العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

حصري منهج شمس الأئمة السرخسي في الاستحسان

إنضم
8 أبريل 2012
المشاركات
60
الكنية
كلية الامام الاعظم الجامعة
التخصص
أصول فقه
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
مالكي
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الخوض في تراث الأئمة السابقين فيه من الصعوبة التي لا يمكن أن يختلف فيها اثنان ، وذلك لطبيعة الصياغة التي صيغة فيها المادة العلمية ، وكذلك بسبب المنهجية التي تُكتب فيها المادة العلمية ؛ لأن الناظر في المدونات القديمة لن يجد القضايا المبحوثة فيها مرتبة كما هي الآن .
أضف إلى ذلك منهج الحنفية في التأصيل ، فهم قد اختلفوا عن باقي المدارس الأصولية من حيث التأصيل والتفريع.
لذلك فالباحث تعتريه هذه الصعوبات اثناء كتابته لمنهج أحد أئمة الحنفية ، ولو كان البحث صغيراً .
وحين تصفحي لمبحث الإستحسان عند الإمام أبي بكر السرخسي ، وجدت هذه السمات ـ السابقة ـ تنطبق على مدونته الأصولية ـ أصول السرخسي ـ .
ورغم أن الإمام السرخسي من أهل القرن الخامس ، إلا أن المدونات الأصولية للمدرسة الحنفية لم تتخلص من منهجية التفريع لبناء التأصيل لأصولهم .
وهذا الأمر كان بالنسبة لي أثناء النظرة الأولى لمادة البحث ، بأن المادة غير مترابطة وفيها من التقديم والتأخير لعدة محاور حين مناقشته لكثير من قضايا المتعلة بالاستحسان وغيرها .
أسباب أختيار الموضوع :
تعددت الأسباب التي جعلتني أختار هذا العنوان :
1. محاولة النظر في منهجية الأئمة السابقين في مدوناتهم الأصولية ، للإطلاع على منهجيتهم في عرض مواضيعهم .
2. محاولة تطوير القدرة من خلال النظر في المدونات الأصولية الحنفية ، التي يصعب استخراج المادة منها بسهولة .
3. الكشف عن منهجية الإمام السرخسي في دليل الاستحسان الحنفي ، الذي يُعد من مفخرة الاسلام التي تحتاج مدونته إلى إحياء آرائه التي تكون خير معين لترفدنا في واقعنا المعاصر .
وقد قسمت البحث إلى مبحثين :
المبحث الأول : التعريف بالامام السرخسي
المطلب الأول : نسبه وبلده ومولده
المطلب الثاني : الحياة العلمية
المبحث الثاني : منهج الإمام السرخسي في الاستحسان
المطلب الأول : تعريف الاستحسان
المطلب الثاني : منهج الإمام السرخسي في الاستحسان




المبحث الأول : التعريف بالامام السرخسي
المطلب الأول : نسبه وبلده ومولده
مما آسف له أنني لم أجد فيما بين يدي من كتب التراجم والسير كتابة موسّعة عن هذا العالم الجليل رغم الاعتراف بعلمه وفضله في الكتب التي أوردت شيئا يسيراً عنه ، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جلّه ، فنورد نبذة يسيرة عن هذا العَلَم .
اسمه نسبه([1]) :
أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السَّرَخْسِي - رحمه الله - نسبة إلى سَرَخْس بفتح السين والراء بلد عظيم بخرسان([2])
بلده([3])
: سَرَخْس - بفتح السين والراء - وهي مدينة قديمة بين مَرْو ونيسابور، وسَرَخْس اسم رجل من الذعار في زمن كيكاوس سكن هذا الموضع وعمّره وأتمّ بناءه ذو القرنين ، فتحها عبد الله بن حازم السلمي الأمير من جهة عبد الله بن عامر بن كربز زمن عثمان بن عفان ( (t([4]) .
مولده ونشأته :
ولد في سرخس ، وانتقل إلى أوزكند وهي بلدة في ما وراء النهر من نواحي فرغانة وانتقل إلى بلاط خاقانها لكنه ما لبث أن ألقي به في السجن سنة 466هـ لأنه أفتى بأن زواج الخاقان بعتيقته قبل أن تمضي عدّتها حرام فقضى في السجن 15 عاماً وفي السجن أملى المبسوط في خمسة عشر مجلدا وأملى شرح السير الكبير للشيباني في مجلّدين فلما بلغ كتاب الشروط أطلق سراحه فذهب إلى مرغينان في ربيع الأوّل سنة 480هـ وأتم شرح السير الكبير في جمادى الأولى من السنة نفسها .


المطلب الثاني : الحياة العلمية
شيوخـه :
لزم شمس الأئمة أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني ، وكان إماما فاضلا فقيها أصوليا مناظرا يتوقّد ذكاء لزم شمس الأئمة وتخرج به حتى صار في النظر فرد زمانه وواحد أقرانه وأخذ في التصنيف والتعليق وناظر وشاع ذكر ([5])
تلاميذه :
لم أجد من أسماء تلامذته إلاّ أبو بكر محمد بن إبراهيم الحصيري المتوفى سنة 500هـ([6]) ، وأبو عمرو عثمان بن على بن محمد بن علي البيكندي ، ولد ببخارا في شوال سنة 465هـ ، وتوفي في شوال سنة 552هـ([7]) ، وأبو حفص عمر بن حبيب.([8])


مكانته العلمية :
وصفه صاحب " الجواهر المضيئة " بأنه : تكرر ذكره في الهداية ، احد الفحول الأئمة الكبار ، من أصحاب الفنون ، كان إماماً علامة حجة ، متكلماً ، فقيهاً ، أصولياً ، مناظراً .
أخذ في التصنيف ، وناظر الأقران فظهر اسمه وشاع خبره ([9])
حكي عنه أنه كان جالساً في حلقة الاشتغال فقيل له حكي عن الشافعي – رحمه الله – أنه كان يحفظ ثلاثمائة كرّاس فقال حفظ الشافعي ذكّاة ما أحفظ فحسب ما حفظه فكان اثني عشر ألف كرّاس([10]) .
عده ابن كمال باشا من المجتهدين في المسائل([11])
محنته : بسبب كلمة كان فيها من الناصحين سالكا فيها طريق الراسخين لتكون له ذخراً إلى يوم الدين ألقي به في السجن سنة 466هـ ، لأنه أفتى بأن زواج الخاقان بعتيقته قبل أن تمضي عدّتها حرام فقضى في السجن خمسة عشر عاماً وفي السجن أملى المبسوط في خمسة عشر مجلدا وأملى شرح السير الكبير للشيباني في مجلّدين فلما بلغ كتاب الشروط أطلق سراحه فذهب إلى مرغينان في ربيع الأوّل سنة 480هـ وأتم شرح السير الكبير في جمادى الأولى من السنة نفسها .([12])
قال في المبسوط عند فراغه من شرح العبادات هذا آخر شرح العبادات بأوضح المعاني ، وأوجز العبارات ، إملاء المحبوس عن الجمعة والجماعات([13]).
وقال في آخر كتاب الطلاق ، هذا آخر كتاب الطلاق المؤثر من المعاني الدقاق، أملاه المحبوس عن الانطلاق المبتلى بوحشة الفراق ، مصليا على صاحب البراق ، (صلى الله عليه وآله وصحبه أهل الخير، والساق ، صلاة تتضاعف وتدوم إلى يوم التلاق ، كتبه العبد البريء من النفاق([14])
وقال في آخر كتاب المكاتب : قال شمس الأئمة الزاهد انتهى كتاب المكاتب باملاء المحصور المعاتب والمحبوس المعاقب ، وهو منذ حولين على الصبر مواظب ، وللنجاة بلطيف صنع الله مراقب ، والحمد لله وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ([15])
مصنفاته ([16]):
1. المبسوط في الفقه في نحو خمسة عشر مجلدا ،إملاء من خاطرته من غير مطالعة كتاب ولا مراجعة تعليق .
2. كتاب في أصول الفقه جزآن ضخمان ، ( مطبوع) .
3. شرح السير الكبير في جزأين ضخمين ، أملاهما وهو مسجون في الجب فلما وصل إلى باب الشروط حصل الفرج، فأطلق فخرج في آخر عمره فأكمل إملاءه بعد خروجه،( وهو مطبوع ) .
4. شرح مختصر الطحاوية
5. شرح الجامع الصغير للأمام محمد
6. شرح الجامع الكبير للأمام محمد
7. شرح الزيادات له
8. شرح زيادات الزيادات له أيضاً
9. شرح كتاب النفقات للخصَّاف
10. شرح أدب القاضي للخصَّاف .
11. أشراط الساعة
12. الفوائد الفقهية
13. كتاب الحيض .
وفـاتـه:
توفي رحمه الله سنة 490هـ([17])، كم وقيل سنة 483هـ([18])، و الله أعلم .






