العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

إعلام اللهفان بفضيلة الطهارة لمس القرآن

إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعـد : فإن القرآن الكريم هو كلام الله المبين ، وكتابه المعجز ، وتنزيله المحفـوظ ، جـعله الله شفاء للصـدور ، و فرقاناً بين الحلال والحرام ، و فرقاناً بين الحق والباطل ، وقد أنـــزله الله I على رسوله r ، ليخرج الناس به من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم والهـدى ، ليكون عصمة ونجاة لمن تمسك به ، لذلك فتلاوة القرآن من خير ما ينفق الإنسان فيه عمرهطاعة للهU ، و قد قال النبي r : (( اقرءوا القـرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه )) [ رواه مسلم ] وقال r : (( الذي يقرأ القرآن ،وهـو ما هر به مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ، ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران )) [ متفق عليه ] وقال r : (( من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول : ألم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حــرف ، وميم حرف )) [ رواه الترمذي وقال : حسن صحيح ] ،وشرع الله عند مس المصحف الطهارة ،واختلف العلماء فى حكم الطهارة لمس المصحف فمنهم من يقول بالوجوب، وهذا قول أكثر الفقهاء ، ومنهم من يقول بالاستحباب ومنهم الظاهرية ، وكل من القولين له أدلته ،وله وجاهته،ولأهمية المسألة أحببت كتابة بحث مختصر فيها أبين فيه قولى الفقهاء وأدلتهم وترجيـح الرأى الموافق للكتاب والسنة ، وكان هذا البحث مكوناً من مقدمة وخمسة فصول وخاتمة: المقدمة : تشمل عرضا سريعا للمسألة. الفصل الأول : عرض قولي الفقهاء . الفصل الثانى : أدلة قول الجمهور . الفصل الثالث : أدلة مخالفي الجمهور. الفصل الرابع : القول الراجح . الفصل الخامس : ما ترتب على القول الراجح. الخاتمة : تشمل خلاصة البحث. أسأل الله أن يلهمنى الرشد والصواب والرشاد . وكتب ربيع أحمد سيد - إمبابة - الأثنين23 رمضان 1427 هجرياً 16 أكتوبر 2006 ميلادياً
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الفصل الأول : عرض قولي الفقهاء

الفصل الأول : عرض قولي الفقهاء

اختلف العلماء في مس المصحف دون طهارة فالجمهور على المنع ،و هذا هو المذهب المنقول عن جمع من الصحابة منهم علي بن أبي طالب ، و عبد الله بن مسعود ، و سعد بن أبي وقاص ، و عبد الله بن عمر ، و سعيد بن زيد ، و سلمان الفارسي ، وغيرهم ، و قال به جمهور التابعين و منهم : عطاء بن أبي رياح ، و ابن شهاب الزهري ، و الحسن البصري ، و طاوس بن كيسـان ، و النخعي ، و الفقهاء السبعة ، و هو مذهب مالك والشافعى واختلفت الرواية عن أبي حنيفة، فروي عنه أنه يمسه المحدث،وقد نقل هذا القول عن ابن عباس ، والشعبي ، والضحاك[1]، والحكم بن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان، وداود الظاهري[2]، وهو مذهب الظاهرية[3].




[1] - الجامع لأحكام القرآن 17/226 دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ، 1387هـ/1967م ، نيل الأوطار ، 1/261 دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، 1402هـ/1982م.
[2] - المغني 1/ 147مكتبة الرياض الحديثة ، المجموع للنووي 1/79 مكتبة العاصمة
[3] - انظر : المحلى ، 1/77 طبعة دار الآفاق .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الفصل الثاني أدلة الجمهور

الفصل الثاني أدلة الجمهور

الدليل الأول :
قوله تعالى : ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ سورة الواقعة
وجه دلالة الآية :
إن الله U أخبر أن هذا القرآن الكريم لا يمسه إلا المطهرون إجـــلالاً له وتعظيمًا ، وجاء الإخبار في الآية بصيغة الحصر فاقتضى ذلك حصر الجواز في المطهرين ، وعموم سلبه في غيرهم[1]، و لقوله تعالى: ﴿ فاطهروا فدل على أن المحدث ليس بطاهر ، وإلا لكان ذلك أمراً بتطهير الطاهر ، وذلك غير جائز ، وإذا لم يكن طاهراً لم يجز له مس المصحف لقوله تعالى : ﴿ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون ،فالمراد بالمطهرين ؛ المطهرون من الأحداث والأنجاس من بني آدم. والآية وإن كان لفظها لفظ الخبر، إلا أنه خبر تضمن نهيًا[2]. فـــهو نظير قوله تعالى : ﴿ لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة من الآية233] فإنه خبر تضمن نهيًا ، فدل ذلك على اشتراط الطهارة لمس المصحف[3]، والمس مع الطهارة يدل على التعظيم ، والمس بغير طهارة يدل على الإهانة ، وذلك لأن الأضداد ينبغي أن تقابل بالأضداد فنقول : إن من لا يمـس المصحف لا يكون مكرماً ، ولا مهيناً ، وبترك المس خرج عن الضدين ففي المس عن الطهر التعظيم ، وفي المس على الحـدث الإهانة فلا تجــوز و قوله سبحانه : ﴿ تَــنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ بعد قوله سبحانه : ﴿ لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ﴾ فيه دلالة ظاهرة على إرادة المصحف الذي بأيدي الناس.




[1] - انظر : الذخيرة للقرافي 1/238 ، تحقيق : محمد بوخبزه ، بيروت : دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى عام 1994م . .
[2] - انظر : تفسير البغوي 5/301 ، تفسير ابن كثير 4/299 ؛ بداية المجتهد لابن رشد 1/30 راجعه وصححه:عبد الحليم محمد عبد الحليم ، عبد الرحمن حسن محمود ، القاهرة : مطبعة حسان..
؛ مغني المحتاج للخطيب الشربينى 7/37 ؛ كشاف القناع ، 1/134 .
[3] - انظر : المجموع شرح المهذب للنووى 2/79
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
مناقشة الدليل الأول

مناقشة الدليل الأول

مناقشة الدليل الأول :
قولهم بأن المراد بقـــوله تعالى ﴿ لا يَمَـسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ﴾ أى لايمس القرآن إلا المطهرون ،والآية خبر تضمن نهياً ليس بصواب فالآية على صورة الخبر ، وليست على صــورة النهى ، والأصل فى الكلام صرفه على ظاهره ، فلا يجوز أن يصرف لفـظ الخبر إلى معنى الأمر إلا بنص جلي ، أو إجماع متيقن ، ولم يثبت شيء من ذلك ،و القول بأن ﴿ لا يمسه نهي قول فيه ضعف، و ذلك أنه إذا كان خبراً فهو في موضع الصفة ، وقوله بعد ذلك : ﴿ تنزيل : صفة أيضاً ، فإذا جعلناه نهياً جاء معنى أجنبياً معترضاً بين الصفات ، وذلك لا يحسن في رصف الكلام ، ذكره ابن عطية فى تفسيره ،وقولهم بأن المقصود بقوله تعالى : ﴿ لا يَمَـسُّهُ ﴾ أى القرآن الكريم خلاف ظاهر الآية ، فالظاهر أن مرجع الضمير هو الكتاب الذي بأيدي الملائكة الذين ينزلهم الله بوحيه وتنزيله، ،والمراد بذلك أنه مستور عن الشياطين، ولا قدرة لهم على تغييره، ولا الزيادة والنقص منه واستراقه ، ،وهو المذكور في قوله :﴿ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ سورة عبس ؛ أى هَذِهِ الصُّحُفُ تَتَنَزَّلُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ الكِرَامِ بِوَاسِطَةِ سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ،وهُمُ المَلاَئِكَةُ المُطَهَّرُونَ ، لِيَقُومَ الأَنْبِيَاءُ بِإِبْلاَغِهَا إِلَى النَّاسِ ،ويدل على أنه الكتاب الذي بأيدي الملائكة قوله : ﴿ لا يَمَـسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ فهذا خبر يدل على أنه بأيديهم يمسونه ؛ ولأن المصـحف يمسه الطاهر وغير الطاهر ، فدل على أن الله U لم يعن بالمصحف المذكور في الآية هذا الذي بأيدي الناس ، وإنما عني كتابًا آخر، وهو الذي في السماء[1] ، فخبر الله لا يكون خلافه


[1] - انظر : المحلى لابن حزم 1/83 ، بداية المجتهد 1/30
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع مناقشة الدليل الأول :

تابع مناقشة الدليل الأول :

ويدل عليه أيضاً أن مرجع الضمير للأقرب ،والأقرب هو الكتاب الذي بأيدي الملائكة ، ويشعر بهذا سيـاق الآيات الكريمة : ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ﴾ ،ويدل عليه أيضاً أن الآية سيقت تنزيها للقرآن أن تنزل به الشياطين ،وأن محله لا يصلون إليه فيستحيل على الشياطين أن يمسوه كما فى قوله تعالى : ﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ﴾ ،وكما فى قوله تعالى : ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ ، و يدل على أن المقصود الكتاب الذى بأيدى الملائكة أيضاً قوله تعالى : ﴿ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ والمكنون المصون المستور عن الأعين الذي لا تناله أيدي البشر كما قال تعالى : ﴿ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ [ سورة الصافات آية 49 ]،ويدل على أن المقصود الكتاب الذى بأيدى الملائكة أيضاً أن الآية جاءت بصيغة الخبر فلا يجوز صرفها للمجاز ،وهو أنها نهى فى صورة الخبر إلا بدليل ،ويدل على أن المقصود الكتاب الذى بأيدى الملائكة أيضاً أن الله قال ﴿ لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ،وليس إلا المتطهرون ، ولو أريد به منع المحدث من مسه لقيل إلا المتطهرون كما قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ[ سورة البقرة 222] والمتطهر فاعل التطهير ،والمطهر الذي طهره غيره فالمتوضئ متطهر والملائكة مطهرون فخلاصة الكلام أن الضمير يعود على الكتاب الذى بأيدى الملائكة ،والمراد بقوله : ﴿ الْمُطَهَّرُونَالملائكة ،وليسوا بني آدم ؛ كما هو قـول جمهور السلف من الصحابة ومن بعدهم،وعلى هذا يكون معنى الآيات : إن هذا القــرآن في كتاب مَصُـون مستور عن أعين الخلق , وهو الكتاب الذي بأيدي الملائكة،فلا يَمَسُّ هذا الكتاب إلا الملائكة الكرام الذين طهـرهم الله من الآفات والذنوب , فالقرآن محفوظ من الشياطين فلا تمسه ولا تقربه ،ولا من غير الشياطين من سائر الخلق أجمعين .و هذا القرآن تنزيل من رب العالمين، نزله من الكتاب المكنون ،وَلاَ يَنْزِلُ بِهِ إِلاَّ المُطَهَّرُونَ مِنَ المَلاَئِكَةِ
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع مناقشة الدليل الأول :

تابع مناقشة الدليل الأول :

و لو ســلم عدم دلالة السياق على أن الضمير عائد على الكتاب المكنون ففى دلالته على القرآن الذى بأيدى الناس احتمال ، وإذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال فبقى الحكم على البراءة الأصلية وإن قالوا إذا كانت الصـــحف التي في السماء لا يمسها إلا المطهرون ، فكذلك الصحف التي بأيدينا من القرآن لاينبغي أن يمسها إلا طاهر ،وقالوا يمكن الاستدلال بالآية بقيـاس بنــي آدم على الملائكة[1] أو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية من باب التنبيه والإشارة ؛ لأنه إذا كانت الصحف التي في السماء لا يمسها إلا المطهرون ، فكذلك الصحف التي بأيدينا من القرآن لا ينبغي أن يمسها إلا طاهر ، والحديث مشتق من هذه الآية[2]. فنقول لهم هذا قياس مع الفارق ؛ لأن هذا قياس عالم الشهادة علي عالم الغيب فالملائكة ليســوا كالبشر فلا يأكلون ،ولا يشربون ،ولا ينامون ، ولا يتزوجون ،والله قد طهرهم من الآفات والذنوب



[1] - انظر : كشاف القناع 1/134 مطبعة أنصار السنة المحمدية 1366هـ/1947م .

