العلم» لأنَّ مناهجهم، في أكثرها، لا تنشئ مَلَكاتٍ ولا تربِّي مهارات، بل تُحمِّل الطلاب نُتَفاً من المحفوظات. وأمّلوا باطلاً، ورَجوا سراباً، إذ توقَّعوا من الطالب أن ينهض بالعلم على عاتقه، لضعف آلته أولاً، ولأنّهم لم يغرسوا فيه، بالقول والعمل، الحرصَ على طلبه، والرغبة فيه، وإيثاره على ما سواه، ثانياً، ولأنّهم - ثالثاً - لم ينزعوا منه، قصدَ التوسُّل به إلى الشهادة والوظيفة، ومن طلب العلم لهذا الغرض قلَّ أن يفلح إلا أن يتداركه الله برحمة منه فيعقل غاية العلم الدّيني وثماره المقصودة وطرق تحصيله.
قال الدكتور محمد مندور (1363هـ/1944م)، رحمه الله، في مقال له بعنوان أُمّيّة المتعلّمين: «لأميّة المتعلِّمين ثلاثة مظاهر: الانتهاء من التعليم الدراسي بفائدة ضئيلة، وعدم تنمية كلِّ صاحب فنٍّ لمعلوماته الفنّية بعد التخرُّج، وأخيراً ضعف الثقافة العامّة عند مُعظم المتعلِّمين، بل وإهمالها أحياناً إهمالاً تامّاً»([2]). قلتُ: وهذا كلُّه موجود في خرِّيجينا، ولله الحمد، إلا ما رحم ربي. وقد طوّفتُ في التدريس في عدّة أقطار من أقطار المسلمين من أقصى المشرق إلى المغرب، فكان هذا حال أكثر من رأيت حاشا أفذاذاً وأفراداً هنا وهناك لا يجاوزون أصابع اليد، اختارتهم يد العناية، وأسعفتهم القريحة، وصاحبهم التوفيق. وهم رغم ذلك، ورغم حرصهم، وإخلاص كثيرٍ منهم، حيارى في مناهج الطّلب، وكثرة الكتب، مشتتو العزم، كثيرو التنقُّل، قليلو النَّصير.
فإذا كان هذا حال الأفذاذ منهم، على ندورهم، فما بالك بمن هو دونهم، وهم السّواد الأعظم، مِمَّن جُرُّوا إلى علوم الدّين بالسَّلاسل، أو لم تسعفهم القريحة ولا جَودة الفهم والنَّشاط، لتحصيل ما يؤهِّلهم للالتحاق ببرامج العلوم الدنيوية، لكثرة المنافس عليها، والمقبل إليها، فقِنعوا بما لا قاصد له ولا راغب فيه من التخصُّصات الدينيّة، التي هي في ذيل البرامج في أكثر الجامعات النِّظامية، حتى إنَّه لا يلتحق بها في الأعمّ الأعظم إلا «النَّطيحة» و«المتردية» و«ما أكل السَّبُع»، ممَّن لم يجدوا باباً مفتوحاً لقبولهم إلا بابها.
ولو عُدْنا بالزمن إلى الوراء قليلاً لوجدنا أنّ الفقه، والعلوم الدينية كَمَلاً، مرّت في العصور المتأخّرة بتراجع وانحطاط شديدين، أطبق على ذلك الكاتبون في تاريخ الفقه والعلوم الشرعية، فقد انحسر الإبداع، وانعدم الاجتهاد، وضاق الفهم، وساد التعصُّب، وعمّ الجمود، واستوى التقليد الأعمى على عرش العقول، فضَعُف التَّحصيل، وقلَّ في المترسِّمين بالعلم التأصيل، وكثُر عندهم النَّقلُ والقال والقيل. وهذا ما صوّر جانباً منه الشيخُ العطّار (ت: 1250هـ)، رحمه الله، حين قال مُتأسِّفاً:
«من تأمّل...تراجم الأئمّة الأعلام...وفيما انتهى إليه الحال في زمنٍ وقعنا فيه، عَلِم أن نسبتنا إليهم كنسبة عامّة زمانهم [إليهم]؛ فإنّ قُصارى أمرنا النّقلُ عنهم بدون أن نخترع شيئاً من عند أنفسنا، وليتنا وصلنا إلى هذه المرتبة، بل اقتصرنا على النّظر في كتب محصورة ألّفها المتأخِّرون المستمِدّون من كلامهم، نكرّرها طول العُمُر، ولا تطمح نفوسنا إلى النّظر في غيرها، حتى كأنّ العلم انحصر في هذه الكتب، فلزم من ذلك أنّه إذا ورد علينا سؤالٌ من غوامض علم الكلام تخلّصنا عنه بأنّ هذا كلام الفلاسفة، ولا ننظر فيه، أو مسألةٌ أصولية قلنا: لم نرها في جمع الجوامع فلا أصل لها، أو نكتةٌ أدبيَّة قلنا: هذا من علوم أهل البطالة، وهكذا...، فصار العُذر أقبحَ من الذنب.
وإذا اجتمع جماعةٌ منّا في مجلسٍ فالمخاطباتُ مخاطباتُ العامّة، والحديثُ حديثهم، فإذا جرى في المجلس نكتةٌ أدبيّة ربّما لا نتفطّن لها، وإن تفطّنّا لها بَالغنا في إنكارها والإغماض عن قائلها إن كان مساوياً، وإيذائِه بشناعة القول إن كان أدنى، ونسبناه إلى عدم الحِشمة وقلّة الأدب. وأمّا إذا وقعت مسألةٌ غامضة من أيّ علمٍ كان، عند ذلك تقومُ القيامة، وتكثر المقالة، ويتكدّر المجلس، وتمتلئ القلوب بالشّحناء، وتُغمِض العيون على القذى، فالمرموق بنظر العامّة، الموسوم بما يُسمّى العلم: إمّا أن يتستّر بالسُّكوت حتى يُقال: إنّ الشيخ مستغرقٌ، أو يهذو بما تمجُّه الأسماع، وتنفر عنه الطِّباع...فحالنا الآن كما قال ابن الجوزي في مجلس وعظه ببغداد:
ما في الديار أخو وَجْدٍ نطارِحُه ... حديثَ نجدٍ ولا خِلٌّ نجاريه»([3]).
وبعد العطّار بقرنٍ من الزمان تقريباً بلغ فساد التعليم وضعف الخرّيجين ذِروتَه، حتى قال الشيخ بدر الدين الحلبي (1324هـ/1906م)، رحمه الله: «وظيفة التعليم أصبحت عقيمة، بما اعترى جسمها من الأدواء، فما تكاد تنتج شيئاً، ولو أردنا أن نحصي عدد النّاجحين من أولئك المستعدّين لتعلّم العلوم الدينية نجاحاً نسبياً، لم يكونوا أكثر من واحد في كلّ مائة، ولو طلبنا الناجحين حقيقةً الذين يمكنهم القيام بوظيفة التعليم لم يكونوا أكثر من واحد في الألف إن كَثُر عددهم»([4]).
فهل هذا الزمن الذي نحن فيه الآن خيرٌ من زمن العطّار (ت: 1250هـ)، وزمن بدر الدين الحلبي (1324هـ/1906م) ؟! .........

