العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

درس هل كان علم أصول الفقه شيئاً معدوماً قبل الشافعى ، وجاء الشافعى فأحياه ؟

إنضم
4 يوليو 2016
المشاركات
31
الكنية
أبو عبدالرحمن
التخصص
كلية اللغات والترجمة
المدينة
المنصورة
المذهب الفقهي
الشافعي
هل كان علم أصول الفقه شيئاً معدوماً قبل الشافعى ، وجاء الشافعى فأحياه ؟
__________
الجواب
يُخطئ من يقول أن الإمام أبو عبدالله الشافعى هو من أحيا هذا العلم " علم أصول الفقه " فى كتابه القيم " الرسالة " ، فعلم أصول الفقه لم يكن شيئاً معدوماً قبل الإمام رحمه الله ، بل إنه كان موجوداً حتى على عهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، وإن لم يُصرحوا به ولم يُصنفوا فيه ، لكنهم كانوا يُعبرون عنه بألفاظ مُقارِبة ، أو ربما صرح بعضُهم بالأصل الذى اعتمد عليه فى استنباط حكم المسألة الجديدة التى لا نص يخصُها بالذكر ، فكان الصحابةُ رضوان الله عليهم إذا استنبطوا أحكاماً شرعيةً لتطبيقها على وقائع جديدة = يكون استنباطُهم صادراً عن أصولٍ مُستقرة فى أنفسهم علموها من نصوص الشريعة ورُوحها ، ومِن تصرفات النبى عليه الصلاة والسلام التى عايشوها وشاهدوها ، وربما صرح بعضُهم فى بعض المسائل بالأصل الذى استند إليه فى استنباطه للحكم الفرعى .
ومن الأمثلة على ذلك :
قول ابن عباس رضى الله عنهما ، لما سمع بعض الناس ينهَون عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، ويستدلون على ذلك بِرَأى عمر ، وكان عمر رضى الله عنه لا ينهى عن التمتع ، ولكن يرى أن الأفضل أن يأتى الإنسان بالعمرة فى سفرة مستقلة ، ثم يأتى بالحج فى سفرة أخرى مستقلة ، فينشأ لكل واحد منهما سفراً خاصاً ، وهذا هو رأىُ عُمر رضى الله عنه ، وإن كان خلاف الأولى ، لأن النبى قال " لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سُقت الهدى ولجعلتها عمرة " ، وقال النبى ( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة )، وشبك بين أصابعه عليه الصلاة والسلام ......
فالحاصل أن بعض الناس كانوا ينهَون عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، ويستدلون بأن عمر رضى الله عنه كان يفعل ذلك ، فقال ابن عباس رضى الله عنهما " أقول قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر !! " ، فقول ابن عباس صريح فى قاعدة لم يسمها ابنُ عباس ، وإنما أشار إليها ، ألا وهى أن الحديث الصحيح حجة بذاته لا يعارضه قول صحابى مهما كان " ، وهذه قاعدة نص عليها الأصوليون فى كتبهم ، وهو أن الدليل من السنة مُقدَّم على قول الصحابى كائنا من كان .
-----------------
وأيضا ابن عمر كان يحدث بحديث النبى «لَا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ» فَقَالَ ابْنٌ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: لَا نَدَعُهُنَّ يَخْرُجْنَ فَيَتَّخِذْنَهُ دَغَلًا. قَالَ فَزَبَرَهُ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ: " أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَتَقُولُ: لَا نَدَعُهُنّ " ، فقول ابن عمر رضى الله عنهما " أقول : قال رسول الله ، وتقول : لا ندعهن " صريح فى قاعدة أصولية ، ألا وهى " لا إجتهاد مع النص ، فإذا ورد النص وجب العمل به دون الإعتراض عليه بإجتهاد أو نحو ذلك " .
---------------
وأيضا ربما صرح بعضهم بالقاعدة التى يستند إليها ، كما فى كتاب عمر رضى الله عنه لأبى موسى الأشعرى لما عينه على القضاء "اعرف الأشباه والأمثال ثم قس الأمور عند ذلك فاعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى " ، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله فى مسند الفاروق " هذا أثر مشهور ، وهو من هذا الوجه غريب ويسمى وجادة ، والصحيح أنه يحتج بها إذا تحقق الخط " ، فهذا الأثر صريح من عمر رضى الله عنه بالقياس كحجة شرعية بشروطه .
ــــــــــــــ
#الخلاصة : علمُ أصول الفقه لم يكن شيئاً معدوماً قبل الإمام الشافعى ، وجاء الشافعى فأحياه ، لكن كان موجودا حتى على عهد الصحابة ، و الإمام الشافعى كان له فضل السبق فى تدوين هذا الفن وجمع فصوله وتقنينه وتقريظه بالأدلة الصحيحة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
----------------------
قال الفخر الرازى " اتفق الناس على أن أول من صنف فى هذا العلم هو الشافعى ، وهو الذى رتب أبوابه ، وميز بعض أقسامه عن بعض ، وشرح مراتبه فى الضعف والقوة ".
وقد رتب الإمام الشافعى كتابه الرسالة فى الغالب على طريقة المحاورة والسؤال والجواب ، وذلك مثل : " قال لى قائل ... فما حجتكم فى القياس وتركه ، فقلت له .... ، قال ... ، قلت .... وأحيانا يأتى بالكلام على صيغة الإعتراض وذلك مثل : فإن قال قائل ... قلنا .. .. فإن قيل ... قيل له .... .
وللإمام الشافعى مباحث وتقارير أصولية غير الموجودة فى كتاب الرسالة ، نجدها له فى كتب مثل كتاب " صفة نهى النبى " ، وكتاب " إبطال الإستحسان " ، وكتاب " إختلاف الحديث" ، وكتاب " جماع العلم ".

حسابى على الفيسبوك
https://www.facebook.com/moham.baqe.za
 
أعلى