المبحث الثاني : منهج الإمام السرخسي في الاستحسان
المطلب الأول : تعريف الاستحسان
الفرع الأول : الاستحسان في اللغة :
الحُسْنُ في اللغة ضد القبح ، وهو المعنى الذي تدور عليه مادة (حسن) في أغلب المعاجم ، وهو محمول ـ في الأصل ـ عند ابن فارس على معنى الجمال الحسي دون المعنوي . قال : ( الحاء والسين والنون ؛ أصل واحد ، فالحسن ضد القبح ، يقال رجل حسن ، وامرأة حسناء ، وحُسَّانة ... والمحاسن من الإنسان وغيره : ضد المساوئ )([19]) .
بينما جعله الراغب الأصفهاني على ثلاثة أضرب قال : ( الحسن عبارة عن كل مبهج مرغوب فيه ، وذلك ثلاثة أضرب : مستحسن من جهة العقل ، ومستحسن من جهة الهوى ، ومستحسن من جهة الحس)([20]) .
من خلال عرض الإمام الراغب لمادة (حسن) نجد ان تقدير الحسن يتنوع إلى قضايا مختلفة ، فقسم لا يدرك إلا بالعقل فيحتاج إلى إعمال فكر لكي يدرك حُسنه ، وهذا ما يندرج تحته مفهوم الاستحسان .
أما الآخران فلا دخل للاستحسان فيهما ، إذ ضرب تابع لأهواء الناس وميولهم ، ولا يمكن أن نحصر الحسن في شخص ، فالناس طرائق قددا في هذا ، والأخير يرجع إلى الأمور الحسية التي تدرك بالحواس .
وقال ابن منظور : (الحسن ضد القبح ونقيضه ... ويستحسن الشيء : أي يعده حسناً )([21]) .
ولعل الأصل في مادة (حسن) ما ذهب إليه ابن فارس ، أي الجمال الحسي
وعليه فالاستحسان في اللغة : هو عد الشيء حسناً ، بمعنى وصفه بصفة الجمال واعتقاد ذلك فيه .
الفرع الثاني : الاستحسان في الاصطلاح :
إن الذي يريد أن يدرس مصطلح معين في مدونة علمية من تراث أئمتنا القدامى ، فلا يكفي أن ينظر في كتاب واحد من مدونته ، بل يجب عليه ان يقلب صفحات متعددة من مدونته لكي يستطيع ان يعطي صورة واضحة عن رأي ذلك الإمام في مسألة ما .
وهذا الأمر ينطبق على مدونة الإمام السرخسي ، فإنه وإن كانت لديه تآليف متعددة لاختصاصات متعددة ، فإنه لم يفرد للكتاب تخصص مستقل عن باقي العلوم ، فنجد في كتبه التي ذات طابع معين ، لا تخلو عن مباحث لعلوم متفرقة ، فهذا المبسوط وإن كان مدونة ضخمة للفقه الحنفي ، فإننا سرعان ما نتفاجئ بكونه حوى مبحثاً خاصاً للاستحسان([22])
الاستحسان في لسان الفقهاء على حد تعبير الإمام السرخسي يكون نوعان([23]):
الأول : ( العمل بالاجتهاد وغالب الرأي في تقدير ما جعله الشرع موكولاً إلى آرائنا، نحو المتعة المذكورة في قوله تعالى : چﯗﯘﯙﯚﯛﯜچ([24]) أوجب ذلك بحسب اليسار والعسرة وشرط أن يكون بالمعروف ، فعرفنا أن المراد ما يعرف استحسانه بغالب الرأي ...)([25]) .
الثاني : ( هو الدليل الذي يكون معارضاً للقياس الظاهر الذي تسبق إليه الأوهام([26]) قبل إتمام التأمل فيه ، وبعد إتمام التأمل في حكم الحادثة وأشباهها من الأصول )([27]) .
حين النظر إلى التعريفين السابقين يمكن ملاحظة الأمور التالية :
الأول : أن الإمام السرخسي يقرن التعريف بالمثال ، كعادة الحنفية في التفريع والتأصيل .
الثاني : إن التعريف الأول للاستحسان لا يمكن تمييز الاستحسان عن غيره من الأدلة ، وذلك لأن كل اجتهاد يحتاج إلى ما غلب إليه الرأي واطمأنت إليه النفس ولم يخالف الشريعة في أصولها وفروعها .
الثالث : إن التعريف الثاني تضمن قيداً لا نجده في المدونات الأصولية الجديدة وهو : (الدليل الذي يكون معارضاً للقياس الظاهر) فقد سماه معارضاً ، فإذاً يكون مجال الاستحسان معارضاً للقياس ، بينما أن المدونات الأصولية المعاصرة لا تعبر بذلك ([28]) .
الرابع : حين النظر إلى التفريعات الفقهية التي تضمنتها مدونة الإمام السرخسي ، فإننا نجد بأدنى تأمل أن الفروع الفقهية تندرج تحت مفهوم التعريف الثاني فقط ، ونحن لم نعرف أي من التعريفين تبنى الإمام السرخسي من خلال ما ذكره ، وبما أنه لم يفصح عن أي التعريفين تبنى ، لكن نجده حين التفريع كما قدمنا انه يفرع على تأصيل التعريف الثاني وهو : الدليل الذي يكون معارضاً للقياس الظاهر الذي تسبق إليه الأوهام قبل إتمام التأمل فيه ، وبعد إتمام التأمل في حكم الحادثة وأشباهها من الأصول .
ونستطيع أن نوجه كلام الإمام السرخسي : وذلك بتوحيد التعريفين ، إذ هما عملتان لوجه واحد ويمكن الجمع بينهما ، وليس بينهما تعارض ، فالتعريف الأول : يصف عمل الاجتهاد بكونه إعمال لأغلب ما يترجح الرأي عنده ، وذلك بتقديم الدليل الذي يكون معارضاً للقياس الظاهر للقياس الخفي([29]) .
الخامس : حين النظر في الدليل المعارض الذي استد إليه دليل الاستحسان ، لا نجد في التعريف ذكر ولو ظمناً للدليل المعارض وأنواعه
الفرع الثالث : تعريف القياس
وبما أن دراسة الاستحسان متوقفة على معرفة القياس ، فلابد من التعريف به على وجه السرعة ، دون الوقوف في تفصيلاته .
وقبل ان نذهب إلى التعريف ، فلابد من الاشارة إلى إن الناظر إلى مدونة الإمام السرخسي في منهجيته في بيان مناهج الاستنباط ، ليجده ليست لديه منهجية معينة ، فتارة يبدأ بالتعريف وتارة يبدأ بقضايا يراها مقدمات مهمة ، ومن ذلك دليل القياس ، فقد قدمه بمقدمة تمهيدية له.
فنجده حين تعريفه للقياس يعطي فروعاً لكي يبني عليها أصله ، فيقول : ( وأما المعنى الذي هو المراد بدلالته ، وهو أنه مدرك من مدارك أحكام الشرع ، ومفصل من مفاصله ، وإنما يتبين هنا ببسط الكلام فنقول : إن الله تعالى ابتلانا باستعمال الرأي والاعتبار ، وجعل ذلك موضوعاً على مثال ما يكون بين العباد مما شرعه من الدعوى والبينات ، فالنصوص شهود على حقوق الله تعالى وأحكامه بمنزلة الشهود في الدعاوى ، ومعنى النصوص شهادته بمنزلة شهادة الشاهد ، ثم لا بد من صلاحية الشاهد بكونه حراً عاقلاً بالغاً ، فكذلك لا بد من صلاحية النص لكونه شاهداً بكونه معقول المعنى ، ولا بد من صلاحية الشهادة بوجود لفظها ، فكذلك لا بد من صلاحية الوصف الذي هو بمنزلة الشهادة ، وذلك بأن يكون ملائماً للحكم أو مؤثراً فيه ... ولابد مما هو قائم مقام الطالب فيه وهو القائس ، ولابد من مطلوب وهو الحكم الشرعي ، فالمقصود تعدية الحكم إلى الفروع ...)([30]) .
فقد تضمن التعريف كل أركان القياس ، وكل الشروط المهمة التي لابد من توفرها سواء في الأصل أو الفرع .
بقيت مسألة : فإن القياس الذي يطلق في باب الاستحسان لا يراد به مصطلح القياس المعروف ، وإنما القاعدة العامة ، لذلك يقول الدكتور عبد الملك السعدي في نهاية بحثه عن الاستحسان : ( إذا قال الفقهاء : هذا يثبت استحساناً على خلاف القياس ، فإنهم لا يعنون ـ بكلمة قياس القياس الاصطلاحي ـ وهو مماثلة فرع لأصل في الحكم لعلة تجمع بينهما ، بل يريدون بالقياس "القاعدة" أي يثبت على خلاف القاعدة استثناء فيها )[31]
المطلب الثاني : منهج الإمام السرخسي في الاستحسان
الفرع الأول :وجه نظر تسميته بالاستحسان :
قد قدم الإمام لهذا الأمر بمقدمة تكاد تكون مختلفة عن الموضوع الذي يريد التحدث عنه ، وهو وجه تسميته بالاستحسان ليفرق بينه وبين القياس .
وقد علق الإمام السرخسي على دليل الاستحسان بقوله : ( يظهر أن الدليل الذي عارضه فوقه في القوة فإن العمل به هو الواجب ، فسموا ذلك استحساناً للتمييز بين هذا النوع من الدليل وبين الظاهر الذي تسبق إليه الأوهام قبل التأمل على معنى أنه يمال بالحكم عن ذلك الظاهر لكونه مستحسناً لقوة دليله ، وهو نظير عبارات أهل الصناعات في التمييز بين الطرق لمعرفة المراد ...)([32]) .
ووجه التفريق بين دليل القياس والاستحسان هو : الأثر المترتب على العمل بأحد الاتجاهين ، وهو قوة الأثر ، فقد يكون للنص أو للإجماع أو الضرورة.
ويستشهد الإمام السرخسي لوجه تسميته استحساناً من خلال الاستشهاد ببعض الاصطلاحات للعلوم الأخرى فيقول : ( فإن أهل النحو يقولون : هذا نُصِبَ على التفسير ، وهذا نُصِبَ على المصدر ، وهذا نُصِبَ على الظرف ... وما وضعوا هذه العبارات إلا للتمييز بين الأدوات الناصبة ، وأهل العروض يقولون : هذا من البحر الطويل ، وهذا من البحر المتقارب ، وهذا من البحر المديد ؛ فكذلك استعمال علمائنا عبارة القياس والاستحسان للتمييز بين الدليلين المتعارضين )([33]).
وهذا التفريق بين الدليلين كمرحلة أولية ، وبتوجيه آخر نجد أن الإمام السرخسي يؤصل لدليل الاستحسان والقياس باعتبارهما دليل واحد يتميز كل منهما بوظيفة معينة فيقول : ( وتخصيص أحدهما بالاستحسان لكون العمل به مستحسناً ، ولكونه مائلاً عن سنن القياس الظاهر([34]) ، فكان هذا الاسم مستعاراً لوجود معنى الاسم فيه ، بمنزلة الصلاة فإنها اسم للدعاء ثم أطلقت على العبادة المشتملة على الأركان من الأفعال والأقوال لما فيها من الدعاء عادة ، ثم استحسان العمل بأقوى الدليلين لا يكون من إتباع الهوى وشهوة النفس في شيء )([35]) .
وجاء في المبسوط بيان العلاقة بين القياس والاستحسان من حيث بيان وجه تسميته بالاستحسان فيقول : ( والقياس والاستحسان في الحقيقة قياسان : أحدهما : جلي ضعيف أثره فسمي قياساً ، والآخر : خفي قوي أثره فسمي استحسان أي قياساً مستحسناً ، فالترجيح بالأثر لا بالخفاء والظهور كالدنيا مع العقبى فإن الدنيا ظاهرة والعقبى باطنه وترجحت بالصفاء والخلود ، وقد يقوى أثر القياس في بعض الفصول فيؤخذ به ، وهو نظير الاستدلال مع الطرد فإنه صحيح والاستدلال بالمؤثر أقوى منه ، والأصل فيه قوله تعالى :چ????? ?? چ([36]) والقرآن كله حسن ثم أمر بإتباع الأحسن ، وبيان هذا : أن المرأة من قرنها إلى قدمها عورة هو القياس الظاهر وإليه أشار رسول الله (r) فقال المرأة عورة مستورة ، ثم أبيح النظر إلى بعض المواضع منها للحاجة والضرورة ، فكان ذلك استحساناً لكونه أرفق بالناس )([37]) .
الفرع الثاني :الترجيح بين الاستحسان والقياس :
