د. الأخضر بن الحضري الأخضري
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 5 أغسطس 2010
- المشاركات
- 837
- الكنية
- أبو عبد الرحمن
- التخصص
- أصول الفقه
- المدينة
- عين تموشنت
- المذهب الفقهي
- مالكي
خواطر أصولية برؤية المقاصدي :
الحمد لله الذي تعبدنا بمنطوقات و بما قد يلزم ، و الشكر له على ما خصنا به من علامات لاقتناص الأحكام و حكم ،
و الصلاة و السلام على محمد سيِّد العُرب و العجم ، خير من أقبل و أحجم ،
و الصلاة و السلام على محمد سيِّد العُرب و العجم ، خير من أقبل و أحجم ،
و على آله و صحبه ذوي الهيئات و القيم..
أما بعد : فإنّ التشريع ضرب الأمثال في طرائق الاستدلال ، و وقّت المسالك لتحصيل المراد من غير إملال ، و اقتضت حكمته التشوف إلى منهج الترديد بين مقامات و جهات متقابلة ؛ لدفع السآمة عن التكليف ، و توريث معيار في التصحيح و التضعيف ، و التعديل و التجريح .
و قد تجلت مظاهر هذا المعتقد في الموازنة بين العزائم و الرخص ، و العموم و الخصوص ، و الإطلاق و التقييد ، و التعبد و التعليل ، و الاحتياط و التيسير ، و الظهور و الخفاء ،
و جمع النظائر و الضرائر ، و تفريق الضرائر و النظائر ، و الكليات و الجزئيات ، و المعتبرات و المرسلات ، و المنطوقات و المفهومات ، و جـعل من مـعهود الأميين معتبرا ومرسلا و مهملا ، و أحـال على الأحـوال و المآلات ، و كره أن تبنى الأحكام على "اللعلات"..
و جمع النظائر و الضرائر ، و تفريق الضرائر و النظائر ، و الكليات و الجزئيات ، و المعتبرات و المرسلات ، و المنطوقات و المفهومات ، و جـعل من مـعهود الأميين معتبرا ومرسلا و مهملا ، و أحـال على الأحـوال و المآلات ، و كره أن تبنى الأحكام على "اللعلات"..
و مقاصد الاعتدال و العدول :
1-تحقيق العدل ودرء الإغراق في توحيد الجهة فيما تعددت أطرافه ومتعلقاته:
لأن مسمى الوسط لا يتحقق إلا بتصور جهتين يتردد التوقيع بينهما ؛ جلبا لأحـدهما و دفعا للآخر حال وجود ما يقتضي . و عدم الإغراق في طرد الأصول و القواعد متشوف إليه شرعا .
2-استغراق المكلف مقام العبودية حال التردد بين المقامات:
إن إناطة الأحكام بمنهج الترديد يحقق التعبد المطلق من حيث الجمع بين حظوظ المكلفين و مقام الربوبية ؛ لأن في رعي الحظ مداومة المكلف على امتثال الأحكام ، و في نفي الحظ تحصيل الخشية.
يدل على ذلك:قول الله تعالى:<و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك
و العاقبة للتقوى>
ووجه ذلك : أن في الصلاة تحقيقا لرغبات المكلفين مما يكفل المداومة عليها ، كما أن ترك ما يجوز خوفا من الوقوع فيما لا يجوز ، يورث الخشية و الخضوع .
3-دفع السآمة عن المكلف، لأن طلب اليسير مطلقا أو ما فيه كلفة مطلقا يورث مللا، وقد قيل:إنّ الأشياء بضدها تتميز:
و هذا منهج ورثه النظار من القرآن و السنة ؛ فقد ترددت نصوص الكتاب من حيث المبنى بين آيات و سور، و من حيث المعنى بين وعد و وعيد، و إرشاد و تشويق، و معهود
و غريب ، و قصص و إنشاء و تجديد...كما أن سوق السنن تبعا للخطاب القرآني يلمح إلى ذاك القيل ؛ فقد سلك النبي صلى الله عليه و سلم طائفة من المسالك لبيان الحق ؛ كالأمـر ، و النهي ، و السكوت بمنهج ضرب المثل ، و التعريض ، و التصريح ، و الإيماء ، و شرائع من سبق . بل إن العذاب أو النعيم على مقتضى جهتين ؛ فالمنعم يعرض عليه الجحيم، و المعذب ترى عيناه النعيم.
