العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مُسوَّدة الدولة المدنية !

إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
الألفاظ والمصطلحات التغريبية المستحدثة في الثقافة العربية في هذا العصر ، ربما تحمل دلالات ومعاني متعددة ، يمكن تطبيقها على مجالات واسعة وفي شرائح مختلفة . ولا يمكن للثقافة العربية التحرّز من ذلك الغزو التغريبي الواسع لسببين : الأول : العولمة التي أطبقت على العالم من أقصاه إلى أدناه ، وصيّرت الدنيا الواسعة كالقرية الصغيرة في أطراف المدينة .

الثاني : التيار التغريبي المتدفّق ، الذي يستمدّ سرمديته من الدعم المادي والمعنوي من الإعلام العفن ، المموّل من الغرب الفاجر الذي يعمل بلا استجمام أو أناة .

ومن المصطلحات التي يصدح بها الإعلام اليوم ما يسمى بـ "الدولة المدنية" وهو مصطلح غربي ظهر على إثر طغيان الأباطرة المدعوم من الكنائس ، فظهر من ينادي بأن يجعل الحكم بيد الشعوب ونزعه من سلطة الكنيسة ، فاستبعد مصطلح

"الدولة الدينية" المدعوم قديماً من رهبان النصارى ، وثبّت بدلاً منه مصطلح "الدولة المدنية" ، وقرّرت الثقافة الغربية وجوب فصل الدين عن الدولة استجابة لمطالب الناس في تلك الحقبة المظلمة .

ومن الخذلان أن بعض المفكرين العرب نشروا هذه المبادئ التي تقرّر أهمية اقامة "الدولة المدنية "وزيّنوها للناس الذين خضعوا للغرب وانقادوا بكل طواعية لثقافته وحضارته .

والذين تلقّفوها وقبلوا بها على ضربين : الأول : قومٌ أنصاف متعلّمين ، سُذّج لم ينضج الفقه في صدورهم ، وليس لهم جرأة على دفع كل شاذ أو فاسد .

الثاني : قومٌ اندسّوا بين صفوف الناس في المجتمعات المسلمة وتظاهروا بالإسلام ، وفي قلوبهم غِل وكيد على كل مظهر من مظاهر توحيد المسلمين ، وبعض هؤلاء ممن درسوا في الجامعات الغربية ونهلوا من معينها ورضعوا من لبانتها .

صفّقت المجتمعات المقهورة لهذا المُسمى "الدولة المدنية" ، ظناً منها أن هذا الاتجاه هو سبيل السعادة والاستقرار ، بينما هو بلاء على الدين والدنيا .

فحقيقة الدولة المدنية التي يسعى إليها العلمانيون والليبراليون هي : التحاكم إلى الطاغوت بكل صوره وهيئاته ، وتجريد الشرع من الحاكمية التي أنزلها الله في كتابه وأوحاها الى رسوله صلى الله عليه وسلم .
والتمدّن الذي يسعى إليه هؤلاء المخذولون هو التحاكم إلى ( الديمقراطية ) أي أن المجتمعات تحكم نفسها بنفسها ، وأن الثوابت يمكن إلغاؤها أو التخفيف منها.
وقد حزب على هؤلاء المناداة بإسقاط الشريعة الإسلامية في قوانينهم ، فأجازوا التدين الشخصي ومنعوا المرجعية الإسلامية في الدستور المدني سوى قانون الأحوال الشخصية وبعض المعاملات الضرورية في الحياة الخاصة . وهذا كله مردود بقول الله تعالى : " ولا يشرك في حكمه أحدا " ( الكهف : 26 ) وبقوله سبحانه : " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون" ( المائدة: 50) .

ولسان حال هؤلاء يقول : نقبل باسلام عصري على ذوقنا وبمواصفاتنا لا بوحي الله وحكمه !! . " قل أتعلّمون الله بدينكم والله يعلم ما في السموات وما في الارض" . ( الحجرات : 16) .