إن الناظر لمدونة الإمام السرخسي ليجد نفسه أمام نسيج مترابط لا يمكن للناظر من أول وهله أن يستطيع فك هذا النسيج ، فهو سياق مترابط القضايا يحتاج إلى كثير نظر وطول صبر لكي يصل الباحث إلى مبتغاه ، وكذلك لكي يستطيع أن يستخرج عنواناً من بين تلك الأسطر المرصوفة نظما وبلاغة وقصداَ .
قد بدا الإمام السرخسي الحديث عن هذا الموضوع بقوله : ( وظن بعض المتأخرين من أصحابنا ([38]) أن العمل بالاستحسان أولى مع جواز العمل بالقياس في موضع الاستحسان ، وشبَّه ذلك بالطرد([39]) مع المؤثر([40])؛ فإن العمل بالمؤثر أولى وإن كان العمل بالطرد جائزاً )([41]) .
ويرد الإمام السرخسي قائلاً : ( وهذا وهم عندي ، فإن اللفظ المذكور في الكتب في أكثر المسائل : إلا أنا تركنا هذا القياس ، والمتروك لا يجوز العمل به ، وتارة يقول إلا أني أستقبح ذلك ، وما يجوز العمل به من الدليل شرعاً فاستقباحه يكون كفراً ، فعرفنا أن الصحيح ترك القياس أصلاً في الموضع الذي يأخذ بالاستحسان ، وبه يتبين أن العمل بالاستحسان لا يكون مع قيام المعارضة ولكن باعتبار سقوط الأضعف بالأقوى أصلاً ([42]) وقد قال في كتاب السرقة : إذا دخل جماعة البيت وجمعوا المتاع فحملوه على ظهر أحدهم فأخرجه وخرجوا معه : في القياس القطع على الحمال خاصة ، وفي الاستحسان يقطعون جميعاً ([43]) وقال في كتاب الحدود : إذا اختلف شهود الزنا في الزانين في بيت واحد : في القياس لا يحد المشهود عليه ، وفي الاستحسان يقام الحد([44]) . ومعلوم أن الحد يسقط بالشبهة وأدنى درجات المعارض إيراث الشبهة ، فكيف بستحسن إقامة الحد في موضع الشبهة . وكذلك قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله : تصحح ردة الصبي استحساناً([45]) ومعلوم أن عند قيام دليل المعارضة يرجح الموجب للإسلام وغن كان هو أضعف كالمولود بين كافر ومسلمة ، وكيف يستحسن الحكم بالردة مع بقاء دليل موجب الإسلام ، فعرفنا أن القياس متروك أصلاً في الموضع الذي يعمل فيه بالاستحسان)([46]) .
من خلال ما سبق يتبين سبب تقديم الاستحسان على القياس وذلك لكون القياس أضعف أثراً من الاستحسان .
وقد سميت هذه العملية الاجتهادية تعارض بين دليلين ووجه التسمية بذلك ( باعتبار أصل الوضع في كل واحد من النوعين لا أن بينهما معارضة في موضع واحد )([47]) .
الفرع الثالث : التعارض بين الاستحسان والقياس :
إن ما أسماه الإمام السرخسي تعارضاً ، فقد سماه العلماء المعاصرون بأنواع للاستحسان([48]) ، من غير النظر إلى كونه تعارضاً أو لا .
ومن الأشياء الملفتة للنظر ، نجد أن الإمام السرخسي ذكر ثلاثة أنواع للتعارض بين الاستحسان والقياس([49]) .
ومن الأشياء كذلك الملفتة للنظر نجد أن الأمثلة التي استشهد بها الإمام السرخسي هي من نوع واحد من أنواع الاستحسان وهو العدول عن القياس .
الأول : ترك القياس لأجل النص([50]) ، وقد مثل له : فيما أشار إليه أبو حنيفة رحمه الله في أكل الناسي للصوم : لولا قول الناس لقلت يقضي ، يعني به رواية الأثر عن رسول الله (r) ، وهو نص يجب العمل به بعد ثبوته واعتقاد البطلان في كل قياس يخالفه ، وهذا اللفظ نظير ما قال عمر (t) في قصة الجنين : لقد كدنا أن نعمل برأينا فيما فيه أثر([51]) .
الثاني : ترك القياس بدليل الإجماع ، فنحو الاستصناع([52]) فيما فيه للناس تعامل ؛ فإن القياس يأبى جوازه ، تركنا القياس للإجماع على التعامل به فيما بين الناس من لدن رسول الله (r) إلى يومنا هذا [وهذا] لأن القياس فيه احتمال الخطأ والغلط ([53]) .
وقد علق الإمام السرخسي على دليل النص والإجماع المعارض للقياس بدليل الاستحسان بقوله : ( فبالنص أو الإجماع يتعين فيه جهة الخطأ فيه ، فيكون واجب الترك لا جائز العمل به في الموضع الذي تعين جهة الخطأ فيه )([54]) .
الثالث : الترك لأجل الضرورة ، فنحو الحكم بطهارة الآبار والحياض بعدما تنجست ، والحكم بطهارة الثوب النجس إذا غسل في الإجّانات ؛ فإن القياس يأبى جوازه ؛ لأن ما يرد عليه النجاسة يتنجس بملاقاته ، تركناه للضرورة المحوجة إلى ذلك لعامة الناس ؛ فإن الحرج مدفوع بالنص ، وفي موضع الضرورة يتحقق معنى الحرج لو أخذ فيه بالقياس فكان متروكاً بالنص ؛ فإن العقد على على المنافع بعد وجودها لا يتحقق لأنها لا تبقى زمانين فلابد من إقامة العين المنتفع بها مقام المنفعة في حكم جواز العقد لحاجة الناس إلى ذلك )([55]) .
الفرع الرابع : معيارية تقديم الاستحسان على القياس :
وينتقل الإمام السرخسي إلى المعيارية التي اعتمدها في تقديم دليل القياس المستحسن على دليل القياس عند تعارض أثرهما ، وهي كون كل من الدليلين له نوعان أحدهما ظاهر جلي والآخر خفي فيكون التقديم على حسب الأثر لا على حسب الظهور والخفاء فيقول : ( فأحد نوعي القياس ما ضعف أثره وهو ظاهر جلي ، والنوع الآخر منه ما ظهر فساده واستتر وجه صحته وأثره ، واحد نوعي الاستحسان ما قوي أثره وإن كان خفياً ، والثاني ما ظهر أثره وخفي وجه الفساد فيه . وإنما يكون الترجيح بقوة الأثر لا بالظهور ولا بالخفاء ، لما بينا أن العلة الموجبة للعمل بها شرعاً ما تكون مؤثرة ، وضعيف الأثر يكون ساقطاً في مقابلة قوي الأثر ظاهراص كان أو خفياً ، بمنزلة الدنيا مع العقبى )([56]) .
ويقرن تأصيله بالتفريع الفقهي لهذه المعايير بقوله : ( وبيان ما يسقط اعتباره من القياس لقوة الأثر الاستحسان الذي هو القياس المستحسن في سؤر سباع الطير ، فالقياس فيه النجاسة اعتباراً بسؤر سباع الوحش بعلة حرمة التناول ، وفي الاستحسان لا يكون نجساً لأن السباع غير محرم الانتفاع بها ، فعرفنا أن عينها ليست بنجسة ، وإنما كانت نجاسة سؤر سباع الوحش باعتبار حرمة الأكل ؛ لأنها تشرب بلسانها وهو رطب من لعابها ؛ ولعابها يتجلب من لحمها ، وهذا لا يجوز في سباع الطير ؛ لأنها تأخذ الماء بمنقارها ثم تبتلعه ، ومنقارها عظم جاف والعظم لا يكون نجساً من الميت فكيف يكون نجساً من الحي )([57]).
فالمسألة السابقة لديها فيها فرعان أحدهما ظاهر الشبه والآخر خفي ، فالعلة في الأول الذي يراد الإلحاق به هي التشابه في أن كلا من سباع الطير وسباع الوحش حرمة تناولهما ، ولكن هناك عله خفية يشتركان فيها ويمكن اعتبارها ويمكن القياس عليها ، وهي كون سباع الطير وسباع الوحش يمكن الانتفاع منهما ، ولا يمكن الاحتراز من سبع الطير فجووز الأمر استحساناً .
ويؤيد هذه المسألة بعلة منصوص على أمرها في شأن الهرة فيقول : ( ثم تأيد هذا بالعلة المنصوص عليها في الهرة ؛ فإن معنى البلوى يتحقق في سؤر سباع الطير ؛ لأنها تنقض من الهواء ولا يمكن صون الأواني عنها خصوصاً في الصحاري ، وبهذا يتبين أن من ادعى أن القول بالاستحسان قول بتخصيص العلة فقد أخطأ ؛ لأن بما ذكرنا تبين أن المعنى الموجب لنجاسة سؤر سباع الوحش الرطوبة النجسة في الآلة التي تشرب بها وقد انعدم ذلك في سباع الطير فانعدم الحكم لانعدام العلة وذلك لا يكون من تخصيص العلة في شيء ، وعلى اعتبار الصورة يتراءى ذلك ولكن يتبين عند التأمل انعدام العلة أيضاً ؛ لأن العلة وجوب التحرز عن الرطوبة النجسة التي يمكن التحرز عنها من غير حرج ، وقد صار هذا معلوماً بالتنصيص على هذا التعليل في الهرة ففي كل موضع ينعدم بعض أوصاف العلة كان انعدام الحكم لانعدام العلة فلا يكون تخصيصاً )([58]).
من خلال العرض السابق لمسألة قوة الأثر في الإلحاق يتبين أن الحكم الذي يراد تنزيله على مسألة معينة لا بد من دراسة الصور المشابهة له قبل الإلحاق ؛ لأنه قد يكون التقدير غير موفق .
أما قضية تخصيص العلة فلا يصح إذ أن الفرع لا بد أن يساوي الأصل حتى يمكن أن نلحقه به ، ولكن الأولى أن يكون توجيههم لدليل الاستحسان ، بكونه قياس خفي مستحسن .
فهو من حيث العملية الإجرائية يكون قياساً ، ويسير على خطى المنهج القياسي الأصولي ، وهو إلحاق لأصل خفي ، وليس الفرع الذي يراد إلحاقه بخفي ، وإنما هو يمكن أن نصطلح عليه بمصطلح " المسكوت عنه " وأما كونه مستحسناً ، فهو ترجيح وتقديم في الإلحاق على الأصل الظاهر ، بأصل خفي مستحسن .
وهذا التقديم للقياس الخفي ليس على اطلاقه ، فقد توجد حالات لا يمكن العمل بالاستحسان بل العمل بالقياس هو الأولى ( وبيان الاستحسان الذي يظهر أثره ويخفى فساده مع القياس الذي يستتر أثره ويكون قوياً في نفسه حتى يؤخذ فيه بالقياس ويترك الاستحسان ... وقال في الرهن : إذا ادعى رجلان كل واحد منهما عيناً في يد رجل أنه مرهون عنده بدين له عليه وأقاما البينة ، ففي الاستحسان يقضي بأنه مرهون عندهما ؛ بمنزلة ما لو رهن عيناً من رجلين ، وهو قياس البيع في ذلك ، وفي القياس تبطل البينتان ؛ لأنه تعذر القضاء بالرهن لكل واحد منهما في جميعه فإن المحل يضيق عن ذلك ، وفي نصفه لأن الشيوع يمنع صحة الرهن ، واخذنا بالقياس لقوة أثره المستتر ، وهو أن كل واحد منهما هنا إنما يثبت الحق لنفسه بتسمية على حدة ، وكل واحد منهما غير راض بمزاحة الآخر معه في ملك اليد المستفاد بعقد الرهن )([59]).
إن هذا التأصيل للإمام السرخسي لجواز تقديم القياس على الاستحسان لا غبار عليه ؛ ولكن الذي فيه نظر ـ حسب رأيي ـ أن التمثيل بهذا المثال فيه نظر؛ لأن الحق الذي لأصحابه لا يجوز أن يُحبس ويحرمون منه ، وإن كان أحدهما كاذباً .
وما هي الأشياء التي تكون شائعة بحيث لا تقبل القسمة ، لكي نقرر أن الأمر يترك إلى أن يتبين الحق ، لأن الحياة متقلبة بأهلها فقد يكون صاحب الحق في عوز وضرورة تمنعه من الانتظار .
وإن كان لا بد من التمثيل ، فأرى أن يمثل بالحالة الآتية : فلو طلق رجل زوجته وبقيت عنده في بيته بعد تمام عدتها ، ثم خُطبت لرجل الآخر وهي في بيت الأول ، فهنا يتعذر القضاء لكل منهما ، فإن المحل يضيق عن ذلك ، وفي نصفه لأن الشيوع يمنع صحته ، فالتمثيل بمثل هذه المسألة التي تمتنع القسمة فيها ، والله تعالى أعلم .

