العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

ياأهل الفلك تعالوا إلى كلمة سواء

إنضم
6 سبتمبر 2011
المشاركات
3
التخصص
الشريعة
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
لا اتقيد بمذهب معين لكن اميل للمذهب الحنبلي
يا أهل الفلك تعالوا إلى كلمة
سواء


الحمد لله, والصلاة على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم , حينما تكون المسألة الشرعية محل إجماع من علماء المسلمين
والنصوص فيها واضحة بينة كمسألة عدم الاعتبار بالحساب في دخول الشهر وخروجه يكون
القول الآخر فيها شاذا لا عبرة به, بل ويكون التعبد به بدعة في دين الله, وبذلك صرح
شيخ الإسلام رحمه الله في قوله:(
والمعتمد على الحساب في
الهلال ,كما أنه ضال في الشريعة , مبتدع في الدين , فهو مخطئ في العقل وعلم
الحساب.. ) .

وقد حكى الإجماع على عدم العبرة بالحساب
الفلكي ولا بالحسابين جماعة من العلماء من مذاهب فقهية من الحنفية والمالكية
والشافعية والحنابلة فممن حكى الإجماع الجصاص
([1]), وابن
المنذر
([2]),وابن
عبدالبر
([3]),وابن
رشد
([4]),وابن
القطان
([5]), وشيخ
الإسلام ابن تيمية
([6]), وابن حجر ([7]) رحمهم الله جميعا .
قال ابن تيمية رحمه
الله:(
فإنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في
رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الإيلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة
بالهلال بخبر الحاسب أنه يرى أو لا يرى لا يجوز . والنصوص المستفيضة عن النبي صلى
الله عليه وسلم بذلك كثيرة . وقد أجمع المسلمون عليه . ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا
ولا خلاف حديث ؛ إلا أن
بعض المتأخرين من المتفقهة
الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه
بالحساب فإن كان الحساب دل على الرؤية صام وإلا فلا . وهذا القول وإن كان مقيدا
بالإغمام ومختصا بالحاسب فهو شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه . فأما إتباع ذلك في
الصحو أو تعليق عموم الحكم العام به فما قاله مسلم )
([8])
.

هذا من جهة العمل بالحساب وما يقوله الحسابون, وأما
ما يذكره بعضهم من أنا لا نعتمد على الحساب ولكن نشترط في الشهادة أن ينفك عما
يكذبها بحيث لو قال الفلكيون لا يولد الهلال في هذه الليلة, أو يولد لكن تستحيل
رؤيته فهذا التفصيل مردود أيضا لأنه قول محدث لم يعرف قبل السبكي-رحمه الله- حتى
قال هو في فتاويه
([9]) :(لم نجد هذه المسألة منقولة, لكنا تفقهنا) فهل القرون المفضلة وما
بعدها إلى عصر السبكي قد ضلوا الطريق في إثبات دخول ركن من أركان إسلامهم
.

ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن
رسولنا صلى الله عليه وسلم قال ( لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروا
الهلال فإن أغمى عليكم فاقدروا له ) فهذا نص في إيجاب الصوم حين الرؤية
.

وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(
إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا وخنس إبهامه في الثالثة )
قال القرطبي رحمه الله:( وقوله صلى الله عليه وسلم :( إنا أمة أمية ، لا نكتب ولا
نحسب) أي : لم نكلف في تعرف مواقيت صومنا ولا عباداتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب
ولا كتابة ، وإنما ربطت عباداتنا بأعلام واضحة ، وأمور ظاهرة ، يستوي في معرفة ذلك
الحساب وغيرهم)
([10])
بل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:(
قوله عليه السلام : { إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب } هو
خبر
تضمن نهيا . فإنه أخبر أن الأمة التي اتبعته
هي الأمة الوسط أمية لا تكتب ولا تحسب . فمن كتب أو حسب أو لم يكن من هذه الأمة في
هذا الحكم . بل يكون قد اتبع غير سبيل المؤمنين الذين هم هذه الأمة فيكون قد فعل ما
ليس من دينها والخروج عنها محرم منهي عنه فيكون الكتاب والحساب المذكوران محرمين
منهيا عنهما ... فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنا أيتها الأمة الأمية لا نكتب هذا
الكتاب ولا نحسب هذا الحساب فعاد كلامه إلى نفي الحساب والكتاب فيما يتعلق بأيام
الشهر الذي يستدل به على استسرار الهلال وطلوعه)
([11])
.

أما دعوى لا تقبل الشهادة حتى تنفك عما يكذبها
وتطبيقها هنا فهذا خطأ في التطبيق من جهة, ومصادم للشرع من جهة ثانية فإن الرسول
صلى الله عليه وسلم علق الحكم على الرؤية مع وجود هذا الاعتراض في زمانه ووجود
الذين يحسبون ومع ذلك أسقط هذا الاعتراض وعلق الأمر على شهادة الشهود الثقات ثم لو
قال الفلكيون تستحيل رؤية الهلال مع ولادته وجاء للشهادة إمامان من أئمة المسلمين
وعلمائهم وشهدوا برؤيته ولهما من الثقة والمكانة مالهما أترد شهادتهما ويقال:إنكما
لم تريا الهلال,وهم يشهدون بالله على رؤيته سبحان الله.

ثم زعم أهل الفلك والحساب أنه لا يرى هذا لا دخل لهم فيه, فغاية أمرهم
أن يقولوا يولد الهلال أو لا يولد؛ لأن الرؤية تختلف من شخص لآخر ومن مكان لآخر
فالجزم باستحالة الرؤية و نشر القول بأنه لا يمكن أن يرى الهلال البتة مع أنه جهل
فهو مخالف للواقع , ولذا قال شيخ الإسلام رحمه الله:(
الرؤية لا تنضبط بأمر حسابي وإنما غاية الحساب منهم إذا عدل أن يعرف
كم بين الهلال والشمس من درجة وقت الغروب مثلا ؛ لكن الرؤية ليست مضبوطة بدرجات
محدودة فإنها تختلف باختلاف حدة النظر وكلاله وارتفاع المكان الذي يتراءى فيه
الهلال وانخفاضه وباختلاف صفاء . الجو وكدره . وقد يراه بعض الناس لثمان درجات وآخر
لا يراه لثنتي عشر درجة ؛ ولهذا تنازع أهل الحساب في قوس الرؤية تنازعا مضطربا
وأئمتهم : كبطليموس لم يتكلموا في ذلك بحرف لأن ذلك لا يقوم عليه دليل
حسابي)
([12])
.

وقال:(كونه يرى أو لا
يرى فهذا أمر حسي طبيعي ليس هو أمرا حسابيا رياضيا .وإنما غايته أن يقول : استقرأنا
أنه إذا كان على كذا وكذا درجة . يرى قطعا أو لا يرى قطعا . فهذا جهل وغلط ؛ فإن
هذا لا يجري على قانون واحد لا يزيد ولا ينقص في النفي والإثبات . بل إذا كان بعده
مثلا عشرين درجة فهذا يرى ما لم يحل حائل, وإذا كان على درجة واحدة فهذا لا
يرى,وأما ما حول العشرة فالأمر فيه يختلف باختلاف أسباب الرؤية من وجوه . أحدها :
أنها تختلف وذلك لأن الرؤية تختلف لحدة البصر وكلاله, فمع دقته يراه البصر الحديد
دون الكليل, ومع توسطه يراه غالب الناس, وليست أبصار الناس محصورة بين حاصرين, ولا
يمكن أن يقال: يراه غالب الناس ولا يراه غالبهم؛ لأنه لو رآه اثنان علق الشارع
الحكم بهما بالإجماع وإن كان الجمهور لم يروه, فإذا قال: لا يرى بناء على ذلك كان
مخطئا في حكم الشرع, وإن قال: يرى بمعنى أنه يراه البصر الحديد . فقد لا يتفق فيمن
يتراءى له من يكون بصره حديدا فلا يلتفت إلى إمكان رؤية من ليس بحاضر . السبب
الثاني : أن يختلف بكثرة المترائين وقلتهم فإنهم إذا كثروا كان أقرب أن يكون فيهم
من يراه لحدة بصره وخبرته بموضع طلوعه والتحديق نحو مطلعه وإذا قلوا : فقد لا يتفق
ذلك فإذا ظن أنه يرى قد يكونون قليلا فلا يمكن أن يروه وإذا قال : لا يرى فقد يكون
المتراءون كثيرا فيهم من فيه قوة على إدراك ما لم يدركه غيره . السبب الثالث : أنه
يختلف باختلاف مكان الترائي فإن من كان أعلى مكانا في منارة أو سطح عال أو على رأس
جبل ليس بمنزلة من يكون على القاع الصفصف أو في بطن واد . كذلك قد يكون أمام أحد
المترائين بناء أو جبل أو نحو ذلك يمكن معه أن يراه غالبا وإن منعه أحيانا وقد يكون
لا شيء أمامه ... السبب الرابع : أنه يختلف باختلاف وقت الترائي وذلك أن عادة
الحساب أنهم يخبرون ببعده وقت غروب الشمس وفي تلك الساعة يكون قريبا من الشمس فيكون
نوره قليلا وتكون حمرة شعاع الشمس مانعا له بعض المنع فكلما انخفض إلى الأفق بعد عن
الشمس فيقوى شرط الرؤية ويبقى مانعها فيكثر نوره ويبعد عن شعاع الشمس فإذا ظن أنه
لا يرى وقت الغروب أو عقبه فإنه يرى بعد ذلك ولو عند هويه في المغرب وإن قال : إنه
يضبط حاله من حين وجوب الشمس إلى حين وجوبه فإنما يمكنه أن يضبط عدد تلك الدرجات
لأنه يبقى مرتفعا بقدر ما بينهما من البعد أما مقدار ما يحصل فيه من الضوء وما يزول
من الشعاع المانع له فإن بذلك تحصل الرؤية بضبطه على وجه واحد - يصح مع الرؤية
دائما أو يمتنع دائما - فهذا لا يقدر عليه أبدا وليس هو في نفسه شيئا منضبطاً . .
.

السبب الخامس : صفاء الجو وكدره ... هذه الأسباب
التي ليس شيء منها داخلا في حساب الحاسب فكيف يمكنه مع ذلك يخبر خبرا عاما أنه لا
يمكن أن يراه أحد حيث رآه على سبع أو ثمان درجات أو تسع أم كيف يمكنه يخبر خبرا
جزما أنه يرى إذا كان على تسعة أو عشرة مثلا . ولهذا تجدهم مختلفين في قوس الرؤية :
كم ارتفاعه...)
([13])
.

وزعمهم كيف يترك الحساب القطعي ويأخذ بالظني وهو
الشهادة فالجواب: هو ما جاء في فتاوى عليش من علماء المالكية حين سئل :(ما قولكم في
شهادة عدلين برؤية الهلال مع قول أهل الحساب أنه لا تمكن رؤيته قطعا فهل يعمل بها
ويطرح كلام أهل الحساب أو لا ؟ .

فأجاب بما نصه :
يعمل بشهادة العدلين ويطرح كلام أهل الحساب ، كما قاله العلامة الحطاب ونصه : لو
شهد عدلان برؤية الهلال ، وقال أهل الحساب أنه لا تمكن رؤيته قطعا فالذي يظهر من
كلام أصحابنا أنه لا يلتفت لقول أهل الحساب)
([14])
.

أوردت هذا النقل لأبين أن أهل الحساب من قديم وهم
يجزمون باستحالة الرؤية ومع ذلك لم يلتفت لهم علماء الشرع, بل ونصوا على اطراح قول
أهل الحساب .

علماً أنه قد يترك القطعي ويعمل بالظني
في بعض الأحوال فالقاضي لا يحكم بعلمه مع كونه قطعياً, ويحكم بالشهادة وهي ظنية
ويدع علمه . فهل يقال والحالة هذه: لا تصح الشهادة حتى تنفك عما يكذبها , مع أن
مكذبها لم يعتبره الشرع ولم يلتفت إليه .

ثم القول
بأنه الرائي للهلال قد يكون اشتبه عليه الأمر فرأى كوكباً, لكون الفلكيين قالوا
باستحالة الرؤية للهلال فيقال: إن الواجب على المسلمين هو الترائي للهلال فإذا شوهد
الهلال تعلق به الحكم ولو سُلِّم أن الرائي رأى كوكبا واشتبه عليه وشهد بأنه رأى
الهلال فالله لم يكلفهم إلا بما رأوا , مع أن هذا الاحتمال موجود في عصر رسول الله
صلى الله عليه وسلم وعصر القرون المفضلة ومع ذلك لم يرجعوا للحساب بل قبلوا شهادة
الشهود مع احتمال أن ما رآه الشاهد كوكبا.

