العِلْمُ رَحِمٌ بَيْنَ أَهْلِهِ، فَحَيَّ هَلاً بِكَ مُفِيْدَاً وَمُسْتَفِيْدَاً، مُشِيْعَاً لآدَابِ طَالِبِ العِلْمِ وَالهُدَى،
مُلازِمَاً لِلأَمَانَةِ العِلْمِيةِ، مُسْتَشْعِرَاً أَنَّ: (الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ) [رَوَاهُ الإَمَامُ أَحْمَدُ]،
فَهَنِيْئَاً لَكَ سُلُوْكُ هَذَا السَّبِيْلِ؛ (وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) [رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ]،

مرحباً بزيارتك الأولى للملتقى، وللاستفادة من الملتقى والتفاعل فيسرنا تسجيلك عضواً فاعلاً ومتفاعلاً،
وإن كنت عضواً سابقاً فهلم إلى رحاب العلم من هنا.

مدخل إلى الدرس الأصولي للإمام الطاهر بن عاشور

إنضم
12 نوفمبر 2011
المشاركات
54
الكنية
أبو هاجر
التخصص
فقه الأقليات المسلمة
المدينة
مراكش
المذهب الفقهي
سني مالكي
المطلب الأول : مفهوم الدلالة وأقسامها عند الإمام الطاهر بن عاشور :


بين يدي هذا المطلب :
إذا كانت مسألة "الدلالة" تمثل موضوعا مشتركا بين المشتغلين بالعلوم الإسلامية فإن للأصوليين فيها حضورا بوأهم شرف البحث في المطلوبات الخبرية بعد تصحيح النظر في دوالها ، ولم يتقيدوا فيها بتفسير اللغويين وقواعد النحويين وأذواق البلاغيين؛ فقد امتزج عندهم ما هو لغوي بما هو شرعي هدفهم الأسمى خدمة الدلالة وبحث أوجه تعيينها. وللوقوف على تجليات "مفهوم الدلالة وأقسامها" عند الإمام الطاهر بن عاشور أفردنا هذا المطلب بالتحليل:
المطلب الأول : مفهوم الدلالة وأقسامها عند الإمام الطاهر بن عاشور :

انصرفت عناية الإمام الطاهر بن عاشور –رحمه الله- للحديث عن الدلالة اللفظية جريا على عادة المناطقة الذين بدأوا حديثهم عن أنواعها انطلاقا من التمييز بين أقسامها وهي :أ‌- دلالة المطابقة : فهم السامع من كلام المتكلم كمال المسمى.ب‌- دلالة التضمن : فهم السامع من كلام المتكلم جزء المسمى .ج- دلالة الالتزام : فهم السامع من كلام المتكلم لازم المسمى البين وهو اللازم له في الذهن [1].ويفرق الإمام بن عاشور بين نوعين من دلالة الالتزام : فأولهما : "عبارة عن "اللزوم العقلي" ، أي: امتناع الانفكاك بالنظر إلى الماهية أو الوجود في جميع الأذهان ؛ كـ"الزوجية" للأربعة ؛ وهو لازم الماهية وهذا مذهب متأخري المناطقة . أما عن متقدميهم يكفي الجزم باللزوم[2] عند تصور أمرين وهو "اللازم البين" بالمعنى الأعم ، وهو يقتضي الجزم بالتلازم أيضا."أما النوع الثاني : "فهو عند علماء البلاغة ، حيث يكفي "اللزوم عرفا" وربما اقتضى ذلك افتقار الظن ؛ لأن الأمور العرفية مبنية على المقامات الخطابية"ونهجه منهج المناطقة - في مبحث الألفاظ - في دراسة "اللفظ" كعنصر في التواصل الدلالي ، لم يمنعه من ضرورة تشبثه الوثيق واتباعه لـ"معهود العرب" في مجاري خطابها ، ولهذا فاهتمام الإمام الطاهر بن عاشور بتجليات تقسيمات الألفاظ ؛ لا يمكن عده من قبل الترف الفكري أو التحاكم إلى المزاج النفسي[3] ، بل إننا نجده شديد الحرص على رصد تطور مدلولات بعض الألفاظ ، وتقصي تأثيرات ظاهرة "الاستعمال" لها ، متفقهاً بكلام العرب ومعانيه وبالألفاظ القديمة واشتقاقاتها المعروفة.ولتعزيز وتبيان هذا المذهب ، أفردت فهرسا علميا خاصا أدرجت فيه مجموعة من الاستدلالات التي احتج بها الإمامان ببلاغة العرب واعتمادها أثناء الترجيح في استنباط الأحكام من أدلتها التفصيلية .وبخصوص هذه الخصيصة يقول الفقيه أبو الطيب مولود السريري في مبحث المصطلحات التي يجدر علم أصول الفقه بزيادتها : "أن النقاش دائر بين الأصوليين لإضافة دلالة رابعة يطلق عليها : "دلالة المطابقة بواسطة التضمن" وهذا النوع لا يذكره المناطقة."[4]والذي أفضى بالأصوليين إلى القول بهذه الدلالة الرابعة هو أنهم رأوا أن صيغة "المشركين" لا تدل على "زيد المشرك" بأي من الدلالات الثلاث ، فلا تدل عليه بـ"مطابقة" ، ولا" تضمن" ، ولا "إلتزام" ؛ لأن "دلالة المطابقة" هي الدلالة على كمال المسمى ، وزيد المشرك ليس كمال مسمى المشركين . أما "دلالة التضمن" فهي الدلالة على جزء المسمى ، كدلالة لفظ البيت على السقف ، وهو ما لا ينطبق –أيضا- على زيد المشرك بالنسبة للفظ المشركين ، لأن زيد قد يزول ويخرج من المشركين ، ولفظ المشركين يطلق على من بقي حقيقة ، بخلاف ما لو أزيل السقف من البيت ، وأما "دلالة الالتزام" فهي الدلالة على لازم المسمى البين ، كدلالة لفظ السقف على الحائط وهو ما لا ينطبق داله –كذلك- على لفظ زيد للفظ المشركين.بعد هذه الوقفة عند تجليات "مفهوم الدلالة وأقسامها" عند الإمام ابن عاشور، فماذا عن منهج استقرائها ؟
المطلب الثاني : منهج الاستدلال الاستقرائي:



بين يدي هذا المطلب :

كما هو معلوم فالإمام ابن عاشور لا يسلم تماما بحجية الاستقراء الناقص لتخلف الجزئيات فيه عن كلياتها ، ورغم ذلك فهو يعتمده كآلية أساسية في الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها وترتيبها.
فقبل التطرق إلى الطريقة المنهجية التي اعتمدها الإمام لحل غوامض هذا الإشكال ؛ كان لابد من تحبير هذا المبحث ؛ كتمهيد يتقصى آراء العلماء حول الاستقراء بنوعيه ويستجلب موقف علماء الأصول من هذه الآلية ذات الصبغة المنطقية .



المطلب الثاني : منهج الاستدلال الاستقرائي:




يرى جمهور العلماء من مناطقة ومتكلمين وأصوليين أن الاستقراء مصدر يطلق على تتبع جزئيات متعددة للحكم بها على كلي عام[5] .أ‌- الاستقراء عند العلماء القدامى :من العلماء والأصوليين القدماء الذين عرفوا الاستقراء :ابن حزم (ت456هـ/1036م) : "أن تتبع بفكرك أشياء موجودات يجمعها نوع واحد وجنس واحد ويحكم فيها بحكم واحد".وهو عند الغزالي (ت505هـ/1111م) عبارة عن : "تصفح أمور جزئية لتحكم بحكمها على أمر يشمل تلك الجزئيات"[6] وعرفه في معيار العلم بقوله : "هو أن تتصفح جزئيات كثيرة داخلة تحت معنى كلي ، حتى إذا وجدت حكما في تلك الجزئيات حكمت على ذلك الكلي به "[7] وبقوله : "...وإما حكم من جزئيات كثيرة على جزئي واحد وهو الاستقراء"[8]أما القرافي (ت684هـ/1285م) : "تتبع الحكم في جزئياته على حالة يغلب على الظن أنه في صورة النزاع على تلك الحالة"[9].ب‌- الاستقراء عند العلماء المعاصرين :ومن الباحثين والعلماء المعاصرين الذين عرفوا الاستقراء :العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور (ت1393هـ/1973م) : "هو تتبع الجزئيات لإثبات حكم كلي"[10].ويعرفه الدكتور إسماعيل الحسني بأنه : "انتقال ذهني من النظر في حالات وأحكام جزئية إلى حكم عام ؛ فنحكم على النوع بما حكمنا به على الأفراد ونحكم على الجنس بما حكما به على الأنواع."[11]
ج- أنواع الاستقراء:والاستقراء منه التام[12] والناقص[13] وفرق ما بينهما التحقق من تتبع كل الجزئيات أو أكثرها ، جاء في معيار العلم : "إن الاستقراء التام يفيد العلم والناقص يفيد الظن."[14]د- موقف العلماء من الاستقراء :بناء على ما تقدم يمكن أن نحدد موقف العلماء من الاستقراء من خلال اتجاه الفريقين الآتيين :فريق لا يقول إلا بالاستقراء التام ويمثله المناطقة وبعض علماء الكلام وأصول الفقه[15] .أما الفريق الثاني[16] فذهب إلى إمكان الاستدلال بالاستقراء سواء أكان تاما أم ناقصا لاسيما في مجال "الفقهيات" بناء على أن حاجتنا في الشرعيات إنما هي الحكم على الأمور بما هو أكثري فيها . وهو ما يسمى عند الفقهاء بإلحاق الفرد بالأغلب ، ويمثل هذا الاتجاه جمهور الأصوليين الذين جوزوا العمل بغالب الظنون[17].فماذا عن التداخل بين قواعد علم المنطق والمسائل الأصولية ؟
المطلب الثالث :
الخاصيات المشتركة بين الاستدلال الاستقرائي لمنهج الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها و الاستدلال الاستقرائي لمنهج البحث عن المعرفة عند المناطقة

بين يدي هذا المطلب : كيف تسنى لعلمائنا الوصول إلى قاعدة كلية عامة أو قانون عام عن طريق الاستقراء التام أو الناقص دفعة واحدة ؟وما هي الخطوات العلمية الصحيحة التي اتبعوها للوصول لهذه الغاية المنشودة ؟وما هي القواعد المشتركة بين منهج الكشف عن علل الأحكام ومقاصدها ومنهج البحث عن المعرفة عند المناطقة ؟وكذا حدود الاتفاق والاختلاف في السير بين الدروب الملتوية لهذه المنهجية الفريدة ؟والسؤال الإشكالي لا يزال مطروحا :من هو المؤثر الرئيسي في تأثر المنهج الاستقرائي بالمنطق في مناهج البحث عند العلماء المسلمين عامة ومنهج الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها عند الأصوليين خاصة ؟أهو المنطق اليوناني أم المنطق الإنساني أم منطق العقل العربي (اللغة) ؟هذا المطلب يحاول إزالة غموض هذه الإشكاليات.