الخاتمة
في ختام هذا البحث الصغير ، فإنه يصعب تقديم نتائج في وريقات معدودة ، ومن الصعب كذلك التجرء على إيجاد خلل في منهجية شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى .
لكن بقيت لنا فسحة صغيرة كثقب الأبرة لكي ننفذ من خلالها لنعطي صورة موجزة عن منهجية الإمام السرخسي الأصولية في دليل الاستحسان الحنفي .
أولاً : رغم ان مادة البحث صغيرة إلا أنها كبيرة النفع ، فالناظر في تراث الإمام السرخسي سيدرك بقليل تمعن إلى الدرر والجواهر العلمية التي ورثنا إياها الإمام السرخسي .
ثانياً : إن هذا الإمام قد كان صفحات من الصبر سطرها لنا تاريخه الناصع ، الذي قلب المحنة إلى منحة ، فسجنه أسفر عن تأليف المبسوط ، من أكبر تراث الأمة نفعاً ، وهو بوابه المذهب الحنفي ، وكنزها الدقيق ومعينها العميق .
ثالثاً : تعددت مناقشة الإمام السرخسي للاستحسان في أكثر من موضع من كتبه ، فنجد له في أصوله مبحثاً وفي مبسوطه كذلك ، وكان للأصول الحصة الأكبر في المناقشة والتعليق ، ووجدنا هنا التداخل الشديد بين الفقه وأصوله ، بين التفريع والتأصيل .
رابعاً : تعددت الزوايا التي ناقش فيها الإمام السرخسي للاستحسان ، من الجانب اللغوي والاصطلاحي ومن جانب الترجيح والتعرض ومعيارية الترجيح بين الاستحسان والقياس .
خامساً : تبين من خلال الدراسة ان الغاية التي من خلالها أعتمد المذهب الحنفي على دليل الاستحسان هي المصلحة ، وإن عبروا عنها بغيرها من الأدلة ، وهذا واضح من خلال الأمثلة التي ذكرها الإمام السرخسي وغيره .
سادساً : تبين من خلال الدراسة أن ما يطلق عليه الإمام السرخسي تعارضاً ، يطلق عليه العلماء المعاصرون بكونه نوعاً من انواع الاستحسان .
سابعاً : قد تضمن أحد التعريفات للإمام السرخسي قيداً وهو : ( الدليل الذي يكون معارضاً للقياس الظاهر) فقد ذكر أن للقياس معارض ، فلم يبين ولو تلميحاً نوع الدليل ولا قوته ولا مواطن التعارض .فلم يفصح عن هذا الأمر إلا في عبارة ادرجتها في الفرع الأول من المطلب الثاني : سميتها بوجه تسميته استحساناً حيث يقول : ( يظهر أن الدليل الذي عارضه فوقه في القوة فإن العمل به هو الواجب ، فسموا ذلك استحساناً للتمييز بين هذا النوع من الدليل وبين الظاهر الذي تسبق إليه الأوهام قبل التأمل على معنى أنه يمال بالحكم عن ذلك الظاهر لكونه مستحسناً لقوة دليله ...) وهنا نجد أن المنهجية للإمام السرخسي لا تعتمد الترتيب في القضايا ، وإنما يترك الجواب للقضايا التي فيها إشكال إلى موضع يراه هو مناسب في نظره .
ثامناً : من خلال العرض لمنهج الإمام السرخسي تبين أن الاستحسان ليس دليلاً مستقلاً وإنما هو قياس خفي له استقلاليته من خلال المجال الذي يتنزل العمل فيه (أحدهما : جلي ضعيف أثره فسمي قياساً ، والآخر : خفي قوي أثره فسمي استحسان أي قياساً مستحسناً ) .
تاسعاً : يتبين أن القياس المستحسن من حيث العملية الإجرائية يكون قياساً ، ويسير على خطى المنهج القياسي الأصولي ، وهو إلحاق لأصل خفي ، وليس الفرع الذي يراد إلحاقه بخفي ، وإنما هو يمكن أن نصطلح عليه بمصطلح " المسكوت عنه " ([60])وأما كونه مستحسناً ، فهو ترجيح وتقديم في الإلحاق على الأصل الظاهر ، بأصل خفي مستحسن .














