رد: بيان الحد الصحيح لكل من: الإسراف - التقتير ،،،
[FONT="]الضوابط المتعلقة بتجنب المحرمات:
[/FONT][FONT="]
لقد استنبط الفقهاء مجموعة من الضوابط الشرعية للسلوك الاستهلاكى تتعلق بالمنهى عنه شرعاً وتتمثل فى المحرمات الواجب تجنبها لأنها تتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية وهى حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال ، ومن أهم هذه الضوابط :
[/FONT]
[FONT="]أولاً : تجنب التقتير . [/FONT]
[FONT="]يقصد بالتقتير اصطلاحاً فى مجال الإنفاق هو التضييق عن الواجب أن يكون فى ظل الظروف العادية ، وبلغة الاقتصاد والمحاسبة هو الإنفاق دون المعيار أو النمط الواجب أن يكون .[/FONT]
[FONT="]ولقد نهى الله سبحانه وتعالى عن التقتير فى قوله الله تبارك وتعالى [/FONT][FONT="]: " وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا[/FONT] [FONT="]وَلَمْ يَقْتُرُوا[/FONT] [FONT="]وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً[/FONT][FONT="] " (الفرقان : 67 ) ، [/FONT][FONT="] ويوضح القرآن الكريم أن النفس البشرية تخشى الفقر والعوزة ، فهى مقترة بطبيعتها ودليل ذلك قول الله عز وجل [/FONT][FONT="]:" قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ[/FONT] [FONT="]وَكَانَ الإِنسَانُ قَتُوراً [/FONT][FONT="]" (الإسراء : 100) [/FONT][FONT="].[/FONT]
[FONT="]ويعتبر التقتير من أمراض النفس البشرية وهو الشح الذى نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله : [/FONT][FONT="]" اتقوا الشح فإنه أهلك من كان قبلكم "[/FONT][FONT="] ( رواه مسلم ) .[/FONT]
[FONT="]ويقول علماء الاقتصاد الإسلامى أن التقتير يؤدى إلى حدوث الكساد الاقتصادى حيث ينكمش الطلب على السلع والخدمات وهذا بدوره يقود إلى سلسلة من المضاعفات تنتهى بانخفاض الإنتاج وتقليص العمالة وزيادة البطالة ، فهناك حد أدنى للإنفاق حتى ولو كان الدخل لا يكفى ويعوض الفرق من خلال الزكاة والصدقات ونحوها . [/FONT]
[FONT="]ويتضح من ذلك أنه يجب تربية النفس البشرية على الوسطية والإعتدال وتجنبها التقتير والبخل والشح حتى لا يترتب على ذلك ضرراً بالإنسان وبالمجتمع ، كما أن التقتير أحياناً يدفع الأولاد إلى مفاسد الأخلاق ومنها السرقة .[/FONT]
[FONT="]ثانياً : تجنب الإسراف . [/FONT]
[FONT="]يقصد بالإسراف هو تجاوز الحد الأقصى للإنفاق المباح المسموح به فى ضوء الظروف والإمكانيات المتاحة للمستهلك ، ودليل ذلك من القرآن قول الله تبارك وتعالى : [/FONT][FONT="]" وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا[/FONT] [FONT="]وَلَمْ يَقْتُرُوا[/FONT] [FONT="]وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً[/FONT][FONT="] " (الفرقان : 67 ) وقوله عز وجل : " [/FONT][FONT="]يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ[/FONT] [FONT="]وَكُلُوا[/FONT] [FONT="]وَاشْرَبُوا[/FONT] [FONT="]وَلاَ[/FONT] [FONT="]تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ " [/FONT][FONT="](الأعراف : 31 ) وقوله سبحانه وتعالى : " [/FONT][FONT="]كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ[/FONT] [FONT="]وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ[/FONT] [FONT="]وَلاَ[/FONT] [FONT="]تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ " [/FONT][FONT="](الأنعام : 141 ) ولقد ورد عن المفسرين أن كلمة سرف تعنى مجاوزة الحد فى التنعم والتوسع فى الدنيا وإن كان من حلال وقالوا أيضاً هو الزيادة عن قدر الحاجة ، أى عن المعيار أو النمط الواجب أن يكون , [/FONT]
[FONT="]ولقد ورد فى السنة النبوية الشريفة أحاديث عن النهى عن السرف منها ما سبق ذكره مثل قوله صلى الله عليه وسلم [/FONT][FONT="]: " كل ما شئت ، واشرب ما شئت ، والبس ما شئت ، ما أخطأتك اثنتان : سرف ومخلية "[/FONT][FONT="]( رواه البخارى ) .[/FONT]
[FONT="]والعلة من تحريم الإسراف:[/FONT]
[FONT="] 1- أنه يبدد الأموال بدون منفعة معتبرة شرعاً ،
[/FONT]
[FONT="]2- ومن المنظور الاقتصادى قد يقود الإسراف إلى التضخم والاعتداء على حقوق الأجيال القادمة ،
[/FONT]