إذا كان الترويج لفكرة تأسيس دولة مدنية القصد منه : تكريس قمع الصحوة الإسلامية التي أضحت ظاهرةً مقلقة للغرب في العالم ، فليرفق الساسة بحالهم ، فإن المدّ الإسلامي بدأ يسري بنوره في أوروبا الشرقية ،والولايات المتحدة الأمريكية ، والصين الشعبية ، والهند الوثنية، وروسيا الشيوعية ، كضياء الفجر ، كما قال الله تعالى : " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله" ( التوبة : 33 ) ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" ليبلغن هذا الامر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا حجر الا أدخله الله هذا الدين ، اما بعزّ عزيز او بذل ذليل ، عزا يعز الله به الاسلام ، وذلا يذل الله به الكفر " . حديث صحيح على شرط مسلم .

لقد أسلم أحد علماء القانون اليهود قبل سنين لما علِم أن أنصبة الميراث الإسلامي جمعت في القرآن في عشرة أسطر، بينما قانون الميراث في الدستور الأمريكي يقع في ثمان مجلدات ! ، وأسلم عالم أسترالي قريبا عندما اكتشف أن مادة الزجاج التي يحتويها جسم (النمل) قد أشار إليها القرآن في قول الله تعالى : " قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده " ( النمل : 18 ) . وأسلم قبلهما كثير، كالفيلسوف الفرنسي( رينيه جينو) والمفكر الانجليزي (مارتن لنجز ) .

إن مقومات الدولة المدنية التي يغازلها المفكرون اليوم في الشرق والغرب ، قد كفلها الإسلام في عدله ومساواته وقيمه وعطفه وإعزازه لكل من انتسب إليه ، بغض النظر عن هويته ومذهبه . وحيلة اولئك في أسلمة العلمانية وتقريبها للشباب الغافل هي جناية لن يصمت عنها المخلصون . وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
 
إنضم
4 ديسمبر 2011
المشاركات
451
التخصص
الوعظ والارشاد
المدينة
المسيلة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

بارك الله فيك اخي احمد اجزت وافدت ويبقى لي سؤال حيًرني احمد لماذا بقي الكثير من المسلمين سذًجا يتماشون مع كل ناعق مما يقوله لهم من بعض الحكام من اكاذيب وافتراءآت على على الاسلام والمسلمين وكل ما له صلة بالا سلام
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

أحسن الله إليكم .
الجواب في حديث جُحر الضب .
فراجعه غير مأمور .
والله يتولانا وإياكم .
 
إنضم
21 ديسمبر 2010
المشاركات
396
الإقامة
وهران- الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة والقانون
الدولة
الجزائر
المدينة
سعيدة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

أثابكم الله الأستاذ أحمد على غيرتكم على الإسلام وبارك فيكم
بيد أن هذا الطرح، لا تؤاخذني على الانتقاد العلمي، سطحي ولا يقنع إلا المتدينين من أمثالنا
فقد دأبنا على إتقان المونولوج (الحديث الذاتي) و لم نرتق بعد إلى رتبة الديالوج (الحوار مع الآخر)
ألا ترى أن حكومات سقطت بسبب تهميشها للمخالف
فما أحوجنا إلى فقه أرحب يقنع الجميع مسلمهم وكافرهم
طالما أنهم فاعلون أساسيون على الساحة السياسية االمحلية والإقليمية والدولية
لعلي أواصل الحديث في وقت آخر راجيا أن يجري الحق على لسان غيري
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