تابع في المشاركة التالية


([1]) أبو داود، السنن، (3/ 317). وابن ماجه، السنن، (1/ 81). وصحّحه الألباني، وحسّنه الأرناؤوط.

([2]) مندور: محمد، أمّيّة المتعلمين، مجلة الرسالة، العدد 588، بتاريخ: 9/10/1944م.

([3]) العطّار: حسن بن محمد بن محمود الشافعي، حاشية العطّار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع، (2/ 247).

([4]) الحلبي: بدر الدين محمد بن مصطفى النعساني، التعليم والإرشاد، ص11.
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,490
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

رابط البحث كاملا ليس بشغال الرجاء التأكد منه وبارك الله فيكم
الرابط يعمل
نرجو إعادة المحاولة وشكرا
 

رشيد لزهاري حفوضة

:: مطـًـلع ::
إنضم
8 يناير 2012
المشاركات
103
الإقامة
الوادي/ الجزائر
الجنس
ذكر
الكنية
أبو عبد البر
التخصص
ماستر دراسات قرآنية و آداب إسلامية
الدولة
الجزائر
المدينة
الوادي
المذهب الفقهي
مالكي
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

إضافة إلى ما ذكره الإخوة و الأخوات ...
زهد الطلبة في الحفظ ...الذي كان هو العمدة في القديم ...نعم اليوم الحرص الاكبر على الفهم و البحث ...و لكن هذا لا بد له من قاعدة ينطلق منها الطالب و هو ما حصله و حفظه...
و ثم امر آخر و هو عدم التمذهب أو بمعنى تدريس الفقه و غيره بتفصيل فيختلط الأمر على بعض الطلبة فلا يخرج بشيء و ربما أفاده ذلك تشويشًا ...
التمذهب المتعصب إذ ربما في بعض المناطق يدرس فقط المذهب و بقول راو واحد عن الإمام و لا يتعلم إفادة الأحكام من القرآن و السنة...
و ربما بعض الدارسين يكتفي بما يجد به وظيفة و لا يزيد على ما تعلمه فتفارقه عندما تتخرجان من الجامعة و تلقاه بعد 20 سنة هو هو لم يزدد علماً لأنه لا يبحث و لا يهتم سوى بما يدرسه لطلابه إذا كان لا يزال في مجال العلم أو يترك العلم و يتفرغ لوظيفته ...
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

جزى الله خيرا شيخنا الفاضل
الدكتور أيمن علي صالح على طرحه لهذا الموضوع الحساس والهامّ الذي أرق ولا زال يؤرق طلبة العلم في جامعات وكليات المشرق والمغرب العالم الاسلامي

