أبو حزم فيصل بن المبارك
:: عضو مؤسس ::
- إنضم
- 27 مارس 2008
- المشاركات
- 365
- التخصص
- أصول الفقه
- المدينة
- قسنطينة
- المذهب الفقهي
- حنبلي
حكم العلاقات العاطفية في الشريعة الإسلامية
نداء خاص للطالبات
للشيخ الدكتور ماهر الفحل
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .نداء خاص للطالبات
للشيخ الدكتور ماهر الفحل
أما بعد :
فإن الإسلام لا يطارد المحبين ، ولا يطارد بواعث الحب والغرام ، ولا يجفف منابع الود والاشتياق ، ولكنه كعادته في كل شأن من شؤون التشريع يهذب الشيء المباح حتى لا ينفلت الزمام ويقع المرء في الحرام والهلاك .
ولقد ارتبط في أذهان كثير من الفتيات أنْ تمارس الحب خارج البيوت ، وأن ينسجوا خيوط العشق وطرق الغرام بعيداً عن الزواج الحلال من باب أنَّ الممنوع مرغوبٌ .
فهل نقبل بما يسمى بحرية الحب في مجتمعنا الإسلامي ؟
لقد تردد على ألسنة المراهقات عبارات الحب التي شوهت أفكارهن ، ومنها : ( الحب من أول نظرة ) ( الزواج من غير حب فاشل ) ، ( الحب يصنع المعجزات ) ، ( الحب عذاب ) ، ( الزواج مقبرة الحب ) و( من الحب ما قتل ) .
نعم مشاعر الميل الجنسي لآخر في هذا السن طبيعية ، لكن هل هذا مسوغٌ ومبرر للاندفاع وراء هذه المشاعر ؟ فهل هذا مبرر لإقامة هذه العلاقات .
إنَّ ما يسمى بالحب الذي تعيشه الفتيات اليوم فيه من الشطط والمعابة ما يجعلها لهواً ولعباً فلا ترى له هدفاً .
ولما يسمى بالحب والعشق أعراضٌ تظهر على الفتاة .
* الأعراض :
1- انخفاض المستوى الدراسي إنْ كانت من الدارسات .
2- السرحان الدائم والسباحة في عالم الخيال ( أهم الأعراض ) .
3- تبتدع الفتاة الأكاذيب الدائمة على أهلها للخروج ولقاء الحبيب .
4- الخوف المستمر من معرفة الأهل والقلق والتوتر .
5- تأنيب الضمير إذا خلت بنفسها .
أما الآثار الحاصلة لتلك الفتيات الواقعات في هذا الداء .
* الآثار :
1- خوف الفتاة المستمر من ترك الحبيب لها أو الانحدار معه إلى الهاوية ؛ فهي علاقة مزيفةٌ ، وعالمٌ خياليٌّ ينتهي بالأخطاء والندم .
2- وقد تقع الفتاة ضحية الابتزاز والتهديد والفضيحة وإخبار الأهل إنْ قررتْ ترك الحبيب المزعوم
3- قد تتعرض لصدمة نفسية ومحنة كبيرة واضطرابات عصبية ونفسية .
4- انكسار قلب الفتاة إذا لم ينته الحب بالزواج .
5- وإذا تم الزواج فقد يحدث الطلاق بعد الزواج بسبب كثرة الشكوك بين الزوجين .
6- مشاكل الدائمة بين الفتاة والأسرة .
7- يترتب على هذه العلاقة انحراف وعلاقة غير شرعية قد يكون ثمرتها الحمل .
8- فقد الفتاة سمعتها وفقدها ثقة الآخرين .
9- فقد الفتاة لمستقبلها وقد تفقد حياتها لمثل هذه العلاقات .
وهذه العلاقات التي تحصل للفتيات لها أسباب ودوافع .
• أسباب ودوافع هذه العلاقات :
1- الفراغ وتسلية الوقت ( وهو سببٌ رئيسٌ ) .
2- البحث عن الحب الحقيقي على حد زعمها .
3- الزواج .
4- الشهوة غير المنضبطة .
5- الفراغ العاطفي .
6- ضعف الوازع الديني .
7- ضعف علاقة الأم بابنتها وإهمالها لها ، وعدم الاستماع إلى مشكلاتها قد يدفع الفتاة للبحث عن البديل .
8- رفقه السوء والتأثر بتجارب الفتيات الأخريات .
9- الانفتاح الإعلامي .
وعلى الحصيفة الحريصة على دينها ودنياها أن تتجنب ذلك وعليها بالمحصنات ، ومن أهم المحصنات
* المحصنات :
1- الندم والتوبة إلى الله وقطع الاتصال والمراسلة .
2- الصوم .
3- غض البصر من الحرام لاسيما الدش وسماع الأغاني .
4- الاستعفاف .
5- الإكثار من قراءة القرآن والسيرة العطرة وسير السلف وكتب التاريخ والتراجم .
6- مصاحبة أهل الخير من أهل العلم والدعاة والحذر من مصاحبة أهل الشر .
7- الاجتهاد في طلب العلم الشرعي ، واجتهدي أنْ تكوني داعيةً إلى الله .
8- تقوى الله في السر والعلن فتقوى الله أساس كل خير ومغلاقٌ لكل شر .
9- الانشغال بما ينفع .
10- إذا دعتكِ نفسكِ لفعل الحرام تذكري بأنَّ الله مطلعٌ عليكِ فاستحي أنْ يراكِ وأنتِ على معصية ، وقد قيل ( لا تنظر إلى صغر المعصية ، ولكن انظر إلى من عصيت )) وقيل : (( لا تجعل الله أهون الناظرين إليك )) .
11- عليكِ بسماع الأشرطة التي ترقق القلب وتدمع العين .
12- عليكِ بتكوين مكتبة متواضعة عندكِ في البيت تقضين فيها أوقات فراغكِ .
13- الاهتمام بالدراسة .
14- اجعلي لنفسكِ هدفاً في الحياة .
15- عليكِ بالدعاء وصدق اللجوء إلى الله أنْ يصرف عنكِ الشيطان ، وأنْ يجنبكِ الفتن ما ظهر منها وما بطن مع كثرة الاستغفار والتهليل .
16- حلقات تحفيظ القرآن اهتمي بها إن كانت موجودة .
17- المحافظة على الصلاة .
18- حب الله ورسوله .
أما من ابتليت بشيء من ذلك فماذا تصنع ؟ وبعبارة أخرى ماذا تصنع من وقعت في الحب ؟
1- تذكُر محبة الله بمعرفة أسبابها كالتفكير في آلآئه ونعمه ، وهذا سيشغلكِ عن محبة غيره .
2- الحرص على عدم اللقاء به والجلوس معه والنظر إليه .
3- التخلص من التفكير فيه بإشغال النفس بالتفكير بالأمور المفيدة في الدين والدنيا .
4- ليدخل البيت من بابه ، وليطلب الزواج إن كان صادقاً في دعواه .
5- الدعاء .
وأقول : لو كانت هذه الفتاة منطقية مع نفسها وطرحت هذا السؤال : ماذا يريد هذا الشاب ؟ ما الذي يدفعه لهذه العلاقة ؟ بل ما الذي يقوله هذا الشاب لزملائه حين يلتقي بهم ؟ وبأي لغة يتحدثون عني ؟
أنا أجزم أنها حين تزيح وهم العاطفة عن تفكيرها فتقول بملء صوتها : إنَّ مراده هو الشهوة ، والشهوة الحرام ليس إلا ، إذاً ألا تخشين الغاية ؟ أترين هذا أهلاً للثقة ؟ شاب خاطر لأجل بناء علاقة محرمة ، شابٌ لا يحميه دينٌ أو خُلق أو وفاء ، شابٌ لا يدفعه إلا الشهوة أتأمنه على نفسها ، لقد خان ربه ودينه وأمته ، ولم تكن الفتاة أعز ما لديه .
أما تلك الفتاة التي تعاكس الشباب وتتصيد بالماء العكر فأقول لها : أيتها المعاكسة صاحبة العلاقة اعلمي أنَّ قبركِ الآن ينتظركِ ، وهو إما روضةٌ من رياض الجنة ، وإما حفرةٌ من حفر النار ... فهلا جلستِ فتدبرتِ أي الحفرتين مصيركِ ، أي القبرين جزاؤكِ .
أيتها الفتاة ألا تتذكرين إحدى زميلاتكِ التي كنتِ تتبادلين معها الحديث ثم أخبرتِ أنها أكملت الأيام التي قدّر الله لها أنْ تعيشها ثم هي بين اللحود الآن ؟ فما تظنين أنْ تقول لك إذا سمح لها بالعودة إلى الحياة ، وهل فكرتِ لماذا أخذها الموت ، وترككِ فإنْ كنتِ قد اغتررتِ بمغفرة الله فتذكري قوله تعالى : (( وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ )) .
فإذا جمعتِ عملاً سيئاً مع الأمن من عقوبة الله فهذا غاية الخسران .
وأنا أقول ينبغي لكل فتاة أنْ تنظر إلى وجهها في المرآة فإنْ كان جميلاً فلتكره أنْ تسيء إلى هذا الجمال بفعل قبيح ، وإنْ كان قبيحاً فلتكره أنْ تجمع بين قبيحين .
أيتها الأخوات :
لقد ابتذلت المرأة غاية الابتذال ، واستغلت غاية الاستغلال واستعبدت واسترقت ، وغدت أداة لهو وتسلية في يد العابثين الفجار والفسقة الأشرار ، تعمل بثدييها قبل يديها راقصةً في دور البغاء وعارضةً في دور الأزياء وغانيةً في دور الدعارة والتمثيل فأين أكذوبة تحريرها وتكريمها وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم :
(( ما تركت بعدي فتنه أضر على الرجال منَ النساء فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإنَّ أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء )) .