[2] - التبيان في أقسام القرآن 1/402 تحقيق محمد زهري النجار الناشر : المؤسسة السعيدية للطبع والنشر القاهرة : مطابع الدجوي .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع مناقشة الدليل الأول :

تابع مناقشة الدليل الأول :

و قولهم قوله ﴿ فاطهروا فدل على أن المحدث ليس بطاهر ، وإلا لكان ذلك أمراً بتطهير الطاهر غير مسلم ، فالطاهر من المشتركات اللفظية ، يطلق على الطاهر من الحدث الأكبر، والطاهر من الحدث الأصغر، ويطلق على المؤمن، وعلى من ليس على بدنه نجاسة ، ولابد لحمله على معين من قرينة ،فالطاهر يطلق على المؤمن كما فى قوله تعالى : ﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ [التوبة من الآية28 ] وقوله r لأبي هريرة : ‏(( ‏المؤمـن لا ينجس ‏)) [ متفق عليه] ،ويطلق على الطاهر من الحدث الأكبر كما فى قوله تعالى : ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [ المائدة من الآية6 ] ، وعلى الطاهر من الحدث الأصغر قوله r في المــسح على الخفين : (‏( ‏دعهما فإنـي أدخلتهما[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]طاهرتين ‏)‏) [متفق عليه] ويطلق أيضاً على من ليس علـــى[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]بدنه نجاسة‏ للإجماع على أن الشــيء الذي ليس عليه نجاسة حـسية ، ولا حكمية يسمى طاهرًا ،ولما كان إطـــلاق اسم النجس على المؤمن المحدث أو الجنب لا يصح حقيقة ولا مجازاً ولا لغةً لقوله r : ‏(‏( المؤمن لا ينجس‏ )) [ متفق عليه] ؛ لأن المطهر من ليس بنجس ، والمؤمن ليس بنجس دائمًا[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]فلا يصح حمل المطــهر على من ليس بجنب أو حائض أو محدث أو متنجس بنجاسة عينية بل[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]يتعين حمله على من ليس بمشرك أي الطاهر من الشرك كما في قوله تعالى:﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ [التوبة من الآية28 ] ، ولحديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع مناقشة الدليل الأول :

تابع مناقشة الدليل الأول :

والمسألة ترجع إلى مسألة عموم اللفظ المشترك أى أن يطلق اللفظ المشترك ،ويراد جميع معانيه التى وضع لها ،وقد اختلف العلماء فى ذلك على ثلاثة أقوال المنع والجواز فى النفى والإثبات والجواز فى النفى فقط ،وجمهور الأصوليين على المنع من إرادة اللفظ المشترك العموم على الحقيقة ،فلا يجوز استعمال اللفظ المشترك إلا فى معنى واحد ؛ لأنه لم يوضع لجميع ما يدل عليه بوضع واحد بل بأوضاع متعددة أى وضع لكل معنى من معانيه بوضع على حدة ، وَالْوَضْعُ هُوَ تَخْصِيصُ اللَّفْظِ بِالْمَعْنَى فَلَوْ اُسْتُعْمِلَ فِي معانيه حَقِيقَةً لَكَانَ كُلٌّ معنى نَفْسَ الْمَوْضُوعِ لَهُ أَيْ الْمَعْنَى الَّذِي خُصَّ بِهِ اللَّفْظُ ، وَهُوَ بَاطِلٌ ضَرُورَةَ انْتِفَاءِ التَّخْصِيصِ عِنْدَ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْآخَرِ فإرادة جميع معانيه يخالف أصل وضعه،وهذا لايجوز ،ومهما تعددت معاني اللفظ المشترك فإن الله لا يقصد إلا أحدها دون غيره؛ لأن المعاني المتعددة توضع على سبيل البدل؛ أي على أن يحل معنى بدلاً من آخر، لا على العموم[FONT='times new roman(arabic)'][1][/FONT] أى لا يدل على معانيه دفعة واحدة ؛ لأن وضعه لها كان وضعاً متعدداً فإذا كان اللفظ مشتركاً بين معنيين أو أكثر من المعاني اللغوية وجب حمله على معنى واحد منها بدليل يعينه ، ومَنْ عَرَفَ سَبَبَ وُقُوعِ الِاشْتِرَاكِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ امْتِنَاعُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي معانيه حَقِيقَةً فِي إطْلَاقٍ وَاحِدٍ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ هُوَ الْوَضْعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ معانيه قرر ذلك عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودِ بْنِ تَاجِ الشَّرِيعَةِ فى التلويح على التوضيح[2] ،والمشترك يمكن إطلاقه على معانيه التى وضع لها مجازاً أى يكون بذلك قد خالف أصل وضعه ؛ لِأَنَّ الْوَاضِعَ لَمْ يَضَعْهُ لِلْمَجْمُوعِ ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ اسْتِعْمَالُهُ فِي أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وقد قرر ذلك الغزالى فى المستصفى[3] ،وعن الشافعى والقاضى والمعتزلة حقيقة أى أن اللفظ المشترك قد يقترن به قرينة مبينة للمراد ،وقد يتجرد عنها فإن تجرد عن القرائن فهو مجمل إلا عند الشافعى والقاضى فإنه يحمله على الجميع فخلاصة الكلام أن المسألة راجعة إلى ما هو مقرر فى الأصول فمن أجاز حمل المشترك على جميع معانيه حمله عليها هاهنا ،وهذا القول ليس بصواب فهو يحتاج لقرينة تدل على إرادة جميع معانيه عند جمهور الأصوليين‏ ،ومن قال المشترك إذا تجرد عن القرائن فهو مجمل فلا يعمل به حتى يُبَين ،وهو قول الجمهور ،ونتيجة هذا القول هو عدم وجود حجية فى الآية حتى ولو صدق اسم الطاهر على من ليس بمحدث حدثًا أكبر أو أصغر.ولو كان المراد بقوله : ﴿ الْمُطَهَّرُونَ المتــطهرون لقيل لا يمسه إلا المتطهرون أو إلا المطَهَـــرون بتشديد الطاء





[1] - انظر الوجيز فى أصول الفقه د.عبد الكريم زيدان ص 329 مؤسسة الرسالة 1421 هـ وانظر أصول الفقه القسم الثانى الحكم الشرعى د.محمود بلال مهران ص 391- 395 دار الثقافة العربية 1425هـ

[2]- التلويح على التوضيح 1/ 241- 256

[3]- المستصفى للغزالى 2/ 100- 101
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع مناقشة الدليل الأول :

تابع مناقشة الدليل الأول :