المطلب الثالث :
الخاصيات المشتركة بين الاستدلال الاستقرائي لمنهج الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها والاستدلال الاستقرائي لمنهج البحث عن المعرفة عند المناطقة :

في البداية نشير أن خطوات هذا المنهج كثيرة لكن يمكن حصرها في ثلاثة مراحل أساسية :1- الملاحظة والتجريب : ويقصد بها التأمل الدقيق في الجزئيات للتعرف على ظواهرها وخصائصها وصفاتها ومميزاتها.2- الفروض العلمية.3- مرحلة تحقيق الفروض أو ترجيحها واعتبارها نظرية مقبولة[18] .وسنركز على الطرق الأربع الذي جاء بها المنهج غير المباشر لهذه المرحلة ، وذلك لمعرفة الخاصيات المشتركة بين الاستدلال الاستقرائي لمنهج الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها والاستدلال الاستقرائي لمنهج البحث عن المعرفة عند المناطقة . ¹ الطريقة الأولى : النظر في الاتفاق،أي: في التلازم في الوقوع (إذا وجد وجد):1. الاستدلال الاستقرائي لمنهج البحث عن المعرفة عند المناطقة:يعتمد على الحالات الظاهرة المدروسة ، واستخراج الظرف الوحيد الذي اتفقت عليه الحالات ، فلم يفارق في أية حالة منها ، مع أن الظروف الأخرى وجدت في بعض الحالات، وتخلفت في الأخرى دون أن يؤثر ذلك على الظاهر شيئا . يقول "ستيوارت ميل" في تحديد هذه الطريقة :" إذا اتفقت حالتان أو أكثر في الظاهرة المطلوب بحثها في ظرف واحد فقط ، واختلفت هذه الحالات فيما عداه ، فإن هذا الظرف الوحيد الذي تتفق فيه هو سبب الظاهرة "[19]. 2. الاستدلال الاستقرائي لمنهج الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها:نظر الأصوليون في قول الرسول( صلى الله عليه وسلم) الذي رواه مسلم عن عبادة بن الصامت:" الذهب بالذهب،والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلا بمثل ، سواء بسواء ، يدا بيد ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف ما شئتم إذا كان يدا بيد" ، وفي رواية أبي سعد الخدري بعد "يدا بيد"؛ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : "فمن زاد أو استزاد فقد أربى ، والآخذ والمعطي فيه سواء."[20]وقد بحث المجتهدون في علة تحريم الربا في هذه الأصناف : فنظر بعضهم إليها جميعا ، فلم يجد صفة مشتركة بينها جميعا إلا كونها "موزونة" ، فحكم بأن "علة" تحريم الربا فيها كونها "موزونة" ؛ فرأى على طريقة القياس الأصولي ، أن كل عنصر موزون يتبايع فيه الناس يحرم فيه الربا ؛ فإن اتحد الصنف وجب فيه التساوي (سواء بسواء) دون زيادة ، ووجبت المقابضة (يدا بيد) دون تأجيل ، و عن اختلف الصنفان لم يشترط فيها التساوي ، و إنما اشترط فيها المقايضة . ونظر بعضهم إليها فقسمها إلى قسمين : فجعل الذهب والفضة قسما ، واستخرج الصفة المشتركة بينهما ، وحكم بأنها هي علة الربا فيهما ، وهذه الصفة هي "النقدية" ، أو "الوزن" . وجعل البر والشعير والتمر قسما ثانيا ، واستخرج الصفة المشتركة بينهما ، وحكم بأنها هي علة الربا فيها ، وهذه الصفة في كونها "مطعومة" ، فقاس عليها كل مطعوم قياسا أصوليا ، أو كونها مكيلة فقاس عليها كل مكيل[21] .
¹الطريقة الثانية : النظر في الاختلاف[22]
1.الاستدلال الاستقرائي لمنهج البحث عن المعرفة عند المناطقة :إذا وجدت الظاهرة في حالة ولم توجد في حالة أخرى، وكانت الحالتان متفقتين في جميع الظروف إلا في ظرف واحد يوجد عند وجود الظاهرة ، ولا يوجد عند اختفائها ؛كان هذا الظرف سبب الظاهرة[23] 2.الاستدلال الاستقرائي لمنهج الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها:نظر الأصوليون في علة تحريم الخمر ؛فسبروا الصفات التي تتصف بها هذه المادة ، من سيولة ، ولون ، وكونها من أصل حلو ، وغير ذلك ، فوجدوا أن شيئا منها لم تظهر له آثار حرمة في أي شراب آخر لا مفترقا ولا مجتمعا ، باستثناء وصف واحد انفردت به الخمر ؛هو كونها مسكرة مفسدة للعقل مضرة ؛ فهذا الوصف هو وحده الذي خالفت فيه الخمر الأنواع المباحة من الشراب ، فحكموا بأنه هو العلة في التحريم ، وأكد ذلك لديهم أنه هو الوصف المناسب لتعليل التحريم ، نظرا إلى حكمة الشارع التي تعتمد إلى رعاية مصالح الناس .ولما قرروا ذلك ، قاسوا - قياسا أصوليا- على الخمر كل شراب مسكر ، وحكموا بتحريمه سواءً كان إسمه خمرا أو لا[24]. [25] ¹الطريقة الثالثة : النظر في الاتفاق والاختلاف معا :
1.الاستدلال الاستقرائي لمنهج البحث عن المعرفة عند المناطقة :وهذه الطريقة تجمع بين الطريقتين السابقتين ؛فتنظر إلى حالات الظاهرة ، وتستخرج الظرف الذي اتفقت عليه الحالات ، الذي لم يفارق في أية حالة منها مع أن الظروف الأخرى وجدت وتخلفت ، ثم تتأكد بدراسة أخرى من تخلف وجود الظاهرة عند تخلف وجود هذا الظرف نفسه ، مع وجود الظروف الأخرى ، وبهذه الطريقة تحاصر "الدراسة الاستقرائية" الفرض عن طريقي الاتفاق و الاختلاف ، لتتأكد من أنه هو السبب في حدوث الظاهرة ، أو يشتمل على السبب[26].2 ــ الاستدلال الاستقرائي لمنهج الكشف عن علل الأحكام و اثبات مقاصدها :إن ما جاء في هذه الطريقة هو المعروف عند علماء أصول الفقه الإسلامي بـ"دوران العلة مع الحكم وجودا وعدما" ، فمن أدلة العلية القوية عندهم هذا الدوران أي : وجود الوصف ، وانعدام الحكم عند انعدام الوصف ؛ ومن الدوران يستنبطون أن الوصف الدائر الذي يلزم من وجوده وجود الحكم ، ومن انعدامه انعدام الحكم ، هو العلة في الحكم .وتدخل هذه الطريقة ضمن أنواع تخريج مناط الحكم[27] واستخراج العلة بهذه الطريقة استخراج لها عن طريق "الطرد والعكس"[28] معا.[29]¹الطريقة الرابعة :النظر في البواقي[30]
1.الاستدلال الاستقرائي لمنهج البحث عن المعرفة عند المناطقة :وتستخدم هذه الطريقة إذا كانت الظاهرة مجزأة إلى عدة أجزاء ، وكانت لهذه الأجزاء أسباب بعددها ، وعرف الباحث علاقة بعض أجزاء الظاهرة بأسبابها ، فإذا علق كل جزء بسببه المعروف لديه ، ولم يبق أخيرا إلا جزء واحد ، فإنه يستطيع أن يعلقه بالسبب الباقي؛ فيكون الجزء الباقي من الظاهرة معللا بالفرد الباقي من الأسباب .[31]2.الاستدلال الاستقرائي لمنهج الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها :يقابل طريقة البواقي هذه طريقة السبر والتقسيم[32] ، والفارق بينهما : أن طريقة البواقي توزع المسببات في الظاهرة على أسبابها ، وتحصر الباقي من الظاهرة في الباقي من الأسباب ، أما طريقة السبر والتقسيم فتقوم على حصر جميع الأسباب المحتملة ، وإسقاط واحد بعد آخر بالدليل ، وحصر الأمر في السبب الأخير .ويستخدم السبر والتقسيم في استخراج علة الحكم ، وله أصول وضوابط ، ويشترط في السبر أن يكون حاصرا ، وفي الإسقاط أن يكون صحيحا ، والسبر والتقسيم طريق من طرق (تخريج مناط الحكم) المعروفة أنواعه في علم أصول الفقه .وربما كانت طريقة السبر والتقسيم أكثر ضبطا من طريقة البواقي ، وبإمكان طريقة السبر والتقسيم أن تشتمل على طريقة البواقي إذا كانت طريقة البواقي حاصرة ومنضبطة .[33]وبعد هذه المحاولة التقريبية في دراسة حدود الاتفاق بين المنهجين يمكننا الخروج بالخلاصة التالية :· أن منهج الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها والذي يعتمد خاصة على قاعدة الاستنباط الاستقرائي الذي يعتبره أهل المقاصد والأصول القاعدة الأساسية في استنباط الأحكام والكشف عن مقاصدها وترتيبها . يقول الإمام الطاهر بن عاشور في معرض حديثه عن طرق الكشف عن المقاصد الشرعية : "الطريق الأول وهو أعظمها: استقراء الشريعة في تصرفاتها"[34] ؛قلت انه في اتساق تام مع ما يجري عليه منهج البحث عن المعرفة عند المناطقة وهنا يطرح التساؤل التالي :· ما هو المنهج الذي له الريادة والسبق العلمي في تقعيد الآليات المنهجية المتبعة في هذا المنهج ؟ وبمعنى آخر هل كان هناك تأثير للمنطق اليوناني على المنظومة الفكرية لعلماء الشريعة ؟ ولمزيد تبصر نلتحق بالمطلب الموالي .
المطلب الرابع :
تجليات علم المنطق في جوانب من العقل الأصولي