أحسن الله إليكم وسدَّدكم وزادكم علمًا وإيمانا .
شكراً على ردِّك ،فقد شرَّفني تعقيبك .
إن كنت تقصد بالسطحيه كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم الذي استدللتُ به في ثنايا كلامي، فقد خِبتَ وخسرتَ ، وإن كنت تقصد بالسطحية الردَّ على التغريبيين والبرامكة الجُدد ، فمقالي لم يُرقم لهذه المسألة ، وهذه هفوة منك أخرجت مكنون صدرك ! .
وها هم فُروخ رفاعة الطهطاوي- عامله الله بعدله- يسرحون تحطيمًا وعبثاً بالمجتمع المصري منذ قرن من الزمن ، حتى أضحى مجتمعاً هزيلا لا يكاد يقيم مفردات التوحيد الصحيح إلا في بعض شرائحه ! .
وها أنتم في الجزائر – فرَّج الله همكم – تُعانون من أُولئك التغريبيين البرامكة منذ عشرات السنين، وقد عبث بتعليمكم وإعلامكم وصحوتكم ، فلماذا لم تُحاوروهم وتصلحوا بلدكم الذي مزَّقه التغريبيون والعلمانيون ؟! .
فمقالي- أصلح الله حالك- عن تأصيل مصطلح الدولة المدنية من حيث المعتقد والجذور .
فحنانيك حنانيك ، فالمحابر أمانة لا يؤدِّيها من نهل من القوانين الوضعية فحسب ، بل لا بد من التضلُّع في المعتقد الصحيح ومعرفة حكم الله فيها تكليفًا ووضعاً .
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

فمقالي- أصلح الله حالك- عن تأصيل مصطلح الدولة المدنية من حيث المعتقد والجذور
رعاك الله يا أستاذ أحمد
لا أظن الدكتور مختار طلب أكثر من التأصيل الشرعي
فما المانع في أن تشرح لنا أكثر عن أخطاء المصطلح ومخالفاته العقدية؟
وما المانع في أن نستفسر عما لم نفهم؟
وأن نجيد الحجة التي نجادل بها من يدافع عن هذا المصطلح
وقد بدأت بطرح أسئلة على الموضوع وعندما رأيت ردكم الأخير على الدكتور مختار حذفتها إلى أن توافقوا على مبدأ المناقشة وإلا ستكون أسئلة في غير محلها
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

أحسن الله إليكم .
لا تخلطين الأمور يا أُستاذتنا القديره .
المقال وافي ولله الحمد بمقصودي الذي رقمته من أجله .
أما الحوار مع أخي مختار فأنا مستعدٌ له بشرطين :
1- يكتب مقالة مماثلة لمقالتي ويبين فيها أصول الحوار المأمول عنده مع زمرة المدنيين الذي زعم أنه واجب اليوم .
2- يشرح لي في سطور موجزة المرجعية العقائدية للدولة المدنية القائمة اليوم في العالم الاسلامي .
وبعدها لكل مقام مقال .
فوقتي عزيز لن أجود به إلا لمن يستحقه .
 

زياد العراقي

:: مشرف ::
إنضم
21 نوفمبر 2011
المشاركات
3,614
الجنس
ذكر
التخصص
...
الدولة
العراق
المدينة
؟
المذهب الفقهي
المذهب الشافعي
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

حنانيك بنا شيخنا الأستاذ أحمد ، فلم نتعود منكم هذه الشدة في ردودكم .ونرجو منكم أن تحسنوا الظن بأخيكم شيخنا الأستاذ مختار.
حفظكم الله وبارك فيكم
 
إنضم
4 ديسمبر 2011
المشاركات
451
التخصص
الوعظ والارشاد
المدينة
المسيلة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

اخي احمد ماألفناك هكذا لعلك كنت منزعجا من جهة اخرى او لعلك كنت متعبا قال تعالى < ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة>
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,489
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
التعديل الأخير:
إنضم
21 ديسمبر 2010
المشاركات
396
الإقامة
وهران- الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة والقانون
الدولة
الجزائر
المدينة
سعيدة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