والآيــة ههنا جاءت بصيغة الإخبار لا التكليف ، وقصـد الإخبار فيها ظاهر ، وهل الملائكة يؤمرون بألا يمسوا القرآن إلا طاهرين ، وهم طاهرون ؟ ،وقولهم الطهارة لمس المصحف فيه تعظيم فحق ،ولكن لايلزم منه وجوب الطهارة لمس المصحف بل على استحباب الطهارة لعدم وجود نص على الوجوب ،والراجح من أقوال الفقهاء جواز الطواف مع الحدث فإذَا جَازَ الطَّوَافُ مَعَ الْحَدَثِ ،مع أن الطواف مع الطهارة فيه تعظيم ، فكذلك يَجُوزَ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ الْمُصْحَفِ بلا طهارة مع أن مس المصحف مع الطهارة فيه تعظيم ،وكالصلاة فى أول وقتها فيه تعظيم للصلاة مع أن الصلاة فى آخر وقتها تجوز على قول جمهور الفقهاء فإن قالوا حرمة القرآن أشد نقول هذا بقياس الأدنى ،وقياس الأدنى يجوز،ولايوجد أصلاً دليل صحيح صريح على وجوب هذا التعظيم لمس المصحف ،ولاإجماع بل غاية ما فى كلامهم الاستحباب.
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الدليل الثانى :

الدليل الثانى :

حديث عمرو بن حزم أن النبى r كتب إلى أهل اليمن كتاباً وفيه : (( لا يمس القرآن إلا طاهر )) أخرجه مالك , والدار قطني ( 431) والحاكم(1/397) قال ابن عبدالبر : إنه أشبه المتواتر وقال يعقوب بن سفيان : لا أعلم كتابا أصح من هذا الكتاب , وشهد عمر بن عبدالعزيز والزهري بصحته , وصححه الألباني بشواهده في الإرواء (1/158) و الدليل على صحة كتاب عمرو بن حزم تلقي جمهور العلماء له بالقبول والعمل ، ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسه إلا طاهر على وضوء .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
مناقشة الدليل الثانى :

مناقشة الدليل الثانى :

الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي في الخلافيات والطبراني وفي إسناده سويد[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]بن أبي حاتم ،وهو ضعيف‏،‏‏‏ وذكر الطبراني في الأوسط أنه تفرد به وحسَّن الحازمي إسناده وقد ضعف النووي وابن[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]كثير في إرشاده وابن حزم حديث حكيم بن حزام وحديث عمرو بن حزم جميعًا‏.‏ وفي الباب عن ابن عمر عند الدارقطني والطبراني قال الحافظ‏:‏ وإسناده لا بأس به لكن[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]فيه سليمان الأشدق ،وهو مختلف فيه رواه عن سالم عن أبيه ابن عمر قال الحافظ‏ :‏ ذكر[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]الأثرم أن أحمد احتج به‏ ،وفي الباب أيضًا عن عثمان بن أبي العاص عند الطبراني وابن أبي داود في المصاحف وفي[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]إسناده انقطاع‏.‏ وفي رواية الطبراني من لا يعرف ،وعن ثوبان أورده علي بن عبد العزيز[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]في منتخب مسنده ،وفي إسناده حصيب بن جحدر وهو متروك‏.‏ وروى الدارقطني في قصة إسلام[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]عمر أن أخته قالت له قبل أن يسلم‏ :‏ إنه رجس ،ولا يمسه إلا المطهرون قال الحافظ ‏:‏وفي إسناده مقال ،وفيه عن سلمان موقوفًا أخرجه الدارقطني والحاكم[FONT='times new roman(arabic)'][1][/FONT]‏.‏ وكل الأحاديث التي استدل بها على تحريم مس المصحف على المحدث كلها ضعيفة ، ولا يخلو إسناد واحد منها من قدح وعلة ، فلا تقوم بها حجة ، ولا تصلح للاحتجاج ، قال ابن حزم : ( فإن الآثار التي احتج بها من لم يجز للجنب مسه ، فإنه لا يصح منها شيء ، لأنها إما مرسلة، وإما ضعيفة لا تسند، وإما عن مجهول ، وإما عن ضعيف ، وقد تقصيناها في غير هذا المكان) [2].فالخلاصة أن هذا الحديث غير صالح للاحتجاج؛لأنه منقول من صحيفة غير مسموعة، وفي رجال إسناده خلاف شديد فتصحيح الحديث أو تحسينه فيه نظر ،وكيف ينبني حكم شرعي على دليل محتمل الثبوت؟!!

[1]- نيل الأوطار للشوكانى ج1 ص229 دار الحديث 1421 هـ

[2] - المحلى لابن حزم 1/81 .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
مناقشة الاستدلال بالحديث :

مناقشة الاستدلال بالحديث :

على فرض صحة الحديث فلفظ الطاهر من الألفاظ المشتركة فمن أجاز حمل المشترك على جميع معانيه حمله عليها هنا ،وهذا القول مخالف لجمهور الأصوليين ؛لأنه يخالف وضع المشترك فهو مجاز ،والمجاز يحتاج لقرينة ،ولو سلمنا به نقول لما كان إطلاق اسم النجس على المؤمن المحدث أو الجنب لايصح حقيقة ولامجازاً ولا لغةً لقوله r : ‏(( ‏المؤمن لا ينجس‏)) متفق عليه ؛لأن الطاهر من ليس بنجس ،والمؤمن ليس بنجس دائمًافلا يصح حمل الطاهرعلى من ليس بجنب أو حائض أو محدث أو متنجس بنجاسة عينية بليتعين حمله على من ليس بمشرك كما في قوله تعالى:﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾[التوبة من الآية28 ] ،ولحديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو، والحديث والآية السابقان يدلان على أن المراد بالطاهر الطاهر من الشرك ،والمشترك يحتاج لقرينة توضح المراد منه ،فإذا وجدت القرينة فهو مشكل ، والمشكل هو اللفظ الذي لا يدل بصيغته على المراد منه ،ولكن يمكن تعيين المراد منه بقرينة خارجية. ومثاله اللفظ المشترك؛ فإنه موضوع لأكثر من معنى واحد، وليس في صيغته ما يدل على المعنى الذي يقصده الشارع منه، ولكن القرينة الخارجية تعين المعنى الذي يقصده ،وإذا لم توجد القرينة فهو مجمل يحتاج إلى بيان من الله ،واللفظ المجمل هو اللفظ الذى لا يدل بصيغته على معناه ،و لا توجد قرائن تعين المعنى المراد ،ويحتاج لنص من الله لمعرفة المعنى المراد فإذا وجد نص فهو مفسر،والفرق بين المشكل والمجمل أن إزالة خفاء المشكل يكون بالبحث والتأمل فى القرائن المصاحبة له ،أي يكون بالاجتهاد،وأما المجمل فإن إزالة خفائه تتوقف على بيان من الله أي لا يدخل فيه اجتهاد ،و يَدُلّ عَلَى فَسَادِ حمل المشترك على جميع معانيه عند التجرد عن القرائن وُجُوهٌ : أَحَدُهَا : أَنّ اسْتِعْمَالَ اللّفْظِ فِي مَعْنَيَيْهِ إنّمَا هُوَ مَجَازٌ إذْ وَضْعُهُ لِكُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى سَبِيلِ الِانْفِرَادِ هُوَ الْحَقِيقَةُ ،وَاللّفْظُ الْمُطْلَقُ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ بَلْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ . الثّانِي : أَنّهُ لَوْ قُدّرَ أَنّهُ مَوْضُوعٌ لَهُمَا مُنْفَرِدَيْنِ ،وَلِكُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُجْتَمَعَيْنِ فَإِنّهُ يَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ ثَلَاثَةُ مَفَاهِيمَ فَالْحَمْلُ عَلَى أَحَدِ مَفَاهِيمِهِ دُونَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ مُوجِبٍ مُمْتَنِعٌ . الثّالِثُ : أَنّهُ حِينَئِذٍ يَسْتَحِيلُ حَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ إذْ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا وَحْدَهُ ،وَعَلَيْهِمَا مَعًا مُسْتَلْزِمٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ النّقِيضَيْنِ فَيَسْتَحِيلُ حَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ .وَالرّابِعُ : أَنّهُ لَوْ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا لَصَارَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ ؛ لَأَنّ حُكْمَ الِاسْمِ الْعَامّ وُجُوبُ حَمْلِهِ عَلَى جَمِيعِ مُفْرَدَاتِهِ عِنْدَ التّجَرّدِ مِنْ التّخْصِيصِ ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَجَازَ اسْتِثْنَاءُ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ مِنْهُ و،َلَسَبَقَ إلَى الذّهْنِ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الْعُمُومُ وَكَانَ الْمُسْتَعْمِلُ لَهُ فِي أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَعْمِلِ لِلِاسْمِ الْعَامّ فِي بَعْضِ مَعَانِيهِ فَيَكُونُ مُتَجَوّزًا فِي خِطَابِهِ غَيْرَ مُتَكَلّمٍ بِالْحَقِيقَةِ وَأَنْ يَكُونَ مَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَعْنَيَيْهِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَى دَلِيلٍ ،وَإِنّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ نَفَى الْمَعْنَى الْآخَر[1]َ ،وقال الإسنوى: " اللفظ المشترك قد يقترن به قرينة مبينة للمراد وقد يتجرد عنها فإن تجرد عن القرائن فهو مجمل إلا عند الشافعي والقاضي فإنه يحمله على الجميع "[2] ،وشكك ابن القيم فى نسبة هذا الكلام للشافعي ،ونقل عن ابن تيمية التشكيك فى نسبة الكلام إلى الشافعي أيضاً فى زاد المعاد ،وغاية ما فى الحديث احتمال إيجاب الطهارة لمس المصحف ،وإذا تطرق إلى الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال ،والأدلة على أن المقصود بالطاهر من ليس بكافر أظهر ،و مما سبق ندرك أنه لا حجة فى الحديث على اشتراط الطهارة لمس القرآن.



[1]- انظر زاد المعاد لابن القيم جزء 5 فى فصل حمل المشترك على معنييه
[2] - نهاية السول فى شرح منهاج الأصول مع حاشية الشيخ بخيت 2/ 142.
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الدليل الثالث :

الدليل الثالث :

الدليل الثالث :

قال بعــضهم أجمع الصحابة - رضوان الله عليهم - على القول بعدم جواز مس المحدث المصحف ، حـيث روي ذلك عمن تقدم ذكرهم من فقهاء الصحابة ومشاهيرهم، ولم يعرف لهم في عصرهم مخالف[1] ، فكـان إجماعًا سكوتيًا[2].


[1] - انظر : المغني 1/147 ، المجموع للنووي 2/80 ، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 21/266 .

[2] - إظهار الحق المبين بتأييد إجماع الأئمة الأربعة على تحريم مس وحمل القرآن الكريم لغير المتطهرين ، محمد علي بن حسين المالكي ص17، مكة المكرمة : المطبعة السلفية 1352هـ .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
مناقشة الدليل الثالث :

مناقشة الدليل الثالث :

دعوى الإجماع غير متيقن ، بدليل وجود المخالف من التابعين ومن بعدهـم[1] وقد روى عن ابن عباس[2] خلاف ذلك فكــيف يقال إن هناك إجماعاً سكوتياً ؟! ولو سلمنا بأن هناك إجماعاً سكوتياً فليس بحجة ؛لأنه لا ينسب لساكت قول ، ولا نتقول على أحد قولاً لم يقله فالْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ َْهُوَ ْقَوْلُ مِنْ بَعْضِ العلماء وَسُكُوتُ الْبَاقِينَ بَعْدَ انْتِشَارِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْهَرَ مَعَهُمْ اعْتِرَافٌ أَوْ رِضًا بِهِ فقال قَوْمٌ : إذَا انْتَشَرَ وَسَكَتُوا ، فَسُكُوتُهُمْ كَالنُّطْقِ حَتَّى يَتِمَّ بِهِ الْإِجْمَاعُ ، وهذا ْقَوْلُ أحمد بن حنبل وأكثر أصحاب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي والجبائي إلى أنه إجماع وحجة لكن من هؤلاء من شرط في ذلك انقراض العصر كالجبائي.. ، وَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ حُجَّةٌ وَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ ، ،وهوقول أبى هاشم وَقَالَ قَوْمٌ : لَيْسَ بِحُجَّةٍ ،وَلَا إجْمَاعٍ حُكِيَ عَنْ دَاوُد وَابْنِهِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمَصَادِرِ " ، وَعَزَاهُ جَمَاعَةٌ إلَى الشَّافِعِيِّ ، مِنْهُمْ الْقَاضِي ، وَاخْتَارَهُ ، وَقَالَ : إنَّهُ آخِرُ أَقْوَالِهِ ، وَلِهَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ " ، وَالْإِمَامُ الرَّازِيَّ ، وَالْآمِدِيَّ : إنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ . وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : إنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ ، وَلِهَذَا قَالَ : وَلَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ ،أى لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ تَعْيِينُ قَوْلٍ ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ يَحْتَمِلُ التَّصْوِيبَ ، أَوْ لِتَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ أَوْ الشَّكِّ ، فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهِ تَعْيِينٌ ، وَإِلَّا فَهُوَ قَائِلٌ بِأَحَدِ هَذِهِ الْجِهَـاتِ قَطْعًا ، ثُمَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ ، أَعْنِي أَنْ لَا يُنْسَبَ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ إلَّا بِدَلِيلِ عَلَى أَنَّ سُكُوتَهُ كَالْقَوْلِ أَوْ حَقِيـقَةٍ ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ عَدَمٌ مَحْضٌ ، وَالْأَحْكَامُ لَا تُسْتَفَادُ مِنْ الْعَدَمِ




[1] - انظر : المحلى 1/83 .

