العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

عطية الأولاد

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد:
الكلام هنا على مسألتين:
الأولى: في حكم العدل بين الأولاد في العطية.
الثانية: في كيفية العدل بينهم الأولاد في العطية.
المسألة الأولى: حكم العدل بين الأولاد في العطية:
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن العدل بين الأولاد في العطايا واجب، وهو مذهب الحنابلة، وبه قال ابن المبارك، وطاوس، وأبو يوسف، ومالك في رواية، واختاره ابن القيم.
القول الثاني: أنه مستحب وليس بواجب. وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية.
والدليل على مشروعية العدل بين الأولاد:
حديث النعمان بن بشير t أنه قال: إن أباه أتى به رسول الله r، فقال: إني نحلت ابني هذا، غلاما كان لي، فقال رسول الله r: (( أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ )) [وفي رواية لمسلم: (( أكل بنيك نحلت؟ ))] فقال: لا، فقال رسول الله r: (( فأرجعه )). رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية لهما: أن النعمان بن بشير قال وهو على المنبر: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله r، فأَتَى رسولَ الله r فقال: إنِّي أعطيتُ ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأَمَرَتْنِي أن أشهدك يا رسول الله، قال: (( أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ )) قال: لا، قال: (( فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم )) قال: فرجع فرد عطيته.
وفي رواية لهما: أن أمّه بنت رواحة، سألت أباه بعض الموهبة من ماله لابنها، فالتوى بها سنة، ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تُشهِد رسولَ الله r على ما وهبت لابني، فأخذ أبي بيدي، وأنا يومئذ غلام، فأَتَى رسولَ الله r فقال: يا رسول الله، إن أمّ هذا بنت رواحة، أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله r: (( يا بشير ‍ ألك ولد سوى هذا؟ )) قال: نعم، فقال: (( أكلهم وهبت له مثل هذا ؟ )) قال: لا، قال: (( فلا تُشْهِدْنِي إذًا، فإني لا أشهد على جَوْر )).
وفي رواية لمسلم: (( أكل بنيك قد نحلت مثل ما نحلت النعمان؟ )) قال: لا، قال: (( فأَشْهِد على هذا غيري )) ثم قال: (( أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ )) قال: بلى، قال: (( فلا إذا )).
واستدل القائلون بالاستحباب:
بأن الصديق t فضل عائشة رضي الله عنها على غيرها من أولاده في هبة.
وفضل عمر t ابنه عاصما بشيء من العطية على غيره من أولاده.
ولأن في قوله r في بعض روايات مسلم: « فأشهد على هذا غيري » ما يدل على الجواز.
قال ابن القيم في تهذيب السنن: قوله « أشهد على هذا غيري » ليس بإذن قطعا، فإن رسول الله r لا يأذن في الجور، وفيما لا يصلح وفي الباطل، فإنه قال « إني لا أشهد إلا على حق » فدل ذلك على أن الذي فعله أبو النعمان لم يكن حقا فهو باطل قطعا، فقوله « إذن أشهد على
هذا غيري » حجة على التحريم كقوله تعالى: ﴿ اعملوا ما شئتم ﴾ وقوله
r « إذا لم تستحي فاصنع ما شئت » أي الشهادة على هذا ليست من شأني، ولا تنبغي لي، وإنما هي من شأن من يشهد على الجور والباطل وما لا يصلح، وهذا في غاية الوضوح. اهـ.
وقال في تحفة المودود:وهذا أمر تهديد لا إباحة، فإن تلك العطية كانت جورا بنص الحديث، ورسول الله لا يأذن لأحد أن يشهد على صحة الجور، ومن ذا الذي كان يشهد على تلك العطية وقد أبى رسول الله أن يشهد عليها، وأخبر أنها لا تصلح، وأنها جور، وأنها خلاف العدل.ومن العجب: أن يحمل قوله « اعدلوا بين أولادكم » على غير الوجوب وهو أمر مطلق، مؤكد ثلاث مرات، وقد أخبر الآمر به أن خلافه جور وأنه لا يصلح وأنه ليس بحق، وما بعد الحق إلا الباطل، هذا والعدل واجب في كل حال، فلو كان الأمر به مطلقا لوجب حمله على الوجوب، فكيف وقد اقترن به عشرة أشياء تؤكد وجوبه فتأملها في ألفاظ القصة.وقد ذكر البيهقي من حديث أبي أحمد بن عدي حدثنا القاسم بن مهدي حدثنا يعقوب بن كاسب حدثنا عبد الله بن معاذ عن معمر عن الزهري عن أنس: أن رجلا كان جالسا مع النبي r فجاء بني له فقبله وأجلسه في حجره، ثم جاءت بنية فأخذها فأجلسها إلى جنبه، فقال النبي r: « فما عدلت بينهما ». وكان السلف يستحبون أن يعدلوا بين الأولاد في القبلة. اهـ.
وقال في إغاثة اللهفان:وأمر بالتسوية بين الأولاد في العطية وأخبر أن تخصيص بعضهم بها جور لا يصلح ولا تنبغي الشهادة عليه وأمر فاعله برده ووعظه وأمره بتقوى الله تعالى وأمره بالعدل لكون ذلك ذريعة ظاهرة قريبة جدا إلى وقوع العداوة بين الأولاد، وقطيعة الرحم بينهم، كما هو المشاهد عيانا، فلو لم تأت السنة الصحيحة الصريحة التي لا معارض لها بالمنع منه، لكان القياس وأصول الشريعة وما تضمنته من المصالح ودرء المفاسد يقتضي تحريمه. اهـ.