الاختلاط بين الرجال والنساء أصلُ كل بلية ونقيصة وأساس كل شر ورذيلة ؛ فقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : (( إياكم والدخول على النساء ، قيل : أرأيت الحمو قال : الحمو الموت )) .
قال تعالى : (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) .
يا فتاة الإسلام : كوني كما أرادك الله وكما أرادك رسول الله لا كما يريده دعاة الفتنة ، وسعاة التبرج والاختلاط فإياك أنْ تكوني معول هدم وآلة تخريب وأداة تغيير وتغريب في بلاد الإسلام الطاهرة .
وأقول : لتحذر المرأةُ أنْ تخضع بقولها أو تترقرق في لفظها أو تتميع في صوتها في كلامها فيطمع فيها ضعيفُ الإيمان قال تعالى : (( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً )) تأملي عند هذه الآية كثيراً حتى لا تكوني سبباً في ضياع الآخرين .
فالمرأة العفيفة الشريفة لا تقبل أنْ تكون نبعةَ إثارة أو مثاراً للفتنة والنظرات الوقحة والنفوس السافلة الدنيئة قال تعالى : (( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ )) .
على المرأة المسلمة أنْ تحذر كل الحذر من المعصية صغيرةً كانت أو كبيرةً فمن تساهلت بالصغيرة جرتها إلى كبيرة وخشي عيها من سوء الخاتمة .
أيها الأخوات ، من أنتن لولا الإسلام والإيمان والقرآن ؟ أنتن بالإسلام والإيمان والقرآن شيءٌ وبدونها والله لا شيء .
إنَّ أعداء الإسلام أرادوا أنْ تكون المرأة رسولاً لمبادئهم فهذا أحدهم يقول : (( لا تستقيم حالة الشرق الإسلامي لنا حتى يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن ، وحتى تؤتى الفواحش والمنكرات )) وآخر يقول : (( لا بد أنْ نجعل المرأة رسولاً لمبادئنا ونخلصها من قيود الدين )) ويقول الآخر :
(( كأسٌ وغانيةٌ تفعلان في الأمة المحمدية ما لا يفعله ألف مدفع فأغرقوهم في الشهوات والملذات )) .
أختي المسلمة إنَّ آمالنا في المسلمة المتعلمة والمعلمة أنْ تكون أقوى من التحديات ، آمالنا أنْ تكون المسلمة في كل مكان تعتز بدينها تتمسك بعقيدتها ومبادئها وأخلاقها ، بل وتدعو إليها فذلك من دينها فالمرأة على ثغرة عظيمة فالله الله أنْ تؤتى البيوت من قبلكِ ، والله الله أنْ يؤتى الإسلام من قبلك ، والله الله أنْ يؤتى أبناء المسلمين من قبلك .
أختي المسلمة ، إنَّ الأمة تنتظر الكثير والكثير منك ، واعلمي أنَّ طريق الجنة صعبٌ وأنه محفوفٌ بالمكاره ، ولكنْ آخره السعادة الدائمة . فعليك أنْ تهتمي بالدعوة إلى الله ، ولا تملي بالنصح للآخرين ولا تنظري إلى لوم لائم ، ولا إلى عتاب معاتب ولا إلى هوى نفس أو شيطان .
صوني لسانك عما حرمه الله عليك فقولي خيراً وتكلمي خيراً أو اصمتي ؛ فكم كلمةً جرى بها اللسانُ هلك بها الإنسانُ ، وإنَّ المرء ليقول الكلمة من سخط الله يكتب الله لها بها سخطه إلى أنْ يلقاه .
فعيك أخيتي بمداومة التوبة من الذنوب والمعاصي ؛ فإنَّ الشيطان قد قطع على نفسه عهداً فقال : وعزتك وجلالك لأغوينهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، والله يقطع العهد على نفسه : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني . الكثير من أخواتنا ، وإنْ بعدت عن الله فإنَّ فيها خيراً كثيراً وفيها حبٌ لله ولرسوله لكنها الغفلة .
أختي المسلمة : إنَّ لك تأثيراً كبيراً في المجتمع ، وقد يكون التأثير سلباً أو إيجاباً فإذا كنت ذات عقل ناضج كان تأثيرك البناء الفعال ، وإنْ كنت ذات عقل خفيف طائش ، أو عقل فاسد منحرف كنت بؤرة فساد وإفساد للمجتمع ، ونحن نجزم أنَّ صلاح المرأة من أهم العناصر لبناء المجتمع .
أختي المسلمة أختم كلامي بأنْ تعلمي أنَّ الله يراك وأنَّ اللحظات معدودةٌ والأنفاسُ محسوبةٌ ، والذي يذهب لا يرجع ، ومطايا الليل والنهار بنا تسرع ؛ فماذا قدمت لحياتك ؟ اسألي نفسك ماذا قدمتي لحياتك .
هذا وبالله التوفيق ، وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم .
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة
مركز إعداد الدعاة
كلية العلوم الإسلامية / جامعة الأنبار