بين يدي هذا المطلب :

أردت من خلال هذا المطلب محاولة إبراز بعض تأثيرات قواعد علم المنطق في مناهج الأصوليين في الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها ، وذلك بالوقوف على بعض تجليات وتداعيات إقحام قواعد علم المنطق ضمن الدرس الأصولي .
المطلب الرابع :
تجليات علم المنطق في جوانب من العقل الأصولي

من المعروف أن علماء المسلمين كانوا قد بدؤوا البحث عن المسائل العقلية قبل البحث في المسائل الاعتقادية أو النظرية ، ونتج هذا أسبقية المنهج الأصولي لدى علماء أصول الفقه قبل منهج المتكلمين في المسائل الاعتقادية .وقد وضعت قواعد الاستدلال والاستقراء وتبرمجت على نحو متكامل على يد الإمام الشافعي (ت204هـ/819م) في كتابه القيم "الرسالة" ، وقد قام المنهج الأصولي الاستدلالي على قاعدتين :الأولى : قاعدة العلية (أي : أن لكل معلول علة).الثانية : قاعدة الاطراد في وقوع الحوادث (أي : أن العلة الواحدة إذا وجدت تحت ظروف متشابهة أنتجت معلولا متشابها) .وهاتان القاعدتان هما اللتان أقام عليهما "جون ستورت مل" سنة 1873 قواعد منهجه الاستقرائي وحاز لقب السبق في ذلك ؛ إن هذا السبق كان فقط في وضع المنهج على صورته التنظيمية المتكاملة ، لكن قواعد الاستنباط والاستدلال كانت موجودة ومعروفة من عصر النبي (صلى الله عليه وسلم) وفي حياة أصحابه الأكرمين ؛ والتي منها : تحريم النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين المرأة وعمتها ، وبين المرأة وخالتها قياسا على حرمة بين الأختين المنصوص عليها في قوله تعالى : {ôbr&ur[FONT=(normal text)] [/FONT](#qãèyJôfs?[FONT=(normal text)] [/FONT]šú÷üt/[FONT=(normal text)] [/FONT]Èû÷ütG÷zW{$#[FONT=(normal text)] [/FONT]žwÎ)[FONT=(normal text)] [/FONT]$tB[FONT=(normal text)] [/FONT]ô‰s%[FONT=(normal text)] [/FONT]y#n=y™[FONT=(normal text)] [/FONT]3 } [ (4) النساء : (23)]؛ وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم العلة في ذلك بقوله : "فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم"[35] .ولهذا نجد الإمام الطاهر بن عاشور قد حدد آلية عمل المنهج الاستقرائي للكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها في وجهين أساسيين :أولهما : استقراء الأحكام المعروفة عللها الآيل إلى استقراء تلك العلل المثبتة بطرق مسالك العلة، حصول العلم بمقاصد الشريعة بسهولة ؛ لأننا إذا استقرينا عللا كثيرة متماثلة في كونها ضابطا لحكمة متحدة أمكن أن نستخلص منها حكمة واحدة فنجزم بأنها مقصد شرعي .ثانيهما : استقراء أدلة أحكام اشتركت في علة بحيث يحصل لنا اليقين بأن تلك العلة مقصد مراد الشارع[36] .إن أهم ما ميز الإرهاصات الأولية لسير عملية الدرس الأصولي في هذا المنهج لدى علمائنا ؛ هو أنه خضع في أطواره التأسيسية لنمط تفكير مميز يمكن أن ينعت بأنه وليد الخصوصية الذاتية للثقافة الإسلامية[37] ، ولقد تضمنت إشارات الوحي من كتاب وسنة توجيهات عامة ترشد إلى المسالك المنهجية التي ينبغي للباحث أن يسلكها في معرفة الحق والوصول إليه من أقرب طريق ، وقد وعى الصحابة –رضوان الله عليهم- تلك التوجيهات ، فسلكوا مسالك الاستقراء والاستنباط في مختلف شؤون حياتهم ، ولما اشتدت الحركة العلمية ظهرت الحاجة إلى وضع قواعد الاستنباط خاصة في العلوم الشرعية ، وقد أكرم الله الأمة الإسلامية بالإمام الشافعي –رضي الله عنه- (ت204هـ/819م) حيث جمع بين مدرسة "الرأي" ومدرسة "الحديث" فضلا عن عبقريته في علوم اللغة العربية و القرآن، فقام بوضع برمجة مستقلة لقواعد الاستدلال ومسالكه في كتاب الرسالة ، ثم تطور منهج البحث عبر العصور الإسلامية[38] ، فظهر التوسع في مسائله وصيغه المنهجية على يد عدد من فطاحل علمائنا خدام الشريعة إلى أن وصل المطاف إلى الفهامة أبي إسحاق الشاطبي (ت 790 هـ/ 1388م) الذي لم يقنع بالحد الذي انتهت إليه جهودهم فتكون لديه هاجس التنقيب عن "البديل" ، الشيء الذي أوقع في نفسه معاناة تطلب الخروج منها صرف الليالي والأوقات ، فكان عطاؤه فيه قمة في الجودة والإتقان[39] ، فجاء بكشف جديد بين مناهج الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها اعتمادا على خصوصية المنظومة الفكرية الإسلامية الأصيلة ، رافضا رفضا باتا أن يكون المنطق مركبا من مراكب توجيهاته العلمية في استنباط أحكام الشريعة ومقاصدها .ولا أجد محصلة لرفض الشاطبي هذا إلا أن كلا من المسلكين المنطقي والكلامي قد أفسدا كتب الأصول أو أكثرها .إذ الواقع أن كل ما ذمه الشاطبي وانتقده هنا ؛ هو نعت صادق لكثير من كتب الأصول أو أكثرها.[40]وهذا لا يمنع القول بأن مناهج الأصوليين في استنباط الأحكام والكشف عن مقاصدها قد تأثرت ببعض قواعد المنطق ، وعند تصفح مؤلفات بعضهم يتضح لنا لك ، فهذا الإمام الرازي في محصوله يستعمل البرهان المنطقي للقول بأن كل ما في الشريعة معلل وله مقصوده ومصلحته فيقول : "إن الله تعالى خصص الواقعة المعينة بالحكم المعين : لمرجح أو لا مرجح."القسم الثاني باطل؛ وإلا لزم ترجيح أحد الطرفين على الآخر لا لمرجح ، وهذا محال، فثبت القسم الأول .وذلك المرجح إما أن يكون عائدا إلى الله أو إلى العبد.والأول باطل بإجماع المسلمين ، فتعين الثاني .والعائد إلى العبد إما أن يكون مصلحة العبد ، أو مفسدته ، أو لا يكون لا مصلحته ولا مفسدته.والقسم الثاني والثالث باطلان باتفاق العقلاء ، فتعين الأول .فثبت أنه تعالى إنما شرع الأحكام لمصالح العباد...[41].وهذا الكعبي الذي دافع عن عدم إدراج المباح ضمن مراتب الأحكام لاستعمال القياس الأرسطي وباعتماد فكرة المعتزلة عن حسن الأفعال وقبحها بالقول :
كل مباح ترك حرام.
وترك الحرام واجب.
فكل مباح واجب .
ولقد خلفت نتيجة هذا المنطق خلافا وارتباكا واسعين بين جمهور من الأصوليين ، ولقد رد بعضهم على نتيجة هذا المنطق كالجويني والآمدي والشاطبي.ورد إمام الحرمين (ت448هـ/1056م) : "من لم يتفطن لوقوع المقاصد في الأوامر والنواهي ، فليس على بصيرة في وضع الشريعة ، ثم إنكار الإباحة هجوم عظيم على الإجماع"[42].يقول الآمدي (ت631هـ/1233م) : "بالجملة وإن استبعده من استبعده فهو في غاية الغموض والإشكال وعسى أن يكون عند غيري حله"[43].ويقول الشاطبي (ت790هـ/1388م) : "إن كل مباح ليس بمباح بإطلاق ،وإنما هو مباح بالجزء خاصة ، وأما بالكل ، فهو إما مطلوب الفعل أو مطلوب الترك"[44]وهذا الطاهر بن عاشور (ت 1393هـ /1973م) في مشروعه الجديد يقر باستعمال قواعد المنطق في مناهج الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها بالقول : "إذا استقرينا عللا كثيرة متماثلة في كونها ضابطا لحكمة متحدة ، أمكن أن نستخلص منها حكمة واحدة ، فنجزم أنها مقصد شرعي ، كما يستنتج من استقراء الجزئيات تحصيل مفهوم كلي حسب قواعد المنطق..."ومثل هذه المظان وغيرها كثير ، وهنا نطرح التساؤل التالي :
أهذا يؤكد تعاطف أصحابها مع المنطق بنسخته اليونانية جملة وتفصيلا وأن انقيادهم له كان عن قصد ؟

المطلب الخامس : التجـــــديد لا التبديد أو "التلاقح"

بين يدي هذا المطلب :
قصدت من خلال هذا المبحث محاولة الإجابة عن سؤال إشكالي يتمحور حول تلك التجليات وأشباهها :هل تؤكد على تعاطف أصحابها مع المنطق بنسخته اليونانية جملة وتفصيلا ، وأن انقيادهم له كان عن قصد ؟ أم أنها كانت إشارات جريئة للقول بأن المنطق هو منطق إنساني ؛ آلة محايدة يمكن استخدامها بالكيفية التي نريدها ؛ وعليه لا حرج من إدخالها في نسق العلوم الشرعية ومحاولة الاستدلال بها في نظم البراهين ؟
المطلب الخامس : التجـــــديد لا التبديد أو "التلاقح"