المصادر
1. القرآن الكريم
2. أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي ، د مصطفى ديب البغا ، ط (4) دار القلم ، دمشق ، (1428هـ2007م) .
3. أسماء الكتب لعبد اللطيف بن محمد زادة ، تحقيق : محمد التونجي ، دار الفكر – دمشق ، (1403هـ )
4. أصول السرخسي ، للإمام الأصولي النظار أبي بكر محمد بن احمد بن أبي سهل السرخسي (تـ490هـ) ، حقق أصوله : أبو الوفاء الأفغاني ، ط (2) ، دار الكتب العلمية ، بيروت لبنان ، (2005 م/1426هـ) .
5. أصول الفقه تاريخه ورجاله ، د . شعبان محمد إسماعيل ، ط (1) ، دار المريخ ، الرياض ، ( 1401هـ/1981م) .
6. أصول الفقه زكي شعبان
7. أصول الفقه في نسيجه الجديد ، د . مصطفى إبراهيم الزلمي ، ط (16) ، شركة الخنساء
8. أصول النظام الاجتماعي ، فضيلة العلامة سماحة الإمام محمد الطاهر بن عاشور ، قرأ وخرج أحاديثه ووثق شواهده ، محمد الطاهر الميساوي ، ط (1) ، دار النفائس ، الاردن ، (1421هـ/2001م) .
9. الأعلام ، خير الدين محمود بن محمد بن علي بن فارس الزركلي ، ط (15) ، دار العلم للملايين ، (2002م) .
10. الأنساب للسمعاني ، تحقيق: عبد الله عمر بارودي ، دار الفكر بيروت ط (1) ، (1998م) .
11. تاج التراجم في طبقات الحنفية ، زين الدين قاسم بن قطلويغا الجمالي الحنفي (تـ879هـ) ، تحقيق : محمد خير رمضان يوسف ، دار القلم دمشق ، ط (1) ، (1413هـ/1992م) .
12. تاج العروس من جواهر القاموس ، محمد مرتضى الزبيدي ، تحقيق مجموعة من المحققين ، دار الهداية .
13. تعليم علم الأصول ، د نور الدين مختار الخادمي ، ط (2) مكتبة العبيكان ، الرياض ، (1426هـ /2005م) ، (241 ـ244) .
14. الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لأبي محمد عبد القادر القرشي ، دار مير محمد كتب خانه – كراتشي .
15. رأي الأصوليين في المصالح المرسلة والاستحسان من حيث الحجية ، أ . د. زين العابدين العبد محمد النور ، ط (1) ، دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث ، (1425هـ2004م) .
16. القاموس المحيط فيروز آبادي ، مؤسسة الرسالة – بيروت .
17. كشف الاسرار
18. كشف الظنون لحاجي خليفة ، دار الكتب العلمية – بيروت ، ( 1413هـ - 1992م ) .
19. لسان العرب ، محمد بن مكرم بن علي جمال الدين ابن منظور الأنصاري الأفريقي (تـ711هـ) ، ط (3) ، دار صادر بيروت ، (1414هـ) .
20. المبسوط ، للإمام محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي ، دار المعرفة ، بيروت (1414هـ 1993م) .
21. معجم المؤلفين، لعمر رضا كحّالة / دار الرسالة – بيروت / ط (1) ، (1993م) .
22. معجم مصطلحات أصول الفقه ، د . قطب مصطفى سانو ، ط (1) ، دار الفكر ، دمشق ، (1420هـ/2000م) .
23. معجم مقاييس اللغة ، أحمد بن فارس بن زكريا الرازي ، (تـ395هـ) ، تحقيق : عبد السلام محمد هارون،ط (1) ، دار الفكر (1399هـ/1979م) .
24. المفردات في غريب القرآن ، أبو القاسم الحسين بن محمد الراغب الأصفاني (تـ502هـ) ، تحقيق : صفوان عدنان الداودي ، ط (1) ، دار القلم الشامية ـ دمشق /بيروت (1412هـ) .
25. المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي في التشريع الإسلامي ، د عبد الملك السعدي ، ط(1) دار النور ، (1432هـ/2011م) .
26. الوجيز في أصول الفقه ، د عبد الكريم زيدان ، ط (8) دار المشاريع للطباعة والنشر ، (1419 هـ/1999م) .
27. [url]http://www.amar.org.ir[/URL]
28. Bradt Guide to Turkmenistan, 1st edition, page 131


