العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مسائل فقهية نحوية

صلاح الدين

:: متخصص ::
إنضم
6 ديسمبر 2008
المشاركات
713
الإقامة
القاهرة
الجنس
ذكر
الكنية
الدكتور. سيد عنتر
التخصص
أصول الفقه
الدولة
مصر
المدينة
القاهرة
المذهب الفقهي
المذهب الحنفي
قال ابن الهمام: "في المغني لابن هشام نقلا عن بعض التواريخ أن الرشيد كتب إلى أبي يوسف: ما قول القاضي الإمام فيمن قال لامرأته:
فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن ... وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم
فأنت طلاق والطلاق عزيمة ... ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم
فقال أبو يوسف: هذه مسألة نحوية فقهية لا آمن الغلط فيها، فأتى الكسائي فسأله، فأجاب عنها بما سنذكره وهو بعد كونه غلطا بعيد عن معرفة مقام الاجتهاد، فإن من شرطه معرفة العربية وأساليبها لأن الاجتهاد يقع في الأدلة السمعية العربية.
والذي نقله أهل الثبت من هذه المسألة عمن قرأ الفتوى حين وصلت خلاف هذا، وأن المرسل بها الكسائي إلى محمد بن الحسن ولا دخل لأبي يوسف أصلا ولا للرشيد، ولمقام أبي يوسف أجل من أن يحتاج في مثل هذا التركيب مع إمامته واجتهاده وبراعته في التصرفات من مقتضيات الألفاظ.
ففي المبسوط: ذكر ابن سماعة أن الكسائي بعث إلى محمد بفتوى فدفعها إلي فقرأتها عليه فقال: ما قول قاضي القضاة الإمام فيمن قال لامرأته:
فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن ... وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم
فأنت طلاق والطلاق عزيمة ... ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم
فما يقع عليه؟
فكتب في جوابه، إن قال: ثلاث مرفوعا يقع واحدة، وإن قال: ثلاثا منصوبا يقع ثلاث، لأنه إذا ذكره مرفوعا كان ابتداء حال فيبقى قوله أنت طلاق فيقع واحدة، وإذا قال: ثلاثا منصوبا على معنى البدل أو التفسير فيقع به ثلاث كأنه قال: أنت طالق ثلاثا والطلاق عزيمة، لأن الثلاث تفسير لما وقع، فاستحسن الكسائي جوابه. ثم قال الشيخ جمال الدين بن هشام بعد الجواب المذكور: الصواب أن كلا من الرفع والنصب يحتمل وقوع الثلاث والواحدة، أما الرفع فلأن أل في الطلاق إما لمجاز الجنس نحو زيد الرجل: أي المعتد به.
وإما للعهد الذكري: أي وهذا الطلاق المذكور عزيمة ثلاث ولا يكون للجنس الحقيقي لئلا يلزم الإخبار بالخاص عن العام وهو ممتنع، إذ ليس كل طلاق عزيمة ثلاث، فعلى العهدية يقع الثلاث. وعلى الجنسية واحدة.
وأما النصب فيحتمل كونه على المفعول المطلق فيقع الثلاث، إذ المعنى حينئذ فأنت طالق ثلاثا ثم اعترض بينهما بالجملة. وكونه حالا من الضمير في عزيمة فلا يلزم وقوع الثلاث لأن المعنى: والطلاق عزيمة إذا كان ثلاثا، فإنما يقع ما نواه هذا ما يقتضيه اللفظ، وأما الذي أراده الشاعر فالثلاث لأنه قال بعده
فبيني بها إن كنت غير رفيقة ... وما لامرئ بعد الثلاث مقدم
انتهى.
وتخرقي بضم الراء مضارع خرق بكسرها والخرق بالضم الاسم وهو ضد الرفق، ولا يخفى أن الظاهر في النصب كونه على المفعول المطلق نيابة عن المصدر لقلة الفائدة في إرادة أن الطلاق عزيمة إن كان ثلاثا، وأما الرفع فلامتناع الجنس الحقيقي كما ذكر. بقي أن يراد مجاز الجنس فيقع واحدة أو العهد الذكري وهو أظهر الاحتمالين فيقع الثلاث ولهذا ظهر من الشاعر أنه أراده كما أفاده البيت الأخير، فجواب محمد بناء على ما هو الظاهر كما يجب في مثله من حمل اللفظ على الظاهر وعدم الالتفات إلى الاحتمال
 
أعلى