العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مَرَاحلُ طالبِ العلم ( الإمام الشاطبي)

إنضم
27 مارس 2011
المشاركات
24
التخصص
فقه وأصوله
المدينة
كوالالمبور
المذهب الفقهي
حنبلي
[align=justify]
السلام عليكم ورحمة الله​

هذه رؤية الإمام أبي إسحاق الشاطبي للمراحل والأدوار التي يمر بها طالب العلم الشرعي في معرض سيره إلى مرتبة الاجتهاد، أنقلها كما هي لكن مع قليل من التهذيب (وليس التلخيص).​

يقول الإمام الشاطبي في الموافقات (4/452) ما يلي : { طالب العلم إذا استمر في طلبه مرت عليه أحوال ثلاثة:​

أحدها: أن يتنبه عقله إلى النظر فيما حفظ والبحث عن أسبابه، وإنما ينشأ هذا عن شعور بمعنى ما حصل، لكنه مجمل بعد، وربما ظهر له في بعض أطراف المسائل جزئيا لا كليا، وربما لم يظهر بعد، فهو ينهي البحث نهايته ومعلمه عند ذلك يعينه بما يليق به في تلك الرتبة، ويرفع عنه أوهامًا وإشكالات تعرض له في طريقه، يهديه إلى مواقع إزالتها ويطارحه في الجريان على مجراه، مثبتًا قدمه، ورافعًا وحشته، ومؤدبًا له حتى يتسنى له النظر والبحث على الصراط المستقيم.
فهذا الطالب حين بقائه هنا، ينازع الموارد الشرعية وتنازعه، ويعارضها وتعارضه، طمعًا في إدراك أصولها والاتصال بحكمها ومقاصدها، ولم تتلخص له بعد، لا يصح منه الاجتهاد فيما هو ناظر فيه؛ لأنه لم يتخلص له مسند الاجتهاد، ولا هو منه على بينة بحيث ينشرح صدره بما يجتهد فيه، فاللازم له الكف والتقليد.

والثاني: أن ينتهي بالنظر إلى تحقيق معنى ما حصل على حسب ما أداه إليه البرهان الشرعي، بحيث يحصل له اليقين ولا يعارضه شك، بل تصير الشكوك -إذا أوردت عليه- كالبراهين الدالة على صحة ما في يديه، فهو يتعجب من المتشكك في محصوله كما يتعجب من ذي عينين لا يرى ضوء النهار لكنه استمر به الحال إلى أن زل محفوظه عن حفظه حكمًا، وإن كان موجودا عنده، فلا يبالي في القطع على المسائل، أنص عليها أو على خلافها أم لا.​
فإذا حصل الطالب على هذه المرتبة، فهل يصح منه الاجتهاد في الأحكام الشرعية أم لا؟ هذا محل نظر والتباس، ومما يقع فيه الخلاف.(ثم توسع الإمام الشاطبي كثيراً في حكاية الخلاف في هذه المسألة).

الثالث: أن يخوض فيما خاض فيه الطرفان ويتحقق بالمعاني الشرعية منزلة على الخصوصيات الفرعية، بحيث لا يصده التبحر في الاستبصار بطرف عن التبحر في الاستبصار بالطرف الآخر، فلا هو يجري على عموم واحد منهما دون أن يعرضه على الآخر، ثم يلتفت مع ذلك إلى تنزل ما تلخص له على ما يليق في أفعال المكلفين، فهو في الحقيقة راجع إلى الرتبة التي ترقى منها، لكن بعلم المقصود الشرعي في كل جزئي فيها عمومًا وخصوصًا.
وهذه الرتبة لا خلاف في صحة الاجتهاد من صاحبها، وحاصله أنه متمكن فيها، حاكم لها، غير مقهور فيها، بخلاف ما قبلها، فإن صاحبها محكوم عليه فيها، ولذلك قد تستفزه معانيها الكلية عن الالتفات إلى الخصوصيات، وكل رتبة حكمت على صاحبها دلت على عدم رسوخه فيها، وإن كانت محكومًا عليها تحت نظره وقهره، فهو صاحب التمكين والرسوخ، فهو الذى يستحق الانتصاب للاجتهاد، والتعرض للاستنباط.​

ومن خاصيته (أي صاحب الرتبة الثالثة) أمران:
أحدهما: أنه يجيب السائل على ما يليق به في حالته على الخصوص إن كان له في المسألة حكم خاص.​
والثاني: أنه ناظر في المآلات قبل الجواب عن السؤالات.
[/align]​
 
أعلى