[2] - الجامع لأحكام القرآن للقرطبى 17/226 ، نيل الأوطار للشوكانى 1/261 .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع :مناقشة الدليل الثالث :

تابع :مناقشة الدليل الثالث :

والراجح من أقوال العلماء هو القول الثالث لقوة أدلته ،وضعف أدلة المخالفين ، وممن نصر هذا الرأى الغزالى فى المستصفى فقال : وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ فَتْوَاهُ إنَّمَا تُعْلَمُ بِقَوْلِهِ الصَّرِيحِ الَّذِي لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ احْتِمَالٌ وَتَرَدُّدٌ ، وَالسُّكُوتُ مُتَرَدِّدٌ فَقَدْ يُسْكَتُ مِنْ غَيْرِ إضْمَارِ الرِّضَا لِسَبْعَةِ أَسْبَابٍ : الْأَوَّلُ : أَنْ يَكُونَ فِي بَاطِنِهِ مَانِعٌ مِنْ إظْهَارِ الْقَوْلِ ،وَنَحْنُ لَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ تَظْهَرُ قَرَائِنُ السُّخْطِ عَلَيْهِ مَعَ سُكُوتِهِ. الثَّانِي : أَنْ يَسْكُتَ ؛ لِأَنَّهُ يَرَاهُ قَوْلًا سَائِغًا لِمَنْ أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ مُوَافِقًا عَلَيْهِ بَلْ كَانَ يَعْتَقِدُ خَطَأَهُ .
الثَّالِثُ : أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ فَلَا يَرَى الْإِنْكَارَ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ أَصْلًا ،وَلَا يَرَى الْجَوَابَ إلَّا فَرْضَ كِفَايَةٍ ، فَإِذَا كَفَاهُ مَنْ هُوَ مُصِيبٌ سَكَتَ ، وَإِنْ خَالَفَ اجْتِهَادَهُ .
الرَّابِعُ : أَنْ يَسْكُتَ ،وَهُوَ مُنْكِرٌ لَكِنْ يَنْتَظِرُ فُرْصَةَ الْإِنْكَارِ ،وَلَا يَرَى الْبِدَارَ مَصْلَحَةً لِعَارِضٍ مِنْ الْعَوَارِضِ يَنْتَظِرُ زَوَالَهُ ثُمَّ يَمُوتُ قَبْلَ زَوَالِ ذَلِكَ الْعَارِضِ أَوْ يَشْتَغِلُ عَنْهُ .
الْخَامِسُ : أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَنَالَهُ ذُلٌّ وَهَوَانٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي سُكُوتِهِ عَنْ إنْكَارِ الْعَوْلِ فِي حَيَاةِ عُمَرَ كَانَ رَجُلًا مَهِيبًا فَهِبْتُهُ . السَّادِسُ : أَنْ يَسْكُتَ ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَقِّفٌ فِي الْمَسْأَلَةِ ؛ لِأَنَّهُ بَعْدُ فِي مُهْلَةِ النَّظَرِ .
السَّابِعُ : أَنْ يَسْكُتَ لِظَنِّهِ أَنَّ غَيْرَهُ قَدْ كَفَاهُ الْإِنْكَارَ وَأَغْنَاهُ عَنْ الْإِظْهَارِ ثُمَّ يَكُونُ قَدْ غَلِطَ فِيهِ فَتَرَكَ الْإِنْكَارَ عَنْ تَوَهُّمٍ ؛إذْ رَأَى الْإِنْكَارَ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ كُفِيَ وَهُوَ مُخْطِئٌ فِي وَهْمِهِ.
فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ لَظَهَرَ . قُلْنَا : وَلَوْ كَانَ فِيهِ وِفَاقٌ لَظَهَرَ ، فَإِنْ تُصُوِّرَ عَارِضٌ يَمْنَعُ مِنْ ظُهُورِ الْوِفَاقِ تُصُوِّرَ مِثْلُهُ فِي ظُهُورِ الْخِلَافِ . وَبِهَذَا يَبْطُلُ قَوْلُ الْجُبَّائِيُّ حَيْثُ شَرَطَ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ فِي السُّكُوتِ ؛ إذْ مِنْ الْعَوَارِضِ الْمَذْكُورَةِ مَا يَدُومُ إلَى آخِرِ الْعَصْرِ . أَمَّا مَنْ قَالَ : هُوَ حُجَّةٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إجْمَاعًا ، فَهُوَ تَحَكُّمٌ ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ بَعْضِ الْأُمَّةِ ، وَالْعِصْمَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ لِلْكُلِّ فَقَطْ . فَإِنْ قِيلَ : نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ التَّابِعِينَ كَانُوا إذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مَسْأَلَةٌ فَنُقِلَ إلَيْهِمْ مَذْهَبُ بَعْضِ الصَّحَابَةُ مَعَ انْتِشَارِهِ وَسُكُوتِ الْبَاقِينَ كَانُوا لَا يُجَوِّزُونَ الْعُدُولَ عَنْهُ ، فَهُوَ إجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةً . قُلْنَا : هَذَا إجْمَاعٌ غَيْرُ مُسَلَّمٍ ، بَلْ لَمْ يَزَلْ الْعُلَمَاءُ مُخْتَلَفِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَيَعْلَمُ الْمُحَصِّلُونَ أَنَّ السُّكُوتَ مُتَرَدِّدٌ ، وَأَنَّ قَوْلَ بَعْضِ الْأُمَّةِ لَا حُجَّةَ فِيه[1]ِ ا.هـ


[1] - المستصفى للغزالى 1/381- 382
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع :مناقشة الدليل الثالث :

تابع :مناقشة الدليل الثالث :