إذا كان من المتصور ومن المتوقع سقوط الإمام الغزالي (ت505هـ/1111م) –رحمه الله- في أسر المنطق بحكم ما اصطبغ به من علوم الفلسفة والكلام"[45] ، فإن انزلاق غيره –في نظري- فيه شيء بعيد عن التصور . والشاهد عندي هنا ليس العلم بالمنطق اليوناني ، لأن العلم بالشيء فرع من تصوره ، وإنما جعله مطية في مسالك العلل ومقاصدها [46].فهذا الإمام بن حزم الأندلسي (456هـ/1036م) الذي يقول فيه الإمام الذهبي[47] (746هـ/1348م) متألما : "ولقد وقفت على تأليف له يحض فيه على الاعتناء بالمنطق ويقدمه على العلوم ، فتألمت له ، فإنه رأس في علوم الإسلام متبحرا في النقل ، عديم النظير."[48] والحق أن من سبر شخصية ابن حزم وخبر منهجه يجد أن انقياده للمنطق لم يكن تقليدا محضا ؛ وإنما كان لقوة تعظيمه للبرهان ، فلما ظن أن المنطق آلة البرهان اتبعه على هذا الظن ،ومع هذا فيبدو أن ابن حزم لم يسلم للمنطق تماما ، وإنما انتقده وخالفه ، يقوي ما ذهبنا إليه ما ذكره أبو القاسم بن صاعد من أن ابن حزم "عني بعلم المنطق ، وبرع فيه ، ثم أعرض عنه".[49]وهذا الإعراض دليل على رفضه له ، وفيما يتعلق بالأصول –وهي أهم ما يعنينا هنا- يقول د/ أبو الفضل عبد السلام : "نلاحظ أن أثر المنطق والفلسفة ضعيف أو معدوم ومما يؤكد ذلك أمور:أحدهما : أن أحدا من الذين انتقدوا ابن حزم في عنايته بالمنطق لم يصفوا بذلك كتبه في أصول الفقه وإنما وصفوا بذلك كتبه في الاعتقاد.والثاني : أن ابن حزم قد وضع مقدمة منطقية لكتاب "الفصل" ولم يفعل ذلك في كتاب "الأحكام" الذي جاء زمنيا بعد إعراضه عن المنطق."[50]وهذا الإعراض لم يمنعه من أن يرث قوة الحرص الشديد على البرهنة والاستدلال اعتمادا على منطق العقل الإنساني الذي أفرز عدة منطقية فريدة؛ فرغم أنه هو صاحب "المقاربة التنصيصية" ؛فهو لا يبني تلك المقاربة فحسب على التفاعل مع ألفاظ النصوص ومبانيها اللغوية.بل يبينها أيضا بأمرين آخرين :الأول : الاستقراء إذ يقتضي الوفاء لمقاربته قدرة كبيرة على استقصاء وتتبع النصوص .الثاني : الاستناد إلى عدة منطقية يتجه فكر الفقيه فيها إلى استيعاب الأساس اللزومي لنصوص الشريعة، وما يحدث من حوادث غير منصوص عليه فإما أن يندرج فيما عفا عنه الشارع ، و إما أن يستنبط انطلاقا من عمليتي الفهم والتمييز المنصبتين على النص ، واللتين تنتهيان بتوليد أو استنتاج أو تفريع دليل توليدا ، و استنتاجا وتفريعا ضروريا بطريقة الاستنباط والانتقال التدريجي من المقدمات إلى النتائج.[51]إن المنهجية الإسلامية "منهجية علمية" للبحث في القضايا والأحكام وليست "منهجية صورية" تدور في فلك التجريد والمثال[52] ، وهذا لم يكن غائبا عن ذهن شيخ الإسلام ابن تيمية (727هـ/1326م) –رحمه الله- عند رده على المنطقيين "فهو لم يقصد بهدم المنطق الأرسطي ، هدم المنهجية العلمية في النظر والبحث ، ولا هدم قواعد الاستدلال العقلي ، وإنما كان نقده موجها بالأساس إلى "منطق أرسطو" بالذات ، لما يقوم عليه هذا المنطق من أسس "ميتافيزيقية" لا تتفق مع روح الإسلام ، ولما يوجد فيه من قوالب وصيغ تخالف المنطق الفطري للإنسان؛ فلم يتوقف –رحمه الله- عند مسألة الهدم لتلك الخصائص ، بل تجاوزها إلى مرحلة البناء وإرساء قواعد الاستنباط والاستدلال من منظور قرآني تسلم معه العقيدة ، ويتلاءم مع الفطرة ويلبي حاجة العقل وهو ما يعرف بـ"الجانب الإنشائي" عند شيخ الإسلام ابن تيمية وهو ما اصطلح عليه بـ"الميزان القرآني"[53] .وهذه الخاصية الإنشائية نجدها ملازمة أكثر للإمام الشاطبي في موافقاته ، فبالرغم من أنه كذلك كان يرفض رفضا باتا أن يكون المنطق بنسخته اليوناني مركبا من مراكبه في اجتهاداته الأصولية ، إلا أنه وقف أمامه ممحصا و منقحا ثم مجددا على أسس المنظومة الفكرية الإسلامية الأصيلة ، فتقعيده لطرق الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها وترتيبها ، و تأكيده على ضرورة المنهج الاستقرائي كدعامة أساسية ينبغي لكل مجتهد في هذا الباب أن يعمد إليها بدءا و انتهاء[54] حتى لا ينزلق في فلك "مقاصد وهمية" ، فيقول على الله بغير حق[55] ؛لهذا فـ" اعتبار مآلات الأفعال كأصل من أصول الاجتهاد الشرعي بقدر ما هو أصل مفيد في الإثراء الفقهي، وفي ترشيد النظر الاجتهادي، فهو دقيق في الاستعمال، وعر في المسلك، عرضة لأن تزلّ فيه الأقدام، وهو ما استشعره الإمام الشاطبي فعبّر عنه بوصف أنّه "صعب المورد"؛ وإنّما كان على هذا النحو لأنّ مرمى النظر فيه بعيد، يمتدّ إلى مآل الفعل الذي قد يتبيّن ببعض اليسر في الدائرة القريبة، وقد لا يتبيّن إلاّ في دوائر بعيدة تتداعى مضاعفاتها وتتوالى قبل أن تستقرّ على حالها الأخيرة، وخاصّة فيما هو معقّد متشابك من شؤون الحياة، فيصعب حينئذ تقدير المآل الذي ينبني عليه الحكم[56]"ولعل هذا الهاجس هو ما جعل الإمام أبي إسحاق حريصا على تصفية هذا المنهج الأصيل من كل الشوائب التي علقت به جرّاء مزجه بـ"المنطق اليوناني" ، ولهذا نجد في موافقاته نقدا لاذعا للطريقة التي مزج بها الغزالي منهج الاستقراء وطريقة نظم البرهان اليقينية[57]،مؤكدا أن الاستقراء إذا لم يكن تاما لم يصلح إلا للفقهيات لأنهما معا ظنيان وليسا من باب القطعيات .وحاصل كلامه أن صياغة إحدى مقدمات البراهين المعتمدة على الاستقراء الناقص، يجعل البرهان غير مبلغ لليقين،وليس من باب القطعيات؛وهذه "الثغرة" التي عابها الإمام الغزالي –رحمه الله- في منهج الاستدلال الاستقرائي ، فجهر بها منبها في مستصفاه[58] ومعيار علمه[59] ؛ كان المناطقة لا يعيرونها كبير اهتمام بحكم الظن الغالب عندهم يفيد القطع في المجربات ، عاجزين عن إعطاء تفسير علمي لمنهج الاستدلال الاستقرائي.
فماذا عن نظرة الإمام المقاصدي الطاهر بن عاشور لإشكاليات ثغرة الاحتمال في الاستقراء الناقص ؟

المطلب السادس: نظرة الإمام بن عاشور لثغرة الاحتمال في الاستقراء الناقص



بين يدي هذا المطلب :
سأحاول ـ بعون الله تعالى ـ من خلال هذا المطلب الإشارة إلى ثلاث إشكاليات : 1- بما يمكن تفسير الاعتماد الكلي للإمام ابن عاشور على منهج الاستقراء في المقاصدي رغم عدم تسليمه بحجيته ؟2- بما يمكن تبرير اتخاذه آلية بهذا الوصف كأهم طريق يكشف عن علل الأحكام وإثبات مقصادها ؟3- كيف أمكن للإمام ابن عاشور إعادة بتاء هذه الآلية الناقصة البناء (الاستقراء الناقص) على أسس علمية جديدة ، بتحويل ثغرة الاحتمال من مرتبة الظن إلى مرتبة القطع واليقين ؟
المطلب السادس: نظرة الإمام بن عاشور لثغرة الاحتمال في الاستقراء الناقص


لقد كان شيخ الجامع الأعظم فاهما لإشكالات الاستقراء المنهجية حسب ما استقر في العلوم العقلية[60] ، ولعله لم يقنع بمحاولات الإمام الشاطبي العديدة لإعادة بناء الاستقراء ليبلغ مرتبة القطع واليقين ، و كذلك احتجاجاته المتعددة للقول بأن أصول الفقه قطعية[61] ، وبينهما كان حضور لسؤال إشكالي :إن كان الاستقراء غير مبلغ لمرتبة القطع واليقين ، فكيف السبيل للحديث عن قواطع سبيل تحصيلها هو الاستقراء ؟ولعل أفضل السبل لفهم ما قام به الشيخ الورع من إنجاز علمي في شأن التخلص من إشكالات الاستقراء ومحاولة إعادة بنائه على أسس علمية تتماشى مع خصوصية الاتساق الداخلي لنصوص الشريعة هو النظر إلى الطريقة التي احتج بها لمشروعه الجديد في إعادة تأسيس "علم المقاصد" وفصله عن "علم أصول الفقه" ، ثم اقتراحه لطريقة جديدة ليبلغ الاستقراء في موارد الشريعة اليقين المطلوب .فالاستقراء يمثل أحد الأدوات الإجرائية التي أسس عليها تفكير ابن عاشور في مقاصد الشريعة ، أو قل إنه أهمها في تشكيل نظريته في المقاصد ، ولا يستغرب المرء هذا الحكم ؛ فالرجل من أكثر الناس احتفاء به وتوظيفا له ، ولا يتعلق الأمر بمجال المقاصد وخاصة مجال نظريته فيها ، بل يشمل مجالات أخرى[62] ، ورغم هذا الارتباط الوثيق ، فإن الناظر بتمعن في كنه إيحاءات كتاباته وتوجيهات إشاراتها الدقيقة يلمس بغير كبير جهد فكري أن مفتي الديار التونسية غير مُسَلِّم بحجية الاستقراء[63] ، الشيء الذي قد يوقع المتتبع في معترك لبس عظيم ، وربما يتضح هذا الموقف جليا من خلال الردود والانتقادات التي ما فتئ يخصها لكل من ادعى حجية "الاستقراء الناقص" خصوصا رائد النظر الاستقرائي وناصر الفكر المقاصدي الإمام الشاطبي صاحب "الاستقراء المعنوي" الذي عده جمع من النظار المعاصرين[64] بأنه جوهر المشروع الشاطبي الجديد من خلال مؤلفه "الموافقات في أصول الشريعة" والذي قطع في مستهله بقطيعة أصول الفقه في استنباط الأحكام من أدلتها التفصلية ، غير أن تلك القواطع لم تجد من ابن عاشور غير النقد[65] المرير أو التهكم اللاذع[66] في بعض الأحيان ، فلعل ابن عاشور قد أيقن بأن كل ما قدم من جهد علمي لجعل أصول الفقه قطعية ابتداء من الجويني[67] وانتهاء بالشاطبي[68] لم تثمر الثمرة المرجوة منه، ولقد علق الإمام أسباب هذا القصور على صلة تاريخية بقوله أن: "علم الفقه لم يدون إلا بعد تدوين الفقه بزهاء قرنين"[69] ، وهذا السبب التاريخي في تدوين العلم قد أدى إلى حصر علم الأصول في أنه تابع للفقه وليس العكس ، وبهذا "استمر بينهم الخلاف في الفروع ؛ لأن قواعد الأصول انتزعوها من صفات تلك الفروع"[70] ، ويتضح معنى ما ذهب إليه في هذا الصدد حينما يقرر : "وأنا أرى سبب اختلاف الأصوليين في تقييد الأدلة بالقواطع هو : الحيرة بين ما ألفوه من أدلة الأحكام وبين ما راموا أن يصلوا إليه من جعل أصول الفقه قطعية كأصول الدين السمعية ؛ فهم أقدموا على جعلها قطعية، فلما دونها وجمعوها ألفوا القطعي فيها نادرا ندرة كادت تذهب باعتباره في عداد مسائل علم الأصول"[71] ، ولما كان الإمام المالكي يميز بين كون معظم مسائل أصول الفقه دائرة حول استنباط الأحكام من ألفاظ الشارع بواسطة قواعد لغوية ، وبين كون العلم يسعى لخدمة حكمة الشريعة ومقاصدها ، وطالما أن أصول الفقه بمبناها التاريخي قد قصرت عن بلوغ المعنى الأخير ؛ وجب – في نظر الإمام - استدراك ذلك التقصير بناء ً على علم جديد هو علم المقاصد[72] وينتهي الشيخ من هذه القضية إلى اقتراح مفاده : "فنحن إذا أردنا أن ندون أصولا قطعية للتفقه في الدين حق علينا أن نعمد إلى مسائل أصول الفقه المتعارفة ، وأن نعيد ذوبها في بوتقة التدوين ونعيرها بمعيار النظر والنقد فننفي عنها الأجزاء الغريبة التي غلثت بها ، ونضع فيها أشرف معادن مدارك التفقه والنظر ثم نعيد صوغ ذلك العلم ونسميه : علم مقاصد الشريعة"[73].وتنبهنا إيحاءات الإمام المجتهد إلى أن سبيله في رسم طرق الاستدلال على مقاصد الشريعة يحكمها مؤشران : فإضافة إلى التجرد ونبذ التعصب[74] ، تدبره العميق في نظام الشريعة السمحة وتأمل اتساق نصوصها ، وهذه الرؤية العميقة ربما هي التي نفذ من خلالها ابن عاشور إلى الصلة الجوهرية بين نسق الشريعة ونظامها ، وبين منهج استقراء نصوص أدلة القرآن المتكررة في بناء مقاصد شرعية قطعية[75] ؛ والتي يستحيل فيها نقض الجزئي للكلي بسبب انضواء كل مفردات الجزئي ضمنا وضرورة في تلك الكليات[76] ، وقد أفضى به النظر إلى القول : "إن هناك ثلاثة طرق لإثبات المقاصد ، أولهما : ووصفه بأنه أعظمها وهو استقراء الشريعة في تصرفاتها ، وهذا على نوعين : النوع الأول : استقراء الأحكام المعروفة عللها ، والذي يفضي إلى حصول العلم بالمقصد من تلك العلل[77] ، والنوع الثاني : استقراء أدلة الأحكام اشتركت في علة حتى يفضي ذلك إلى اليقين بأن تلك العلة مقصد الشارع[78] .ثم ينتقل ابن عاشور بعد هذا النظر الاستقرائي في علل الشريعة وأدلة الأحكام إلى القول بثاني هذه الطرق هو : أدلة القرآن الواضحة الدلالة التي يضعف احتمال أن يكون المراد منها غير ما هو ظاهرها بحسب الاستعمال العربي"[79] ،وهو الذي يسميه البعض "التحري بالتعيين النصي"من أنه " جاء في القرآن الكريم تعيين للمقاصد الشرعية في بعض الأحكام المخصوصة أو في الأحكام بصفة عامّة، وذلك على سبيل التصريح أو على سبيل التنبيه، وذلك من مثل قوله تعالى: " $yJ¯RÎ)[FONT=(normal text)] [/FONT]߉ƒÌãƒ[FONT=(normal text)] [/FONT]ß`»sÜø‹¤±9$#[FONT=(normal text)] [/FONT]br&[FONT=(normal text)] [/FONT]yìÏ%qãƒ[FONT=(normal text)] [/FONT]ãNä3uZ÷t/[FONT=(normal text)] [/FONT]nourºy‰yèø9$#[FONT=(normal text)] [/FONT]uä!$ŸÒøót7ø9$#ur[FONT=(normal text)] [/FONT]’Îû[FONT=(normal text)] [/FONT]̍÷Ksƒø:$#[FONT=(normal text)] [/FONT]ÎŽÅ£÷yJø9$#ur[FONT=(normal text)] [/FONT]öNä.£‰ÝÁtƒur[FONT=(normal text)] [/FONT]`tã[FONT=(normal text)] [/FONT]̍ø.ÏŒ[FONT=(normal text)] [/FONT]«!$#[FONT=(normal text)] [/FONT]Ç`tãur[FONT=(normal text)] [/FONT]Ío4qn=¢Á9$#[FONT=(normal text)] [/FONT]([FONT=(normal text)] [/FONT]ö@ygsù[FONT=(normal text)] [/FONT]LäêRr&[FONT=(normal text)] [/FONT]tbqåktJZ•B[FONT=(normal text)] [/FONT]ÇÒÊÈ ِ" ( المائدة : 91 )، ففي هذا تصريح بأنّ المقصد من منع الخمر والميسر هو منع ما يفضيان إليه من العداوة والبغضاء بين الناس، وقوله تعالى: " ([FONT=(normal text)] [/FONT]`tBur[FONT=(normal text)] [/FONT]tb$Ÿ2[FONT=(normal text)] [/FONT]$³ÒƒÍsD[FONT=(normal text)] [/FONT]÷rr&[FONT=(normal text)] [/FONT]4’n?tã[FONT=(normal text)] [/FONT]9xÿy™[FONT=(normal text)] [/FONT]×o£‰Ïèsù[FONT=(normal text)] [/FONT]ô`ÏiB[FONT=(normal text)] [/FONT]BQ$­ƒr&[FONT=(normal text)] [/FONT]tyzé&[FONT=(normal text)] [/FONT]3[FONT=(normal text)] [/FONT]߉ƒÌãƒ[FONT=(normal text)] [/FONT]ª!$#[FONT=(normal text)] [/FONT]ãNà6Î/[FONT=(normal text)] [/FONT]tó¡ãŠø9$#[FONT=(normal text)] [/FONT]Ÿwur[FONT=(normal text)] [/FONT]߉ƒÌãƒ[FONT=(normal text)] [/FONT]ãNà6Î/[FONT=(normal text)] [/FONT]uŽô£ãèø9$#[FONT=(normal text)] [/FONT]..." (البقرة:185 )، ففيه تعيين لمقصد الحكم بجواز الإفطار في حال المرض والسفر، وهو التيسير ورفع المشقّة على الصائم، وهو المقصد الذي ورد تعيينه على سبيل التنبيه في أحكام الدين كافّة كما في قوله تعالى:" $tBur[FONT=(normal text)] [/FONT]Ÿ@yèy_[FONT=(normal text)] [/FONT]ö/ä3ø‹n=tæ[FONT=(normal text)] [/FONT]’Îû[FONT=(normal text)] [/FONT]ÈûïÏd‰9$#[FONT=(normal text)] [/FONT]ô`ÏB[FONT=(normal text)] [/FONT]8ltym " ( الحج:78 )[80].ثم ينتقل ابن عاشور للسنة النبوية لتكون هي الطريق الثالث ، وقد ذكر ابن عاشور الطرق الثلاث التي اقترحها الشاطبي ؛ وحري بنا أن نقول بأن ابن عاشور لم يقم بتلخيص جهد الشاطبي ، ولكنه أكمل النقص الذي اعترى محاولة أبي إسحاق بعد فهم عميق لمآلات كلام الشاطبي في هذا الصدد .لقد جعل ابن عاشور مادة إعمال منهج الاستقراء هو القرآن الكريم وتواتر السنة النبوية المطهرة[81] ، وبين لنا كيفية إجراء تلك الاستقراءات وصلة تلك الاستقراءات بالأدلة الشرعية ، والذي يرجوه ابن عاشور من ذلك الجهد العلمي الاستقرائي هو إيجاد "ثلة من المقاصد القطعية ليجعلوها أصلا يصار إليه في الفقه والجدل"[82].وقد أثبت ابن عاشور أن تاريخ علم أصول الفقه قد قصر عن إيجاد تلك الثلة من القواطع[83] ، ورغم أن ابن عاشور واع بأننا غير ملزمين في مجال التشريع بالقطع ، وإنما يكفي فيه الظن ، إلا أنه كان يتطلع إلى رفع وضع قوانين وقواعد يحتكم إليها حال الاختلاف ، وللبلوغ بتلك القواعد مرتبة القطع[84].من الملاحظ في ختام هذا المبحث الذي حاولت من خلاله إبراز جانب من تداخل علم المنطق من خلال المنهج الاستقرائي وعلم أصول الفقه من خلال الدرس الأصولي للإمام الطاهر بن عاشور ؛ اتضح جليا أن الإمام صاحب عقلية تتقد ذكاء وفطنة ؛ ولهذا تميز منهجه بإثارة إشكالات وجيهة قوية [85] في خضم المناقشات ومعركة الحجاج ، والإجابة عنها إجابة موفقة مسددة [86].وتجر الإشارة إضافة إلى ما تقدم ؛ أنه يلاحظ في أسلوب الكتاب طغيان المصطلحات المنطقية والجدلية ، كالجنس ، والفصل ، والحد ، والبرهان ، أو المنع ، اللزوم ، النقيض ، المحال ، الدور ، وغيرها كثير .وربما هذا يعود إلى اختلاط الأساليب المنطقية والطرائق الجدلية بعلم أصول الفقه ، فاتضح نبوغه مرة أخرى في العقليات والمناظرات .ومتابعة ومواصلة لما تقدم ، وسعيا لتحقيق نظرية الإمام بن عاشور المقاصدية بتطبيق المنهج الاستقرائي في الكشف عن علل الأحكام وإثبات مقاصدها وترتيبها[87] ، يبدو أنه من الضروري نظم حَلَقَة أخرى لتسليط الضوء على بعض المسائل الدخيلة في ثنايا القضايا الأصولية ؛ لا يترتب عليها لا علم ولا عمل[88] ، توجهت جهود بعض العلماء إلى محاولة حذفها وإزالتها[89] ولذا ففي إفرادها بالدراسة والتحليل فهم كبير ونفع عميم وفائدة قيمة[90]. و في الختام أقول أن الإمام الأكبر الطاهر بن عاشور يعد بحق قلعة محصنة لا يستطيع فتح مغالقها إلا من كان ريانا على شرطه ، تميَّز بانفراداتٍ في مسائل أصوليةٍ بارزةٍ، وبتحريراتٍ نفيسةٍ راسخةٍ راكزةٍ، فيها جِدَّةٌ وحداثة، نبعتْ من جِهْبذٍ بَحَّاثة، تمتَّعتْ شخصيته بذكاءٍ خارق، وعبقرية فذَّة، تشهد له اختياراته ومناقشاته، وترجيحاته وتصحيحاته، ونقوده وردوده، ونظراته الثاقبة، وتقريراته الصائبة ، تجعل مؤلفاته كنوزا تشرئب الأعناق لاستشرافها ، وتتوق النفوس لها ، وتكتحل العيون برؤيتها. وإذ أشكر الله على توفيقه فإني أنسب توفيق هذا العمل إلى أهله، فنشكر السادة العلماء الأجلاء ، وبخاصة أولئك الذين أفدت من كتبهم وأشرت إليها في قائمة المراجع، فقد كانت دراساتهم القيمة شمعة أضاءت لي الطريق، كما كانت الأساس المتين الذي قامت على أساساته هذه الدراسة، فلهم مني الشكر الجزيل والاعتراف بالجميل والسبق ومن العلي العليم العطاء الوافر .وأسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
يتابع في المشاركة اللاحقة إن شاء الله تعالى :
تجليات علم الكلام في الدرس الأصولي للإمام محمد الطاهر بن عاشور
حياكم الله تعالى




http://www.feqhweb.com/vb/#_ftnref1 [1] شرح تنقيح الفصول : 25.(مرجع سابق)

[2] المراد باللزوم عن الأصوليين مطلق الذهني لا الكلي الذي لا ينفك عنه ملزومه خارجا كما هو عند المناطقة . انظر كشاف اصطلاحات الفنون 290/2 ولهذا فاكتفاء علماء الأصول بمطلق اللزوم الذهني جعلهم لا يلتفتون إلى ضرورة تحقق اللازم الخارجي. (مرجع سابق)

[3] يقول الإمام بن عاشور في القسم الأول من احتياج الفقيه إلى معرفة مقاصد الشريعة بأن تصرف المجتهدين بفقههم في الشريعة يقع على خمسة أنحاء ، أولها : فهم أقوالها واستفادة مدلولات تلك المعاني والأقوال بحسب الاستعمال اللغوي ، وبحسب النقل الشرعي بالقواعد اللفظية التي بها عمل الاستدلال الفقهي . (مقاصد الشريعة الإسلامية : ص 13) مرجع سابق ؛
ويستطرد القول : "ومن هنا يقصر بعض العلماء ويتمحل في فضفاض من الأغلاط حين يقتصر في استنباط أحكام الشريعة على اعتصار الألفاظ ، ويوجه رأيه إلى اللفظ مقتنعا به ، فلا يزال يقلبه ويحلله ويأمل أن يستخرج لبه ، ويهمل ما قدمناه من الاستعانة بما يحف بالكلام من حافات القرائن والاصطلاحات والسياق" (مقاصد الشريعة الإسلامية : ص 24).(مرجع سابق)

[4] تجديد علم أصول الفقه ، تأليف أبي مولود السريري ص: 184 ، دار الكتب العلمية بيروت ، لبنان ، ط 1 ، 1426 ، 2005م.

[5] التقريب لحد المنطق، ص: 163.(مرجع سابق)

[6] المستصفى ص : 51/1 (مرجع سابق)

[7] معيار العلم ص : 148. (مرجع سابق)

[8] معيار العلم ص : 149.

[9] شرح تنقيح الفصول ص :351 (مرجع سابق)

[10] حاشية التوضيح والتصحيح لمشكلات التنقيح : 224/2.

[11] نظرية المقاصد عند الإمام الطاهر بن عاشور : ص 354.

[12] "هو الذي يقم باستيعاب جميع جزئيات أو أجزاء الشيء الذي هو موضوع البحث" (ضوابط المعرفة : 195) (التعريفات : 45).(مرجع سابق)

[13] "هو الذي تدرس فيه بعض جزئيات أو جزء الشيء الذي هو موضوع وتعتبر فيه النماذج المدروسة أساسا تقاس عليه بقية الأجزاء أو الجزئيات، وبالاستناد إلى ذلك يصدر الباحث حكما عاما ظنيا يشمل ما درس وما لم يدرس بناء على ظنه بأن بقية الأجزاء متشابهة للأجزاء التي درسها" ضوابط المعرفة ،ص:196 .

[14] معيار العلم : 118.

[15] يقول ابن حزم : "...لا يسكن إلى الاستقراء أصلا إلا أن يحيط علما بجميع الجزئيات التي تحت الكلي الذي يحكم فيه " تقريب حد المنطق : 301.(مرجع سابق)

[16] يقول الغزالي بخصوص الاستقراء : "والظن في الفقه كاف" (معيار العلم : 151) ويصرح القرافي : "...وهذا الظن حجة عندنا وعند الفقهاء " (شرح تنقيح الفصول : 352) ، ويؤكد الشاطبي : "الغالب الأكثري في الشريعة كالعالم القطعي" الموافقات 2/53.

[17] ينظر منهج الدرس الدلالي عند الإمام الشاطبي ، تأليف عبد الحميد العلمي ص 115.(مرجع سابق)

[18] ضوابط الاستدلال لحبنكة : ص 203. (مرجع سابق)

[19] :ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال لعبد الرحمان حبنكة الميداني ،ص:216

[20] أصل الحديث متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه مسلم في كتاب المساقاة –باب الصرف وبيع الذهب بالورق برقم 81/1587 ، وأحمد في المسند 5/320 ، وأبو داود في السنن /باب الصرف في البيوع، برقم: (3349 ح ، 3/643) ،والترمذي في البيوع باب الحنطة بالحنطة مثلا مثلا ، برقم: (1240 ح ،3/541) ، والنسائي في البيوع –باب بيع البر بالبر، برقم: 7/274 ، وابن ماجة في التجارات –باب الصرف ، برقم: (2254 ح ،2/757).

[21] وتدخل هذه الطريقة ضمن أنواع "تخريج المناط "المعروفة في علم أصول الفقه ،واستخراج العلة بهذه الطريقة استخراج لها عن طريق "الطرد"

[22] أي النظر إلى حالات الظاهرة المدروسة ، واستخرج الظرف الوحيد الذي تخلف وجود الظاهرة بتخلف وجوده ،مع وجود الظروف الأخرى عند تخلف وجود الظاهرة .

[23] ضوابط المعرفة : 220. (مرجع سابق)

[24] المرجع نفسه : 221.

[25] تدخل هذه الطريقة كذلك ضمن أنواع " تخريج المناط "،واستخراج العلة بهذه الطريقة استخراج لها عن طريق "العكس "

[26] ضوابط المعرفة : 222

[27] تنقيح المناط :تعيين العلة من أوصاف مذكورة .
تخريج المناط : استخراجها من أوصاف غير مذكورة (إخراج علة من غيب).
تحقيق المناط : تحقيق العلة المتفق عليها من الفرع .
ينظر (شرح تنقيح الفصول : 301-302).(مرجع سابق)

[28] انظر معان "الطرد" و"العكس" ضمن الفهرس العلمي المخصص للاصطلاحات التي تجري على ألسنة أهل المنطق .و(شرح تنقيح الفصول :309).

[29] ضوابط المعرفة : 224.

[30] يقول المناطقة بخصوص هذه الطريقة "اطرح من أي ظاهرة الأشياء المعروفة أنها معلولة لبعض علل معروفة ، فيكون الباقي من الظاهرة معلولا للبعض الآخر من تلك العلل "

[31] ضوابط المعرفة : 229. (مرجع سابق)

[32] السبر والتقسيم : السبر معناه في اللغة الاختبار ، والأصل أن تقول : التقسيم والسبر ، لأننا نقسم أولا، ثم نقول في معرض الاختبار لتلك الأوصاف الحاصلة في التقسيم هذا لا يصح وهذا لا يصلح؛ فتعين هذا ، فالاختبار واقع بعد التقسيم ، لكن التقسيم لما كان وسيلة للاختبار والاختبار هو المقصد وقاعدة العرب : تقديم الأهم والأفضل ، قدم السبر لأنه المقصد الأهم .