ولقد ذكر الشيخ حفظه الله أسبابا عديدة أراها سديدة.. ولكن هناك سببا ربما الشيخ لم يلحظه وهو هذا التضارب والتحارب الذي يكون بين الأساتذة.. فهذا يحذر من ذاك وهؤلاء ينقصون من أهلية أولاء.. فيأتي الطالب حاملا في قلبه كل العزم والهم على أخذ الأمر بقوة فيجد نفسه في جو مكهرب.. تتجاذبه التيارات المنهجية.. والمذاهب العقدية ..التي لا يباح فيها الاختلاف ويتعذر عندها الإئتلاف .. "احذر من فلان" .."فلان عقيدة خربة" .."لا تحضر هذه المادة فهي حرام ..قال ذلك العالم فلان ..الذي يسمع له ويطاع بلا نقاش ولا جدال ..وإلا فأنت منبوذ مذموم ..موبوء..مدروء "فيجد نفسه بين أحد الثلاثة..

إما أن يترك الأمر ويزهد فيه محولا إلى اختصاص آخر ..

أو يتفرج ويخوض غمار هذه الموجات التي ستنأى به بعيدا عن مراده الأول ومقصده الأفضل .. فيخشن طبعة ..ويسلط لسانه ..ويسوء خلقه ..ويكثر كلامه واعتراضه ..لمن شابت لحاهم في عمر الطلب ..واحدودبت ظهورهم من طول الكبّ على القراطيس والكتب .. فيجد نفسه مُساقا إلى علوم وإن كانت طعمٌ للكبار فهي سمّ للصغار ومن هنا يبدأ الخلل ..!!

أو ماضيا حيرانا ولكن لا أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا إذ قد عمّت بها البلوى وثقلت بها الشكوى ..فليس لها من دون الله كاشفة ..والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل ..
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ..والسلام.

وجزاك خيرا مثله وأكثر منه
ما تفضلت بإضافته أختي الكريمة صحيح لا شك فيه.
وشدة المنازعة بين الشيوخ تفطر القلوب. وهذا شيء ورثناه من قديم للأسف ولا أمل بزواله سريعا. بل المشتغلون بالعلم ـ ولا أقول العلماء ـ هم الآن أكثر تنازعا وانقساما قلوبا وأبدانا وألسنة.
وطالب العلم المستجد إما أن ينفر من العلم كله إزاء ذلك، وإما أن ينخرط في الولاءات والعداء ويضيع شطرا كبيرا من عمره في تتبع المسائل الطبوليات والرد والرد على الرد والرد على رد الرد، فيكتشف في النهاية، إذا رزقه الله عقلا وورعا، أنه لم يحصل إلا قليلا من العلم وكثيرا من التعصب، دون تمكن في أدوات وزن الآراء من لغة، وتمكن في أصول الفقه (لا تقليد)، وعلم الحديث.
فالله المستعان.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

إني لحظت في نتائج البحث لربما ما يخالف ما كتب في ردكم هذا الذي اقتبسته حيث قلتم بارك الله فيكم:

ب) عمل المؤسسات التعليمية الدينية والأوقاف على تصيُّد أذكياء الطلبة في مراحل مبكّرة من أعمارهم، وتبنيهم وتشجيعهم وذويهم مادّياً ومعنوياً للالتحاق بسلك الدراسات الدينية.
ج) توفير الدول وظائف مجزية لخريجي الدراسات الدينية تنافس تلك التي تُخصّص لخريجي العلوم الدنيوية أو أفضل منها، وذلك لزيادة إقبال أذكياء الطلبة على هذه التخصُّصات.

وهو ذاته أصل المشكلة وسبب الخلل فيها كما سبق وأن ذكرتم وأكدتم عليه لأنّ علما لم يطلب لله لن ينفع الله به إلا إذا صحح صاحبه نيته وما أحوجنا لمراجعة النيات وتصويبها والله المستعان.
أختي أم هبة الله جزاك الله خيرا على هذه الملاحظة، وهي في مكانها، ولكني أجبت عنها في البحث عند الكلام على السبب الأول فانظري الجواب هناك، وهو اجتهاد مني قد نضعه هنا للنقاش.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

جزاك الله خيرا وأحسن الله إليك
ولقد حملت البحث وطبعت منه نسخة لنفسي.. وإن أذنت -نفع الله بك- فإني أريد أن أستنسخ منه نسخا لأعطيها بعض من أعرف من المدرسين وطلبة العلم ليستفيدوا منها ولعلهم يسهمون في تغيير مسار التعليم الديني بما يحقق الأهداف المرجوة في البحث.. وبارك الله بك
وجزاكم خيرا بارك فيكم وأحسن إليكم.
أخي الكريم استنسخ منه ما تشاء وإذا شئت حذف اسمي عنه فلك ذلك. المهم أن تصل الأفكار وتلقى صدى يدعو إلى الحوار وإن لم تلق ترحيبا.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

رابط البحث كاملا ليس بشغال الرجاء التأكد منه وبارك الله فيكم
هل ما زلت غير قادر على تنزيل البحث؟