المسألة الثانية: كيفية العدل بين الأولاد في العطية:
1- ذهب الحنفية والشافعية وجمهور الفقهاء: إلى أن العدل بين الذكر والأنثى من الأولاد، يكون بالتسوية بينهم في العطية بدون تفضيل.
2- وذهب المالكية والحنابلة: إلى أن العدل بين الأولاد في العطية، يكون بتفضيل الذكر على الأنثى، فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، كقسمة الميراث، واختاره ابن القيم.
مسألة: لا يكره التفضيل - في المذاهب الأربعة - إذا كانت هناك حاجة تدعو إليه، مثل اختصاص أحد أولاده بمرض أو حاجة أو كثرة عيال أو اشتغاله بالعلم ونحوه من الفضائل، أو اختصاص أحدهم بما يقتضي منع الهبة عنه لفسقه أو يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها، فيمنع عنه الهبة ويعطيها لمن يستحقها.
قال شيخ الإسلام بن تيمية كما في مجموع فتاواه: إذا خص أحدهم بسبب شرعي: مثل أن يكون محتاجا مطيعا لله، والآخر غني عاص يستعين بالمال على المعصية، فإذا أعطى من أمر الله بإعطائه، ومنع من أمر الله بمنعه، فقد أحسن. اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ومن لديه إضافة، فلا بخل بها على إخوانه.
 
التعديل الأخير:

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: عطية الأولاد

جزاكم الله خيرا وغفر لكم ماذا عن لعب الاطفال هل تعتبر من النفقة ام الهبات واذا كانت من الهبات فكيف يكون العدل مع ان الالعاب التي تناسب لسن معين لا تناسب للسن الاخر وعلى هذا يكون اختلاف السعر في هذه الالعاب جعلكم الله ممن يتعلم العلم فيعمل به
شراء لعب للأطفال هو من قبيل النفقة لا العطية، مثله مثل شراء المجوهرات للبنات، والسيارة للأبناء، وغير ذلك. والله أعلم.
 

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: عطية الأولاد

السلام عليكم ،،، تحية طيبة للجميع .
إذا بنى الوالد سكناً لابنائه الذكور دون الإناث وكان هؤلاء الذكور غير محتاجين مادياً فهل يجب
عليه العدل في هذه الحال ؟ بمعنى هل المراد بالحاجة العوز والفقر أم الحاجة إلى مسكن علماً بأن بعض الأبناء قد حصل على قرض للسكن من قبل شركته ؟
هذا من قبيل العطية والهبة، وعليه يجب أن يعدل بين أولاده في هذا كما دل عليه حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه،
فإما أن يسترد ما وهبه لهم، وإما أن يعطي بناته قدر قيمة البيت أو نصفها حسب الخلاف المتقدم.
 

