رد: دعوة للنقاش ما هو حكم زكاة الدين عند الفقهاء
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله تعالى خيراً على هذا السؤال الذي يشحذ الهمة للمدارسة والمطالعة، جعل الله سبحانه ما كتبت في ميزان حسناتك.
موضوع زكاة الدين
(أكتبه مدارسةً)
لدي عادة أحب أن أعمل بها وهي محاولة تصوير المسألة وتفصيلها قبل الولوج في حلها.
زكاة الدين: هو حولان الحول على مالٍ قد بلغ النصاب عند صاحبه (وليس مالكه عندما حال عليه الحول) فنزيد صفة في هذا المال، كونه ليس موجوداً حال حولان الحول عند مالكه الذي هو صاحبه، لا... لكنه قد يكون أعطاه لشخص؛ أي دائن ومدين.
هذا معنى زكاة الدين.
والآن ننتقل إلى مشكلة المسألة.
فإن من شروط الزكاة (والتي تعنينا في هذه المسألة): 1) بلوغ النصاب و 2) حولان الحول عليه.
فيرد عليك اتصال من مدين يستفتي: عندي مال قد بلغ النصاب وحال عليه الحول لكن جزءاً من المال – هذا الذي صار زكوياً - قد أعطيته لصاحب حاجة ولما يأتي وقد السداد بعد، فهل علي أن أخرج زكاته؟
فكيف تجيب عليه؟ وخصوصاً أنها مسألة قد اختلفت حولها أنظار العلماء. ليس هذا فقط بل هناك صور كثيرة لها.
لنبدأ بسرد صور هذه المسألة المختلفة بحسب حالاتها:
الحالة الأولى: فيما يعتلق بالدائن
الصورة الأولى: (فيما يتعلق بالدائن)
كونه مليئاً قادراً على السداد متى ما طلب منه.
الصورة الثانية: (فيما يتعلق بالدائن)
كونه ليس مليئاً.
الصورة الثالثة: (فيما يتعلق بالدائن)
كونه صاحب ذمة ضعيفة لا يُعرف حاله عند السداد (مماطلاً)
الحالة الثانية: فيما يتعلق بالمدين
الصورة الرابعة: (فيما يتعلق بالمدين)
كون ماله الذي أدانه + المال الذي عنده في حوزته مع بعضهما قد بلغا النصاب
الصورة الخامسة: (فيما يتعلق بالمدين)
كون ماله الذي عنده قد بلغ النصاب والمال الذي أدانه يزيد في النصاب.
هذه بالنسبة إلى حالات التي ترد على هذه المسألة. الآن هناك مسألة أخرى متعلقة بذه المسألة، وهي في ماذا تجب الزكاة؟ في عين المال أم في ذمة صاحب المال؟
وهذه مسألة كذلك خلافية، وأثر الخلاف يظهر في التالي:
- في ذمة صاحبه. إن كان الدين يتعلق في الذمة ولم يؤده لسنوات عدة (للأسباب التي ذكرت)، فمعنى ذلك أن عليه أن يؤدي كل تلك السنوات، ولو كانت عشراً. وفي هذا الرأي ما فيه من أنه قد يفني المال نفسه ولما انتهى المزكي من أداء الفرض عليه كاملاً.
- في عين المال. فقال العلماء ورجحه بعضهم أن يؤديه لسنة مضت حال قبضه من دائنه.
الآن للنتقل ونرى العمل وفق صور المسألة التي مر ذكرها، مع ملاحظة أنه لا بد من دمج الصور مع بعضها ليستقيم الجواب.
الصورة الأولى: (فيما يتعلق بالدائن)
كونه مليئاً قادراً على السداد متى ما طلب منه.
والمدين ماله قد بلغ النصاب إذا ما ضم إليه الدين الذي أدانه. (الصورة الرابعة)
مثاله: أحمد حال عليه الحول ويريد أن يزكي، وجزءٌ من ماله أعطاه كدين ليوسف، ويوسف الآن قادر على أداء دينه (مليء). فنطلب من أحمد استيفاء دينه من أجل إخراج الزكاة، ويكون في ذمته قد وجب عليه إخراجه.
الصورة الأولى: (فيما يتعلق بالدائن)
كونه مليئاً قادراً على السداد متى ما طلب منه.
الصورة الخامسة: (فيما يتعلق بالمدين)
كون ماله الذي عنده قد بلغ النصاب والمال الذي أدانه يزيد في النصاب.
فيدخل الدين في حساب الزكاة
الصورة الثانية: (فيما يتعلق بالدائن)
كونه ليس مليئاً.
مع الصورة الرابعة: (فيما يتعلق بالمدين)
كون ماله الذي أدانه + المال الذي عنده في حوزته مع بعضهما قد بلغا النصاب
فهل يؤمر بإخراج الزكاة؟
هو الآن لا يستطيع استيفاءه
الراجح أنقل لكم المكتوب عن الشيخ ابن عثيمين عليه وعلى علمائنا الرحمة من الله: أما إذا كان على مماطل أو معسر فلا زكاة عليه ولو بقي عشر سنوات؛ لأنه عاجز عنه، ولكن إذا قبضه يزكيه مرة واحدة في سنة القبض، ولا يلزمه زكاة ما مضى.
وهذا القول قد ذكره الشيخ العنقري في حاشيته عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأحفاده (المصدر: حاشية العنقري على الروض) رحمهم الله وهو مذهب الإمام مالك –رحمه الله تعالى- وهذا هو الراجح لما يلي: (ص 28 ج6 من الشرح الممتع لابن الجوزي)
أقول: إذاً لا يحسب المال الذي أقرضه، وهو هكذا بحسب المسألة هذه قد قل ماله عن النصاب، فلا يكون مالكاً للنصاب.
الصورة الثانية: (فيما يتعلق بالدائن)
كونه ليس مليئاً.
الصورة الخامسة: (فيما يتعلق بالمدين)
كون ماله الذي عنده قد بلغ النصاب والمال الذي أدانه يزيد في النصاب.
فلا يطالب بإدخال ما أدانه من ضمن المال الزكوي؛ لأنه في حكم المفقود.
إن كان عند أحدٍ انتقاداً بناءً ومدراسة نافعة، فلا يبخل علينا بالتسديد والتصحيح.