[33] ضوابط المعرفة : 231. (مرجع سابق)

[34] مقاصد الشريعة الإسلامية للإمام بن عاشور : 17.(مرجع سابق)

[35] الأصل في ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم) : "لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها" ، أخرجه البخاري في صحيحه ،برقم : (5108ح ، 160/9) كتاب النكاح : باب لا تنكح المرأة على عمتها ، والترمذي في سننه، برقم : (1126 ح ، 433/3) ، النسائي في سننه 98/6 ، ابو داود في سننه (2065 ح، 553/2) ،
ولقد أفرد القاضي ابن رشد الحفيد (ت595هـ/1198م) لهذه المسألة فصلا خاصا (في مانع الجمع) من كتاب النكاح؛ انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد ، ص 467 ، 468، دار الكتب العلمية ، ط 1 ، 2002م.

[36] مقاصد الشريعة الإسلامية :17،18 (مرجع سابق )

[37]:" منهج الدرس الدلالي عند الإمام الشاطبي ، تأليف د/عبد الحميد العلمي ص : 67 ، حيث يصرح أيضا بأن أصولي ما قبل القرن الخامس الهجري إلى تجسيدها بإعراضهم عن الاستعانة بالثقافة اليونانية؛ فقد أثر عن الإمام الشافعي (ت204هـ/819م) قوله : "وما جَهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب ، وميلهم إلى لسان أرسطو طاليس".

[38] منهجية البحث العلمي وضوابطه في الإسلام، تأليف حلمي عبد المنعم صابر ص : 74 ، 75. عن دعوة الحق السنة السادسة عشرة ، العدد 183 عام 1418 هـ.

[39] منهج الدرس الدلالي : 104.(مرجع سابق)

[40] التجديد والمجددون في أصول الفقه ، تأليف أبي الفضل عبد السلام ، ص 329 ، المكتبة الإسلامية بالقاهرة ، ط 3 ، 2007م ؛ حيث يصرح بخصوص موقف الشاطبي من علمي المنطق والكلام : "واضح تماما في مسلك الإمام الشاطبي أنه يرفض بقوة أن يكون أي من هذين العلمين مركبا من مراكب علم الأصول ، فإن كلا منهما منافر تماما لطبيعة هذه الأمة وخصيصتها الأولى في تحمل الشريعة وتفهمها " ؛ (ص: 326)؛ انظركذلك: قول الشاطبي في الموافقات : 4/280 : "لأن التزام الاصطلاحات المنطقية والطرائق المستعملة فيها مبعد عن الوصول إلى المطلوب في الأكثر لأن الشريعة لم توضع إلا على شرط الأمية ، ومراعاة المنطق في القضايا الشرعية مناف لذلك"

[41] البرهان ، 169/1.(مرجع سابق)

[42] البرهان في أصول الفقه: 169/1. (مرجع سابق)

[43] الإحكام في أصول الأحكام :196/1 (مرجع سابق)

[44] نقلا عن فقه العلم في مقاصد الشريعة للدكتور إسماعيل الحسني ص 66، 67، 68.

[45] التجدد والمجددون في أصول الفقه : 189.(مرجع سابق)

[46] وتخبرنا بعض المصادر أن أول من أعرب عن ذلك بشكل عملي هو أبو حامد الغزالي المتوفى سنة (505هـ/1111م) ؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية (727هـ/1326م) : "لم يكن أحد من نظار المسلمين يلتفتون إلى طريق المنطقيين ، بل كانوا يعيبونها ويثبتون فسادها ،وأول من خلط المنطق بأصول المسلمين أبو حامد الغزالي" (صون المنطق : 13) (مرجع سابق)، ويضيف ابن تيمية في كتاب "الرد على المنطقيين؛ ص: 162،تحقيق:د/ يحيى محمد حسن إسماعيل ، دار الكتب العلمية ، ط 1، 2003" : "وإنما كثر استعمالها من زمن أبي حامد ، فإنه أدخل مقدمة من المنطق في أول كتابه "المستصفى" ، وزعم أنه لا يثق بعلمه إلا من عرف هذا المنطق "

[47] الإمام الذهبي (673-746هـ/1274-1348م):هو محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي ، شمس الدين ، أبو عبد الله ، مؤرخ ، حافظ ، علامة ، محقق تركماني الأصل ، طاف كثيرا من البلدان وكف بصره سنة (741هـ/1340م) له : "دول الإسلام –ط" ، "المشتبه في الأسماء والأنساب –ط" ، "الكبائر –ط" ، "الطب النبوي" ، "تذكرة الحفاظ" ، "معجم الشيوخ" و "سير أعلام النبلاء" (أعلام الزركلي : 3/326) (مرجع سابق).


[48] ينظر سير أعلام النبلاء ، ج18/ص186 ـ تح :د/ شعيب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط 11 (1417هـ/1996م) .


[49] سير أعلام النبلاء : 18/188 (مرجع سابق).

[50] التجديد والمتجددون في اصول الفقه : 191 (مرجع سابق).

[51] حفريات في المعرفة العربة الإسلامية التعليل الفقهي بيروت ، ط 1990 ص: 209 نقلا عن كتاب فقه العلم في مقاصد الشريعة للدكتور إسماعيل الحسني (مرجع سابق) .

[52] منهجية البحث العلمي وضوابطه في الإسلام ، ص 99 (مرجع سابق).

[53] المرجع نفسه ؛ ص 97 (بتصرف).

[54] ينظر تصريحات الشاطبي في الموافقات :
"أصول الفقه في الدين قطعية لا ظنية ، والدليل على ذلك أنها راجعة إلى كليات الشريعة ، وما كان كذلك فهو قطعي ... ظاهر بالاستقراء المفيد للقطع" (المقدمة الأولى : ص 21). "الأدلة المعتبرة هنا المستقرأة من جملة أدلة ظنية تضافرت على معنى واحد حتى أفادت فيه القطع ، فللإجتماع من القوة ما ليس للافتراق" : (المقدمة الثالثة : ص 26). "فإن الغالب الأكثري معتبر في الشريعة اعتبار العام القطعي ؛ لأن المتخلفات الجزئية لا ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت". (المسألة التاسعة : 2/44). "فالكلية في الاستقرائيات صحيحة ، وإن تخلف عن مقتضاها بعض الجزئيات" : 2/44

[55] يمدنا الإمام بن عاشور بالقول : "على الباحث في مقاصد الشريعة أن يطيل التأمل ويجيد التثبت في إثبات مقصد شرعي ، وإياه والتساهل والتسرع في ذلك ؛ لأن تعيين مقصد شرعي كلي أو جزئي أمر تتفرع عنه أدلة وأحكام كثيرة في الاستنباط ، ففي الخطأ فيه خطر عظيم فعليه أن لا يعين مقصدا شرعيا إلا بعد استقراء تصرفات الشريعة في النوع الذي يريد انتزاع المقصد الشرعي منه" (مقاصد الشريعة : 37) (مرجع سابق).

[h=2][56] مآلات الأفعال وأثرها في فقه الأقلّيات :د/ عبد المجيد النجار،بحث مقدم للدورة التاسعة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث جمادى الأولى 1423 هـ يوليو 2002م،باريس فرنسا،ص:7[/h]
[57] فالمدارك اليقينية حصرها الغزالي في سبعة أقسام : (الأولويات : المشاهدات الباطنة ، المحسوسات الظاهرة ، التجريبات ، المتواترات ، الوهميات ، المشهورات) إلا أننا نجده جد متحفظ على الوهميات والمشهورات بقوله :"والمستفاد من غلط الوهم لا يصلح البتة والمشهورات تصلح للفقهيات الظنية و الأقيسة الجدلية ولا تصلح لإفادة اليقين البتة. انظر (المستصفى : 49-46-45-44/1) (مرجع سابق).

[58] المستصفى : 52/1.(مرجع سابق)

[59] معيار العلم : 152.(مرجع سابق)

[60] انظر "الأسس المنطقية للاستقراء "لمحمد باقر الصدر حيث صرح بعجز المنطق الأرسطي عن إيجاد حل لـ"ثغرة الاحتمال" بالاستقراء الناقص ، (ص 15 وما بعدها) ، وكذا التصريحات لفضيلة الدكتور إسماعيل الحسني الذي أكد أن الاستقراء مهما علت درجة يقينيته يظل استقراء ناقصا ، وأن نتائجه المستقرأة تظل مقيدة بالصدق المؤقت ، بمعنى الصدق المعرض للمراجعة ، (نظرية المقاصد عند الإمام الطاهر بن عاشور : 355).
[61] انظر الانتقادات التي وجهها ابن عاشور للجويني والقرافي والشاطبي لإخفاقهم في جعل أصول الفقه قطعية : "وقد حاول بعض النظار من علماء الأصول أن يجعلوا أصولا للفقه قطعية، فطفحت بذلك كلمات منهم لكنهم ارتبكوا في تعيين طريقة ذلك" (مقاصد الشريعة : 37) ويمد الإمام الشاطبي بنقد مرير : "ثم ذهب يستدل على ذلك بمقدمات خطابية وسفسطائية أكثرها مدخول ومخلوط غير منخول" (المرجع نفسه : ص38).
[62] نظرية المقاصد عند الإمام ابن عاشور : 357.

[63] يؤكد الدكتور إسماعيل الحسني مصرحا : "والحاصل أن الاستقراء إذا سلم ابن عاشور بحجيته (الاستقراء) على رغم ظنيته مسايرا في ذلك جمهور العلماء (المرجع نفسه : 269).(مرجع سابق)
[64] انظر كتاب "طرق الكشف عن مقاصد الشرع لنعمان جغيم ، دار النفائس ، عمان الأردن ط 1 سنة 1422هـ/2002م : حيث نوه في هذه الرسالة بإنجاز الإمام الشاطبي، وعده الكنز المكنون واللغز المدفون بين ثنايا ظلمات كتاب الموافقات المختوم.

[65] انظر جوانب من منهج الإمام الطاهر بن عاشور في تأليف حاشية التوضيح والتصحيح التي قد تصدق بعض ملامحه أن تكون جبلية في شخصية الإمام ابن عاشور .

[66] "وقد حاول أبو إسحاق الشاطبي في المقدمة الأولى من كتاب الموافقات الاستدلال على كون أصول الفقه قطعية فلم يأت بطائل" (مقاصد الشريعة : 6) "وقد حاول بعض النظار من علماء أصول الفقه أن يجعلوا أصولا للفقه قطعية فطفحت بذلك كلمات منهم لكنهم ارتبكوا في تعيين طريقة ذلك..." مقاصد الشريعة الإسلامية : 37) "...ثم ذهب يستدل على ذلك بمقدمات خطابية وسفسطائية أكثرها مدخول ومخلوط غير منخول" (المرجع نفسه : 38).