هشام بن محمد البسام

:: مشرف سابق ::
إنضم
22 مايو 2009
المشاركات
1,011
الكنية
أبو محمد
التخصص
شريعة
المدينة
الدمام
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: عطية الأولاد

كثير من الأباء والأمهات يفاضلون بين الأولاد في العطايا على حسب بر الأولاد بهم وطاعتهم لهم،،،
فما حكم ذلك
ومنهم من يفاضل بينهم بحسب فقرهم وحاجتهم
تفضيل بعض الأبناء بسبب فقره: تقدم أنه يجوز لدعاء الحاجة إلى ذلك.
ويبقى النظر هل بر الولد بأبيه، يعتبر مسوغا شرعيا للتفضيل، ليت الإخوة والأخوات يفيدوننا في ذلك.
 
التعديل الأخير:
إنضم
12 يناير 2010
المشاركات
863
الجنس
ذكر
الكنية
أبو مُـعـاذ
التخصص
فقه
الدولة
السعودية
المدينة
خميس مشيط
المذهب الفقهي
حنبلي
رد: عطية الأولاد

ويبقى النظر هل بر الولد بأبيه، يعتبر مسوغ شرعي للتفضيل، ليت الإخوة والأخوات يفيدوننا في ذلك.
جاء في موقع الشيخ المنجد ( الاسلام سؤال وجواب ) :

حكم تفضيل الأولاد البارين على العاقين في العطية


إن والدي لديه أربعة ذكور وعشر إناث وإنه لا يريد إعطاء بعض ما يملك لذكور وإناث عاقين بل سيعطيهم جزءا بسيطا وسيعطي البعض جزءا كبيرا كهبة ، فما الحكم في هذا الأمر؟

الحمد لله
يجب على الأب أن يسوي بين أبنائه في العطية ، لما رواه البخاري (2586) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا ، فَقَالَ : أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : ( فَارْجِعْهُ ). ومعنى (نحلت ابني غلاما) أي أعطيته غلاما .
وفي رواية للبخاري (2587) قَالَ : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ ) قَالَ : فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ.
وفي رواية للبخاري أيضا (2650) : ( لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ ).
وفي رواية لمسلم (1623) قَالَ : ( أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً ؟) قَالَ : بَلَى . قَالَ : ( فَلَا إِذًا ) .
والتفضيل بين الأولاد في العطية يسبب الأحقاد ويزرع الضغائن ويزيد الأبناء العاقين عقوقا وتمردا .
ولهذا فالقول الراجح هو تحريمه ومنعه ، إلا لمسوغ شرعي . وراجع السؤال رقم (22169)
قال ابن قدامة رحمه الله : " يجب على الإنسان التسوية بين أولاده في العطية , إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل , فإن خص بعضهم بعطيته , أو فاضل بينهم فيها أثم , ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين ; إما رد ما فَضَّل به البعض , وإما إتمام نصيب الآخر " انتهى من "المغني" (5/387).
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : والدتي تملك بيتا صغيرا قمت أنا ببنائه من جديد، ولي أخ لم يشترك معي بشيء إطلاقا، ولكنه يغضب والدتي ووالدي كثيرا جدا، ويعاملهم معاملة سيئة للغاية طوال حياته حتى الآن، وهو الآن يعيش خارج البيت، فغضبت والدتي وقررت أن تكتب هذا البيت لي، راجعتها كثيرا ولكنها مصممة على كتابته لي، فأنا الآن أسأل: هل يقع على والدتي ذنب في كتابتها لي البيت وحرمان أخي منه؟ وهل يقع علي أي ذنب لو قبلت ذلك من والدتي؟
فأجابت :
" إذا كان الواقع كما ذكر فلا يجوز لوالدتك أن تعطيك البيت دون أخيك ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) ولما ورد في معناه من الأحاديث. وإن فعلت ما ذكر فهي آثمة وأنت آثم؛ لكون قبولك ذلك منها مشاركة لها في الإثم والعدوان، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) ويجب أن ترد العطية أو أن تعطي الابن الثاني ما يعادلها، وإذا رأيت أنها مصرة على عدم إشراكه معك فلا مانع من قبول العطية وإعطاء أخيك نصفها؛ إبراء لذمتك إذا لم يكن لها من الأولاد غيركما. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى .
والله أعلم .