 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

د. أيمن
صباح طيب مبارك ابتداء
تلطفتم بالذكر بأن من أسباب الضعف هو المناهج وطرق التدريس، وهذا ما أكده مؤتمر تدريس الفقه الذي عقد في جامعة الزرقاء، وندوة تدريس الفقه في المغرب، وندوة تدريس العلوم الشرعية في الهند
السؤال المطروح في هذا المقام، هل من نماذج تطبيقية عملية في توظيف طرق حديثة في تدريس مساقات الفقه الإسلامي وأصوله.
حاولت ان أقدم بعض النماج التطبيقية

استراتيجية دمج مهارات التفكير في تدريس مساق الأحوال الشخصية في كليات الشريعة في الجامعات من خلال توظيف أوراق العمل تطبيقات عمليةً
http://saaid.net/book/open.php?cat=4&book=12092

تدريس مساقات الفقه الإسلامي في الجامعات وفق استراتيجية الرحلة المعرفية مساق الأحوال الشخصية أنموذجاً
http://saaid.net/book/open.php?cat=4&book=12085

تدريس الفقه الإسلامي وأصوله في الجامعات وفقا لاستراتيجيات تربوية حديثة
http://saaid.net/book/open.php?cat=83&book=4769

مع خالص الشكر
بارك الله فيك يا د. حمزة وأسعدني مروركم.
اطلعت على أبحاثكم وهي قيمة ماتعة، لكن ما فيها يعمل ضمن الإطار الغربي الدنيوي نفسه ولا يمس جذور المشكلة. أي أنها على خير ما جاء فيها عمليات ترقيعية في ثوب مهترئ.
والأساليب الحديثة في التدريس رغم أني مقتنع بجدواها وأمارسها فعلا، من باب أن تضيئ شمعة خير من أن تلعن الظلام، لكنها في نظري قاصرة عن إحداث الإصلاح المنشود.
هذا على فرض أن يطبقها المعلمون بحِرَفية وإخلاص لكني رأيت أن كثيرين يتحايلون عليها ويطبقونها شكليا فقط لا لشيء إلا لأغراض دنيوية كالسُّمعة والترقيات والاستجابة لمطالب الإدارات، وغير ذلك.
والله أعلم.
 
التعديل الأخير:
إنضم
30 أغسطس 2012
المشاركات
2
التخصص
صيدلة
المدينة
كركوك
المذهب الفقهي
حنبلي-شافعي
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

جزاك الله خيرا
 

فاتن حداد

:: متخصص ::
إنضم
14 يوليو 2009
المشاركات
553
الجنس
أنثى
الكنية
أصولية حنفية
التخصص
الفقه وأصوله
الدولة
الأردن
المدينة
إربد
المذهب الفقهي
المذهب الحنفي
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

الموضوع مهم ولامس جرحاً أشكو منه مذ قررت التوجه للتخصص في أصول الفقه على منهج مدرسة الحنفية تحديدا..

الدراسة الجامعية في الماجستير والدكتوراه لا تسأل الطالب أن يحدد اتجاهه وتخصصه الدقيق، ثم توفر له من المواد الجامعية والأساتذة ما ينسجم وميوله وطموحه وتخصصه الذي ارتضاه ..

صدقاً فكرتُ قبل فترة مطالبة إدارة الملتقى بتغيير معرفي إلى أصولية شافعية أو أن أذكرَ اسمي الصريح وانتهي من لقبٍ لم أعد أهلاً له ! !

السبب أنني في الماجستير والآن في الدكتوراه لا أدرس إلا الفقه الشافعي وأصول الشافعية .. وإذا كان مدرس المادة سلفياً حنبلياً درَّس من كتب الحنابلة .. أستاذي الحنفي الفقيه لم ألقه منذ أن أنهيتُ الماجستير، وأستاذي الحنفي الأصولي لا أستطيع استكمال إشرافه على تكويني العلمي بسبب الضغط الهائل للمواد وأبحاثها وواجباتها وامتحاناتها المرهقة .. هذا وأنا لا أدرس إلا مادتين فصلياً بما يعادل = ست ساعات فقط !!

ولا أعرف غيرهما ، بل لا أستطيع التواصل مع غيرهما .. ضغط المواد وتكاليفها مرهق جدا تآكلت معه معارفي الحنفية ، وضيعتْ تعب سنين ..

أنا الآن لا أتقن كتب الحنفية ولا أطالعها إلا من باب عرض الخلاف والرأي الآخر !! أي ما كان على خلاف مدرسة الشافعية طبعاً !! ونسيت كثيراً من الفروع والأصول ..

لو أنهم وفروا لنا ابتداءً مجالاتٍ فقهيةً مذهبية لكان خيرا لنا من (بعثرة) الفقه المقارن وأصول الفقه المقارن !!

نفثة مهمومة بلغ بها الضيق مبلغه !!