[67] البرهان ، تحقيق عبد العظيم الديب ، ط 3 ، 1992م ، ص : 78. وعلق الشيخ ابن عاشور على رأي الجويني بأنه: "اعتذار واهٍ" (مقاصد الشريعة:5)

[68] الموافقات ، تحقيق عبد الله دراز ، 2003 ، (ص : 21) (مرجع سابق)

[69] مقاصد الشريعة : 3.

[70] مقاصد الشريعة :3. وهذه المسألة كثيرا ما يؤكد عليها الشيخ ابن عاشور من أن الاختلال الذي حدث بين الفقه والأصول هو نشأة الفقه قبل الأصول ، من أن قواعد الأصول دونت بعد أن دون الفقه فوجدوا بين قواعده وبين فروع الفقه تعارضا ، فلذا تخالفت الأصول وفروعها في كثير من المسائل على اختلاف المذاهب ، انظر أليس الصبح بقريب : 204. (مرجع سابق)

[71] مقاصد الشريعة : 6. يذكر ابن عاشور هنا أن علماء أصول الفقه لم تكن قواعدهم في مستوى قواعد علماء أصول الدين ، ذلك لأن قواعد هؤلاء حاسمة في توقيف المخالف ، أما قواعد الأصوليين من الفقهاء فليست قطعية .

[72] لما جاء الشيخ بن عاشور أكمل ما انتهى إليه الشاطبي فنقح وهذب وأضاف جديدا إلى ما وصل الشاطبي واقترح أن يقع الارتقاء لبحث المقاصد ليصير في حد ذاته علما قائما ، تنتخب مسائله من بين علم أصول الفقه وتصعد بالبحث لتصر أصولا قطعية للتفقه (شيخ الجامع الأعظم : 123). (مرجع سابق)


[73] مقاصد الشريعة : 6

[74] يرى الإمام بن عاشور بأن من أسباب تأخر علم الفقه التعصب للمذاهب والعكوف على كلام إمام المذهب واستنباط الحكم منه بالالتزام أو نحوه ، فتلقى أتباع الأئمة مذهبهم برهبة منعتهم النظر في الفقه بل صار قصاراهم نقل الفروع . أنظر (أليس الصبح بقريب : 198).

[75] : و لاقتناص هذه القطعيات يؤكد ابن عاشور بأنه "على الباحث في مقاصد الشريعة أن يطيل التأمل ويجيد التثبت في إثبات مقصد شرعي ، وإياه والتساهل والتسرع في ذلك ، ففي الخطأ خطر عظيم". (مقاصد الشريعة :37).

[76] المصدر ذاته : 18.

[77] المصدر ذاته : 17.

[78] المصدر ذاته : 18.

[79] (مقاصد الشريعة : 18) ؛ ولقد ذيل الإمام هذا الطريق بكلام طويل الذيل ، عزيز النيل ، يخرجنا بسطه عن غرض الاختصار اللائق بالمقام ، ,وإن رمت زيادة تبصر ينظر : "نظرية المقاصد عند ابن عاشور" ص: 363 ؛حيث عكف فضيلة الدكتور إسماعيل الحسني على تحديد دور الاستقراء في إثبات المقاصد العامة المستوحاة من القرآن المجيد التي حصرها في ثمانية مقاصد يتوجب على المفسر العلم بها والتوسل بها في الفهم .

[h=2][80] راجع: مقاصد الشريعة:21(م،س).و مآلات الأفعال (م،س)،بحث مقدم للدورة التاسعة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث جمادى الأولى 1423 هـ يوليو 2002م،باريس فرنسا،ص:7[/h]
[81] ينظر (مقاصد الشريعة : 17) ؛ أراد ابن عاشور أن يعمل المقاصد في فهم السنة النبوية وفي نفس الوقت إثبات المقاصد الشرعية اعتمادا على طريق السنة المتواترة الذي حصره في ضربين :
ألهما : المتواتر المعنوي الحاصل من مشاهدة عموم الصحابة عملا من النبي (صلى الله عليه وسلم)
وثانيهما : تواتر عملي يحصل للآحاد الصحابة من تكرر مشاهدة أعمال رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

[82] المرجع نفسه : 37)

[83] المرجع نفسه : 3

[84] المرجع نفسه :39 ؛ "على أننا غير ملتزمين بالقطع وما يقرب منه في التشريع ؛ إذ هو منوط بالظن ،وإنما أردت ثلة من القواعد القطعية ملجأ إليه عند الاختلاف والمكابرة" وقد بين ابن عاشور مراده بـ"القطع" بالإشارة إلى ما تقرر في علم الحكمة انظر (مقاصد الشريعة، حيث يمدنا بالقول : "تقرر في علم الحكمة أن أبعد العلوم عن الشك وأقربها إلى اليقين ، العلم الذي لا تتعارض فيه الأنظمة والنواميس"

[85] الإشارة إلى إشكالية ثغرة الاحتمال بالاستقراء الناقص ، وتصريحه بعدم تسليمه بحجية الاستقراء ، وكذا عدم تسليمه بقطعية أصول الفقه : انظر الانتقادات التي وجهها للجويني والقرافي والشاطبي لاخفاقهم في جعل أصول الفقه قطعية : "وقد حاول بعض النظر من علماء الأصول أن يجعلوا أصولا للفقه قطعية فطفحت بذلك كلمات منهم لكنهم ارتبكوا في تعيين ذلك (مقاصد الشريعة:37-38)

[86] راجع مطلب نظرة الإمام بن عاشور لإشكالات ثغرة الاحتمال في الاستقراء.

[87] "تراوحت وظائف الاستقراء في مجال بناء نظرية المقاصد عند ابن عاشور بين أمرين :
- ترتيب مقاصد الشريعة.
- إثبات مقاصد الشريعة .
أنظر (نظرية المقاصد عند ابن عاشور : 360) (مرجع سابق)

[88] "كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية ، أو لا تكون عونا في ذلك ، فوضعها في أصول الفقه عارية" : (الموافقات : 3/1).(مرجع سابق)

[89] انظر (تجديد علم أصول الفقه : 189) في الفصل الذي صرح فيه صاحبه أبو الطيب مولود السريري بـ "ما يجدد علم أصول الفقه بإزالته منه" (التجديد والمجددون في أصول الفقه : 561) حيث دعا صاحبه أبو الفضل عبد السلام إلى"إطراح المواد الدخيلة التي لا تحقق مقصود العلم ".

[90] يقول د/ محمد العروسي : "وكثير من طلبة العلم يظلون حيارى أمام هذه المسائل التي يطالعونها يتفاوتون في الفهم والمعرفة،وهذه المسألة الكلامية الواردة في كتب أصول الفقه لا يدرك ما تؤدي إليه من التزامات باطلة إلا القليل من طلبة العلم ،ولا يعرف أصول هذه المسائل ، ومنشأ الخلاف فيها إلا أقل من ذلك القليل (المسائل المشتركة بين أصول الفقه وأصول الدين : 6-7)(مرجع سابق)
 
إنضم
20 أبريل 2008
المشاركات
122
التخصص
الشريعة..
المدينة
أم القرى
المذهب الفقهي
............
رد: مدخل إلى الدرس الأصولي للإمام الطاهر بن عاشور

جهد راائع.. لو تضع لنا البحث في ملف وورد حتى تظهر لنا الآيات القرآنية

 
إنضم
26 مارس 2012
المشاركات
3
الكنية
الحديدي
التخصص
اصول فقه
المدينة
حلب
المذهب الفقهي
سني
رد: مدخل إلى الدرس الأصولي للإمام الطاهر بن عاشور

جزاك الله خيرا الموضوع جدا رائع.................
 
إنضم
8 أبريل 2012
المشاركات
60
الكنية
كلية الامام الاعظم الجامعة
التخصص
أصول فقه
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
مالكي
إنضم
8 أبريل 2012
المشاركات
60
الكنية
كلية الامام الاعظم الجامعة
التخصص
أصول فقه
المدينة
سامراء
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مدخل إلى الدرس الأصولي للإمام الطاهر بن عاشور

جهد رائع
 
إنضم
8 فبراير 2012
المشاركات
2
التخصص
علوم فيزياء
المدينة
أم درمان
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مدخل إلى الدرس الأصولي للإمام الطاهر بن عاشور

جزاكم الله خيرا جهد رائع جداً، وحبذا لو تممتم الفائدة بوضع البحث في ملف (وورد)
 

أسماء جعفر

:: مطـًـلع ::
إنضم
18 أكتوبر 2011
المشاركات
102
التخصص
فقه و أصوله
المدينة
>>>
المذهب الفقهي
مالكية
رد: مدخل إلى الدرس الأصولي للإمام الطاهر بن عاشور

جزاكم الله خيرا
 
إنضم
2 أغسطس 2015
المشاركات
5
الكنية
البويسفي
التخصص
دراسات قرآنية
المدينة
الدار البيضاء
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مدخل إلى الدرس الأصولي للإمام الطاهر بن عاشور

  1. استثمار الإمام ابن عاشور للقواعد الأصولية اللغوية في تفسير القرآن الكريم، على أكثر من مستوى، وتجلى ذلك في:

  • في بيان معاني الآيات الكريمة، والغوص في أسرار كتاب الله تعالى.
  • وفي استنباط الأحكام الشرعية من مظانها.
  • وفي الترجيح بين أقوال العلماء والمفسرين ونقدها والرد عليها
  • وفي استدلاله -رحمه الله تعالى- بالقواعد الأصولية اللغوية لإثبات النسخ.
  • وفي إعماله وتوظيفه للقواعد الأصولية اللغوية للجمع بين القراءات.
 
إنضم
2 أغسطس 2015
المشاركات
5
الكنية
البويسفي
التخصص
دراسات قرآنية
المدينة
الدار البيضاء
المذهب الفقهي
مالكي
رد: مدخل إلى الدرس الأصولي للإمام الطاهر بن عاشور

بحث مفيد جدا في مجال الدرس الأصولي عند المحدثين
 
أعلى