 
إنضم
19 أغسطس 2008
المشاركات
15
التخصص
أصول الدين
المدينة
شرق فرنسا
المذهب الفقهي
مالكي
رد: عطية الأولاد

هل التسوية بين الأولاد في العطية في الحياة واجبة؟

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: تحت مصطلح: عَطِيَّةُ الأْبِ لأِوْلاَدِهِ:
يَتَّفِقُ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الأْبَ إِذَا أَعْطَى لأِوْلاَدِهِ صَحَّتْ عَطَايَاهُ. وَاسْتُحِبَّتِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وُجُوبَ التَّسْوِيَةِ، وَيُكْرَهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ التَّفْضِيل بَيْنَهُمْ
وتحت مصطلح التَسْوِيَةٌ جاء ما يلي:
التَّعْرِيفُ : التَّسْوِيَةُ لُغَةً: الْعَدْل وَالنَّصَفَةُ، وَالْجَوْرُ أَوِ الظُّلْمُ ضِدُّ الْعَدْل، وَاسْتَوَى الْقَوْمُ فِي الْمَال مَثَلاً: إِذَا لَمْ يَفْضُل أَحَدٌ مِنْهُمْ غَيْرَهُ فِي الْمَال . وَسَوَاءُ الشَّيْءِ : غَيْرُهُ وَمِثْلُهُ - مِنَ الأْضْدَادِ - وَتَسَاوَتِ الأُْمُورُ : تَمَاثَلَتْ ، وَاسْتَوَى الشَّيْئَانِ وَتَسَاوَيَا : تَمَاثَلاَ . وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الأْوْلاَدِ فِي الْعَطِيَّةِ .
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ فِي الْعَطَايَا مُسْتَحَبَّةٌ، وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً، لأِنَّ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَضَّل عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ أَوْلاَدِهِ فِي هِبَةٍ، وَفَضَّل عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ابْنَهُ عَاصِمًا بِشَيْءٍ مِنَ الْعَطِيَّةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَوْلاَدِهِ. وَلأِنَّ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي مَا يَدُل عَلَى الْجَوَازِ .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ ، وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْمُبَارَكِ ، وَطَاوُسٍ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإْمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : إِلَى وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الأْوْلاَدِ فِي الْهِبَةِ. فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِعَطِيَّةٍ، أَوْ فَاضَل بَيْنَهُمْ فِيهَا أَثِمَ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ:
إِمَّا رَدُّ مَا فَضَّل بِهِ الْبَعْضَ، وَإِمَّا إِتْمَامُ نَصِيبِ الآْخَرِ، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: وَهَبَنِي أَبِي هِبَةً. فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لاَ أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ: إِنَّ أُمَّ هَذَا أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لاِبْنِهَا، فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَال: نَعَمْ. قَال: كُلُّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْل هَذَا؟ قَال: لاَ. قَال: فَأَرْجِعْهُ. وَفِي رِوَايَةٍ قَال: اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لاَ تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ. إِنَّ لِبَنِيكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِل بَيْنَهُمْ وَفِي رِوَايَةٍ : فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال : سَوُّوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ، وَلَوْ كُنْتُ مُؤْثِرًا أَحَدًا لآَثَرْتُ النِّسَاءَ عَلَى الرِّجَال.
وَاخْتَلَفُوا كَذَلِكَ فِي مَعْنَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأْنْثَى مِنَ الأْوْلاَدِ. فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مَعْنَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأْنْثَى مِنَ الأْوْلاَدِ: الْعَدْل بَيْنَهُمْ فِي الْعَطِيَّةِ بِدُونِ تَفْضِيلٍ؛ لأِنَّ الأْحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأْنْثَى.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، وَالإْمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي عَطِيَّةِ الأْوْلاَدِ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمْ: أَيْ لِلذَّكَرِ مِثْل حَظِّ الأْنْثَيَيْنِ؛ لأِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَسَمَ لَهُمْ فِي الإْرْثِ هَكَذَا، وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ، وَهُوَ الْعَدْل الْمَطْلُوبُ بَيْنَ الأْوْلاَدِ فِي الْهِبَاتِ وَالْعَطَايَا.
وَإِنْ سَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأْنْثَى، أَوْ فَضَّلَهَا عَلَيْهِ، أَوْ فَضَّل بَعْضَ الْبَنِينَ أَوْ بَعْضَ الْبَنَاتِ عَلَى بَعْضٍ، أَوْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِالْوَقْفِ دُونَ بَعْضٍ، فَقَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ: إِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الأْثَرَةِ فَأَكْرَهُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ لَهُ عِيَالٌ وَبِهِ حَاجَةٌ يَعْنِي فَلاَ بَأْسَ بِهِ.
وَعَلَى قِيَاسِ قَوْل الإْمَامِ أَحْمَدَ: لَوْ خَصَّ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ مِنْ أَوْلاَدِهِ بِوَقْفِهِ تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ، أَوْ ذَا الدِّينِ دُونَ الْفُسَّاقِ، أَوِ الْمَرِيضِ، أَوْ مَنْ لَهُ فَضْلٌ مِنْ أَجْل فَضِيلَتِهِ فَلاَ بَأْسَ .
ومما جاء في الموسوعة تحت مصطلح: الْقَسْمُ: وَهُوَ مَصْدَرُ قَسَمَ الشَّيْءَ يَقْسِمُهُ قَسْمًا: جَزَّأَهُ، وَالْقَسْمُ: نَصِيبُ الإْنْسَانِ مِنَ الشَّيْءِ وَيُقَال: قَسَمْتُ الشَّيْءَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، وَأَعْطَيْتُ كُل شَرِيكٍ قَسْمَهُ.
وَمِنْهُ التَّقْسِيمُ وَالْقِسْمَةُ قَدْ تَكُونُ بِالتَّسَاوِي، وَقَدْ تَكُونُ بِالتَّفَاضُل.