و غريب ، و قصص و إنشاء و تجديد...كما أن سوق السنن تبعا للخطاب القرآني يلمح إلى ذاك القيل ؛ فقد سلك النبي صلى الله عليه و سلم طائفة من المسالك لبيان الحق ؛ كالأمـر ، و النهي ، و السكوت بمنهج ضرب المثل ، و التعريض ، و التصريح ، و الإيماء ، و شرائع من سبق . بل إن العذاب أو النعيم على مقتضى جهتين ؛ فالمنعم يعرض عليه الجحيم، و المعذب ترى عيناه النعيم.
و أسوة بالمنهجين اعتبر أولوا الألباب التردد بين طرق البيان مقصدا مشروعا ؛ فجاءت مدوناتهم على تقسيمات المادة العلمية إلى كتب ، و أبواب ، و فصول ؛ لئلا يمل الناظرون من الاطراد.
و عليه: فإن التردد بين جهة رفع العنت حيث شاء ، و جهة الاحتياط حيث شاء ، يدفع مفسدة تقديس الجهات على الدوام.
4-كما أن مقاصد الإصلاح لا تتحقق إلا بالتشوف إلى الرتبتين:
إن المستعرض للتعاليم الإصلاحية في التشريع ليدرك جملة من الذرائع المتوسل بها ؛ كذريعة الوازع الإيماني ، و الوازع الجبلي، و الوازع السلطاني. و هي تتوزع على مقتضى طبائع المكلفين ؛ لأن بعض الفئات لا يصلحها إلا السلطان و إن تظاهرت عليها فصوص الإيمـان ، و قد تكون الأخرى بخلاف ذلك .
و عليه: فإن السعي لإعمال الرتبتين محقق للغرض المقصود من جهة استيعاب أهل التكليف جميعا إرشادا و هداية و إصلاحا.
5-كما أن تعليق الأحكام الشرعية بهذا الترديد، إيذان وإلزام لأهل الاجتهاد بهذا المنهج فيما لم يشرع لعدم الوجود:
قد أطبق أهل الحكم و القيم على أن غياب التنصيص ، يوجب على المتوسم أن يقتنص أصول التشريع ، و الخلفية التي توكأ عليها الشارع في توقيت المعتبرات . و إذا وفق في تحصيل شيء منها، كان لزاما عليه أن يترجمه.
و عليه: فتعدد الجهة ، مناط يطوق الفكر الاجتهادي ، و أن العدول عنها عدول عن التشريع.
6-ترديد الاحتكام إلى ميزان يستوعب اختلاف المكلفين والأزمنة والأمكنة ، وهو العمدة فيما يسمى اليوم بفقه الأقليات:
من المعلوم أن النصوص الجزئية متناهية و إن تعددت ، و النصوص الكلية غير متناهية و إن قلت . و أن سوق الجزئي في شرعنا ، إنما كان لبيان المنهج الأمثل في محاكمة الوقائع مع بيان الأحكام اللائقة في بيئة الخطاب ، و لكن بالقصد الثاني.
و لا تتحقق خاصية المرونة الشرعية إلا بجلب الكليات باعتبار تغير الدار و الأشخاص.
و عليه : فنحن بأمس الحاجة إلى علم الميزان لفهم ما كان ، و ترجمته باعتبار ما يكون ، و أن المنهج ذي الوجهين وصف كلي يستغرق الزمان و المكان ، و لا يخرج من حياض التشريع. و لا أرى فلسفة لفقه الأقليات إلا ما ذكر و أصل.
و عليه : فإنّ للفتيا قانونا ، و للاستنباط تقنينا يحدّ ملامسة المراد بما ورثناه من تأصيلات و مسالك متباينة باعتبار عرف الحذاق المتوسمين..
تأبت علينا فلسفة التردد ، ففرضت أصولها على السالكين ، و ألزمت النظر بخلف متوقع ،
و انتخبت ذرائع للوصول إلى الحق المقصود ؛ فتوزعت على نحوين : للأصولي فيها سهم ، وللمقاصدي سهمان..
التعديل الأخير: