وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذه المسألة -بارك الله فيك- عادة يذكرها الفقهاء في مسألة من طلقها زوجها وهو في مرض موته، هل لها حق في الإرث أم لا؟
و"صالح" هنا هذا اللفظ الذي أشكل عليك تعبير فيه تجوز من بعض الفقهاء بمعنى " قضى" عثمان لها.... ورثها عثمان.
وسأنقل لك بعض الآثار، وأقول لأهل العلم لعلها تزيل عنك الإشكال:
قال الإمام الشافعي في الأم" أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن أبى مليكة أنه سأل ابن الزبير عن المرأة يطلقها الرجل فيبتها ثم يموت وهى في عدتها فقال ابن الزبير طلق عبد الرحمن بن عوف تماضر بنت الاصبغ الكلبية فبتها ثم مات وهى في عدتها فورثها عثمان فقال ابن الزبير فأما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة"
وقال أيضا في موضوع أخر"أخبرنا ابن أبى رواد ومسلم بن خالد عن ابن جريج قال أخبرني ابن أبى مليكة انه سأل ابن الزبير عن الرجل يطلق المرأة فيبتها ثم يموت وهى في عدتها فقال عبد الله بن الزبير طلق عبد الرحمن ابن عوف تماضر بنت الاصبغ الكلبية فبتها ثم مات عنها وهى في عدتها فورثها عثمان، قال ابن الزبير وأما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة"
وقال الإمام أبو محمد بن حزم كما في المحلى:
"ومن طريق سعيد بن منصور. والحجاج بن المنهال قالا جميعا: نا أبو عوانة نا عمر بن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه فذكر حديث أبيه وان امرأته تماضر بنت الاصبغ بن زياد بن الحصين أرسلت إليه تسأله الطلاق فقال إذا طهرت يعنى من حيضها فلتؤذنى فطهرت فأرسلت إليه وهو مريض فغضب وقال: هي طالق البتة لا رجعة لها فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات فقال عبد الله بن عوف: لا أورث تماضر شيئا هذا لفظ الحجاج، وقال سعيد بن منصور في روايته فقال عبد الرحمن: لا أورث تماضر شيئا ثم اتفقا فارتفعوا إلى عثمان فورثها وكان ذلك في العدة "
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
"مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقَ الْفَارِّ ، وَيُعَامَلُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ ، وَتَرِثُهُ الزَّوْجَةُ ، وَتَسْتَكْمِلُ جَمِيعَ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ ، أَمْ لَا تَرِثُ ، وَتَأْخُذُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ ؟ الْجَوَابُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُطَلِّقِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ تَوْرِيثُهَا ، كَمَا قَضَى بِذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِامْرَأَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ تُمَاضَرَ بِنْتِ الْأَصْبَغِ ، وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ ، ثُمَّ عَلَى هَذَا هَلْ تَرِثُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ .
وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى قَوْلَيْنِ الْعُلَمَاءُ ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَرِثُ أَيْضًا ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ .
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى أَنَّ عُثْمَانَ وَرَّثَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَلِأَنَّ هَذِهِ إنَّمَا وَرِثَتْ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِالتَّرِكَةِ لَمَّا مَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ ، وَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي حَقِّهَا وَحَقِّ سَائِرِ الْوَرَثَةِ ، بِحَيْثُ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ لِوَارِثٍ ، وَلَا يَمْلِكُهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ ، كَمَا لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ ، فَلَمَّا كَانَ تَصَرُّفُهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَرَثَةِ كَتَصَرُّفِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ ، لَا يَمْلِكُ قَطْعَ إرْثِهَا ، فَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ بَعْدَ مَرَضِهِ .
وَهَذَا هُوَ طَلَاقُ الْفَارِّ الْمَشْهُورُ بِهَذَا الِاسْمِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ ، وَهُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ الَّذِي أَفْتَى بِهِ"
أختي" حفيدة عائشة" أرجو أن أكون قد وضحت لك ما أشكل عليك، رزقنا الله وإياك العلم النافع و العمل الصالح. ..