د. فؤاد بن يحيى الهاشمي
:: مشرف سابق ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 9,059
- الكنية
- أبو فراس
- التخصص
- فقه
- المدينة
- جدة
- المذهب الفقهي
- مدرسة ابن تيمية الحنبلية لذا فالمذهب عندنا شيء والراجح شيء آخر تماماً!.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قراءة في مقدمات الشاطبي
سنتناول إن شاء الله – بعونه وتسديده – في هذا الموضوع مقدمات الشاطبي على كتابه "الموافقات" وهذه المقدمات تنتظم في "ثلاث عشرة مقدمة".
وسبق أن أنزلت موضوعاً بعنوان:
[خاتمة للشاطبي أراد بها أن يكرَّ على كتاب المقاصد بالبيانوالتعريف]
وهو فصل ختم به الشاطبي رحمه الله "كتاب المقاصد" منكتابه الكبير "الموافقات" في نحو ثلاثين صحيفة أراد به أن يكون خاتمةتكرَّ على "كتاب المقاصد" بالبيان، وتعرِّف بتمام المقصودفيه.
وانظر الموضوع على هذا الرابط:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=699
وهنا في هذا الموضوع سنتكلم بإذن الله عن مقدماته الثلاثة عشر
وسنحاول بإذن الله أن نتناول كتاب الموافقات للشاطبي كاملا لكن على وفق هذه الطريقة من تناول بعض الفصول بالقراءة والدرس
ومعلوم أن كتاب الشاطبي الموافقات يشتمل على خمسة أقسام:
القسم الأول: وهو المقدمات.
القسم الثاني: الأحكام: أحكام التكليف الخمسة، وأحكام الوضع الخمسة.
القسم الثالث: مقاصد الشريعة.
القسم الرابع: الأدلة: الكتاب والسنة.
القسم الخامس: أحكام الاجتهاد والتقليد.
-----------------------------------
وقد أثنى أهل العلم على هذه المقدمات حتى ألَّف فيها الدكتور عبد القادر بن حرز الله اللّقيني مؤلفا خاصا سماه بـ (الوقفات على المقدمات) وهو شرح وتعليق
وسبق أن أنزلت موضوعا بعنوان:
[الشاطبي: أوصاني بالتحامي عن كتب المتأخرين وأتى بعبارة خشنة في السمع]
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=281
وفيه ثناء شيخنا محمد [أبو] الأجفان رحمه الله على هذه المقدمات لاسيما المقدمة الثانية عشرة.
وقد أوردت فيه مقدمتين اثنتين: المقدمة الحادية عشرة، والمقدمة الثانية عشرة.
------------
أما الشيخ العلم، والإمام الأشم إبراهيم بن موسى والمعروف بأبي إسحاق الشاطبي فلن أطيل في الثناء عليه فهو علم في رأسه نار قد طار ذكره كل مطار وأكتفي بالتعويل على ثناء الشيخ عبد الله دِراز والذي تناقله المعاصرون وطرَّزوا به مؤلفاتهم وهم فيه بين مستكثر ومستقل:
يقول الشيخ عبد الله دِراز رحمه الله في تقدمته لتحقيق كتاب "الموافقات":
(وهكذا بقي علم الأصول فاقدا قسما عظيما هو شطر العلم الباحث عن أحد ركنيه حتى هيأ الله سبحانه وتعالى أبا إسحاق الشاطبي في القرن الثامن الهجري لتدارك هذا النقص، وإنشاء هذه العمارة الكبرى في هذا الفراغ المترامي الأطراف في نواحي هذا العلم الجليل......
ثم إن عرائس الحكمة ولباب الأصول التي رسم معالمها وشد معاقلها في مباحث الكتاب والسنة.....
هذه المباحث التي فتح الله عليه بها لم تسلس له قيادها وتكشف له قناعها إلا باتخاذه القرآن الكريم أنيسه وجعله سميره وجليسه على ممر الأيام والأعوام، نظرا وعملا، وباستعانته على ذلك بالاطلاع والإحاطة بكتب السنة ومعانيها وبالنظر في كلام الأئمة السابقين والتزود من آراء السلف المتقدمين
مع ما وهبه الله من قوة البصيرة بالدين حتى تشعر وأنت تقرأ في الكتاب كأنك تراه وقد تسنم ذروة طود شامخ يشرف منه على موارد الشريعة ومصادرها، يحيط بمسالكها، ويبصر شعابها، فيصف عن حس، ويبني قواعد عن خبرة، ويمهد كليات يشدها بأدلة الاستقراء من الشريعة فيضم آية إلى آيات، وحديثا إلى أحاديث، وأثرا إلى آثار عاضدا لها بالأدلة العقلية والوجوه النظرية حتى يدق عنق الشك، ويسد مسالك الوهم، ويظهر الحق ناصعا بهذا الطريق الذي هو نوع من أنواع التواتر المعنوي ملتزما ذلك في مباحثه وأدلته حتى قال بحق أن هذا المسلك هو خاصية كتابه.....
وفيما ذكرناه إشارة إلى قطرة من ساحل كتاب "الموافقات" الذي لو اتخذ منارا للمسلمين بتقريره بين العلماء وإذاعته بين الخاصة لكان منه مِذَبَّةٌ تطرد أولئك الأدعياء المتطفلين على موائد الشريعة المطهرة يتبجحون بأنهم أهل للاجتهاد مع خلوهم من كل وسيلة، وتجردهم من الصفات التي تدنيهم من هذا الميدان سوى مجرد الدعوى وتمكن الهوى وترك أمر الدين فوضى بلا رقيب.....
قلم أبي إسحاق رحمه الله وإن كان يمشي سويا ويكتب عربيا نقيا؛ كما يشاهد ذلك في كثير من المباحث التي يخلص فيها المقام لذهنه وقلمه؛ فهناك ترى ذهنا سيالا وقلما جوالا، قد تقرأ الصفحة كاملة لا تتعثر في شيء من المفردات ولا أغراض المركبات؛ إلا أنه في مواطن الحاجة إلى الاستدلال بموارد الشريعة والاحتكام إلى الوجوه العقلية والرجوع إلى المباحث المقررة في العلوم الأخرى، يجعل القارئ ربما ينتقل في الفهم من الكلمة إلى جارتها، ثم منها إلى التي تليها، كأنه يمشي على أسنان المشط، لأن تحت كل كلمة معنى يشير إليه وغرضا يعول في سياقه عليه، فهو يكتب بعد ما أحاط بالسنة وكلام المفسرين، ومباحث الكلام، , وأصول المتقدمين وفروع المجتهدين وطريق الخاصة من المتصوفين.....)
التعديل الأخير: