رد: هل النسخ رفع أو بيان ؟
الخلاف في مسألة النسخ في الأخبار بين من جوزه ومن منعه يرجع إلى الخلاف في حد النسخ عنده .
فقال في "البحر المحيط" (3 / 177): (أن الخلاف مبني على تفسير النسخ وهل هو رفع أو بيان كما صرح به القاضي فقال ذهب كل من قال بأن النسخ بيان (2 ) وليس برفع حقيقي إلى جواز النسخ في الأخبار على هذا التأويل قال وأما نحن إذا صرنا إلى أنه رفع لثابت حقيقي وأن المبين ليس بنسخ أصلا فلا نقول على هذا بنسخ الأخبار لأن في تجويزه حينئذ تجويز الخلف في خبر الله وهو باطل وهذا بخلاف تجويز النسخ في الأوامر والنواهي لأنه لا يدخلها صدق ولا كذب . اهـ ، ومن هذا يعلم أن من وافق القاضي في تفسيره بالرفع وقال بتجويز النسخ في الأخبار فلم يتحقق ولم يقف الهندي على كلام القاضي فقال لا يتجه الخلاف إن فسرنا النسخ بالرفع لأن نسخه حينئذ يستلزم الكذب وإنما يتم إذا فسرناه بالانتهاء فإنه لا يمتنع حينئذ أن يراد من الدليل على ثبوت الحكم في كل الأزمنة لا بعضها) .اهـ
@ والذي أراه في هذه المسألة أن كلا القولين بالمنع والجواز لم يتواردا على محل واحد وأن الخلاف بينهما خلافا لفظيا ، فمن قال بالمنع نظر للخبر قبل وقوعه ، ومن قال بالجواز نظر إليه بعد وقوعه .
وعليه فلا بد من تقييد إطلاق كلا القولين ، فمن قال بالمنع يقيد قوله بأن يكون الرفع قبل وقوع الخبر ، ومن قال بالجواز يقيد قوله بأن يكون البيان بعد وقوع الخبر على نحو ما أُخبر به .
ولنتوقف مع ما مثلوا به عن الخبر الذي يقبل التغيير من إيمان زيد ، فلو أخبر الشارع بإيمان زيد فهو لا محالة واقع وصدق ، والقول بجواز نسخ هذا الخبر يحتمل أحد أمرين أن ينسخ قبل وقوعه ، أو بعد وقوعه ، فإن كان الأول لزم تكذيب الخبر ويمتنع نسخه على كلا القولين ، وإن كان بعد وقوعه فلا مانع من نسخه ، على كلا القولين .
(2)-وقد عرف القاضي النسخ في "العدة" (1 / 155) بقوله : (وأما النسخ فحده: بيان انقضاء مدة العبادة التي ظاهرها الإطلاق . وإن شئت قلت: بيان ما لم يرد باللفظ العام في الأزمان...) .
هذا والله أعلم