[FONT="]3- ومن المنظور الطبى فإنه يؤدى إلى الإضرار بالبدن ، ولقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مجال الطعام معايير يجب الالتزام بها فقال : " [/FONT][FONT="]ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه ، فإن كان لابد ، فثلث للطعام ، وثلث للشراب وثلث للنفس[/FONT][FONT="] " ( أخرجه الحاكم ) ،
[/FONT]
[FONT="]4- ومن المنظور الاجتماعى يقود الإسراف إلى الفساد الاجتماعى ، فإن كان عند المسرف سعة من المال فليوجهها إلى الفقراء الذين لا يجدون الضروريات والحاجيات فى صورة زكاة أو صدقات أو وقف أو وصايا .[/FONT]
[FONT="]ويتمثل البعد التربوى لتحريم الإسراف هو حماية النفس البشرية من الشر ، وكبح هواها من أن تطغى فتضل وتشقى ، كما يربيها أيضاً على حفظ حقوق الأجيال وتجنب مصاحبة المسرفين الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون ، بالإضافة إلى ذلك استشعار المحاسبة الأخروية أمام الله للمحاسبة عن هذا الإسراف وتبديد نعمه عز وجل ، وصدق الله العظيم القائل : [/FONT][FONT="]" وَأَنَّ المُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ "[/FONT][FONT="] ( غافر : 43 ) ، ولقد وصف الله سبحانه وتعالى فرعون بصفة المسرفين فقال جل شأنه : [/FONT][FONT="]" وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ العَذَابِ المُهِينِ ، مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ المُسْرِفِينَ " [/FONT][FONT="]( الدخان : 30 ـ 31 ) . [/FONT]
[FONT="]ثالثاً : تجنب التبذير . [/FONT]
[FONT="]يقصد بالتبذير الإنفاق على المحرمات والخبائث التى نهى الله عنها وهو نوع من أنواع الإسراف ، وأكثر منه جُرما ، ولقد وردت بعض الآيات التى تندد بالمبذرين وتجعلهم من إخوان الشياطين ، مثل قوله الله تبارك وتعالى [/FONT][FONT="]: وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ[/FONT] [FONT="]وَالْمِسْكِينَ[/FONT] [FONT="]وَابْنَ السَّبِيلِ[/FONT] [FONT="]وَلاَ[/FONT] [FONT="]تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ، إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ[/FONT] [FONT="]وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ[/FONT] [FONT="]كَفُوراً[/FONT][FONT="] " (الإسراء : 26-27 ) ، فالمبذر ينفق ماله فى معصية الله عز وجل متبعاً هوى نفسه التى تسير فى طريق الشيطان الرجيم .[/FONT]
[FONT="]ويعتبر التبذير ضياعاً للمال بدون منفعة معتبرة شرعاً ولقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فى قوله : [/FONT][FONT="]" [/FONT]……[FONT="].. وكره لكم قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال "[/FONT][FONT="]( متفق عليه ) . [/FONT]
[FONT="]ولا يختلف البعد الاقتصادى والاجتماعى والصحى والتربوى لتحريم التبذير عن ما سبق بيانه فى حالة الإسراف ، فكلاهما تبديد وضياع للمال بدون منفعة كما أنهما من أبواب الترف والفساد فى الأرض على النحو الوارد فى البند التالى .[/FONT]
[FONT="]رابعاً : تجنب النفقات الترفيهية والمظهرية . [/FONT]
[FONT="]تحرم الشريعة الإسلامية النفقات الترفيهية بصفة قطعية لأنها تؤدى إلى الفساد والهلاك وهذا التحريم يخص الفرد فى ماله الخاص والدولة فى الأموال العامة ، وأصل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى [/FONT][FONT="]: وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً[/FONT][FONT="] " (الإسراء : 16 ) ، وقوله جل شأنه : [/FONT][FONT="]" وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ[/FONT][FONT="] " ( سبأ : 34 ) ويصف القرآن هؤلاء المترفين بصفة الكافرين والكاذبين فيقول جل شأنه : " [/FONT][FONT="]الَّذِينَ كَفَرُوا[/FONT] [FONT="]وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ[/FONT] [FONT="]وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا[/FONT][FONT="] " ( المؤمنون : 33) .[/FONT]