ومن ضغط المواد لم أستطع إلا قراءة عنوان الموضوع وشيئا غير كافٍ من البحث ، على أمل الرجوع ..
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

أختي الكريمة "أصولية حنفية".
صنعوا خيرا في الجامعة الأردنية إذ لم يفصلوا الأصول عن الفقه، على الأقل في دراسة المواد. ولو كان الأمر إلي لاشترطت أيضا اشتمال الرسائل الأصولية على جانبين أصولي وفقهي تطبيقي.
الدارس للأصول دون إسقاطات فقهية كالذي يسبح في الفضاء، والدارس للفقه دون أصول كالغائص في المحيط دون عدة غوص.
ثم إني لا أنصحك باتجاه معين في الأصول سواء الحنفية أو الجمهور، فالأصول يختلف عن الفقه أولا لأن حجمه أقل بكثير من الفقه، وثانيا: لأنه يتنافى مع التقليد. وإذا سمحنا للمتفقه أن يقلد فالأصولي لا يسمح له بذلك، لأن الأصول العلم بعدة الاجتهاد، فإذا بنيناه على التقليد عاد ذلك على موضوعه وغايته بالإبطال، وصار الفقه حاكما على الأصول بدل أن يكون الأصول حاكما على الفقه.
والله أعلم.
 

الطيماوي

:: متابع ::
إنضم
29 فبراير 2012
المشاركات
34
التخصص
شريعة
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
قرأت الموضوع بعناية شديدة، ولخصته على النحو الآتي:


  • القراءة أهم وسائل تلقي العلم وكسبه، والكتابة أهم وسائل نقل العلم وتقييده وتعليمه.
  • المترسمين بالعلم هم: من كانت مقاصدهم في طلب العلم غير شريفة، وكانت أعمالهم غير منيفة، رغم قدراتهم العلمية، وأهليتهم للفتوى والإرشاد والوعظ والتعليم.
  • تواضع البعض فقال: نعطي "مفاتيح العلم"، ولم يصدقوا لأنهم لم ينزعوا منه قصد التوسل بالعلم إلى الشهادة والوظيفة، ومن طلب العلم لهذا الغرض قل أن يفلح.
  • التخصصات الدينية في ذيل البرامج في أكثر الجامعات النظامية، حتى إنه لا يلتحق بها في الأعم الأعظم إلا "النطيحة" و "المتردية" و "ما أكل السبع" ممن لم يجدوا بابا مفتوحا لقبولهم إلا بابها.
  • لو طلبنا الناجحين حقيقة الذين يمكنهم القيام بوظيفة التعليم لم يكونوا أكثر من واحد في الألف إن كثر عددهم.
  • مناهج الإصلاح في التعليم الديني في الأعصار الأخيره حتى عصرنا هذا لم تؤت في واقع التطبيق أكلها المنشودة.
  • غاية تطبيق الأفكار الغربية على التعليم الدنيوي: العلم لأجل العلم ذاته بغض النظر عن ثمرته، والعلم لأجل النفع المادي، والمصلحة الدنيويه.
  • كل علم شرعي فطلب الشارع له إنما يكون من حيث هو وسيلة إلى التعبد به لله تعالى، لا من جهة أخرى.
  • إمارة النجابة طلب العلم للعمل به.
  • من تعلم علماً للاحتراف لم يأت عالما إنما جاء شبيها بالعلماء.
  • لا يزور العلم قلباً مشغولاً بترقب المناصب، وحساب الرواتب، وسوق الآمال وراء الأموال.
  • صار الأساتذة إلا قليلاً يعتبرون أنفسهم باعة للعلم، فاشتد لذلك التحاسد والتباغض والتنافس بينهم، كالذي يكون بين الباعة وأهل السوق، فقل الانتفاع بهم، ولو أن حملة العلم أخذوه بحقه وما ينبغي لأحبهم الله وملائكته والصالحون ولهابهم الناس.
  • كان طلبة العلم في الزمان الأول يفوضون أمرهم في التعلم إلى أساتذتهم، وكانوا يصلون إلى مقصودهم ومرادهم، والآن يختارون بأنفسهم، فلا يحصل مقصودهم من العلم والفقه.
  • بئس المسلك تهجين القول ونبذه بسبب جنس قائله أو مذهبه، دون نظر إلى ما نهض عليه من أدلة، فالحق لا يعرف بالرجال، وإنما يعرف الرجال بالحق.
  • لن يصلح المسلمون حتى يصلح علماؤهم، ولن يصلح العلماء إلا إذا صلح تعليمهم، ولن يصلح هذا التعليم إلا إذا رجعنا به للتعليم النبوي "إنما بعثت معلماً" فماذا كان يعلم، وكيف كان يعلم؟
  • السبب الأول في الضعف: قلة إقبال الأذكياء على تعلم العلوم الشرعية.
    • الخامة الضعيفة لا بد أن يصدر عنها منتج ضعيف مهما بلغ الصانع ممن الكفاءة والحرفية، ومهما استعمل من طرائق وأدوات متقدمة ومتقنة وناجعة، فكيف إذا كان الصانع نفسه، منتجاً سابقاً من هذه الخامة الضعيفة. فكيف إذا انضم إلى ذلك عدم الرغبة في تعلم العلم الديني ابتداء، بل دفعوا إليه دفعاً لأسباب مختلفة منها: سهولة التخصص، ورغبة الأهل، ومسايرة الأصحاب، والمستقبل المادي.
    • نشر العلم عند من ليس من أهله مفسد لهم، ولا آفة على العلوم وأهلها أضر منهم فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون. وقد حكي عن بعض الأمم السالفة أنهم كانوا يختبرون المتعلم مدة في أخلاقه فإن وجدوا فيه خلقاً ردياً منعوه التعلم أشد المنع؛ لئلا يصير العلم آلة شر في حقه.
  • العلاج والدواء: العلاج عسير لارتباطه بسياسة الدول، والناس على دين ملوكهم، فلا بد من دعمها لطلاب العلم الديني، ويقدح فيه عدم الإخلاص، والجواب: طلبنا العلم لغير الله فأبى الله إلا أن يكون له. فإن لم تتصوب النية تحقق حصول الأهلية العلمية، ووقع ضرر سوء القصد على صاحبه؛ لأن هذا الدين يؤيد بالرجل الفاجر. ومن الحل: حث أهل الخير على تخصيص وقف خاص لإعداد العلماء.
  • السبب الثاني: ضعف مناهج التعليم وطرق التدريس، وذكر الأقدمون "المعلم الحاذق" شرطاً في تمكن الطالب من العلم.
    • العيب الأول: ضعف الاهتمام بالوحي حفظاً وتدبراً قال ابن حجر: "أولى ما صرفت فيه نفائس الأيام الاشتغال بالعلوم الشرعية، ولا يرتاب عاقل أن مدارها على كتاب الله المقتفى، وسنة نبيه المصطفى. ويقدم القرآن لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة". وإنما يرفع العلم حين يقبل الناس على الكتب، ويكبون عليها، ويتركون الوحي، وأول العلم حفظ كتاب الله، وتفهمه، ولا يشتغل عنه بغيره اشتغالا يؤدي إلى نسيان شيء منه، أو تعريضه للنسيان. ويكون العلاج: بتخصيص سنة كاملة من السنوات الأربع لتعلم القرآن والانكباب عليه، حفظاً وفهماً، دون خلط ذلك بغيره من العلوم.
    • العيب الثاني: تزاحم العلوم: لأن دراسة علوم مختلفة في آن واحد، مما حذر منه تراثنا التربوي، قال الزهري: "لا تأخذ العلم جملة، فإن من رام ذلك ذهب عنه جملة، ولكن الشيء بعد الشيء مع الليالي والأيام"، وقال الشافعي: "ولا تخرجهم من علم إلى غيره حتى يحكموه، فإن ازدحام الكلام في السمع مضلة للفهم". وطريقة احكامه أن يقسم العلم إلى قسمين، أصول، وفروع، ويمتحن في كليهما. قال ابن باديس: "فهم قواعد العلم وتطبيقاتها حتى تحصل ملكة استعمالها هو المقصود من الدرس على الشيوخ (الأصول)، وأما توسيع دائرة الفهم والاطلاع فإنما يتوصل إليها الطالب بنفسه بمطالعته للكتب (الفروع)".
    • العيب الثالث: اهمال التدرج، إذ محتوى هذه المقررات يكون في الغالب كتاباً واحداً من المستوى المتوسط غالباً، يجري توزيعه على عدة أقسام، مغفلين بذلك تقديم كليات العلم وأساسياته في التعلم، على جزئياته، فالمعهود عند أهل أي علم من العلوم، تقسيم الكتب إلى ثلاث مراتب: وجيزة، ومتوسطة، وموسعة، لأن الوجيز يعطي تصور كلي للعلم الذي يدرسه الطالب، ثم يترقى مع بعض التوسع، فـ"طلب العلم درجات ومناقل ورتب، لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف". "ووجه التعليم المفيد إنما يحصل في ثلاثة تكرارات".
    • العيب الرابع: اعتماد أسلوب التلقين أكثر الوقت؛ لأن دمج الطالب في عملية التعلم أكثر جدوى، وأعظم ثمرة، من حيث الاستيعاب، والقدرة على الاسترجاع.
    • العيب الخامس: التركيز على الحفظ على حساب المهارات العقلية الأعلى، وليس هذا تقليل من أهمية الحفظ، وقد قال الله فيه: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) فذكر بأنه في صدور العلماء لا في صحفهم، لكنه سبحانه هو القائل أيضاً: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته)، وقال علي رضي الله عنه: "لا خير في عبادة ليس فيها تفقه، ولا علم ليس فيه تفهم، ولا قراءة ليس فيا تدبر"، والعلاج: قصر الحفظ على اللب دون القشر، وعلى النص الشرعي دون الرأي، وعلى الأصول دون الفروع، وعلوم الغايات دون علوم الآلات، ومن ذلك القرآن الكريم، وأشرف الحديث وأشهره، وقواعد الفقه، ورؤوس مسائله الكبرى دون فروعها.
    • العيب السادس: خلو أكثر المقررات من محتوى روحي، لقوله تعالى (ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة)، فالتزكية تنقية والتعليم تحلية، والتزكية طهارة، والتعليم عمارة، والتزكية تهيئة والتعليم تنئشه، والتزكية إخلاء، والتعليم بناء. وقد قال مالك للشافعي: "إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً، فلا تطفئه بظلمة المعصية"، والعلاج فيما قاله ابن الجوزي: "رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب إلا أن يمزج بالرقائق، والنظر في سير السلف الصالحين".