أستاذي الحبيب أحمد بن مسفر العتبي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ملاحظـة: بداية أشكركم على تناول هذا الموضوع الشيق الذي ينم عن ملكة فقهية مميزة، وأرجو أن نتناول الموضوع بأريحية فأنا لا أستغني عنك وعن علمك، وإن بدر مني عبارة جارحة فهي غير مقصودة، وإنما القصد مما ذكرت أن أحثكم على العصف الذهني لأستخرج منكم الدرر واللآلئ والنكت واللطائف العلمية.
والقصد من وراء هذه المناقشة أو المدارسة أن نكشف معالم هذا الموضوع، لا المغالبة، وأنا على يقين أننا سنصل إلى حقائق مفيدة. وليس بالضرورة معالجته في وقت قصير نظرا للصوارف والمشاغل التي قد تنتابنا. وفي نفس الوقت يمكن لأي متدخل آخر أن يقدم تعقيبا موازيا أو عكسيا لإثراء الموضوع شريطة أن يكون بأسلوب علمي واضح.

الآن دعنا نبدأ بتحديد مصطلح "الدولة المدنية"
فهذا مصطلح جديد اختُلف في فهمه، فعرضت له تعريفات متعددة، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، وليس كل قديم أو جديد مرفوض لذاته، وإنما يُقبل أو يُرفض لما يتعلق به من مواهي، ولا يناط الحكم بالاسم وإنما بالمسمى أو المضمون.

فمن التعريفـات:
1- الدولة المدنية : تعني دولة يحكمها المدنيون دون العسكريين. أعتقد أن هذا التعريف لا يختلف اثنان في صحته، فالسياسة من صلاحيات المدنيين المؤهلين لذلك، أما العسكر فهم غالبا مؤهلون لمهام الجندية والدفاع عن البلد. وهذا التعريف تمسك به من يرفض الانقلابات العسكرية جملة وتفصيلا.
2- الدولة المدنية : هي دولة يحكمها المدنيون دون رجال الدين. فهذا التعريف يثير إشكالا كبيرا. يبدو لي أن استعماله من أهل الحداثة يعني أن الدولة المدنية هي التي لا تدخل الدين في قاموس تعاملاتها، ولا تقبل بفرض سيادة رجال الدين الذين يحتكرون تفسير الحق الإلهي ويعتبرون ظل الله في أرضه، لكن لا تجد غضاضة في حصر الدين المسموح به في دائرة ممارسة الشعائر التعبدية.
بينما يستعمله أصحاب المشروع الإسلامي بمعنى مغايـر.
فالدولة المدنية عندهم التي تتعامل وفق عرف زمانها، فلا حرج أن يكون لها نظام نيابي ونظام قضائي ونظام تنفيذي وأن يكون هنالك فصل بين السلطات وما هنالك حق للتداول السلمي عن السلطة عبر صناديق الاقتراع. لكن هذا لا يمنع من انضباطها
بمرجعية دينية عامة، تشكل محورا هاما في النظام العام، وهي تختلف عن الحكم الديني الذي ساد في أوربا في العصور الوسطى؛ حيث مارس رجال الدين الكنسي الاستبداد والإقطاع باسم الدين.

واستعمال مصطلحات العصر للوصول إلى مقاصد تشريعية جائز، فالنبي صلى الله عليه وسلم استعمل ختما لختم الرسائل عملا بالأعراف الدولية في المراسلات الرسمية، وعمر رضي الله عنه لم يجد غضاضة من نقل الدواوين المعروفة عند الروم، كما فرض ضريبة على التجار غير المسلمين عملا بالمثل سميت بالعشور، ونجد من بين الأنظمة القضائية جهاز شرطة لحفظ الأمن خلال الجلسات القضائية يسمى الجلواز وأحسب فيما أذكر أنها كلمة غير عربية. بل إن القرآن الكريم استعمل كلمات غير عربية الأصل.