([1]) ينظر : ترجمته في الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية لأبي محمد عبد القادر القرشي ، دار مير محمد كتب خانه – كراتشي (2/28) و معجم المؤلفين، لعمر رضا كحّالة / دار الرسالة – بيروت / ط (1) ، (1993م) ، (8/ 239).

([2]) ضبطها الفيروز آبادي في القاموس المحيط ، مؤسسة الرسالة – بيروت (1/ 709) ، و تاج العروس من جواهر القاموس ، محمد مرتضى الزبيدي ، تحقيق مجموعة من المحققين ، دار الهداية ؛ مادة ( باب السين فصل السين ) (16/ 146)

([3]) سرخس (مدينة) : سرخس هي مدينة ومركز مساحته 8407 كم² في محافظة خراسان رضوي، إيران. كانت سرخس محطة على طريق الحرير، وفي سمت مجدها في القرن 11 كانت تضم العديد من المكتبات ومدرسة شهيرة للمعماريين. معظم موقع المدينة الأصلي يقع الآن خلف الحدود في سرغس في تركمنستان. وحسب خراسان ميراث، في 2006 فإن تعداد سكان المركز يبلغ 87,442. ([url]http://www.amar.org.ir[/URL]) التاريخ : وحسب الشاهنامه للفردوسي، فإن البلدة موجودة منذ زمن أفراسياب وسميت على اسم بانيها، سرخس، ابن گدرزبي كيكاوس. ويعتبر المرؤخون التركمان أن المدينة تأسست منذ أكثر من 2500 عاماً. وقد نهبها المنغول ومحوها من الوجود في 1220، ولكن أعيد بناؤها في منتصف القرن 19 بأمر من ناصر الدين شاه من الأسرة القاجارية. ولذلك فإنها لأول خمسين سنة، أطلق على المدينة المعاد تعميرها اسم سرخس الناصرية (بالفارسية:سرخس ناصري) وكانت في الأساس مدينة اقطاعية. الجغرافيا : طقس سرخس قاري، بارد شتاءً ودافئ جاف صيفاً بسبب تأثير صحراء قرة قورم.
Bradt Guide to Turkmenistan, )1st edition, page 131) الجغرافيا : طقس سرخس قاري، بارد شتاءً ودافئ جاف صيفاً بسبب تأثير صحراء قرة قورم.المعالم : الموقع التاريخي الرئيسي في سرخس هو ضريح لقمان بابا المرمم جزئياً في حقل شمال البلدة. وقد بني في 1356 م (757 هـ). وفي مركز سرخس ضمن نطاق 80 كم من بلدة سرخس يوجد:

([4]) ينظر : الأنساب للسمعاني ، تحقيق: عبد الله عمر بارودي ، (دار الفكر بيروت ) ط (1) ، (1998م) ، (3/24) .

([5]) ينظر : الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ، (2/300) .

([6]) محمد بن إبراهيم بن محمد أبو بكر الحصيري البخاري ، كان فقيهاً فاضلاً ، تفقه على شمس الأئمة السرخسي ، وسمع الحديث كثيراً بنفسه ، وانتفع به جماعه ، مات في ذي القعدة ، ينظر : الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ، (2/3) .

([7]) عثمان بن علي بن محمد بن علي أبو عمر البيكندي البخاري ، من أهل بخارى ، قال السمعاني : كان إماماص فاضلاً زاهداص ورعاً كثير العبادة والخير ، تفقه على الامام أبي بكر محمد بن سهل السرخسي ، توفي ببخارى في تاسع شوال ، ينظر : الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ، (1/345) .