 

الطيماوي

:: متابع ::
إنضم
29 فبراير 2012
المشاركات
34
التخصص
شريعة
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
قرأت الموضوع بعناية شديدة، ولخصته على النحو الآتي:
والآن نأتي للمناقشة:
أعجبني في البحث:
- الوقوف الحقيقي على ركني الضغف، وجناحاه، رغم كثرة أسبابه، فاختزال الأسباب كلها في سببين فقط، من أورع ما قرأت في تحليل هذه المشلكة، وينم عن معرفة كبيرة، واهتمام واسع في هذا الباب، وإن كنت أتمنى ممن شارك في المؤتمر أن يجود علينا بأبحاثه لقراءتها، أو تجود جامعة قطر بكتاب المؤتمر ولو نسخة الكترونية منه.

- طرح طرق علاج، وإن كانت جزئية، ومنها الآتي:
* تصيد أذكياء الطلبة في مراحل مبكرة، مع حث أهل الخير على تخصيص وقف خاص لإعداد العلماء.
* تخصيص سنة كاملة من السنوات الأربع لتعلم القرآن والانكباب عليه، دون خلط ذلك بغيره من العلوم.
* تصميم المقررات في العلم الواحد على ثلاثة مستويات: مبتدئ ومتوسط ومتقدم.
* التقليل من أسلوب التلقين ما أمكن في التدريس ودمج الطالب في العملية التعليمية.
* قصر المطالبة في المقررات على نصوص الوحي، والأصول، دون الإعراق في التفاصيل والفروع.
* التركيز على الارتقاء الروحي والخلقي بالمتعلم.
 

الطيماوي

:: متابع ::
إنضم
29 فبراير 2012
المشاركات
34
التخصص
شريعة
المدينة
غزة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

والآن نأتي للمناقشة:
أعجبني في البحث:
.
والآن ننتقل إلى (لم يعجبني في هذا البحث، وأقترح):
لم يعجبني أنه رغم ما ذكرته من مميزات أصابته نفس العلة التي أصابت ما سبقه، من بحوث، والتي وصفها الباحث بقوله: مناهج الإصلاح في التعليم الديني في الأعصار الأخيره حتى عصرنا هذا لم تؤت في واقع التطبيق أكلها المنشودة.
فهذه الحلول كلها عند واقع التطبيق، لن تطبق لفساد نية القائمين على تلك الجامعات وطلبهم الدنيا فيها، كما فسدت نيات الطلاب من قبل، (إذا كان رب البيت للدف ضارباً، فشيمة أهل البيت كلهم الرقص) ومن ثم لن تؤتي أكلها المنشود، وستبقى حبر على ورق، وما يقال في حق إدارة الجامعات، يقال أكثر منه في حق الوزارات، ورؤساء الدول.

والعلاج في رأيي في مرحتلين عمليتين:
1- إنشاء معاهد دينية وفق المميزات التي ذكرها الكاتب، وسيكتب لها النجاح لسببين:
أ- تحقق الإخلاص فيها من قبل الطرفين الإدارة، والطلاب، وهذا من أكبر الأسباب في توفير الدعم المالي لها(1) من قبل الخيرين من أصحاب الأموال، مع قلة تكاليفها المالية لوجود الحسبة في العمل كله من قبل الإدارة والمعلمين من جانب، والطلاب من جانب آخر.
ب- أنها لن تعيق طالب العلم عن الالتحاق بجامعات الوطن بكل عيوبها المذكوره، والتي يهدف منها تحصيل النفع المادي (وظيفة)(2)، ولن يلقى طالب العلم معارضة من أهله كذلك. أما عن كيفية عمل هذه المعاهد، وكيفية الانتقاء للمحاضرين والطلاب، وتوزيع المساقات الدراسة فيها، فتنظر هذه التجربة في بلادنا غزة بفلسطين كمثال:
https://www.youtube.com/watch?v=68-96c7UHmI