طبعا استعمال لفظ "الدولة المدنية ذات مرجعية إسلامية"يثير تشكيك العلمانيين الذين يقولون أن هذا تلاعب بالألفاظ لفرض نظام ديني كما شهده العصر الوسيط. كما يثير سخط بعض الإسلاميين الذين يقولون بعم جواز استعمال الأسماء غير الإسلامية، وأنه من الحكمة أن تكشف أوراقك السياسية بوضوح وأن هذا من الغزو الفكري أو من المداهنة.

بينما يرى من يستعمل هذا المصطلح أنه لا يجوز محاكمة النوايا وإنما محاكمة التصرفات.
كذلك، استعمال هذا المصطلح ليس دليلا على غزو فكري وإنما أملته ضرورة العمل السياسي وفقه الاستضعاف. كما أنه مداراة وليس مداهنة والفرق بينهما واضح، فالمداهنة تقتضي التنازل في الوسائل إضافة إلى المبادئ، بينما المداراة تقتضي التنازل أو المرونة في الوسائل دون المبادئ.
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
فتح الله عليكم .
أكملوا لا عدمناكم .
 
إنضم
21 ديسمبر 2010
المشاركات
396
الإقامة
وهران- الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة والقانون
الدولة
الجزائر
المدينة
سعيدة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

حبذا أن توجه إلي سهام النقد فهي أفيد من المجاملة
خصوصا فيما يتعلق بالأدلة الموجهة لغير الإسلاميين
وليضع القارىء نفسه مقام الإسلاميين إذا وجهت الحديث لهم
وليتقمص شخصية الحداثيين والعلمانيين إذا وجهت كلامي إليهم
وذلك حتى نستفيد في زيادة فهمنا للمسألة وتطوير خطابنا الإسلامي
وعليه الرجاء نقد ما عرضته حول تعريف الدولة المدنية
والدولة المدنية ذات مرجعية إسلامية
 
إنضم
11 يوليو 2012
المشاركات
350
التخصص
أصول فقه
المدينة
قرن المنازل
المذهب الفقهي
الدليل
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

أحسن الله إليكم وسدَّدكم وزادكم علماً وإيماناً .
هذا ردي المجمل على كلامك السابق .
* مغالطات تأصيل مصطلح الدولة المدنيه وتطبيقاته المعاصرة :

1-الدولة المدنية لا تُدخل الدِّين في تشريعاتها ، وأقرب مثال الجدل حول الدستور المصري الذي تم الاستفتاء عليه قبل سنه ، ثم أصبح كأمس الذاهب ! ، وكان له ضجة كبيرة في المجتمع المصري ، ولا أخالك يخفى عليك أيضاً دساتير المغرب العربي وما فيها من تناقضات شرعية وقانونية .

2- قيام الأحزاب في الدولة المدنية على أساس علماني لا ديني ، والآن هم يهتفون في الإعلام : أبعدوا الدِّين عن السياسة وكلنا يد واحدة !! .

3- لا يجوز عندهم اقحام الدِّين في السياسه والاقتصاد والإعلام ، وهذا كسر لإعمال مقاصد الشريعة في العمل بهذا المصطلح الحداثي .

4- الأحكام الشرعية والحدود عندهم غير مناسبة للعصر .

5- يزعمون أنهم أوُجدوا الدولة المدنية لحفظ الحريات والأقليات ، وهذه تلتف بها ظنون وشبه كثيرة.

6- الدولة المدنية المعاصرة المرجع فيها الانسان نفسه فهو الذي يُغيِّر ويُحوِّر لا على أساس العقيدة والشريعة ، إنما على أساس الحزبيه والمصالح .

7- لو قلنا للأحزاب المدنية في دولة المؤسسات التي يُنادى بها اليوم من أين تستمدون الأحكام السلطانية التي تحكمون بها عند الاختلاف، لقالوا من القوانين الوضعية القائمة على الحرية الدينية وتعطيل الحدود وتهميش شرع الله !! ، وهذه لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح عليها عنزان .

