العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

التورق (مفهومه ، حكمه، كيفية تطبيقه)

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,509
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
(التمويل بالتورق)
(مفهومه ، حكمه ، كيفية تطبيقه)

من الإعلانات التي انتشرت مؤخراً في بعض مناطق الخليج: «التورق المبارك.. تورق الخير.. تيسير الأهلي.. احصل على ما تريد من النقود بطريقة ميسرة حلال....» .
فما معنى التورق
[1] ؟ وما حكمه؟ ولماذا انتشر بهذا الشكل في بعض مناطق العالم الإسلامي؟ وما دور هيئات الرقابة الشرعية والفتاوى الفردية في زيادة انتشاره في كثير من البنوك وإقبال الأفراد عليه بحاجة أو بغير حاجة؟

  • معنى التورق لغة:
لم يرد هذا المصطلح بمعناه الحالي في كتب اللغة، ولا عند الأئمة الأربعة ولا من جاء بعدهم، وأول من استخدم هذا اللفظ هو شيخ الإسلام ابن تيمية ، ثم استخدم بعد ذلك من بعض فقهاء الحنابلة فهم الذين سموا هذا النوع من البيوع بهذا الاسم. وإنما جاء تعريفه ووصفه في كتب اللغة وكتب الفقه القديمة تحت اسم العينة[2] أو بعض الألفاظ المرادفة للعينة مثل كلمة: الزرنقة[3].
ولذلك فإن معنى التورق في اللغة لا علاقة له بالمعنى الاصطلاحي المعروف الآن في عصرنا، غير أن بعض من أباحوا التورق في عصرنا يرون التفرقة بين التورق والعينة في اللغة وفي الاصطلاح[4].

  • التورق اصطلاحاً:
والتورق في اصطلاح الفقهاء، كما يفهم من الذين تحدثوا عنه هو: أن يشتري الرجل السلعة نسيئة ويبيعها نقدا لغير بائعها. وقد عرفه مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الخامسة عشرة بالآتي: (بيع التورق هو شراء سلعة في حوزة البائع وملكه بثمن مؤجل، ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع للحصول على النقد (الورق).

فالعناصر الأساسية للتورق ثلاثة: أ ـ شراء السلعة نسيئة. ب ـ بيعها نقدا. ج ـ بيعها لغير بائعها.


  • حكم التورق:
ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز شراء الرجل سلعة بالأجل وبيعها إلى غير بائعها نقداً وغرضه الحصول على النقود. وقد كرهه ابن تيمية، ونسبت الكراهة كذلك إلى عدد من التابعين وطائفة من أهل المدينة من المالكية.
وكلمة التورق –كما ذكرت- من عبارات الحنابلة. أما المذاهب الأخرى فيعرض فقهاؤها إلى التورق عند الحديث عن العينة فيفرقون بينها وهي ممنوعة وبين التورق وهو جائز عند جمهورهم.



  • أدلة من قال بجواز التورق:
واستدل من قال بالجواز بالكتاب والسنة والقياس:

  1. أما الكتاب: فقوله تعالى:"وأحل الله البيع"[5]، إذ يدل ذلك على إباحة كل بيع إلا ما دل دليل معتبر على حرمته ولا دليل هنا على حرمة التورق وقد اثبت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الأصل في العقود والشروط الإباحة إلا ما دل الدليل على حرمته.
  2. ومن السنة: فقد استدلوا بحديث تمر خيبر، حيث استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً على خيبر فقدم بتمر جنيب، وعندما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم : أكُلّ تمر خيبر كذا؟ قال: لا والله يا رسول الله، إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:" لا تفعل بع الجمع بالدراهم، وابتع بالدراهم جنيباً "[SUP][SUP][6][/SUP][/SUP].
  3. أما القياس: فلأن البيع توافرت فيه أركانه وشروطه وخلا من المفسدات كالغرر والجهالة والربا ونحو ذلك.
وقد تضافرت الفتاوى المعاصرة على جواز هذا البيع أيضاً، منها قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورة مؤتمره الخامسة عشرة (المنعقد في مكة في رجب لعام 1419هـ) حيث قرر جواز التورق، وكذا هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية واللجنة الدائمة فيها، كما أفتى بجوازه المفتى العام للمملكة العربية السعودية السابق الشيخ عبد العزيز ابن باز- رحمه الله-[7]، والمفتي العام الأسبق سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ[8]
_______________________
[1] - للتوسع في موضوع التورق يمكن الرجوع إلى البحوث التي قدمت في المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة عشرة في مكة والمنعقد بتاريخ 11/ رجب 1419هـ وفي دورته السابعة عشرة في مكة والمنعقدة في 19/ شوال/ 1424هـ.
[2] - جاء في مختار الصحاح : ( العينة : السلف، واعتان الرجل: اشترى بنسيئة) تحت مادة: عين
[3] - الزرنقة: العينة، (وهي أن يشتري الشيء بأكثر من ثمنه إلى أجله ثم يبيعه منه أو من غيره بأقل مما اشتراه ) كما جاء تحت مادة (زرنق) في النهاية لابن الأثير ( 2/ 302- 302)
[4] - التمويل بالتورق – علي السلوس – بحث قدم لمجمع الفقه الإسلامي- في دورته الخامسة عشر- يرجع إليه في موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة للدكتور السالوس- ص 900
[5] - سورة البقرة : 275
[6] - رواه البخاري : كتاب البيوع- باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه ؛ الحديث(7350- 7351)
[7]- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة- الشيخ ابن باز- ج19 ص93
[8] -- فتوى رقم 1569 المنشورة في المجلد السابع من فتاوى ورسائل
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,509
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: التورق (مفهومه ، حكمه، كيفية تطبيقه)

  • بعض ما جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي بخصوص التورق:
لقد نظر المجمع في موضوع بيع التورُّقhttp://www.feqhweb.com/vb/#_ftn1. وبعد التداول والمناقشة، والرجوع إلى الأدلة، والقواعد الشرعية، وكلام العلماء في هذه المسألة قرر المجلس ما يأتي:
1- أن بيع التورق: هو شراء سلعة في حوزة البائع وملكه، بثمن مؤجل، ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع، للحصول على النقد.
2- أن بيع التورق هذا جائز شرعاً، وبه قال جمهور العلماء، لأن الأصل في البيوع الإباحة، قال تعالى: " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا".ولم يظهر في هذا البيع رباً لا قصداً ولا صورة، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك لقضاء دين، أو زواج.
3- رأى المجمع جواز هذا البيع مشروطاً بألا يبيع المشتري السلعة بثمن أقل مما اشتراها به على بائعها الأول، لا مباشرة ولا بالواسطة، فإن فعل فقد وقعا في بيع العينة، المحرم شرعاً، لاشتماله على حيلة الربا فصار عقداً محرماً.
4- ثم أوصى المجلس المسلمين بالعمل بما شرعه الله سبحانه لعباده من القرض الحسن من طيب أموالهم، ابتغاء مرضاة الله، لما فيه من التعاون والتعاطف والتراحم بين المسلمين. كما حث المستقرض على التحلي بالوفاء، وحسن القضاء وعدم المماطلة.
هذا هو القرار الأول لمجمع الفقه الإسلامي فيما يخص التورق والذي جاء بإجماع من العلماء اتضح بعد ذلك أنه بني على أبحاث غير دقيقة، ولم يحضره إلا تسعة من العلماء أعضاء المجمع فقط، إضافة إلى عدم موافقة بعض الموجودين على قراراته مما دعا العلماء إلى مزيد من البحث حول هذا الموضوع وعقد مؤتمر آخر تناقش فيه تلك الأبحاث مرة أخرى لاستصدار قرار أكثر دقة.
ولكن وخلال تلك الفترة ونتيجة للفتاوى التي ظهرت بجواز التورق حدث ما لم يكن بحسبان تلك المجامع الفقهية والهيئات فقد ظهرت بعد ذلك مسميات للتورق وبيع العينة تزعم بأنها متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وذلك بالاتكاء على تلك الفتاوى، وأصبح يطلق على كثير من عمليات التحايل على التمويل الربوي مسميات مضللة، مثل "التورق المبارك"، " التمويل المبارك"، " تمويل الخير"، " التيسير"، " تيسير الخير"، " برنامج أتقى وأنقى" كبديل لما يعرف في البنوك التجارية بالودائع الآجلة. وعند تدقيق النظر في كل تلك البرامج من الإقراض والاقتراض ظهر أنها لم تكن إلا أكل للربا مع تغيير المسميات.
والدليل على ذلك أن تلك البرامج لم تظهر في البنوك الإسلامية؛ وإنما في البنوك الربوية التي فتحت فرعاً إسلامية داخلها.


  • خلل في التطبيق:
إن السبب فيما حدث من ظهور المعاملات الربوية تحت اسم التورق وما أشبه ذلك أن مجمعات الفقه الإسلامي التي أجازت التورق قصدت التورق الفقهي الذي جاء في كتب الفقه وأجازه جمهور الفقهاء قديماً والذي يعد الصورة الحلال لبيع العينة حيث يدخل فيه شخص ثالث تباع له السلعة نقداً بعد أن تشترى من البائع نسيئة. ولكن الذي يحصل في المصارف عند تطبيق عملية التورق شيء آخر. فما هي طريقة تنفيذ التورق كما تمارس في المصارف؟؟؟
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,509
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: التورق (مفهومه ، حكمه، كيفية تطبيقه)

  • عقود التورق كما تمارس من قبل البنوك[1]:
قبل الحديث عما يحدث داخل البنوك وآلية تنفيذ العملية، سأضرب هذا المثال للقارئ الكريم ليتخيل ماذا يحدث معه في البنك لو ذهب يطلب مبلغاً من المال بطريقة "التورق المبارك" أو "تورق الخير" أو " تيسير الأهلي" أو غيرها من أساليب الدعاية التي ضللت المتلقين لهذه الإعلانات بما توجهه من أن ما يتم ممارسته لا يتعارض مع أحكام الشريعة:

  • فإذا ذهب من يحتاج إلى النقود إلى بنك يسمى إسلامياً وهو عادة فرع لبنك ربوي.
  • يسأله الموظف المختص: ما المبلغ الذي تريده؟ وما الضمانات التي تقدمها؟
  • فمثلاً إذا كان يريد مائة ألف، يقول له الموظف: وقع على هذين العقدين:
    1. الأول: عقد شراء بالأجل لسلعة بمائة وعشرين ألفاً.
    2. الثاني: توكيل البنك ببيع هذه السلعة نقدا بمائة ألف.
  • ويدفع العميل من سبعمائة ريال إلى ألفين عمولة للبنك لقيامه بهذا العمل، والبنك نفسه يدفع مائة دولار لمن يقوم بدور المشترى نقداً.
  • ويجد العميل بعد ذلك مائة ألف وضعت في حسابه، بعد أن كتب شيكات مؤجلة بمائة وعشرين.
والآن سوف أذكر الخطوات التي تتبعها البنوك عند إجراء عملية التورق[2] حتى نتمكن من فهمها ومعرفة السبب الذي جعل العلماء يعيدون النظر في حكمهم على هذا النوع من المعاملات الحديثة.


  • الخطوات التي يتم اتباعها لتنفيذ عملية التورق[3]:
1- الخطوة الأولى: يوقع البنك اتفاقية مع شركة معينة تسمى اتفاقية شراء سلع، وهذه الاتفاقية تمثل الإطار العام الذي يمثل العلاقة بين البنك باعتباره مشترياً وبين شركة معينة باعتبارها بائعاً. وتتم عمليات الشراء هذه عن طريق البنك مباشرة ويتم الإيجاب والقبول بالفاكسات. ولتحقيق مطلب القبض تصدر الشركة البائعة شهادة ملكية تفيد بقيد كميات المعدن المشترى من قبل البنك إلى حساب البنك وفقاً لتواريخ الشراء. ويكون البنك مسؤولاً عن تسديد أجور التخزين والحراسة فيما إذا تأخر عن التسلم في التاريخ المحدد.

2- الخطوة الثانية: بعد امتلاك البنك للسلع يبدأ بالتصرف في البضاعة ببيعها لعملائه، فيقوم بإدخال كمية السلعة المشتراة على نظام الحاسب الآلي بحيث تستطيع الفروع البيع للعملاء من الرصيد الذي يمتلكه البنك.
أما عملية البيع فتتم وفقاً لإجراءات متسلسلة على النحو الآتي:
يتقدم العميل بطلب لشراء سلعة بالتقسيط، وعند قبول الطلب يتم إفادة العميل من قبل الموظف المختص بأن على العميل توقيع عقد البيع، كما يفاد العميل أنه بتوقيعه على عقد البيع قد امتلك كمية معينة من المعدن، كما يفاد العميل بأن له حرية التصرف فيما اشتراه، وله إن شاء أن يوكل البنك في إعادة بيع السلعة نيابة عنه وقيد ثمنها في حسابه، ويطلب منه أن يوقع وكالة يفوض البنك بموجبه القيام بذلك.

3-الخطوة الثالثة: بعد اكتمال عمليات البيع للعميل يتم رصد أسماء الأشخاص الذين اشتروا من البنك، كما يتم تحديد الكميات التي اشتراها كل واحد منهم، ويتولى البنك بيع تلك الكميات إلى طرف ثالث وذلك بموجب عقود الوكالة الموقعة من هؤلاء العملاء.
وتتم عمليات البيع نيابة عن العملاء عن طريق توقيع اتفاقية بين البنك وإحدى الشركات في إطار ينظم العلاقة بين الطرفين. وتجري عمليات البيع والشراء عبر الفاكسات.
عند اكتمال تبادل الإيجاب والقبول وانعقاد البيع يتم تحويل الثمن إلى حساب البنك الذي يقوم فيما بعد قيده في حسابات العملاء لديه طبقاً لكميات وأسعار السلع التي تم بيعها نيابة عنهم، ويحيل البنك الشركة المشترية لقبض المعدن من الشركة التي اشترى منها.

هذه هي الخطوات التي تتم بها عملية التورق كما يذكرها البنك لعملائه، وهي كما يظهر مستوفية للجوانب الشرعية نظرياً. فهل هذا ما يحدث فعلاً في البنوك ؟
____________________
[1] - هذا الأمر ينطبق على عدد من المصارف الربوية والتي فتحت لها نوافذ إسلامية، مثل: البنك الأهلي التجاري، والبنك العربي الوطني- البنك السعودي الأمريكي – البنك السعودي البريطاني، وغيرها.
[2] - ويمكن الإطلاع على العقود التي يوقعها العميل مع المصرف عند طلبه التمويل بالتورق بالرجوع إلى موقع أحد البنوك مثل بنك سامبا واختيار معاملة التورق.
[3] - التمويل بالتورق – علي السالوس – بحث قدم لمجمع الفقه الإسلامي- في دورته الخامسة عشر- يرجع إليه في كتاب (موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة) للسالوس- ص 927
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,509
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: التورق (مفهومه ، حكمه، كيفية تطبيقه)

لقد قام عدد من العلماء الأفاضل كالدكتور علي السالوس[1]، والدكتور الصديق محمد الأمين[2]، بتتبع الموضوع بشكل دقيق للتأكد من الآلية التي تتم بها هذه المعاملة، فوجدوا مخالفات كثيرة في التطبيق، جعلت المعاملة أشبه بالمعاملات الربوية منها:

  1. ليس في العقد ما يعين رقم السلعة بالرقم، وكل ما يجري هو تحديد النوع والكم والوصف.
  2. إلزام المشتري بتعويض البنك عن الأضرار الناجمة عن التأخير، وفي بعضها يتم فرض غرامات عليه.
  3. توكيل البنك للعميل في بعض صور التورق بشراء السلعة نيابة عنه، ثم بيعها إلى نفسه.
  4. اشتراط تحميل العميل من 700- 2000 ريال تختلف باختلاف البنك.
كما قاموا بالبحث عن السبب في هذه المخالفات، فوجدوا أن ذلك البنك يخضع للآلية التي تعمل بها الأسواق العالمية، حيث أن عملية التمويل في التورق تتم وفق ما يعرف بالبورصة الدولية (أو أسواق العقود المستقبلية)؛ أي الاتجار في أوراق ومستندات غير مبنية على أساس الاستلام والتسليم للسلع المباعة؛ فلا يوجد حيازة تملك، ولا قبض للسلع المباعة والمشتراة، وإنما يتم التداول حسب وثائق يتم تبادلها ضمن آلية معينة تتولاها بيوت السمسرة، ولذلك فإن البنوك التي تتعامل بالتورق تحدد السلع في أنواع؛ هي البرونز، والزنك والحديد والصفيح والنحاس والألمنيوم. فالتعامل في البورصة إنما يتم في عقود مستقبلية، فلا قبض ولا تسليم وإنما هي بيع عقود فقط.
إن عملية التورق هذه ليست إلا استحلال للربا باسم البيع الذي أخبرنا عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:" يأتي على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع"[3].
ولذلك فإن المجمع الفقهي الإسلامي عند اجتماعه بمكة المكرمة في شهر شوال من عام 2003م، طرح هذا الموضوع مرة أخرى، وقدمت أبحاث عديدة، وكان من الأبحاث المقدمة بحث لفضيلة الشيخ عبدالله المنيع رئيس هيئة الرقابة الشرعية للفروع المسماة بالإسلامية التي تقوم بالتورق المصرفي، ودافع عن هذا العمل، وقدمت أبحاث أخرى (للدكتور السالوس، والدكتور محمد الأمين وغيرهما) أثبتت تحريم هذا التورق، حيث إنه من القروض الربوية، وبعد المناقشات المستفيضة انتهى المجمع الموقر إلى عدم جواز التورق المصرفي، ودعا المؤسسات الإسلامية إلى تجنب مثل هذه الحيل الربوية.
ثم عقدت ندوة بحثت بعض أعمال المصارف الإسلامية، ومما أقرته تحريم التعامل بالتورق المصرفي، أي أنها أكدت القرار الصادر عن المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي. ولله الحمد والمنة.
_________________________ __
[1] - الدكتور علي السالوس: أستاذ الفقه والأصول بكلية الشريعة – جامعة قطر- النائب الأول لرئيس مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا- عضو مجمع الفقه برابطة العالم الإسلامي- خبير في الفقه والاقتصاد بمجمع الفقه في منظمة المؤتمر الإسلامي
[2] - الدكتور محمد الأمين الضرير: أستاذ الشريعة الإسلامية في كلية القانون بجامعة الخرطوم، وعضو مجلس المجمع الفقهي الإسلامي- برابطة العالم الإسلامي
[3] - ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين- ج3 –ص 371- والحديث رواه ابن بطة بإسناده عن الأوزاعي
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,509
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: التورق (مفهومه ، حكمه، كيفية تطبيقه)

  • القرار الثاني لمجمع الفقه الإسلامي في حكم التورق:
لقد جاء القرارُ الجديدُ من المجمعِ الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشرة ليس ناسخاً للقرارِ السابقِ، وإنما تحذيراً وتنبيهاً للمصارفِ من استغلالِ هذه المعاملةِ في غيرِ وجهها الشرعي، ومما جاء في القرار:
أن المجمع قد نظر في موضوع: (التورق كما تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر). وبعد الاستماع إلى الأبحاث المقدمة حول الموضوع، والمناقشات التي دارت حوله، تبين للمجلس أن التورق الذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر هو:
قيام المصرف بعمل نمطي يتم فيه ترتيب بيع سلعة (ليست من الذهب أو الفضة) من أسواق السلع العالمية أو غيرها، على المستورق بثمن آجل، على أن يلتزم المصرف - إما بشرط في العقد أو بحكم العرف والعادة - بأن ينوب عنه في بيعها على مشتر آخر بثمن حاضر، وتسليم ثمنها للمستورق.
ولذلك وبعد النظر والدراسة، قرر مجلس عدم جواز التورق الذي سبق توصيفه في التمهيد للأمور الآتية:

  1. أن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشتر آخر أو ترتيب من يشترطها يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعاً.
  2. أن هذه المعاملة تؤدي في كثير من الحالات إلى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة.
  3. أن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويل نقدي بزيادة لما سمي بالمستورق فيها من المصرف في معاملات البيع والشراء التي تجري منه والتي هي صورية في معظم أحوالها، هدف البنك من إجرائها أن تعود عليه بزيادة على ما قدم من تمويل.
ثم أكد المجلس على أن هذه المعاملة غير التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء، والذي سبق للمجمع أن قال بجوازه بمعاملات حقيقية وشروط محددة بينها قراره. ولذلك وبسبب التأكد من الفروق بين النوعين أوصى مجلس المجمع جميع المصارف بتجنب المعاملات المحرمة، امتثالاً لأمر الله تعالى، وأن تستخدم دائماً المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تشبه الربا وتدخل في أبوابه.
وهكذا حسم موضوع التورق من مجمع الفقه الإسلامي، ويبقى على تلك البنوك أن تتوقف عن التعامل به حتى تعاد صياغته وفق الشريعة الإسلامية وضوابطها، ويبقى على من أفتى بجوازه أن يراجع نفسه ويعود إلى إجماع العلماء، بل ويعود بالبنوك الإسلامية إلى وظيفتها التي عقد عليها المسلمون آمالهم.


************************* ************************* *******

 
إنضم
26 يونيو 2008
المشاركات
57
التخصص
الفقه وأصوله
المدينة
000
المذهب الفقهي
مالكي
رد: التورق (مفهومه ، حكمه، كيفية تطبيقه)

جزاك الله خيرا يا أم طارق وبارك الله فيك ونفع الله بك الاسلام والمسلمين على كتابة هذا البحث الطيب المبارك وأتمنى لو تفضلت بوضعه في ملف وورد أو pdf وشكرا
 

سيدي محمد ولد محمد المصطفى ولد أحمد

:: قيم الملتقى المالكي ::
إنضم
2 أكتوبر 2010
المشاركات
2,244
التخصص
الفقه المقارن
المدينة
كرو
المذهب الفقهي
مالكي
رد: التورق (مفهومه ، حكمه، كيفية تطبيقه)

جزاكم الله خيرا على هذه البحوث وأود لو تضعون في بداية كل بحث ملخصا له في صفحة واحدة ليقرأ الملخص كل من مر على الموضوع لأنني وربما غيري قد يتكاسل عن المرور على الموضوع كله
التورق المبارك.. تورق الخير..
وددنا لو كان كذلك ولكن الظاهر أن أكثر صوره على خلاف هذا


والله أعلم
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,509
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: التورق (مفهومه ، حكمه، كيفية تطبيقه)

جزاك الله خيرا يا أم طارق وبارك الله فيك ونفع الله بك الاسلام والمسلمين على كتابة هذا البحث الطيب المبارك وأتمنى لو تفضلت بوضعه في ملف وورد أو pdf وشكرا
جزانا وجزاكم الرحمن يا أستاذ علي
وقد جمعت البحث وحولته إلى صيغة بي دي إف وهو مع المرفقات
 

المرفقات

  • التمويل بالتور&#16.pdf
    244.9 KB · المشاهدات: 0

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,509
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
رد: التورق (مفهومه ، حكمه، كيفية تطبيقه)

جزاكم الله خيرا على هذه البحوث وأود لو تضعون في بداية كل بحث ملخصا له في صفحة واحدة ليقرأ الملخص كل من مر على الموضوع لأنني وربما غيري قد يتكاسل عن المرور على الموضوع كله
جزانا وجزاكم الرحمن أستاذ سيدي محمد
وسوف أفعل بإذن الله ابتداء من هذا الموضوع ثم مرورا بالباقية
كلامكم صحيح قد يكسل الإنسان بسبب ضيق الوقت عن قراءة المادة الطويلة
 

أم طارق

:: رئيسة فريق طالبات العلم ::
طاقم الإدارة
إنضم
11 أكتوبر 2008
المشاركات
7,509
الجنس
أنثى
الكنية
أم طارق
التخصص
دراسات إسلامية
الدولة
السعودية
المدينة
الرياض
المذهب الفقهي
سني
الشيخ عبدالرحمن بن صالح الاطرم ( التلاعب في التورق )

الشيخ عبدالرحمن بن صالح الاطرم ( التلاعب في التورق )

الشيخ عبدالرحمن بن صالح الاطرم ( التلاعب في التورق )

يبين الشيخ التلاعبات الموجوده بإسم التورق الشرعي
<a href="http://www.youtube.com/watch?v=0lvoqQW5ulE" target="_blank" rel="nofollow">

 
أعلى