جاء في موقع منبر الرأي تحت عنوان:
دنيا ودين هذا السؤال وله جواب
السؤال : أنا أب لتسع بنات متزوجات وأربعة ذكور أولاد، وعندي أرض بحدود ثلاثين دونمًا، أغلبها قابل للبناء والاستثمار، وبناتي والحمد لله تعالى يعشن مع أزواجهن في بيوت مملوكة لأزواجهن في سعادة وغنى، والفضل لله تعالى من قبل ومن بعد. أما أبنائي الذكور فبعضهم يعيش عندي، وبعضهم الآخر مستأجر لسكن بأجرة عالية جداً تكاد تستنزف دخله، وكل أولادي الذكور فقراء مدينين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. سؤالي: هل يجوز أن أعطي أبنائي الذكور كل واحد قطعة أرض بحدود (600) متر، علماً بأن هدفي أن يقوموا بالبناء عليها، والاستقرار في البلد، وليس هدفي منع بناتي من الميراث فإن أرضي والحمد لله كافية وكثيرة.
الجواب : يجوز للوالد تخصيص أحد أبنائه بالعطية دون الآخرين إذا كان لهذا سبب خاص وحاجة معينة، فيجوز له مثلاً أن يساعد الولد المريض للعلاج، ولا يجب عليه تعويض الآخرين عما يدفعه لهذا المريض، وكذلك بالنسبة لابنه الذي يحتاج المال للدراسة، ونحو ذلك.
ودليل ذلك ما رواه الإمام مالك في الموطأ من تخصيص أبي بكر ابنته عائشة رضي الله عنهما ببستان أهداه لها دون باقي إخوانها، وذلك لكفايتها - وهي أم المؤمنين وزوج النبي صلى الله عليه وسلم- عن حاجة الناس.
وأما نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إعطاء أحد الأبناء دون بقية إخوانه، كما رواه النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ رضي الله عنه أَنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهَا، فَالْتَوَى بِهَا سَنَةً، ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَهَبْتَ لِابْنِي. فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي - وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ - فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أُمَّ هَذَا بِنْتَ رَوَاحَةَ أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا بَشِيرُ! أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ( رواه البخاري رقم/2650)، ومسلم (رقم/1623) فهذا النهي عندما تكون العطية على وجه المحاباة وتمييز أحد الإخوان على أشقائه بلا مبرر شرعي.
وكذلك الحكم إذا كان الأبناء الذكور بحاجة إلى المساعدة للحصول على سكن كريم دون البنات الإناث، فهذا يجيز للوالد تخصيصهم بالأرض، ولا إثم عليه إن شاء الله، وننصحه ببيان الحكم الشرعي للبنات، كي لا يبقى في نفوسهن شيء تجاه ما عمل. والله تعالى وأعلم
لم نعرف الشيخ الذي أجبا ولكن جوابه معتبر فقهياً لما سبق نقله من الموسوعة الفقهية الكويتية

