عبد المالك بن عبد المجيد حريش
:: مشارك ::
- انضم
- 18 ديسمبر 2010
- المشاركات
- 261
- الكنية
- أبو عبد الله
- التخصص
- المذهب المالكي
- المدينة
- قسنطينة
- المذهب الفقهي
- مالكي
قال لسان الدين ابن الخطيب - صاحب الإحاطة في أخبار غرناطة - في وصيته إلى ولديه:
"...واعلموا أن بالعلم تستكمل وظائف هذه الألقاب، وتجلى محاسنها من بعد الانتقاب، فعليكم بالعلم النافع، دليلاً بين يدي السامع، فالعلم مفتاح هذا الباب، والموصل إلى اللّباب، والله عزّ وجلّ يقول " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنّما يتذكّر أولو الألباب " الزمر: 9، والعلم وسيلة النفوس الشريفة، إلى المطالب المنيفة، وشرطه الخشية لله تعالى والخيفة، وخاصة الملأ الأعلى، وصفة الله في كتبه التي تتلى، والسبيل في الآخرة إلى السعادة، وفي الدنيا إلى التجلّة عادة، والذخر الذي قليله ينفع،وكثيره يشفع، لا يغلبه الغاصب، ولا يسلبه العدوّ المناصب، ولا يبتزّه الدهر إذا مال، ولا يستأثر به البحر إذا هال، من لم ينله فهو ذليل وإن كثرت آماله، وقليل وإن جم ماله، وإن كان وقته قد فات اكتسابكم، وتخطى حسابكم، فالتمسوه لبنيكم، واستدركوا منه ما خرج عن أيديكم، واحملوهم على جمعه ودرسه، واجعلوا طباعهم ثرىً لغرسه، واستسهلوا ما ينالهم من تعب من جرّاه، وسهر يهجر له الجفن كراه، تعقدوا لهم ولاية عزّ لا تعزل، وتحلّوهم مثابة رفعة لا يحطّ فارعها ولا يستنزل، واختاروا من العلوم التي ينفّقها الوقت، ما لا يناله في غيره المقت.
وخير العلوم علوم الشريعة، وما نجم بمنابتها المريعة، من علوم لسان لا تستغرق الأعمار فصولها، ولا يضايق ثمرات المعاد حصولها، فإنّما هي آلات لغير، وأسباب إلى خير منها وخير، فمن كان قابلاً لازدياد، وألفى فهمه ذا انقياد، فليخص تجويد القرآن بتقديمه، ثم حفظ الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه، ثم الشروع في أصول الفقه فهو العلم العظيم المنّة، المهدي كنوز الكتاب والسنّة، ثم المسائل المنقولة عن العلماء الجلة، والتدرّب في طرق النظر وتصحيح الأدلّة، وهذه هي الغاية القصوى في الملّة، ومن قصر إدراكه عن هذا المرمى، وتقاعد عن التي هي أسمى، فليرو الحديث بعد تجويد الكتاب وإحكامه، وليقرأ المسائل الفقهية على مذهب إمامه، وإياكم والعلوم القديمة، والفنون المهجورة الذميمة، فأكثرها لا يفيد إلا تشكيكاً، ورأياً ركيكاً، ولا يثمر في العاجلة إلا اقتحام العيون، وتطريق الظنون، وتطويق الاحتقار، وسمة الصّغار، وخمول الأقدار، والخسف من بعد الإبدار، وجادة الشريعة أعرق في الاعتدال، وأوفق من قطع العمر في الجدال، هذا ابن رشد ومفتيه، وملتمس الرشد وموليه، عادت عليه بالسخطة الشنيعة، وهو إمام الشريعة، فلا سبيل إلى اقتحامها، والتورّط في ازدحامها، ولا تخلطوا سامكم بحامها، إلا ما كان من حساب ومساحة، وما يعود بجدوى فلاحة، وعلاج يرجع على النفس والجسم براحة، وما سوى ذلك فمحجور، وضرم مسجور، وممقوت مهجور". من كتاب نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب 7/391 وما بعدها.
			
			"...واعلموا أن بالعلم تستكمل وظائف هذه الألقاب، وتجلى محاسنها من بعد الانتقاب، فعليكم بالعلم النافع، دليلاً بين يدي السامع، فالعلم مفتاح هذا الباب، والموصل إلى اللّباب، والله عزّ وجلّ يقول " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنّما يتذكّر أولو الألباب " الزمر: 9، والعلم وسيلة النفوس الشريفة، إلى المطالب المنيفة، وشرطه الخشية لله تعالى والخيفة، وخاصة الملأ الأعلى، وصفة الله في كتبه التي تتلى، والسبيل في الآخرة إلى السعادة، وفي الدنيا إلى التجلّة عادة، والذخر الذي قليله ينفع،وكثيره يشفع، لا يغلبه الغاصب، ولا يسلبه العدوّ المناصب، ولا يبتزّه الدهر إذا مال، ولا يستأثر به البحر إذا هال، من لم ينله فهو ذليل وإن كثرت آماله، وقليل وإن جم ماله، وإن كان وقته قد فات اكتسابكم، وتخطى حسابكم، فالتمسوه لبنيكم، واستدركوا منه ما خرج عن أيديكم، واحملوهم على جمعه ودرسه، واجعلوا طباعهم ثرىً لغرسه، واستسهلوا ما ينالهم من تعب من جرّاه، وسهر يهجر له الجفن كراه، تعقدوا لهم ولاية عزّ لا تعزل، وتحلّوهم مثابة رفعة لا يحطّ فارعها ولا يستنزل، واختاروا من العلوم التي ينفّقها الوقت، ما لا يناله في غيره المقت.
وخير العلوم علوم الشريعة، وما نجم بمنابتها المريعة، من علوم لسان لا تستغرق الأعمار فصولها، ولا يضايق ثمرات المعاد حصولها، فإنّما هي آلات لغير، وأسباب إلى خير منها وخير، فمن كان قابلاً لازدياد، وألفى فهمه ذا انقياد، فليخص تجويد القرآن بتقديمه، ثم حفظ الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه، ثم الشروع في أصول الفقه فهو العلم العظيم المنّة، المهدي كنوز الكتاب والسنّة، ثم المسائل المنقولة عن العلماء الجلة، والتدرّب في طرق النظر وتصحيح الأدلّة، وهذه هي الغاية القصوى في الملّة، ومن قصر إدراكه عن هذا المرمى، وتقاعد عن التي هي أسمى، فليرو الحديث بعد تجويد الكتاب وإحكامه، وليقرأ المسائل الفقهية على مذهب إمامه، وإياكم والعلوم القديمة، والفنون المهجورة الذميمة، فأكثرها لا يفيد إلا تشكيكاً، ورأياً ركيكاً، ولا يثمر في العاجلة إلا اقتحام العيون، وتطريق الظنون، وتطويق الاحتقار، وسمة الصّغار، وخمول الأقدار، والخسف من بعد الإبدار، وجادة الشريعة أعرق في الاعتدال، وأوفق من قطع العمر في الجدال، هذا ابن رشد ومفتيه، وملتمس الرشد وموليه، عادت عليه بالسخطة الشنيعة، وهو إمام الشريعة، فلا سبيل إلى اقتحامها، والتورّط في ازدحامها، ولا تخلطوا سامكم بحامها، إلا ما كان من حساب ومساحة، وما يعود بجدوى فلاحة، وعلاج يرجع على النفس والجسم براحة، وما سوى ذلك فمحجور، وضرم مسجور، وممقوت مهجور". من كتاب نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب 7/391 وما بعدها.
 
				