2- الاستكثار من هذه المعاهد، من خلال الترقي بنوايا (الإداراة وطلاب العلم)، و(الخيرين في كل بلد)، للعناية بها،لتصبح البديل الحقيقي على أرض الواقع للجامعات، ومن ثم اندثار الجامعات بصورتها التي تعرف بها الآن، أو إجبارها على أقل تقدير بتصحيح مسارها على أرض الواقع، مما يؤدي إلى انتهاء طلب العلم من أجل الاحتراف به (الوظيفة)، والعودة بالعلم كما كان الرعيل الأول، فيشتغل الواحد منهم بالتجارة، أو الصناعة، أو الزراعة، لكسب قوته وقوت عياله، ثم يجلس في مجالس العلم (أي معاهده) مخلصا لله في طلبه، فيحصل الانتفاع له وبه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من تجربتي الشخصية في هذا الباب: عملت سابقا لمدة تزيد على خمس سنوات محاضراً، ولمست ما فيها مما ذكر شيخنا الدكتور، وقدر الله لي تركها، والانتقال إلى عمل إداري كمشرف بمكتبة إحداها، وبذلك توفر عندي المال، والوقت، فعمدت إلى مجموعة من طلبة العلم (وما أكثرهم في مساجدنا، وأحيائنا) ممن يدرسون في الجامعة التي أعمل بها، وغالبهم في السنة الأولى منها، فاجتمعت بهم في بيتي، في غرفة الضيوف، واقترحت عليهم كبداية أن نقرأ في مختصر صحيح البخاري، وما كنت أحسب أن الأمر سينجح خاصة وأنهم ملتحقون بجامعات نظامية، لكني عجبت من التزامهم، وحبهم للدرس، وكان موعده يوم واحد فقط في الاسبوع، وبعد 7 سنوات تم الانتهاء من الكتاب، مما فتح علي فكرة جديدة طرحتها هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=346137
والعجيب أنه بحمد الله توفر ثلثا المبلغ، من شخص في نهاية مجلس السماع، ثم تواصل آخر بتوفير المبلغ كله، بل عجبي أن الطلاب أنفسهم اقترحوا أن يشاركوا في تكاليف المعهد بقليل مصروفهم، ورواتب أبنائهم لمن يعمل منهم، بل واحتسب بعضهم العمل معنا على فتح مشروع صغير يمول الدار بدون الحاجة للمحسنين من أهل الخير، وقد بدأ التخطيط له، ودراسة جدواه، وكل هذا في ظل الحصار الخانق الذي تحياه غزة، والاحتلال الهمجي من يهود عليها
ولن يقتصر الدرس على يوم واحد في الاسبوع بل سيصبح معهدا كاملا، يتم التدريس فيه بشكل يومي، وسيتخصص بتدريس كل علم فيه شيخ تتوفر فيه الصفات التي ذكرها الشيخ الدكتور في بحثه، وكل ذلك حسبة لله بدون أجر. علما بأن الطلاب السابقين منهم من زال طالبا، ومنهم من تخرج وعمل في مجال تخصصه (لغة انجليزية، هندسة الكترونية، لغة عربية)، ومنهم من يعمل بالتجارة، ومنهم من يعمل بالصناعة، ومنهم الذي ما زال صغيرا في السن في أوائل الدراسة الجامعية، ومنهم من لديه ثلاثة أبناء، ومنهم من هو في الأربعين من العمر كشاكلتي.
(2) وهنا يطرح سؤال عن كيفية التوفيق بين الدراسة الشرعية في هذه المعاهد، وبين الدراسة النظامية في الجامعات، وهذا السؤال أجابني عليه شيخي الدكتور نزار ريان تقبله الله لما سألته عن سعة علمه وتمايزه عن كل أقرانه من أساتذتنا، فكان رحمه الله ممن فتح الله عليهم، فقال إن زرتي يوما في مكتبتي أخبرتك، فزرته فيها، فقال: أترى هذه المكتبة، أعرف أغلب ما فيها (على اتساعها)، ثم تكلم بكلمة صعقتني، فقال: قرأتها في البكالوريوس، قلت: كيف، فقال: كم ساعة تحتاج للقراءة الجامعة النظامية، قلت ساعه أو ساعتين، قال: فماذا تفعل بقية اليوم؟ وقد فرغك أهلك من كل شيء إلا لطلب العلم!
أما أنا فانشغلت بطلب العلم بقية اليوم، فأصبحت على ما ترى.
 

د. أيمن علي صالح

:: متخصص ::
إنضم
13 فبراير 2010
المشاركات
1,023
الكنية
أبو علي
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
عمان
المذهب الفقهي
الشافعي - بشكل عام
رد: ضعف خرّيجي كلّيات الدّراسات الشّرعية: أهمّ الأسباب، والحلولُ الممكنة، في ضوء أدبيّات التعليم في تراثنا التربوي

جميل جدا أخي الطيماوي. أشد على أيديكم وأبارك لكم خطواتكم وأسأل الله تعاالى أن ييسر لكم الخير وأهله.هذا حل جذري ولربما كان أفضل من الحلول الترقيعية التي نحاول عرضها.لكن لابد أن نتابع تجربتكم حتى نرى مدى النجاح والقابلية للتطبيق في أماكن أخرى.
 
أعلى