وقال ابن القيم : أصُولٍ : [ أُصُولُ فَتَاوَى أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ] أَحَدُهَا : النُّصُوصُ ، فَإِذَا وَجَدَ النَّصَّ أَفْتَى بِمُوجَبِهِ ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى مَا خَالَفَهُ وَلَا مَنْ خَالَفَهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ ، وَلِهَذَا لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى خِلَافِ عُمَرَ فِي الْمَبْتُوتَةِ لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، وَلَا إلَى خِلَافِهِ فِي التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ لِحَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، وَلَا خِلَافِ فِي اسْتِدَامَةِ الْمُحْرِمِ الطِّيبَ الَّذِي تَطَيَّبَ بِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ لِصِحَّةِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ ، وَلَا خِلَافِهِ فِي مَنْعِ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ مِنْ الْفَسْخِ إلَى التَّمَتُّعِ لِصِحَّةِ أَحَادِيثِ الْفَسْخِ ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْإِكْسَالِ لِصِحَّةِ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا فَعَلَتْهُ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاغْتَسَلَا ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الْحَامِلُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ ؛ لِصِحَّةِ حَدِيثِ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ مُعَاذٍ وَمُعَاوِيَةَ فِي تَوْرِيثِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ الْمَانِعِ مِنْ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّرْفِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ بِخِلَافِهِ ، وَلَا إلَى قَوْلِهِ بِإِبَاحَةِ لُحُومِ الْحُمُرِ كَذَلِكَ ، وَهَذَا كَثِيرٌ جِدًّا ، وَلَمْ يَكُنْ يُقَدِّمُ عَلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَمَلًا وَلَا رَأْيًا وَلَا قِيَاسًا ،وَلَا قَوْلَ صَاحِبٍ ،وَلَا عَدَمَ عِلْمِهِ بِالْمُخَالِفِ الَّذِي يُسَمِّيهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ إجْمَاعًا وَيُقَدِّمُونَهُ عَلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، وَقَدْ كَذَّبَ أَحْمَدُ مَنْ ادَّعَى هَذَا الْإِجْمَاعَ ، وَلَمْ يَسِغْ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْحَدِيثِ الثَّابِتِ ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا نَصَّ فِي رِسَالَتِهِ الْجَدِيدَةِ عَلَى أَنَّ مَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ بِخِلَافٍ لَا يُقَال لَهُ إجْمَاعٌ ، وَلَفْظُهُ : مَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ فَلَيْسَ إجْمَاعًا . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : سَمِعْت أَبِي يَقُولُ : مَا يَدَّعِي فِيهِ الرَّجُلُ الْإِجْمَاعَ فَهُوَ كَذِبٌ ، مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَهُوَ كَاذِبٌ ، لَعَلَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا ، مَا يُدْرِيهِ ، وَلَمْ يَنْتَهِ إلَيْهِ ؟ فَلْيَقُلْ : لَا نَعْلَمُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا ، هَذِهِ دَعْوَى بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَالْأَصَمِّ ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ : لَا نَعْلَمُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا ، أَوْ لَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ ، هَذَا لَفْظُهُ وَنُصُوصُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلُّ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ مِنْ أَنْ يُقَدِّمُوا عَلَيْهَا تَوَهُّمَ إجْمَاعٍ مَضْمُونُهُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْمُخَالِفِ ، وَلَوْ سَاغَ لَتَعَطَّلَتْ النُّصُوصُ ، وَسَاغَ لِكُلِّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي حُكْمِ مَسْأَلَةٍٍ أَنْ يُقَدِّمَ جَهْلُهُ بِالْمُخَالِفِ عَلَى النُّصُوصِ ؛ فَهَذَا هُوَ الَّذِي أَنْكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ مِنْ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ ، لَا مَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ اسْتِبْعَادٌ لِوُجُودِهِ فَصْلٌ . [ الْأَصْلُ الثَّانِي فَتَاوَى الصَّحَابَةِ ] الْأَصْلُ الثَّانِي مِنْ أَصْلِ فَتَاوَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ : مَا أَفْتَى بِهِ الصَّحَابَةُ ، فَإِنَّهُ إذَا وَجَدَ لِبَعْضِهِمْ فَتْوَى لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ فِيهَا لَمْ يَعُدْهَا إلَى غَيْرِهَا ، وَلَمْ يَقُلْ إنَّ ذَلِكَ إجْمَاعٌ ، بَلْ مِنْ وَرَعِهِ فِي الْعِبَارَةِ يَقُولُ : لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ ، أَوْ نَحْوَ هَذَا ، كَمَا قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَحَدَ عَشَرَ مِنْ التَّابِعِينَ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى تَسَرِّي الْعَبْدِ ، وَهَكَذَا قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَدَّ شَهَادَةَ الْعَبْدِ ، حَكَاهُ عَنْهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَإِذَا وَجَدَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا النَّوْعَ عَنْ الصَّحَابَةِ لَمْ يُقَدِّمْ عَلَيْهِ عَمَلًا وَلَا رَأْيًا وَلَا قِيَاسًا[1] ا.هـ


[1] - إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم 1/35- 36
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
تابع :مناقشة الدليل الثالث :

تابع :مناقشة الدليل الثالث :