ولا يظن
بمن تمرس على رؤية الهلال سنين عديدة يخلط بين الكوكب والهلال بل صغار أطفالنا لو
قيل له ارسم هلالاً وارسم كوكبا لوجدت الفرق بينهما حتى في رسم الأطفال فكيف بمن
كان حاد البصر مجربا في الرؤية عارفاً بالقمر وأحواله .

قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله-:(ولو فرضنا أن المسلمين أخطئوا في إثبات الهلال دخولا أو خروجا وهم
معتمدون في إثباته على ما صحت به السنة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم لم يكن عليهم
في ذلك بأس، بل كانوا مأجورين ومشكورين من أجل اعتمادهم على ما شرعه الله لهم وصحت
به الأخبار عن نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولو تركوا ذلك من أجل قول الحاسبين مع
قيام البينة الشرعية برؤية الهلال دخولا أو خروجا لكانوا آثمين وعلى خطر عظيم من
عقوبة الله عز وجل، لمخالفتهم ما رسمه لهم نبيهم وإمامهم محمد بن عبد الله صلى الله
عليه وسلم)
([15])
.

فإن قيل كيف يعتمد على الحساب في مواقيت الصلاة
ونحوها ولا يعتمد علىه في أمور الهلال فيقال ما قاله القرافي-رحمه الله- في فروقه
([16]) : (
والفرق وهو المطلوب هاهنا ، وهو عمدة السلف والخلف أن الله تعالى نصب زوال الشمس
سبب وجوب الظهر ، وكذلك بقية الأوقات ... فمن علم السبب بأي طريق كان لزمه حكمه ،
فلذلك اعتبر الحساب المفيد للقطع في أوقات الصلوات ، وأما الأهلة فلم ينصب صاحب
الشرع خروجها من الشعاع سببا للصوم ، بل رؤية الهلال خارجا من شعاع الشمس هو السبب
، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي فلا يثبت الحكم ، ويدل على أن صاحب
الشرع لم ينصب نفس خروج الهلال عن شعاع الشمس سببا للصوم قوله
^ " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " ولم يقل
لخروجه عن شعاع الشمس . كما قال تعالى :
أقم الصلاة لدلوك الشمس ) . فواقع الحال هو المطلوب في أوقات
الصلاة ونحوها إذا غربت الشمس وجبت صلاة المغرب وإذا طلع الفجر الصادق وجبت صلاة
الفجر , بخلافه دخول الشهر وخروجه فالعبرة برؤية الهلال أو إتمام ثلاثين إن لم ير
.

على أن إجماع الفلكيين ولو أجمعوا ليس بحجة, ولا
يجب الأخذ به, وهذا معلوم عند من له معرفة بعلم أصول الفقه قال سماحة الشيخ
عبدالعزيز بن باز-رحمه الله-:(
ولو فرضنا إجماعهم في وقت
من الأوقات على ولادته أو عدم ولادته لم يكن إجماعهم حجة ؛ لأنهم ليسوا معصومين ،
بل يجوز عليهم الخطأ جميعا، وإنما الإجماع المعصوم الذي يحتج به، هو إجماع سلف
الأمة في المسائل الشرعية ؛ لأنهم إذا أجمعوا دخلت فيهم الطائفة المنصورة التي شهد
لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها لا تزال على الحق إلى يوم
القيامة.

وأما غيرهم فليس إجماعهم حجة تعارض بها
الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، كما يعلم ذلك من كتب الأصول، وعلم مصطلح
الحديث)
([17])
.

وبعد هذا أقول وأناشد أن يُكف أصحاب البلبة
والتشويش والتهويش والإثارة من المشككين في صيام الناس وأعيادهم بعد اعتماد ولي أمر
المسلمين ما صدر من المحكمة العليا وهم بذلك التشويش قد ارتكبوا نوعا من أنواع
الخروج على ولي الأمر, وأعجب منهم من ارتكب ضلالة على ضلالة من صيامه ليوم العيد
فيصبح صائما والناس مبتهجون بعيدهم, ولذا قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه
الله:(
الحسابون فلا يلتفت إليهم ولا يعول
على
حسابهم، ولا ينبغي لهم أن ينشروا حسابهم، وينبغي
منعهم من نشر حساباتهم ؛ لأنهم بذلك يشوشون على الناس، لا في مسألة رؤية الهلال ولا
في مسألة الكسوفات ؛ لما في إعلانهم من التشويش على الناس، ولأنه لا يجوز العمل
بقولهم. وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إجماع أهل العلم على أنه لا يعتمد
على قول أهل الحساب في دخول رمضان ولا في خروجه)
([18])
.

فائدة: ذكر الشيخ وليد بن هادي من مشايخ دولة قطر
في مقال له ما نصه:(
وأما ادعاؤهم بأن الرائي لا يمكن أن
يرى ما لا تراه المراصد
الفلكية(التلسكوبات) فادعاء باطل
فقد كان علماء الهيئة يقولون قبل سنوات باستحالة الرؤية بالتلسكوب في حالات ادعيت
فيها الرؤية بالعين والآن يقرون بأن الأجهزة تثبت صحة ما ادعي فيها الرؤية البصرية
وقد
ذكر د. محمد بخيت المالكي - دكتوراه في الفلك من جامعة جلاسكو إلى إن الاعتماد
على العين قد يكون أفضل من المراصد حيث قال
"يظن الكثير أن المراصد الفلكية
(التلسكوبات) تُحسن فرصة رؤية الهلال ، والواقع قد يكون العكس . تقوم فكرة المراصد
الفلكية على زيادة كمية الضوء الواصلة من الجسم المُراد رصده (القمر هنا) ، لا
تكبير حجم ذلك الجسم، حيث يُعد ذلك خدمة ثانوية في المرصد الفلكي لأن أغلب الأجرام
السماوية بعيدة جدا وإمكانية تكبيرها تكون صعبة بالنظر المباشر في المرصد، ولكن
التكبير يحدث بتصويرها ضوئيا - وهذا يعتمد على كمية الضوء الساقط على اللوح
التصويري- ومن ثم تكبير هذه الصورة إلى أقصاها.

وفي
حالة الهلال ، فإن القمر يكون قريبا جدا من الشمس في الحالات الصعبة ، وهنا ستكون
كمية ضوء الشمس من الكبر بحيث تُؤثر على عين الراصد مما قد يعرضه للعمى لا قدر الله
. أما إذا كان القمر بعيدا عن الشمس فإمكانية رؤيته بصريا ستكون سهلة ولن يقدم
المرصد الفلكي كبير خدمة هنا حيث أن منظاراً مكبراً بسيطاً سيكون كافيا ، في حالة
عدم رؤية الهلال بصريا" .

والعجب أن الاعتراض في كل
عام يكون أكثره من علماء حساب سعوديين مع أن الأمة الإسلامية منذ عقود تبع لرؤية
المملكة فما أن تعلن المملكة عن دخول الشهر وخروجه إلا وأكثر العالم الإسلامي
يتبعها في ذلك, وهذا من فضل الله ونعمه عليها أن تثق دول العالم في صدق تحري
المملكة وصدق علمائها ومكانتهم ولكن قومهم لا يعلمون ) انتهى ما كتبه الشيخ القطري
وفقه الله تقبل الله من الجميع صيامهم وقيامهم وغفر ذنوبهم .




كتبه/


د.محمد بن فهد بن عبدالعزيز الفريح


عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي
للقضاء




([1]) أحكام
القرآن(1/280).


([2]) فتح
الباري(4/123).


([3])
التمهيد(14/352).


([4]) بداية
المجتهد(1/283).


([5])
الإقناع(1/228).


([6])
الفتاوى(25/132).


([7]) فتح
الباري(4/123).


([8])
الفتاوى(25/132و133).


([9])
(1/211).


([10]) المفهم(4/161).


([11])
الفتاوى(25/164و165).


([12])
الفتاوى(25/207).


([13])
الفتاوى(25/186 وما بعدها).


([14])
(1/160).


([15])
الفتاوى(15/133).


([16])
الفروق(2/179)


([17])
الفتاوى(15/132).


([18])
الفتاوى(15/135-136).
 
أعلى