رد: س مدراسة في الفرق بين النمص والتشقير وما حكم كل منهما ؟
يتأكد حكم المسألة من المذاهب الأربعة قبل إصدار مثل هذه الأحكام، وهل هناك خلاف في تلك المذاهب، أم هي قول واحد، فقد وقفت على بعض النصوص، أطرحها للمدارسة:
في كنز العمال:
عن سعد الإسكاف عن ابن شريح قال: قلت لعائشة: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة؟ قالت: يا سبحان الله! وما بأس بالمرأة الزعراء أن تأخذ شيئا من صوف فتصل به شعرها تزين به عند زوجها، إنما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة الشابة تبغي في شيبتها حتى إذا هي أسنت وصلتها بالقيادة. "ابن جرير".
وقد أخرج الطبري من طريق أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة وكانت شابة يعجبها الجمال فقالت المرأة تحف جبينها لزوجها فقالت أميطي عنك الأذى ما استطعت.
وفي نهاية ابن الأثير: وروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت ليست الوصلة بالتي تعنون.
وفي شرح ابن بطال: فإن قال: فما وجه من أطلق النمص والوشم، وأحله وقد علمت ما روى شعبه، عن أبى إسحاق، عن امرأته « أنها دخلت على عائشة فسالتها، وكانت امرأة شابة يعجبها الجمال، فقالت: المرأة تحف جبينها لزوجها. فقالت: أميطى عنك الأذى ما استطعت» . قيل: أما عائشة فإن فى الرواية عنها اختلافًا وذلك أن عمران بن موسى قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال: حدثتنى أم الحسن، عن معاذة «أنها سالت عائشة عن المرأة تقشر وجهها؟ فقالت: إن كنت شتهين أن تتزينى فلا يحل، وإن كانت امرأة بوجهها كلف شديد فما - كأنها كرهته ولم تصرح » فهذه الرواية بالنهى عن قشر المرأة وجهها للزينة وذلك نظير إحفائها جبينها للزينة، وإذا اختلفت الرواية عنها كأن أولى الأمور أن يضاف إليها اشبهها بالحق. وأما أسماء فإنها كانت امرأة أدركت الجاهلية، وكان نساء الجاهلية يفعلن ذلك ويتزين به، ولعل ذلك منها كان فى الجاهلية، ولم يخبر قيس عنها أنها وشمت يدها فى الإسلام، وقد يجوز أن تكون وشمتها فى الجاهلية أو الإسلام قبل أن ينهى عن ذلك رسول الله، فمن أنها وشمتها فى الإسلام بعد نهى النبى عليه السلام فليأت ببرهان على ماادعى من ذلك، ولاسبيل إليه.
وفي غذاء الألباب للسفاريني الحنبلي: فصل ( في نتف الشعر وحفه وتخفيفه ووصله والوشم ) . ويكره للرجل نتف شعر وجهه ولو بمنقاش ونحوه وحفه , والتخفيف قال أحمد في الحف : أكرهه للرجال , وللمرأة حلقه وحفه , والتخفيف نص على الثلاثة وذكر ابن عبد البر أنه يكره لها حفه , ويكره نتفه سواء كان لها زوج , أو لم يكن قال أحمد أكره النتف وقال المروذي وكره يعني أحمد أن يؤخذ الشعر بمنقاش من الوجه وقال { لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتنمصات . } وقطع غير واحد بالكراهة , ومنصوص أحمد التحريم , وهل تعد الكراهة رواية عنه ؟ مسألة خلاف فمن أثبت رواية في نقل الملك في أم الولد , والمتعة ونحو ذلك فهنا مثله , أو أولى وقطع في الشرح وغيره بأن نتف الشعر من الوجه لا يجوز . ويكره لها وصل شعرها بشعر آخر ذكره في المستوعب , والتلخيص وقدمه في الرعاية وعنه يحرم قطع به في الشرح وقدمه ابن تميم . ولا بأس بالقرامل ونحوها زاد بعضهم لكن تركه أفضل , وعنه هي كالوصل بالشعر قال المروذي سألت أبا عبد الله عن المرأة تصل رأسها بقرامل فكرهه وقال له أيضا فالمرأة الكبيرة تصل رأسها بقرامل ؟ فلم يرخص لها , ويباح ما تشد به شعرها للحاجة . ويكره غرز جلدها بإبرة وحشوه كحلا وتحسين أسنانها وتفليجها وتحديدها , وذكر في الشرح وغيره أنه يحرم وهو أولى . وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لعن الله الواصلة والمستوصلة , والواشمة والمستوشمة , والمتنمصة والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله } . وروى أيضا أن معاوية رضي الله عنه تناول قصة من شعر وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول : { إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم } وروى أحمد عن جابر قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة برأسها شيئا } قال صاحب المغني , والظاهر إنما المحرم وصل الشعر بالشعر لما فيه من التدليس واستعمال الشعر المختلف في نجاسته .
وفي غذاء الألباب للسفاريني الحنبلي أيضا: قال ابن الجوزي قدس الله روحه : فظاهر هذه الأحاديث تحريم هذه الأشياء التي قد نهي عنها على كل حال . وقد أخذ بإطلاق ذلك ابن مسعود على ما روينا . ويحتمل أن يحمل ذلك على أحد ثلاثة أشياء : إما أن يكون ذلك قد كان شعار الفاجرات فيكن المقصودات به , أو أن يكون مفعولا للتدليس على الرجل فهذا لا يجوز , أو أن يكون يتضمن تغيير خلقة الله تعالى كالوشم الذي يؤذي اليد ويؤلمها ولا يكاد يستحسن , وربما أثر القشر في الجلد تحسنا في العاجل ثم تأذى به الجلد فيما بعده . وأما الأدوية التي تزيل الكلف وتحسن الوجه للزوج فلا أرى بها بأسا . وكذلك أخذ الشعر من الوجه للتحسن للزوج . ويكون حديث النامصة محمولا على أحد الوجهين الأولين . وقال : شيخنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي : إذا أخذت المرأة من وجهها لأجل زوجها بعد رؤيته إياها فلا بأس , وإنما يذم إذا فعلته قبل أن يراها ; لأن فيه تدليسا . ثم ذكر عن أم حليلة قالت : شهدت امرأة سألت عائشة رضي الله عنها ما تقولين في قشر الوجه ؟ قالت إن كان شيء ولدت وهو بها فلا يحل لها ولا آمرها ولا أنهاها , وإن كان شيء حدث فلا بأس تعمد إلى ديباجة كساها فتنحيها من وجهها لا آمرها ولا أنهاها . وقال : قال مسلم وحدثتنا بحسة الراسبية قالت حدثتني أم نصرة قالت قالت عائشة رضي الله عنها : لو كان في وجه بنات أخي لأخرجته ولو بشفرة . وقال وعن بكرة بنت عقبة أنها دخلت على عائشة رضي الله عنها فسألتها عن الحناء فقالت شجرة طيبة وماء طهور , وسألتها عن الحفاف فقالت لها إن كان لك زوج فاستطعت أن تنتزعي مقلتيك فتصنعيهما أحسن مما هما فافعلي . انتهى .
قال في الآداب الكبرى : ولا بأس بالقرامل ونحوها . زاد بعضهم لكن تركه أفضل . وعنه هي كالوصل بالشعر . قيل للإمام : تصل المرأة بالقرامل ؟ فكرهه . وظاهر الإقناع والمنتهى عدم منع وصل شعر بغير شعر , وصرح به الشراح . قالوا لأنه لا تدليس فيه بل فيه مصلحة من تحسين المرأة لزوجها من غير مضرة , لكن يكره ما زاد عما يحتاج إليه , وظاهر الأخبار المارة المنع . قال الإمام ابن الجوزي طيب الله ثراه : قال أبو عبيد رحمه الله تعالى : وقد رخصت الفقهاء في القرامل وكل شيء وصل الشعر به ما لم يكن الوصل شعرا . والله أعلم .
وفي مطالب أولي النهى: ( ولها ) - أي : المرأة - ( حلق وجه وحفه ) نصا , والمُحرَّم إنما هو نتف شعر وجهها , ( و ) لها ( تحسينه وتحميره ) ونحوه من كل ما فيه تزيين له.