([8]) عمر بن حبيب بن علي الزندراسي ، أبو حفص القاضي الإمام ، جد صاحب الهداية لأمه ، تفقه على شمس الأئمة السرخسي ، قال صاحب الهداية : علق جدي هذا لمي مسائل الاسرار ، قرأ على القاضي الإمام احمد بن عبد العزيز الزوزني ثم درس الفقه بعد وفاته على الإمام الزاهد شمس الأئمة محمد بن أبي سهل السرخسي ، ينظر : الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ، (1/389) .

([9]) ينظر : الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ، (2/28) .

([10]) ينظر : تاج التراجم في طبقات الحنفية ، زين الدين قاسم بن قطلويغا الجمالي الحنفي (تـ879هـ) ، تحقيق : محمد خير رمضان يوسف ، دار القلم دمشق ، ط (1) ، (1413هـ/1992م) ، (2/44) .

([11]) أصول الفقه تاريخه ورجاله ، د . شعبان محمد إسماعيل ، ط (1) ، دار المريخ ، الرياض ، ( 1401هـ/ 1981م) ، (184) .

([12]) ينظر : الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ، (2/28) .

([13]) ينظر : المبسوط ، (4/192) .

([14]) ينظر : المبسوط ، (7/59) .

([15]) ينظر : المبسوط ، (8/80) .

([16]) ينظر أسماء الكتب لعبد اللطيف بن محمد زادة ، تحقيق : محمد التونجي ، (دار الفكر – دمشق) ، (1403هـ ) ، (41) ، وينظر: كشف الظنون لحاجي خليفة ، (دار الكتب العلمية – بيروت) ، ( 1413هـ - 1992م ) ، (2/ 1013، 1014، 1620،1627( . أصول الفقه تاريخه ورجاله ، (184) . الأعلام ، خير الدين محمود بن محمد بن علي بن فارس الزركلي ، ط (15) ، دار العلم للملايين ، (2002م) ، (5/315) .

([17]) نظر الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية (2/ 28) .

([18]) نظر معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة ( 8/ 239 ) .

([19]) معجم مقاييس اللغة ، مادة (حسن) ، (2/57) .

([20]) المفردات في غريب القرآن ، مادة (حسن) ، (235) .

([21]) لسان العرب ، مادة (حسن) ، (13/114) .

([22]) فقد عين فصلاً خاصاً في المجلد العاشر للحديث عن الاستحسان من (ص 145 إلى 181) ، لكن سرعان ما يتفاجئ القارئ بكونه انتقل إلى مسألة بعيدة عن المصطلح ، فلم يتكلم إلا بقدر صفحة واحدة عن الاستحسان ، وهذا يعتبر خلل في منهجية التأليف ، فمسألة النظر التي استطرد بها السرخسي لها مظانها ، في باب ما يحل وما يحرم من النظر ، وقد يجاب له : بكون الإمام السرخسي قد ألف المبسوط من حفظه وهو سجين كما مر ، فقد يكون للسجن تأثير على بعض منهجيته ، إذ قد كان يظن بكونه لن يسمحوا له بالكتابة بعد ، فأحب ان يكتب هذه الفرائد في هذا الباب ، وقد يكون هذا الاستطراد مبني على ما كان جائزاً من باب الاستحسان فلكي تتضح جوانب الإباحة فيها وجب المرور على كل القضايا المتصلة به من جميع الجوانب، ومهما يكن فهذا الكتاب لم يخدم حق الخدمة ، فيحتاج إلى عناية الباحثين .

([23]) وذكر في المبسوط عدة تعريفات للاستحسان فيقول : ( الاستحسان ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس، وقيل : الاستحسان طلب السهولة في الأحكام فيما يبتلى فيه الخاص والعام ، وقيل : الأخذ بالسعة وابتغاء الدعة ، وقيل : الأخذ بالسماحة وابتغاء ما فيه الراحة ، وحاصل هذه العبارات أنه ترك العسر لليسر وهو أصل في الدين ...) المبسوط ، (10/145) . إن التعريف الأول أثار في نفسي سؤالاً ، وهو : أن الإمام السرخسي كان أثناء تأليفه للمبسوط في السجن ، أي كان معزولاً عن الناس والواقع ، فكيف يحاول الاجتهاد وينزل الأحكام على وقائع الأحداث وهو بعيد عن الواقع وعن تفاصيل أحداث الناس ونوازلهم ، فهذا أمر لا يستطيع القيام به إلا الراسخون في العلم .

([24]) البقرة: 236

([25]) أصول السرخسي ، للإمام الأصولي النظار أبي بكر محمد بن احمد بن أبي سهل السرخسي (تـ490هـ) ، حقق أصوله : أبو الوفاء الأفغاني ، ط (2) ، دار الكتب العلمية ، بيروت لبنان ، (2005 م/1426هـ) ، (2/200) .

([26]) (الوهم) له معنيان ، الأول : إدراك المعنى الجزئي المتعلق بالمعنى المحسوس ، وهو درجة دون الشك ، ودون الظن ، الثاني : الاحتمال المرجوح من الدليل ، ومنه قولهم : هذا دليل موهوم ؛ أي مرجوح لا يعتد بحجيته شرعاً ، ينظر معجم مصطلحات أصول الفقه ، (479) ، والمعنى الثاني هو الذي يقصده الإمام السرخسي في تعريفه ، ويقول الإمام محمد الطاهر بن عاشور : ( وأما الوهميات فمرادنا بها المعاني التي يخترعها الوهم من نفسه دون أن تصل إليه من شيء متحقق في الخارج ، كإدراك كثير من الأحياء أن في الميت معنى يوجب النفور عنه والخوف عند القرب منه والخلوة معه ... وهو مركب من الفعل والانفعال ؛ لأن الذهن فيه فاعلٌ ومنفعل ، فهو يخترع المعنى الوهمي ثم يدركه ، والفعل فيه أقوى من الانفعال . والوهم أوسع من العقل في تصوراته ومخترعاته وتخيلاته ، وأضيق من العقل في الاذعان لما ليس من مألوفه ، فقد يعجز الفهم عن إدراك كثير من الأدلة ...) ، أصول النظام الاجتماعي ، فضيلة العلامة سماحة الإمام محمد الطاهر بن عاشور ، قرأ وخرج أحاديثه ووثق شواهده ، محمد الطاهر الميساوي ، ط (1) ، دار النفائس ، الاردن ، (1421هـ/2001م) ، (54 ،55) .

([27]) أصول السرخسي ، (2/200) .

([28]) لذلك نجد أن الدكتور زكي شعبان يذكر أن الاستحسان يطلق على أمرين : احدهما القياس الذي خفيت علته لدقتها وبعدها عن الذهن ، في مقابلة قياس ظهرت علته لتبادرها إلى الذهن . ثانيهما : استثناء مسألة جزئية من أصل كلي ؛ لدليل خاص يقتضي ذلك ؛ سواء كان هذا الدليل : نصاً ، أو إجماعاً ، أو ضرورة ، أو عرفاً ، أو مصلحة أو غير ذلك ) ، ينظر : أصول الفقه ، (151) .

([29]) يقول الدكتور مصطفى الزلمي : ( الاستحسان ليس عدولاً إلى أقوى الدليلين كما ظن الكثير من الأصوليين ، بل هو عكس هذا التصور لأن المفروض أن الحكم الأصلي إما بنص صريح عام أو بقاعدة شرعية عامة معترف بها من قبل أئمة الفقه ، وان العدول إلى الحكم الاستثنائي ليس لكون دليله أقوى وإنما لأن الواقعة المعنية بهذا الحكم لها خصوصيتها وظروفها الاستثنائية بحيث لو طبق الحكم الأصلي لأدى إلى قيام حرج مرفوض شرعاً أو فوات مصلحة مقصودة شرعاً) ، أصول الفقه في نسيجه الجديد ، د . مصطفى إبراهيم الزلمي ، ط (16) ، شركة الخنساء (170) .

([30]) أصول السرخسي ، (2/144) .

[31] المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي في التشريع الإسلامي ، د عبد الملك السعدي ، ط(1) دار النور ، (1432هـ/2011م) ، (98) .

([32]) أصول السرخسي ، (2/200) .

([33]) أصول السرخسي ، (2/200/201) .

([34]) يقول الدكتور مصطفى الزلمي : ( الاستحسان ليس عدولاً عن القياس الجلي إلى القياس الخفي كما تصور البعض ، لأن هذا العدول الخاص ليس إلا صورة من صور الاستحسان وهو في حقيقته يرجع إلى العدول عن القاعدة العامة القاضية بالقياس الجلي إذا تعارض مع القياس الخفي ) . أصول الفقه في نسيجه الجديد ، (170) .

([35]) أصول السرخسي ، (2/201) .

([36]) الزمر: 17 - 18

([37]) المبسوط ، (10/145) .

([38]) إنني وأنا في عجالة لاتمام البحث المطلوب مني انجازه ، لابد لي من الوقوف على بعض نصوص الإمام السرخسي القيمة التي استوقفتني كثيراً ، فالإمام السرخسي من أهل القرن الخامس ويصف علماء الأصول في القرون اللاحقة بالمتأخرين حين يريد أن ينسب إليهم قولاً فمن هم هؤلاء ؟ .

([39]) (الطرد) هو : حمل الفرع على الأصل بغير أوصاف الأصل من غير أن يكون لذلك الوصف تأثيرٌ في إثبات الحكم أو في نفيه . مثاله : قول بعض الفقهاء ، في تعليل وجوب الكفارة ، على العرابي الذي واقع أهله ، عمداً في نهار رمضان : إنما وجبت عليه الكفارة ، لأنه أعرابي انتهك حرمة شهر رمضان بمفطر . فقوله " أعرابي" وصف لا تأثير له ، لأنه ليس للأعرابيه أيُّ تأثير في وجوب الكفارة وعدم وجوبها ، وبالتالي فإنَّ هذا الوصف ليس من أوصاف الأصل ، ووجوده وعدمه سيان ، ويسمى هذا النوع من العملية القياسية ( بقياس الطرد) ، ينظر : معجم مصطلحات أصول الفقه ، د . قطب مصطفى سانو ، ط (1) ، دار الفكر ، دمشق ، (1420هـ/2000م) ، ص (270) .

([40]) (المؤثر) هو : الشيء الذي يترك أثره في غيره . ما دل نص أو إجماع على اعتبار عينه في عين الحكم . اسم من أسماء العلة الشرعية . وسميت بذلك لأن العلة هي التي تؤثر في معرفة الحكم ، بعد أن توجب معرفة ثبوته ، للقطع بأن المؤثر فيه والموجب له إنما هو الشارع . ينظر : معجم مصطلحات أصول الفقه ، (381) .

([41]) أصول السرخسي ، (2/201) .

([42]) أصول السرخسي ، (2/201) .

([43]) ينظر : المبسوط ، للإمام محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي ، دار المعرفة ، بيروت (1414هـ 1993م) ، (9/148) .

([44]) ينظر : المبسوط ، (9/163) .

([45]) ينظر : المبسوط ، (5/47) .

([46]) أصول السرخسي ، (2/202) .

([47]) أصول السرخسي ، (2/202) .

([48]) نجد عند المعاصرين للاستحسان ستة أنواع : النص ، الإجماع ، الضرورة ، القياس الخفي ، العرف ، المصلحة ، ينظر : أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي ، د مصطفى ديب البغا ، ط (4) دار القلم ، دمشق ، (1428هـ2007م) ، (140 وما بعدها )، وينظر : رأي الأصوليين في المصالح المرسلة والاستحسان من حيث الحجية ، أ . د. زين العابدين العبد محمد النور ، ط (1) ، دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث ، (1425هـ2004م) ، (2/104 وما بعدها ) .

([49]) نجد عند المعاصرين ستة أنواع للاستحسان لم يذكرها الإمام السرخسي ، فهل من الممكن لم توجد في عصره أسباب تجعله يقدم تلك الأدلة ، بحيث يكون الاستحسان مستند إليها ليقدمها على القياس ، أم أنه لم يذكرها ، أم ذكرها في غير موضع ولم نستطع العثور عليها لسرعة انجاز البحث ، مثلا نجد أن الدكتور عبد الكريم زيدان يذكر ستة لأنواع الاستحسان وهي : الأول : الاستحسان بالنص ـ أي ما كان مستنده النص ، ويشمل السنة معه ... وثانياً : الاستحسان بالإجماع ... ثالثاً : استحسان سنده العرف ... رابعاً :استحسان الضرورة ... خامساً : استحسان بالمصلحة ... سادساً : استحسان بالقياس الخفي ... ، ينظر : الوجيز في أصول الفقه ، د عبد الكريم زيدان ، ط (8) دار المشاريع للطباعة والنشر ، (1419 هـ/1999م) ، (232 ـ234) .بينما نجد عالم معاصر آخر يرجع إلى العمل القديم ، فنجده يمثل لانواع الاستحسان دون أن يذكر مستنده ، وهو الخادمي : فقد عنون لها بأنها أمثلة للاستحسان وجاء بخمسة أمثلة ، 1 : النظر للمخطوبة مباحٌ عن طريق الاستحسان : ... 2 : أجرة الحمام : ... 3 : أجرة الفنادق : ... 4 : النظر للعورة للعلاج : ... 5 : الاستصناع : ... ينظر : تعليم علم الأصول ، د نور الدين مختار الخادمي ، ط (2) مكتبة العبيكان ، الرياض ، (1426هـ /2005م) ، (241 ـ244) .

([50]) يقول الدكتور مصطفى الزلمي ( تقسيم الاستحسان إلى استحسان بالنص والاجماع والعرف والقياس والضرورة ، تقسيم غير سليم بالنسبة ... لأن العدول الثابت بالنص كما في العدول من الصيام والى الفطر في السفر والمرض والثابت بالاجماع كما في عقد الاستصناع ، ليس من باب الاستحسان ـ الذي هو مصدر عقلي تبعي كاشف ـ ولأن مصدر الحكم في هاتين الحالتين هو النص والإجماع ولا يرجع إلى العمل بالاستحسان عند وجود واحد منهما كما هو واضح ) أصول الفقه في نسيجه الجديد ، (170/171) .

([51]) أصول السرخسي ، (2/202) .

([52]) (عقد الاستصناع) هو ان يطلب من الصانع عمل شيء مادته من عنده ، على وجه خاص ، كما إذا طلب شخص من حذَّاء أن يصنع له حِذاءً ، والجلد وما يلزم من عنده ، ويبين له صفته ومقداره ، ولا يذكر له أجلا ، ويسلم إليه الدراهم أو لا يسلم ، ينظر : كشف الاسرار ، (4/5) .

([53]) أصول السرخسي ، (2/203) .

([54]) أصول السرخسي ، (2/203) .

([55]) أصول السرخسي ، (2/203) .

([56]) أصول السرخسي ، (2/203) .

([57]) أصول السرخسي ، (2/204) .

([58]) أصول السرخسي ، (2/204) .

([59]) أصول السرخسي ، (2/204 ـ206) .

([60]) أي ان الشارع لم ينطق بحكمه ، ولكن وضع علامات يستعين بها المجتهد لكي يستنبط الحكم الشرعي .
 

زناب

:: متابع ::
إنضم
2 مارس 2014
المشاركات
37
الكنية
أم أيمن
التخصص
أصول فقه
المدينة
تلمسان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: منهج شمس الأئمة السرخسي في الاستحسان

أحسن الله إليكم
 
أعلى