العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مسألة حكاية الصحابي للحادثة بلفظ عام هل تفيد العموم ؟

سالم سعيد سعد

:: متفاعل ::
إنضم
5 مايو 2011
المشاركات
368
الكنية
أبو أنس
التخصص
شريعه
المدينة
الشقيق
المذهب الفقهي
حنبلي
(هذه المساله منقوله من المذكره الجامعيه )فغفر الله لمن اعدها واسكنه فسيح جناته

مسألة حكاية الصحابي للحادثة بلفظ عام هل تفيد العموم ؟
إذا حكى الصحابي ما شاهده من الحوادث والوقائع بصيغة تفيد العموم فهل نعتبر بحكايته هنا ونأخذ بعموم لفظه ؟ كان يقول لنا مثلاً الصحابي: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا أو أمر بكذا أو قضى بكذا هل نأخذ هنا بحكايته أم لا ؟
في هذه المسألة خلاف بين العلماء الأصوليين في الأخذ بحكاية الصحابي, هنا ينبغي أن ننتبه أن الكلام هنا حكاية الصحابي إذا حكى لنا الصحابي واقعةً شاهدها أو قولاً سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم حكاه بصيغة العموم فهل نحمل هنا حكاية الصحابي على ظاهرها وهو إفادة العموم أو لا ؟ هذه المسألة محل خلاف عند الأصوليين . اختلف الأصوليون في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : أن حكاية الصحابي هنا تفيد العموم :
اختار هذا القول الآمدي وابن الحاجبي وابن قدامه و القرافي وغيرهم بل إن ابن قدامه جزم بهذا القول وهو أن حكاية الصحابي هنا تفيد العموم, واستدل أصحاب هذا القول بإجماع الصحابة ومن بعدهم بهذا الأمر فقد كان الصحابة رضي الله عنهم من بعدهم يرجعون إلى ما حكاه الراوي هنا ويحتجون به في عموم الصور التي تحصل في أزمانهم فمثلاً : قول ابن عمر رضيّ الله عنهما " كنا نخابر - المخابرة هي المزارعة - أربعين سنة حتى أخبرنا رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة " , وفي الحديث الآخر قول الصحابي " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه " , وقول الصحابي الآخر : " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضع الجوائح " , وقول الصحابي الآخر : " رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في السلم " وقول الآخر : " رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في العرايا " , وقول الصحابي الآخر أيضاً : " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة للجار " فكان الصحابة ومن بعدهم يحملون هذه الصيغ على عمومها من غير نكير هذا هو دليل أصحاب هذا القول .
القول الثاني : أن حكاية الصحابي هنا لا تفيد العموم :
فإذا نقل لنا الصحابي فعلاً وقع فإنه لا يؤخذ بحكايته ولا يستفاد منها عموم ذلك الحكم فلو قال لنا الصحابي : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ", "وحكم بالشاهد واليمين" ونحو ذلك فإنه لا يعم كل غرر ولا كل شاهد وهذا القول نُسب إلى أكثر العلماء , واستدلوا أصحاب هذا القول عما يلي :
الدليل الأول : أن الحجة في المحكي لا في الحكاية , والمحكي هنا هو الفعل , والفعل لا عموم له.
ويمكن أن يناقش هذا الدليل: بأننا لا نُسَلِم بأن الحجة في المحكي فقط بل الحجة أيضاً تكون في الحكاية إذ هي صادرة لصحابي يتكلم بالعربية بل هو عربي فصيح عارف بدلالات الألفاظ لا يروي ما يدل على العموم إلا وهو جازم بالعموم , ولا يظن في الصحابي أن يروي أمراً وقع بصيغة العموم وهو لا يفيد العموم وهو عالم بعدم إفادته العموم ومع ذلك يرويه بصيغة العموم إذ لو فعل ذلك لكان مخالفاً لعدالته وورعه ودينه , ولا شك أن عدالة الصحابي وورعه ودينه يمنعه من أن يحكي شيئاً يخالف ما يعتقده فيه فإذا كان هو لا يعتقد العموم فينبغي أن يروي الواقع بحسب ما يعتقده أما إذا كان يعتقد عمومها فإنه يروي الواقعة بحسب ما اعتقد حينئذ وهو حينئذ قد اعتقد العموم فيروي بحسب ما يعتقده لأنه إن روى بخلاف ذلك أوقع الناس في اللبس والإيهام .
الدليل الثاني : إن حكاية الصحابي هنا محتملة فربما سمع لفظاً عاماً فحكاه كما سمع , وربما سمع لفظاً خاصاً فظنه عاماً فحكاه على أنه عام , وربما أنه قد شاهد أمراً خاصاً فظنه عام وهو ليس بعام وعلى كل حال فما دام أن هذه الاحتمالات موجودة فإنه مع الاحتمال يسقط الاستدلال .
ويمكن أن يناقش هذا الدليل : بأن يُقال هذه الاحتمالات لو كانت متساوية لقلنا فعلاً يسقط الاستدلال لكن الحقيقة أن هذه الاحتمالات ليست متساوية في كون الصحابي ربما يخطئ بل إن احتمال صواب الصحابي هنا هو الأرجح, ويدل على ترجيح هذا الاحتمال إجماع الصحابة رضي الله عنهم على العمل بما حكاه الصحابي هنا ذلك أنه عربي فصيح يفهم الكلام العربي, وبناءً عليه فإن حكايته للفعل تفيد العموم ويبنى على ذلك أن يكون ما حكاه لا يختص بتلك الواقعة التي شاهدها أو ذلك القول الذي سمعه بل ينظر إلى حكايته فهي تفيد العموم وبالتالي فإنه يعمل بعموم ما حكاه ولا ينظر إلى ذلك الفعل المحكي .
إذا تقرر ذلك فإنه يبنى على هذه المسألة أن القائلين بأن العبرة بالحكاية وأن ما حكاه الصحابي هنا مُعتَبَر فإنهم يعممون اللفظ من طريق النص أما القائلين بأن العبرة هنا بالمحكي لا بالحكاية وبالتالي فإن حكاية الصحابي هنا لا تفيد العموم بناءً على ذلك فإنهم إذا أرادوا تعميم الحكم يلجئون إلى طريق آخر من طرق التعميم وهو القياس
 
أعلى