نتف شيئاً من شعره، فهل يحلّ من إحرامه ؟

[د. رأفت محمد رائف المصري]

عرضت عليّ مسألة قبل أيام، فيها :

أن أحد المعتمرين، أتمّ أعمال عمرته، إلى التحلّل، فلمّا أراد ذلك؛ لم يجد ما يقصّر به أو يحلّق، فطفق ينتف من شعره !!

فهل يحلّ من إحرامه، أم لا ؟

أرجو توثيق الإجابة - إن كان إلى ذلك سبيل - .

 

[د. عبدالحميد بن صالح الكراني]

لم أشأ أن يذهب هذا الموضوع دونما مدارسة.
وقد درست فقه النوازل؛ فكان من المتحتم على دارسه أن يضع إشارات حول هذه الواقعة.
ومعرفة حال الواقعة أمرٌ ضروريٌ للمفتي.

ولذا فسأنقل لكم مشاهدة في نتف الشعر رأيتها بعيني!.
أحد الزملاء كان يمسك بشعر رأسه فينتفه أمامنا بشكل مخيف!، فيذهب منه في يده شيءٌ كثير؛ حتى لكأنه مكينة حلاقة قد أخرجته!!، وفي ظني أنه نوع مرضٍ يصيب الشعر.

مسألة: نتف الشعر وحلقه أو قصه.
وهي مسائل مشتركة تتوارد في مواطن عدة، منها: النمص، والاستحداد.

التكييف الفقهي لصاحب النازلة: (تحلل المحرم بنتف شعره).
النتف يأتي على أصل الشعرة من جذرها؛ فهي وإن لم تكن حلقاً؛ لكنها أزيد عليه.
بخلاف القص؛ فهو أخذ جزء من الشعر.
فالذي يظهر -لي- والعلم عند الله أن النتف وإن لم يكن مشروعاً أو منصوصاً؛ لبعده من خطاب الشارع في هذه الحال المخصوصة، إلا أنه فوق الحلق بمراحل؛ لا من جهة ألمه؛ ولا من جهة أنه يأتي على أصلها بجذرها؛ بخلاف نصه على بعض الأحوال بالنتف؛ كما هو الحال في شعر الإبط.
وعليه فلا يخلو حال الناتف من أمرين:
الأمر الأول: إما أن يكون النتف كثيفاً يعمُّ غالب شعر الرأس؛ كمن يقصر من جميعه، (كحال زميلي الذي وصفته)؛ فإني لا أشك أنه لو أخذ من جميع جوانب شعر رأسه بالطريقة التي رأيتها بأنه يتحلل؛ شأنه كمن قصَّر من عموم شعر رأسه.

الأمر الآخر: أن يكون النتف قليلاً سواءً عمَّ الرأس أو جاء على غالب جهاته.
فإن كان كحال من يقص عند المروة حين يقابله الباعة بمقصات ليتحلل سريعاً.
فهنا تتمايز الفتوى.
فمن يجيزه يشترط أن يعم جوانب الرأس؛ بما يحصل بعمومه أنه قد قصَّر من شعر رأسه.
وسائلك بحاجة للتوصيف الدقيق؛ لأن العبارة: (فطفق ينتف من شعره !!) لا تفي بالتصور الكامل؛ فهل كان على النحو المذكور؛ أو لا؟.

والموضوع بحاجة للمدارسة الموثقة؛ وأعتذر عن المداخلة المجرَّدة.
لئلا يذهب الموضوع بلا تعليق؛ فلعلَّ من يدلي بدلاء أكبر وأوفى.
والله الموفق.

 

[د. رأفت محمد رائف المصري]

جزاك الله خير أيها الموفق ..

وردني السؤال على هذه الصورة، فنقلته كما هو، إلاّ أن القالب اللفظي لي .

إلا أنك - كعادتك - بعيد الإدراك، عميق النظر، مُغرمٌ بالتأصيل ..

فبورك لنا في علمكم، فقد أفدتمونا بما فتح الله عليكم، بل قد أعطيتم أبعاداً رحيبة للمسألة، لا بد من التنبه إليها .
وما يزال المقام مفتوحاً لمن أراد إثراء المسألة .