[FONT="]والسنة النبوية حافلة بالأحاديث التى تحذر المستهلك المسلم من حياة الترف وإنفاق المال فى الملذات والتفاخر والخيلاء ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : [/FONT][FONT="]" كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ، ما يخالطه إسراف ومخيلة [/FONT][FONT="]" (رواه ابن ماجه ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم :[/FONT][FONT="] " إياكم والمخيلة ، لا تلام على كفاف " [/FONT][FONT="]( رواه ابن ماجه ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم :[/FONT][FONT="] " يأتى على الناس زمان همهم بطونهم ، وشرفهم متاعهم ، وقبلتهم نساؤهم ، ودينهم دراهمهم ودنانيرهم ، أولئك شر الخلق ، لا خلاق لهم عند الله " [/FONT][FONT="](رواه الديلمى ) ، وعن حذيفة بن اليمام قال[/FONT][FONT="] : " نهى رسول الله أن نشرب فى آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها ، وعن لبس الحرير والديباج ، وأن نجلس عليه " [/FONT][FONT="]( رواه البخارى ) . [/FONT]
[FONT="]ويرى رجال الاقتصاد الإسلامى أن الإنفاق الترفى والمظهرى على مستوى الفرد والمنزل والدولة يقود إلى الفساد الاقتصادى وإهداء الموارد بدون قيمة مضافة ويعوق التنمية الاقتصادية ، كما أن للترف والبذخ جوانب اجتماعية سيئة منها الفساد والهلاك.[/FONT]
[FONT="]ويتمثل البعد التربوى لتحريم الإنفاق الترفى والمظهرى فى كبح هوى النفس البشرية والمحافظة على مشاعر الفقراء والمساكين وتحقيق العدل الاجتماعى بأن توجه الأموال التى تنفق فى الترف إلى الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل والمرضى وغيرهم فى صورة زكاة أو صدقات أو وصايا .[/FONT]
[FONT="]خامساً : تجنب نفقات التقليد والبدع المخالفة لشرع الله .[/FONT]
[FONT="]لقد أمرنا الله [/FONT][FONT="]أن نتجنب تقليد غير المسلمين فى سننهم وعاداتهم وتقاليدهم التى تخالف أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ، وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال [/FONT][FONT="]: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر ، وباعاً بباع ، وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا فى حجر دب خرب لدخلتموه فيه ، قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى ، قال: فمن إذا غيرهم [/FONT][FONT="] " (رواه ابن ماجه) . [/FONT]
[FONT="]كما أوصانا الرسول صلى بالإقتداء به وبالخلفاء الراشدين المهديين ، فقال ( [/FONT][FONT="]r[/FONT][FONT="] ): [/FONT][FONT="]" عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة فى النار [/FONT][FONT="] " ( رواه الترمذى ) . [/FONT]
[FONT="]وتأسيساً على ذلك يجب على المستهلك المسلم تجنب كافة النفقات التى فيها تقليداً لمجتمعات لها عادات وتقاليد تخالف القيم والأخلاق والعادات والتقاليد الإسلامية ، كما يجب على الحكومات الإسلامية أن تراقب كافة أجهزة الإعلام وكذلك المجلات والجرائد التى تدفع الشباب دفعاً إلى مجاراة شباب الغرب المنحلل فى تقاليده السيئة، ويسبب إرهاقاً لميزانية البيت والدولة ومدخلاً لفساد العقيدة واضمحلال الأخلاق ، وفى هذا الزمان ، فى ظل العولمة والجات والقنوات الفضائية ، نرى معظم الشباب والفتيات يقلدون شباب الفرنجة ومن فى حكمهم فى الطعام والشراب والملبس والسلوك [/FONT]……[FONT="] وهذا أدى إلى أثار سلبية على أخلاقهم ، كما ترتب على ذلك زيادة الطلب على الوارد من الخارج و هذا سبب كساداً فى الصناعات الوطنية وانتشار البطالة .[/FONT]
[FONT="]ويتمثل البعد التربوى لذلك فى أن الإنسان يقتدى بالصالحين والصالحات ولا يقتدى بالطالحين والطالحات حتى يشعر بالولاء والانتماء للدين وللوطن .[/FONT][FONT="]
[/FONT]
[FONT="]سادساً : تجنب التعامل مع أعداء الدين والوطن . [/FONT]
[FONT="]عندما يقدم المستهلك المسلم على شراء سلعة أو الحصول على خدمة يجب عليه أولاً التعامل مع المواطن دعماً للوطن وللأمة الإسلامية ، ولا يجوز له التعامل مع الأعداء الحربيين بكافة فئاتهم وجنساتهم ومللهم لأنه بذلك يروج بضاعتهم ، وينمى أموالهم ويدعم اقتصادهم ، ويقوى منافستهم للسلع الوطنية ، فالأقروب أولى بالمعروف ، والمؤمنون بعضهم أولياء بعض .[/FONT]
[FONT="]ولهذا الضابط أدلة من القرآن الكريم منها قول الله تبارك وتعالى : [/FONT][FONT="]: " إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ[/FONT] [FONT="]وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ ، وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ[/FONT] [FONT="]وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[/FONT][FONT="] " (الممتحنة : 9).[/FONT]
------------------
هذا ما تم التوصل إليه من ضوابط
وبانتظار رأي الإخوة والأخوات لاستكمال المناقشة