د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- انضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 8,678
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
تقسيم مبتكر للأدلة يقدمه د. حسن حنفي!
(الشعور التاريخ، الشعور التأملي، الشعور العملي )
(الشعور التاريخ، الشعور التأملي، الشعور العملي )
علم أصول الدين، علم أصول الفقه، العقل والنقل (ص: 55)
ولما كان علم أصول الفقه منهجا يصف أفعال المكلفين ومقاصدهم كما يصف الوحي ذاته باعتباره مقصدا، فرض التقسيم الكلامي نفسه ابتداء من الشعور. فأصبح لدينا أولا "الشعور التاريخي" ووظيفته ضمان صحة نصوص الوحي في التاريخ....
ثانيا "الشعور التأملي" ووظيفته فهم نصوص الوحي وتفسيرها ابتداء من قواعد اللغة وأسباب النزول. ثالثا "الشعور العملي" ووظيفته تطبيق أحكام الشرع في العالم وتحقيق مقاصد الوحي في التاريخ.
أولا: الشعور التاريخي "الأدلة الأربعة"
الشعور التاريخي هو شعور الراوي الذي وظيفته ضمان صحة نصوص الوحي في التاريخ. ومناهج الرواية نوعان: الأول منهج النقل المكتوب، والثاني منهج النقل الشفاهي. وعن طريق منهج النقل المكتوب أتى القرآن، وعن طريق منهج النقل الشفاهي روت السنة. والقرآن والسنة أول مصدرين كتابيين للأحكام.
وقد عرض الأصوليون القدماء للكتاب أو القرآن كأصل أو دليل أول. وعرضوا لعدة مسائل جزئية مثل: الزيادة والنقصان في النص أو قراءة النص، أو أهل البسملة جزء من القرآن أم لا، وهي كلها مسائل قتلها القدماء بحثا، فقد كانوا أقرب إلى عهد التدوين. وقد جمع القرآن ساعة نزول الوحي وقورنت المصاحف بعضها مع البعض الآخر، وأصبح مصحف عثمان هو الذي ينقله الناس جيلا عن جيل حتى الآن، إلى آخر ما هو معروف في علوم القرآن مثل "الإتقان" للسيوطي أو "كتاب المصاحف" للسجستاني. ولديهم تحديد القرآن بأنه كلام الله القديم القائم بذاته؛ لأن هذه مسألة كلامية تخرج عن علم أصول الفقه. ولكن حده هو ما نقل إلينا بين دفتي المصحف على الأحرف السبعة المشهورة نقلا متواترا. والبسملة آية من القرآن والخلاف في كونها آية من كل سورة، ومال الشافعي إلى إثبات ذلك. والقرآن يشتمل على الحقيقة والمجاز وهو عربي....
أولا: الشعور التاريخي "الأدلة الأربعة"
الشعور التاريخي هو شعور الراوي الذي وظيفته ضمان صحة نصوص الوحي في التاريخ....
ثانيا: الشعور التأملي "مباحث الألفاظ والمعاني والعلل"
وظيفة الشعور التأملي فهم النصوص وتفسيرها، بعد أن تأكد الشعور التاريخي من صحتها وشرعيتها، وهو أهم جزء في علم الأصول؛ لأنه هو الجزء المنهجي الذي بواسطته يتم استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة الأربعة، وهو الجزء الذي يتمثل فيه الجهد الإنساني وقدرته على الفهم والتأويل؛ لأن الأدلة الأربعة لا مدخل للإنسان فيها. لما كان الوحي منطوقا من النبي في الكتاب والسنة، ومنطوقا به أيضا في الإجماع، كان تحليل الألفاظ هو البداية وهو الغالب على فعل الرسول وعلى سكوته أو إقراره. ولما كان اللفظ يدل على الحكم بصيغته ومنظومه أو بفحواه ومفهومه أو بمعناه ومعقوله، وهو الاقتباس الذي يسمى قياسا، اتجه الشعور التأملي نحو المنظوم والمفهوم والمعقول أي: بتحليل الألفاظ والمعاني والعلل. وقبل أن يعرض الأصوليون للمنظوم وكيفية الاستدلال بالصيغة من حيث اللغة والوضع يعقدون مقدمات عامة عن مبدأ اللغات وعن الأسماء اللغوية والعرفية والشرعية، وعن الحقيقة والمجاز.
فعلى عادة المفكرين المسلمين في البحث عن الأصل والبداية في العقل أو في التاريخ، تساءل الأصوليون عن مبدأ اللغات، فاعتبرها فريق اصطلاحية، وقال فريق ثان توقيفية، وقال فريق ثالث ما يحصل به التنبيه والبعث على الاصطلاح يكون بالتوقيف وما سواه يكون بالاصطلاح. والآراء الثلاثة جائزة عقلا، أما وقوعها فلا يتم إلا ببرهان عقلي أو نقل متواتر أو سمع قاطع. ولما كان البرهان العقلي يصدق على الآراء الثلاثة، وكان البرهان السمعي ظني التأويل، كان تناول مثل هذا الموضوع خارج علم الأصول وأقرب إلى ميتافيزيقا اللغة. ويأخذ هذا الموضوع صيغة ثانية في سؤال، هل تثبت الأسماء اللغوية قياسا أم أن كلها توقيفا؟ وعند الأشاعرة أنها توقيف وليس فيها قياس أصلا.
ثالثا: الشعور العملي "الأحكام الشرعية"
بعد تأكد الشعور التاريخي من صحة النصوص، وبعد تأكد الشعور التأملي من صحة الفهم والتفسير، يأتي الشعور العملي أخيرا لتنفيذ الأحكام، وتطبيق الأوامر والنواهي، وتحويل الوحي إلى فعل في العالم وإلى حركة في التاريخ. ويعتبره الأصوليون "النمرة". ونظرا لأهميته، فإنهم يضعونه في بداية العلم ثم يقدمون بعد ذلك بتحليل كيفية الاستثمار وشروط المستثمر والمستثمر منه. ويسمونه "الأحكام الشرعية".
ويقسمونها تقسيما رباعيا: الحاكم وهو الشارع، والمحكوم عليه وهو المكلف، والمحكوم فيه وهو الفعل، ونفس الحكم وهو الأمر والنهي. وقد استمر الحال كذلك إلى أن أتى الشاطبي "790هـ" في "الموافقات في أصول الشريعة" وفصل الشعور العملي وجعله أكثر من نصف العلم، وأخذ التقسيم الرباعي على نحو جديد اثنين اثنين: الأحكام والمقاصد. وتنقسم الأحكام إلى أحكام التكليف وأحكام الوضع، كما تنقسم المقاصد إلى مقاصد الشارع ومقاصد المكلف. فأحكام التكليف هي أفعال الإنسان في العالم طبقا لمستويات الفعل وطاقات الإنسان وقدرته على التمثل والمقاومة والتضحية، في حين أن أحكام الوضع هي الأحكام الموضوعة في العالم قبل أن يتمثلها الإنسان، والتي ترتكز على أسس موضوعية وليس على مجرد التعبير عن الإرادة الإلهية، أو الأهواء والانفعالات الذاتية. أما مقاصد الشارع فتعني الوحي باعتباره قصدا إلهيا يتجه إلى الإنسان ويقوم على أسس وضعية، وهو الدفاع عن المصالح العامة. ثم يتحول هذا القصد العام الشامل إلى قصد إنساني في مقاصد المكلف ويصبح النية على الفعل والباعث على السلوك.
المصدر: باختصار:
الكتاب: علم أصول الدين، علم أصول الفقه، العقل والنقل "مطبوع ضمن موسوعة الحضارة العربية والإسلامية"
المؤلف: حسن حنفي
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
الطبعة: الطبعة الأولى 1986
-------------------
ما رؤيتكم لهذا التقسيم فهذا الرجل على انحرافه فهو مبدع ومبتكر، تعرف منه وتنكر.