8- لو قلنا للحناجر التي بُحَّت اليوم بمصطلح الدولة المدنية نحن معكم في البناء لكن سموا هذه الدولة دولة إسلامية ، لرأيتهم لوَّوا رؤؤسهم وعبسوا عبوساً كبيرًا .

9- مصطلح الدولة المدنية – مصطلح مطَّاط - يحمل حقاً وباطلاً، وهو مصطلح دخيل، لكن القرائن الشرعية والحسية والظروف الزمانية والتجارب الحياتية مع المجتمعات الحديثة ، تُحتِّم التحفظ على المناداة به إذا كان بلبوس العصر مع تحييد الشرع والمعتقد الاسلامي الصحيح ، ليس الذي يُطبَّق في القوانين والدساتير الوضعية ، إنما ما أصَّله الوحي ودعت إليه الرسل . وهذا المعنى هو الذي استنكرتُ الدعوة إليه من أخي مختار وأغلظت الخطاب عليه ، لأنه لا وسطية في البناء العقدي في الدولة الإسلامية .

10 – نحن اليوم بين خِيارين : إما الحداثة التي لا تقبل التعديل أو السلفية التي لا تقبل التحريف .

11- أخي وحبيبي مختار : اقرأ غير مأمور كتاب : الحكم بغير ماأنزل الله / لعبد الرحمن المحمود / وستعرف كم نحن مخدوعون بهذه المصطلحات البراقة والدعوة إليها .وقد لاحظت على أسلوبك في السرد : تحييد المعاني العقدية لهذا المصطلح والدعوة إليه ، فما سِرُّ ذلك ؟!! .

12- راقم هذه السطور لا يعارض الوسائل العصرية لإقامة دولة اسلامية على ضوء المصطلحات الحديثة ، لكنني ُأعارض القيم والمفاهيم المدنية العلمانية الراسخة في عصر الحداثة ، التي يصعب معها مجاراة هذه الدول بصبغة إسلامية مُتجرِّدة عن الوحي وفهم السلف ، وأجد بوناً واسعاً للتقريب بين مفاهيمنا العقدية ومفاهيمهم العلمانية .
من المعيب أن نناقش فكرة تطبيق مصطلح لا قواعد مشتركة تجمعنا به ولسنا ملزمين بتطبيقه قسرا في هذا العصر . ومصطلح أهل الحل والعقد والشورى ينتظم سلك هذا المصطلح مع الصبغة العقدية له .

هذه لمحة موجزة عن التبعات المرذولة لمصطلح الدولة المدنية وبعض تطبيقاته التي يُنادى بها ، أكتبها وأنا خارج بلدي وبعيد عن مكتبتي ، والسفر قِطعة من العذاب . ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق .
 
إنضم
21 ديسمبر 2010
المشاركات
396
الإقامة
وهران- الجزائر
الجنس
ذكر
التخصص
الشريعة والقانون
الدولة
الجزائر
المدينة
سعيدة
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

أخي الفاضل الأستاذ أحمد
فتح الله عليكم وأغدق عليكم من نعمه ورمضان مبارك!

فيما يلي ردود سريعة على ما أوردتم من ملاحظات مع التنويه إلى أن اتساع دائرة الموضوع لا يساعد على حسمه قريبا. كما أرجو أن تقرأ هذه الملاحظات بعيدا عن المؤثرات البيئية لأنها تشكل عائقا في فهم الأمور:

1- ليس بالضرورة عدم إدخال الدين في التشريعات في مفهوم الدولة المدنية، بل هي الدعوى التي يرفعها أهل الحداثة أو العلمانية. ولو لم يكن للدستور المصري من فوائد لما تم إجهاضه. حيث شارك فيه أصحاب التيار الإسلامي (التيارالسلفي، التيار الإخواني، شخصيات علمية لها وزنها مثل الدكتور حسين حامد الرئيس السابق للجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد وله تأليفات حسنة في أصول الفقه والتأمين...)

2- حبذا أن تذكر لي دستورا واحدا في العالم الإسلامي خال من العيوب إن في المجال النظـري أو من حيث التطبيـق، يكون معيارا مرجعيا نقيس عليه الأمور بما يتضمنه من شورى على المستوين المركزي والمحلي وضوابط وصلاحيات الحاكم والحريات العامة كحرية التعبير والرأي ..الخ

3- إذا كانت بعض الدول ترفض تشكيل الأحزاب على أساس ديني وهذا باطل وهو من تأثيرات العلمانية في الدول الإسلامية، فهنالك دول ترفض وجود أحزاب أصلا وهذا ما يُفرح حكاما يحكمون ببعض الكتاب في مجال العبادات أو بعض المعاملات كي ينفردوا بالشأن العام بما يخالف الشريعة.

4- المسمى أهم من الاسم فهل هنالك ضير في التسمية إن عملنا على تعديل المسمى بما يتفق مع الشريعة. يؤيده شاهد تاريخي: ينقل أن نجم الدين أربكان رحمه الله لما استلم مقاليد الحكم في تركيا فرض الزكاة باسم ضريبة الدخل؛ لأن البيئة العلمانية لم تكن تسمح له باستخدام لفظ الزكاة، فترى هل كان مجازا في اجتهاده أم كان مخطئا؟

5- ما تم تسجيله على دستور مصر المجهض أنه تضمن تطبيق "أحكـام" الشريعة وفق تفسير مشيخة الأزهر ولم يكتف بمصطلح "مبادىء" وهو ما أثار مخاوف العلمانيين.

6- بالنسبة للحدود من خلال سيرة النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت في النهاية؛ لأن الشريعة لا تتشوف للعقاب بل تهدف إلى تهذيب السلوك. وتطبيق الحدود في وضع يسوده الظلم والمخالفات الشرعية يؤدي إلى انتهاكات صارخة تودي بحفظ النفس والدين. فلو كان اللجوء إلى العقاب كوسيلة لتزكية الشعوب لسلكها الرسول صلى الله عليه وسلم بادئ الأمر ولم يركز في مكة ومعظم المدينة على الإيمان والأخلاق.

7- لا أدري ماهي الشكوك التي تحوم حول حفظ الحريات، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا، وقد نادى بعض الباحثين بإضافة حفظ الحريات إلى الكليات الخمس.

8- وأما الأقليات والمواطنة فنحن أول من عرفنا هذا المفهوم، في عالم كان يموج بالعرقية الفارسية والرومانية، فمن يكون أهل الذمة؟ أليسوا أقلية لها حقوق وعليها التزامات؟ ومثل هذا لا يخفى عليكم.

9- الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية ليس فيها مخالفة للشريعة وتعمل على تطبيق الممكن. وقد نقل عن ابن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه قال لأبيه لمِ لا تحمل الناس على الحق جملة يا أبت؟ تأييدا له على القضاء على مخلفات حكم بني أمية فأجابه: يا بني إن الله ذم الخمر في الأولى والثانية وحرمها في الثالثة، فأخشى إن حملت الناس على الحق جملة أن يدعوه جملة.

10- وقد نقل لنا التاريخ أنه رضي الله عنه مات مقتولا بسبب مناكفته لبني أمية واسترداد الحقوق منهم. وأعجب من النظر في باب السياسة الشرعية مع إهمال العمل بالمصلحة المرسلة التي هي معقول جملة من النصوص التي تحمل معنى قطعيا وتحتاج إلى تحقيق مناط الذي يستلزم إنزال النصوص الشرعية الملائمة على الوقائع المناسبة.