وجاء في كتاب اختلاف الأئمة العلماء (2/ 53) قوله:
اتَّفَقُوا على أَن تَخْصِيص بَعضهم بِالْهبةِ مَكْرُوه.
وَكَذَلِكَ اتَّفقُوا على أَن تَفْضِيل بَعضهم على بعض مَكْرُوه.
ثمَّ اخْتلفُوا هَل يحرم؟
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا يحرم.
وَقَالَ مَالك: يجوز أَن ينْحل الرجل بعض وَلَده بعض مَاله وَيكرهُ أَن ينحله جَمِيع مَاله وَإِن فعل ذَلِك نفذ إِذا كَانَ فِي الصِّحَّة.
وَقَالَ أَحْمد: إِذا فضل بَعضهم على بعض أَو خص بَعضهم أَو فضل بعض الْوَرَثَة على بعض سوى الْأَوْلَاد أَسَاءَ بذلك وَلم يجز.
وَهل لَهُ أَن يسترجع ذَلِك وَيُؤمر بِهِ؟ فَقَالُوا لَا يلْزمه الرُّجُوع.
وَقَالَ أَحْمد: يلْزمه الرُّجُوع.
وقد ناقش هذا الموضوع ابن حزم في المحلى بالآثار (8/ 95) تحت عنوان: [مَسْأَلَة الْهِبَة أَوْ الصَّدَقَة لِأَحَدِ الْأَوْلَاد] ينصح بمطالعته والعمل على تحرير المسألة تحت بحث مستقل
وقديماً قال أهل العلم: فكلما ظهرت بين الناس مشاحنة في معاملة أو علاقات إلا كان من مقاصد الشرع حماية المجتمع من مخاطر ما تؤدي إليه هذه المشاحنات من ضياع للحقوق، وإهدار للمصالح، وزرع للشكوك، ونشر للفوضى..
تساؤلات حول هذه الظاهرة:
1- هل تكون عطية الوالد لولده حجة لقطع صلة الرحم حيث يقاطع الولد الذي لم يعطى له والده كما هو الحال في واقعنا؟
2- وهل ذلك نفسه يصبح مسوغاً للعداوة والبغضاء بين الإخوة والأخوات؟
3- على افتراض أنه لا يجوز للوالد أن يعطى الواحد دون الآخر أفليس لمن يملك حق التصرف فيما يملك ما دام متمتعاً بالأهلية الكاملة؟ فلما ذا يحجر عليه بالنسبة لأولاده.
4- إن كل ما ركز عليه من قالوا بالوجوب هو "علة العداوة والبغضاء بين الأولاد" أليس من أسس الأسرة" المودة والرحمة؟ وحق القرابة معروف ومعلوم؟
إن المسألة تحتاج إلى دراسة اجتماعية دقيقة وبعد ذلك يمكن التحاكم إلى النصوص للحصول على النعمة الربانية والرحمة الإنسانية في القضية.
أبو زيد مارسو
 

فاطمة الجزائر

:: مشارك ::
إنضم
18 مايو 2011
المشاركات
204
الكنية
فاطمة الجزائر
التخصص
فقه وأصوله. فقه المالكي وأصوله
المدينة
وهران
المذهب الفقهي
المذهب المالكي
رد: عطية الأولاد

جزاكم الله خيرا ونفعنا الله بكم
 
أعلى