د. ملفي بن ساير العنزي
:: متخصص ::
- إنضم
- 25 مارس 2011
- المشاركات
- 1,035
- الكنية
- أبو محمد
- التخصص
- فقه
- المدينة
- مكة المكرمة والشمال
- المذهب الفقهي
- أصول المذهب الأحمد
الحمدلله, والصلاة والسلام على رسول الله.
"القنوت في اللغة له معان, منها: الدعاء, ويطلق على الدعاء بخير وشرّ. يقال: قنت له, وقنت عليه". (حاشية ابن قاسم 2/189)
ولقد ورد بطرق صحيحة مايمكن الاستدلال به على أن الدعاء يكون جهرياً... في الوتر, والنازلة, والخطب وغيرها من المواطن... كحال استنزال النصر في الحرب... إلخ.
والنازلة هي الواقعة الشديدة, والحادث الجلل.
ودعاء القنوت تحديداً - وفيما يخصّ صفته وكيفية أداءه - الأمر فيه واسع؛ لكن الجهر به من قِبل إمام في جماعةٍ أولى, "وعند المالكية: يجهر, فلو تركه سهواً سجد, وعمداً في بطلان وتره قولان" (الفروع2/362), ويجهر منفرد؛ لكن لا يتعدّى صوته من يتأذّى به كنائمٍ أو مصلٍّ أو تالٍ.
والقنوت يكون بعد الرفع من الركوع؛ من آخر ركعة في صلاة الليل, هي الوتر؛ لوروده بطرق صحيحة.
وأما القنوت قبل الركوع؛ فمما يروى فيه حديث عن أبي بن كعب رضي الله عنه؛ قال الخلال عن أحمد رحمهما الله: " لا يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء"اهـ (مستدرك التعليل ص251).
وهو في جميع السنة. ومنها شهر رمضان المبارك.
وقنوت النازلة يكون : في صلاة الغداة وصلاة المغرب, ووردت بذلك أدلة صحيحة, وقيل في الصلوات الجهرية, عدا الجمعة؛ للدعاء في الخطبة قبلها, ولعدم وروده بطرق صحيحة - فيما أعلم - .
والصحيح الذي عليه الدليل أن القنوت للنازلة يكون في جميع الفروض؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على أحياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمّن من خلفه).
أخرجه: أبو داود "2/68": حديث "1443"، وأحمد "1/301"، وابن خزيمة في "صحيحه" "1/313"، حديث "618"، والحاكم في "المستدرك " "1/225، 226".
وحسّنه النووي في خلاصة الأحكام(1/ 461)برقم 1517, والألباني في صحيح أبي داود وغيرهما رحمهم الله.
ويشرع التأمين؛ فقد ورد من فعل الصحابة وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم, كما في اللفظ المتقدم (... ويؤمِّن من خلفه), ولوجود آثار دلّت على ذلك.
وفي القنوت يُتحرى أزكى الأدعية وأحسنها؛ بلسان قلبه خاشع, وبجوارح متذللة بلا اصطناع, ولا بأس بتحسين الصوت فيه, وبالترتيل والتغنّي؛ إذا دعا الإمام بآيات من القرآن, ومن هذا الباب يكون فيه قرب من التلاوة؛ فبعض الأئمة يسترسل في الدعاء ويرتضي أن يكون على وتيرة واحدة, أو على ما كان من ترتيل للقرآن أو للآيات التي يدعو بها, أو له عادة تحسين صوت بدعائه؛ بديهة.
ولا ينبغي فيه التقليد لصوت أحد بعينه, ولا التكلّف, "إذ مقام طلب الحاجة التضرّع" (فتح القدير لابن الهمام1/370) والاستكانة والصدق لا التقليد وتحسين الصوت المجرّد عن ذلك.
ولا أن يطوّله بما يشقّ على المصلين.
والبعض الآخر يستغلّ حضور صلحاء الناس وضعفتهم, وجماعتهم بعامّة؛ ((... فإن دعوتهم تحيط من ورائهم)) ؛ كما في الحديث الصحيح, أو زمن فاضل أو مكان فاضل؛ فيطيل؛ رجاء إجابة, وفي خلال وقت دعاء, أو خلال نزول غيث.
والأفضل: أن يبدأ بالسّنّة: ومنها ((اللهم اهدنا فيمن هديت...)) أو أن يثني على الله سبحانه وبحمده بما هو أهله في كتابه الكريم وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم, وبـ ((يا أرحم الراحمين, ثلاثاً)).
ويختم بما جاء: ((اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك, وبكَ منك..)), وبـ "بالصلاة والتسليم على محمد صلى الله عليه وسلم. (الإرواء 2/177). وصح بذلك الخبر عن الصحابة رضي الله عنهم. في القنوت للوتر.
قال الألباني رحمه الله: "فقد ثبت في حديث إمامة أبي بن كعب الناس في قيام رمضان أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في آخرالقنوت، وذلك في عهد عمر رضي الله عنه. رواه ابن خزيمة في " صحيحه " (1097)؛ فهي زيادة مشروعة ؛ لعمل السلف بها ، فلا ينبغي إطلاق القول بأن هذه الزيادة بدعة. والله أعلم.
وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت الفجر ؛ فلم يرد مطلقا ، بل قال ابن القيم : إنه (نقل من قنوت الوتر إلى قنوت الفجر قياسا ؛ كما نقل أصل هذا الدعاء إلى قنوت الفجر) . "اهـ ينظر: (أصل صفة صلاة النبي صلى الله وسلم 3/977- 978)
وقد شرعت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أول الدعاء وأوسطه وآخره. (حاشية ابن قاسم 2/195) .
ويجب أن يكون الدعاء بلا جهل ولا تعدّ.
وجاء في كتب الحنابلة رحمهم الله [ينظر: المقنع - مع الشرح الكبير والإنصاف - 4/127- 129, المبدع 2/7- 11, الفروع و تصحيح الفروع (2/ 362- 363), مطالب أولي النهى 1/555] :
((اللهم إنا نستعينك، ونستهديك، ونستغفرك، ونتوب إليك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، ونشكرك، ولا نكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد. نرجو رحمتك، ونخشى عذابك. إن عذابك الجد بالكفار ملحق)), حديث عمر: "اللهم إنا نستعينك.." أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 301) برقم 6965, والبيهقي في السنن الكبرى 2/210-211.
((اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شرّ ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذِلُّ من واليت، ولا يعِزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت)). " أخرجه أبو داود 2/63 برقم 1425و 1426, والترمذي 2/328 برقم 464, والنسائي (مجتبى)برقم 1745, وفي الكبرى, وابن ماجه وأحمد وغيرهم, وصححه النووي في الخلاصة وأحمد شاكر رحمهم الله؛ من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهم: قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: ((اللهم اهدنا فيمن هديت...)) الحديث.(كافي المبتدي ص 153 حاشية 6)"
((اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك، لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)) . جاء في حديث علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك..)). "أخرجه البخاري في التأريخ الكبير 8/195 برقم 2681. وأبو داود"1427, والترمذي"3566, وابن ماجه"1179.(المرجع السابق)"
وللإمام أن يدعو بما يعرف معناه أو يظنّ معرفته, ومناسبته لما يختاره من أسماء الله جل جلاله؛ الكبير المتعال المبدئ المعيد... فالدعاء بالرحمة والمغفرة والعفو؛ يناسبها أن يُدعى سبحانه بالرحيم الودود العفو الكريم الغفور... والدعاء بالبطش بمن استطار شرّه وهدّد بيوتات المسلمين ضرره يناسبه العزيز الجبار , والجميع يناسبها: الله - اللهم... الحيّ القيّوم...
ولا يخفى أن قصد المكلّف له شأنه؛ فإن كان قصد مَن يدعو؛ لأجل الدنيا وزخرفها المجرّد, ولحظوظ النفس... فهذا قد اعتلى الخطر وإن لم يتدارك بالنصيحة, أو التوبة فقد هلك وهوى.
وأفضل الدعاء "ما ورد", و"ما دعا به أئمة السلف الصالح وتُلقِّي بالقبول.
ويرفع يديه. ويدعو للمؤمنين لا لنفسه إلا أن ينفرد.
ومن العلماء من يرى التفريق بين أدعية القنوت في صلاة الليل (التطوع), وبين الدعاء في قنوت النازلة, وهو في كتب الفقه ويحتاج إلى استقراء وبحث وأول من صرح بذلك - فيما أعلمه - السيوطي رحمه الله.
ويجوز الدعاء لمسلم بعينه : ((اللهم نَجّ [فلان]... )) و ((اللهم نجّ المستضعفين من المؤمنين)).
ومما ورد به الدعاء على الكفار: ((اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف)), ((اللهم عليك بـ...)).
((اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم - الأحزاب - اهزمهم وزلزلهم)).
وإذا كان الدعاء لنازلة - وقد عمّت, نسأل الله العافية, والحمد لله على كل حال - فبما ورد ومنه: (( لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض لا إله إلا الله رب العرش الكريم)).
وبـ ((الله. الله ربّي لا أُشرك به شيئا)).
والتعوذ بالله من: ((جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء))
ومما ورد من جوامع الدعاء - وسيكمل بإذن الله - :
- سيّد الاستغفار...: ((اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت))
- ((اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت اللهم أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت - أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون)).
- (( رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به من. اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير))
- ويسال الله شفاعة نبيّه صلى الله عليه وسلم.
- والشرب من حوضه صلى الله عليه وسلم.
- والفردوس الأعلى من الجنة.
- والنظر إلى وجهه سبحانه وتعالى الكريم يوم القيامة, من غير ضرّاء مضرّة ولا فتنة مظلّة.
ومن متحتمات الدعاء الإخلاص والمتابعة, وصدق التضرّع.
ومن سننه ومستحباته الإلحاح والاستكانة والبكاء, والدعاء للمؤمنين والمؤمنات.
والله أعلم.
اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا .
وصلى الله على نبينا محمد.
وللمشاركة في هذه الجمل بوركتم؛ لتعم الفائدة...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
"القنوت في اللغة له معان, منها: الدعاء, ويطلق على الدعاء بخير وشرّ. يقال: قنت له, وقنت عليه". (حاشية ابن قاسم 2/189)
ولقد ورد بطرق صحيحة مايمكن الاستدلال به على أن الدعاء يكون جهرياً... في الوتر, والنازلة, والخطب وغيرها من المواطن... كحال استنزال النصر في الحرب... إلخ.
والنازلة هي الواقعة الشديدة, والحادث الجلل.
ودعاء القنوت تحديداً - وفيما يخصّ صفته وكيفية أداءه - الأمر فيه واسع؛ لكن الجهر به من قِبل إمام في جماعةٍ أولى, "وعند المالكية: يجهر, فلو تركه سهواً سجد, وعمداً في بطلان وتره قولان" (الفروع2/362), ويجهر منفرد؛ لكن لا يتعدّى صوته من يتأذّى به كنائمٍ أو مصلٍّ أو تالٍ.
والقنوت يكون بعد الرفع من الركوع؛ من آخر ركعة في صلاة الليل, هي الوتر؛ لوروده بطرق صحيحة.
وأما القنوت قبل الركوع؛ فمما يروى فيه حديث عن أبي بن كعب رضي الله عنه؛ قال الخلال عن أحمد رحمهما الله: " لا يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء"اهـ (مستدرك التعليل ص251).
وهو في جميع السنة. ومنها شهر رمضان المبارك.
وقنوت النازلة يكون : في صلاة الغداة وصلاة المغرب, ووردت بذلك أدلة صحيحة, وقيل في الصلوات الجهرية, عدا الجمعة؛ للدعاء في الخطبة قبلها, ولعدم وروده بطرق صحيحة - فيما أعلم - .
والصحيح الذي عليه الدليل أن القنوت للنازلة يكون في جميع الفروض؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على أحياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمّن من خلفه).
أخرجه: أبو داود "2/68": حديث "1443"، وأحمد "1/301"، وابن خزيمة في "صحيحه" "1/313"، حديث "618"، والحاكم في "المستدرك " "1/225، 226".
وحسّنه النووي في خلاصة الأحكام(1/ 461)برقم 1517, والألباني في صحيح أبي داود وغيرهما رحمهم الله.
ويشرع التأمين؛ فقد ورد من فعل الصحابة وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم, كما في اللفظ المتقدم (... ويؤمِّن من خلفه), ولوجود آثار دلّت على ذلك.
وفي القنوت يُتحرى أزكى الأدعية وأحسنها؛ بلسان قلبه خاشع, وبجوارح متذللة بلا اصطناع, ولا بأس بتحسين الصوت فيه, وبالترتيل والتغنّي؛ إذا دعا الإمام بآيات من القرآن, ومن هذا الباب يكون فيه قرب من التلاوة؛ فبعض الأئمة يسترسل في الدعاء ويرتضي أن يكون على وتيرة واحدة, أو على ما كان من ترتيل للقرآن أو للآيات التي يدعو بها, أو له عادة تحسين صوت بدعائه؛ بديهة.
ولا ينبغي فيه التقليد لصوت أحد بعينه, ولا التكلّف, "إذ مقام طلب الحاجة التضرّع" (فتح القدير لابن الهمام1/370) والاستكانة والصدق لا التقليد وتحسين الصوت المجرّد عن ذلك.
ولا أن يطوّله بما يشقّ على المصلين.
والبعض الآخر يستغلّ حضور صلحاء الناس وضعفتهم, وجماعتهم بعامّة؛ ((... فإن دعوتهم تحيط من ورائهم)) ؛ كما في الحديث الصحيح, أو زمن فاضل أو مكان فاضل؛ فيطيل؛ رجاء إجابة, وفي خلال وقت دعاء, أو خلال نزول غيث.
والأفضل: أن يبدأ بالسّنّة: ومنها ((اللهم اهدنا فيمن هديت...)) أو أن يثني على الله سبحانه وبحمده بما هو أهله في كتابه الكريم وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم, وبـ ((يا أرحم الراحمين, ثلاثاً)).
ويختم بما جاء: ((اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك, وبكَ منك..)), وبـ "بالصلاة والتسليم على محمد صلى الله عليه وسلم. (الإرواء 2/177). وصح بذلك الخبر عن الصحابة رضي الله عنهم. في القنوت للوتر.
قال الألباني رحمه الله: "فقد ثبت في حديث إمامة أبي بن كعب الناس في قيام رمضان أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في آخرالقنوت، وذلك في عهد عمر رضي الله عنه. رواه ابن خزيمة في " صحيحه " (1097)؛ فهي زيادة مشروعة ؛ لعمل السلف بها ، فلا ينبغي إطلاق القول بأن هذه الزيادة بدعة. والله أعلم.
وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت الفجر ؛ فلم يرد مطلقا ، بل قال ابن القيم : إنه (نقل من قنوت الوتر إلى قنوت الفجر قياسا ؛ كما نقل أصل هذا الدعاء إلى قنوت الفجر) . "اهـ ينظر: (أصل صفة صلاة النبي صلى الله وسلم 3/977- 978)
وقد شرعت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أول الدعاء وأوسطه وآخره. (حاشية ابن قاسم 2/195) .
ويجب أن يكون الدعاء بلا جهل ولا تعدّ.
وجاء في كتب الحنابلة رحمهم الله [ينظر: المقنع - مع الشرح الكبير والإنصاف - 4/127- 129, المبدع 2/7- 11, الفروع و تصحيح الفروع (2/ 362- 363), مطالب أولي النهى 1/555] :
((اللهم إنا نستعينك، ونستهديك، ونستغفرك، ونتوب إليك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، ونشكرك، ولا نكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد. نرجو رحمتك، ونخشى عذابك. إن عذابك الجد بالكفار ملحق)), حديث عمر: "اللهم إنا نستعينك.." أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 301) برقم 6965, والبيهقي في السنن الكبرى 2/210-211.
((اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شرّ ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذِلُّ من واليت، ولا يعِزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت)). " أخرجه أبو داود 2/63 برقم 1425و 1426, والترمذي 2/328 برقم 464, والنسائي (مجتبى)برقم 1745, وفي الكبرى, وابن ماجه وأحمد وغيرهم, وصححه النووي في الخلاصة وأحمد شاكر رحمهم الله؛ من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهم: قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: ((اللهم اهدنا فيمن هديت...)) الحديث.(كافي المبتدي ص 153 حاشية 6)"
((اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك، لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)) . جاء في حديث علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك..)). "أخرجه البخاري في التأريخ الكبير 8/195 برقم 2681. وأبو داود"1427, والترمذي"3566, وابن ماجه"1179.(المرجع السابق)"
وللإمام أن يدعو بما يعرف معناه أو يظنّ معرفته, ومناسبته لما يختاره من أسماء الله جل جلاله؛ الكبير المتعال المبدئ المعيد... فالدعاء بالرحمة والمغفرة والعفو؛ يناسبها أن يُدعى سبحانه بالرحيم الودود العفو الكريم الغفور... والدعاء بالبطش بمن استطار شرّه وهدّد بيوتات المسلمين ضرره يناسبه العزيز الجبار , والجميع يناسبها: الله - اللهم... الحيّ القيّوم...
ولا يخفى أن قصد المكلّف له شأنه؛ فإن كان قصد مَن يدعو؛ لأجل الدنيا وزخرفها المجرّد, ولحظوظ النفس... فهذا قد اعتلى الخطر وإن لم يتدارك بالنصيحة, أو التوبة فقد هلك وهوى.
وأفضل الدعاء "ما ورد", و"ما دعا به أئمة السلف الصالح وتُلقِّي بالقبول.
ويرفع يديه. ويدعو للمؤمنين لا لنفسه إلا أن ينفرد.
ومن العلماء من يرى التفريق بين أدعية القنوت في صلاة الليل (التطوع), وبين الدعاء في قنوت النازلة, وهو في كتب الفقه ويحتاج إلى استقراء وبحث وأول من صرح بذلك - فيما أعلمه - السيوطي رحمه الله.
ويجوز الدعاء لمسلم بعينه : ((اللهم نَجّ [فلان]... )) و ((اللهم نجّ المستضعفين من المؤمنين)).
ومما ورد به الدعاء على الكفار: ((اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف)), ((اللهم عليك بـ...)).
((اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم - الأحزاب - اهزمهم وزلزلهم)).
وإذا كان الدعاء لنازلة - وقد عمّت, نسأل الله العافية, والحمد لله على كل حال - فبما ورد ومنه: (( لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض لا إله إلا الله رب العرش الكريم)).
وبـ ((الله. الله ربّي لا أُشرك به شيئا)).
والتعوذ بالله من: ((جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء))
ومما ورد من جوامع الدعاء - وسيكمل بإذن الله - :
- سيّد الاستغفار...: ((اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت))
- ((اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت اللهم أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت - أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت والجن والإنس يموتون)).
- (( رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به من. اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير))
- ويسال الله شفاعة نبيّه صلى الله عليه وسلم.
- والشرب من حوضه صلى الله عليه وسلم.
- والفردوس الأعلى من الجنة.
- والنظر إلى وجهه سبحانه وتعالى الكريم يوم القيامة, من غير ضرّاء مضرّة ولا فتنة مظلّة.
ومن متحتمات الدعاء الإخلاص والمتابعة, وصدق التضرّع.
ومن سننه ومستحباته الإلحاح والاستكانة والبكاء, والدعاء للمؤمنين والمؤمنات.
والله أعلم.
اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا .
وصلى الله على نبينا محمد.
وللمشاركة في هذه الجمل بوركتم؛ لتعم الفائدة...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.