11- أما الحزبية فهي ليست وليدة اليوم فقد نشأت في عهد خير الناس وهم الصحابة رضي الله عنهم: المهاجرون والأنصار وكانت تبرز في المواقف الحاسمة في فتح مكة وسقيفة بني ساعدة..الخ ولا أعني بالحزبية: التعصب للحزب، وإنما: حق إنشاء جمعية أو حزب ذو طابع سياسي يسمح بالتداول السلمي على السلطة دون إراقة الدماء ( رئاسة الجمهورية في النظام الجمهوري، ورئاسة الوزراء في النظام الملكي) ولئن كان في الصحابة من التقوى ما يمنعهم من الجور فلا يوجد ما يكفي منه في غيرهم.
وعليه، فكيف تطبق الشورى في المجال السياسي بغير حزب؟ قد تقول هذا يرجع لأهل الحل والعقد. فأقول: من يسلم لك اليوم في وقتنا المعاصر أن يكون أهل الحل والعقد من أهل العلم الشرعي والفضل والصلاح؟ والحكم مبني على العصبية كما قال ابن خلدون، فالحاكم إن لم نكن له عصبة تحميه ربما تجرأ عليه السفهاء، وقد فعلت مع عثمان رضي الله عنه،ولئن يكون حزب أو جمعية ونحو ذلك عصبة سياسية أفضل من أن يكون الجيش عصبته؛ لأن الجيش بطبيعته لا يفقه في السياسة وإنما يفقه في أعمال الحرب والدفاع عن الأمن.

12- حبيبي أحمد! دعك من الاقتصار على أصل كلمة الدولة المدنية واشتقاقاتها وإلا سوف لا تصل إلى شيء.
قريب من هذا قال البعض ولا يزال آخرون بتكفير العمل بالديمقراطية. وتراجع البعض حينما علم أنها ديمقراطية تنفيذية تتعلق بالآليات للوصول إلى السلطة لا بالتشريع، فالتشريع لله وحده، و مجلس الشعب في الدولة الإسلامية في التصور الصحيح مقيد في التشريع بضوابـط الشريعة.

13- "نحن اليوم بين خِيارين : إما الحداثة التي لا تقبل التعديل أو السلفية التي لا تقبل التحريف".
لقد ضيقت واسعا ياعزيزي أحمد!

فمن أهل الحداثة (العصرنة) من يقول بالشريعة، ومنهم من يقول ببعضها، ومنهم من لا يقول بها، والسلفية لها اتجاهات مختلفة ما بين سلفية علمية وسلفية حركية وسلفية جهادية. وهي مدرسة لتفسير الشريعة لها مثلما لغيرها من المدارس الحق في فهم الشريعة.

14- ليس من الصواب إقحام العقيدة في باب الفقه، فهذا الموضوع يندرج في الفقه الدستوري في باب السياسة الشرعية، وليس هنالك مشاكلة كمسح الخف تفرض علينا إدراجها. وقد ذكرت ما يكفي لإبعاد تخوفك من هذا المصطلح.

15- ترى هل فيما ذكرت ما يكفي لطمأنة العلمانيين الذين يعيشون بيننا؟
قد يقول قائل: لا اعتبار لإرضائهم فهم ...
! أقول: انظر ماذا حصل في مصر، وما قد يحدث في تونس وفي البلدان الأخرى لا سمح الله، العلمانيون أقليـة لا تمثل المجتمع هذا صحيح، لكنها أقلية نافـذة، لها أفكارها التي تحتاج إلى مناقشة ومداراة ومفاوضة، ولها كذلك تأييـد كبيـر من الخارج سياسيا وماليا ينبغي وضعه في الحسبان ومن الخطـر البين تهميشهـا بل الحـل في استيعابهـا.
هذا ما تيسر والله تعالى الموفق للصواب
 

بلال قرني محمد

:: متابع ::
إنضم
24 فبراير 2009
المشاركات
7
الكنية
أبو عاصم
التخصص
أصول فقه
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
شافعي
رد: مُسوَّدة الدولة المدنية !

جزيت الخير
 
أعلى