قال ابن حزم : وهذا مالك: يفتي بالشفعة في الثمار ويقول - إثر فتياه به - وإنه لشئ ما سمعته ولا بلغني أن أحد قاله: فهذا مالك لم ير القول بما لم يسمع عن أحد قال به خلافا للإجماع، كما يدعي هؤلاء الذين لا معنى لهم، وهذا الشَّافِعِيُّ يقول في رسالته المصرية، ما لا يعلم فيه خلاف فليس إجماعا . قال حمام بن أحمد، ويحيى بن عبد الرحمن بن مسعود قال حمام: نا عباس بن أصبغ، وقال يحيى: نا أحمد بن سعيد بن حزم، ثم اتفق عباس وأحمد قالا جميعا، نا محمد بن عبد الملك بن أيمن، نا عبد الرحمن بن حنبل ، قال : سمعت أبي يقول: ما يدعي فيه الرجل الإجماع هو الكذب، من ادعى الإجماع فهو كذاب لعل الناس قد اختلفوا ما بد به ؟ ولم ينتبه إليه فليقل: لا نعلم الناس اختلفوا، دعوى بشر المريسي والأصم، ولكن يقول: لا نعلم الناس اختلفوا، أو لم يبلغني ذلك. قال أبو محمد: صدق أحمد ولله دره، وبئس القدوة بشر بن عتاب المريسي، وعبد الرحمن بن كيسان الأصم، ولعمري إنهما لمن أول من هجم على هذه الدعوى، وهما المرآن يرغب قولهما، نا يوسف بن عبد الله النمري ، نا عبيد الله بن محمد، نا الحسن بن سلمون، نا عبد الله بن علي بن الجارود، نا إسحاق بن منصور، قال : سمعت إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه وقد ذكر له قول أحمد بن حنبل في مسألة فقال إسحاق: أجاد، لقد ظننت أن أحداً لا يتابعني عليها ، فهذا إسحاق لا ينكر القول بما يقع في تقديره أنه لا يتابعه أحد عليه، إذا رأى الحق فيما قاله به من ذلك. قال أبو إسحاق : فهؤلاء الصحابة والتابعون، ثم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود، كلهم يوجب القول بما أداه إليه اجتهاده أنه الحق ، وألا يعلم قائلا به قبله، فبمن تعلق هؤلاء القوم ؟ ليت شعري بل بالمريسي والأصم، كما قال أَحْمَدُ رحمه الله قال أبو محمد: ولئن كان ما اشتهر من قول طائفة من الصحابة أو التابعين ، ولم يعرف له خلاف - إجماعاً فيما في الأرض أشد خلافا للإجماع ممن قلدوه دينهم مالك والشافعي، وأبي حنيفة، ولقد أخرجنا له مئين من المسائل ليس منها مسألة إلا ولا يعرف أحد قال بذلك القول قبل الذي قال من هؤلاء الثلاثة فبئس ما وسموا به من قلدوه دينهم. وقد ذكر محمد بن جرير الطبري أنه وجد للشافعي أربعمائة مسألة خالف فيها الإجماع. وهكذا القول حرفاً حرفاً في أقوال ابن أبي ليلى، وسفيان والأوزاعي وزفر وأبي يوسف ومحمد بن الحسن والحسن بن زيادة وأشهب وابن الماجشون والمزني وأبي ثور وأحمد وإسحاق وداود ومحمد بن جرير، ما منهم أحد إلا وقد صحت عنه أقوال في الفتيا لا يعلم أحد من العلماء قالها قبل ذلك القائل ممن سمينا . وأكثر ذلك فيما لا شك في انتشاره واشتهاره . ثم ليعلموا أن كل فتيا جاءت عن تابع لم يرو عن صاحب في تلك المسألة قول، فإن ذلك التابع قال فيها بقول ، ولا يعرف أن أحدا قاله، فالتابعون على هذا القول الخبيث مخالفون للإجماع كلهم أو أكثرهم ، ومخالف الإجماع عند هؤلاء الجهال كافر، فالتابعون على قولهم كفار، ونعوذ بالله العظيم من كل قول أدى إلى هذا . واعلموا أن الذي يدعي ، ويقطع بدعـوى الإجماع في مثل هذا ، فإنه من أجهل الناس بأقوال الناس واختلافهم. وحسبنا الله ونعم الوكيل، فظهر كذب من ادعى أن ما لا يعرف فيه خلاف فهو إجماع ، وبالله تعالى التوفيق[1].




[1] - - الإحكام لابن حزم 4/542- 543
 
التعديل الأخير:
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الدليل الرابع :

الدليل الرابع :

أن القـول بتحريم المس ناقل عن الأصل ، وقد ذهب أكثر الأصــوليين إلى أن الدليل الناقل عن الأصل مقدم على الدليل المبقي على البراءة الأصلية[1].

مناقشة الدليل الرابع :
هذا لوكان ما استدل به المانعون استدلالاً صحيحاً ،وأدلة المانعــون إما صحيحة غير صريحة أو مختلف فى صحتها غير صريحة أيضاً .


[1] - انظر روضة الناظر وجنة المناظر، موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة 2/401،تحقيق : د. شعبان محمد إسماعيل ، بيروت مؤسسة الرياض للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة الأولى 1419هـ/1998م
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الفصل الثالث : دليل المجيزين مس المصحف بغير طهارة

الفصل الثالث : دليل المجيزين مس المصحف بغير طهارة

استصحاب البراءة الأصلية فالدليل أنه لا دليل على إيجاب الطهارة لمس المصحف فلم يثبت النهي عن مس المصـحف بلا طهارة لا في الكتاب ، ولا في السنة فيبقى الحكم على البراءة الأصلية، وهي الإباحة[1] وغاية حجتــهم فى حديث عمرو بن حزم الذى اختلف فى صحته ، وهو يدل على أن الطاهر من الشرك لا يمس المصحف كما في قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾ [التوبة من الآية28 ] ، ولحديث النهي عن السفر بالقـرآن إلى أرض العدو ، ولا يدل على أن الطاهر من الحدثين لا يمس المصحف لقوله r : ‏(( ‏المؤمن لا ينجس‏)) متفق عليه ؛لأن الطاهر من ليس بنجس ،والمؤمن ليس بنجس دائمًا[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]فلا يصح حمل الطاهر على من ليس بجنب أو حائض أو محدث أو متنجس بنجاسة عينية بل[FONT='times new roman(arabic)'][/FONT]يتعين حمله على من ليس بمشرك .




[1] - انظر : المجموع للنووي 1/79 .
 
إنضم
4 يناير 2008
المشاركات
1,323
التخصص
طبيب تخدير
المدينة
الجيزة
المذهب الفقهي
ما وافق الدليل
الفصل الرابع : الرأي الراجح :

الفصل الرابع : الرأي الراجح :

الوضوء لمس المصحف غير واجب فما استدل به الجمهور إما دليل فاقد الصـحة كدعوى بعضهم إجمـاع الصحابة على إيجاب الطهارة لمس المصحف أودليل فاقد الدلالة ، وهـو استدلالهم بالآية الكريمة أو دليل مـختلف فى صحته ،وهو حديث عمرو بن حزم الذى اختلف فى صحته ، وغاية ما يدل عليه احتمال إيجاب الطهارة لمس المصحـــف ، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال ، ومن أنصار هذا القــول من المعاصرين أبو مالك كمال بن السيد سالم فى كتابه صــحيح فقه السنة الجزء الأول وأ.د / حسام الدين موسى أستاذ الفـــقه والأصول كلية الدعوة وأصـول الدين بجامعة الـقدس فى كتابه يسألونك الجزء التاسع فى حكم قـــراءة الحائض للقرآن الكريم ومسها للمصحف الشريف ، ونحـن مع قولنا بعدم إيجاب الوضوء لمس المصـحف فإنا نقول بفضيلة الطهارة لمس المصحف ؛ من باب تعظيم القرآن وتكريمه، فإن الله U وصف القــــرآن بأنه كريم ،فالأليق بتعظيمه وتكريمه الطهارة لمسه ،وليس هذا على الوجوب بل الاستحباب.
 
أعلى